اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
التاريخ
10/3/2003 2:07:00 AM
  الشهيد سيد قطب : ليست الغرابة في ضراوة الصراع بل في ضراوة الكذب والخسة      

للدكتور محمد عباس        جريدةالشعب 26 سبتمبر 2003

لو أن الوحش، الكلب المسعور والذئب العقور شارون تمكن من شيخ المجاهدين في فلسطين  "الشيخ أحمد ياسين" فقام بأسره..

لو أن ذلك حدث .. فكم تكون جريمة شارون..

فلو أنه بعد أسره أساء معاملته.. فكم يتضاعف الجرم..

فلو أنه عذبه فكيف يكون..

فلو أن هذا العذاب لم يكن عذابا وحشيا مما تعودت الوحوش والضواري من بني البشر عليه فكيف نوصف الجريمة..

لو أنه لم يرع إلا ولا ذمة.. ولم يراع عبء السنين والشيخوخة و أمراضها .. ولا سابقة الجهاد .. فكيف كيف يكون..

ماذا لو أن الوحش، الكلب المسعور والذئب العقور شارون سلط كلابه على الشيخ أحمد يسن  ورجاله لتنهال عليهم الكرابيج بعنف وليمطروا بوابل من الشتائم والسباب الفاحش، فيغمى علي الشيخ أحمد يسن  فلا ترى إلا الكرابيج تهوي عليه قم يابن كذا وكذا.. أنت عامل عيان (وبتستموت) يا بن..

ماذا كان يمكن للعالم أن يقول على الوحش، الكلب المسعور والذئب العقور شارون إن فعل ذلك لو أنه أمر كلابه بأن يواصلوا تعذيب الشيخ أحمد ياسين عذابا مروعا رهيبا ، أقله و أكثره رحمة ضرب نوع خاص من السياط يمزق اللحم حين يهوي عليه، وماذا لو أن كلابه أصرت على مواصلة هذا التعذيب حتى يتراقص المجاهدون الشرفاء تحت ضرب سياط لا تتوقف إلا عندما يغنون الأغنية المشهورة: "يا شارون يا مثال الوطنية".

 

***

 

فماذا لو أن الذي فعل ذلك ليس شارون.. و إنما واحد آخر.. واحد على دين الشيخ أحمد يسن..  ماذا لو أن الذي فعله ياسر عرفات مثلا؟!!..

أي آفاق هائلة ومروعة كان الجرم يبلغها..

 

***

 

تلك الآفاق المروعة للجرم الهائل  ليست خيالا.. لأنها بعينها ما حدث من رجال ثورة 23 يوليو مع الإخوان المسلمين.. وفي القلب منهم الشهيد سيد قطب. ولم تكن الأغنية " يا شارون يا مثال الوطنية".. بل كانت يا "جمال يا مثال الوطنية"..

 

***

 

في حدود ما أعلم، لم يشهد التاريخ قضية تواطأ الجميع على الكذب وطمس الحقائق فيها كما شهدت قضية انقلاب ضباط 23 يوليو على حلفاء الأمس.. بل قادة الأمس من الإخوان المسلمين.

كان الشرق والغرب يتحالفان.. وكان الليبراليون والشيوعيون يتفقون، وكان الجلادون والخونة واللصوص يأتمرون.. وكانت الصحافة تتواطأ على درجة من الكذب ليس لها مثيل..  ولقد ضربنا أمثلة محدودة في المقالات الماضية، ونضيف إليها اليوم - قبل أن نبدأ بالحديث عن الشيخ سيد قطب - مثلا ثالثا عن الشهيد محمد فرغلي..

كان الشيخ المجاهد محمد فرغلي  أحد أبرز العلماء حتى أن عبد الناصر ألمح إليه بنيته على تعيينه شيخا للأزهر، كان رجلا عميق الإيمان شديد المراس، قوي العزيمة زاهدا في المظاهر، يؤثر العمل على القول، يحب الناس جميعاً، ويتفانى في خدمتهم وبخاصة الضعفاء منهم، حيث يقف إلى جانبهم لأخذ حقوقهم ورفع الحيف والظلم عنهم. وكان مجرد ذكر اسمه يُرعب الإنجليز واليهود والعملاء، وقد وضعوا الجوائز الكبيرة لمن يعثر عليه ويسلمه لهم حياً أو ميتاً. وكانت أحاديثه في مخيمات الإخوان وكتائبهم ومعسكراتهم وأسرهم، تأخذ بمجامع قلوب السامعين، لما يجدونه فيها من الصدق والوضوح، والبساطة والحلاوة والإيمان والإخلاص، فحديثه حديث القلب إلى القلوب ومناجاة الروح للأرواح، يثير العواطف، ويحرك المشاعر، ويدعو للعمل الجاد الدؤوب في سبيل الله ومن أجل المستضعفين في الأرض، ويوضح لجماهير الإخوان أن أعداء الإسلام من اليهود والصليبيين والمستعمرين هم أتفه وأحقر من أن يصمدوا أمام عزائم الرجال المؤمنين ، وأن تجارب الحرب معهم في فلسطين، كشفت عن جبنهم وتخاذلهم، وهشاشة قوتهم، فكانوا يفرون كالفئران المذعورة أمام مجاهدي الإخوان المسلمين، ولولا المؤامرات الدولية الكبرى، وتخاذل بعض الأنظمة في ديار العرب والمسلمين لما ضاعت فلسطين، ولما كان للإنجليز أو الفرنسيين أو الأمريكان وجود في البلاد الإسلامية.

يقول الأستاذ عباس السيسي في كتابه القيم "في قافلة الإخوان المسلمين": "... لقد كان الشيخ محمد فرغلي داعية من دعاة الإسلام ومن الرعيل الأول من الإخوان المسلمين، عمل مع الإمام الشهيد حسن البنا منذ بدأ دعوته في مدينة الإسماعيلية، واختاره الإمام الشهيد لمسؤوليات كبار، فكان عند حسن الظن، حيث شمر عن ساعد الجد، وسط مدينة كانت ترابط حولها من كل جانب قوات الاحتلال البريطاني، فجعل الأرض تميد من تحت أقدامهم...

لقد كان الداعية المحنك الشيخ المجاهد محمد فرغلي هو رئيس الإخوان المسلمين بمنطقة الإسماعيلية، وكان ساعده الأيمن الذي يشد أزره، هو المجاهد الجسور يوسف طلعت، وكان الاثنان مصدر الخوف والرعب لقوات الاحتلال البريطاني بالقناة.

يقول الأستاذ كامل الشريف في كتابه القيم "المقاومة السرية في قناة السويس": ".... لقد عرفت الشيخ محمد فرغلي ـ أول ما عرفته ـ يوم كان يرافق الإمام الشهيد حسن البنا في جولته على خطوط القتال في فلسطين، ثم توثقت بيننا عرى الأخوة، حين عملنا سوياً، خلال الحملة الفلسطينية، فازددت به معرفة وإعجاباً، فقد كان من الصنف الذي يفرض عليك ـ رغم تواضعه الشديد وأدبه الجم ـ أن تحترمه وتقدِّره، وكان مفتاح شخصيته هو "الترفع" الترفع عن الصغائر، والترفع عن الخصومات، والترفع عن كل ما يشين، وكان شديد الحرص على سمعة الدعوة ونظمها، غيوراً إلى أبعد الحدود، على هيبتها وكرامتها، وأذكر أن الشيخ فرغلي وأنا، كنا نمثِّل الإخوان في لقاء بمكتب البكباشي عبد الناصر، وكان وقتها وزيراً للداخلية في وزارة محمد نجيب، وقد ضم الاجتماع رجال الانقلاب: عبد الحكيم عامر، وصلاح سالم، وحسين كمال الدين، فأراد ضباط الانقلاب، أن يوقعوا بين الشيخ فرغلي، والمرشد العام الهضيبي بذكرهم جهاد الشيخ فرغلي في فلسطين والقناة، وثنائهم عليه، والنيل من شخص المرشد العام، فما كان من الشيخ فرغلي، إلا أن قطع عليهم الحديث وقال غاضباً: "يجب أن تدركوا أن هذا الذي تتحدثون عنه هو زعيمنا وقائد جماعتنا، وإنني أعتبر حديثكم هذا إهانة للجماعة كلها ولشخصي بصفة خاصة، وإذا كان هذا أسلوبكم فإنكم لن تصلوا إلى شيء"، فكان هذا القول كافياً لإقناعهم أنهم أمام رجل صلب العود، قوي الشكيمة، فانصرفوا بالحديث إلى جهة أخرى. ولم يكن الشيخ فرغلي من ذلك النوع من شيوخ الدين، الذين يتعلقون بالقشور ويبحثون عن المناصب والمراكز، ولكنه كان مجاهداً بحق، وحسبه أنه ترك وظيفته وأهله، وذهب إلى فلسطين مع رجال جماعته من المجاهدين، وحين نشبت معركة قناة السويس، ترك أهله مرة أخرى واندمج بكليته في المعركة".

وقد نشرت مجلة "روزاليوسف" حديثاً مطولاً للشيخ فرغلي مع مندوبها وقد وصفته المجلة بأنه الشيخ الغامض الذي يحسب له الإنجليز ألف حساب، حيث قال في حديثه للمجلة: "إن الإخوان المسلمين لا يستطيعون الكف عن محاربة الإنجليز حتى يتمّ جلاء القوات البريطانية، وإن أفضل طريقة أمام القيادة البريطانية لحماية جنودها هي سحبهم من قناة السويس" .

 وهذا هو البطل الفذ، والمجاهد الشجاع، والداعية الحكيم، الذي دوَّخ اليهود والإنجليز، وتلك هي سيرته العطرة وتاريخه المجيد. هذا هو البطل التي تطوعت الثورة بإعدامه شنقا يوم  7-12-1954م، حيث وقف الشيخ المجاهد شامخ الرأس أمام حبل المشنقة، باسماً في إقدام، فرحاً في إيمان، مردداً قول من سبقوه من إخوانه وهم يمضون في طريق الشهادة، وعجلت إليك رب لترضى، وقال قولته الشهيرة: "إنني مستعد للموت فمرحباً بلقاء الله"، وصدق الله العظيم إذ يقول: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى" نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

ولقد عم العالم العربي والإسلامي موجة من السخط الشديد، والاستنكار الغاضب، وأعلن الحداد في بلاد الشام وغيرها، على هؤلاء الشهداء، ونكتفي بإيراد مقتطفات من كلمة الأستاذ الكبير علي الطنطاوي التي أذيعت من دمشق ونشرت في عدد من الصحف العربية والإسلامية حيث قال: "لو كان الأمر لي، لما جعلته يوم حداد، بل يوم بشر وابتهاج، ولما صيَّرته مأتماً بل عرساً، عرس الشهداء الأبرار على الحور العين، ولما قعدت مع الإخوان أتقبل التعزيات بل التهنئات، وهل يرجو المسلم إلا أن يموت شهيداً؟ وهل يسأل الله خيراً من حسن الخاتمة؟، إني لأتمنى ـ والله شاهد على ما أقول ـ أن يجعل منيتي على يد فاجر ظالم فأمضي شهيداً إلى الجنة، ويمضي قاتلي إلى النار، فتكون مكافأتي سعادتي به، ويكون عقابه شقاؤه بي. هذا هو العقاب لا عقابك يا جمال، عقاب الناصر لأوليائه، القاهر فوق أعدائه، الذي ستقف أمامه وحدك ليس معك جيشك ولا دباباتك ولا سلاحك، ولا عتادك، تساق إليه وحيداً فريداً، ليسألك الله عن هذه الدماء الزكية فيم أرقتها؟ وعن هذه الأرواح الطاهرة فيم أزهقتها؟ وعن هاتيك النساء القانتات الصابرات فيم رملتهن؟ وعن أولئك الأطفال البرآء، فيم يتمتهم؟ وعن هذه الجماعة الداعية إلى الله المجاهدة في سبيله، فيم شمَّت بها أعداء الله ورسوله؟ فإن كان عندك دفاع فأعده من الآن، لتدلي به أمام محكمة الجبار، التي لا تحكم بالموت شنقاً، بل بالحياة الدائمة في النار، التي يصغر الشنق ألف مرة من عذاب لحظة منها، يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا حزب ولا أعوان ولا سيف ولا سلطان، يوم تتبدل الموازين وتتغير المقاييس ويكون الفضل للفاضل، والصدر للصالح، وتنزل ملوك وتعلو سوقة، يوم ينادي المنادي لمن الملك اليوم؟ للطغاة! للبكباشية! لسادة بكنجهام والبيت الأبيض والكرملين! كلا، إنه لله الواحد القهار. فهل تجد لك طريقاً لا يمر بك على المحشر؟ ولا يقف بك موقف الحساب؟ هل تعرف ملكاً تفر إليه؟ ولقد حكم مصر من قبلك فاروق ومن قبله المماليك ومن قبلهما فرعون وهامان فأين اليوم فرعون والمماليك وفاروق؟ أين من طغى وبغى وقال أنا ربكم الأعلى؟ لقد ساروا جميعاً في ركاب عزرائيل، تشيعهم دعوات المظلومين".

 

***

 

سوف نترك الآن الشهيد محمد فرغلي، لكننا نعرج قليلا إلى نمط من أنماط العذاب التي تعرض لها الشيخ محمد فرغلي، وزميله وصديقه يوسف طلعت.. وأيضا الشيخ سيد قطب.. كمجرد نموذج لما حدث مع اآخرين.. كل الآخرين..

نقرأ جزءا من ذلك التعذيب في سفر الشيطان.. نقرأ عما فعلته كلاب النار بالأستاذ يوسف طلعت الذي تعرَّض لتعذيب شديد القساوة والوحشية، حيث كسروا عموده الفقري وذراعه وجمجمته ولم يبق مكان في جسمه إلا وأصيب بكسر أو جرح أو رضّ، حتى إن الأستاذ المرشد حسن الهضيبي حين حاكمه جمال سالم تحدث الهضيبي عن التعذيب الذي أصاب الإخوان، ونفى جمال سالم، فردَّ عليه الأستاذ الهضيبي: اكشفوا على يوسف طلعت لتروا مقدار التعذيب الذي أصيب به وغيره من الإخوان في سجونكم.

كان جمال سالم  هوالوحش، هوالكلب المسعور والذئب العقور الذي تمكن من شيوخ المجاهدين..

وكان حسين الشافعي و أنور السادات عضوي اليمين والشمال..

أو على الأحري كان كليهما عضو شمال..

سنعود إلى ذلك مرارا بعد ذلك..

لكنني كما قلت لكم في بداية هذا المقال بل في عنوانه " ليست الغرابة في  ضراوة الصراع  بل في ضراوة الكذب والخسة والخداع.."

لم يكتفوا بإعدام الشهيد محمد فرغلي..

كان المقصود تدميرا كاملا.. تدمير الجسد والروح والسمعة.. تدمير القضية التي استشهد من أجلها الشهيد..

أخذت الثورة بالثأر الذي كان في عنق الشهيد لبريطانيا و إسرائيل..

يقول فضيلة الشيخ  محمد عبدالله الخطيب - أطال الله عمره - أنه بعد إعدام الشهيد بثلاثة أيام فوجئ بصحيفة الأهرام تنشر  في الصفحة الأولى صورة عمارة ضخمة جدًا وأمامها عربية مرسيدس مكتوب تحتها هذه عمارة فرغلي وقد بناها من تبرعات فلسطين وهذه سيارته.

يواصل الشيخ محمد عبد الله الخطيب: ولأننا لم نكن نظن أن الإجرام يصل إلى هذه الصورة حتى الناس لم تجف دماؤهم أخذت الأهرام وذهبت إلى البيت وكنت أسكن في الحلمية وأنا في غاية الألم، يسكن معي أحد الإخوة من أسيوط فقال لي هل تدري إن أخو الشيخ فرغلي إبراهيم سيزورنا بعد قليل لأنهم حضروا من البلد ليأخذوا وصية الشيخ ويستلموا هدومه، فانتظرت حتى جاءوا فأخذت إبراهيم وقلت له ممكن أشوف الوصية؟ قال: نعم فأعطاها لي فوجدت وصية:

"يا إبراهيم اذكر أن سجن المؤمن خلوة أن تغريبه سياحة وإن قتله شهادة.

يا إبراهيم أنا لم أترك لكم شيئًا فإذا أعوزتك الحاجة فاذهب إلى الشيخ الباقوري فإنه صديق يستطيع أن يقضي لك ما تريد".

ويواصل الشيخ محمد عبدالله الخطيب بحثه عما تركه البطل الشهيد محمد فرغلي لأبنائه..

كانت عمارة الأهرام فرية خسيسة قذرة..

أما ما تركه البطل الشهيد فعلا لأبنائه فقد كانت بيتا قديما في الإسماعيلية، بيتا قديما مؤجرا بمبلغ مائة وعشرين قرشا شهريا..

نعم..

120 قرشا شهريا..

أما من قارئ يطفئ بعضا من أوار النار المتأججة داخل قلبي ببعض دموع..

120 قرشا شهريا .. إلا أن الشهيد محمد فرغلي لم يكن يمتلك المنزل كله .. بل نصفه فقط.. وكان إيراده منه ستون قرشا شهريا.. وكانت هذه التركة الضخمة هي كل ما تركه البطل الشهيد لأهله..

أما الأهرام فقد أطلقت فريتها القذرة الخسيسة.. وما من أحد يحاسب أحدا..ووسط الرعب القائم كان الناس يقرءون فيصدقون و إلا حدث لهم نفس ما يحدث للشهداء.. ويمر اليوم وراء اليوم.. وتترسخ الأكاذيب.. وكل النظم.. كل النظم وكل الحكومات.. ما من واحدة منها على استعداد لإعادة التحقيق.. فالكل يدرك من سيكون المجرم والخائن واللص عندما يكتمل أي تحقيق حقيقي جاد.

من سيكون كل ذلك..

ومن الذي كانت المخابرات الأمريكية تحركه..

 

***

 

أقول لكم أن "عمارة صحيفة الأهرام والسارة المرسيدس"  كانت فرية خسيسة قذرة.. ربما لم يكن محمد حسنين هيكل مسئولا عنها بالذات .. لكنه كان مسئولا عن الآلاف مثلها بعد ذلك..

ألم أقل لكم أن أزمته أزمة ضمير شخصي لا أزمة فكر قومي..

أزمة كان يمكن أن يحل جزءا منها، أو على الأحرى يواريه، أن تنتصر ثورة 23 يوليو على إسرائيل..  أن تتحرر من الاستعمار..  أن تنشئ جيشا.. ونظاما.. وعدالة..

لكن كل ما وعدوا به حدث عكسه..

وكل ما حذر منه الإخوان المسلمون تحقق..لم تكن الوسائل إذن مبررة للغايات.. فقد كانت الغاية خرابا وكانت كل الوسائل جرائم..

ولقد حاول هيكل أن يرد بضراوة عمن حاول اتهامه بالإساءة لأي صحافي.. ونفى ذلك بضراوة وبإطلاق .. ولعله نسي - ولن نسئ الظن أكثر - أن سيد قطب كان رئيسا للتحرير قبل هيكل بعشرة أعوام على الأقل..

لم يكن هيكل كصلاح نصر وحمزة البسيوني ولا حتى كموسي صبري وابراهيم سعدة وابراهيم نافع..

لم يكن معدوم الضمير كليا..

لكنه في نفس الوقت لم يكن يملك منه مثل الحر بن يزيد كي ينتقل من جيش يزيد إلى جيش الحسين..

ليست لديه القدرة على الاعتراف والتوبة..

فياله من شقاء..

 

***

 

سوف نعود إلى ذلك أيضا.. لكن آن الأوان لكي أتقدم وجلا خاشعا خائفا دامعا إلي محراب بطل من أعظم أبطال التاريخ الإسلامي وشهيد على رأس شهدائه، وهو الشهيد سيد قطب..

 

***

 

ولكي تعلموا يا قراء أي رجل كان  فإنني أبدأ بثبت لمؤلفاته:

1 - مهمة الشاعر في الحياة، وشعر الجيل الحاضر. (نقد).

2 - الشاطئ المجهول (شعر)

3 - نقد كتاب مستقبل الثقافة في مصر (نقد).

4 - التصوير الفني في القرآن (نقد).

5 - الأطياف الأربعة (بالاشتراك مع إخوته)

6 - طفل من القرية. (صور وصفية)

7 - المدينة المسحورة (قصة)

8 - كتب وشخصيات (نقد)

9 - أشواك (قصة)

10 - مشاهد القيامة في القرآن (نقد.

11 - روضة الطفل (قصص للأطفال بالاشتراك)

12 - القصص الديني للأطفال. (بالاشتراك مع عبد الحميد جودة السحار).

3 - الجديد في اللغة العربية (أدب).

14 - الجديد في المحفوظات (أدب)

15 - النقد الأدبي: أصوله ومناهجه.. (نقد).

16 - العدالة الاجتماعية في الإسلام (فكر)

17 - معركة الإسلام والرأسمالية (فكر).

18 - السلام العالمي والإسلام (فكر).

19 - في ظلال القرآن (تفسير).

20 - دراسات إسلامية (فكر)

21 - هذا الدين (فكر).

22 - المستقبل لهذا الدين (فكر)

23 - خصائص التصور الإسلامي (فكر)

24 - الإسلام ومشكلات الحضارة (فكر)

25 - معالم في الطريق (فكر)

26 - مقومات التصور الإسلامي (فكر)

27 - أفراح الروح (خواطر).

28 - نحو مجتمع إسلامي (فكر).

29 - في التاريخ: فكرة ومنهاج (فكر).

30 - معركتنا مع اليهود (فكر)

31 - لحن الكفاح (شعر)

32 - أمريكا التي رأيت (فكر).

كانت هذه مؤلفات رجل سجنوه في أخصب أعوام عمره..

رجل كتب عنه أستاذه " الدكتور مهدي علام" في تقديمه لرسالة (مهمة الشاعر في الحياة) التي ألقاها سيد قطب كمحاضرة في دار العلوم يقول: (لو لم يكن لي تلميذ سواه لكفاني ذلك سرورا وقناعة، ويعجبني فيه جرأته الحازمة التي لم تسفه فتصبح تهورا، ولم تذل فتغدو جبنا، وتعجبني فيه عصبيته البصيرة، وإنني أعد سيد قطب مفخرة من مفاخر دار العلوم".

 

***

 

كانت العلاقة بين البطل الشهيد وبين ضباط 23 يوليو علاقة حميمة ، لكنه سرعان ما صارح بعض خلصائه فقال: لا أجد في تطورها ما يريح! فهؤلاء الأمريكان يحاولون احتواءها بدلا من الإنجليز...

يروي الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار- الأديب الحجازي المعروف والصديق الأثير لسيد قطب- عن صلة سيد برجال الثورة بعد قيامها، فيقول: بلغ من احترام الثورة لسيد قطب، وعرفانها بجميله وفضلا، أن كل أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا ملتفين حوله، ويرجعون إليه في كثبر من الأمور، حتى إنه كان هو المدني الوحيد الذي يحضر جلسات المجلس أحيانا، وكانوا يترددون على منزله في حلوان..

ويتابع عطار كلامه كما ينقله لنا الدكتور صلاح الخالدي في كتابه " سيد قطب: الأديب الناقد، والداعية المجاهد، والمفكر المفسر الرائد"- دار القلم- دمشق..:

 "قرر مجلس  قيادة الثورة- ونشرت القرار مجلة آخر ساعة- أن يسند إلى سيد قطب منصب وزير المعارف ولكن سيد قطب اعتذر!!

ورجوه أن يتولى منصب المدير العام للإذاعة، فاعتذر!!

وأخيرا وافق على أن يكون السكرتير العام لهيئة التحرير..( وهي وظيفة تعني أنه تقريبا الرجل الثاني في الدولة.. نعم .. إنها الوظيفة التي يشغلها الآن : يوسف والي ميرزا..!! م. ع . ) ولبث فيه شهرا.

وبدأ الخلاف بين سيد قطب وبين عبد الناصر وزملائه، فاضطر سيد إلى الاستقالة من هيئة التحرير...

وسيد قطب نفسه يروي عن صلته برجال الثورة بعد قيامها فيقول: "استغرقت في العمل مع رجال ثورة 23 يوليو 52، حتى شهر فبراير 1953. عندما بدأ تفكيري وتفكيرهم يفترق حول هيئة التحرير، ومنهج تكوينها، وحول مسائل أخرى في ذلك الحين، لا داعي لتفصيلها..

ويقول. "كنت أعمل أكثر من اثنتي عشرة ساعة يوميا، قريبا من رجال الثورة... " ..

ويواصل الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي:

قادة الثورة يقيمون حفل تكريم  لسيد قطب:

ومن تقدير وتوقير رجال الثورة له أنهما أقاموا حفل تكريم له بعد شهر من قيام الثورة.. وكان أساس الحفل محاضرة لسيد قطب بعنوان "التحرر الروحي والفكري في الإسلام " دعي سيد لإلقائها في نادي الضباط في الزمالك في شهر أغسطس- آب- وذهب سيد لإلقاء المحاضرة في الموعد المحدد، وكان معه صديقه الأديب الحجازي أحمد عبد الغفور عطار.

         وبدل أن يلقي سيد محاضرته، حول قادة الثورة الحفل إلى كلمات وخطابات للإشادة بسيد وبيان مناقبه.

وندع الأستاذ عطار يصف ما جرى في الحفل:

"وفي الموعد المحدد حضرت معه، وكان النادي مزدحما بحدائقه وأبهائه الفسيحة، وحضرها جمع لا يحصى من الشعب، وحضر إلى النادي أبناء الأقطار العربية والإسلامية الموجودون في مصر، وكثير من رجال السلك السياسي، وكبار زعماء الأدب والفكر والقانون والشريعة، وأساتيذ من الجامعات والكليات والمعاهد.

وكان مقررا حضور محمد نجيب، وتوليه تقديم سيد قطب، إلا أن عذرا عارضا اضطر محمد نجيب للتخلف، وبعث برسالة تليت على الحضور، تلاها أحد الضباط،. وموجز كلمة محمد نجيب: أنه كان حريصا على أن يحضر المحاضرة، ويفيد من علم سيد قطب، ووصف سيد بأنه معلم الثورة ورائدها وراعيها.. وبعث نجيب برسالته مع أنور السادات، وأناب عنه جمال عبد الناصر.

وحول الضباط محاضرة سيد إلى مناسبة للاحتفال والاحتفاء به، وبيان مناقبه، وبدل أن يحاضر سيد فيهم، صار الخطباء يتكلمون عن سيد، ويثنون عليه، وهو جالس!

افتتح أحد الضباط الحفل، بآيات من القرآن. وقال أحد كبار الضباط: "كان مقررا أن يقوم الرئيس محمد نجيب، بتقديم أستاذنا العظيم، ورائد ثورتنا المباركة، مفكر الإسلام الأول في عصرنا الأستاذ سيد قطب، ولكن أمرا حال دون حضوره.. وأريد مني تقديم الأستاذ سيد قطب، وإن كان في غنى عن التقديم، وعن التعريف.

وكان حاضرا الحفل الدكتور طه حسين، فتقدم  وألقى كلمة رائعة قال فيها: "إن في سيد قطب خصلتين، هما: المثالية المثالية، والعناد، فهو ليس مثاليا فقط، ولكنه مثالي في المثالية".

وذكر سيد قطب وأثره" في الثورة ورجالها.. واختتم كلامه بالقول: إن سيد قطب انتهى في الأدب إلى القمة والقيادة، وكذلك في خدمة مصر والإسلام.

ثم وقف سيد قطب، وألقى كلمة مرتجلة، وسط تصفيق المصفقين، وهتاف الهاتفين له.

قال عن الثورة: "إن الثورة قد بدأت حقا، وليس لنا أن نثني عليها ، لأنها لم تفعل بعد شيئا يذكر، فخروج  الملك ليس غاية الثورة، بل الغاية منها العودة بالبلاد إلى الإسلام".

ثم قال  سيد قطب: لقد كنت  في عهد الملكية، مهيأ نفسيا للسجن في كل لحظة،  وما آمن على نفسي في هذا العهد أيضا، فأنا في هذا العهد، مهيأ  نفسيا للسجن، ولغير السجن، أكثر  من ذي قبل".

وهنا وقف جمال عبد الناصر، وقال بصوته الجهوري ما نصه: "أخي الكبير سيد. والله، لن يصلوا إليك إلا على أجسادنا، جثثا هامدة، ونعاهدك باسم الله، بل نجدد عهدنا لك، على أن نكون فداء ك حتى الموت!".

وصفق الناس  تصفيقا حادا متواصلا، مع الهتاف المتكرر بحياة سيد قطب.

ثم وقف  الضابط "محمود العزب " وتكلم عن دور سيد قطب في التمهيد للثورة، وعن حضوره لبيت سيد قبيل الثورة، وأنه وجد عنده عبد الناصر، وغيره من ضباط الثورة ! وبين نظرة رجال الثورة لسيد.

ثم وقف الأستاذ أحمد عطار، وعقب على كلام الدكتور طه حسين عن سيد، فقال عطار عن سيد: إن سيد عنيد في الحق " فهو إذا اعتقد شيئا أصر عليه، ولا يعتقد إلا الحق، وهو عنيد في كفاحه وجهاده...

وعندما انتهى الحفل كان البكباشي جمال عبد الناصر في وداع سيد قطب، وكان الضباط والجنود وجماهير الناس تهتف بحياة سيد" (1).

ويختتم الدكتور صلاح الخالدي شهادته في هذه الواقعة بقوله:

نكتفي بتقديم هذه المعلومات العجيبة عن سيد، كما رواها أحد الحضور، ونشير فقط إلى فراسة سيد الإيمانية النفاذة، حيث استشرف المستقبل، وتوقع السجن والموت، وسط مظاهر الإشادة والاحتفاء والثناء!

 

***

 

سوف نعود إلى ذلك كله.. لكن أفضل ما نورده الآن هو ما قاله العلامة الشهير محمد قطب  عن شقيقه الشهيد  الشيخ سيد قطب في شريط مسجل ( أعتذر مقدما عن أي خطأ في تفريغ الشريط المسجل واختصاره.. فقد قمت به بنفسي - م ع )..

يقول العلامة محمد قطب:

 ليس المهم قصة حياة سيد قطب بل المهم النقاط الواضحة في حياته. إن فكره هو الأولى أن يهتم به وليس وقائع حياته. حفظ القرآن في المدرسة ( قبل سن العاشرة). [ اختياريا وتحديا بعد أن تمرد على الكتاب].

بدأ حضور ندوات العقاد مع خاله وهو في المدرسة الثانوية، بدأ النشر في الصحف وعمره لا يتجاوز 18 عاما فكتب الشعر والمقال.

في العشرين كتب مقالا ضد رئيس الوزراء محمد محمود رئيس حزب الأحرار الدستوريين. محمد محمود ذي القبضة الحديدية استدعاه ليعرف من كتب ضده بهذه القوة.. وفوجئ بعمره ..  و قال له اكتب ما تشاء فإني معجب بك.

كان أول كتاب الرسالة وهي أهم مجلة ثقافية في العالم العربي.

مجلة الفكر الجديد( الفكر الجديد.. وليست الفجر الجديد.. والأخيرة مجلة شيوعية سيدعي الشيوعيون بعد ذلك في أكاذيبهم الفاجرة أن سيد قطب كان يكتب فيها مستغلين تقارب اسم المجلتين، ولكي يروجوا لأكذوبة أن الشهيد كان شيوعيا- سنتناول فيما بعد خطتهم في الكذب: إنهم يطلقون الكذبة، فإذا انطلت على الناس فبها ونعمت، و إذا كشفها الناس لا يعودون إليها بل يلجئون إلى غيرها-  م ع ).

كان صديقا لرئيس الحكومة الذي أرسله في بعثة لأمريكا لتجنب اعتقاله.

صدور كتاب العدالة الاجتماعية وهو في أمريكا.

أجريت له عملية اللوز في أمريكا ( وليس الزائدة كما تقول بعض المراجع ).

وفي  فبراير 49- قتل الإمام الشهيد حسن البنا. كان ما يزال في المستشفى.. وفوجئ بقيام الأمريكيين بالاحتفال بالاغتيال وكان لذلك  تأثير ضخم جدا عليه. كانت شماتة صليبية هائلة في مجال غريب عليها، فهنا أطباء وممرضات لا علاقة لهم بالسياسة، ليسوا صحافيين أو ساسة مثلا. مع هذه الشماتة قرر الالتحاق بالجماعة.

 لم يلتق أبدا بحسن البنا كما تدعي بعض الدراسات.

 لم يكن قد التحق بالإخوان حتى ذلك الوقت، حيث فعل ذلك في أوائل 1951 مع الأستاذ الهضيبي حيث شغل رئيس قسم نشر الدعوة منذ التحاقه بها.

ما بين 51-52 كانت مصر تغلى من شدة الفساد. كان يكتب ثلاث مقالات أسبوعيا، أشدها قوة في مجلة الأستاذ أحمد حسين: الاشتراكية . كان يحقق معه ثلاثة مرات أسبوعيا كل تحقيق يستغرق اليوم بطوله، ثم يفرج عنه، كان يكتب بصورة حادة لكنه كان يتحاشى مزالق النيابة.

بعد الثورة

في اليوم الثالث 25 يوليو اتصل محمد نجيب الرئيس الظاهري للحركة ، ( أُوحِي إلى محمد نجيب أن يرشح نفسه، و أوحي إلى الملك رفض ذلك ، ثم أوحي إلى الملك القبول فصار محمد نجيب  بطلا شعبيا)

قال محمد نجيب لسيد قطب : نحن تلاميذك، تتلمذنا على كتابك العدالة الاجتماعية في الإسلام، وعلى مقالاتك في مجلة الاشتراكية، ونريد أن تكون أنت مستشارنا في الأمور الداخلية، فذهب إليهم فاحتفوا به احتفاء شديدا في أول الأمر على أساس أنه أستاذهم الذي وجههم  بكتبه ومقالاته.

عاش معهم ستة  أشهر في الثلاثة الأولى منها كان ينزل في الصباح الباكر ليعود في الثالثة صباحا حيث توصله إحدى سيارات الجيش. عهدوا إليه أن يوجههم كي يتصرفون في المسائل الداخلية دون الخارجية. لم يعرف سيد قطب لماذا عهدوا إلية بالشئون الداخلية دون الخارجية، كانوا يتصرفون فيها بأنفسهم دون استشارته وفي إطار كامل من السرية. فتحوا أمامه كل الملفات الداخلية وطلبوا مشورته في كل الأمور، وخصصوا كمال الدين حسين ليجلس أمامه مجلس التلميذ أمام أستاذه ليستشيره في أمور التعليم.

تبين  لسيد قطب أن هناك تأثيرا أمريكيا قويا واقعا على الثورة، نبههم إلى ذلك فسارعوا بالنفي وقالوا له نحن نستعين بهم لطرد الإنجليز.

في الشهور الثلاثة الأولى وقعت صدامات بين العسكر والإخوان. حاول الشهيد  التوفيق بينهم ، وكانوا يستجيبون له حرصا على استمراره معهم، واعتذر محمد نجيب للإخوان عن كلمة قالها في حقهم.

عندما تبين لسيد مؤامرة للقضاء على الإخوان اعتزل العسكر. ثم اعتقل مع الإخوان، كان الاعتقال الأول هينا لينا دون تعذيب - يناير 54 ، وكان المقصود أن يبقوا إلى أن يموتوا أو أن يتم الصلح مع إسرائيل. فجأة بعد 3 شهور أخرجوا من المعتقل، وكان السبب أزمة عزل محمد نجيب وتمرد فرقة الفرسان وقيامها بحصار فرقة المدفعية ( فرقة جمال عبد الناصر) وفي الشارع كان الإخوان يسيطرون على الشارع، كان عبد الناصر محاصرا من الجيش والشارع، فلجأ إلى المناورة بصورة مسرحية حين أمر بالإفراج عنهم، وسبق المرشد إلى بيته ليكون في استقباله. وقبل يديه وقال له نحن أخطأنا فسامحونا فلن نخطئ مرة أخرى، وكان يدبر في نفسه غير ما يقول.

بين هذا الإفراج في مارس والاعتقال الثاني في أكتوبر ، في تلك الأثناء أخرج الإخوان مجلة الإخوان المسلمون، كان سيد قطب رئيس تحريرها وكان محمد قطب يترجم موضوعات أجنبية، وكانت آخر برقية جاءت للمجلة من رويتر ولم تنشر  لأن العدد الذي كان يجب أن تنشر فيه صودر ثم أغلقت المجلة. كانت البرقية هي: هناك صلح يجري إعداده بين مصر و إسرائيل.

 

***

 

 ( أحيل القارئ إلى كتابات أحمد حمروش عن هذه النقطة، و إلى لقاء أخير له مع الصحافي إبراهيم عيسى يوم الخميس الماضي على قناة دريم2، كان حمروش يؤكد أن عبد الناصر لم يفكر أبدا مجرد تفكير في القضاء على إسرائيل، وكان كل ما يتمناه قبل 67 هو عودة اللاجئين، وبعد 67 إزالة آثار العدوان، و أنه كان يقبل بوجود إسرائيل طول الوقت، ومستعدا للصلح معها، و أن اتصالات مباشرة تمت بين حمروش وناحوم جولدمان بأمر من عبد الناصر في وقت مبكر جدا،  كان حمروش يقول ذلك، وكان ابراهيم عيسي يقول في ذهول: سيُصعق الناصريون عندما يسمعون  أن عبد الناصر كان مستعدا للصلح مع إسرائيل.. وكان حمروش يؤكد: ولكنها الحقيقة)..

***

 في أكتوبر 54 اعتقل الإخوان بتهمة محاولة اغتيال عبد الناصر، وهذا غير صحيح مطلقا، وهي مسرحية مفتعلة للقضاء على الإخوان، و أعدم سبعة وكان في القائمة صفان آخران. أثناء التحقيق كان القاضي يسأل المتهم: اشتركت في حرب فلسطين؟ اشتركت في حرب القناة؟ كان من اشترك في الاثنين 25 سنة، ومن اشترك في الأولى دون الثانية 15 سنة وفي الثالثة دون الأولى عشر سنوات.

كان من المفروض أن يعدم في 54 المرشد وسيد قطب. لكن لظروف قدرها الله  كتب الله لهما مزيدا من العمر، أصيب الهضيبي بأزمة قلبية وكان أمل الثورة أن تقضي عليه، ولم يمت كما قدر عبد الناصر إلا بعد وفاة عبد الناصر.

لم ينفذ الحكم في سيد لأنه بسبب التعذيب أصيب بنزيف رئوي شديد مستمر فلم يكن يمكنه المثول أمام المحكمة، أجلوها ثلاثة أيام ثم أسبوع ثم أسبوعين ثم شهرين. وفي هذه الأثناء حدث رد عل عنيف جدا في العالم الإسلامي بسبب إعدام السبعة وقامت مظاهرات كبيرة في العواصم و أحرقت السفارات المصرية في الخرطوم و إسلام أباد، رأت الحكومة تهدئة لرد الفعل الإسلامي أن تصدر بيانا أنه لن تكون هناك إعدامات جديدة.  وكان هذا التصريح حائلا أمام المحكمة فحكموا عليه بالمؤبد ثم عدل إلى  خمسة عشر عاما قضى منها بالفعل عشر سنوات، وفي السجن  كتب : هذا الدين، والظلال، والإسلام ومشكلات الحضارة، والمعالم.

أتيحت له فرصة الكتابة ولكتاب الظلال أن يخرج.

من آثار التعذيب وضع في مستشفى السجن. وكان معه 2 من الإخوة. فترة السجن قضوها في المستشفى.

أصيب بالذبحة الصدرية مرتين في السجن.

كان قد كتب 18 جزءا من الظلال  خارج السجن والباقي في السجن ثم أعاد كتابة الأجزاء من  1-12 طبعة ثانية وكان يريد إكمال الباقي.

حدث تحول حاد في الطبعة الثانية التي كتبت داخل السجن من البقرة إلى الأنعام إلى الجزء الثاني عشر.

يقول أعداؤه أن التعذيب هو الذي جعله حادا.

السبب الحقيقي هو ما حدث من الجماهير بعد مذبحة 55 للإخوان.

سنة 56 عملت مسرحية تأميم القناة فصفقت الجماهير لعبد الناصر ويده تقطر دما من المسلمين. وسأل نفسه سؤالا و أجاب عليه: لو كانت هذه الجماهير تعرف حقيقة لا إله إلا الله ومقتضياتها هل كان يمكن أن تلتف حول السفاح هذا الالتفاف. اتضح لسيد تماما أن هذه الجماهير لا تعرف حقيقة لا إله إلا الله .... و أنها منفصلة عن معناها ومقتضياتها.

هذا هو التحول الحقيقي الذي حدث لسيد. الأجزاء المعادة داخل السجن فيها تركيز هائل على لا إله إلا الله.

كل بناء يبنى قبل أن تنجلي قضية لا إله هو بناء هش لابد أن يسقط. ما لم تتضح هذه القضية: مقتضياتها ونواقضها فإن حماسة الجماهير لن تصمد لكيد ولا ضغوط. التربية على لا إله إلا الله إذن هي الهدف الأول الذي ينبغي لأن يكرس فكره له. أفرج عنه عام 64 فجأة هو و أربعين من السجن.

كان عبد الناصر يريد وحدة مع العراق بعد فشل الوحدة مع الأردن 57 ( القضاء على انقلاب أبو نوار) ثم فشل الوحدة  مع سوريا. استضاف عبد السلام عارف لبحث الوحدة، ضغط علماء العراق على عبد السلام عارف للكلام مع عبد الناصر، فقال علماء العراق يطالبونني بالتوسط للإفراج عن سيد قطب والإخوان. لقد أفرجت عن الشيوعيين بطلب خروشوف، ألا تفرجون عن المسلمين من أجل خاطري. فاستجاب عبد الناصر وهو يدبر أمرا.

تم الإفراج مايو 64 والسجن مرة أخرى سبتمبر 65

عرض كتاب المعالم على المرشد فطلب منه نشره.

قدر الله العجيب في كل خطوة. هذا الكتاب صدر دون أن تقرأه الرقابة، أخذ الناشر أول نسختين إلى الرقابة فأجازوه دون قراءته.

كان عبد الناصر كلما ذهب إلى بلد إسلامي تواجهه المظاهرات : أنت تسمح للشيوعيين بالسيطرة على وسائل الإعلام وبالكتابة في الصحف وتحارب المسلمين والإسلام، وكان عبد الناصر ينفي ذلك، والدليل نشر الظلال، و أرادوا أن ينفوا عن الدولة وعبد الناصر محاربة الفكر الإسلامي.

هذا الكتاب حين قرأه الشيوعيون فزعوا منه فزعا شديدا جدا، وقلوا للمباحث كيف سمحتم بهذا الكتاب وهو أخطر كتاب صدر لمفكر  إسلامي. لا يجوز أن يتداول هذا الكتاب ولا يجوز لصاحبه أن يبقى حيا، ثم ضغطوا على سادتهم في موسكو لتأييد رأيهم، ولهذا أصدر جمال عبد الناصر أوامره بالقبض على الإخوان من موسكو!!.  خطورة الكتاب أنه يكشف خطة المؤامرة  على المسلمين ، لقد أراد أن يرد على المعالم.

هذا الكتاب الذي أزعج الشيوعيين أزعج المباحث عندما قرءوه واكتشفوا خطورته.  وخطورته كشف المخطط. مخطط إخراج المسلمين من الإسلام مع إيهامهم دائما  بأنهم ما زالوا مسلمين. لقد  نحّوا الشريعة الإسلامية عن الحكم وقالوا للناس لا بأس عليكم  مادمتم تصلون وتصومون فأنتم مسلمون، ثم سلطوا على الناس من يشغلهم عن الصيام والصلاة ثم قالوا للناس لا بأس عليكم حتى لو لم تحكموا بالشريعة ولم تصلوا ولم تصوموا ما دمتم تقولون لا إله إلا الله. وهذا هو الوضع الذي كانت الأمة قد انتهت إليه، مسلمون بشهادة لا إله إلا الله، كالمسلمين بشهادة الميلاد. كتاب المعالم كله مركز على هذه القضية، و هي أن الإنسان لا يكون مؤمنا بنطق لا إله إلا الله بل بالعمل  بمقتضاها . فإذا لم يعمل بمقتضاها لم تحسب له، فضلا عن أنها لن تأتي أبدا أكلها بنصر المسلمين عند من لا يعمل بمقتضاها. كان الأعداء يرون أن هذه الدعوة ستوقظ الإسلام و أن صحوة الإسلام ستوقظ الجهاد و أن بدء الجهاد سيؤدي إلى انتصار الإسلام و إلى إخراج الكفار من ديار المسلمين.

كان الكتاب يهدف لإعادة الأمة إلى حقيقة الإسلام.

وكان يقرر أن الواقع الموجود واقع غير إسلامي.

و أن النطق لا يغني عن العمل.

اتفقت المباحث والشيوعيين في مصر والشيوعية العالمية  مع موسكو على ضرورة القضاء على الكتاب وصاحبه فكان تدبير  قضية 65. وكانت الأحكام .

وتكفل شمس بدران بتلفيق القضايا ، كان آنذاك  مدير المخابرات العسكرية: (خلي دي على أنا يا ريس). و تكفل بالأمر كله.

القضية رسميا كانت محاولة اغتيال جمال عبد الناصر وقلب نظام الحكم. وقال سيد في الدفاع عن نفسه في المحكمة: هذا غير صحيح، ولو كنا نريد اغتيال جمال عبد الناصر لفعلنا عن طريق واحد من حرسه الخاص، إسماعيل الفيومي، عضو الإخوان، لكننا لم نفعل.

كانت الأحكام معدة سلفا. صدر الحكم بالإعدام على عشرة. صدق جمال على ثلاثة. حدد موعد التنفيذ بعد صدور الأحكام بأسبوع, حدث تحرك لا أدري من صاحبه. جاء حمزة البسيوني وهو المشرف على التعذيب. وكانت شقيقة سيد في السجن الحربي . جاءها مدير السجن وقال لها لقد صدر حكم على سيد بالإعدام وهذا عار وخسارة كبيرة لسيد والرئيس مستعد لأن يصدر عفوا عنه بل و أن يسقط القضية كلها بشرط أن يعتذر له، ولا أحد يستطيع إقناعه إلا أنت. و أتاح لها مقابلته لمدة ساعة. ذهبت إليه، وجلست معه الساعة الأخيرة، وقالت له مطلوب مني أن أبلغك أنك إذا اعتذرت إلى جمال عبد الناصر فسيفرج عنك وسينهي القضية، قال لها وما رأيك أنت؟ فقال لها وما رأيك أنت وهل أنت موافقة، قالت لا ولكن طلب مني ذلك فقال لها لو كنت مخطئا لاعتذرت، ولكني أدعو بلا إله إلا الله، ولم أرتكب خطأ بدعوتي، واليمين التي تشهد بلا إله إلا الله لا يمكن أن تعتذر عن لا إله إلا الله. فخرجت وقالت لحمزة أنه رفض فقال إذن سينفذ الحكم..

 وفي فجر اليوم التالي نفذ الحكم.

 

***

 

انتهى كلام العلامة محمد قطب..

ولا أجد خيرا من وصف الشيخ عبد الحميد كشك للنهاية الدامية..

و أذكركم مرة أخرى يا قراء أنني لا أعود إلى التاريخ انتصافا - وإن كان هذا واجبنا جميعا- و إنما أعود إليه لأقول لكم أن الكارثة التي تحيق بنا الآن هي النتيجة الطبيعية لما حدث.. ليس فيها ما يدهش ولا ما يصيب بالإحباط واليأس والانهيار..

لقد حدث ذلك فكان لابد أن يحدث هذا..

لكن ذلك كله موضوع مقالات قادمة..

***

والآن فلنعد إلى الشيخ عبد الحميد كشك: إذ يقول:

من تهمته لا إله إلا الله لا يخرج من السجن أبدا..

لا تنفعه شفاعة الشافعين.

الرجل الذي فسر القرآن الكريم كأنما تنزل عليه  من السماء مفسرا عليه.

طلب من القاضي شربة ماء فأبى.. الدجوي..

بئس القضاء وبئس القاضي..

طلب من القاضي أن يجلس قليلا لأنه متعب قال له الدجوي مثلك يحرم عليه الجلوس.

قيل لعبد الناصر إن القانون لا يسمح بإعدام من في الستين إذا كانت تهمته سياسية فأجاب عبد الناصر : إلا هذا..

اشتدت الضغوط على عبد الناصر لوقف تنفيذ الحكم فبدأت معه المساومة..

قال لأخته عندما أرسلوها إليه من السجن إلى السجن تحمل له مساومتهم على حياته: يا حميدة: في هذه الساعة دعوت الله أن يقبضني شهيدا، أعندما يستجيب أتراجع عن الدعاء.

وتدخل حكام باكستان والسعودية والمسلمون، فأمر عبد الناصر بتنفيذ الحكم قبل الفجر وقبل وصول أي وفد من وفود الوساطة.

قبل الفجر فتح باب زنزانة الشهيد  عقيد وقال له قم يا فلان لأن هناك تسكين جديد، وكلمة تسكين في السجون تعني تغيير الزنازين. فأجابه: نعم.. هناك تسكين ولكن ليس في السجن الحربي ولكنه تسكبن في الفردوس .. وسأله الرجل:جنات الفردوس

ما الذي أعلمك بهذا؟..

قال :

لقد كنت مع الرسول منذ لحظة في المنام، وكان الرسول  يركب فرسا أبيض فنزل عن فرسه ومد يده فصافحني وشد على يدي  وقال لي هنيئا لك الشهادة يا سيد.

 

***

 

كانت  مراسم الإعدام تقضي أن يكون أحد العلماء حاضرا  تنفيذ الإعدام ليلقن المحكوم عليه الشهادتين! فعندما كان سيد يمشي خطاه الأخيرة نحو حبل المشنقة اقترب منه الشيخ قائلا : (قل لا إله إلا الله) فقال سيد: حتى أنت جئت تكمل المسرحية.. نحن يا أخي نعدم بسبب لا إله إلا الله ، وأنت تأكل الخبز بلا إله إلا الله.

وجئ بالسجان  ليضع الحبال في يديه وقدميه فقال للسجان : دع عنك الحبال سأقيد نفسي. أتخشى أن أفر من جنات ربي. وصعد بنفسه على طبلية الإعدام ووضع الحبل بيديه حول عنقه وهو يقول رب إني مغلوب فانتصر.

وصعدت روحه

 

***

 

هل تحتملون المزيد يا قراء..

عن نفسي.. أشعر وكأنما صعدت روحي..


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  3/10/2003



لا طبعا .. لا نحتمل المزيد من التحريف والتدليس .

أما أنا عن نفسي فأشعر أن روحي راح تطلع وهي تضج داخل جسدي ، وقد  تصيبني الجلطة بسبب هذا التزوير للتاريخ من شيخ ..

وهل يكذب المشايخ أصلا !!

وكيف يستطيع أي شيخ أن يروي حوادث التاريخ بمصداقية !! إنه منحاز سلفا وحكمه جاهز سلفا .. والحكم على مخالفيه أيضا جاهز سلفا ، ولا يحتاج إلا إلى إيماءة صغيرة للسياف !

وهل يستطيع أي شيخ أن يرى في عبد الناصر وحكمه أي شيء إيجابي ، إنهم مصابون بالكراهية السوداء والحقد الأعمى ، ففي نظر أي شيخ فيكفي أن لا تمنع الخمر حتى يكون حكمك كله كفر وظلم وإلحاد. فهم من خلال ثغرة بسيطة يقيمون الدنيا كلها وينظرون لكل الأحداث دائما من منظار ضيق مشوه.

ولا أدري لماذا لم يفطن الشيخ الكاتب للمجازر والاغتيالات و( بحور الدم ) والإرهاب الذي روج له سيد قطب ومن لف لفه ، وحقيقة أن كل الجماعات الإسلامية المتطرفة خرجت من عباءته ، ومن فكرته بتكفير وجاهلية المجتمعات العربية !! وفي دعوته للانقلاب والعنف في العمل السياسي.

لست بصدد الدفاع عن عبد الناصر ، فله أخطاؤه المعروفة ، ومهما كان عبد الناصر مستبدا في حكمه ، فإن سيد قطب ومن لف لفه ليسوا ملائكة إطلاقا بالقياس لعبد الناصر وجماعته.

ورغم اضطهاد عبد الناصر للشيوعيين ، واعتقاله لأهم قياداتهم وملاحقة الحزب في كل من مصر وسوريا أيام الوحدة ، ولا أدري كيف يقول صاحب المقال بأن الشيوعيين كانوا حلفاء عبد الناصر ، بل يذهب أكثر من ذلك بأنهم كانوا يشيرون عليه !!!! وذلك حتى يدغدغ مشاعر القاريء ويوهمه بأن عبد الناصر لاحق الإسلاميين وترك الشيوعيين الملحدين يسرحون ويمرحون ، في حين أن كلا الطرفين ذاق الأمرين من اضطهاد واستبداد حكم عبد الناصر ، وهناك إشكاليات أخرى تجاهلها عامدا كاتب المقال ، وكعادتهم ، المشايخ .

ويستغرب كاتب المقال ، وكأنه مبدع زمانه ، ومثير التساؤلات العظام التي تذيب الثلج حتى يبان المرج !! ويذهب عفن التاريخ

يستغرب ، ويدعو القارئ لأن يذرف الدموع على حبره المزيف ،

يستغرب : قتل سيد قطب ليس من اليهود ولا الأميركان ولا من شارون ولا بوش .. قتل من نظامه المصري .

ولكنه يداري نفسه إذا سألناه عن استغرابنا ودهشتنا و ( ذعرنا ) حين يقتل المصري مصريا آخر ، بفتوى من شيخ مصري ، وحين يغتال مصريون مواطنين مصريين عملا بآراء وفتاوى سيد قطب ومن لف لفه . هذه ( معليش ) لأنها ( بحور دم طيبة وزينة وحلال وتخدم أميركا ) أما سيد قطب بآرائه التي تدعو للحرب الأهلية وتفتيت الأمة ، فهو عدو أميركا وإسرائيل حقا.

على كل حال

وقبل أن أرد على كثير من المغالطات التي وردت في المقال ، أريد أن أعرف هل كاتب المقال هو نفسه الشيخ محمد علي عباس الذي ثار على رواية وليمة لأعشاب البحر وصاحب المقالة : من يبايعني على الموت !!

وبانتظار معرفة ذلك حتى يكون الرد مزدوجا.

  


  مستخدم محذوف    عدد المشاركات   >>  24              التاريخ   >>  3/10/2003



نعم هو الدكتور محمد عباس الذى ثار على رواية وليمة لأعشاب البحر ومقالة من يبايعنى على الموت ورسالة من مواطن مصرى الى الرئيس مبارك والمجد للعراق والعار لنا وانى ارى الملك عاريا وبغداد عروس عروبتكم

فى انتظار ردك المزدوج


  مستخدم محذوف    عدد المشاركات   >>  24              التاريخ   >>  3/10/2003



فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي حفظه الله :
كثرت الأقوال في سيد قطب رحمه الله ، فهذا ينزهه من كل خطأ، وذاك يجعله في عداد الفاجرين بل الكافرين فما هو الحق في ذلك ؟

الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
فإن المفكر الأديب سيد قطب رحمه الله له أعداء كثيرون، يختـلفون في كيفية النقد وأهدافه والغايات منه، ويتـفـقون في مصالح مشتركة، وقبل أن أكشف بطلان مثالب الجراحين والمطاعن الموجهة إلى سيد رحمه الله ، أبين أولا لماذا يستهدف سيد قطب خاصة ؟ ومن المستفيد من إسقاطه ؟

إن سيدا رحمه الله يعد في عصره علما من أعلام أصحاب منهج مقارعة الظالمين والكفر بهم ، ومن أفذاذ الدعاة إلى تعبيد الناس لربهم والدعوة إلى توحيد التحاكم إلى الله ، فلم يقض إلا مضاجع أعداء الله ورسوله كجمال عبدالناصر وأمثاله .. وما فرح أحد بقتله كما فرح أولئك، ولقد ضاق أولئك الأذناب بهذا البطل ذرعا، فلما ظنوا أنهم قد قتلوه إذا بدمه يحيي منهجه ويشعل كلماته حماسا، فزاد قبوله بين المسلمين وزاد انتشار كتبه، لأنه دلل بصدقه وإقدامه على قوة منهجه، فسعوا إلى إعادة الطعن فيه رغبة منهم لقتل منهجه أيضا وأنى لهم ذلك.

فاستهداف سيد قطب رحمه الله لم يكن استهدافا مجردا لشخصه، فهو ليس الوحيد من العلماء الذي وجدت له العثرات، فعنده أخطاء لا ننكرها، ولكن الطعن فيه ليس لإسقاطه هو بذاته فقد قدم إلى ربه ونسأل الله له الشهادة، ولكن الذي لا زال يقلق أعداءه وأتباعهم هو منهجه الذي يخشون أن ينتشر بين أبناء المسلمين .

وإني إذ اسمع الطعن في سيد قطب رحمه الله لا أستغرب ذلك لقوله الله تعالى: { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا } فكل من معه نور من النبوة أيضا له أعداء من أهل الباطل بقدر ما معه من ميراث نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، فما يضير سيدا طعن الطاعنين، بل هو رفعة له وزيادة في حسناته، ولكن الذي يثير الاستغراب هو فعل أولئك القوم الذين يدّعون اتباع الحق ومع ذلك ينقصون الميزان ولا يزنون بالقسطاس المستقيم والله يقول: { ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون } , فأولئك إذا أرادوا مدح أحد عليه من المآخذ ما يفوق سيدا بأضعاف قالوا كلمتهم المشهورة 'تغمس أخطاؤه في بحر حسناته' وقالوا 'إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث' وغير ذلك، وإذا أرادوا ذم آخر كسيد رحمه الله الذي يعد مجددا في باب ( إن الحكم إلا لله ) سلكوا معه طريق الخوارج وكفروه بالمعاصي والزلات .

وسيد رحمه الله لا ندعي له العصمة من الخطأ، بل نقول إن له أخطاء ليس هذا مجال تفصيلها، ولكنها لا تخل بأصل دعوته ومنهجه، كما أن عند غيره من الأخطاء التي لم تقدح في منـزلتهم وعلى سبيل المثال ابن حجر والنووي وابن الجوزي وابن حزم، فهؤلاء لهم أخطاء في العقيدة إلا أن أخطاءهم لم تجعل أحدا من أبناء الأمة ولا أعلامها يمتـنع من الاستفادة منهم أو يهضمهم حقهم وينكر فضائلهم ، فهم أئمة إلا فيما أخطئوا فيه، وهذا الحال مع سيد رحمه الله فأخطاؤه لم تقدح في أصل منهجه ودعوته لتوحيد الحاكمية وتعبيد الناس لربهم.

والقاعدة التي يجب أن تقرر في مثل هذه الحالات هي ما يستفاد من قول الله تعالى { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما } فكل من حقق ما يجب تحقيقه من أصل الدين، ينظر بعد ذلك في سائر منهجه فإن كان خطؤه أكثر من صوابه وشره يغلب على نفعه فإنه يهمل قوله وتطوى كتبه ولا تروى ، وعلى ذلك فالقول الفصل في سيد رحمه الله أن أخطاءه مغمورة في جانب فضائله ودفاعه عن ( لا إله إلا الله )، لا سيما أنه حقق أصول المعتقد الصحيح ، وإن كان عليه بعض المآخذ وعبارات أطلقها لا نوافقه عليها رحمه الله .

وختاما لا يسعني إلا أن اذكر أنني أحسب سيدا والله حسيبه يشمله قوله عليه الصلاة والسلام ( سيد الشهداء حمزة، ورجل قام عند سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله ) فنحسب أن سيدا رحمه الله قد حقق ذلك الشرط حيث قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله .. وأنقل كلمة له رحمه الله قبل إعدامه بقليل عندما أعجب أحد الضباط بفرح سيد قطب وسعادته عند سماعه نبأ الحكم عليه بالإعدام 'الشهادة' وتعجب لأنه لم يحزن ويكتئب وينهار ويحبط فسأله قائلا : أنت تعتـقد أنك ستكون شهيدا فما معنى شهيد عندك؟ أجاب رحمه الله قائلا : الشهيد هو الذي يقدم شهادة من روحه ودمه أن دين الله أغلى عنده من حياته، ولذلك يبذل روحه وحياته فداء لدين الله .

وله رحمه الله من المواقف والأقوال التي لا يشك عارف بالحق أنها صادرة عن قلب قد مليء بحب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وحب التضحية لدينه، نسأل الله أن يرحمنا ويعفو عنا وإياه.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


قاله / حمود بن عقلاء الشعيبي
16/5/1421هـ

 


  مستخدم محذوف    عدد المشاركات   >>  24              التاريخ   >>  3/10/2003



السؤال:
هل قال الأستاذ الشهيد سيد قطب رحمه الله بما معناه (كفر المؤذنون ولو قالوا لا اله إلا الله) ؟ وهل تؤيده بذلك؟ وماذا يمكن أن يعني ذلك غير التكفير الصريح؟



الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
لم أقرا هذا النص بحرفيته للاستاذ الشهيد سيد قطب رحمه الله. لكن كثيرا من النصوص التي قالها تشبه هذا النصّ وتثير إشكالا, ويمكن أن يساء فهمها, وقد وجد فعلا مجموعات من الشباب المتطرف الذي أساء فهم هذه النصوص,وبنى عليها فكر تكفير الناس والعزلة عن المجتمع والخروج عليه ومقاتلته. من هذه النصوص ما ورد (في ظلال القرآن) عند تفسيره للآيات 12-19 من سورة الانعام فهو يقول: (فقد ارتدت البشرية الى عبادة العباد, والى جور الاديان, ونكصت عن لا اله الا الله, وإن ظل فريق منها يردد على المآذن (لا اله إلا الله ) دون أن يدرك مدلولها, ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها, ودون أن يرفض شرعية (الحاكمية) التي يدعيها العباد لأنفسهم ..... إلاّ أنّ البشرية عادت الى الجاهلية, وارتدت عن لا اله الا الله , فأعطت لهؤلاء العباد خصائص العبودية, ولم تعد توحد الله, وتخلص له الولاء .....البشرية بجملتها, وبما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن من مشارق الارض ومغاربها كلمات لا اله الا الله, بلا مدلول ولا دوافع , وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعد ما تبين لهم الهدى, ومن بعد أن كانوا في دين الله).
هذا الكلام اذا فهم على ظاهره فهو خطأ واضح لا يمكن أن يوافق عليه أحد من العلماء. لكننا نورد الى جانبه نصين آخرين من كلام الشهيد سيد قطب نفسه, يتبين منهما ماذا قصد سيد من كلامه:
النص الاول :في تفسير قوله تعالى في سورة الأنفال: (والذين آمنوا ولم يهاجروا، ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر، إلا على قوم بينهم وبينكم ميثاق). يقول سيد قطب: (فهؤلاء الأفراد ليسوا أعضاء في المجتمع المسلم, ومن ثم لا تكون بينهم وبينه ولاية, ولكن هناك رابطة العقيدة) فالسيد قطب لم يحكم على هؤلاء المسلمين بالردة مع أنهم يعيشون خارج المجتمع المسلم, واحتفظ لهم بصحة العقيدة, وذلك هو الموقف الصحيح لأن الله تعالى وصفهم بالايمان .
فقال: (والذين امنوا ولم يهاجروا) كما وصفهم بالدين فقال: (واذا استنصروكم في الدين ...)
النص الثاني: في تفسير قوله تعالى في سورة النساء: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا...) يقول السيد رحمه الله: (يأمر الله المسلمين إذا خرجوا غزاة, ألا يبدأوا بقتال أحد أو قتله حتى يتبينوا, وأن يكتفوا بظاهر الإسلام في كلمة اللسان, إذ لا دليل يناقض كلمة اللسان) فالسيد يكتفي هنا بظاهر الإسلام في كلمة اللسان، ويعتبر الانسان بذلك مسلماً معصوم الدمّ، ولوقلنا أنّ سيد قطب يعتبر المؤذن مرتداً بمعنى الكفر واستباحة الدم، لكان هذا متناقضاً مع ما ورد في تفسير هذه الآية عند السيد قطب نفسه رحمه الله.
والفهم الصحيح المنسجم مع القواعد الشرعية, والمنسجم مع الشهيد سيد قطب نفسه في نصوص كثيرة, هو ما قال عنه أخوه الأستاذ محمد قطب حفظه الله قال: (إن كتابات سيد قطب تركزت حول موضوع معين, هو بيان المعنى الحقيقي للا اله إلا الله شعورا منه بأن كثيراً من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته, وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان كما وردت في الكتاب والسنة, ولكنه مع ذلك حرص حرصا شديدا على أن يبين أن كلامه هذا ليس مقصودا به إصدار الأحكام على الناس, إنما المقصود به تعريفهم بما غفلوا عنه من هذه الحقيقة, ليتبينوا هم لأنفسهم إن كانوا مستقيمين على طريق الله كما ينبغي, أم أنهم بعيدون عن هذا الطريق, فينبغي عليهم أن يعودوا اليه, ولقد سمعته بنفسي يقول أكثر من مرة (نحن دعاة ولسنا قضاة) كما سمعته أكثر من مرة يقول: (إن الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك , وهذا أمر ليس في أيدينا, ولذلك فنحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس)
وبناء على ذلك نقول: ان الشهيد سيد قطب كان يتحدث عن ردة المجتمع عندما يرفض الاحتكام لشريعة الله, وليس عن الردة الفردية التي يتحدث عنها الفقهاء ووضعوا لها شروطا وبينوا حكمها. والاشارة الى المؤذنين إنما وردت لبيان أهمية كلمة لا اله الا الله وخطورتها ودعوتهم للالتزام بها قبل غيرهم, وليس المراد منها الحكم بردتهم. وعلى كل حال, فالعبارة خاطئة في اعتقادنا لأنها يمكن أن يساء فهمها. وإنما أردنا من هذه النّقول أن نؤكد أن سيد قطب رحمه الله لم يقصد هذا المعنى أصلا, ولم نقصد الى تبرير مثل هذه العبارات. وثبوت الخطأ على شهيد عظيم كسيد قطب رحمه الله لا يطعن في دينه, وإنما يؤكد بشريته, ونحن نعتقد أن لا عصمة إلا لرسول الله (صلَى الله عليه وسلَم).

مجلّة المجتمع الكويتيّة. العدد (271) في 21/10/1975م


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  3/10/2003



بين «زُبْدِ» هؤلاء.. و «زَبَدِ» أولئك..؟!!
حمّاد بن حامد السالمي

* قلت رأيي في جريمة القتل والتدمير المتعمدة في المجمعات السكنية بالرياض، وقلت رأيي من قبل في جريمة الهجوم على برجي نيويورك، وما تبعها وما سبقها من جرائم في افريقيا، وفي بحر العرب، وفي وطني الحبيب الذي لا أحب سواه.
* وسوف أقول رأيي دائماً، وفق قناعاتي في هذا الموضوع بالذات، التي ترتكز على أن القتل، جريمة لا تبرر مهما كانت الأسباب، وأن التدمير خراب، يتضاد مع رسالة الإنسان، الذي استخلفه الله في الأرض، لتعميرها.
* لن أسكت ابداً، مهما حاول الجبناء الظلاميون، القابعون في كهوف العصور السحيقة، السادرون في جهالاتهم، العامهون في غياتهم..!
* بعثوا إلى بفتاوى، لمن سموهم المشايخ «الثلاثة»، التي تبرر القتل، وتصف التفجير بأنه عمل مبارك..؟!!!
* صوروا لي آيات كريمات، فهموا منها ما يجيز شق العصا، وتخريب جمع الأمة.. ألا ويل لهم من الله..!!
* طلبوا مني عدم الحكم على القتلة، قبل لقائهم ومحاورتهم، ومعرفة دوافعهم «الجهادية»..! يا لهذه المفارقة..؟!!
* قالوا لي: اتق الله في «إخوانك» المجاهدين..!
الذين لبوا نداء ربهم.. يا لطيف..!!!
* اطلقوا علي من الأسماء والأوصاف والالقاب، ما الله به عليم..! ثم ضربوا لي قدحاً، مع أقداح الكتاب الأوفياء، الذين يزندقونهم ويكفرونهم ويعلمونوهم ويفسقونهم.. يا مجير..!!
* هددوا وتوعدوا.. واتهموني بقبض الرشاوي من حكومتي، لقاء ما اكتب دفاعاً عن وطني واهلي.. لا إله إلا الله وحده، المحيي والمميت، الرازق المانع، الذي لا يُرد قضاؤه، ولا يُنكر عطاؤه.
* أتدرون من هم هؤلاء..؟!
* إنهم تلك الأشباح الخفية، التي تجلس في غرف مزينة ومكيفة، تستمتع بكل ما اخترعه «الكفار» من وسائل حياتية مريحة، ومن وسائل اتصال تقنية سريعة، ومنها هذه الشبكة الغريبة، التي يتخفون وراءها لمهاجمة الآخرين، والإساءة إلى الناس أجمعين، وبث سمومهم، بكل ما فيها من أحساد وأحقاد وكراهية..!
* أشباح تعيش في الظلام، وتتحرك في الظلام، فأنت لا ترى لواحدها جسماً، ولا تتبين له رسماً، ولا تقرأ له اسماً، وإنما هو كتلة ظلامية من قرون خلت، يرميك بالحجارة من وراء حجب، ويشتمك في كل وقت، ثم ينزوي في ظلمات بعضها فوق بعض.
* هؤلاء هم أهل الكهوف وكفى.. بضاعتهم، لعن وطعن، وصنعتهم قذف وحذف، ففي كلامهم بهتان مبين، وفي جدلهم خلط عظيم..! تقرأ لبعضهم، فتشعر بوحشة المكان، وقساوة الإنسان، وجفاوة البيان...!
* هؤلاء.. هم «الزَّبَد»، الذي يذهب جفاءً، أما ما ينفع الناس، فيمكث في الأرض.
* وفي مقابلة هذا «الزَّبَد».. هناك «الزُّبْد».
* هكذا قضى الله في سننه في هذا الكون، الباطل يدمغه الحق، والسيء يزيحه الجيد، والظلام يمحوه النور.
* إخوان كثر، لقيت منهم الدعم والتشجيع والنصح، فما أكثر إخوان الصفا، الذين عندما عددتهم وجدتهم كثير.
* من بين هؤلاء الخيرين النيرين، الذين ينظرون بمنظار العقل والمنطق، في عالم الجنون والسفه، الشيخ «عبدالله بن صالح بن علي الفاضل»، من المحكمة الكبرى بالطائف، وإمام وخطيب جمعة.
* سوف أترك المساحة التالية، لقلمه الذي عقب به على مقالات سابقة لي، تناولت ما أتاه الخوارج، من أفعال قبيحة، وجرائم عظيمة، استهدفت أمن الوطن والمواطنين.. يقول:
* اخي العزيز «حماد السالمي»، من جمعني وإياه دين الإسلام، ووطن أسس على التقوى، من أول يوم.. حفظه الله.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - وبعد:
* منذ أن أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم، بدين الإسلام، وجعله خاتماً للأديان، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، هال أعداء هذا الدين الأمر، فسعوا للوقيعة في هذا الدين. عن جابر رضي الله عنه قال:« اتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة منصرفه من حنين، وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، يقبض منها ويعطي الناس، فقال: يا محمد، اعدل. قال: ويلك.. ومن يعدل إن لم أكن أعدل..؟ فقد خبت وخسرت إذا لم اكن اعدل. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق.. فقال: معاذ الله أن يتحدث الناس أني اقتل اصحابي، إن هذا واصحابه يقرؤن القرآن لا يتجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية». مسلم 7/159
* وعن ابي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« إن بعدي من أمتي - او سيكون بعدي من أمتي - قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة». مسلم 7/174.
* فالخوارج.. كما كان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يراهم، شرار خلق الله. وقال:« إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار، فجعلوها على المؤمنين» البخاري 12/282
* فالخوارج.. يخرجون على ولاة الامر، ويكفرون المسلمين، ويقاتلونهم كما قتلوا امير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد استحل الخوارج دمه، وقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين، ومنزلته عظيمة في الإسلام، قتله احد زعماء الخوارج «عبدالرحمن بن ملجم»، فالتفجير الذي وقع في مدينة الرياض، يوم الاثنين 11-3- 1424هـ، إنما هو من أفعال الخوارج، الذين خرجوا في القرن الاول الهجري، قال النبي صلى الله عليه وسلم:« يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان». وهذه الرواية التي روادها البغوي في معجمه عن حميد بن هلال، تبين فكر الخوارج المنحرف:« ان عبادة بن قرط رضي الله عنه، غزا فمكث في غزاته تلك ما شاء الله، ثم رجع مع المسلمين منذ زمان، فقصد نحو الاذان يريد الصلاة، فاذا هو بالازارقة - وهم صنف من الخوارج - فلما رأوه قالوا: ماجاء بك يا عدو الله؟ قال: ما أنتم يا اخوتي؟! قالوا: انت اخو الشيطان. لنقتلنك. قال: ما ترضون مني بما رضي به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: وأي شيء رضي به منك؟ قال: اتيته وانا كافر، فشهدت ان لا إله إلا الله، وانه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلى عني. قال: فأخذوه فقتلوه». الاعتصام للشاطبي 727.
* فالخوارج في كل زمان ومكان، هذه افكارهم وطرقهم في محاربة المسلمين، والخروج على ولاة الامر، فتعلموا هذه الافكار والآراء المتطرفة، من ابن السوداء اليهودي، وخوارج هذه الأيام، الذين قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:« تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، تبنوا أفكار سيد قطب، الذي كفر المسلمين، ودعا إلى الخروج على ولاة الأمر وقتالهم».
* قال في ظلال القرآن ج2ص1057:« ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله إلا الله، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن لا إله إلا الله»..!
* وقال في ج4ص 2009:« إن هذا المجتمع الجاهلي، الذي نعيش فيه، ليس هو المجتمع المسلم»..!
* وقال في ج4 ص 2122:« إنه ليست على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة، ولا مجتمع مسلم، قاعدة التعامل فيه، هي شريعة الله والفقه الإسلامي»..!
* وقال في العدالة الاجتماعية، ص 185:« ونحن نعلم أن الحياة الإسلامية على هذا النحو، قد توقفت منذ فترة طويلة في جميع انحاء العالم، وإن وجود الإسلام ذاته - من ثم - قد توقف»..!
* هذه بعض أقوال سيد قطب في كتبه التي يروج لها اهل التكفير في بلادنا، وتباع في المكتبات، ويتعلمونها في مجالسهم الخاصة، اكثر من تعلم كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فمن الاساسيات التي يتعلمها جماعة التكفير، والإخوان المسلمون، تقديس سيد قطب وكتبه..!
* اخي حماد.. ارجو القيام بحملة عن طريق جريدة الجزيرة، لفضح اساليب الفكر المنحرف من كثير من الكتب التي تباع علانية في المكتبات، ويروج لها جماعات التكفير والإخوان المسلمون وغيرهم، وكذلك بعض الاشرطة السمعية، كالاناشيد التي يسمونها «إسلامية»، التي تحث الاطفال - وخاصة الفتيات - على العنف، وتدعو إلى الجهاد والقتال، ولا ادري لماذا يتعلم الأطفال حمل السلاح، إلا لمحاربة أهل هذه البلاد الطاهرة..؟!!
* اللهم جنب بلادنا هذه خاصة، وبلاد المسلمين عامة، شر الفتن.
اللهم احفظ لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا، واحفظ لنا بلادنا إنك على كل شيء قدير، وآخر دعوانا.. ان الحمد لله رب العالمين.
* شكراً يا شيخ عبدالله.. فقد وضعت اكثر من إصبع على اكثر من جرح. فهلا عرفنا بعض اسباب الداء الذي حل بنا..؟!


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  3/10/2003



هذا ردنا على أصحاب الفتنة الذين يعمدون بين حين وءاخر الى تشويه صورة الإسلام والمسلمين
.....

ومن هذه الأفكار الغريبة الدخيلة على الإسلام والتي حمل لواءها أحمد بن تيمية رأس المتطرفين في القرن السابع الهجري والذي قضى قضاة المذاهب الأربعة الشافعية والمالكية والحنفية والحنابلة بحبسه الحبس الطويل بفتوى موقعة منهم سنة 726 هـ . ورد عليه وذمه وعابه وبدّعه مئات من علماء أهل السنة والجماعة أهل الورع والاحتياط في الدين كالقاضي بدر الدين بن جماعة الشافعي والقاضي محمد بن الحريري الأنصاري الحنفي والقاضي محمد بن أبي بكر المالكي والقاضي أحمد بن عمر المقدسي الحنبلي والحافظ المجتهد تقي الدين السبكي والحافظ أبي سعيد العلائي والقاضي كمال الدين بن الزملكاني والمفسر النحوي أبي حيان الأندلسي وقاضي القضاة نجم الدين بن صصري والقاضي صفي الدين الهندي والقاضي جلال الدين القز ويني وقاضي قضاة المدينة المنورة أبو عبد الله محمد بن مسلّم بن مالك الصالحي الحنبلي والعلامة أبو الحسن علي بن إسماعيل القونوي وقاضي قضاة المالكية علي بن مخلوف بمصر وقاضي القضاة بالديار المصرية أحمد بن إبراهيم السروجي الحنفي والحافظ ابن حجر العسقلاني والحافظ ولي الدين العراقي والفقيه تقي الدين أبو بكر الحصني الشافعي والشيخ زين الدين ابن رجب الحنبلي ومفتي الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي ووكيل المشيخة الإسلامية في دار الخلافة العثمانية الشيخ محمد زاهد الكوثري، ومن لا يحصى من العلماء ، وهذه الأفكار الشاذة هي تكفير ابن تيمية للمتوسلين والمستغيثين بالأنبياء والصالحين ولزوار قبورهم طلبا للبركة من الله ( انظر كتابه التوسل والوسيلة ص 24 و ص 150 والفتاوى الكبرى ج1/ص 142 ) وقوله بفناء النار ( انظر كتاب حادي الأرواح ص 579 و 582 )وقوله :إن الله على العرش والملائكة حملة العرش تشعر بثقل الجبــار ( كما في كتابه تلبيس الجهمية ج1 ص 573 ) وقوله :إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد( كما في كتابه شرح حديث النزول ص 400) ، وقوله الملائكة أعوان الله يعني الله يستعين بهم ( انظر كتابه مجموع الفتاوى ج5 ص 507 ) ، وطعنه بسيدنا علي رضي الله عنه ( انظر منهاجه ج 2 / 171 و ج2/203 و ج4/65 وفي عدة مواضع أخرى) ، وطعنه بالسيدة فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلـم وقوله عنها:' فيها شبــــه بالمنافقين '( انظر كتاب البرهان الجلي ص 56 )، وانحرافه عن الخلفاء الراشدين الأربعـة ، فقد قال ابن تيمية : إن أبا بكر اسلم شيخا لا يدري ما يقــــول ، وإن عثمــان يحب المال ، وإن عمر مخطأ ، وان عليــــا ما صح إسلامه لأنه أسلم صبيا وإنـــه مخذول وقاتل للرئاسة واخطأ في سبعة عشر موضعا خالف فيها نص الكتاب ( انظر كتاب الـدرر الكامنة ج1/153 و 154 ) ، ونسب الكفر والشرك إلى الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لأنه كان يتتبع الأماكن التي صلى فيها رسول الله لأجل الصلاة فيها ( كما في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم ص 390 ) الى غير ذلك من ضلالات يصعب حصرها في مقال صغير



وكذلك من الأفكار الدخيلة المتطرفة فكرة الخوارج التي أحياها سيد قطب و الذي كان ملحدا كما اعترف هو بذلك في كتابه 'لماذا أعدموني ' وكتابـــه ' معالم في الطريق ' ولم يكن فقيها ولا مفسرا ولا نحويا ولا من علماء العقيدة الإسلامية ، بل داع للنساء والرجال للعري التـام وأن يعيشوا عرايـا كما ولدتهم أمهاتهم كما في مجلة روز اليوسف 29-7-1996 العدد 3555 ص 36 و كاتب في الروايات السينمائية والقصص الغرامية ، كما في كتابه 'أشواك سيد قطب' ،وهذه الفكرة الشاذة هي تكفير المسلمين أجمعين ، بمن فيهم الأئمة والعلماء والمؤذنون والأطباء والمهندسون والفلاحون وغيرهم كلهم بنظره كفار دمهم حلال ، ولم يستثــن إلا جماعته ، كما في كتابه المسمى ( في ظـلال القــرءان ) مجلد 2 ص590 وص 841 وص 972 وص 1057 وص 1077 وعبارته في المجلد 2 ص 1077 :'البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن كلمات لا اله إلا الله بلا مدلول ولا واقع وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة لأنهم ارتـدوا إلى عباد العباد '. ومجلد 3 ص 1198 و ص 1257 ، وعبارته في المجلـد 3 ص 1257 : وإن الإسلام اليوم متوقف عن الوجود مجرد الوجود . ا.هـ بحروفه . نقول : هذا تكفير عام للمسلمين الموجودين على وجه الأرض ،ويقرر سيد قطب في المجلد الثالث ص 1449 وما بعدها أن على المسمين بالجماعة الإسلاميـــة أو حزب الأخوان انتزاع زمام الحكم من الحكام والقضاء على نظمهم والثورة وإحداث الانقلابات في الدول . بل وتعدى أمره الى تكفير خليـل الله إبراهيم عليه السلام كما في كتابه المسمى ( التصوير الفني في القرءان) ص 133 ، والطعن بسيدنا موسى ويوسف عليهما السلام كما في كتابه المسمى ( التصوير الفني في القرءان) ص 162 و 166 ، ويقرر سيـد قطب أيضا في كتابه المسمى ( في ظلال القرءان ) المجلد الرابع ص 2012 : إن الاشتغال بالفقه الآن بوصفه عملا للإسلام فهو مضيعة للعمر والأجر أيضا إهـ. نقول : فهذا من أسباب تفشي الجهل بين جماعته لأنه يزهدهم في طلب العلم الشرعي ويحثهم على القتل والتكفير والاغتيالات . وحتى جامعة الأزهر الشريف لم تسلم منه فقد قال سيد قطب : ' أيها الأزهر فقد أضعت الدين وأفسدت الدنيا ' ا.هـ أنظر مجلة أتباعه ' الأمان ' العدد الرابع السنة الأولى 26 ربيع الأولى 1399هـ . ولخطورة هذه الأفكار الهدامة التي تهدف الى تمزيق الأمة تصدى له عدد كبير من العلماء والمشايخ كشيخ الأزهر الشيخ محمود عبد الحليم الذي سمى سيد قطب ( إمام التكفير والأب الروحي لجماعات العنف ) والشيخ حسن البنا رحمه الله الذي قال :' إن سيد قطب شاب متأثر بالبيئة الغربية هي التي تغذيه بمثل هذه الأفكار . كما في مجلة روز اليوسف العدد 3555 تاريخ 29/7/96 ص 36 .و كالشيخ مصطفى صبري الذي ذمه في كتابه ( موقف العقل والعلم والعالم ) ج 1/327 ، وكذلك الشيخ الدكتور حسين الذهبي وزير الأوقاف والمدرس في كلية أصول الدين في مصر الذي اغتاله أتباعه ! والشيخ محمود خطاب السبكي والشيخ أبي الخير المصري مدرس الحديث في الأزهر والشيخ فهيم أبو عبيه رئيس البعثة ألا زهرية في لبنان وغيرهم



والجماعات المتطرفة التي تدعي الإسلام زورا وبهتانا تستقي أفكارها من ابن تيمية وسيد قطب ففي مقابلة أجرتها مجلة الوطن العربي في عددها الصادر في 7/12/1992 ص 14 مع أحد زعماء حزب سيد قطب في لبنان قال إن الجماعة الإسلامية استقت أفكارها من أمثال ابن تيمية وسيد قطب 'إ هـ

ومن الأفكــار الشـاذة التي استقوها منهما تكفيــر المسلمين قاطبــة ، ففــي كتابهم المسمى ( الدين الخالص ) الجزء الأول ص 140 طبع دار الكتب العلمية يقولــون عنوان ( تقليــد المذاهب من الشرك ) ا.هـ بحروفه والعياذ بالله ، فهذا تصريـــح منهـــم بتكفير الشافعيــة والحنفية والمالكية والحنابلة وسائر أهل المذاهب المعتبرة ، وفي الجزء الأول ص 160 من الكتاب المذكـور يقولون : ( والصحيح أن الشرك إنما وقع من حواء ) ا.هـ حتى السيــدة حواء رضي الله عنها ما سلمت منهم. وفي كتابهم المسمى 'هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة' ص 18 يقولون :( وإذا حققت المسئلة حق التحقيق ظهر لك أن هذه المذاهب إنما أشيعت وروّجت وزيّنت من قبل أعداء الإسلام لتفريق المسلمين وتشتيت شملهم) .ا.هـ

وفي كتابهم المسمى ( فتح المجيد ) طبع مكتبة دار الفيحاء ومكتبة دار السلام ص 191 بتعليـق ابن باز : ( يكفرون أهل لبنان وسوريـا وفلسطين والأردن ومصر والعراق واليمن والحجاز وغيرهم ). وفي كتابهم المسمى ' كيف نفهم التوحيد ' ص 16 يقولون : ( أبو جهل وأبو لهب أكثر توحيدا لله وأخلص إيمانا من هؤلاء المسلمين الذين يقولون لا اله إلا الله محمد رسول الله .)ا.هـ وكفروا المستغيثيـن والمتوسلين بالأنبياء والصالحين كما في كتابهم المسمى ' مجموعة التوحيد' ص 139 وكفروا كل من يقول 'يا محمد ' و ' يا رسول الله ' كما في كتابهم 'الأصول الثلاثة ' و'التوسل والوسيلة '، ورموا الصحابي بلال بن الحارث المُزَني رضي الله عنـه بالكفر كما في تعليقهم على فتح الباري طبع دار الريـان للتراث ج2 / ص 575 ، وصرحوا في عدة من كتبهم ككتابهم المسمى 'مجموعة التوحيــد ' ص 266 و 281 :' أن الأمة المحمدية في زماننا مشركة وشركها أشد من شرك الجاهلية عباد الأوثان '، وحرم أحد كبار زعمائهم على المسلمين البقاء في فلسطين وأمرهم بالخروج منها وتركها لليهود وزعم أن شعب الانتفاضة خاسرون وأن شهداء الانتفاضة منتحرون كما في كتابهم المسمى ' فتاوى الألباني ' ص 18 و جريدة اللواء اللبنانية في 7/7/1993 وشريط مسجل بصوته في بيته بتاريخ 22/4/1993 ، وأفتى أحد كبار زعمائهم بالصلـح الدائم مع اليهــود بلا قيد أو شرط فشكره عليها 'بيريز' انظر جريــدة السفير اللبنانية 23/12/1994 ، وجريدة نداء الوطن اللبنانية العدد 644 و جريدة الديار اللبنانيــة العدد 2276 بتاريخ الخميس 22/ 12 / 1994 ، وصرح أحد زعمائهم في الأردن في مقابلة مع جريدة شيحان الأردنية في 28 / 12 / 1995 : 'انه لا يستطيع أن يجزم بكفر اليهود ' وفي كتابهم المسمى ( كيف ندعو الى الإسلام ) طبع مؤسسة الرسالة ص 12 يقولون : ' واليوم يشهد العالم أجمع ردة عن الإيمان بالله وكفرا جماعيا وعالميا لم يعرف لهما مثيل من قبل' ا.هـ حتى الشيخ حسن البنا رحمه الله الذي تبرأ منهم قبل وفاته كما في كتاب ' من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث ' طبع دار الكتب الحديثة ص 264 ، لم يسلم منهم كفروه كما في مجلة ' المجلة ' العدد 830 كانون الثاني 1996



نقول: فهذه أفكار ابن تيمية وسيد قطب المخالفة لصريح القرءان والسنة وإجماع الأمة ، فلماذا تركوا القرءان الكريم والسنة النبوية و علماء أهل السنة الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة وهم بالملايين واتبعوا ابن تيمة وسيد قطب ؟! أليس هذا شذوذا ؟! فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ ' رواه الترمذي



على أنه يوجد بين المتطرفين أنفسهم تناقضــات فهـذا من جملة التناقضـــات بين الفرقتين ( الوهابية ) والمسماة ( الجماعة الإسلامية ) أن الوهابيــة صرّحت بتكفير سيد قطب ، كما في كتابهم ( مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله ) وكتابهـــم ( المورد الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال ) وكتابهم ( الضلال في الظلال ) وغيرهم



ونحن نحمد الله الذي وفقنا أن جعلنا مع جمهور الأمة المحمدية فالحق أحق أن يتبع ، ومن عرف الحق عرف أهله


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  3/10/2003



وهذا مقال مرتبط بالموضوع ، وهو من ضمن مقالات تمهيد للرد والتعليق

***

رداً علي الغنوشي: تبرير الإرهاب بفقه الإرهاب

الأحد 08 يونيو 2003 18:51

العفيف الأخضر 


 التعليم والإعلام الدينيان التكفيريان هما حاضنتا الإرهاب.
• جوهر فقه الإرهاب هو شعار ' القاعدة ': ( الولاء للمسلمين والبراء من غير المسلمين ومعبوداتهم '.
• فقهاء الإرهاب من المودودي إلي النبهاني إلي سيد قطب إلي بن لادن إلي قادة الدولية الإسلامية أهدروا دماء المدنيين الأمريكيين والروس واليهود وكفروا الحكام المسلمين وحللوا رفع السيف عليهم.
• بن لادن: ' الحكام العرب خرجوا عن الملة فسقطت ولايتهم شرعاً '.
• الغنوشي: ' الحكام الفاسدون المتمردون علي شريعة الرحمن وإرادة الشعب هم أولياء الشيطان وأذناب أعداء الإسلام ولا يمكن اعتبارهم أمراءنا ' الغنوشي: العالم يدين تطرف قلة من الإسلاميين ' لكنه لا يدين تطرف الحكام ولا التطرف في دعم ثقافة التحلل والمجون ولا التطرف العلماني في التحرش بالإسلام '.
• تصرف انتحاري جدة والدار البيضاء لم يكن إلا مجرد تطرف مضاد لتطرف أوسع نطاقاً: التطرف الحكومي والثقافي والعلماني.. إلخ.
• أجمل رد علي فقه وفقهاء الإرهاب هو شعار جماهير الدار البيضاء الحزينة: ' لنا ديننا الحنيف ولكم دينكم العنيف '.

 أسباب أربعة وجيهة تدعوني للرد علي مقال راشد الغنوشي ' أما آن الأوان لوضع حد لهذا الخلط المدمر بين الإسلام والإرهاب ؟ ' ( الشرق الأوسط 23/5/2003 ) الذي أعادت ' إيلاف ' نشره. السبب الأول يعود إلي تضليله لقارئه عن دور التعليم والإعلام الدينيين التكفيرين السائدين في زرع التعصب الديني. الرحم الذي يتخلق فيه الإرهاب الإسلامي، السبب الثاني يعود إلي ضرورة كشف طريقة الغنوشي في تبرير الإرهاب الديني متظاهراً بشجبه تطبيقاً للحيلة البلاغية المعروفة ' الذم بما يشبه المدح ' مثل قول الشاعر يمدح حاكماً:
' أنت كالكلب في حفاظك للود / وكالتيس في قرع الخطوب '، السبب الثالث إلقاء الأضواء علي إسهام الغنوشي غير المتواضع في تطوير ترسانة فقه الإرهاب ب ' اجتهاد ' غير مسبوق: تكفير جميع الحكام المسلمين ضداً علي فقه القرون الوسطي الذي حرم تكفيرهم ورفع السيف عليهم اتقاء لل ' الفتنة ': الحرب الأهلية، السبب الرابع كشف طبيعة ' الديمقراطية الإسلامية ' التي ميز بها الغنوشي ' الوسطية ' الإسلامية من التطرف الإسلامي.

( 1 )
ظاهرة معقدة كالإرهاب الإسلامي لا يفسرها قطعاً سبب واحد ولا يستطيع مقال واحد الإحاطة بكل عواملها البنيوية والظرفية، البعيدة والراهنة التي تلعب دور المؤجج للعوامل البعيدة الكامنة، ومع ذلك فلن يفوت الباحث الموضوعي أن يدرك أن جميع الانتحاريين الإسلاميين مصابون بالتعصب الديني أي ‘رهاب الاختلاف الذي يتجلى في الخوف اللامعقول والهستيري من غير المسلمين، ' اليهود والصليبيين ' خاصة، ومن تحرر المرأة ومن مظاهر الحداثة وعلومها وقيمها، التعليم وخاصة التعليم الديني الناقل لفقه القرون الوسطي العنيف والعنصري هو الذي زرع فيهم بذور التعصب والإعلام الديني الذي اختطفه الإسلاميون هو الذي يتعهد بذور التعصب: غير المسلمين ' محاربون للإسلام '، تحرر المرأة فجور ومظاهر الحداثة وعلومها بدعة ' وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار '. وهكذا فالتعليم والإعلام الدينيان يبرمجان شعور ولا شعور ضحاياهما بأحكام الفقه الإسلامي القديم التي زاد طينتها بلة فقه الإرهاب المعاصر وفتاويه الدموية. الذين نحروا وانتحروا كانوا يداعبون وهماً واحداً وحيداً: جريمتهم هي جواز مرورهم إلي الجنة. ولولاه لفكروا مرتين قبل الإقدام عليها. أليست هذه وحدها حجة دامغة علي مسؤولية التعليم والإعلام اللذين ضرب عنهما الغنوشي في مقاله صفحاً مستبدلاً لهما بأسباب هي في الواقع المبررات التي تسوقها حماس والقاعدة وانتحاريو جدة والدار البيضاء لتبرير جرائمهم ضد المدنيين. وليس مصادفة أن الغنوشي لا يؤاخذ الإرهاب الإسلامي إلا علي عدوانه علي ' المستأمنين ' من غير المسلمين و ' غير المسيسين ' من المسلمين. المستأمنون هم الذين حصلوا علي الآمان في دار الإسلام وهم ' أهل الذمة والسفراء ' أما السياح فقد أنكر فقهاء الإرهاب في مصر، بمناسبة مذابح السياح في الأقصر، أن يكونوا مستأمنين ! إذن لا يري زعيم ' النهضة ' مدي الحياة حرجاً في قتل غير المستأمنين من غير المسلمين والمسيسين من المسلمين وهو ما يتفق مع ' اجتهاده ' الفقهي غير المسبوق كما سنري بعد قليل.

( 2 )
فما هي الأسباب _ المبررات التي ساقها الغنوشي لتبرير الإرهاب الإسلامي وعمليتي جدة والدار البيضاء وقبلها عشرات العمليات في القارات الأربع ؟ سألت أسبوعية إسلامية لندنية حسن الترابي في 1998 عن رأيه عمليات ' القاعدة ' ضد السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام فأجاب: ' لا أؤيد التفجيرات ولكن دفع الظلم حق شرعي ' ( العالم 29/8/1998 ) الخلاصة: التفجيرات مشروعة لأن دفع الظلم [الأمريكي] حق شرعي. بالخدع اللغوية ذاتها يبرر الغنوشي الإرهاب الإسلامي الذي يتظاهر بإدانته _ ونادراً ما يفعل حتى عندما يكون بلده هو المستهدف - مثلاً الإرهاب مدان لكنه في الحقيقة رد علي ظلم مزدوج داخلي وخارجي. إذن فهو مشروع: ' [ جاء ] الانحراف بالجهاد إلي الإرهاب من اختلال في المجتمع قد يصل إلي حد المظالم الكبرى [.. ] حيث بلغ التناقض بين الدولة والمجتمع في معظم البلاد وضعاً غير مسبوق من جهة سلوك الدولة وتفلته من ضوابط الإسلام وقيمه الأخلاقية وعدله الاقتصادي والسياسي والقضائي من جهة ومن جهة أخرى من سياستها الخارجية ومن تبعتها للدول غير الإسلامية، بل المحاربة للإسلام '. هذا ليس تبريراً للإرهاب الديني وحسب بل وأيضاً ابتزاز: إذا أردتم تقويم انحراف الجهاد _ ليعود جهاداً كما بدأ في أفغانستان _ فأقيموا دولة دينية لا تعترف بأية قيمة إنسانية كونية بل بقيمتي الحلال والحرام فقط لا غير ولا تعترف بحقوق الإنسان والمواطن علي الدولة بل حصراً بحقوق الله علي الإنسان، ولا تقضي بالقانون الوضعي السائد في العالم بل بالقانون الشرعي الذي يعيش أيامه الاخيرة في إيران والسودان والسعودية ولا تتعامل بالفوائد ولا تجبي الضرائب بل تجمع الزكاة ولا تقيم ملكية أو جمهورية حديثة بل خلافة. أما في سياستها الخارجية فتعتمد علي عقيدة الشيخ أسامة بن لادن، المستمدة والحق يقال من فقه فترة الحروب الصليبية الإسلامي: ' الولاء للمسلمين والبراء من غير المسلمين ومعبوداتهم ' أي تقطع علاقاتها مع ' دار الحرب ' وتعلن عليها الجهاد إلي.. قيام الساعة !
كيما يتأكد القارئ من أني لا أتهكم فليعد قراءة نص الغنوشي السابق وتكملته: التي تضع النقاط علي الحروف: المفارقة الفضائحية هي انحراف الحكومات العربية عن الإسلام في الوقت الذي أقبلت فيه شعوبها عليه أفواجاً أفواجاً: ' بل أن التزام الشعوب بالإسلام قد تفشي بفضل الصحوة الإسلامية وقد تصاعد وينتظر من دولته أن تعبر عن ذلك جملة سياساتها الداخلية والخارجية فإذا هي كثيراً ما تتصرف في سياستها الداخلية والخارجية وكأن الإسلام مسألة شخصية لا علاقة لها بالشأن العام '. هكذا نصل إلي بيت القصيد: الدولة _ الأمة العلمانية هي المسؤولة عن انحراف ' الجهاد إلي الإرهاب ' ليس المهم اتهام الغنوشي للدول العربية بفضيلة ليست فيها: اعتبار الدين شأناً خاصاً. بل المهم هو مزجه بين تبرير الإرهاب والتحريض عليه في وقت واحد. العلمانية بالنسبة إليه ردة عن الإسلام وفي هذه الحالة يكون الجهاد، كما يقتضي ذلك فقه القرون الوسطي، فرض عين علي كل مسلم ومسلمة. يعرف الغنوشي العلمانية بأنها شرك بالله: ' لا يجوز تصور مجتمع إسلامي علماني، أو مسلم علماني، إلا إذا تخلي عما هو أساسي في الإسلام وذلك لأن الإيمان بالله ليس جوهر الدين الإسلامي بل إن ما هو جوهري فيه الاعتقاد في وحدانية الله. وبناء علي ذلك فإن تشريعاً مستلهماً من مصادر أخرى هو تشريع مضر بوحدانية الله. لا يجوز لمجتمع أن يكون إسلامياً إلا إذا لم يكن علمانياً وقبل بوحدانية الله ' ( الجيري اكتيالتي 12/5/1989 ).
عند سيد قطب المجتمعات الإسلامية سقطت في ' جاهلية القرن العشرين ' وعند الغنوشي سقطت في الشرك: فحق الجهاد وحق الفداء ! فما هو نموذج هذا المجتمع العلماني، هو... إحدي آخر دولة دينية في العالم بعد الفاتيكان وإيران: السعودية: ' تحرر الدين [ في السعودية ] من هيمنة الحكام الذين فقدوا تحت وطأة الغزو الغربي رداء الكهنوت وظهروا علي حقيقتهم: حكاماً علمانيين لا تضبطهم إرادة أو مصلحة شعب أو حكم دين وإنما المصلحة العائلية والكرسي فوق كل شيء ' ! ( قراءات سياسية ص 17 خريف 1991 ). أما عن علمانية باقي الدول العربية الأخرى أي شركها بالله فحدث ولا حرج !.
اتهام الدول العربية بالعلمانية بما هي شرك بالله هي التهمة التي ما فتئ الغنوشي يلوكها منذ نعومة أظفاره الإسلامية إلي الآن ليحرض بها ضحايا التعليم والإعلام الدينيين علي الجهاد وليبرر بها جهادهم عندما ' ينحرف إلي الإرهاب ' ؛ وبما أن المصائب لا تأتي فرادي، فإن الدول العربية لم ترتكب جريمة العلمانية المشركة وحسب بل وأيضاً جريمة أخرى لا تقل كفراً هي تجاهل وحدة الأمة الإسلامية: ' [ فهي ] تنتهج في سياستها الخارجية لا من موقع أنها جزء من أمة يقتضي الانتماء إليها واجبات والتزامات بل تتصرف من موقع الدولة _ الأمة تنظيم علاقاتها بالخارج في ضوء ما تقدره من مصالح [ وطنية ] ومن موازين قوي فتسوي في ذلك العربي والمسلم بغيرهما، بينما لا يزال مجتمع تلك الدول يعتبر نفسه جزء من أمة كبري. أمة العرب والمسلمين وينتظر من دولته أن تتصرف وفق ذلك صداقة وعداوة [... ] مثل قضية فلسطين (.. ) ويمكن أن يقاس علي ذلك قضية الشيشان واحتلال العراق حيث رأينا شعوباً تتحرق ألماً وتتطوع لمواجهة قوى الاحتلال وحكومات تتعاون مع المحتل وتكتفي بالمجاملات الكلامية ' بدل إعلان الجهاد فرض عين علي كل مسلم ومسلمة علي كل من إسرائيل وروسيا وأمريكا أو علي الأقل تقطع جميع العلاقات معها تطبيقاً لعقيدة ' الولاء للمسلمين والبراء من غير المسلمين ومعتقداتهم ' وتجارتهم وتكنولوجيتهم وعلومهم وقيمهم ومؤسساتهم...
الحنين للخلافة الإسلامية وإعلان الجهاد علي الدولة _ الأمة هما القاسم المشترك الأعظم بين فقهاء الإرهاب المعاصرين: يلاحظ المؤرخ الفرنسي مارك فيرو: ' مجموع الإخفاقات [ العربية ] أعطي قيمة للطريق الذي تم تخيله قديماً: العودة إلي الإسلام، إلي وحدة الإسلام، عربي وغير عربي، من هنا عداء الأصولية للدولة _ الأمة. هذا ما يعبر عنه تصريح بن لادن الأول بعد 11 سبتمبر 2001 عندما قال: ' كابد الإسلام ثمانين عاماً من الإذلال ' وهو ما يتطابق في وقت واحد مع نهاية الخلافة الإسلامية وميلاد الدول العربية ' علي أنقاضها
' لوموند 28/5/2003 '.
وأخيراً _ لا أخراً _ يقدم الغنوشي مبرراً أخلاقوياً للإرهاب الديني هو ان: ' تتجاور في مدننا (.. ) المساجد مع الخمارات ودور الخنا والفجور مما جعل الهوة بين أكثر الحكام والنخب العلمانية المحيطة بهم وبين الشعوب التي تزداد وعياً والتزاماً بالإسلام (.. ) تزداد يوماً بعد يوم اتساعاً علي كل صعيد '.
هذه الصورة الكاريكاتورية ل ' تجاور المسجد والخمارات ودور الخنا والفجور ' التي يبيحها حكام تحيط بهم نخب علمانية _ مشركة هي سلاح فقهاء ودعاه الإرهاب لتأجيج التعصب. فكيف لا يفكر ضحاياهم بأن يكونوا من بين ' القابضين علي جمر الإسلام في كل مكان (.. ) من أجل عالم يتطهر من الكفر ' كما كتب في ' الحريات العامة في الدولة الإسلامية ' كيف ؟ ' بثورة إسلامية تقتلع الطاغوت والكفر من أرض الله ' لا من أرض الإسلام وحسب ! لكن شيخ ' النهضة ' تناسي أن المساجد والخمارات ودور الخنا والفجور تكاثرت في المدينة في خلافة عمر بن الخطاب الذي لم يفكر في غلقها بل طلب من علي بن أبي طالب استحداث حد لشارب الخمر لم يأت به القرآن: الجلد... ووصل الأمر إلي أن أبناء الصحابة عاقروا بنت العنب ونعرف أن عمرو بن العاص حد ابنه في شرب الخمر وعمر بن الخطاب حد ابنه سالم فيها... ونعرف أيضاً أن عمر فرض أعطيات [ = منحا ] للقطاء في المدينة المنورة لكثرتهم... لكن التعليم والإعلام الدينيين أخفيا هذه الحقائق التاريخية ليجعلا ما كان شائعاً في عهد الإسلام الأول علامة من علامات مجيء المسيح الدجال قبيل قيام الساعة في عصرنا!

( 3 )
يتضح من تبريرات الغنوشي للإرهاب الديني التي هي بنفس المقدار إسهامه غير المتواضع في تطوير ترسانة فقه الإرهاب الإسلامي. لكن ' اجتهاده ' غير المسبوق الذي يشكل قطيعة كاملة مع الفقه السني كله ليس اتهام السعودية زوراً بأنها دولة علمانية بالمفهوم المغالط للعلمانية: الشرك بالله. بل هو هدمه من أساسه لمبدأ الفقه السني من مسألة ' أئمة الجور ': النصح لهم. أما الغنوشي فيري أن المطلوب اليوم هو إما اغتيالهم أسوة باغتيال الجماعات الإسلامية المصرية للسادات وإما الانقلاب العسكري عليهم تقليداً لما فعل الترابي في السودان وإما الثورة الإسلامية عليهم كما فعل الخميني في إيران. كتب الغنوشي في كتابه ' الحريات العامة في الدولة الإسلامية ': رأي الفقهاء: ' عدم استعمال قوة السلاح في مقاومة السلطان الجائر ' يرد عليهم مفنداً: ' أن جملة الأحاديث الكثيرة التي تأمرنا بالإعراض عن رفع السيف في وجه حكام الجور بل تأمرنا أحياناً بكسر السيف جملة ينبغي أن لا تقرأ معزولة عن الروح العامة في الشريعة والعاملة علي تنشئة أمة (.. ) لا تتميز بالخنوع (.. ) والإطار الذي تتنزل فيه النصوص المنفرة من استعمال القوة هو إطار إسلامي اعترته بعض الانحرافات (.. ) دون مس بهوية الكيان العقائدي والسياسي للأمة (.. ) فالأمراء المتحدث عنهم في النصوص هم أمراؤنا (.. ) ولا يمكن اعتبار الحكام الديكتاتوريين المفسدين [ المعاصرين ] المتمردين علي شريعة الرحمن وإرادة الشعب _ وهم في الحقيقة أولياء الشيطان وأذناب أعداء الإسلام (.. ) لا يمكن اعتبارهم أمراءنا وأولياء أمورنا ولا لزمت طاعتهم [.. ] فالاستنكار [ لرفع السيف علي الحكام ] الذي تنص عليه النصوص الآنفة إنما هو لتصحيح انحراف في إطار المشروعية الإسلامية أي طالما ظلت تعاليم الإسلام محترمة (.. ) والأحاديث المانعة لسل السيوف ضد الحكام المنحرفين الذين لم يبلغوا حد الكفر البواح [ الصريح ] أي التمرد علي الشريعة ' ( ص 183 ).
فقهاء الإرهاب في القاعدة و ' السراط المستقيم ' في المغرب والجماعات المسلحة في الجزائر يبررون إرهابهم بمثل هذه الفتوى الدموية التي توشك أن تحول العالم العربي إلي ساحة لحرب أهلية لا تبقي ولا تذر. أعطي الغنوشي مثلاً حياً علي تطبيق نظريته في وجوب قتل الحكام المسلمين المعاصرين باغتيال الرئيس السادات مستخدماً القياس الفاسد: قاس أمر النبي باغتيال أحد زعماء اليهود، يحي بن أخطب، باغتيال الإسلامبولي السادات مستخرجاً من ذلك حكماً فقهياً عاماً يجيز قتل ' الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله ' أي بغير العقوبات البدنية ! إذا كان فقهاء الإسلام السني أجمعوا علي تحريم الخروج علي الحاكم فمن هم الفقهاء الذين اعتمد عليهم الغنوشي للإفتاء بقتل الحاكم المسلم، منهم نقي الدين النبهاني مؤسس حزب التحرير الإسلامي و ' قوم من الخوارج ' ص 184 الأزارقة، وهم أكثر فرق الخوارج تكفيراً وإرهاباً.
( 4 )
فما هي طبيعة ' الدولة الديمقراطية الإسلامية ' التي ينادي بها الغنوشي ليست شيئاً آخر غير دولة ثيوقراطية: ' محكومة بسلطة التشريع الأعلي الصادر عن الله [ وتحتكم ] إلي القرآن والسنة والتسليم بهما حد فاصل بين الكفر والإيمان ( ص 99 )، تمنع الزواج بالفسقة والمنحلين واعداء الإسلام ' ( نفس الصفحة )، ' وتمنع زواج المسلم من مواطنته غير المسلمة ' إلا إذا غلب الظن ' بأن هذا الزواج سيجعل ' أهل الذمة ' يدخلون في الإسلام ! التعصب هو إرهاب الاختلاف: لن يستريح الغنوشي إلا إذا رأي جميع رعايا ' الديمقراطية الإسلامية ' علي ملة واحدة هي ملته ! وفضلاً عن ذلك فهذه الدولة محكومة بهاجس هستيري هو مخالفة الغرب في مؤسساته وعلومه وديمقراطيته وقيمه التي هي في الواقع قيم إنسانية كونية يسلم بها من لم يصب منهم التعصب الديني مقتلاً: مهمة الدولة ' الديمقراطية الإسلامية ' هي: ' التحرر والتطهر [ من الكفر ] ومواجهة التحدي الغربي (.. ) لأن توجهات الإسلام هي في الحرص علي مخالفة الكفار حتى عد شيخ الإسلام [ ابن تيمية ] ذلك من مقاصد الشريعة '. بالمناسبة ذكرت اليومية المغربية ' الأحداث المغربية ' أن ' السفارة السعودية في المغرب وزعت هذه السنة فتاوى ابن تيمية علي جميع ثانويات المغرب ' !
جمود الغنوشي الذهني يعيقه عن رؤية الواقع السياسي الوطني، الإقليمي والعالمي كما هو فيستسلم لرغباته المقطوعة من الواقع وتخييلاته وهلوساته. هذا العجز عن بلوغ الواقعية بما هي حل وسط بين ما نريده وما نرغب فيه حكم عليه بالتطرف: مطاردة وهم ' الثورة الإسلامية ' التي تقتلع الكفر من أرض الله '.
أفضل رد علي فقهاء الإرهاب وزعماء التطرف الإسلامي هو الشعار الذي رفعه مليونا متظاهر في الدار البيضاء: ' لنا ديننا الحنيف ولكم دينكم العنيف '.

إيلاف خاص


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  3/10/2003



دراسة نقدية لمنهج سيد قطب

 اعرف الرجال بالحق ، ولا تعرف الحق بالرجال

·  مقدمة لابُدَّ منها

·   سبب هذه الدراسة

·   أقوال العلماء في مسألة الموازنة بين الحسنات والسيئات

( ابن باز ) ( الألباني ) ( ابن عثيمين ) ( الفوزان ) ( اللحيدان ) ( العباد )

((عرض بعض أخطاء سيد قطب))

1.    عدم وضوح التوحيد عند سيد .

2.    تهوين سيد من شِرْكِ القبور .

3.    شذوذ سيد في تفسير كلمة التوحيد ( لاإله إلاَّ الله ) عن أهل العلم .

4.    قَوْلُ سيد بعقيدة ( وحدة الوجود ) واضطرابه فيها .

5.    قوله بخلق القرآن .

6.    سلوك ( سيد ) في إثبات الميزان مذهب المفوِّضة .

7.    موقف سيد من معجزات النبي – صلى الله عليه وسلم - .

8.    سيد لا يقبل أخبار الآحاد الصحيحة في العقيدة .

9.    سوء أدب ( سيد ) مع كليم الله موسى – عليه السلام - .

10.   طعون سيد في صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.

11.   تكفير سيد لخلفاء بني أمية  وبني العباس .

12.   سيد يكفِّر المجتمعات الإسلامية قاطبة .

((شُبُهاتٌ يردِّدُها مُحِبِّي سيد قطب))

·     الشبهة الأولى

·     الشبهة الثانية

·     الشبهة الثالثة

·     الشبهة الرابعة

·      الشبهة الخامسة

·      الشبهة السادسة

·      الشبهة السابعة

·      الشبهة الثامنة


  مستخدم محذوف    عدد المشاركات   >>  24              التاريخ   >>  3/10/2003



يا استاذ شنانى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل الخوض فى الموضوع ارجو ان يكون كل رد بمصدره ولابد ان يكون المصدر موثوق فيه

ارجو ان تخبرنى  اولا من الذى قال الكلام السابق

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

 


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  3/10/2003



أفكار من سوق 'الخردة' تحور الإرهاب لتسميه جهادا

الهجرة والتكفير ، السلفية الجهادية ، الصراط المستقيم ، ثلاث جماعات دينية بالغة التطرف كونت محيطا إيديولوجيا يحول الإرهاب إلى استشهاد ويعطي قيمة للموت في أذهان شباب ومراهقين تعوزهم المناعة الضرورية للمقاومة . وفضلا عن ذلك ، تناسل في إطار هذه الجماعات عدد من الزعماء والمنظرين الذين وجدت 'أفكارهم' المستوردة من المشرق الوهابي مجالا واسعا للإنتشار لم تفلح في التضييق من مساحته ما تعرضت له إيديولوجية الدم هذه من نقد ورفض حتى من داخل الإيديولوجية السلفية نفسها ..


جاء في كتاب » ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة« وهو أحد النصوص التي انتقدت في وقت مبكر الخلفية الإيديولوجية للسلفية الجهادية : »في سياق الكفر والتكفير تتولد الفتنة ، ولقد انتشرت الفتن وعمت المصائب وكثر القول في العقائد ، حتى تدخل أفراد من الناس بعقائد الأمة واصلين إلى دقائق الأمور التي لا يعرفها إلا الراسخون في العلم ، وطالبوا الناس بلازمها الذي لا يلزم أحدا ، وأدى ذلك بهم إلى تكفير الناس الأمر الذي أخرج الكثيرين، تبعا لآراء هؤلاء، من الملة المحمدية « وفي نفس الإطار كتب أحد مراجع السلفية الكلاسيكية منتقدا السلفية الجهادية قائلا : »أظلم أهل الظلم من حال بين الأمة والإحتكام إلى ما شرع الله لها من قوانين وأحكام .. بيد أن هذا الجرم المستبين لا ينبغي أن يخرجنا عن قواعد أهل العلم وأصول أهل السنة في النظر والإستدلال وإيجاد الحلول لهذا الواقع الأثيم ، هل تكفير الحكام واغتيال المسؤولين هو المخرج من هذه الزوايا وتلك المحن ، كم أضر هذا الطريق أمتنا وحاد بها عن دينها ، ماذا قدم للأمة ؟ ماهي ثماره ؟ خوف وقلق وحيرة ونفرة من دين الله ومعتقلات وفتن ودماء واستباحة للأموال والأعراض ، فإنا لله وإنا إليه راجعون «.. رغم أن هذه الإنتقادات والرفض المطلق لإيديولوجية السلفية الجهادية قد صدرت من داخل المرجعية الإيديولوجية الدينية نفسها ، وتأكدت مع كثير من التجارب صحة ملاحظاتها ، فإن ذلك لم يمنع من تناسل تيارات أصولية أكثر تطرفا محملة بإيديولوجيا بالغة التشدد ، كما لم يمنع من تشكل محيط إيديولوجي محفز على تكفير المجتمع وقتاله ، وقد كتب الدكتور حسن رشيق في هذا الإطار معتبرا أن »هناك محيطا إيديوبلوجيا يعطي قيمة للموت« وهو نفس الإتجاه الذي لاحظ فيه الدكتور محمد الطوزي أن »الجو العام لبلورة العمل الحركي إلى عمل يؤدي إلى تفجيرات وإلى عمليات إرهابية أصبح مسألة بديهية بالنسبة لبعض الحركات الإسلامية، خصوصا ما يسمى بالسلفية الجهادية، لأن هذا هو الإطار المرجعي للعملية الذي هو إطار مرجعية السلفية الجهادية التي تتبنى طريقة في العمل تقضي بالخروج من المواجهة بالأساليب الأخرى إلى استعمال الإرهاب « ، في المغرب توجد على الأقل ثلاث تنظيمات تنتعش في هذا المحيط الإيديولوجي مستفيدة من قدرات فائقة على الإنتشار باستغلال الوسائل الجديدة للإتصال ، وسواء تعلق الأمر بالسلفية الجهادية أو بالهجرة والتكفير أو الصراط المستقيم ، يبقى هناك تقاطع كبير في أغلب الأفكار ، مع اختلافات بسيطة في الموقف من بعض القضايا .. ومن الواضح أن هذه التنظيمات لم يبدع منظروها شيئا من عندهم بقدر ما أنهم أعادوا بكثير من الإجترار إنتاج نفس طروحات زعماء التطرف في المشرق .. الهجرة والتكفير .. أو حين يتحول الوطن إلى بلاد للحرب اعتقل بعد العمليات الإرهابية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء عدد من نشطاء جماعة الهجرة والتكفير الذين تورطوا بشكل أو بآخر في تلك الأعمال التخريبية الإجرامية، ويعتبر العنف من مبادئ هذه الجماعة التي تشترك مع السلفية الجهادية في الكثير من مواقفها من 'المجتمع الجاهلي' على حد تعبير عد الكريم الشاذلي ، لكنها تختلف عنها في مسألة أن الهجرة والتكفير تكفر المجتمع بعموم المعاصي وارتكاب الكبائر، وترى أن المفاصلة مع المجتمع ينبغي أن تكون مفاصلة مادية بهجره وعدم التعامل معه، وهذه أمور تعتبرها السلفية الجهادية غير صحيحة من الناحية الشرعية.. وتعود أصول جماعة الهجرة والتكفير إلى مصر، واسمها الحقيقي هو الجماعة الإسلامية ، أما تسمية الهجرة والتكفير فقد أطلقت عليها إعلاميا، وهي جماعة عالمية تنهج نهج الخوارج في التكفير بالمعصية ، وقد نشأت بادئ الأمر في السجون المصرية بعد اعتقالات ١٩٦٥ التي أعدم إثرها سيد قطب وبعد إطلاق سراح أفرادها تبلورت أفكارها وكثر أتباعها على صعيد مصر، كما امتدت إلى بلدان أخرى من بينها المغرب .. ويعتبر التكفير عنصرا أساسيا في أفكار ومعتقدات هذه الجماعة استنادا إلى نوع من الفهم لمعنى الجهاد في الإسلام. ويوجز البعض هذا الفهم الجديد لمعنى كلمة الجهاد في ما لا يقل عن سبع وعشرين عنصرا وردت في إحدى الوثائق الرسمية للجماعة ، وهي نقس الوثيقة التي تم ضبط عملية توزيعها بأبواب المساجد أسابيع قليلة فقط قبل الإعتداءات التي تعرضت لها الدار البيضاء .. وتعتبر الجماعة أن المجتمع الذي نعيش فيه 'مجتمع كافر' لأنه استبدل القوانين الإسلامية بالوضعية ، ومظاهر الإنحلال والفساد دبت فيه، وأن المعروف أصبح منكرا والمنكر قد أضحى معروفا .كما أن أفراد هذا المجتمع وحكوماته مرتدون مارقون، والمظاهر الإسلامية في هذا المجتمع مظاهر كاذبة مضللة منافقة، وشيوخ الدين مماثلون للسلطان الكافر .. وعن المساجد فهم يعتبرونها مساجد ضرار، لأنها تسير في ركاب الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله . والمؤسسات الإسلامية، سواء كانت أهلية كجمعيات الخير والبر أو حكومية كوزارات الأوقاف والجامعات الإسلامية، حكمها حكم المجتمع مادامت أنها تستظل بظل الحكومات الكافرة . وتأسيسا على ذلك تخلص الجماعة إلى أن الجهاد مفروض لتغيير هذا الواقع وإحلال شريعة الله مكان شريعة الكفر.. وفي سبيل ذلك تبقى كل الوسائل السلمية لا تجدي ولاتوصل للهدف السابق ، لأن كل عمل سلمي للدعوة يقابل بالدعاية الحكومية الكافرة. وحسب الفهم ذاته ، فإنه ومادام الحكام كفرة والجهاد واجبا، فقد وجب الخروج عليهم وقتالهم بالسلاح لأن الرسول أمر بالخروج عليهم . وتبيح الجماعة لنفسها جميع الممارسات غير المشروعة لا قانونا ولا أخلاقا ولا دينيا، فبرأيها، في القتال يجوز الخداع كما يجوز الإغتيال، ويجوز إظهار خلاف ما يبطنه المسلم حتى يتمكن من قتل هؤلاء الأعداء، ويجوز قتل الجنود والشرطة وغيرهم إذا حاولوا الدفاع عن الحكام الكفار. ويبقى تفكيرا من هذا القبيل منسجما مع منطلقاته التي تعتبر أن النظام الذي نعيش فيه نظام كافر وبالتالي فإن الدار التي نعيش فيها هي دار حرب يجوز فيها ما يجوز في دار الحرب من قتل وسلب ونهب وغصب وخطف.. السلفية الجهادية .. أو الحرب ضد الطاغوت بدأت هذه المرجعية في التشكل خلال بداية عقد التسعينات ، كان حينها قد نشب خلاف بين مشايخ السلفية التقليدية بالمملكة العربية السعودية بشأن الموقف من تواجد القوات الأجنبية بالأرض المقدسة والموقف من أنظمة الحكم التي تتعاون مع أمريكا... وبذلك سيخرج تيار السلفية الجهادية إلى الوجود محملا بانتقادات شديدة اللهجة للمشايخ التقليديين، وكان أن احتل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري بفتاويهم وكتبهم صدارة منظري هذا التيار الجديد الذي حاول أن يجد لنفسه جذورا عقائدية في الإنتاج النظري لحسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين بمصر.. مع بداية التسعينات كانت أفواج من المغاربة الأفغان قد شرعت في العودة إلى المغرب ، كما عاد عدد من الفقهاء الذين اعتنقوا مبادئ هذا التيار إلى المغرب ومن بينهم حسن الكتاني وغيره، ومنذ ظهور التيار السلفي بالمغرب في بداية التسعينات ، كان كتاب »نظرات في السياسة الشرعية الشورى المفترى عليها والديمقراطية« ، لمحمد الفيزازي ، و»الرد المأمون« لعبد الكريم الشاذلي من أول الكتب والرسائل التي نشرها رموز هذا التيار بالمغرب قبل أن تصل حاليا إلى حوالي عشرين رسالة، يتمحور معظمها حول إثبات جانب الحاكمية في مسمى الإيمان وأن الحاكم إذا حكم بغير شرع الله فهو كافر.. وتشترك السلفية الجهادية مع السلفية الكلاسيكية في الكثير من مواقفها خاصة الموقف من المشاركة في المؤسسات النيابية والموقف من الديمقراطية بشكل عام واعتبار المجتمع الحالي مجتمعا جاهليا ، لكن الفرق بينهما يكمن في أن السلفية الجهادية اختارت الجهر بتكفير المجتمع وقتاله ، وهو ماترفضه السلفية الكلاسيكية باعتبار ذلك طريقا نحو الفتنة وأسلوبا في الدعوة إلى المعروف والنهي عن المنكر لا يجر على الأمة غير الويلات كما حدث في التجربة الجزائزية .. وكشفت الأحداث الأخيرة عن أسماء عدد من منظري هذا التيار بدءا بمحمد بن عبد الكريم الفيزازي وعبد الكريم الشاذلي وحسن الكتاني وأبي حفص وعمر الحدوشي وعبد العزيز البراق ... وهم جميعا يشتركون في اعتبار أن المجتمع الذي نعيش فيه هو مجتمع كافر مادام قد استبدل القوانين الشرعية بالقانون الوضعي ، وحين يتعلق الأمر برصد مظاهر هذا الكفر ، يشيرون إلى مسائل الاختلاط بين الجنسين والحجاب وانتشار الموسيقى التي يعتبرونها عملا شيطانيا ، وكذلك الإعتماد في الحكم على الدساتير... فعبد الكريم الشاذلي مثلا يعتبر أن التحاكم إلى الدساتير شرك (!!) ووضع الدساتير هو من الثمار الخبيثة للعلمانية التي هي الجاهلية المعاصرة (!!)، كما أن الدساتير بالنسبة إليه آلهة معبودة من دون الله يكفر كل من وضعها أو شارك في وضعها ويكفر كل من تحاكم إليها(!!) ويزيد على ذلك أن البرلمان ونوابه هم أوثان منصوبة ، ويعتبر أن الإسلام في المغرب والشعب المغربي يعيش مؤامرة باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان من طرف جميع الأحزاب حتى الإسلامية منها (!!) ، والديمقراطية ليست هي الطريق الصحيح الذي يؤدي إلى نصرة الإسلام وخوض غمارها هو ضرب من العبث وتضييع للجهود والطاقات وإلقاء بالنفس إلى التهلكة(!!) حين يقوم منظرو السلفية الجهادية بتكفير الديمقراطية واعتبار المجتمع مجتمع كفر ، يكون طبيعيا بالنظر لذلك أن يكون لديهم موقف رافض للمشاركة في المؤسسات الديمقراطية. يقول أبو عبيدة رافضا الديمقراطية والمشاركة في المؤسسات: »المشاركة في المجالس النيابية فيها تلبيس على المسلمين في عقيدتهم من خلال إضفاء لبوس إسلامي على أنظمة غير إسلامية ... إن هذا الموقف فيه هدم لكل معنى من معاني المفاصلة، وفيه تمييع للفواصل العقدية الصلبة بين الطاغوت وبين الدعاة إلى الله... إن خطورة اللعبة الحزبية تكمن في أمرين: الأول تفريغ الحركة من فعاليتها في مواجهة هذه النظم والمشاركة في تشييد هذه الشرعية بانضمامها للشكل السياسي للحكم وما يستتبع ذلك بالطبع من تضييع مفاهيم وأحكام إسلامية هامة كالموالاة والحاكمية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد وغيرها وفتنة الناس بتقديم إسلام حكومي «.. وعلى نفس خط التنظير يذهب نجم المكفرين المغاربة وأحد أبرز منظري تيار السلفية الجهادية بالمغرب ، إلى أن الديمقراطية بدعة وكفر ، ففي كتاب له حول الديمقراطية والشورى المفترى عليها ، يضع الكفر كقاسم مشترك بين جل الأحزاب ، يقول في هذا الإطار »لقد حققت الأمة تقدما هائلا جبارا في تفريخ الأحزاب السياسية والكيانات الإيديولوجية .. إن الكفر هو الفكر المشترك بين هذه الأحزاب .. وهي تتنافس فيه وتتسابق به وعليه .. إن الملخص العام للواقع السياسي لدى الأحزاب السياسية في العالم الإسلامي أن القوم أرادوها جاهلية عوجاء .. وابتغوا حكم الجهل والجاهلية« ويستمر صاحب الكتاب في تلفيق حكم الكفر لكل من آمن بالديمقراطية كآلية لتدبير الشأن العام ليقف عند عنوان عريض »الكفر كفر مهما تغيرت أسماؤه« حيث يقول »لا شك في أن الخصم الأكبر للإسلام هو الكفر ولاشك في أن جناح الكفر ولاشك في أن جناح الكفر المرفرف الآن هو الديمقراطية«.. و في محاربته للمجتمع ، لا ينتظم تيار السلفة الجهادية في الأشكال التنظيمية المعتادة لدى الأحزاب ، فهي بالنسبة إليه أشكال تنظيمية مرفوضة لأسباب أمنية وأخرى إيديولوجية. يقول عبد الكريم الشاذلي في هذا الإتجاه »إن السلفية الجهادية تيار منهجي عقدي أصولي وليس تنظيما على غرار التنظيمات الأخرى لسببين : الأول أن السلفية الجهادية تربط أعضاءها بالمنهج السلفي ، منهج الكتاب والسنة على فهم أئمة السلف وليس على فهم الشيخ أو النقيب أو الأمير أو رأي المفكر. والثاني أن كل التنظيمات الإسلامية في المغرب مخترقة أمنيا من القيادة إلى القاعدة، ولذلك فإن أي تنطيم هيكلي في المغرب سيكون مآله الفشل وسيدخل في إطار اللعبة السياسية وعملية الإحتواء، ومن ثمة فإن السلفية الجهادية بقدر ما تؤمن بسائر أنواع التنظيم الهيكلي أو العنقودي أو الخيطي وغيرها ، فإنه ليس لرموزها صفة الأمير أو القائد الصراط المستقيم .. أو الطريق الدموي إلى 'الشريعة' وعلى شاكلة الهجرة والتكفير، تتمثل أهم مبادئ جماعة »الصراط المستقيم« في »الجهاد لتطبيق الدين الاسلامي« واعتبار الاحزاب السياسية والجماعات الاسلامية الأخرى »كفارا خالدين في النار« مع »الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر« حيث سبق لمجموعات من الصراط المستقيم أن قامت بضرب شبان كان الواحد منهم يرافق فتاة وغيرهم ممن كانوا في حالة سكر، زيادة على »التحريض ضد السلطة باعتبارها طاغوتا. وبلغ بهم رفضهم لها إلى حد رفض أغلبهم الحصول على بطائق التعريف الوطنية. وكل ما يمكن أن يكون وثائق صادرة عن إدارة عمومية، بل إن البعض منهم يرفض وهو يعقد قرانه أن يرتبط في إطار عقد نكاح موثق لدى عدل شرعي .. يعتبر الميلودي زكريا الذي هو أبرز زعماء هذا التيار أن »التحاكم إلى القوانين التي يضعها البشر كفر بالله وشرك به « ويؤكد أن »الأمة التي تزعم الإيمان والاسلام كما هوالحال في بلادنا عندما ينص حكامها باسم الشعب على اسلامية الدولة في 'دستورها' ثم تعلن الكفر أو تعمل بمراسيم الالحاد ، [ففي المغرب يوجد] الشرك بالله بدءا من الشعارات والألقاب والاسماء والآداب والاخلاق والحركات من وقوف وركوع وسجود، وعبادة الأوثان والقبور وهي عندنا عادة محمية محفوظة محروسة بقوة السلاح مدعومة بقوة المال من الدولة الحاكمة«.. ويختتم »أمير الجماعة« كلامه في إحدى مقالاته بإحدى الصحف »نحن لسنا تكفيريون (!) حسب ما يصطلح عليه الزنادقة العلمانيون فليس هناك اسلام »متشدد وآخر »متسامح« وليس في الاسلام اختلاف كما هو حال الباطل الذي تسمونه ديمقراطية، وأن أحكامه ثابتة لاتتبدل إلا في عقول أصحاب الجهالة المتعلمين. فهل بعد هذا يمكن لمؤمن صحيح الإيمان أن يقبل إحلال قوانين وضعية محل القوانين الشرعية ويرضى بالجاهلية نظاما...«! لم يبدع زعماء هذه التنظيمات ولا منظري السلفية الجهادية بالمغرب شيئا من عنديتهم ، فهم وفي كل ما ينتجونه لا يعملون إلا على إعادة ترديد ما ابتدعه منظروهم في المشرق بدءا من الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابه »الأصول الثلاثة« وكتابيه »التوحيد« و»العقيدة« ، ثم كتاب »شرح كتاب التوحيد« إضافة إلى رسائل ومطويات توزع مجانا تتضمن »رسائل العقيدة ومسائل الأحكام الشرعية «، وانتهاء بفتاوى وخطب أسامة بن لادن وكتابات أيمن الظواهري .. وتعتبر كتابات هذا الأخير من المراجع الأساسية لهذه التنظيمات المتطرفة باعتبار ما مارسته من نقد شديد اللهجة تجاه التيار السلفي التقليدي وحركة الإخوان المسلمين، ففي كتاب له تحت عنوان »فرسان تحت راية النبي« يرى أيمن الظواهري أن الإخوان المسلمين نبذوا مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل كامل ، وأنهم يؤيدون الأنظمة الجاهلية ويعتبرونها أنظمة مسلمة، رغم أن مرجعية هذه الأنطمة علمانية تستبطن العداء للإسلام والمسلمين على حد قوله ، ويضيف أن هذه الأنظمة موالية بشكل كامل لأعداء الإسلام وتأييد الإخوان لها يضفي الشرعية عليها رغم أن الحكم الشرعي هو مقاومتها والخروج عليها أو على الأقل منابذتها وعدم الدخول في طاعتها « لا تكتفي تنظيرات المشرق بالبحث عن جرعات زائدة من التطرف ، بل وتحاول أن تجد لذلك شرعية لدى بعض رموز الإخوان المسلمين وخاصة منهم حسن البنا ، فقد ذهب التيار الجهادي إلى أن منهج البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين قد تطور من الناحية الفكرية ختى وصل في أواخر حياته إلى قناعة بأن التغيير لن يكون إلا عن طريق القوة والمواجهة ، باعتبار أن الأنظمة لا يمكن تغييرها عبر الوسائل السلمية وهم في ذلك يستندون إلى مقال للبنا بعنوان »معركة المصحف ، أين حكم الله ؟« كان قد أورده سيد قطب في كتابه »واقعنا المعاصر« يقول أحد الباحثين المغاربة في تعقبه لجينالوجيا الفكر الأصولي وارتباط الفكر الأصولي في المغرب بالفكر الأصولي في المشرق »هناك ما يمكن أن نسميه جينالوجيا الحركات الجهادية ويمكن أن نتتبعها على مستوى الأشخاص ، فالفكر الأصولي بصفة عامة في مصر أخذ الشكل السلفي مع محمد عبده، هذا الأخير أعطى رشيد رضا، ورشيد رضا أعطى حسن البنا، وحسن البنا أعطى أيمن الظواهري. إذن هناك بنية فكرية لها أساس مشترك وإذا عدنا إلى المغرب نجد نفس الجينالوجيا التي يمكن أيضا أن نسمي الأشخاص داخلها « ويضيف في السياق ذاته » التطور الفكري في الفكر الديني بصفة عامة وتطور الفكر الأصولي في المغرب له ارتباط بالمشرق في شقه الأساسي ، وحتى إذا تتبعنا سوق الكتب الدينية ، نجدها تصب في هذا المنحى كتب محمد عبده ورشيد رضا وسيد قطب، بحيث لا يمكن قراءة تاريخ الفكر الأصولي في المغرب بمعزل عن الإنتاج الفكري الذي يصلنا من المشرق «.. وفي مواجهة هذه الإيديولوجيا الدموية ، يؤكد عدد من المتتبعين والباحثين أن المقاربتين الأمنية والتنموية وحدهما لا تكفيان ، لأن المطروح أيضا هو مقاربة تأخذ بعين الإعتبار معطى الأفكار والإيديولوجيا ، وقد سبق للأستاذ عبد الحي المودن أن أكد في هذا الإطار على أن »الجانب الفكري وتحليل هذه الأفكار والدخول في تعقيداتها سيساعدنا أكثر على مواجهة هذا النوع من الفكر الإنتحاري القاتل


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2000 / عدد الاعضاء 62