كان الوقت هو أثمن مافي الموضوع ... فخالد شقير هو أحد المحامين الأصدقاء ..وخصمه هو رئيس الديوان السلطاني بسلطنة عمان والنزاع يدور حول شقة خالد التي اشتراها ( بتحويشة العمر ) وأقام فيها مع أهله .. إلا أن الأمير العماني ( إبن عم السلطان ) أراد أن ينهش لحم خالد ويسلب منه شقته ..
لجأ الأمير إلى الوزير ورئيس الوزير .. وذهب إلى عميد الحقوق الدكتور فتحي والي كي يرسم له طريقة الإستيلاء على الشقة .. ففكر ودبر .. ثم نظر وقدر .. وأخرج من معينه طريقة مبتكرة .. ( أصبحت قديمة بعد ذلك ) فكان هذا النزاع الذي استمر سنوات ... عندما حملت على عاتقي عبء الدفاع عن حق خالد المحامي أيقنت أن الحمل ثقيل إذ أنني كنت أواجه أصحاب السلطة .. أواجه من يقوم بإعارة القضاة إلى سلطنة عمان بأعلى الرواتب .. وبالفعل كان القاضي الذي يقضي لصالحهم يوقع في اليوم التالي عقد الإعارة إلى عمان ... لاأخفيكم سرا أن اليأس أصابني في فترة من فترات هذا النزاع فأخذت خالد وذهبت به إلى عبقري القانون .. العلاّمة محمد كمال عبد العزيز .. الذي بعد أن رأى وأدرك ظروف الدعوى إعتذر بلباقة وشرح لنا أن ظروفه الصحية لن تساعده على الدخول في معارك كان هو فارسها منذ سنوات ... ثم عقب بابتسامة قائلا ... ( وبعدين أتعابي كبيرة عليكم ) وبعد أن خرجنا من عند الرجل لم أجد أمامي إلا أن أستمر ... ومن حسن طالع خالد شقير أن هييء الله لنا أحد قضاة مصر العظام ... هو المستشار الدكتور السيد خلف الذي كان رئيسا لدائرة النقض التي أصدرت الحكم والذي طرد من غرفة المداولة مساعد وزير العدل الذي جاء إليه كي يتوسط لمصلحة الأمير العماني .. في هذه القضية اسرار وخلفها أحداث .. ذات يوم سأكتب عن كواليس القضاء ومايحدث وراء الابواب
وهاهي القضية بين ايديكم
محكمة النقض
صحيفة طعن بالنقض
الدائرة المدنية
أودعت الصحيفة قلم كتاب محكمة النقض يوم الأربعاء الموافق 26/3/2003 تحت رقم 2026 لسنة 73 ق.
وذلك من الأستاذ ثروت عبد الباسط الخرباوي المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن السيد/ خالد أحمد عبد الواحد شقير المقيم 96ش عمر بن الخطاب – مصر الجديدة وذلك بموجب التوكيل رقم 4608ل لسنة 96 مصر الجديدة.
ومحله المختار مكتب الأستاذ/ ثروت عبد الباسط الخرباوي المحامي بالنقض 36ش إسكندرية – مصر الجديدة.
ضد
1. السيد/ عبد المعطي محمد علي زيتون المقيم 7 ش الروضة – المنيل – القاهرة.
2. السيد/ حمد بن حمود آل حمد البوسعيدي ويعلن سيادته في مواجهة السيد وكيل نيابة شرق القاهرة ليتولى إعلانه بالطرق الدبلوماسية عن طريق وزارة الخارجية حيث أنه مقيم في سلطنة عمان الديوان السلطاني.
3. السيد/ فؤاد علي السيد ويعلن في مواجهة السيد وكيل نيابة مصر الجديدة على اعتبار أن آخر محل إقامة معلوم لدينا هو 96 ش عمر بن الخطاب.
4. السيدة/ زينب محمد خيري المقيمة 96 ش عمر بن الخطاب – مصر الجديدة.
5. السيد/ أحمد حسن جمعة ويعلن 47 شارع هارون الرشيد – مصر الجديدة.
6. السيد/ محمد مرسي محمد المقيم 33 شارع الأساطين بالزيتون – القاهرة.
وذلك طعناً على الحكم الصادر من محكمة استئناف عالي القاهرة مأمورية شمال دائرة 18 مدني في الاستئناف رقم 5252 لسنة 6ق والذي جرى منطوقه:
"حكمت المحكمة بقبول الاستئنافات أرقام 1005، 1008، 1010 لسنة 2000 مدني مستأنف شمال القاهرة والمعطى لها رقم 5252 لسنة 6ق شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف بمصاريف استئنافه ومائة جنيه أتعاب المحاماة".
وقد صدر هذا الحكم بجلسة 9/2/2003.
وكان حكم محكمة أول درجة قد صدر من محكمة مصر الجديدة الجزئية "قاضي التنفيذ الموضوعي" بجلسة 29/5/2000 في الدعوى رقم 858 لسنة 1997 مدني جزئي حيث قضت
" حكمت المحكمة بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 633 لسنة 1997 مستأنف شمال القاهرة الصادر استئنافاً للإشكال رقم 1259 لسنة 1996 إشكالات مصر الجديدة والاستمرار في تنفيذ الحكم رقم 17441 لسنة 1987 إيجارات شمال القاهرة والمؤيد استئنافياً بالاستئناف رقم 3810 لسنة 108ق"
موضوع الطعن
تبدأ واقعات هذا الطعن بادّعاء غير صحيح وزعم مكذوب من المطعون ضده الثاني حيث ادّعى ـ دون أن يقدم سنداً أو عقداً ـ أنه مالك للشقة الكائنة بالدور الثاني بالعقار 96 شارع عمر بن الخطاب مصر الجديدة – ثم زعم بأنه اشتراها من المالكة الأصلية السيدة/ زينب محمد خيري – ونظراً لأن هذا الزعم غير صحيح ولأن المالكة كانت قد باعت هذه الشقة للطاعن بعقد صحيح استحصل الطاعن على حكم قضائي صحيح نهائي وبات وبصحة ونفاذ هذا العقد وأصبح بمنأى عن الطعن فيه ثم قام بتسجيل هذا الحكم بالشهر العقاري.
ونظراً لأن ملكية الطاعن أصبحت مستعصية على الإنكار أو الجحد فقد عمد المطعون ضده الثاني إلى تقديم بلاغ للشرطة عن طريق محاميه حيث أدعى المطعون ضده الثاني انه اشترى هذه الشقة من المالكة ـ بيد أنه لم يقدم سند ملكية ـ وأمام محكمة الجنح المستأنفة ـ حيث تحركت جنحة ضد المالكة ـ استمهلت المحكمة المطعون ضده الثاني أكثر من جلسة ليقدم سند ملكيته المزعوم إلا أنه لم يفعل ـ لأنه لا يوجد ـ فأصدرت المحكمة حكمها الجنائي ببراءة المالكة وأصبح هذا الحكم حائزاً للحجية فيما ورد من أسبابه التي بنى عليها منطوقه.
ثم يتضح أن المطعون ضده الثاني ـ في غفلة من المالكة والمشتري ـ كان قد أقام دعوى إيجارية ضد واحد من أتباعه ـ وهو المطعون ضده الثالث حيث ادعى في دعواه أنه مالك للشقة وأنه أجرها لهذا التابع وأنه يريد إخلاءه من الشقة لسبب عنّ له.
وصدر حكم الإخلاء المرتقب وتأيد استئنافياً لعدم وجود خصومة حقيقية ولم يرد في هذا الحكم تفاصيل ملكية المؤجر أو سندها لأنه حكم ابتنى على عقد إيجار، والأمر واضح يستطيع أي إنسان أن يدعي انه مالك لأي عقار ويقيم دعوى إخلاء ضد من يريد وسيصدر حكم بإخلاءه وتسليم الشقة له كمؤجر ثم يقوم بتنفيذ الحكم بعد أن يقيم إشكالاً أولاً ثم يتركه للشطب ـ وهو الأمر الذي حدث ـ "وهو أمر يحترفه للأسف بعض من صغرت نفوسهم " وعند تنفيذ الحكم استشكل الطاعن وأرجأ قاضي التنفيذ تنفيذ الحكم لحين الفصل في الإشكال ومن أسف فقد صدر الحكم في الإشكال برفضه والاستمرار في التنفيذ ـ رغم سندات الطاعن ومستنداته ـ فكان أن أقام استئنافاً وأعلن صحيفة الاستئناف للمطعون ضده الثاني في المكان الذي اتخذه محلاً مختاراً له في أوراق التنفيذ ـ وهو مكتب محاميه ـ وهو إعلان صحيح وفقاً لنص المادة 10 من قانون المرافعات ـ حتى ولو كان الإعلان غير صحيح جدلاً فأنه لايترتب عليه باتفاق الجميع إلا البطلان النسبي فقط لا الانعدام ـ وفوق ذلك ونظراً لأن طالب التنفيذ وهو غير مصري ويعمل رئيسا للوزراء ورئيساً للديوان السلطاني بسلطنة عمان وغير مقيم في مصر فقد قام الطاعن بإعلانه مرتين مرة عن طريق وزارة الخارجية وفقاً للمادة 13 مرافعات ومرة عن طريق القنصلية العمانية في القاهرة وثم كان أن أصدر الحكم من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه.
وظن الطاعن أن حلقات النزاع قد انتهت عند هذا الحد إلا أنه فوجئ بواحد من أتباع الأمير يقيم دعوى يدعي فيها أنه اشترى منه ـ من الأمير حمد ـ السند التنفيذي والشقة بالمرة!!!
وطلب رافع الدعوى ـ والذي ليست له صفة ـ الحكم بعدم الاعتداد بحكم الاستئناف الذي أوقف التنفيذ.
وبجلسة المرافعة أقام الطاعن دعوى فرعية يطلب فيها الحكم بانعدام ملكية سلف المدعي وبطلانها احتياطياً ومنع تعرض المدعي والآخرين له في ملكيته ولم يقدم أحد في الدعوى بكلياتها سند ملكية المطعون ضده الثاني فظلت الدعوى تعرج على ساق واحدة إلى أن فوجئنا بصدور حكم بانعدام حكم "وقف التنفيذ" والاستمرار في تنفيذ حكم الإيجارات الصوري.!!!
وأمام محكمة الاستئناف دفع الطاعن بالعديد من الدفوع التي التفتت عنها المحكمة بمخالفات وتقريرات قانونية خاطئة والتي نقيم من أجلها ومن أجل استقامة العدل الطعن الماثل للأسباب الآتية:
أسباب الطعن
أولاً: خطأ المحكمة في تطبيق القانون: عندما اعتبرت أن الإعلان في مواجهة
المحل المختار يترتب عليه الانعدام :
كان من عماد الحكم المطعون فيه وركيزته الأساسية مبتنياً على مرجعية قانونية خاطئة وهي أنه إذا تم الإعلان في الموطن المختار فإن هذا الإعلان يترتب عليه البطلان.. ومن ثم فهو منعدم... ولذلك فإنه يجوز رفع دعوى مبتداة بالانعدام.!!!
وإذا كانت المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات قد أوضحت ـ في خصوص المادة 12 ـ أن الخصم الذي يلزمه القانون بيان موطن مختار فلا يفعل أو يكون بيانه ناقصاً أو غير صحيح يتعذر معه الاهتداء إليه يصح إعلانه في قلم الكتّاب
{وإذا ألغى الخصم موطنه الأصلي أو المختار ولم يخبر خصمه بذلك صح إعلانه فيه وتسليم الصورة عند الاقتضاء إلى جهة الإدارة}
مادة 12 مرافعات.
وقد ذهب قضاء محكمة النقض إلى أن:
{بيان موطن مختار للمدعي في البلدة التي بها مقر المحكمة إذا لم يكن له موطن أصلي بهذه البلدة وقد هدف المشرع من وجوب هذا البيان تمكين الخصم من إعلان المدعي بالأوراق المتعلقة بالدعوى في موطنه المختار والكائن بالبلدة التي تقع بها المحكمة مادام ليس له موطن أصلي فيها أي أنه قصد التيسير على المدعي ومن ثم فإنه وإن جاز للمدعي عليه التمسك بعدم الاحتجاج عليه به فإنه لا يجوز للمدعي أن يحتج بعدم صحة إعلانه فيه }.
(نقض جلسة 23/4/1968 طعن 374 لسنة 31ق)
وإذا كانت المادة العاشرة من قانون المرافعات نصت على أنه يجوز تسليم الإعلانات في الموطن المختار.
وفي ذلك تقول محكمة النقض:
{ليس في القانون ما يمنع من إعلان الخصم في الموطن المختار لتنفيذ عمل قانوني معين متى كان هذا الموطن المختار ثابتاً بالكتابة ما لم يفصح المراد إعلانه كتابة عن إلغاء هذا الموطن وإذا كان الثابت بالأوراق إن إعلان الطاعنين بصحيفة الدعوى وجه إليهم من مكتب وكيلهم المطعون ضده الثاني المتفق على اعتباره موطناً مختاراً لهم بالمحرر سند الدعوى والمبرم بين المطعون عليه الأول والمطعون عليه الثاني بصفته وكيلاً عنهم وكان هذا الإعلان متعلقاً بهذا الاتفاق وكان الطاعنون لم يفصحوا عن إلغاء هذا الموطن المختار.. فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه يكون على غير أساس}.
"نقض جلسة 18/1/1979 - م نقض م 300 العدد الأول - 293"
وباستقراء واقع الاستئناف ـ المقضي بانعدامه ـ نجد أن الطاعن قام بإعلان صحيفة الاستئناف ثلاث مرات.
· المرة الأولى حيث تم إعلان الخصم في موطنه المختار.
· والمرة الثانية حيث تم إعلان الخصم في مقر القنصلية التي يتبعها.
· والمرة الثالثة عن طريق وزارة الخارجية وفقاً للمادة 13 مرافعات.
ولذلك لو فرض وكان الإعلان باطلاً في أحدهم إلا أن هذا لا يترتب عليه البطلان في باقي الإعلانات ويصبح الإعلان عن طريق وزارة الخارجية بمنأى عن الطعن فيه.
فضلاً عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه ذهب في تقريرات خاطئة إلى
( أن المقرر أنه يجب إتباع إجراءات الإعلان المنصوص عليها في كل بند من بنود المادة 13 مرافعات دون الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 10 ،11 مرافعات و إلا وقع الإعلان باطلاً...)
أي أن الحكم انتهى إلى أن البطلان هو الذي يصيب المخالفة الإجرائية للمادة 13 مرافعات – وهو بطلان نسبي متعلق بشخص من لحق به البطلان دون غيره.
ثم استطرد الحكم بأنه:
(لم يتم إعلان صحيفة الاستئناف للمحكوم له وفق صحيح القانون ومن ثم يكون الحكم منعدماً...)
وهذه النتيجة مغايرة تماماً للمقدمة الأولى إذ أنه بما أن الإعلان باطلاً وبما أن هذا البطلان نسبي فإنه لا يمكن أن يترتب الانعدام على "البطلان".
ولذلك فإن الحكم بتقريره الانعدام على حالة من الحالات التي لا يترتب عليها إلا البطلان عليها يكون قد أخطا في تطبيق القانون ويتعين نقضه لهذا السبب.
ثانياً:الخطأ في تطبيق القانون:
أ- عندما قضت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة الجزئية قيمياً بنظر الدعوى وفقاً لنص المادة 275 مرافعات.
ب- وعندما رفضت المحكمة الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون استناداً إلى أنها منازعة تنفيذ موضوعية.
كان من دفوع الطاعن أمام درجات التقاضي التي تقلبت الدعوى عليها الدفع بعدم اختصاص المحكمة الجزئية قيمياً بنظر الدعوى وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.
وإذا بالمحكمة الاستئنافية تتجه في ردّها على هذين الدفعين اتجاهاً مخالفاً لصحيح القانون إذ ذهبت بخصوص الدفع الأول إلى أن المحكمة الجزئية مختصة لأنها نظرتها كمنازعة تنفيذ موضوعية!!! وإلى أن القانون لم يشترط طريقة ما لرفع دعوى المنازعة الموضوعية في التنفيذ إذ أنها ترفع بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى!!!.
أ. وما ذهبت إليه المحكمة الاستئنافية ـ كما ذكرنا ـ يخالف صحيح القانون إذ أن المنازعة التي طرحت أمام المحكمة الجزئية ليست من ضمن منازعات التنفيذ الموضوعية وإنما هي دعوى مبتدأة بانعدام حكم وبطلان عقد بيع ثم وضع رافع الدعوى طلباً ملحقاً بطلباته الأصلية هو الاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر في دعوى الإخلاء "المصطنعة" ليصبغ الدعوى بصيغة "المنازعة الموضوعية" إلا أن مرامي المطعون ضده الأول وغاياته لم تنصرف إلا إلى طلب الحكم بانعدام حكم ليس هو بذاته سند التنفيذ وإنما قد يترتب على الحكم بانعدامه أن يصبح الحكم الآخر قابلا للتنفيذ وعلى هذا فإنه كان ينبغي عليه ألا يخلط هذا بذاك وإنما إن كان لديه مقتضى قانونيا أن يلجأ للمحكمة المختصة فيستصدر حكما بالانعدام ثم يلجأ بعد ذلك لقاضي التنفيذ بحسب إنه المختص ولائياً فيطلب منه الاستمرار في تنفيذ حكم الإخلاء لأن الحكم الذي أوقفه قضي بانعدامه والمستقر عليه قضاءً وفقهاً أنه لا يجوز أمام قاضي التنفيذ
(التمسك بسبب للمنازعة يتعارض مع ما للحكم من حجية فالحكم القاضي له حجية فيما قضي به بين الخصوم في الدعوى ولهذا ليس للمدين أن ينازع في التنفيذ على أساس أن الحكم باطل لعيب إجرائي...).
" التنفيذ الجبري د. فتحي والي 1988 ص 609"
فإذا كان الأمر كذلك وكانت الدعوى المبتدأة من المطعون ضده الأول قد أقيمت أمام محكمة جزئية "قاضي التنفيذ الموضوعي" وكانت الطلبات المبداة فيها هي "الحكم بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 633 لسنة 1997 مستأنف شمال القاهرة..."
وسبب طلبه هو ادعاءه عدم خصومة الاستئناف وبالتالي انعدام مبدأ المواجهة وهو ما يؤدي في زعمه ـ على حسب صحيفة دعواه ـ إلى انعدام الحكم فهي إذن دعوى بالانعدام ـ وقد استجابت المحكمة لطلبه هذا ـ ثم أضاف المطعون ضده في دعواه المبتدأة طلباً ببطلان عقد ملكية الطاعن بزعم أنه لاحق لعقد ادّعاه لنفسه وعقد الملكية المراد بطلانه صادر به حكم من محكمة ابتدائية وقيمته أكبر من نصاب المحكمة الجزئية... فما هي المحكمة المختصة ولائياً وقيمياً بنظر هذه الدعوى هل هي المحكمة الجزئية أو قاضي التنفيذ الموضوعي أو المحكمة الابتدائية؟ وهل يؤثر في الاختصاص كون أن الحكم إذا انعدم ترتب على هذا تنفيذ حكم الإخلاء ـ الصوري ـ.
المستقر عليه أن المحكمة الابتدائية هي المختصة بنظر الدعوى محل الطعن وذلك وفقاً للآتي:
أ. الرأي الراجح هو:
"أن المحكمة المختصة بنظر دعوى عدم الاعتداد أو الانعدام هي المحكمة التي أصدرت الحكم المطلوب انعدامه وذلك لأن المحكمة بإصدار حكم معدوم لا تستنفذ ولايتها بالنسبة للنزاع وبعبارة أخرى لا تنتهي مهمة المحكمة إلا بإصدار الحكم في الدعوى سواء أن كان صحيحاً أم قابلاً للبطلان إنما لا تنتهي مهمتها بإصدار الحكم في الدعوى ومن ثم فالدعوى بطلب انعدام حكم ترفع إلى ذات المحكمة التي أصدرته بطلب سحبه وإعادة النظر في الموضوع إن شاء صاحب المصلحة"
(نظرية الأحكام في قانون المرافعات – أحمد أبو الوفا طبعة رابعة ص 233)
ووفقاً لهذا الرأي فإن المحكمة المختصة ينبغي أن تكون المحكمة الابتدائية لأن الحكم المطلوب انعدامه صادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية.
ب. وذهب رأي إلى:
"أن دعوى الانعدام أو عدم الاعتداد بحكم هي دعوى غير مقدرة القيمة تأسيساً على عدم إمكان تقدير قيمة مالية لها ومن ثم تكون من اختصاص المحكمة الابتدائية في جميع الأحوال"
(المرجع السابق ص 322)
ج. وذهب رأي ثالث إلى:
"إن المحكمة المختصة يتم معرفتها بعد تقدير قيمة الدعوى التي صدر فيها الحكم المراد القضاء بانعدامه"
(جميع هذه الآراء مفصلة في الكتاب القيم "نظرية الأحكام في قانون المرافعات للدكتور العلامة أحمد أبو الوفا ص 322 وما بعدها)
ووفقاً لما سلف تكون المحكمة المختصة قيمياً بنظر الدعوى هي المحكمة الابتدائية ويكون الحكم المطعون فيه أخطاء في تطبيق القانون عندما اعتبر أن المنازعة طالما أنها منظورة أمام قاضي التنفيذ الموضوعي فهو مختص حتى لو كان الطلب المبدى أمامه يخرج عن نطاق اختصاصه.
2. أما عن الدفع الثاني الذي أخطأ الحكم الطعين في الرد عليه فهو الدفع بعدم القبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون وكانت حجة هذا الدفع الدامغة هو أنه لو فرض جدلاً وكان هناك عيب أصاب الإعلان فإن هذا لا يؤدي حتماً إلى انعدام الخصومة ويكون لصاحب المصلحة الدفع ببطلان الصحيفة أمام المحكمة التي تنظر النزاع أو الطعن في الحكم الصادر أمام محكمة الطعن أيا كانت إلا أنه لا يجوز له أقامة دعواه مبتداة بالبطلان، فضلاً عن أن الشراح وأحكام المحاكم قد فرقت بين العيب المعدم للحكم والعيب المبطل له فالدعوى التي يصدر فيها حكم لم تعلن صحيفتها على الإطلاق يكون معدوماً أما التي يتم إعلان صحيفتها بطريقة مخالفة للقانون أو لعيب في الإعلان فإنه لا يترتب على ذلك انعدام الحكم ولكن يترتب بطلانه فقط.
ووفقاً لذلك فإنه لا يجوز إقامة دعوى مبتداة بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في دعوى تم إعلان صحيفتها بالمخالفة لأحكام قانون مرافعات لأن ذلك (الحكم يعد قائماً مرتباً كل آثاره القانونية إلى أن يحكم ببطلانه أمام محكمة الطعن)
"نظرية الأحكام – أحمد أبو الوفا طبعة رابعة ص 319"
فإذا كان المطعون ضده لم يُعيّب على الإعلان إلا مخالفته لنص المادة 10 مرافعات والمادة 13/9 مرافعات ووجه نقده للإعلان متهماً إياه بالبطلان فلا يجوز له إقامة الدعوى ابتداء بالانعدام ويكون الحكم إذ تبنى منطقه قد أخطأ في تطبيق القانون.
السبب الثالث:
الخطأ في تطبيق القانون عندما استند إلى المادة 146 مدني في رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وأنه قام بشراء الشقة من المطعون ضده الثاني بعقد ابتدائي مؤرخ 22/10/1997 مصدق عليه من وزارة الخارجية المصرية وأن الملكية آلت لسلفه بالشراء بعقد مؤرخ 8/1/1978.
أوقع الحكم الطعين نفسه في صدع لا ترأبه موائمة أو ترجيح إذ استند للمادة 146 مدني والتي تنقل الحقوق والالتزامات إلى الخلف من السلف وأدى هذا إلى الحكم تبني منطق أن السلف كان مالكاً بعقد ابتدائي مؤرخ 8/1/1987.
فكان الركيزة القاطعة لدى الحكم هو أنه بما أن السلف كان مالكاً بعقد ابتدائي فله الحق في نقل الحقوق والالتزامات إلى الخلف فيكون له الحق في رفع الدعوى المبتداه وتكون له صفة.
وما ذهب إليه هذا المنطق يخالف صحيح القانون إذا أن السلف ـ المطعون ضده الثاني ـ لم يكن مالكاً على الإطلاق لشقة النزاع ولم يقدم عقده المزعوم وقدم صورة ضوئية لعقد زعم أنه له وكانت الصورة الضوئية خالية من توقيع البائعة له فكيف تستند المحكمة إلى هذا العقد بزعم أنه ينقل الحقوق للآخرين؟؟؟
ويقيناً فإن الثابت ـأو الأثبت ـ في موضوع الطعن أن الحكم الصادر في "استئناف الإشكال" الذي قضى بانعدامه صدور المطعون ضده الثاني الذي لم يمتلك شقة النزاع ولا يقدح في هذا ما يدعيه المطعون ضده الأول ـ وسايره في ذلك الحكم ـ أنه سجل ما ادعى أنه عقد في وزارة الخارجية لدولة عمان وذلك لأن الملكية لا تنصب على شقة كائنة بعمان بل شقة كائنة بمصر الجديدة ولأن وزارات الخارجية ليست هي الجهات التي أعطاها القانون الحق في تسجيل العقود كما أن وظيفة المطعون ضده الثاني، هورئيس وزراء عمان ورئيس الديوان السلطاني وإبنه الأكبر هو سفير سلطنة عمان في مصر والمطعون ضده الأول هو المستشار القانوني للسفارة ـ منتدباً من وزارة العدل حيث أنه يعمل مستشارا بمحكمة الإستئناف ـ فليس من العسير على أيهم تحرير عقد وتوثيقه لا في السفارة أو وزارة الخارجية فقط بل وفي الأمم المتحدة أيضا!!!
فإذا كانت المحكمة قد استندت في ردها على الدفع بأن الملكية ثابتة للمطعون ضده الثاني الذي نقلها للمطعون ضده الأول بحقوقها والتزاماتها وكان الثابت أن المطعون ضده الأول لم يمتلك شقة النزاع وليس بيده سند الملكية المزعوم ولم يقدم هذا السند المزعوم فيكون "سُلم نقل الملكية" الذي صعد عليه الحكم وصولاً إلى إضفاء الصفة على من لا صفة له قد هوى بمن صعد عليه ويكون الحكم قد أخطأ بهذه المثابة في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه لهذا السبب.
السبب الرابع:
الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب عندما لم يرُد الحكم على دفعين رئيسيين جوهريين الأول هو عدم جواز التنفيذ لسبق التنفيذ على المحكوم عليه في "الإخلاء" حيث تم إخلاءه بحكم آخر.
والثاني هو حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية حيث ثبت بحكم قضائي جنائي ونهائي بات انعدام ملكية المطعون ضده الثاني.
كان من دفوع الطاعن الجوهرية والتي أورد تفصيلها بمذكرات دفاعه العديدة المقدمة أمام درجات التقاضي المختلفة لهذا النزاع دفعاً رئيسياً فاصلاً هو:
1. عدم جواز التنفيذ بحكم الإيجارات سند المطعون ضده الأول إذ أن هذا الحكم صادر ضد شخص يدعى فؤاد علي السيد وإذا قام الطاعن بشراء الشقة محل النزاع من المالكة الأصلية لها ولا يعلم شيئاً عن أي من المتنازعين معه على الملكية وهو مشتري حسن النية. ونظراً لأنه فوجئ بأغراب عنه يقيمون بشقة النزاع فقد استصدر ضد المالكة حكماً في الدعوى رقم 13537 لسنة 1989 مدني كلي شمال القاهرة بصحة ونفاذ العقد وأصبح هذا الحكم نهائياً وباتاً ومعبراً عن الحقيقة ثم قام الطاعن بتسجيل هذا الحكم بشهر عقاري شمال القاهرة تحت رقم 995 لسنة 1991 فأصبح حجة على الكافة بعد أن كان حجة على طرفيه وأصبح بذلك هو المالك الوحيد والمنفرد لهذه الشقة، وحدث أن امتنعت المالكة البائعة عن تسليم الشقة المبيعة للمشتري ـ أو عجزت عن تسليمها ـ فتقدم الطاعن بأوراق التنفيذ للمحضرين لتنفيذ الحكم سالف الذكر حيث فوجئ بعدد من الأشخاص يستشكلون في تنفيذه وكان من بينهم فؤاد علي السيد ـالمطعون ضده الثالث ـ ولم يلتفت الطاعن إلى أسماء هؤلاء المستشكلين واعتقد أن الأمر مجرد عرقلة تنفيذ، وبالفعل رُفضت هذه الإشكالات جميعها بما فيها إشكال فؤاد علي السيد، وتم تنفيذ الحكم في مواجهته، وتم إخلاءه بالفعل من العين في 8/7/1990 واستلم الطاعن الشقة محل النزاع وأصبح منتفعاً بالإقامة فيها ويكون الحكم بهذه المثابة وباستشكال فؤاد على السيد فيه قد تم تنفيذه ضده وفي مواجهته بل وأصبح المطعون ضده الثالث منقطع الصلة عن الشقة... أفيجوز إخلاءه منها مرة ثانية؟؟؟.
وإذا كان الحكم سند المطعون ضده الأول صادر بإخلاء شخص ثم التسليم بعد الإخلاء وكان قد تم إخلاء الشقة ممن أريد إخلاءه منها بالفعل فيكون قد انعدم طرف من أطراف التنفيذ وهو المنفذ ضده.
وقد ثبت أمام محاكم النزاع المختلفة إخلاء فؤاد على السيد من شقة النزاع بالفعل وقدم المطعون ضده الأول تحري من قسم مصر الجديدة ثبت من خلاله أن فؤاد علي السيد قد تم إخلاءه من الشقة وتركها إلى مكان مجهول لا يعلمه أحد، وقد قدم المطعون ضده الأول هذه الشهادة بيمينه هو لا بأيدينا وهي من مستنداته المقدمة أمام المحكمة الجزئية.
ولما كان هذا الدفع من الدفوع الرئيسية والجوهرية وقد أبداه الطاعن في أكثر من موضع في مذكرات دفاعه العديدة وقرع سمع المحكمة إلا أنها أغفلت الرد عليه والتفتت عنه مخلة بحق الطاعن في الدفاع، ومن المقرر وبلا خلاف أنه تقديراً للأهمية البالغة لتسبيب الأحكام، وتمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة سلامة تطبيق القانون أوجب المشرع على المحاكم أن تورد في أحكامها ما أبداه الخصوم من دفوع وما ساقوه من دفاع جوهري ليتسنى تقدير هذه الدفوع، وهذا الدفاع ثم إيراد الأسباب التي تبرز ما اتجهت إليه المحكمة من رأي، وفي ذلك تقول محكمة النقض:
{القصور في أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم فعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه تقديراً للأهمية البالغة لتسبيب الأحكام وتمكيناً لمحكمة النقض لمراقبة سلامة تطبيق القانون على ما صح من وقائع أوجب المشرع على المحاكم أن تورد في أحكامها ما أبداه الخصوم من دفوع وما ساقوه من دفاع جوهري حتى يتسنى تقدير هذا وتلك في ضوء الواقع الصحيح للدعوى }.
"نقض مدني جلسة 26/11/1984 طعن رقم 85 لسنة 54ق"
فإذا كان الدفع من الدفوع الرئيسية ويتغير به وجه الرأي في الدعوى وقد التفتت المحكمة عن إيراده في أسباب حكمها أو الإشارة إليه ومن ثم التفتت عن الرد عليه فظل معلقاً في سقف الدعوى بلا رد ولا تعقيب مما يتعين معه نقض الحكم لهذا السبب.
2. وكان الدفع الثاني الذي قرع سمع المحكمة هو حجية الحكم الجنائي الصادر بانتفاء ملكية سلف المطعون ضده الأول والذي يترتب عليه انهيار كافة الأسباب الواقعية التي قامت عليها دعوى المطعون ضده الأول إذ أنها ارتكنت إلى ملكية مدعاة لحمد بن حمود ومن ثم ملكية منتقلة للمطعون ضده الأول وهو الأمر الذي فصلت فيه محكمة الجنح المستأنفة التي قضت في الحكم الصادر في الجنحة المستأنفة برقم 6006 لسنة 93مستأنف شرق القاهرة ـ والحكم مقدم بحافظة مستنداتنا ـ والذي جاء في حيثياته {أنه بالرغم من تأجيل الدعوى لأكثر من مرة لكي يقدم المجني عليه المستند المجحود صورته وهو عبارة عن عقد بيع صادر له من المتهمة إلا أنه لم يقدمه وأن الأوراق مليئة بالتناقض البين حيث ذكر أنه اشترى العين من المتهمة وتارة أخرى يقرر أنه اشتراها من المدعو/ موسى عبدالرحيم الفيري الذي سبق أن اشتراها من وكيل المتهمة وأن حجر الزاوية في الدعوى هو أصل عقد البيع والذي عجز المجني عليه عن تقديمه رغم تأجيل الدعوى أكثر من مرة لذات السبب مما يضحي معه أقواله ما هي إلا أقوال مرسلة غير مؤيدة بدليل..}
وقد فصل الحكم الجنائي بذلك في الأساس المشترك للدعويين وصحة إسناد الاتهام للمتهمة وقطع بأن المتهمة لم تبع الشقة مرتين مما مفاده عدم بيعها للمدعو حمد بن حمود آل حمد ـ المطعون ضده الثاني ـ ولذلك فإن هذا الحكم يقيد فيما قضى به المحكمة المدنية "ويمتنع عليها إعادة بحث الملكية التزاماً منها بحجية الحكم الجنائي الحائز لقوة المر المقضي"
"الطعن رقم 44 لسنة 36ق جلسة 26/2/1972 س 23 ص 255"
ولما كان هذا الدفع الجوهري قد طرح أمام المحكمة في جميع مذكرات الدفاع وفي صحيفة الاستئناف وكان صريحاً وواضحاً وهو من الدفوع الجوهرية التي يتغير به وجه الرأي في الدعوى إن التفتت إليه المحكمة وتنبهت لوجوده إلا أن المحكمة غفلت عن إيراد هذا الدفع أو الرد عليه صراحة أو ضمناً وفي هذا ذهبت محكمة النقض إلى أنه:
"إذا كان الحكم المطعون فيه لم يشر إلى هذا الدفع وجاءت أسبابه الواقعية خلواً من الفصل فيه فإنها تكون مشوبة بقصور من شانه إبطال الحكم مما لا يغير من احتمال أن يسفر ذلك الفصل عن عدم سلامة الدفع".
"نقض 26/5/1992 طعن 106 لسنة 95ق"
ويكون الحكم بهذه المثابة قد صدر قاصراً في تسبيبه مخلاً بحق الطاعن في الدفاع مما يتعين معه نفض الحكم لهذا السبب.
السبب الخامس:
الفساد في الاستدلال والقصور في البيان عندما رد على الطلب المبدى من الطاعن بجحد جميع الصور الضوئية لمستندات المطعون ضده الأول بما فيها سند ملكية سلفه بأن المطعون ضده الأول قدم أصل عقد ملكيته هو بما يعني اعتبار طلب جحد الصور الضوئية حابط الأثر:
قدم المطعون ضده الأول العديد من الصور الضوئية لمستندات غير حقيقية وقد جحدناها أمام محكمة أول درجة بما يعني أن هذه المستندات تعتبر غير مطروحة على المحكمة. وقد حصلت المحكمة الجزئية في بادئ الأمر هذا الدفع تحصيلاً سليماً وأعادت الدعوى للمرافعة كي يقدم المدعي ـ المطعون ضده الأول ـ أصول المستندات إلا أنه لم يقدم إلا أصلاً واحداً فقط هو سند شراءه لشقة النزاع من الشخص الذي ادعى أنه مالكاً وهو المطعون ضده الثاني وكان عقد هذا السلف قد استعصى على الظهور واختفى في جميع مراحل الدعوى، وكانت الصورة الضوئية المجحودة هي فقط التي تم تقديمها فكان من بديهيات الأمور أن يجحدها الطاعن ـ وقد فعل ـ وكان من الطبيعي أن يقدم صاحبها أصلها ـ إن كان لها وجود ـ لأنه سيترتب عليها نقل الحقوق المترتبة عليها إلى الخلف عبد المعطي زيتون فإذا انعدمت انعدم الخلف بالكلية لأنه "لا خلف لمنعدم أو باطل".
ولذلك فقد صمم الطاعن أمام المحكمة الجزئية على جحد جميع الصور الضوئية، وإذا بالمحكمة الجزئية في أسباب حكمها تُحصل هذا الطلب تحصيلاً خاطئاً إذ تعتقد أن المطعون ضده الأول هو الذي جحد الصور الضوئية المقدمة منا ـ ونحن لم نقدم صوراً ضوئية ـ وتذهب إلى أنه بما أننا لم نقدم الأصول فنكون عجزنا عن الإثبات لذلك قضت المحكمة بطلبات المدعي!!.
وأمام المحكمة الاستئنافية أوضحنا الخلط والشطط الذي وقعت فيه المحكمة الجزئية وصممنا على الاستمرار في جحدنا للصورة الضوئية ومنها العقد المزعوم لحمد بن حمود آل حمد ـالمطعون ضده الثاني ـ ولم يقدم أحد أصل هذا العقد فظلت الدعوى المقامة من المطعون ضده الأول تعرج على ساق واحدة بلا سند يقيمها، ولا عقد يحميها، بيد أننا فوجئنا بالحكم الطعين يتبنى منهجاً غير سديد إذ ذهب إلى أن هذا الطلب مردود عليه بأن المطعون ضده الأول قدم أصل عقده وأن هذا الأصل موثق في الخارجية العمانية وأن وجود هذا الأصل يعني أن الصورة الضوئية لعقد سلفه تتحول إلى أصل!!! بمفردها دون حاجة لتقديم أصل لها!!.
وهذا المنطق الذي ذهبت إليه المحكمة حوى في طياته أعظم استدلال فاسد في تاريخ القضاء وقد ساهم هذا الاستدلال الفاسد في تشكيل عقيدة المحكمة لأنه اعتقد بهذا أن أصل عقد المطعون ضده الثاني مقدم في الدعوى ـ وهو غير مقدم ـ وأقام على أساسه "تخريجة" المادة 146 مدني ثم أقام أفضلية مزعومة لهذا العقد الضوئي "المختفي" على العقد المسجل الصادر به حكم.
ولما كان هذا المنطق قد وقع في "حمأة الاستدلال الفاسد" واعتراه القصور في البيان الأمر الذي يترتب عليه حتماً نقض الحكم.
السبب السادس:
الفساد في الاستدلال والقصور في البيان عندما رفضت المحكمة الدفاع الجوهري المبدى بشأن الحكم الجزئي بأنها لم تفصل في الطلب العارض بمقولة أن الحكم ثبت فيه بأن "المدعي عليها الثالثة" المطعون ضدها الرابعة" لم تقم بالإدخال ولم تعلن الدعوى الفرعية:
وهذا السبب من أعجب العجائب إذ أننا قمنا بتعييب الحكم الجزئي لأنه في أسبابه هو لم يفصل في دعوى فرعية أقمناها وطلب إدخال طلبناه رغم أن أوراق الدعوى ـ لا الحكم ـ تثبت بجلاء أننا سددنا رسم الدعوى الفرعية وقمنا بإعلان الخصوم بطلباتنا فيها وقمنا بإدخال الخصم المراد إدخاله وأصبح من أطراف الدعوى ومثل عنه وكيل ثم مثل عنه وكيل أمام محكمة الاستئناف ثم إذا بالمحكمة الاستئنافية تضن علينا "بالقليل" وترد علينا بما ورد في الحكم المعيب ـ لا بما جاء بأوراق الدعوى ـ وتذهب في حكمها إلى "أن الحكم المستأنف ثبت به بأنه بجلسة 8/2/1998 طلب الحاضر عن المدعي عليها الثالثة إدخال سلف المدعي وادعى فرعياً بطلب...إلخ" واستأجل الإعلان وأن المدعى عليها الثالثة لم تقم بالإدخال أو الإعلان بالدعوى الفرعية، إلا أننا بالرجوع إلى أوراق الدعوى نجد أنه بعد جلسة 8/2/1998 قام الطاعن بإدخال المطعون ضده الثاني والذي أصبح من وقتها طرفاً في الخصومة ثم قام بسداد رسم الطلب العارض وأعلنه لباقي الأخصام في الدعوى وقد خلا الحكم الجزئي من بيان هذه الحقيقة وذهب في مقولة تخالف الواقع إلى أن المطعون ضدها الرابعة لم تُدخل ولم تسدد رسم الطلب العارض ولم تعلن الطلبات!!!
ولذلك فإن الحكم المستأنف لم يستطع الارتكان في رده على هذا الطلب إلى ما ورد أو بالأحرى ما جاء في أوراق الدعوى إذ أن أوراق الدعوى تؤكد عدم صحة ما ذهب إليه الحكم فما كان من الحكم المستأنف إلا أن يرتكن إلى الحكم المعيب وإلى أسباب الحكم المعيب للرد على الخطأ المنعي على الحكم المعيب.
ولما كان الحكم الاستئنافي قد عمد إلى الاستدلال الفاسد لينجو من مغبة الإخلال بحق الدفاع إذ أنه أراد أن يبدو كمن كان واضحا في تسبيبه كاملاً في بيانه ليكون بمنأى عن الطعن عليه بعيب الإخلال بحق الدفاع فوقع في براثن الفساد في الاستدلال بما يتعين نقضه.
طلب وقف التنفيذ
يتضح من أسباب الطعن الماثل مدى جسامة ما تردى فيه الحكم المطعون فيه من أخطاء مما يرجع معه نقضه وكان تنفيذ الحكم المطعون فيه قبل الفصل في موضوع الطعن ما يترتب عليه أضرار بالغة بالطعن وبأسرته يتعذر تداركها ومن ثم فإنه يكون قد توافر موجب طلب وقف التنفيذ عملاً بنص المادة 251 مرافعات لحين الفصل في موضوع الطعن.
بناء عليه
يلتمس الطاعن الحكم:
أولاً:
وبصفة وقتية وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع هذا الطعن مع إلزام المطعون ضدهم الثلاثة الأول المصروفات ومقابل الأتعاب عن هذا الطلب.
ثانيا:
الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء الحكم المطعون فيه وإحالته إلى محكمة استئناف القاهرة للقضاء في موضوع الدعوى الأصلية والطلب العارض في ضوء طلبات الطاعن أمام دائرة أخرى وفي جميع الأحوال إلزام المطعون ضدهم الثلاثة الأول المصروفات وأتعاب المحاماة عن درجات التقاضي.
وكيل الطاعن
ثروت عبد الباسط الخرباوي
المحامي بالنقض