|
|
|
|
|
|
|
|
|
التاريخ 1/6/2005 2:13:01 PM
|
دستور يا أسيادنا
|
الدستور هو أبو القوانين في أي دولة ، هو الذي يحدد شكل نظام الحكم ، وينظم السلطات العامة في الدولة والعلاقة فيما بينها ، هو الذي ينص على الحقوق والواجبات ، هو الوثيقة القانونية العليا التي ينبغي أن تسير في فلكها كافة القوانين والقرارات واللوائح وتصرفات السلطات ، وإلا كانت غير شرعية غير دستورية .
ومن القواعد الدستورية البديهية في أي مجتمع متحضر ، أن ينظم الدستور مبدأ الفصل بين السلطات ، وأن يحمي حقوق المواطنة ، وأن يعلو القانون على السياسات إذ هو الذي يرسمها ويحدد مسارها وليس العكس ، وأن يسمو على القوانين ، وأن يحمي ما يمكن أن نسميه دولة المؤسسات إعلاءً لدور المجتمع وسيادة القانون على دور وتحكم واستبداد الفرد
فماذا عن الوضع في مصر ؟
الدستور المصري المعمول به حاليا هو الصادر بتاريخ الحادي عشر من سبتمبر 1971 والمعدل بتاريخ 22/5/1980 ، وهو يتكون من وثيقة إعلان الدستور ، ويتكون من 211 مادة ، تقع في سبع أبواب ، الباب الأول تناول الدولة والباب الثاني تحدث عن المقومات الإجتماعية والخلقية ، والباب الثالث أورد الحريات والحقوق والواجبات العامة ، والباب الرابع أقر مبدأ سيادة القانون ، وتحدث الباب الخامس عن نظام الحكم ، والباب السادس عبارة عن أحكام عامة وإنتقالية ، وأتي الباب السابع بأحكام جديدة تتعلق بمجلس الشوري وسلطة الصحافة .
وتتوالى النداءات بضرورة تعديل أحكام الدستور المصري ، ويرد على تلك النداءات إتجاه يرى أن الدستور بألف خير وأن مسألة تعديله ليست سهلة أبدا ، ثم تأتينا الرياح بدعاوى الإصلاح السياسي ، هذا الإصلاح المختلف عليه أيكون خارجيا أم داخليا ... وفي تقديري إن صدق النوايا في عملية الإصلاح أو النظر في أمر تعديل الدستور ينبغي أن يؤخذ الأمر مأخذ الجد وأن نأخذ الأمر بجدية إن أردنا إصلاحا حيث أن الوضع الحالي لا ينبأ بأي جدية في الأمر فلازلنا نمارس الأمر من خلال اللافتات والشعارات وحسب .
وفي الحقيقة من يقرأ الدستور المصري – بصرف النظر عن جودة نصوصه أو غير ذلك – لابد أن يصاب بالدهشة ، فالدستور يتحدث عن مجتمع كان ... وليس المجتمع بصورته الحالية ، يتحدث الدستور عن مجتمع إشتراكي ، يتحدث بخطاب الستينات ولا أدري ما علاقة مجتمعنا في الوقت الحاضر بالإشتراكية والسلوك الإشتراكي وتحالف قوى الشعب العاملة .
تصوروا وثيقة إعلان الدستور تتحدث عن صيغة تحالف قوى الشعب العاملة ، والمادة الأولى من الدستور تغيظنا بنصها على أن مصر دولة نظامها إشتراكي ديمقراطي يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة ، والمادة الرابعة تؤكد على أن الأساس الاقتصادي لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكي الديمقراطي القائم على الكفاية والعدل بما يحول دون الاستغلال ويؤدي إلى تقريب الفوارق بين الدخول ويحمي الكسب المشروع ويكفل عدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة ، علما بأن هاتين المادتين معدلتان بتاريخ 22/5/1980
والمادة 12 تنص على أن يلتزم المجتمع برعاية السلوك الإشتراكي ، والمادة 23 تؤكد تنظيم الإقتصاد القومي وفقا لخطة شاملة ... وفي المادة 24 يسيطر الشعب على كل أدوات الإنتاج ... هل نتصور أن هذه نصوص وردت في الدستور النافذ والمعمول به في مصر ... وكافة القوانين التي يجب أن تحترم الدستور بل والقرارات اللائحية أو التنظيمية تقفز على نصوص الدستور بل وتصريحات المسئولين وعلاقات المجتمع والخطاب السائد بدءا من بيع القطاع العام انتهاءً إلى اعتبار الإشتراكية رجس من عمل الشيطان .. أما صيغة تحالف قوى الشعب العامل – الله يرحمها – لا أرى لها أثرا في الواقع المصري الحالي .
عجيب أمر دستورنا .. وعجيب أمر نظامنا الحاكم .. وعجيب أمر كل السياسيين مؤيدين أو معارضين ، كيف نتكلم عن ثمة إصلاح وهذا حال الدستور هو في وادٍ وبر مصر كله في وادٍ آخر .. لو استرسلت في إيراد نماذج مدهشة من مواد الدستور لن تكفيني صفحات هذا المقال ، ربما أحاول اختصار الأمر بإيراد ثلاثة أمثلة من شأنها تبيان حقيقة الأمر .
أولا .. التنظيم الواحد والتعددية .. كانت المادة الخامسة من الدستور المصري الحالي تنص على أن يقوم النظام السياسي في مصر على التنظيم الواحد – الإتحاد الإشتراكي العربي - ، وفي منتصف السبعينات قرر الرئيس السادات إنشاء ما سمي بالمنابر وأرادها السادات ثلاث منابر الوسط واليسار واليمين ، وقد كانت المنابر الثلاث رغم أنف نص المادة الخامسة من الدستور ، وفي العام 1977 أراد السادات أن يطور مسألة المنابر إلى أحزاب ، وصدر القانون رقم 40 لسنة 1977 ونشر بالجريدة الرسمية بالعدد 27 بتاريخ 7/7/1977 على الرغم أن المادة الخامسة من الدستور ظلت على حالها تؤكد على التنظيم السياسي الواحد ، غير أن القانون أخرج لسانه لتلك المادة ونص على التعددية الحزبية كرغبة الحاكم بل وجاءت نصوصه – وفقا للدستور – والدستور بريء منها . حتي جاء العام 1980 وتم تعديل المادة الخامسة من الدستور لتتوافق مع القانون الصادر قبل ثلاث سنوات .. المسألة معكوسة ، القانون يخرق الدستور ، ويتم العمل بالقانون غير الدستوري ، ويتم بعدها تعديل الدستور ليساير القانون .
ثانيا .. مدة الرئاسة كانت المادة 77 من الدستور المصري الحالي تنص على أن مدة الرئاسة ست سنوات ميلادية .. ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمدتين متتاليتين . ولما اقتربت الساعة من نهاية مدة الرئيس السادات الثانية وتحديدا عام 1980 ، ووفقا للنص الأصلي لم يكن يحق له أن يُنتخب رئيسا للجمهورية لمدة ثالثة ، كان لابد من تعديل الدستور حتي ننعم بمدة رئاسة ثالثة ورابعة للرئيس السادات ، فكان التعديل الدستوري عام 1980 المقصود منه بالأساس تعديل هذه المادة ، وما تم تعديله من مواد أخري بالدستور كان ذرا للرماد في العيون ، فالمستهدف إطالة أمد الرئيس على كرسي الرياسة ، وبالفعل تم التعديل للمادة لتصبح (ويجوز إعادة إنتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى) ، يعني مفتوحة ، وسبحان الله القادر لم يمهل السادات للاستفادة من هذا التعديل وقطف ثمار المغامرة بالدستور ، حيث تم اغتياله في أكتوبر 1981 ، والذي استفاد من النص المعدل هو الرئيس الحالي .
ثالثا .. المجلس سيد قراره نص المادة 93 من الدستور اختص مجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه ، وخص محكمة النقض – أعلي وأرفع محكمة في النظام القضائي المصري – فقط بالتحقيق في صحة الطعون إلى المجلس ، وتعرض نتيجة التحقيق والرأي الذي انتهت إليه محكمة النقض على مجلس الشعب .. ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس .
ثلاثة نماذج أوردها .. لأتساءل بعدها هل نحن قوم نحترم أحكام الدستور ؟ أم أن رغبة الحاكم هي الدستور الحقيقي الذي نلتزم بها ... يحضرني هنا في هذا المقام واقعة تعديل الدستور السوري الذي كان يشترط فيمن يرشح لرئاسة الجمهورية أن يكون قد بلغ أربعين سنة ميلادية ، ولكن بشار الأسد لم يكن بلغ الأربعين ، بسرعة تم تعديل الدستور ليناسب سن بشار الأسد حتي يصبح رئيسا للجمهورية . وتتكلمون بعد ذلك عن أهمية وضرورة تعديل الدستور ؟ بل وتطمحون أكثر وتنادون بالإصلاح السياسي ؟ دستور يا أسيادنا
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم الدستور هو ابو القوانيين وهو اعلاها وأسماها ، ماذا عن دولة لا يوجد بها دستور ؟ فى ليبيا هناك أصوات تنادى بوضع دستور ، مع اختلاف شراح القانون فى إعلان سلطة الشعب والوثيقة الخضراء لحقوق الانسان من اعتبارهما دستور الدولة الليبية من عدمه
إن وضع دستور لدولة ما .. هو شىء ضرورى فالدستور هو الذى يحدد اختصاصات السلطات الثلاث فيها ، بحيث لا تعتدى سلطة على اختصاصات سلطة أخرى تطبيقا لمبدأ [ الفصل بين السلطات الثلاث ] هذا المبدأ للاسف الشديد لا يطبق فى ليبيا ، بل أنه غير موجود ، وبقراءة النصوص التشريعية الصادرة من المؤتمرات الشعبية الاساسية ـ باعتبارها الجهة التشريعية ـ يوازى البرلمان فى انظمة الدول الاخرى ، نجد أن هذه النصوص قد أعطت للسلطة التنفيدية صلاحيات واسعة باصدارها لوائح هى من صميم اختصاصات السلطة التشريعة ، بل لها الحق فى ان تصدر لوائح ايا كان نوعها دون التقيد بالنصوص القانونية النافذة ، من اعطى لها هذا الحق ؟ هو السلطة التشريعة فى الدوله وهى المؤتمرات الشعبية الاساسية والتى تتكون من مجموع الشعب الليبى كله عبر انعقاده فى السنة مرتين ربما ثلاث استنثناء
المهم اذا لم يحضر الشعب الليبى تلك المؤتمرات ـ وهذا هو الواقع العملى فعلا ـ ماذا يترتب على ذلك ؟ غياب السلطة التشريعية فى الدولة او تغيبها ، واحلال السلطة التنفيذية مكانها وهو ما يهدم مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث من أساسه
ما يحدث حقيقة هو أن السلطة التنفيذيه والمتمثلة فيما يسمى بأمناء اللجان الشعبية من أعلاها لها درجة الى الادنى لها الحق بموجب نص قانونى لها حق سلطة اقتراح القوانيين على المؤتمرات الشعبية ، وللشعب الليبى المتمثل فى المؤتمرات الشعبية الحق فى إقرار تلك القوانيين أو رفضها ، إلا أنه من الناحية العملية وكما سبق وان ذكرنا فى غياب وعدم حضور افراد الشعب لجلسات المؤتمروحتى فى حالة وجوده تكون تلك القوانيين نافذة سواء تمت الموافقة عليها أم لا ؟ نلخص من هذا كله : ان عملية انعقاذ المؤتمرات الشعبية الاساسية باعتبارها السلطة التشريعية هى عملية شكلية لا أكثر ولا أقل ، وكذلك الحال بالنسبة للقوانيين المقترحة عليها ، اى ان القانون يصدر اولا ، ثم يتم عرضه تاليا كاجراء شكلى
كذلك الحال بالنسبة للسلطة القضائية ، عندما تعتدى السلطة السياسية ( الحكومة ) على اختصاصها واستقلالها عنها ، وهذا ما حدث فعلا فيما يعرف بقضية اطفال الايذز ، فقد صدر الحكم من محكمة جنايات بنغازى باعدام بعض البلغاريات وحبس البعض الاخر ، بالنسبة لمن حكم عليه بالاعدام وفقا للاجراءات الجنائية المتبعة فى المحاكم الليبية على النيابة العامة أن تحيل القضية الى المحكمة العليا والتى تنظر فى القطية من الناحية الموضوعية والشكلية ، أى يجب فى حالة الحكم بالاعدام ان تقره المحكمة العليا ، ونسمع الان عن وجود صفقة بين بلغاريا وليبيا مضمونها ان ليبيا قد تنازلت عن الحكم بالاعدام مقابل تعويض أهالى الاطفال ، أليس هذا اعتداء على السلطة القضائية ؟ كما انها لا تملك الحق فى التنازل مقابل التعويض كما يقول المثل : [ فاقد الشىء لا يعطيه ] فالذى يملك الحق فى التنازل وبالتالى تجب الدية او التعويض هم أهالى الاطفال جميعا ... وللحديث بقية إن وجد
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|