أخي العزيز الأستاذ/ أحمد المالكي..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أشكركم جزيل الشكر على طرحكم القيم الذي أثار حفيظتي للمشاركة والتفاعل..
وبخصوص موضوعكم محل مداخلتنا، الذي انتهيتم فيه إلى أن نظام العمل والعمال لم يُنظم جزئية إنتهاء فترة التجربة أو الإختبار دون أن يتستعمل أحد طرفي عقد العمل حقه في فسخ العقد حيث ذكرتم " لم يرد شيء في نظام العمل والعمال بخصوص هذه الجزئية وإن كان فريق من فقهاء القانون ذهب إلى أنه في مثل هذه الأحوال يتحول عقد العمل تحت الاختبار إلى عقد عمل غير محدد المدة ويخضع في إنهائه إلى القواعد الخاصة بعقد العمل غير محدد المدة, وهذا هو الرأي الأقرب إلى المنطق خاصة أنه يتوافق مع ارادة طرفي العقد "
نقول فيه..
أن مدة الأختبار أو التجربة لا علاقة لها - من وجهة نظرنا المتواضعة- في تغير أحكام العقد، خصوصاً المدة .. حيث أن تكيف أو تشكيل العقد إن صح التعبير كعقد محدد أو غير محدد المدة، يأخذ وضعه بمجرد توقيع الطرفين عليه، فإن اشتمل على مدة محددة فهو محدد المدة، وإن لم يشتمل على مدة فهو غير محدد المدة..
وعليه فإذا إنتهت مدة التجربة أو الإختبار دون أن يستعمل احد طرفيه، حقه في الفسخ، فإنه يبقى محدد المدة إن كان محدد المدة، ويبقى كذلك غير محدد المدة إن لم يكن محدد المدة .. مع الأخذ بالإعتبار ما ذكره سعادة الزميل الأستاذ/ محمد عبدالمنعم مشكوراً في مداخلته أعلاه.
والجدير بالذكر أن عقد العمل الذي يتضمن على فترة تجربة أو إختبار، قد اختلف الفقهاء حول طبيعته القانونية .. فمنهم من ذهب إلى أنه عقد معلق على شرط واقف، وهو نجاح التجربة، ولكن هذا الاتجاه تعرض للنقد لأنه لا يتوافق مع الأثار التي تترتب على عقد العمل تحت الإختبار، حيث أنه من العقود الزمنية المستمرة ويرتب منذ تاريخ إبرامه التزامات على عاتق طرفيه، وتعليقه على شرط واقف، مؤداه ألا ينتج أي أثر ما دام الشرط لم يتحقق.
ومنهم من ذهب إلى أنه عقد تمهيدي مؤقت، يؤدي في حالة نجاح التجربة إلى إبرام عقد عمل نهائي بين الطرفين، أي أن عقد العمل يبداء منذ إنتهاء فترة الإختبار ومن ثم لا تحسب أقدمية الموظف أو العامل إلا من هذا الوقت .. ولقد انتقد هذا الاتجاه لمخالفته للواقع ذلك أنه في حالة نجاح التجربة يبقى العقد المبرم هو العقد الساري بين الطرفين والحاكم والمنظم لعلاقتهما، و لا يبرمان عقداً جديداً، وكذلك يخالف ما اتجهت إليه إرادة طرفيه، حيث أنهما بالنص على فترة التجربة أو الإختبار في العقد لم يقصدان ابرام عقدين متتاليين أحدهما تلو الأخر وإنما قصدا إبرام عقد واحد يلتزمان بشروطه منذ البداية..
وذهب فريق ثالث إلى إعتباره عقداً معلق على شرط فاسخ - وهو الاتجاه السائد في الفقه- وهو عدم الرضاء عن نتيجة التجربة وإعلان ذلك قبل إنقضاء مدتها، فإذا إنقضت فترة التجربة أو الإختبار دون تحقق الشرط الفاسخ أصبح العقد باتاً وأنتج كل أثاره منذ بدايته حيث تحسب مدة خدمة العامل منذ تاريخ إبرام العقد .. وأما إذا تحقق الشرط الفاسخ وهو اعلان أحد طرفيه بعدم رضاه عن فترة التجربة فينفسخ العقد بأثر مباشر ( غير رجعي) .. وقد انتقد هذا الاتجاه على اعتبار أنه من التجاوز إعتبار إعلان الرغبة في إنهاء العقد شرطاً فاسخاً يعلق العقد عليه ولا أدل من ذلك أن عقد العمل غير المحدد المدة يجوز إنهائه بالإرادة المنفردة لأحد طرفيه ولم يقل احد بأنه عقد معلق على شرط فاسخ..
وذهب فريق رابع إلى إعتبار عقد العمل تحت الإختبار عقد غير لازم .. حيث يجوز العدول عنه، و ذلك على أساس أن شرط الإختبار ينشئ " رخصه العدول" وتظل الرخصة قائمة طوال فترة الإختبار، فإذا استعمل أحد الطرفين هذه الرخصة خلال فترة الأختبار انتهى العقد وانحلت الرابطة العقدية بأثر مباشر ( غير رجعي) أما إذا إنقضت فترة الاختبار دون استعمال رخصة العدول انقضت رخصه العدول، وتحول العقد إلى عقد لازم .. حيث أن الاختبار مجرد فترة أو مرحلة يمر بها عقد العمل وخلال هذه الفترة يمكن العدول عن العقد..
تحياتي للجميع..
المحامي
تركي بن عبد العزيز الكريدا
|