اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
الوسط
التاريخ
10/7/2006 3:50:05 PM
  ياسيدي ياغايتي أشكو إليك وجيعتي للأستاذ ثروت الخرباوي      

يسعدني أن أضع للمنتدى مقالة للأستاذ ثروت الخرباوي يبث فيها شجونه إسمها ...... ياسيدي ياغايتي أشكو إليك وجيعتي............ وقد نشرت بعض الصحف والمنتديات هذه المقالة وقد رأيت أنها مناسبة للأحداث التي تمر بنا في هذه الأيام ....
يا سيدى ... يا غايتى

أشكوا إليك وجيعتى

سيدى وحبيبى وتاج رأسى محمد بن عبد الله النبى الأمى عليك الصلاة وأزكى السلام.
بعد حمد الله والصلاة والسلام عليك يا رسول الله .... وبلا مقدمات ، هل تسمح لى بأن أتجرأ وأتطفل على مقامكم الكريم وأرسل إليك هذه الرسالة ... ولعل ما دفعنى إلى كتابتها هو أننى أعرف انك يا سيدى أفضل خلق الله سماحة وسعة صدر ، فمما لا شك فيه أننى قد لا أستطيع مخاطبة حاكم أو وزير أو حتى رئيس مجلس إدارة شركة مفلسة ... ولكننى والحمد لله أستطيع أن أخلوا إلى نفسى وأكتب إليك ما يعتمل فى مشاعرى وأشكو إليك ما حدث فى أمتك ... أو على الأصح ما حدث من أمتك ، أستطيع أن أكتب إليك دون أن أخشى لوم اللائمين أو تقعر المتقعرين أو إنفلات المنافقين ، وأكاد أنظر إلى نفسى وأنا أقول إلى هؤلاء وهؤلاء ... إتركونى أتحدث مع حبيبى صلى الله عليه وسلم فلا ريب أننى لو كنت قد عشت فى زمن الرسالة لكان من السهل والميسور أن أدخل يا سيدى إلى مسجدك أو إلى بيتك أو أن أقابلك فى طرقات المدينة و أجلس معك وأتحدث إليك بما فى مكنون مشاعرى دون أن يوقفنى حاجب أو يمنعنى حارس , مازلت أذكر يا رسول الله صلى الله عليك وسلم حديثك الذى خاطبت به أعرابياً قابلك فى طرقات المدينة فإحمر وجهه وإرتعشت يداه من مهابتك فما كان منك يا حبيبى يا رسول الله إلا أن قلت له "هون على نفسك فإننى إبن إمرأة كانت تأكل القديد بمكة" ، لذلك فإننى عندما أتحدث إليك الأن أكاد أشعر بلمسات يدك الحانية وهى تربت على رأسى ، وأكاد أرى إبتسامتك الهادئة وهى تملؤ قلبى بالطمأنينة والأمان.
لم تكن أبداً يا رسول الله صلى الله عليك وسلم فظاً أو غليظ القلب ، ولم تكن سباباً أو لعاناً أو فاحشاً أو بذيئاً ، بل نهيتنا عن سوء الخلق وأمرتنا بالحياء ، وقالت عنك أمنا أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها " كان خلقه القرآن " وما كنت تخير بين أمرين إلا وقد إخترت أيسرهما ، وكنت حليماً صبوراً رحيماً بالمؤمنين ... ورحيماً بالعالمين رؤوفاً عادلاً لا تفرق بين فاطمة إبنتك وبين غيرها من المسلمين .... عفواً يا سيدى يا رسول الله لقد إستطردت فى الحديث دون أقدم نفسى ... فأنا من أمتك ... أقصد أننى من المفروض أن أكون من أمتك ، ولكننى أنظر إلى حالى فأجدنى وقد إبتعدت عن طريقك وأنظر إلى الأمة فأجدها وقد حادت عن الحق ، لذلك فإننى أستطيع تعريف نفسى بأننى أنتمى إلى هذه الأمة التى من المفروض أن تكون أمتك ، وأننا نعيش الأن بعد مرور أربعة عشر قرناً من هجرتك ، كما أستطيع أيضاً أن أقول – ويا أسفى على ما سأقول – أن معظمنا فى زمننا ينتمى إلى الإسلام بالميلاد ... ولدتنا أمهاتنا فوجدنا أنفسنا مسلمين ... هكذا بقدر الله ، ومعظمنا يا حبيبى يا رسول الله يقيمون الشعائر التعبدية ، إلا أنهم يقيمونها لأنها أصبحت عادة لا بحسبها عبادة !!! فالعبادة فى زمننا أصبحت عادة ، فنحن نصوم رمضان ... عادة ، ونصلى الصلوات الخمس ... عادة ، ونذهب للحج والعمرة ... عادة ، وهكذا.
ولكن يبدو أن مرور أربعة عشر قرناً على بعثتك جعلتنا ننسى مقاصد الشريعة الإسلامية ، بل يبدو أننا نسينا الإسلام نفسه !!! عذراً يا حبيبى يا رسول الله عذراً يا من صلى الله عليه وسلم ، فإننا الأن فى هذا الزمن وإن كنا كثرة إلا أننا كغثاء السيل ... هكذا حدثتنا أنت يا سيدى وهكذا أخبرتنا ... أنه سيأتى زمن نكون فيه كغثاء السيل حيث تتكاثر علينا الأمم ... الأن توجد دولة واحدة إسمها أمريكا هى التى تفعل بنا الأفاعيل وتتعلق بها أنظارنا ويخاف منها حكام المسلمين ... أما باقى شعوب العالم فقد تجرأت علينا كما لم يتجرأ علينا أحد من قبل ، حتى أن الدول الصغيرة التى لا قيمة لها جعلتنا أضحوكة وأخذت تستهزئ بنا ووصل الأمر بهم إلى أن شتموك يا حبيبى يا رسول الله ، شتموك بسببنا وبسبب ضعفنا ولقلة حيلتنا ... شتموك – قطع الله ألسنتهم – أكاد أجزم بأننا السبب فى كل ما حدث ، فقد هُنا على أنفسنا فَهُنّا على العالمين ، أنظر إلى واقعنا فأجده واقعاً ... واقعاً ( أى من الوقوع والتردى ) وإذا بالفساد وقد ساد وصاحب السلطة ذهب بالذهب ، والمنافق مال لمن عنده مال ، وأه من المنافقين ... فى زمن الرسالة كان الناس يعدون المنافقين على أصابع اليد حتى أنك يا رسول الله صلى الله عليك وسلم أخبرت أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة بأسماء المنافقين فى المدينة ... والغريب أن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان عندما يقابل أبا عبيدة يسأله عن أسماء هؤلاء المنافقين مخافة أن يكون منهم ... يا الله ... ألهذا الحد !! أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو من هو يخاف أن يكون أسمه من ضمن المنافقين ؟! الأن نستطيع أن نعد المؤمنين حقاً على أصابع اليد الواحدة ، بل إنك لو بعثت فى زمانناً يا حبيبى يا رسول الله وأخبرت أحدنا بأسماء المؤمنين لوجدنا من يخاف أن يكون اسمه من بينهم إذ أن مآله الحتمى إما إلى الهلاك وإما إلى مستشفى الأمراض النفسية.
حتى تلك الجماعات التى نادت بأعلى صوتها وقالت الإسلام ديننا .. الإسلام يحكمنا ... الإسلام رايتنا.... أقول لك يا حبيبى يا رسول الله أننى – ويا أسفى على ما يفعلون – وجدت فيهم من لا يغادر القرأن تراقيهم ، ولا يصل إلى قلوبهم ، ووجدت منهم من يتمسك بالشكليات التى لا تقدم ولا تؤخر ، ثم فى حياته وسلوكه تجده أشد الخصام , إن نظرت إليه وجدته أكثر الناس قسوة وفظاظة وتفريطاً فى حق الله ، يأمر الناس بالبر وينسى نفسه !! يقول ما لا يفعل !!! ويفعل ما يغضبك يا حبيبى يا رسول الله صلى الله عليك وسلم.
أما حكامنا فقد إعتبرونا غنيمة إغتنموها ، وإرثاً ورثوه عن أباءهم ، والناس كل الناس ... إلا من رحم ربى ... إستكانوا وخضعوا وخافوا على دنياهم فباعوا أخرتهم ، أما الأعجب فى هذا الزمن فهو أن معظمنا يبيع أخرته لا من أجل دنياه ولكن من أجل دنيا غيره ، وفى الحقيقة فإننا كما نحن ... يولى علينا ... وبما أننا من الأشرار فإن حكامنا أشد شراً ، وبما أننا بلداء فإن حكامنا أكثر بلادة ، وبما أننا من أصحاب القلوب الميتة فإن حكامنا من أصحاب القلوب التى أصبحت جيفة نتنة من طول مواتها.
أحياناً يضيق صدرى ولا ينطلق لسانى إلا فى هذه اللحظة التى أخاطبك فيها ، إذ تعترينى حالة شعورية خاصة تدفعنى لأن أحكى لك ما حدث لنا فى زمننا ... فى زمننا رجل يقال له ممدوح إسماعيل تسبب بإهماله وجشعه فى غرق أكثر من ألف مصرى ثم بعد ذلك فر هارباً ولم يعقب ، ورغم أن مجلس الشورى فى زمننا – وهو غير الشورى التى علمتنا إياها يا رسول الله – رفع عنه الحصانة وكأنه يقول له يا ممدوح أقبل ولا تخف إلا أن الرجل كان ناصحاً أريباً ولم يعد وكأن الألف نفس التى غرقت أرخص من ألف كتكوت أصابتها أنفلونزا الطيور !! طبعاً الأمراض فى زمننا تكاثرت ، أمراض القلوب ... وأمراض الأجساد .. وأمراض العقول ... ورغم أننا ندعوا الله أن يزيح عنا الغمة إلا أن الله لا يستجيب لنا.
فى زمننا أيضاً رجل يجلس فى موقعه رئيساً لمؤسسة فيخرج بعد عمر طويل ومعه أموال إقترفها وبضاعة لا يخشى كسادها تقدر قيمتها بالمليارات ، وفى نفس الزمن يوجد من ليس له بيت حيث ينام هو وأبناؤه فى الشارع حفاة عراه ، وعندنا أيضاً من لا يستطيع توفير كسرة خبز لأبناءه فينتحر كمداً ، عندنا أيضاً من يموت من التخمة أما غيره فيموت من الجوع ... فى زمن مضى يا رسول الله صلى الله عليك وسلم كان الناس عندما يموتون يذهبون بهم إلى القبور ، أما الأن فإن الناس لكى يعيشون فإنهم يذهبون إلى القبور ... يسكنون فيها.
فى زمننا يصورون الخطيئة ويعرضونها فى جهاز اسمه التلفزيون حيث ترقص الفتيات عاريات تحت اسم الفن ، وعندما يكتب رجل مثلى عن هذا الفن المتسربل بأثواب الحرام فإن الناس يقولون عنه هذا رجل متطرف إرهابى !!! أتصدق يا رسول الله أننا أحياناً لا نستطيع أن نقول للناس هذا حلال وهذا حرام ، إذ أصبحت هاتان الكلمتان بغيضتان ، لذلك أصبحنا نقول عبارات أخرى مثل إسفاف ... أو إبتذال للتعبير عن الحرام.
نحن فى زمن التلوث ، سمعت رجلاً يغنى وكأنه يخور كما تخور البقرة ، وسمعت رجلاً مخنثاً يغنى وكأنه أنثى – طبعاً هناك من سيتهمنى بالتسيب والتفريط لأننى تحدث عن الغناء فهناك من يحرم الغناء على الإطلاق - .
أصبحنا محاصرين بالقبح الذى أحاط بنا ، فمن عجائب هذا الزمن أن الناس أصبحوا يحبون القبح ويكرهون الجمال حتى أصبح القبح هو راية هذا الزمان وعلامته وكأننا نخاصم " إن الله جميل يحب الجمال " ، ناهيك عن باقى التلوث فقد إستنشقنا بأنوفنا سحائب الدخان ، وشربنا وأكلنا شراباً وطعاماً مسمماً هرى أبداننا ومزق أجسادنا ، أما " الوالى " الذى تسبب فى إفساد حياتنا وأجسادنا فإننا من فرط شفقتنا وحناننا لا نحاسبه بل نكرمه ونعطه وساماً.
فى زمننا غابت الأمانة والفضيلة وتفشت الخيانة وكأننا ينطبق علينا حديثك الشريف الذى قلت فيه " لا يأتى على أمتى زمان إلا والذى بعد شر منه " كم أشفق يا رسول الله صلى الله عليك وسلم على زمن أولادى وأحفادى فلا شك أنه سيكون أسوأ مما نحن فيه ، لذلك قال أحدهم تمتع بالسيئ فما هو قادم أسوأ ، أنا فى شدة الأسف كنت أريد أن أكتب إليك ونحن فى حال أفضل كنت أريد أن أخبرك أننا أصبحنا سادة الأمم وخير البلاد وأفضل الخلق ، ولكننى للأسف أكتب إليك خطابى هذا ونحن فى ذيل الأمم لا نهتم وقت الإحتفال بمولدك الكريم إلا بشراء الحلوى ، أما إتباع سنتك وإقامة شريعتك فقد هجرناها منذ زمن ... عذراً يا سيدى يا رسول الله صلى الله عليك وسلم أكتب إليك خطابى هذا وأنا عاجز عن نصرتك.

ثروت الخرباوى


 

   


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1387 / عدد الاعضاء 62