اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
حبيب للاستشارات القانونية
التاريخ
10/9/2009 3:49:56 PM
  فعلا تستحق هذه الأم لقب الأم المثالية      

هى واحدة من بين الأمهات، كانت تعمل فى الجبهة الداخلية مع المتطوعين والمتطوعات، تضمد الجراح التى كانت وساماً على صدور الرجال بعد أن عبروا القناة.. منهم من استشهد ومنهم من جاء محمولاً إلى المستشفى لتتلقفه أيادى الأمهات اللاتى تركن بيوتهن، وكانت كل واحدة منهن درعاً واقية لجرحى حرب أكتوبر.

أشهد أننى فى هذه الأيام رأيت عظمة الأمهات وهن يتسابقن فى العمل فى المستشفيات وأناشيد النصر تملأ الأذن، وفرحة الانتصار على الوجوه.. وكم كانت سعادتى وأنا ألتقى بها..

 الأم أمينة الشرقاوى

 وهى تجر فى قدميها وتضمد جراح جريح.. أم تحمل بين ضلوعها قلب الأمهات تحنو وتعطى عطاء بقية الأمهات.. وأسمع من زميلة لها أن أمينة لها قصة، فإن كانت تجر قدميها فهو فخر لها فقد تبرعت بجزء من عظام ساقيها لابنها الكسيح لكى يمشى على قدميه

سبحان الله، أن أراها وهى متطوعة وتعمل فى الجبهة الداخلية وكلها حيوية، لم يشعر أحد بعجزها.. قلت فى داخلى.. إن نصرنا فى حرب أكتوبر أنساها الألم.. فقد قررت أن يكون لها دور فى الملحمة الشعبية.. وتقدمت منها أسألها عن حكايتها.. فقالت لى إنها قصة طويلة..

 لكن ما قمت به مع ابنى شعرت بأنه أقل حجماً بعد ما رأيته على الطبيعة الآن، فقد تبرعت بجزء من عظام ساقى لابنى، وأنا الآن على استعداد أن أتبرع بعظمى كله لأى ابن جريح من أولادنا فى القوات المسلحة.. وتلمع الدموع فى عيونها وتشير إلى أولادنا الجرحى الذين علت على وجوههم فرحة الانتصار، منهم من فقد ساقه ومع ذلك لم يستسلم لليأس.

وللحق إن نسبة الإصابات بين أولادنا المقاتلين كانت قليلة جداً فقد كانت قواتنا المسلحة بجميع أسلحتها تمركزت على أرض سيناء الغالية بعد أن عبرت خط بارليف.. الجنود الإسرائيليون كانوا يتساقطون مثل الذباب أمام زحف أبطال القوات المسلحة، وجبهتنا الداخلية كانت الخط الثانى لهم.. أمهات وشابات، رجال وشيوخ كل فئات الشعب خرجوا إلى الشوارع يلتحمون مع أبنائنا بمشاعرهم وأرواحهم.. سيدات الهلال الأحمر شكلن كتائب فى مدن القناة، يحملن الأدوية والأغذية.. الروح قتالية عالية، وأولادنا الشبان يتسابقون فى حملات للتطوع.. وعربات إسعاف فى الميادين تستقبل المتبرعين بالدم كل هذه الصور عشتها، ولكن الصورة التى لم أنسها هى صورة الأم أمينة الشرقاوى.

دعونى أعد إلى حكاية هذه الأم التى كانت واحدة من المتطوعات فى الجبهة الشعبية.. وموقفها مع ابنها الكسيح.

وحكاية أمينة سمعتها من ابنها الدكتور سامح أبوالمعاطى الذى جمعتنى الظروف به.. فهو يقول عن أمه: إننى لا أنسى يوم أن حملتنى من المنصورة إلى القاهرة، حيث كانت على موعد مع الدكتور كمال الزرقانى «رحمه الله»، وهو أستاذ متخصص فى جراحة العظام.. وبعد أن فحصنى سمعته يقول لأمى.. أنا حكلمك بصراحة.. ابنك اتولد وعظام ساقيه هشة.. ولأنها هشة فهى عرضة لأى كسور ولا تلتئم بسهولة.. وقد لا تلتئم أبداً، وآسف أن أقول لك إن ابنك سيظل كسيحاً بقية عمره.. وليس أمامنا إلا حل واحد.

ويقول الابن الشاب.. أذكر هذه الواقعة حيث كان عمرى وقتها ١٢ عاماً، وأنا كسيح فقد ظلت أمى تبكى أمام الدكتور وهى تصرخ وتستحلفه بأن يفعل شيئاً: وهنا يقول لها الطبيب: إن الحل الوحيد لإنقاذه.. أن تتبرعى أو أبوه بقطعة من عظام كل ساق طولها ١٠ سم وهذه القطع سوف نزرعها فى ساقى ابنك.. وعندئذ يمكن أن يقوم ويمشى.ثم تصرخ أمى وهى تقول للدكتور اقطعوا جسمى كله وخذوا عينى.. خذوا أى شىء المهم أن يمشى ابنى على قدميه.. ويطلب منها الدكتور ألا تتعجل فى القرار، لابد من دراسة نتائجه، لأن من نأخذ منه مثل هذا الجزء سيصاب بالعجز طوال عمره.

ومع ذلك لم تهتز أمى.. فقد قررت أن تضحى وفضلت أن تؤدى هذا الدور عن والدى، لأن والدى لو تبرع بجزء من عظام ساقيه سنصبح بلا مورد، لكن أمى رأت أن يكون الاستئصال من ساقيها.ويعاود الابن حديثه قائلاً: لقد عدنا إلى المنصورة وفى رأس أمى القرار.. رغم محاولات والدى عدم إجراء مثل هذه العملية خوفاً من الفشل، فبعد أن أكون كسيحاً بمفردى.. تصاب أمى هى الأخرى بالعجز.. وظلت أمى فى حوارات مع والدى لدرجة أنها رفضت أن يناقشها أحد فى هذا الموضوع على اعتبار أنها أخذت القرار. ويوم العملية دخلت معها المستشفى فى القاهرة..

وصباح اليوم التالى دخلنا غرفة العمليات حيث كان والدى يودعنا بالدموع.. وبعد ساعات خرجنا منها، وبعد أن أفقت من التخدير وجدت ساقى ممدودة فى قوالب من الجبس.. كذلك ساقا أمى داخل الجبس.. وقد زارنا الدكتور فى هذا اليوم وقال لأمى مبروك.. العملية نجحت ابنك سوف يمشى على قدميه بعد أسابيع..

 بكت أمى وهى لم تصدق.. الغريب فى هذه التضحية أن الأم قررت أن تخوض العمل الاجتماعى، وقد كانت تجربتها فى هذا العمل أيام حرب أكتوبر، إنها شعرت بقيمة التضحية. . وأن قيمة الإنسان فى العطاء الذى يعطيه ناحية وطنه.. وناحية أولاده.. وأذكر أنها لم تتوقف مع ابنها، الذى التحق بكلية الطب بعد أن وقف على قدميه.. وقد تخصص الابن فى جراحة العظام، ليكون خادماً لأمه بعد إصابتها بالعجز.

إن أمينة الشرقاوى هى واحدة من الأمهات، التى قدمتها لكى تصبح «الأم المثالية لمصر» ورغم أن اللجنة العليا للأم المثالية لم ترشحها على اعتبار أن الآلاف من الأمهات كان لهن دور فى الجبهة الداخلية فى حرب أكتوبر.. إلا أننى تبنيت قضيتها وقدمتها للناس فوجدت تأييداً شعبياً.. وقد سمع الرئيس الراحل أنور السادات بقصتها التى كتبتها..

 ويومها منحها «وسام الكمال». فى النهاية أقول.. إن العمل التطوعى يكشف عن نماذج مشرفة، فإذا كانت جبهة القتال فى حرب أكتوبر قد كشفت عن براعة أولادنا فى هذه الحرب.. فالجبهة الداخلية أيضاً كشفت عن براعة أمهات فى التضحية والعطاء.. وأمينة الشرقاوى واحدة منهن.

 تستحق تقدير هذا الشعب على وقفتها مع ابنها الكسيح، الذى أصبح طبيباً متخصصاً فى العظام

http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=228505&IssueID=1552


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 4612 / عدد الاعضاء 62