اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
سعيد عبد الله
التاريخ
3/29/2006 8:02:56 AM
  الإتفاقية الدولية لمكافحة الفساد      

الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.. تمنع معاقبة المبلغ بحسن نية وتسمح بطلب تسليم المتهمين الهاربين
 

علي الشلقاني

تم التوقيع علي الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد من ١٤٠ دولة سنة ٢٠٠٣. واشترطت المادة ٦٨ من الاتفاقية ضرورة تصديق ثلاثين دولة عليها لتصبح واجبة التنفيذ بعد تسعين يوما من تاريخ تصديق الدولة الثلاثين. وقد اكتملت هذه التصديقات في أواخر ٢٠٠٥، وبذلك أصبحت الاتفاقية نافذة المفعول بدءا من ١٤ ديسمبر ٢٠٠٥.

وقد وقعت مصر علي الاتفاقية سنة ٢٠٠٣، وصدقت عليها في ٢٥ فبراير ٢٠٠٦. وتنص الفقرة الثانية من المادة ٦٨ من الاتفاقية علي أنها تصبح ملزمة للدولة التي تصدق عليها بعد ثلاثين يوما من تاريخ التصديق، وعلي ذلك تكون الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد قد أصبحت جزءا من القانون المصري تلتزم بها الحكومة المصرية والقضاء المصري بدءا من ٢٨ مارس ٢٠٠٦.

ومع أن الأمم المتحدة قد ترجمت الاتفاقية إلي اللغة العربية نقلا عن النص الأصلي باللغة الإنجليزية، إلا أن الترجمة العربية استخدمت تعبيرات غريبة عن التعبيرات المستخدمة في القانون المصري. ولذلك فضلت أن أصوغ أحكام مواد الاتفاقية دون التزام بترجمة دقيقة.

وقد نصت المادة الأولي من الاتفاقية علي أغراضها فذكرت أنها:
أ- تعزيز وتدعيم التدابير اللازمة لمنع الفساد ومحاربته بصورة فعالة ومنتجة.
ب- تعزيز، وتسهيل، وتدعيم التعاون الدولي والمساعدة التقنية في مجال منع الفساد ومحاربته، بما في ذلك استرداد الأموال (المقصود بها تلك الناشئة عن جرائم الفساد).
ج- تعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للشؤون العامة والملكية العامة.

وقد اهتمت المادة الثانية من الاتفاقية بتحديد مجال تطبيقها. ويتبين منها أنها تقصد بالفساد الذي تحاربه، سوء استخدام الوظيفة العامة لتحقيق ربح شخصي غير مشروع. وأهمية هذه الاتفاقية لذلك بالنسبة لمصر أنها تعالج الفساد في الجهاز الإداري للحكومة والقطاع العام.
وقد تبين لي من دراسة الاتفاقية أنها تمنع معاقبة المبلغين عن جرائم الفساد إذا تم التبليغ بحسن نية، لأن اقتناع المبلغ بوقوع الجريمة قد قام علي أسباب معقولة تؤدي إليها، حتي لو تبين فيما بعد أن البلاغ لم يكن صحيحا.

فقد نصت الفقرة الرابعة من المادة الثامنة من الاتفاقية علي أن تلتزم الدولة التي انضمت إلي الاتفاقية بتوفير الإجراءات والنظم التي تسهل قيام الموظفين العموميين بالتبليغ عن أعمال الفساد إلي جهات التحقيق المسؤولة عن محاربة هذه الأعمال إذا ما وصلتهم معلومات عن هذه الأفعال خلال أدائهم وظائفهم.

وجاءت المادة ٣٨ من الاتفاقية بحكم مماثل تحت عنوان "التعاون بين السلطات الرسمية"، فنصت علي التزام الدولة المنضمة إلي الاتفاقية بتشجيع الموظفين العموميين علي التعاون مع السلطات المختصة بالتحقيق في جرائم الفساد، وبأن يبلغوا هذه السلطات باحتمال وقوع جريمة من جرائم الفساد إذا ما توافرت لديهم أسباب معقولة تؤيد اعتقادهم بوجود مخالفة لأحكام المواد ١٥ و ٢١ و٢٣ من الاتفاقية، وهي خاصة بجرائم الرشوة وغسيل الأموال.

وكررت المادة ٣٩ من الاتفاقية نفس المعني، ولكنها اختصت هذه المرة بتشجيع تعاون الأفراد من غير الموظفين العموميين مع السلطات الوطنية المختصة بمحاربة الفساد.
وأخيرا.. حرصت الاتفاقية علي أن تنص في المادة ٣٣ منها علي حكم عام يحمي المبلغين عن جرائم الفساد من المساءلة، إذا كان المبلغ حسن النية، وكان اعتقاده بوجود جريمة منصوص عليها في هذه الاتفاقية مستندا إلي أسباب معقولة تؤدي إليه.

أما وقد أصبحت اتفاقية مكافحة الفساد ملزمة، وإذ تعهدت الدولة في المادة ٣٣ بمنع مساءلة المبلغ عن جريمة من جرائم الفساد إذا كان حسن النية وقام اقتناعه علي أسباب معقولة، فإن هذا التعهد يمنع مساءلة السيد رئيس مجلس إدارة بنزايون عما اعتقد أنه جريمة في بيع عمر أفندي، ولو تبين بعد ذلك أن اقتناعه كان خاطئا. كما أن هذا التعهد بمنع العقاب ينطبق أيضا علي الصحفي الذي نشر موضوعا ينطوي علي اتهام ضد أحد الموظفين العموميين بارتكاب جريمة من جرائم الفساد، إذا تبين أن ما نشره كان بحسن نية وبني علي أسباب معقولة. فهو يستفيد كذلك من التعهد الوارد في المادة ٣٣ من الاتفاقية لأن النشر في جوهره أيضا بلاغ للجهات المسؤولة عن التحقيق في جرائم الفساد، خاصة أن المادة ٣٣ لم تشترط شكلا معينا من أشكال التبليغ.

ولما كان علي القضاء أن يطبق القانون الأصلح للمتهم، وكان تصديق الحكومة المصرية علي الاتفاقية يمثل تعهدا ملزما بإلغاء العقاب للمبلغ بحسن نية عن واقعة يعتقد أنها تمثل جريمة من جرائم الفساد في الجهاز الإداري للحكومة أو القطاع العام، ولما كان هذا التعهد الوارد في الاتفاقية يعتبر نصا من نصوص القانون المصري واجب التنفيذ، فيصح تفسيره علي أنه يلغي ما سبقه من مواد خاصة بالقذف في قانون العقوبات، ووجب علي القضاء إذا ما رفع إليه الأمر أن يحكم بإلغاء العقوبة الصادرة بحبس الصحفي، أو أن يمتنع أصلا عن إصدار حكم بالإدانة في جريمة قذف خاصة بالفساد.

وتنص الفقرة الأولي من المادة ٤٣ من الاتفاقية علي أن تتعاون الدول الأطراف في المسائل الجنائية وفقا للمواد من ٤٤ إلي ٥٠ من هذه الاتفاقية، وتساعد الدول الأطراف بعضها البعض في التحقيقات والإجراءات الخاصة بالمسائل المدنية والإدارية ذات الصلة بالفساد.
ونصت الفقرة الأولي من المادة ٤٤ علي أنها تنطبق علي الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية عندما يكون الشخص موضوع طلب التسليم موجودا في إقليم الدولة التي يطلب منها التسليم وبشرط أن يكون الفعل، الذي يلتمس بشأنه التسليم، جريمة خاضعة للعقاب في كل من قانون الدولة التي تطلب التسليم، وكذلك في قانون الدولة المطلوب منها تسليم المتهم

وتستطيع مصر لذلك أن تستعين باتفاقية مكافحة الفساد لتطلب تسليم الهاربين من مصر، إذا كانت إحدي التهم الموجهة إليهم هي الاشتراك في جريمة من جرائم الفساد التي نصت عليها الاتفاقية. وقد نصت الاتفاقية صراحة علي أن وجود تهم أخري منسوبة للمتهم المطلوب تسليمه بالإضافة إلي تهم الفساد، لا يصح أن يمنع الدولة المطلوب منها التسليم من قبول تسليم المتهم.

منقول


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2244 / عدد الاعضاء 62