اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
reda
التاريخ
8/19/2006 3:37:00 AM
  الحرام       

الحـــرام

 

نشرت ببريد الجمعة بتاريخ 21 يوليو 2006

 

 

 

لا أعرف لماذا أكتب إليك الآن؟ هل لأني في هذه اللحظة التي أكتب فيها يكتمل عامي الخامس والستين، وأجد نفسي وحيداً مهزوماً وأمامي ظل ابني المتهالك؟.. هل هي الرغبة في الفضفضة واستعراض عمري الذي مر كلمح البصر؟ .. هل لأني عشت عمري أبحث عن السعادة وضحيت بالكثير من أ<لها وفي النهاية لم أعثر عليها؟

 

 

 

أنا يا سيدي ممن يطلق عليهم المجتمع "رجال الأعمال" بدأت حياتي موظفاً صغيراً، ولكن لي أهمية كبيرة، فتوقيعي على الأوراق يعني الكثير، فهو ينجز ما لا يجوز، ويحل العقد الصعبة ويفتح الأبواب، كان راتبي صغيراً لا يكفيني لنصف الشهر، وكنت في بداية عملي أقضي أغلب الأيام مختبئاً في بيتي لأنني لا أستطيع الخروج إلى أي مكان يستدعي إنفاق أي نقود. كانت مصر أيامها، وأنا في العشرينيات تعيش إحساس الهزيمة والاستعداد للحرب... مات عبد الناصر، وأحسست مثل أبناء جيلي باليتم، ولم يزل هذا الإحساس إلا بعد أن حققنا النصر في حرب أكتوبر ... وبدأت مصر تنهض، ودخلنا دنيا الانفتاح الاقتصادي، ودخلت مع الداخلين ، لم ألجأ إلى التجارة مثلما فعل كثيرون، كل ما فعلته أني تلت حولي فوجدت الكل يتغير، رئيسي في العمل، زملائي، الكل من حولي فتح أدراج المكاتب، وبقدر ما تدفع، تحصل على ما تريد، وتتجاوز تعقيدات التأشيرات.

 

 

 

كنت قد أوشكت على إتمام عامي الخامس والثلاثين، وأنا أعيش عالة على والدي، لم أتزوجن ولم أشتر شقة. لا أعرف متى وكيف استسلمت؟! فتحت أنا الآخر درج مكتبي، وبدأت في تلقي الإكراميات، كما كنا نسميها. وبدأت حياتي في التغير، ملابس جديدة، السهر في أماكن لم أكن أجرؤ على الاقتراب منها، كما دفعت مقدماً لشقة في منطقة جيدة ولم تبق إلى العروس.

 

 

 

اخترت فتاة من أسرة طيبة ميسورة الحال، وخلال شهور قليلة كان زواجنا. مسئولية جديدة استدعت مني الكثير من الجهد لإقناع المترددين على عملي بحجم الجهد الذي أبذله. والذي يستحق أن يقابله المزيد من المال، فإذا اعترض أحد أو حاول الشكوى والالتفات على توقيعي، زدت الأمر تعقيداً، وضاعفت في المقابل الذي أتقاضاه، خاصة بعد ما أصبح كل شئ يتم بالتنسيق بيني وبين رئيسي المباشر وبعض زملائي.

 

 

 

أنجبت زوجتي طفلة جميلة، زاد معها رزقي كثيراً، ولكني كنت قد ضقت بوضعي الوظيفي، لدي أحلاك كبيرة، فلست قانعاً مثل زملائي بالوظيفة الميري، خاصة أني كنت أرى الأجواء مهيئة للنمو في دنيا "البيزنس" ولم يطل انتظاري، جاءت الضربة التي كنت أتمناها وأنتظرها .. ضربة واحدة تعادل الآلاف من "الفكة" التي أتقاضاها، كنا في بداية الثمانينيات، وجاءني واحد من "حيتان" هذه المرحلة، كان يضع يده على مئات الأفدنة ويريد أن يقنن وضعه، ولأنني أعرف قدراتي، اتفقت معه على مبلغ كبير لإنهاء كل الأوراق التي يريدها .. لم يتردد، وافق فوراً، وأنا بدوري أعددت كل من أريد توقيعهم، وفي هدوء وسرعة أنجزت المهمة، وحصلت على مبلغ لم أتخيل يوماً أن أراه، بعدها أغلقت درج مكتبي وبقيت في وظيفتي شهوراً، بعدها قدمت استقالتي من الوظيفة وأطلقت ساقي نحو عالم جديد، بدا ممتعاً ومثيراً.

 

 

 

ستسألني ألم يؤرقك ضميرك وشعرت بأنك ترتكب جرماً حراماً؟ .. في البداية تألمت قليلاً ولكني تلفت حولي فوجدت الكثيرين يفعلون ذلك، وإن لم أفعل ذلك فسيفعله غيري ويقبض هو الثمن .. ثم ألم يكن ظلماً أن أعيش حياة ضنكاً وأرى غيري يرفل في النعيم .. إن الحياة فرص، والخاسر هو من يضحي بها.

 

 

 

في بداية زواجي، كنت أحكي لزوجتي عن كل شئ أفعله، ولكنها كانت تعذب ضميري تؤنبني، وأحياناً تخاصمني، فقررت ألا أحكي لها مرة أخرى، وعاهدتها بألا أفعل ذلك، كنت أقول لنفسي، لو جربت المعاناة لاتهمتني بالتقصير، بل ليس مستبعداً أن تهدم أسرتنا التي انضم إليها ابني العزيز الجالس الآن مثل الأشباح أمامي وأنا أكتب إليك.

 

 

 

المهم – يا سيدي – اختطفتني الحياة أو اختطفتها كما اعتقدت وقتها، وبدأت أستثمر أموالي في مشاريع عديدة، ولأني خبرة قديمة كنت أعرف الطريق إلى درج المكتب، فأنجزت أعمالي بسرعة، وزادت استثماراتي، كما ازداد عدد الطامعين، فكلما كثرت أموالك وأعمالك، اتسع درج المكتب بحجم من يجلس عليه .. ومن اعتاد أن يقبض ليس صعباً عليه أن يدفع. سنوات قليلة أصبحت من رجال الأعمال المرموقين، انتقلت مع أسرتي إلى فيلا أنيقة، التحق أبنائي بمدارس أجنبية، وأصبحت أخباري وأسفاري ضيفاً على صفحات الصحف بمقابل مادي وبدون. 

 

 

 

سنوات مضت كنت أرى الله راضياً عني، غافراً لي، فالحسنات يذهبن السيئات، وأنا لم أكن أتوانى عن فعل الخير، لم أرد سائلاً، ولم أترك فرصة للمساهمة في بناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى إلا واستثمرتها صدقني لم أكن أقصد من وراء ذلك رياء، بل كنت أبتغي مرضاة الله ومغفرته فقد حاولت قدر طاقتي ألا أستثمر في الحرام، كنت أفعل ذلك – في أحيان كثيرة – مضطراً.

 

 

 

وذات مساء مقبض استيقظت على أول طعنة قاسية في حياتي، وبدون الدخول في تفاصيل – احتراماً لأبنائي – عرفت أن زوجتي على علاقة برجل آخر، وعندما واجهتها، لم تنكر، بل انفجرت في وجهي، وقالت لي إنها لا تحترمني وأني لم أرع الله في نفسي ولا في أولادي، وأنها تشعر أن كل حياتها معي حرام، وطلبت مني أن أطلبها في هدوء، وإلا ستضطر لفضحي أمام أبنائي وأهلي .. ولأنني أتحسس رأسي، وأخشى على هدم كل ما بنيته وضحيت من أجله فعلت ما طلبته مني، وأخبرتني أنها ستتزوج من هذا الشخص الذي تحبه وتحترمه. واتفقنا على أن يبقى الولد والنبت معي، وتراهما مرة أو مرتين كل أسبوع، ولم أعترض على شئ.

 

 

 

لم أستطع مواجهة ابنتي التي التحقت بالجامعة بسر انفصالي عن والدتها، أما ابني فيبدوا أنه كان سعيداً، لأن غياب الأم يعني له مزيداً من الحرية والإنطلاق تركتهما في رعاية الخدم في البيت، وانطلقت أواصل زحفي نحو مزيد من الثروة حتى أؤمن لهما المستقبل، وحتى لا يتعرضا للمعاناة أو الضعف الذين تعرت لهما في بداية حياتي.

 

 

 

لم أتعلم من الصفعة الأولى، ورأيت أن زوجتي هي الخاسرة الكبرى وستندم مع الأيام، وقتها لن أغفر لها ولن أقبل عودتها، ولكن عليَّ أن أستيقظ مرة أخرى بعد عامين على مصيبة أخرى، بل قل مصائب. ابنتي حامل، ابنتي الجامعية أحبت سائقها وتزوجته عرفياً ولم أكن سأعرف شيئاً لولا الحمل، ولولا أن زوجها طلب منها مواجهتي بالحقيقة. فإما أن أرضى بالأمر الواقع، وإما أن تذهب للعيش معه في بيت أسرته، شعرت وقتها بأني أشاهد حلماً أو فيلماً سينمائياً .. ستسألني ماذا فعلت؟ رضخت وقبلت وعاش السائق معي في الفيلا، يأمر ابنتي ويفعل بها ما شاء ، وكأنه يريد أن يذلني، أما ابني فقد أبى إلا أن تكتمل مأساتي، فقد اكتشفت أنه أدمن تعاطي المخدرات، فأدخلته مركزاً طبياً لعلاج الإدمان، وفشل العلاج، فأرسلته إلى الخارج، وعاد بعد أن اقتنعت أنه شفي تماماً، ولكن بعد عودته بشهور، عاد لنفس الأصدقاء ليواصل رحلة إدمانه .. أظل طوال الليل أبحث عنه في منازل أصدقائه أو الملاهي الليلية لأعود به محطماً محبطاً، أغلق عليه الأبواب، ليظل أمامي شبحاً شاهداً على الانتقام الإلهي الذي لا ينتهي.  

 

 

 

في عامي الخامس والستين، تعيش أم أولادي بعيداً عنا، تتهمني بأنني دمرت ابنيها، وابنتي تركها زوجها بعد أن استولى على مبلغ كبير من البيت .. إضافة إلى كل مجوهراتها، وتركها لي مع حفيدي، حزينة محبطة .. أما ابنى فلم يكمل تعليمه الجامعي، أجول به بين الأطباء .. يقولون لي إنه ليس لديه رغبة في الشفاء.

 

 

 

نعيش ثلاثتنا في بيت موحش .. فقدت رغبتي في العمل .. لا أعرف خطواتي المقبلة، أعرف أني أدفع ثمن أخطائي، ولكن ما ذنب أبنائي؟ أفكر في بيع كل ما أملك. أفكر كثيراً في الهروب، فهل سيصفح الله عني، وهل سيصفح عن أبنائي، أم أني سأعيش لأتعذب برؤية أحب الناس إلى قلبي يتعذبون؟

 

 

 

أشعر ببعض الراحة الآن لأني تحدثت، وإن كنت في حاجة إلى نصيحة أكثر من حاجتي على الإدانة.. فأنا أعرف أخطائي، ولكن لا أجد حولي من يأخذ بيدي أو يربت على كتفي .. فهل تفعل؟       

 

 

 

 

 

 

 

 

 



  ايهاب ابو زيد    عدد المشاركات   >>  13              التاريخ   >>  22/8/2006



وصلت مصر ولا لسه لو وصلت حمدا لله على السلامه وحرام عليك مألمأسى دي شيفينها كل يوم لازم تخلينا نقراها معاك برضه أبقى أتصل أخوك إيهاب ابو زيد

 



  reda    عدد المشاركات   >>  63              التاريخ   >>  22/8/2006



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكرك أخي إيهاب على المداخلة الرقيقة

أنا مازلت خارج مصرالحبيبة

وأتمنى أن ترسل لي رقم هاتفك وبريك الألكتروني كي نتواصل دائماً

على الإيميل : redaomer@msn.com


http://www.reda79.jeeran.com/

          رضا البستاوي المحامي  


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 4922 / عدد الاعضاء 62