كانت لي مداخلة على مذكرة الأستاذ نبيل الهلالي التي عرضها مشكورا الزميل حمدي الأسيوطي , وكانت تتعلق في الدفع الثالث من تلك المذكره , ولكن ولما تم نقل الشاركه إلى قسم المشاركات المتميزه - لأنها حقا متميزه - ربما لم ينتبه الزميل حمدي , أو غيره من الزملاء إلى ما أشكل على في هذه المذكره .. لذا وجدت أن الموضوع يستحق العرض من خلال مشاركه مستقله لعلنا نقف على حقوق المتوفى ليس في مصر فقط بل والدول العربيه الأخرى ..
من ناحيتنا في السعوديه , ولأن العقوبات عندنا عقوبات تعزيريه مصدرها الشريعه الإسلاميه فإن للميت حرمته , ولا يستطيع أحد الطعن في عرض ميت على اعتبار أن عرض الميت كعرض الحي من حرمة الطعن والمساس في الأعراض , ويستطيع ولي هذا الميت أو أحد أقاربه , أو حتى أي مسلم الذب عن أعراض الأموات لأنها محرمه وتحريك دعوى ضد كل من يقع في عرض ميت حتى لولم يكن ذو صله به , وإنما بطريق الإحتساب ..
وغني عن القول الفرق بين التعرض للأعراض والتاريخ الذي يرصد الوقائع فحسب .
ما يلي نص مداخلتي على الزميل حمدي الأسيوطي , وهي موجهه لكل زميل يثري هذا الحوار من مصر العزيزه أو غيرها .
الأستاذ الزميل حمدي الأسيوطي ..
ورد في الدفع الثالث من مذكرة الأستاذ الكبير نبيل الهلالي ما يلي :
ثالثا: انتفاء الركن المادى للجريمة:
يشترط القانون للعقاب على جريمة القذف والسب توافر الركن المادى للجريمة ويتحقق الركن المادى بتوافر ثلاث عناصر هى:
1 – فعل الإسناد
2- موضوع الإسناد
3- علانية الإسناد
ويشترط الفقه والقضاء لتحقق عنصر موضوع الإسناد أن يكون الإسناد موجها في الأصل إلى شخص طبيعى على قيد الحياة.
ويستثنى من ذلك توجيه القذف إلى شخص معنوى يعترف له القانون بالشخصية القانونية ومن المسلم به أن العائلات لاتعتبر من قبيل الأشخاص المعنوية لأن القانون لايعترف للعائلة بالشخصية القانونية.
وسندنا في ذلك الآتى:
1) المستشار عدلى خليل: القذف والسب طبعة 1996 ص24.
"إذا وجه القذف إلى الشخص المعنوى أو هيئة لا يتمتع بالشخصية المعنوية فإنه لا يعد بالضرورة موجها إلى الأشخاص الطبيعيين الذين يكونون الشخص المعنوى ولكنه يعد كذلك بالنسبة لم عينت أشخاصهم وتثبت امتداد الواقعة إليهم."
(نقض 6/5/1911 المجموعة الرسمية ص12 رقم104_ ص209)
ب) القاضى الأستاذ شريف كامل الجرائم الصحفية ص48:
( بالموت تنتهى حقوق الإنسان فلا يتعرض من يفتئت على ماضيه للعقاب إذ أن القذف والسب والإهانة والعيب لايمكن أن تقع قانونا إلا على شخص حى موجود)
جـ)الدكتور حسن سعد سند المحامى، الوجيز في جرائم الصحافة والنشر ص60:
(استقر الفقه والقضاء في مصر على أنه يجب أن يكون القذف واقعا في حق الأحياء لأن القانون لا يخاطب الموتى)
د) المستشار معوض عبد التواب، القذف والسب والبلاغ الكاذب ص 30
(بالنسبة للشخص المعنوى يجب بطبيعة الحال لتوافر هذه الصفة لديه أن يكون متمتعا بالشخصية القانونية..
وفى هذه الحالة يعتبر هذا الشخص وحده هو المجنى عليه في جريمة القذف هذا إلا إذا أثبت أن القذف قد مس كذلك بعض أعضاء معينين ممن يديرون الشخص المعنوى (شركة مساهمة مثلا ) فإنه في هذه الحالة يكون هؤلاء بدورهم مجنيا عليهم ويحق لكل منهم الادعاء المباشر على الجانى إستقلالا عن الشخص المعنوى نفسه.(نقض 14/11/1909) محموعة القواعد القانونية ج1 رقم 327 ص377 والمدعون بالحق المجنى قد أوضحوا بجلاء أن القذف المنسوب صدوره للمتهمة لم يوجه إلى أى منهم وإنما وجه لأسرتهم وتقول صحيفة الادعاء المباشر ص9 (المعلن إليها الأولى عمدت إلى النيل من سمعة ومكانة أسرة الطاعنة بالاتهامات التى أوردتها بمقالها) ومن جهة أخرى فإن المدعين بالحق المدنى ينعون على المتهمة القذف في حق المرحوم صلاح الفقى الذى يصفه المدعون بالحق المجنى في صحيفة الإدعاء المدنى ص4 بأنه: (عميد العائلة صلاح بك الفقى).
وطالما أن عميد العائلة المذكور قد توفى إلى رحمة الله فلا يتصور قانونا وقوع اعتداء على شرفه واعتباره وبالتالى لايتصور ارتكاب جريمة قذف في حقه.
وسندنا في ذلك الآتى:
يقول المستشار عدلى خليل في كتابه القذف والسب ص24:
هل يجوز القذف ضد الأموات:
من المسلم به أن المقذوف في حقه يجب أن يكون باقيا على قيد الحياة لأن الحق في الشرف والاعتبار فرع عن الشخصية القانونية وهى تنقضى بالوفاة فينقضى ذلك الحق بدوره ومن ثم لايتصور الاعتداء عليه.)
ويقول الدكتور محمود مصطفى، شرح قانون العقوبات القسم الخاص ص354
(الأصل في القوانين أنها توضع لحماية الأحياء دون الموتى فضلا عن هذا فإن من عناصر القذف أن يكون موجها إلى شخص معين وأن الميت لم يعد شخصا)
انتهى النقل .
وإذا كان المقذوف في حقه يجب أن يكون من الأحياء وفقا لماورد أعلاه فهل هذا يعني بمفهوم المخالفه أن أعراض الأموات مباحه لقذفها ولتشويه سمعتها ؟؟
أليس للأموات حرمه , وأن أعراضهم محفوظه كما لو كانوا أحياءا ؟؟
وإذا كنت أجزم أن للأموات حرمه يحميها القانون , فإنني أسأل الأستاذ حمدي الأسيوطي والزملاء الأفاضل من مصرعن النصوص التي تجرم المساس بالأموات إذا كانت موجوده .
ومن الطبيعي أننا هنا لا نتكلم عن التاريخ الذي هو رصد للوقائع بحياديه , وإنما نتحدث عن قذف الأموات , والمساس بسمعتهم بكلام مرسل لا يستند إلى واقعه تاريخيه ثابته .