اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
أحمد راغب
التاريخ
12/31/2005 12:38:54 PM
  مجزرة اللاجئين السودانيين..انتهاكات بالجملة       

الزميلات والزملاء الإعزاء

لا شك أن الحكومة المصرية قد أرتكبت جريمة جديدة تضاف إلى سجللها السيئ فى انتهاكات حقوق الإنسان وعدم أحترام المواثيق الدولية بل عدم احترام القوانين المصرية ذاتها،فقامت بشن حملة عسكرية على مجموعة من اللاجئين السوادنيين المعتصمين بجوار مسجد مصطفى محمود والذى يقع بجوار المقر الأقليمى للمفوضية السامية لشئون اللاجئين والتابعة لمنظمة الأمم المتحدة،وقد أسفرت هذه الحملة العسكرية عن سقوط العشرات قتلى وإصابة الكثير من المعتصمين،وقامت الحكومة المصرية فى إجراء لاحق على المجزرة بترحيل المعتصمين إلى ما سمته بمعسكر خاص لإيوائهم وتوفير مستلزمات الحياة الضرورية تمهيدا لفحص أوراقهم وترحيل من يثبت دخوله البلاد بصورة غير شرعية.

وقد بررت الحكومة المصرية هذه الحملة العسكرية على لسان متحدث بأسم وزارة الخارجية المصرية(منشور بجريدة الأهرام)بأن المعتصمين قد خالفوا القوانين المصرية وهو ما تحظره اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بشئون اللاجئين الموقعه عام 1951 وهو حق يراد به باطل.

ينتمى أغلب اللاجئين السوادينين الموجودين فى مصر إلى مناطق جنوب السودان وغربها(دارفور) وهى مناطق صراع مسلح (وفقا للقانون الدولى) ويتعرض فيها سكانها لأشكال مختلفة من الأضهاد سواء الدينى أو العرقى أو السياسي،فمن نافلة القول أن بتولى الترابى ( إسلامى) حكم السوادان قام بإضطهاد المخالفين له فى التوجة السياسيى وخاصة اليسار السودانى كما قام بإضطاد المخالفين له فى الأنتماء الدينى (وأرد تحويل السوادان إلى ولاية إسلامية بالكرباج والأضطاد)ولم يتغير الأمر كثيرا بإقصاء الترابى وتولى البشير زمام الأمور فى السوادان وحتى الأن وبصفة عامة فأن السوادان يتعرض منذ أكثر من نصف قرن لصراعات مسلحة مما أدى إلى نزوح الكثير من أهل السوادان إلى الدول المجاورة( ومنها مصر) طالبين فرصة أفضل فى الحياة.

ويعيش اللاجئين السوادنين فى مصر حياة يرثى لها فما بين محاولات الحصول على حقوقهم كللاجئين ومساعدة المفوضية لهم فى الهجرة إلى إحدى الدول التى تقبل توطين اللاجئين بها مثل استرليا أو الولايات المتحدة الأمريكية أوغيرها وبين العراك اليومى للحصول على لقمة العيش وتوفير الحياة الكريمة لهم ولأسرهم،وهم يتعرضون لصراع يومى مع الحكومة المصرية وخاصة الأجهزة الأمنية والتى غالبا ما تقوم بتلفيق لهم قضايا وخاصة قضايا المخدارات والدعارة،على أن حال اللاجئين السودانيين يطول شرحه وليس موضعه هنا ولكن ما يعنينى هنا مدى توافق ما أرتكبته الحكومة المصرية فى حق مجموعة من السودانيين يتستخدمون حقهم فى الأعتصام من أجل المطالبة بأحد حقوقهم المشروعة،على أن هذه المشاركة قد لا تكون كافية وأنما هى بداية لفتح مناقشة قانونية حول التكييف القانونى لما قامت به الحكومة المصرية

وفى رأي ما قامت به الحكومة المصرية من جرائم فى حق هولاء المعتصمين لا يقتصر على مخالفة المواثيق الدولية سواء الخاصة بحقوق اللاجئين أو الخاصة بحقوق الإنسان عموما أو ما يطلق عليه منظومة حقوق الإنسان (قانون حقوق الإنسان) وأنما ما قامت به الحكومة المصرية ينطوى على انتهاكات جسيمة للدستور المصرى والقانون المصرى ذاته.

فاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين الموقعة عام 1951 على الرغم من أنها لم تنص صراحة على حظر الأعتداء على اللاجئين بواسطة سلطات دولة الملجأ( وهى الدولة التى يلجأ إليها اللاجئ بصفة مؤقتة حتى تتم عملية توطينة) إلا أنها تفرض على دولة الملجأ التزامات منها خاص بالتعليم والسكن وغيرها من الحقوق الاساسية والتى تلتزم بها دولة الملجأ وتوفرها للاجئ ( المواد من 20 الى 24 من الأتفاقية)،وهو ما اشارت إلية بدرجة أقل اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية الموقعة عام 1969،على أن عدم الأعتداء على اللاجئين هو أمر مفترض وأولى فكيف تقوم الدولة بتوفير الضروريات الحياتية للاجئ وتقوم بالأعتداء عليه وقتله.

وتنص اتفاقية الأمم المتحدة 1951 فى مادتها الثانية على

"على كل لاجئ إزاء البلد الذى يوجد فيه واجبات تفرض عليه خصوصا ،أن ينصاع لقوانينة وأنظمته ،وأن يتقيد بالتدابير المتخذة فيه للمحافظة على النظام العام."

وهو النص الذى تحججت به الحكومة المصرية على لسان المتحدث بأسم وزراة الخارجية لتبرير ما قامت به قواتها الأمنية من مجازر فى موقعة ميدان مصطفى محمود،على أن هذا التبرير مردود عليه بأن ما قام به المعتصمين بالميدان لا يعد خروجا على القوانين المصرية والنظام العام المصرى بل أن ما قامت به القوات الأمنية هو الذى يعد خروجا على القوانين المصرية،فما قام به اللاجئين السوادنين هو استخدام لحقهم فى التعبير عن مطالبهم المشروعة وفقا للقانون المصرى وهو الحق الذى تحميه المادة 47 من الدستور الذى نصت على

"حرية الرأي مكفولة،ولكل إنسان التعبير عن رأية ونشره ........... الخ"

فالمادة 47 من الدستور عندما وضعت حماية للحق فى حرية الرأي والتعبير لم تقرره للمواطنين المصريين بل وضعته عاما وذلك بقوله " ولكل إنسان"،ومن ثم فأن ما قام به المعتصمون ( المجنى عليهم ) هو استخدام لحقهم فى التعبير عن رأيهم بشكل سلمى حيث أن الأعتصام الذى قام به المجنى عليهم استمر مايقرب من ثلاثة أشهر ولم يثبت أنهم قاموا بتعطيل المرور أو الأعتداء على الممتلكات الخاصة أو العامة أو غيرها من الأفعال التى تجعل الحكومة لديها مبرر قانونى فيما فعلت،كما أن الحكومة لم تقل لنا أنها استخدمت قانون الطوارئ فى تعاملها مع الأعتصام ورغم ذلك فأن قانون الطوارئ نفسه لا يعطل ممارسة الحقوق المنصوص عليها بالدستور فقانون الطوارئ لا يعطل الدستور.

ومن ثم فأن ما قامت به الحكومة المصرية بحق هولاء اللاجئين هو مخالفة لاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين وخاصة أنه الحكومة المصرية تشرع الأن فى ترحيل وطرد اللاجئين السودانيين من مصر وإرسالهم إلى بلدانهم بالمخالفة لنص المادتين 32 و33 من اتفاقية الأمم المتحدة.

وفضلا عن مخالفات اتفاقية الامم المتحدة فأن ما قامت به الحكومة المصرية يعتبر انتهاكا لمواثيق حقوق الإنسان وخاصة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية وكذلك العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية،وهى المواثيق التى وقعت عليها مصر وأصبحت جزء من التشريع الداخلى المصرى بموجب المادة 151 من الدستور المصرى.

أما عن انتهاكات الحكومة المصرية للقوانين المصرية فأن المادة 53 من الدستور تنص على

"تنمح الدولة حق الإلتجاء السياسي لكل أجنبى اضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة.وتسليم اللاجئين السياسين محظور."

كما كفل الدستور الحق فى الاجتماع الخاص دون تدخل من الأجهزة الأمنية فى المادة 54 من الدستور ،وكفل الحق فى حرية الرأي والتعبير فى المادة 47 منه.

كما تنص المادة 184 من الدستور على

" الشرطة هيئة مدنية نظامية،رئيسها الأعلى رئيس الجمهورية،وتؤدى الشرطة واجبها فى خدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن،وتسهر على حفظ النظام والأمن العام والأداب وتتولى تنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات،وذلك كله على الوجه المبين بالقانون"

ومما سبق فأن الدولة المصرية من خلال قوانينها ودستورها تحمى اللاجئين السياسين وتحظر طردهم أو تسليمهم وكذلك فأنها تحمى الحق فى حرية الرأى والتعبير وكذلك الحق فى الأجتماع السلمى وهى الحقوق التى تتوافق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ،بينما يقتصر دور الشرطة على حماية الأمن وبث الطمأنينة فى نفوسنا وليس قتلنا وسحلنا فى الشوارع.

فما قام به المعتصمين ( المجنى عليهم)هو استخدامهم للحقوق المشروعة لهم وفقا للقانون الدولى والقانون المصرى فى التعبيرعن رأيهم والمطالبة بحقوقهم المشروعة،ومن ثم فأن ما قامت به القوات الأمنية المصرية هو اعتداء صريح على هذه الحقوق وتعطيل حقوق هؤلاء المعتصمين فى ممارسة حقوقهم.

اما عن الموقف الذى يمكن لنا اتخاذه فأن ذلك يتطلب المزيد من الاقتراحات والمناقشات واعتقد ان مشاركة المجتمع المدنى المصرى فى الاشتباك مع القضية وخاصة نقابة المحامين ولجنة الحريات بها هو إجراء صحيح وتشكيل هيئة دفاع عن هؤلاء المجنى عليهم إلا ان الإجراءات القانونية أعتقد أنها تحتاج الى البحث،فما مدى إمكانية الطعن على قرار الإبعاد والترحيل باعتباره قرار إدارى ،أعتقد أن هناك العديد من الإجراءات القانونية الممكن اتخاذها فى هذا الصدد.

إلا أن هناك من بادر وقام بالتضامن مع المجنى عليهم فقد قامت الحملة الشعبية من أجل التغيير( الحرية الأن) بتنظيم مظاهرة للتضامن مع اللاجئين السودانين الذين تعرضوا للمحجزة وذلك فى نفس المكان الذى تم فيه سحلهم وقتلهم.

واخيرا فأن هذه المشاركة هى بداية للتحوار حول الموضوع قانونيا واطمع فى تعليق الزملاء عليها لإثراء النقاش القانونى حول هذه القضية،كما اتعشم أن تكون دماء ضحايا المجنى عليهم هى فرصة للمجتمع المصرى لمناقشة أوضاع اللاجئين فى مصر وكيفية محاولة التعايش معهم وفهم قضاياهم وهمومهم وذلك لما فيه خير لنا جميعا وللانسانية،وأعتقد أننا جميعا مدينين بالإعتذار لكل شاب وكل شابة وطفل وكل طفلة وكل رجل وكل سيدة تم الأعتداء عليها فى هذه الجريمة النكراء وعلينا أن نقول لهم أننا لن نتوانى فى الدفاع عنكم لان مصالحنا مشتركة وهمومنا واحده ومأسينا واحدة وعدونا واحد فلنناضل جميعا ضد حكومات الإستبداد والإفقار فى مصر والسوادان وامريكا والسعودية وكل البلدان التى لاتحترم إدمية الشعوب وحقوقها وتتعامل معها بمنطق الملكية العامة.

تحياتى للجميع

أحمد راغب

عضو تجمع المحامين الديمقراطيين


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1791 / عدد الاعضاء 62