اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
hamid
التاريخ
9/17/2009 9:24:20 AM
  حد الزنا بين الشريعة و القوانين المناهظة للحربة       

محاسن الشريعة:
ليس من السهل على أي إنسان أن يبين محاسن الشريعة ولا أن يعدد جوانب الإحسان فيه لأنها شريعة الإحسان كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء وكل شيء لم يخرج منه ولا شيء حتى في حالة القتل وإزهاق الروح فلا بد من الإحسان وفي ذبح الحيوان وفي المحلات التي لا يتذكر الإنسان فيها معنى للإحسان. فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة" إلى آخر الحديث .
ثم لو ذهبنا نتبع مرافق الحياة كلها لوجدنا الإحسان يتوجها بل إن الغاية من خلق الإنسان وإماتته وإحيائه لم يكن لشيء إلا للإحسان : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}. {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}.
وفي الحديث بعد بيان الإسلام ثم يتدرج إلى الإيمان ثم يتوج الجميع بالإحسان إنها صبغة الله {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ}.
و لو ذهبنا نعدد جوانب الإحسان ولو على سبيل الإجمال نجد ابتداء من القول باللسان نجد قوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} حتى في الجدال: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}..وفي الدعوة إلى الله: {بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}..حتى مع المسيء: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ}. {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}..
وفي العشرة الزوجية إذا لم تدم: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}..ومع الوالدين: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}.. إلى ما لا نهاية له.. وأخيرا ومن العموم: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}..
وهذا أمر من الله تعالى بعموم الإحسان مقرونا بالعدل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ}. إنها شريعة الله أنزلت في كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير على من اصطفاه الله من خلقه وخاتم رسله بالمؤمنين رؤوف رحيم. لخير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله..
إنها الشريعة التي ارتضاها الله فأتمها وأكملها: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً}..
لقد كانت شرائع من قبل وكانت أديان لمن قبلنا نزلت بها كتب وبعثت بها رسل. فجاءت هذه الشريعة أكملها وهذا الدين أتمها والكتاب الذي أنزل بها مصدق لما بين يديه ومهيمن عليه. والرسول صلى الله عليه وسلم أرسل بها خاتم الرسل وأفضلهم وارتضاها الله لمن اصطفاه من خلقه لخير أمة أخرجت للناس فهي خير ما أنزل على خير من أرسل لخير من أنزل إليهم فهي الخير أجمع.
ومن ناحية أخرى : إنها وحي من الله بكلام الله فلها ارتباط بصفة من صفات الله . وكمال صفاته سبحانه فرع عن كمال ذاته..{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. وهذا النور الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}..
أسس الإحسان: ومن أسس الإحسان فيها عناصر ثلاثة:
1_ الكمال. 2_ الشمول. 3_ السماحة. 4_البقاء.
أما الكمال فلأنها من الله وبكلمات الله : {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} وبالحق أنزلناه وبالحق نزل {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} وفي الحديث: "ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا بينته لكم وأمرتكم به ولا شيئا يباعدكم عن الله إلا بينته لكم ونهيتكم عنه"..وعليه قال مالك بن أنس رحمه الله: من سن سنة وزعم أنها حسنة فقد زعم أن محمدا خان الرسالة لأن الله أخبر بأنه أكمل لنا الدين وما كان كاملا لا يحتمل زيادة. ومن أراد الزيادة فقد زعم فيه النقص حتى يتمه هو ولن يكون.
فهذه النصوص وأمثالها صريحة في كمال الشريعة..
التطبيق الفعلي لكمال الشريعة
ومن الناحية الفعلية للشريعة نجد في مقاصدها البرهان القائم على ذلك للأن جميع حكماء العالم يقولون مقاصد العقلاء في أمرين: جلب النفع و دفع الضر..
والشريعة جاءت بتحقيق هذين المطلبين و زادت مطلبا ثالثا : و هو الحث على مكارم الأخلاق ومحاسن العبادات .
جلب المنافع : فمن جلب المنافع إباحة جميع ما في الأرض وتسخير كل القوة لخدمة الإنسان و القاعدة في ذالك عند الفقهاء : الأصل في الأشياء الإباحة حتى يأتي الحضر .وعليه قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} – {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ..
وقد شرعت العقود لتناول هذه المنافع من بيع وإيجار وشركة وغير ذلك مما يجلب النفع على الفرد وعلى الجماعة ..وأقيمت على أسس قويمة ولم تترك لتراضي المتعاقدين حسب أهوائهم بل لاضرر ولا ضرار.والغرم بالغلم وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط ، لاكما يقول المقننون :(العقد شرعة المتعاقدين). لأن العقد أحياناً يكون بين قوي وضعيف أو غني وفقير فيقع الحيف ....
أما دفع المضار: فقد دفعت عما يسمى بالضروريات بقصد حمايتها وهي الضروريات لكل مجتمع وقد جاءت جميع الأديان بحمايتها لأنه لاحياة بدونها ولا استقرار ولا أمن ولا طمأنينة وهي:
1- الأديان 2- الأنفس 3- العقول 4- الأنساب 5- الأعراض 6- الأموال.
أما الأديان : فضرورة اجتماعية فلا توجد أمة بدون تدين سواء كان دينها صحيحا أو فاسدا فإذا كان من عند الله وجب حفظه. لأن به نظام المجتمع وارتباطه. وعليه أمر الله المسلمين بقتال المشركين {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} وقال: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} والحديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ".. إلى آخر الحديث..
فإذا أسلم العبد وجب الحفاظ على دينه فشرع قتل المرتد وتتمة لذلك حرم الابتداع في الدين وحرمت الزندقة وفسق المبتدع وقتل الزنديق.
وأما حفظ العقل : فلأنه هو عامل التمييز ومناط التكليف فهو أعز منال وسبب التكريم فلزم الحفاظ عليه حفظا لما أنيط به وقد عقد بعض الأدباء مناظرة بين العقل والحلم ليظهر فيها فضل العقل ونعمته فقال:
فبالعقل تتمثل الأوامر وتجتنب النواهي فحرم الله كل مسكر ومفتر وجعل حد السكر بالجلد. وحرم القليل من المسكر وإن لم يسكر.. فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} وبين مفاسد المسكر بقوله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}.
وفي النسب : الذي هو رباط الأسرة وعامل تكوينها فقد أحيط بسياج من الحفاظ عليه بتحريم الزنا ووجوب العدة عند الفرقة. وشرع حد الزنا جلدا أو رجما _ وحرم على التأبيد المتزوجة في العدة. وتتمة لحفظ النسب من الزنا حرم الخلوة الأجنبيات.
وفي العرض : الذي هو مدار المروءة والكرامة والعفة والنزاهة. حرم القذف وشرع حد القذف بالجلد وتتمة لذلك حرم الغيبة والنميمة. المسلم ليس بسباّب ولا لعاّن: {وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
والمال: وهو قوام الحياة حثت الشريعة على جمعه من الحلال وحرم التكسب غير المشروع وقال تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}..وحرم الغش والتدليس والسرقة وجعل حد السرقة قطع يد السارق وقد جاء في الحديث بأصولها: "ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا".. الحديث.
ومثله حديث: "المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"..
أما مكارم الأخلاق:
فقد كان عنوانها في شخصية الرسول صلى الله عليه سلم في قوله تعالى عنه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وشرحت عائشة رضي الله عنها هذا بقولها: "كان خلقه القرآن " .. وقد أمر المسلمون بالإقتداء والتأسي به صلى الله عليه وسلم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .. فجاء ببر الوالدين وحسن العشرة وحسن الجيرة وصدق القول. والوفاء بالوعد وحفظ العهد ونحو ذلك مما لا يحصى . وقد أشير إليه في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}. {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}.
وقد تسامى هذا الخلق الإسلامي بهذه الأمة حتى مستوى المثالية من الإيثار على النفس والإحسان على المسيء كما قال تعالى: في حق الأنصار {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} إلى قوله تعالى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} . وقال: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
وفي وقعة ذهب أحد المقاتلين بعد المعركة يبحث عن أخ له ومعه قدح من ماء لعله يسعفه به فلما وجده وقدم إليه القدح فأهوى به إلى فمه سمع أنينا بجواره فأشار إلى أخيه أن اذهب بالماء إليه لعله أحوج إليه مني فلما وصله وأهوى بالقدح إلى فيه سمع هو أيضا أنينا بجواره فقال له اذهب به إليه لعله أحوج إليه مني . فلما وصل إليه وجده قد فارق الحياة فعاد إلى الثاني فوجد روحه قد فاضت فعاد إلى أخيه فإذا به قد استسلم وبقي القدح على يديه ومات ثلاثتهم ظمأ إيثارا للغير على النفس في أحوج المواقف وأشد الحاجة.
وفي الإحسان إلى المسيء الصور العديدة ومن أوضحها ما حكي عن زين العابدين ابن الحسن بن علي رضي الله عنهم أن جارية كانت تصب عليه الماء فسقط منها الإبريق فآذاه. فنظرت إليه في إشفاق وقالت : يا يسدي الله تعالى يقول: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} فقال لها كظمت غيظي، ثم قالت {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}. فقال لها عفوت عنك، فطمعت وقالت {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قال : اذهبي فأنت حرة لوجه الله…
ومما يدل في هذا المجال التوجيه إلى ما هو أفضل وأحسن والانطلاق إلى الفضائل والإحسان سواء في العبادات والقرب إلى الله أو في المعاملات وحقوق الإنسان.
فمن العبادات في الصوم {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} فالحد الأدنى للفدية عن اليوم طعام مسكين. ثم ندبه إلى الزيادة في الخير ومن تطوع خيرا فهو خير له..
ومن المعاملات: أولا في الدين الحد الأدنى إنظار المعسر: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ثم يندبه إلى ما هو أحسن: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ}.. وفي تنصيف الصداق المسلم إذا وقعت الفرقة قبل الدخول فتنصيفه حد أدنى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}..ثم يندبه إلى الأحسن: {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} .. وهذا كثير وسيأتي بيانه في الحكم والقضاء. ولعل فيما تقدم من بيان جلب المنافع ودفع المضار والحث على مكارم الأخلاق ما يكفي لإثبات كمال الشريعة بجانب ما قدمنا من النصوص الصريحة في ذلك..
وإن من أكمل الأدلة على كمالها لوجودها منذ تشريعها بكمالها . لم تحتج إلى ما يكملها ولم يطرأ عليها ما ينقصها، فقد سايرت السنين والقرون ولم يستطع معاند أو موالي أن يستدرك على ما فيها وما تجرأ إنسان على معارضتها إلا مكابر ومعاند وهو بمعارضته يعلن عن جهله وقصور نظره وهو في عمله أصدق ما يكون عليه قول الشاعر: _
كناطح صخر يوما ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
بل إن القوانين الوضعية ما تمت ولا تطورت إلا بمقدار ما اقتربت منها واقتبست عنها. كما في أصل نشأة القانون الجرماني فقد كان منه قانون العوائد أخذ من عادات الشعب الإسباني من بقايا الفقه المالكي..
وهاهي ذي الحكومات في الدول الأوروبية تبدأ تأخذ تشريعات للأسرة من نكاح وطلاق وميراث.
أما الشمول: فقد شملت هذه الشريعة جميع الطبقات والطوائف والأفراد والجماعات. ونظمت علاقة الخلق بالخالق والحاكم بالمحكوم فيما بينهم.
فاشتملت على التشريع الديني في العبادات والدنيوي في المعاملات والأخروي في طرق اكتساب الحسنات واجتناب السيئات.. فهي شريعة الدين والدنيا أو كما يقال : الدين والدولة. وكل شيء كما قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}..
ومن أوسع معاني الشمول فيها أنها شملت كل أمة من عرب ومن عجم وجمعت بينهم سواسية وسايرت كل زمان ومكان.. فهي شاملة لكل الناس على اختلاف أجناسهم صالحة لكل زمان قديما وحديثا ولكل مكان حاضرة وبادية..
ومن آثار هذا الشمول وذاك الكمال فهي تساير الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بخلاف الشريعة المتقدمة عند اليهود حينما قست قلوبهم وغلبتهم ماديتهم مالوا بها إلى المال بكل حيلة واستحلوا لكل غاية كل وسيلة حتى استحلوا ما حرم الله عليهم من الصيد يوم السبت وأكل الشحوم بالبيع وأكل الثمن..
فجاءت الديانة للمسيحيين تخفف من مادية اليهود فمالوا إلى الرهبانية. فلم تأخذها اليهود ولم يأخذ المسيحيون بما عند اليهود من تشريع للمعاملات وأخذوا يشرعون لأنفسهم تتمة لما تشمله تشريعاتهم..
أما هذه الشريعة فجاءت كما قلنا للدين والدنيا : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً} إلى آخر السورة..
أما السماحة في الشريعة: فهي صفتها الخاصة كما في الحديث بعثت بالحنيفية السمحة. ومن سماحتها أن الله لم يجعل فيها من حرج في التكليف كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.. وقوله {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} ولم يكلف نفسا إلا وسعها: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا}..
ومن قواعدها: إن كل مشقة تجلب التيسير. ومن هذا الباب جميع الرخص في الشريعة.. ومن السماحة عدم المؤاخذة في حالة النسيان أو الخطأ أو الإكراه.. وقد كان إصرا على من كانوا قبلنا فحط الله عنا وفي الحديث: "عفي لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" .. ومفهوم عفي لي أنه لم يعف لغيره كما أعطى صلى الله عليه وسلم خمسا لم يعطهن أحد قبله كما في الحديث "نصرت بالرعب مسيرة شهر وأحلت لي الغنائم وأعطيت الشفاعة وكان الرجل يبعث إلى قومه خاصة فبعثت إلى الناس كافة. وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" .. فقد خص بما لم يخص به غيره صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين. وفي قوله {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ}.. إلى قوله تعالى: {أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.. فيقول الله تعالى عند كل دعاء قد فعلت.
وقد بيّن صلى الله عليه وسلم حال من كانوا قبلنا من المؤاخذة على النسيان والخطأ والإكراه . وقد أوخذ أبونا آدم على النسيان : {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}.
ومن المؤاخذة على الإكراه الرجلان اللذان مرا بصنم لقوم وأمروهما أن يقربا ولو ذبابا فامتنع أحدهم فقتلوه، بينما في هذه الأمة: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ}.
ومن السماحة: التيسير: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. َإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}.
ولن يغلب عسر يسرين.. أما ما يتعلق بخصوص الحكم من هذا كله_ من الكمال والشمول والسماحة فكالآتي :
الكمال في القضاء الإسلامي:
والواقع أن النظر في كمال القضاء يكون في جانبين _ في شكله وفي معناه.
1_ والجانب الأول ما يعرف الآن بالجانب الإداري الذي يختص بإدارة المحكمة وترتيب القضايا في مواعيد محددة.
ومن هذا قبيل التخصيص بالمكان أو النوع أو المقدار.. وقد وجد النوع الثاني وهو التخصيص في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أرسل صلى الله عليه وسلم عليا وأبا موسى إلى اليمن وخصص كلا منهما بجانب منه .
أما النوع والمرتبة: فقال كل من ابن قدامة في المغني[1] ([Only Registered Users Can See Links]_ftn1) و القاضي أبو الحسن الماوردي أنه يجوز للولي أن يولي القاضي ولاية عامة في عموم الحقوق فتعم من حيث الزمان والمكان والأقضية. أو عامة في خاص أي عموم الأقضية في خصوص بلدة. أو خاصة في خاص أي في نوع من الأقضية في بلدة وله أن يحدد مبلغا لا يتعداه. وفي الموطأ لمالك : أنه مرّ بقاضي السوق فقال له: لا تكثر لئلا تخطئ. فكان للسوق قاض. وقال عبد الله الزبيري لم تزل الأمراء عندنا بالبصرة برهة من الدهر يستقضون قاضيا على المسجد الجامع يسمونه قاضي المسجد يحكم في مائتي درهم وفي عشرين دينارا فما دونها وتفرض النفقات ولا يتعدى موضعه ولا ما قدره له.
سلم المحاكم: وهو ما يعرف بالتقسيم الحالي: محكمة مستعجلة وأخرى كبرى ثم استئناف. فهو نوع من التخصيص وزيادة في موضوع الاستئناف. فقد وجدنا من ينفي وجوده في تاريخ القضاء الإسلامي . والحق أنه موجود بأصله في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في قضية عرضت على علي رضي الله عنه باليمن وهي كما ساقها وكيع وفيها عن أحمد في قضاء علي عنه قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأزي الناس زيية الأسد فأصبحوا ينظرون إليه و قد وقع فيها فتدافعوا حول الزيية فخر فيها رجل فتعلق بالذي يليه . وتعلق آخر بآخر حتى خر فيها أربعة. فجرحهم الأسد فتناوله رجل برمح فطعنه وأخرج القوم منها. فماتوا كلهم. فقالت قبائل الثلاثة لقبيلة الأول : هاتوا دية الثلاثة فإنه لولا صاحبكم لم يسقطوا فقالوا: إنما تعلق صاحبنا بواحد فنحن نؤدي دية واحد فاختلفوا حتى أرادوا القتال بينهم فسر رجل منهم إليّ وهم غير بعيد مني فأتيتهم فقلت لهم: تريدون أن تقتلوا أنفسكم ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي وأنا إلى جنبكم إني قاض بينكم بقضاء فإن رضيتموه فهو نافذ بينكم وإن لم ترضوه فهو حاجز بينكم فمن جاوزه فلا حق له حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعلم بالقضاء مني فرضوا بذلك فأمرهم أن يجمعوا دية كاملة ممن حضروا البئر ونصف دية وثلث دية. وربع دية، فقضى أن يعطي الأسفل ربع الدية. من أجل أنه هلك فوقه ثلاثة. ويعطي الذي يليه الثلث من أجل أنه هلك فوق اثنان ويعطي الذي يليه النصف من أجل أنه هلك فوقه واحد. ويعطي الأعلى الدية كاملة لأنه لم يهلك فوقه أحد.
فمنهم من رضي ومنهم من كره، فقال تمسكوا بقضائي حتى تأتوا رسول اله صلى الله عليه وسلم بالموسم فيقضي بينكم فوافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مقام إبراهيم فساروا إليه فحدثوه بحديثهم.وهو محتب ببرد عليه فقال: إني أقضي بينكم إن شاء الله . فقال رجل من أقصى القوم: إن علي ابن أبي طالب قد قضى بيننا قضاء باليمن، فقال : وما هو؟ فقصوا عليه القصة، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاء كما قضى علي بينهم.
ففي هذه القصة يتحقق معنى الاستئناف المعروف حاليا أو التمييز الذي هو عبارة عن رفع القضية بعد صدور الحكم الأول فيها إلى جهة أعلى منها للنظر في سيرها ومطابقة حكمها لواقعها. لأن عليا رضي الله عنه قال: فإن رضيتم فقضائي وإلا فهو حاجز بينكم حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعلم بالقضاء مني . فرضي البعض ولم يرض البعض الآخر. وهذا هو عين ما يعرف بتقرير عدم القناعة ثم رفع القضية بتمامها، ومن جهة أخرى فقد تقرر مبدأ عدم نظر القضية إذا كانت نظرت من قاض آخر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع القائل يقول : قضى فيها علي بنا باليمن توقف عن القضاء حتى سمع الحكم الأول فأقره وهذا بعينه هو سلم المحاكم ومراتبها: مستعجلة_ كبرى _ استئناف. وفي النظم الأخرى: محكمة الصلح _ محكمة أولية _ محكمة استئناف _ وتوجد محكمة النقض والإبرام. ويوجد ما يقابلها باسم مجلس القضاء الأعلى قد ينظر القضية بين محكمة التمييز وبعض المحاكم الكبرى.
ومنع عمر الأمراء أن يقيموا حكم القتل حتى يعرض عليه. وهو ما عليه العمل الآن من تصديق الملك أو الرئيس على الحكم في القتل.
أما الترتيب الأول فهو سير المحكمة والمحاكمة فهذا الشكل لم يكن معروفا من قبل لأنه لم تكن له حاجة تدعو إليه. وقد تأثرت بمؤثرات الحياة وتطورات المجتمع.
ما كان عليه الوضع زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي كان عليه الوضع زمن الرسول صلى الله عليه وسلم هو صورة من صور المسلمين الأولين في بساطتهم وصدق كلمتهم وقصدهم إلى الحق ولم على أنفسهم. فكانوا يعتبرون القضاء إبراء للذمة وخروجا من العهدة حتى أن أحدهم كماعز والغامدية إذا ارتكب حدا يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب إقامة الحد عليه.
فلم تكن قضايا أمثالهم تتطلب أكثر من التشبث منه في إقراره كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ماعز: أبِكَ جنون؟ لعلك قبلت. لعلك فاخذت …الخ.
وقصة العسيف الذي زنا بامرأة من يعمل عنده فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما يا رسول الله أقض بيننا بكتاب الله وقال الآخر وهو أفقههما: أجل فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي في أن أتكلم فقال: تكلم. قال : إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فأخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام. وأخبروني إنما الرجم على امرأته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله. أما غنمك وجاريتك فرد عليك وجلد ابنه مائة جلدة وغربة عام . وأمر أنيس الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها فاعترفت فرجمها . فما كانا إلا مستفتيان. وقد أخبرا من قبل مجيئهما الرسول صلى الله عليه وسلم وسألا أهل العلم لمعرفة الحق وفي الأموال كذلك. كما في حديث الرجلين اللذين اختصما في مواريث بينهما درست معالمهما ولا بينة عندهما فقال صلى الله عليه وسلم أنكم تختصمون إلي فأقضي لكم على نحو ما أسمع فلعل أحدكم ألحن بحجته من صاحبه فمن قضيت له شيئا من حق أخيه فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار. فتراجع كل منهما وبكى وقال: حقي لصاحبي. فلم يتشاحا أو يتلاحيا وأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم لإكمال اللازم بأنفسهما من الاقتسام والإسهام والتسامح.
وفي الزوجية : قضية جميلة زوجة ثابت بن قيس لما أرادت فراقه جاءته صلى الله عليه وسلم وقالت إني والله لا أعيب عليه دينا ولا خلقا ولكني أكره الكفر في الإسلام. صراحة ومروءة لم تتجن عليه فقال صلى الله عليه وسلم أتدرين عليه حديقته؟ قالت بلى وزيادة.فقال صلى الله عليه وسل: أما الزيادة فلا. وقال له.: خذ الحديقة وطلقها طلقة. وأمرها أن تعتد عند أهلها. فانتهى الأمر بالسؤال والجواب. ولم يلزمه معه أي إجراء . ونظير ذلك كثيرا .
تطور الأمر: أما بعد أن تطاول الزمن وتغير الناس وتداخلت الحقوق والتبست الأمور. وغلبت الأهواء. وسنحت النفوس. وظهر الإنكار تغيرت الأوضاع في شكلية القضاء وتطلب الحال تطورا وضبطا وسجلات وكبتا وقد بدأ شيء من ذلك في زمن عمر. فقد كان يرى أن المسلمين كلهم عدولا على بعض وكتب إلى أبي موسى في ذلك حتى أتاه رجل من العراق وقال له جئتك في أمر لا رأس له ولا وذنبا شهادة الزور ظهرت في بلدنا.
فقال عمر : أو حدث ذلك والله لا يرهن مسلم إلا بشاهدي عدل فنشأت تزكية الشهود لمجهول الحال. فكان عمر ينظر إلى الناس كأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما تغيروا غير الوضع بما يضمن المصلحة و يحقق العدالة.
الكاتب والضبط: وقد كان بعد الخلفاء للقاضي كاتب وضبط وقمطر. وكان يعين له مجلس وزمن أو يختار بيته أو المسجد ونص الخلفاء على ترتيب الخصوم الأول فالأول.
ثم خصصت دور للقضاء والحكم سميت بالمحاكم ونظمت مواعيد الجلسات وزمن حضور الخصوم وغير ذلك وكل ذلك من تطور شكل القضاء مع تطور أحوال الناس . وأقضياتهم . والجدير بالتنبيه عليه هو أن الإسلام لا يمانع من أي تطور يحقق المصلحة ولا يتعارض مع نص من كتاب أو سنة وقد أوجد زمن عمر ديوان الجند لحصرهم وترتيب أعطياهم وجمع القرآن في الصحف وكتب المصحف… الخ. كما اتخذ السجن ونحوه لما فيه مصلحة الأمة.
وبهذه المناسبة فإن القضاء في هذه المملكة وهو قضاء شرعي في منهجه يعتبر مثاليا في شكله وصورته ونظامه من ضبط واختصاص وما يتعلق بذلك. وما ينتج عنه من سرعة إنجاز وفسحه ومعارضته. ويلاحظ لو نظرنا إلى شكوى بعض رؤساء الدول المجاورة عن كثرة القضايا وقلة القضاء وعدم الإنجاز.
الكمال في منهج القضاء الإسلامي: أما المنهج القضائي في الإسلام فهو المثال الأعلى منذ صدر الإسلام لأنه شمل بالعناية كل من القاضي _ والمقضى عليه _ والمقضى فيه _ والمتقاضين_ وسير القضاء، أي ما يسمى بأطراف القضاء أو أركان القضاء.
أ_ أما القاضي فقد وضع له شروطا إن لم تتوفر فيه لا يتولى القضاء وسيأتي بحثها مستوفاة إن شاء الله.
ب_ والمقضى به فهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسل وأقضيات سلف الأمة ممن لهم الاجتهاد وحق الاقتداء بهم. وقياس النظائر بالأشياء.
ج_ والمتقاضون سواء كانوا مسلمين أو أهل ذمة على تفصيل سيأتي.
د_ أما سير القضاء فقد أقيمت أسسه بقوله صلى الله عليه وسلم البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.
وقال لعلي حين أرسله إلى اليمن إذا أدلي إليك الخصم فلا تقض له حتى تسمع من الآخر فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء.
وضمن للقاضي ارتياحه وطمأنينته أثناء القضاء فنهاه أن يقضي وهو غضبان أو في حالة شبيهة بالغضبان من المشوشات للفكر.
وفي كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى قواعد أساسية لمنهج القضاء في الإسلام لم يوجد بعده ما يسايره في معانيه ولا منهجه.
المنهج القضائي في القرآن والسنة

وإذا كان الغرض من منهج القضاء هو تحقق العدل والإنصاف والمساواة، فإن ما رسمه القرآن بصريح النصوص ليغني عن البيان. منها:
1_ قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}. ففيه الأمر بالحكم بالعدل بين الناس عموما.
2_ثم يأتي أخص من هذا وهو في خصوص العدول والخصوم في قوله تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} .{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا}.
3_ومع غير المسلمين أيضا: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
4_ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا}.
تطبيق ذلك عمليا: وقد طبق ذلك قضاة المسلمين كما فعل شريح في قضية أمير المؤمنين علي مع اليهودي في الدرع ادعى به علي وليس عنده شاهد إلاّ الحسن بن علي ومولاه قنبر فلم يقبل القاضي أن يسمع شهادة الحسن لأبيه وحكم لليهودي وكان سبب إسلام اليهودي واعترافه بالدرع لعلي ففرح علي وأهداه عليه ومائتي درهم.
وقضاء عمر بين رجل من المسلمين وآخر يهودي فقضى عمر لليهودي لما رأى الحق له فأقسم اليهودي لقضيت بالحق فلهزه عمر في صدره وقال: وما يدريك ..
وقضاء زيد بن ثابت بين عمر وأبي في نخيل إلى غير ذلك من الأمثلة التي حققت العدالة ولو على الأنفس والأقربين.
وبهذا يتضح الكمال في القضاء شكلا ومنهجا.
أما الشمول في الحكم : فالاتساع نطاق التحكيم حتى شمل العبادات والزوجات وتعدى إلى القبائل والعشائر وما يمكن أن يسمى القضاء الدولي على ما سيأتي تفصيله إن شاء الله مما لم يسبق إليه.
أ_ أما في العبادات ففي تقدير جزاء الصيد {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}.
ب_ وفي تقدير الأمور النسبية: كتقدير نفقة الزوجة والأولاد ومصاريف القصار.
ج_ في القضايا الزوجية: حينما تتأزم الأمور أمام القاضي ولا يعلم أسباب الخلاف لما بين الزوجين من الخفاء والتستر ولا طريق إلا الإصلاح: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً. وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً}.
د_ وقد اتسع نطاق الحكم والقضاء في الإسلام فشمل القبائل والطوائف ويمكن أن نقول القرى والمدن والأقطار وما يطلق عليه الآن محكمة العدل الدولية وذلك في قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
وفي هذا السياق ما يستنتج منه إيجاد قضاء عالمي وبوليس دولي إذا اعتبرنا الطائفتين بمثابة الدولتين لأن دولة ما لا يحق لها أن تتدخل بالقوة بين دولتين متقاتلتين حتى ينظر في سبب القتال ويعلم ممن الخطأ وهذا يقضي قضاء دوليا. فيحكم على المعتدين بالكف والامتناع وسعي بينهما بالصلح. فإن لم تكف إحداهما كان لزاما من قتالها ولا يحق لدولة متفردة أن تقاتلها فكان البوليس الدولي ليحجز بينهما. إلى أن يتم الصلح أو القضاء وهكذا.
ومن خصائص القضاء في الإسلام أن يدعو إلى التسامي عن مواقف العناد أو المقاصة ويسمو بنفس صاحب الحق إلى التسامح والعفو من ذلك:
1_ قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ. وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ}. فهنا يعطي المدعي حق المعاقبة بالمثل.ولكنه يندبه للصبر ويفضل الصبر للصابرين.
2_وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} .ثم قال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.
3_وقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}.
فقد تقرر أن الجزاء بالمقاصة مثلا بمثل ولكن ندب إلى العفو والصبر والإصلاح.
4_ وفي قصاص الجروح: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ.. إلى: وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} ثم يقول تعالى: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ}.
5_ وأعظم من هذا كله في قصاص النفس: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ}.
مساوئ القانون

الواقع أنه لا يتأتى تعداد مساوئ القانون الوضعي ولا تتبعها في كل مسألة كما لم يتأت تعداد محاسن الشريعة في كل مسألة أوحكم ,و كما أشرنا إلى محاسن الشريعة على سبيل الإجمال فنشير هنا أيضا إلى مساوئ القانون على سبيل الإجمال. ويتلخص هذا في الآتي:
1_ نشأة القانون.
2_ وجوده في البلاد الإسلامية.
3_عوامل تدعيمه والإبقاء عليه.
4_ الطعن على الشريعة والرد عليها.
5_ مقارنته بين الشريعة والقانون في مسائل الطعن كالقطع والرجم.
نشأة القانون: إن المعتبر الآن من القانون الوضعي يرجع في الأصل إلى القانون الفرنسي مع ما أضيف إليه في كل بلد بحسب حاجاتها ومفاهيمها .
والقانون الفرنسي يتكون في أصله من عدة أصول جاءت محكية في كتاب المقارنة بين القانون الفرنسي والمذهب المالكي للأستاذ سيد عبد الله حسن 1366_1937. قال:
أولا: القانون الروماني وكان في جنوب فرنسا إلى سنة 1785م.
ثانيا: القانون الجرماني وكان في شمال فرنسا.
ثالثا: قانون الكنيسة الكاثوليكية وكان حول الزواج وما يتبعه.
رابعا: قانون الملكية المطلقة بأوامر لويس 14_ 15 _ 16.
خامسا: قانون الثروة.
ثم وحدت في قانون واحد سنة 1804 وهو الذي كان موجودا بمصر سنة 1926م. أما القانون الروماني فقد دخل إلى فرنسا سنة 50 قبل الميلاد حين غزاها الرومان إلى سنة 476 بعد الميلاد.
أما القانون الروماني فدخلها سنة 476 إلى سنة 986. ثم جاء قانون العوائد وبالتالي مزجت تلك القوانين كلها بعد الثورة الفرنسية وجُعلت قانونا واحدا. ولد في أوروبا ونشأ فيها ثم انتقل إلى غيرها.
تواجد القانون في البلاد الإسلامية

أما تواجده في البلاد الإسلامية فإنه ليست لدينا المراجع الكافية للتفصيل في ذلك ولكن على سبيل المثال والإيجاز نذكر عن وجوده في مصر وسوريا والعراق والبلاد العربية. ولم نذكر السعودية لأنه ولله الحمد لم يدخلها قط وكانت دائما تحكم من أبنائها سواء في نجد أو الحجاز وبتحكيم الشريعة.
أ_ أما وجوده في مصر: فكان بدء ذلك سنة 1856 وقبلها كان الحكم للإسلام . ولكن بدأ في هذا التاريخ منذ أنشأت مجالس قضائية محلية . بجوار المحاكم الشرعية المحلية أيضا. ثم تشعب القضاء ووجدت الامتيازات والحماية. وفي سنة 1876 ظهرت المحاكم المختلطة على يد نوبار باشا في عهد إسماعيل باشا وكان قانونها مكونا من القانون الفرنسي والإيطالي والبلجيكي وواضعه (( مسيو مونري ))المحامي الفرنسي الذي كان موجودا بمصر آنذاك.
فكان في البلاد والمحاكم المختلطة لجميع الأجانب بزعم التخلص من المحاكم المختلطة فكانت على نظامها وأوضاعها. وأنشأت سنة 1873 في 14 يونيو بأمر عال من الخديوي توفيق باشا فألغيت مجالس الأحكام. وبقيت المحاكم الشرعية للأحوال الشخصية فقط. والمحاكم الأهلية للأحوال المدنية.
وهكذا قضي على القضاء الإسلامي بالقضاء القانوني في خطوات سريعة لم تستغرق أكثر من خمس وعشرين سنة.
أما سوريا فإنه دخلها دفعة حيث نقل إليها القانون المصري الفرنسي فقط سنة 1949 ميلادي.
عوامل تدعيم القانون وبقائه: ولما لم يكن لهذا القانون ما يسانده في هذه البلاد وكان مفروضا فرضا ولم يستند على شيء إلا لوجود المستعمر رسم الخطة لتدعيمه ومساندته فأنشأ كلية الحقوق لدراسة القانون وهيأ المراتب والوظائف في الدول لخريجيها ليتولوا زمام الحكم. وأعلى من شأنهم في الوظائف والمرتبات مما صرف النظر إليها ورغب فيها، بينما قلل من فرص العمل أمام رجال الفقه والشريعة وقلل من مرتباهم. حتى لا يتجه إلى تعليم الشريعة إلا ذو العقائد القوية والدين السليم رغبة في الدين ومرضاة لله.
الطعن على الشريعة: ومن ناحية أخرى سلط الطعن على الشريعة من حيث عدم صلاحيتها للقضاء ومن ثم عدم صلاحيتها للحكم. وقال الأستاذ سيد عبد الله أن نقاط الطعن هي:
1_ اختفاء العدالة ووجود الفوضى وتفشي الرشوة وعدم تنفيذ الأحكام غالبا.
2_ تشعب القضاء الإسلامي لوجود الحكم بالمذاهب المختلفة: المالكي ثم الشافعي وأخيرا الحنفي..الخ
3_قسوة الأحكام الشرعية كالقطع والرجم ويقول الأستاذ الشهيد عبد القادر عودة إن الذين يوجهون مثل هذا الطعن على الشريعة قسمان:
قسم درس القانون ولم يدرس الشريعة.
قسم لم يدرس الشريعة ولا القانون.
ومثل هؤلاء لا يحق لهم أن يحكموا بشيء على الشريعة لعدم دراستهم إياها.
ثم يقول إن طعنهم مبني على قياسهم الشريعة على القانون من حيث مبدأ التطور والتجديد في القانون كلما تطورت الحياة المدنية والحضارة فيرون أن الشريعة بناء على ذلك يجب أن تتطور لأنها منذ عهد بعيد وفي أوضاع مدنية مختلفة.
وقد يكتفي الإنسان برد ادعائهم بأنهم يجهلون الشريعة وكفى ولكن نورد ما يفند مزاعمهم لئلا يغتر بها من كان مثلهم.
أما ادعاؤهم وجود الفوضى والرشوة وغير ذلك من الفساد فليس ذلك راجعا إلى عدم صلاحية الشريعة للحكم. ولكن مرجعه إلى تعطيل الشريعة وفساد الحكام وفرق بين فساد الحكام ونظام الحكم كالفرق تماما بين ضعف المدرس وضعف المنهج.
بل إن قوة المدرس تعطي المنهج قوة وحيوية وكذلك قوة الحاكم وكان الإصلاح السليم هو إصلاح المجتمع وإعداد الحكام والقضاة إعدادا سليما كما فعل المستعمر لقانونه ففتح كليات لتربي حماة لنظامه فهل فتحت معاهد خاصة للقضاة الإسلاميين في جميع المجالات شخصية ومدنية وجنائية.
ب _ وأما تشعب القضاء الإسلامي بتعدد المذاهب فإن ذلك أوسع فرصة لوجود نصوص فقهية قضائية وكان الإصلاح هو تقوية القضاة أي مرتبطا بالأول ليكونوا على حالة تمكنهم من إيجاد حل لكل قضية مهما كانت ومن أي مذهب كان. وإن أحد هذه المذاهب التي لا تخرج في مجموعها عن الكتاب والسنة واجتهاد سلف الأمة لهو أولى وأحرى ألف مرة من أخذ قانون أوروبي وضعه محام فرنسي أو افترضه مستعمر ظالم.
ج _ أما قسوة التشريع الإسلامي : فهذه هي محط الرحل وهي التي جعلت ناشئة القانون يتمسكون به ويفرون من تشريع بلادهم ودين آبائهم وأجدادهم . بل وحق الله تعالى عليهم.
وفاتهم المساكين أن تشريع الله لخلقه أرحم وأرأف وألطف من تشريع المستعمر لهم. ولقد كان مشركوا مكة أعقل منهم وإن كانت في دعوى عصبية إذ قال صفوان: لأن يريني رجل من قريش يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من أن يريني رجل من هوازن.
وأيضا فاتهم أنه الحليم قد يقسوا رحمة بمن يرحمهم كقول الشاعر:
قسى ليزدجروا ومن يك حازما
فليقس أحيانا على من يرحم
وإنا لنورد مقارنة بين الشريعة والقانون فيما اعتبروه قسوة المقارنة:
أولا _في قطع يد السارق:
يرى دعاة القانون أن قطع يد السارق وحشية وغلظة ولا يساير الحضارة والمدنية الحديثة لأن المجرم مريض في المجتمع ويجب أن نعالجه.
والجواب على ذلك من وجوه:
أولا: ومن قريب ما أجاب به جلالة الملك فيصل حفظه الله في مؤتمر صحفي بأمريكا لما سئل هل لا زلتم تقطعون يد السارق في بلادكم ولِمَ؟ فقال: نعم لا زلنا نقطع يد السارق. ولأن الله هو الذي أمر بذلك. أي أنه حكم الله الذي خلقه وهو أعلم بما يصلحه وهو أرحم به.
ثانيا: بما وقع على جواب من سلفهم حينما قال أبو العتاهية:
يد بخمس مئين عسجد وديت
ما بالها قطعت في ربع دينار
فأجاب بعض المؤمنين مبينا الحكمة في ذلك بقوله:
عز الأمانة أغلاها وأرخصها
ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
ثالثا: نقول لهم أليس الشرع أو القانون لحماية الجميع فلم تعملون على حماية السارق المجرم ولا تعملون على حماية المسروق منه الوادع الآمن. ولم تتوجعون لآلام السارق وهو المعتدي الذي يفوت على العاملين نتائج أعمالهم. ولا تتوجعون على العامل الكادح طيلة عمره وقد يكون ذا عيال وأسرة ضيق على نفسه في النفقة وأرهق نفسه في شبابه ليدخر لكبره وعوزه وأطفاله فيأتي السارق في خفاء بيد أثيمة ويذهب بكل ما جمعه المسكين ويدعه عالة على المجتمع. فقيرا بعد غنى ذليلا بعد عز. ثم يذهب يبددها دون مبالاة ولا يعلم من أين اكتسبت حيث لم يعرق له فيها جبين. فأي الفريقين أحق بالأمن.
والآن : هل نفعت شفقتكم عليهم وهل أصلحت من مرضهم أم أنها جنت على المجتمع الآمن. إن حوادث السرقة في أرقى البلاد مدنية اليوم وقد وصلت إلى ما لم تصل إليه من قبل.
اعتراف بفضل الشريعة : وهاهي بعض البلاد وتضع في قوانينها الحكم بالإعدام لجرائم السرقة إذا وقعت ما بين غروب الشمس وطلوعها وكان موجودا مع السارق سلاح ولو لم يستعمل. أو بالحبس مؤبدا وبعضها يعاقب بالإعدام مطلقا إذا استعمل الهجوم المسلح ولو لم يقتل فيه أحد.
وما ألجأهم لذلك إلا عدم صلاحية اللين والتسامح مع المجرمين ولو نفذوا من قبل قطع اليد لما احتاجوا إلى قتل النفس.
والواقع أن نفسية السارق تعالج بالرفق أو التسامح لأنها ليست ذات وفق ولا يسامح. فلا يصلح معها إلا ما يردعها.
ثم أي فائدة للدولة في حبس إنسان تتولى الإنفاق عليه طيلة عمره مع ضياع أهله وأولاده إن كان له أهل وأولاد.
وهل في قتله أو حبسه على التأبيد علاج لمرضه أو القضاء عليه حسا أو معنى. فأي القضائين أرحم له وآمن للوطن.
أما رجم الزاني أو جلده: فلو كان لدعاة القانون عقل واعٍ لما ذكروه في هذا السياق ولجعلوه ولو مكابرة موجبا للطعن بالضعف لا بالقسوة لأنه أحيط في الشريعة بشروط في الإثبات لا تكاد توجد إلا بندرة. وما يثبت في تاريخ الإسلام حد الرجم إلا بالاعتراف. وفي غاية من القلة والندرة يمكن عده على الأصابع والاعتراف محض إرادة واختيار ورغبة في التطهر من آثام الإثم فهي نزعة دينية كريمة آثر الآخرة على الدنيا.
ولو امتنع من الحضور إلى القاضي لما طلبه ولو رجع عن إقراره لما حده. بل يدرأ عنه الحد بالشبهة. ومع هذا فالمقارنة بين العالمين الإسلامي الذي يحكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأنه دين وبين المجتمع القانوني وخاصة أرعى بلاد العالم المتحضر في نظر المتمدنين بل واضعوا القانون نجد الفرق المذهل .
أولا: في أمريكا أصبح معدل الجريمة كالآتي:
أ_ جريمة قتل كل دقيقة.
ب_ جريمة سرقة مسلحة كل دقيقة.
ج_ جريمة اغتصاب كل عشرين دقيقة.
د_ جريمة دون اغتصاب لم يجر إحصاؤها.
ثانيا_ في ألمانيا: سجل الإحصاء جرائم القتل عام 1969م فوق ألفي جريمة. في عام 1971م وصلت إلى ثلاثة آلاف وزيادة مطردة.
ثالثا_ في بريطانيا: سنة 1970م سجلت الإحصائيات 41088 قتل وجرائم السطو بلغت في عامين نصف مليون.
رابعا_ في فرنسا: زادت نسبة الجريمة إلى 32هـ عن مجلة الجامعة الإسلامية رجب 92هـ.
هذا هو وضع أوروبا وأمريكا أما روسيا فلا حاجة إلى ذكرها لأنها تعيش في سجن كبير وحياتها كلها جريمة.
أما البلاد العربية التي تحكم بالقانون فلم نقف لها على إحصاء ولكنها لم تكن بالوضع الذي تحمد عليه. بينما هذه البلاد التي أكرمها الله بالحياة في ظل الشريعة الإسلامية لم تتجاوز فيها هذه الجرائم عدد الأصابع في العام وأكبر دليل لهو الواقع المشاهد لكل قاص وداني من مسلم وكافر والفضل ما شهدت به الأعداء، وبالأمس القريب في جولة رئيس وزراء أمريكا كان يطوف بجولة في سيارته المصفحة إلا عند وصوله المملكة تخلى عن سيارته المصفحة وأخذ يجوب بالأسواق والشوارع في ظل هذا الأمن الوارف الذي لم يجده في حياته كلها ولا حتى في بلده ومحل سلطانه وأمثلة ذلك عديدة والتاريخ الإسلامي أكبر شاهد للعالم كله على ما نَعِمَ به المسلمون وغيرهم في ظل الإسلام وفي قصة الهرمزان مع عمر ليست خافية وكلمته المشهورة حكمة: فعدلت فأمنت فنمتت.
ولعل هذا يكون فيه شيء من الأخبار والإحصاء. ولكن لنأخذ نصوص القانون: تعتبر القوانين الوضعية كلها أن الزنا حق شخصي ولا علاقة له بالمجتمع فيمتنع نهائيا إثارة دعوى الزنا إلا من أحد الزوجين أو أقرب المرأة غير المتزوجة إلى الدرجة الثالثة.
وينص القانون العراقي أن الزوج إذا أسقط حق المطالبة عن زوجته سقط حق المطالبة أيضا عن الزاني وبعض القوانين لا يعطي حق إثارة دعوى الزنا إلا إذا كان ذلك على فراش الزوجية أو كان بالإكراه. أما إذا كان بعيدا عن فراشه خارج بيته وكان برضاها يسقط حقه في ذلك.
ومن هنا نعلم إلى أي مدى تفسد الأنساب وتتفكك العائلة فتتقطع أواصر الروابط. فتتخلخل قواعد المجتمع كله.
قضية عين:
ومن المؤسف والموجع في تاريخ القضاء القانوني قضية عين وقعت في بلد مسلم مجاور من القضايا الزوجية تتلخص في الآتي:
تزوج امرأة ولم يدخل بها ومكث عدة سنوات فطالبته الزوجة بالنفقة ونصف المهر. وصدر القرار بالحكم تحت رقم 332 بتاريخ 24/6/72م على الزوج يقدم المهر ونفقة شهرين.
فطعن الزوج في هذا الحكم، وقدم المحامي وكيله هذا الطعن إلى المحكمة وبناه على عدة أسباب والمؤسف والموجع حقا هو مبنى الطعن إذ أنه قال: إن عقد زواجه باطل. ولم يقع دخول. وعليه فالاستمرار في زواجه هذا باطل مخالف للنظام العام.
وعلل بطلان زواجه بأنه قد زنا بوالدة الزوجة. وأن الحرمة تثبت بمجرد النظر إلى العضو المختص للمرأة بشهوة.
وقد حكمت الأكثرية برفض الطعن ولم تسمح له بإيراد الشهود عليه .وقد نشر ذلك في مجلة المحامات لذلك البلد ومع نشرها لذلك فإنها تتوجع لذلك الأمر. وتقول: يتضح أن الزوج هو الذي طلب إبطال العقد بادعائه وطء أم الزوجة بطريق التزاني . فلئن كان كاذبا فإنه من أوجع الحالات التي مرت على القضاء والتي لا يتورع فيها الزوج عن أية فرية دفعا لإلزامه بالمهر والنفقة. ولئن كان صادقا فالسؤال:
أيقبل قوله وقد شهد على نفسه بالفسق؟ وفي الحالة نرى أي ترى المجلة أن قرار القاضي ومحكمة النقض كان حكيما وأكثر صونا للأعراض والكرامات وانطباقا على القواعد الشرعية الكلية.
فكان تعليقنا
1_ إذا كانت المجلة تتوجع لدعوى الزوج على أم زوجته ليطعن في الحكم فهلا توجعت لجرأة زميلها المحامي في رفع هذا الاعتراض إلى هيئة القضاء . وكان عليه ألا يرضى لنفسه رسولا لهذا الزوج ليكسب القضية بأي وسيلة ولو على شرف المهنة وكرامة شخصه.
2_ وإذا كان حكم محكمة النقض بالأكثرية . فماذا كان رأي الأقلية إذن؟ وهل يؤثر على حكم القاضي الأول عدم الموافقة من الأقلية علما بأن المحكوم به هو نصف الصداق وهذا حق مستقر بمجرد العقد الثابت وبموجب قانون تلك البلد بالمادة رقم 148 من قانون الأحوال الشخصية التي نصها :
إذا أقر أحد لامرأة أنها زوجته وليس تحته محرم لها ولا أربع سواها وصدقته وكانت خالية عن زوج وعدة ثبت زوجيتها له بإقراره وتلزم نفقتها ويتوارثان وزواجها ثابت قبل الدعوى باثنتي عشرة سنة. ولم ينكر زواجه منها.
وفي المادة(85) النص على أن الفرقة إذا كانت من جهة الزوج فإنها تنصف المهر قبل الدخول سواء كانت طلاقا أو فسخا أو فعله ما يوجب حرمة المصاهرة بأصولها وفروعها.اهـ . وهذا عين ما في هذه القضية . فهذه مواد قانون تلك البلد يلزم الزوج بنصف المهر فماذا كان يريد المحامي أولا من تقديم هذا الطعن ويتجاهل كل ذلك. وماذا كان يريد الأقلية من قضاة محكمة النقض.
ومرة أخرى مع الأكثرية في محكمة النقض والقاضي الأول في إصدار الحكم ما هو موقف الجميع من الزوج في إقراره بما ادعاه على والدة زوجته من تعزير إن لم يكن حدا.
ومع المجلة حين تقول إنها تتوجع إذا كان كاذبا في ادعائه وترد شهادته فقط إن كان صادقا. أليس افتراض صدقه أشد إيجاعا.
ولكن تقول حكم القاضي وهيئة النقض كان حكيما وأكثر صونا للأعراض والكرامات وانطباقا مع القواعد الشرعية الكلية.
فأي التشريعين أحكم وأكثر صونا للأعراض : التشريع الإسلامي أم هذا الذي يسمح له بهذا الادعاء أمام هيئة القضاء.
وأي انطباق في هذا الحكم مع قواعد الشرع الكلية وقواعد الشريعة تدينه بأحد أمرين إما القذف إن كان كاذبا وإما الزنا إن كان صادقا وفي كل منهما حد معلوم.
فأي التشريعين أحق بصون الأعراض وحفظ الكرامة وأصون للنسب وأشرف للقضاء وأسلم للمجتمع.
وليست مساوئ القانون قاصرة على ذلك بل أنها لأبعد من هذا كالآتي:
أولا: أن أشد مساوئ القانون أن يكون بديلا عن شرع الله تعالى المنزل.
ثانيا: أن الأديان السماوية متفقة كلها على حفظ الجواهر الست المسماة بالضروريات كما قيل في لامية الجزائري قديما.
قد اجتمع الأنبيا والرسل قاطبة
على الديانة في التوحيد بالملل
وحفظ نفس ومال معهما نسب

وحفظ عقل وعرض غير مبتذل



وقد شاهدنا موقف التشريع الإسلامي من هذا كله بالتحريم وإقامة الحدود لصيانتها.
موقف القانون منها :
أما موقف القانون منها فكالآتي:
1_ أما الأديان فإنه يبيح حرية الأديان وهذا وإن استحسنته البعض إلا أنه مما يؤدي إلى الاستخفاف بالأديان وأي قيمة لها بعد ذلك. ثم هو يؤدي إلى الفوضى لا بالعبادات فحسب بل وفي الحقوق لأن لكل دين حقوق. وارتباطات فيكون اليوم مسلما ويرتبط مع المسلمين بمصاهرة و نسب وعقود وغدا مسيحيا فيرتبط بالمسيحيين كما ارتبط بالمسلمين ثم بعد غد يهوديا وهكذا فيضيع حق المسلمين ثم حق النصارى وهكذا. فهذا أصل قد ضاع بسبب القانون أو ضاع في حماية القانون .
2_ أما الدماء فالقوانين لا تعرف دية ولكن تجعل تعويضا للورثة بحسب ما فاتهم بموت مورثهم فإن كان جامعيا مثلا كطبيب أو مهندس حكمت له وعلى سبيل الواقع فعلا بخمس وثلاثين ألف ليرة. وإن كان دون ذلك كطالب في كلية الصيدلة حكمت لورثته بخمسة عشر ألفا. وإن كان عاملا عاديا حكمت له بخمسة آلاف ليرة فتضع الإنسان موضع السلع ومساوم عليه.
بينما الشريعة جعلت دية الغني والفقير والشريف والوضيع سواء ولم تفرق بل أنها تضاعف الدية في الأشهر الحرم وفي الحرم والمحارم.
3_ أما العقل فلم تتعرض لحمايته فالخمر مباحة ولا عقاب على المسكر إلا إذا سكر ووجد معربدا في المجتمعات العامة.
4_ أما النسب والعرض فإنه لا يدخل في ارتكاب فاحشة الزنا ولا اللواط إلا في حالة الإكراه أو صغر السن أو عند شكوى من له الحق. أو كانت الجريمة مع ذات محرم منه (مادة 385) قانون عقوبات ، واللذين لهم الحق هما الزوجان في حالة وقوع الزنا على فراش الزوجين أو بالإكراه خارج البيت. أو لولي المرأة غير المتزوجة إن كان من الطبقة الثالثة ومن عداهما أو فيما عدا ذلك تنص القوانين أن لا حق لأحد في إثارة دعوى الزنا، إن كان بالتراضي بين الطرفين.
وتنص أيضا على أن الزوج أو من له الحق إذا تنازل عن دعواه في حق الزوجة توقفت الدعوى وسقطت حق المطالبة في حق الزاني وإذا تزوج بها أوقف النظر في الدعوى وإذا كان قد صدر فيها حكم أوقف تنفيذه (مادة398).
5_ أما المال: فمن الواضح البين أنها إن لم تتسلط عليه بضريبة أو إلزام آخر فإنها لا تتعرض لنواح عديدة وتترك العقد للمتعاقدين وما تراضوا عليه وتقول القوانين : العقد شرعة المتعاقدين. وتقر وتحكم بالعقود الربوية صريحة إلا أنها تمنع الزيادة عن النسبة المحددة في نظامها كخمسة أو سبعة في المائة مثلا.
في الوقت الذي تعتبر بعض القوانين الأخذ من التمر سرقة وتعاقب عليها كسرقة المنقول بمجرد عطفها أي ولو لم يأكلها بعد. وقد يحبس مؤبدا بينما الشريعة لا تعتبر ذلك سرقة ولا تعاقب عليها بعقوبة السرقة وقد يكون جائعا وفي حاجتها ما لم يتخذ خبنة أي يحمل معه.
فأي النظامين أرحم وأصون لمصالح الأمة أفرادا وجماعات وختاما لقد أسفر الصبح لذي عينين وتوجهت دول القوانين إلى نور التشريع الإسلامي لتأخذ نظام النكاح والطلاق عنه وليس ببعيد أن تأخذ بغيره إذا عرفت حقيقته فهل بعد هذا يظل أبناء التشريع الإسلامي بعيدين عنه. اللهم أهدِ العباد لصالح البلاد وما يرضيك وخير ما يوجه للعالم الإسلامي كله في ذلك قوله تعالى:
{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
وبالله التوفيق..

أ. عبدالحميد الفقيه / المحامي  & المستشار القانوني للمنظمة الوطنية للشباب الليبي .


  محمد صلاح     عدد المشاركات   >>  45              التاريخ   >>  17/9/2009



فأي النظامين أرحم وأصون لمصالح الأمة أفرادا وجماعات وختاما لقد أسفر الصبح لذي عينين وتوجهت دول القوانين إلى نور التشريع الإسلامي لتأخذ نظام النكاح والطلاق عنه وليس ببعيد أن تأخذ بغيره إذا عرفت حقيقته فهل بعد هذا يظل أبناء التشريع الإسلامي بعيدين عنه. اللهم أهدِ العباد لصالح البلاد وما يرضيك وخير ما يوجه للعالم الإسلامي كله في ذلك قوله تعالى:
{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

ـــــــــــــــــــــــ

شكرا للاستاذ عبد الحميه الفقيه على موضوعه المتميز ولا وجه للمقارنه طبعا بين الشريعة الاسلامية التى أنزلها الله على عباده لحفظ النفس البشرية وبين هذا التشريع الوضعى بما به من مثالب وثغرات فلم يقم بالدور المنوط به على الوجه الأكمل فى مناهضة الجريمه والحد من ارتكابها  



 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1372 / عدد الاعضاء 62