شناني عدد المشاركات >> 172 التاريخ >> 24/8/2003
|
الأخ زيد المحترم
لا تزعل ولا يكون على بالك
أولا : أؤيدك القول بأن الأحكام بدون ( قوة تنفيذ ) هي مجرد حبر على ورق . والمواطن لا يلجأ إلى القضاء كي يحصل على ورقة تسمى حكم قضائي .. ما لم توصله فعلا إلى حقه .. فالحكم القضائي خطوة في طريق تحصيل الحقوق بعد ثبوتها بالحكم القضائي .
وإذا لم تكن الأحكام القضائية قابلة للتنفيذ الجبري ، فإنها لا تكون أكثر من وثيقة تقرر حقا بدون أن يكون هذا الحق مدعوما بمؤيد قانوني يفتح له الطريق إلى التحقق والتنفيذ .
مع التنويه بأن هناك أحكاما ( مدنية ) غير قابلة بطبيعتها للتنفيذ إذا لم تتضمن فقراتها الحكمية إلزامات معينة .. مثل الأحكام الصادرة بتوثيق إقرار قضائي مثلا ..
ثانيا : إن فكرة القانون بالأصل تقوم على توافر المؤيد ( الجزائي أو المدني ) الذي يترتب على الإخلال بالالتزامات القانونية أو ارتكاب الجرائم .
فالقاعدة القانونية المجردة عن المؤيد القانوني ( جزائي أو مدني ) فهي مجرد نصيحة .
لذلك ، يرى غالبية الفقهاء أن من شروط القاعدة القانونية أن يكون لها مؤيد جزائي أو مدني . والمؤيد الجزائي يتمثل بالعقوبات الجزائية المعروفة .. والمؤيد المدني يتمثل بالرد والتعويض أو التنفيذ العيني الجبري إن أمكن .
وعندما ينعدم المؤيد القانوني ، فإن القاعدة القانونية ليست سوى نصيحة أو كلام مرسل لذوي النوايا الحسنة .. وما أقلهم في عصرنا هذا .
ثالثا : الأحكام القضائية ينطبق عليها ذات الكلام .. يجب أن تكون قابلة للتنفيذ الجبري ..
والأحكام القضائية التي تقبل التنفيذ الجبري هي تلك التي تصدر بإلزامات معينة .. وكذلك الأحكام الجزائية الصادرة بعقوبات ..
وفي سوريا عندنا دائرة لتنفيذ الأحكام المدنية تقوم بتنفيذ الأحكام القضائية القابلة للتنفيذ جبرا وبالقوة وبقوة القانون .. وأقصد بالقوة الأولى : مثل حكم صادر بتثبيت بيع عقار وتسليمه خاليا من الشواغل إلى المدعي المشتري .. فهنا تتولى دائرة التنفيذ المدني تنفيذ القرار جبرا ولمأمور التنفيذ استعمال القوة الجبرية والاستعانة برجال الشرطة لتنفيذ الحكم وتسليم العقار بعد إخلائه ..
وكذلك تقوم دائرة التنفيذ أيضا بتسطير الكتاب اللازم إلى السجل العقاري لنقل الملكية إلى اسم المشتري طالب التنفيذ .. وهكذا ..
وفي القضايا الجزائية .. فهناك دائرة تنفيذ الأحكام الجزائية .. تتولى تنفيذ الأحكام الجزائية من عقوبات ..وهي تقوم بتسطير الكتب والتعميمات اللازمة لدوائر وأقسام الشرطة المختصة لتنفيذ الحكم الجزائي وإلقاء القبض على المحكوم عليه ..
أما الشق المدني الذي يصدر به الحكم الجزائي ( التعويض والرد ) فتتولى تنفيذه دائرة التنفيذ المدني .. باعتبار هذا الشق يتعلق بإلزامات مدنية ..
وهناك الأحكام الشرعية ( الصادرة عن المحاكم الشرعية في قضايا الأحوال الشخصية ( من زواج وطلاق ونفقة وحضانة وغيره ) وهذه الأحكام أيضا تعتبر من زمرة القضاء المدني وتنفذ بواسطة دائرة التنفيذ المدني بنفس طريقة تنفيذ الأحكام المدنية ..
المهم :
أن الأحكام القضائية الجزائية والمدنية والشرعية تجد طريقها للتنفيذ الجبري عن طريق الدائرة المختصة ..
ويستثنى فقط عقوبة الإعدام فهي تحتاج إلى تصديق الحكم الصادر به من قبل رئيس الجمهورية ..
وعندنا في سوريا فإن مثل هذه الموافقة تأخذ وقتا طويلا .. ولا تصدر الموافقة بسرعة إلا في الجرائم التي تحدث صدى اجتماعي وشعبي بحيث يكون الجزاء الرادع سريعا .. مثل حوادث القتل والسلب والنهب المقترن بقوة السلاح أو المقترف بواسطة عصابات أو ما شابه ذلك من أفعال تمس الأمن الوطني .. فإن العقوبة تكون رادعة وسريعة حتى لو صدرت بالإعدام .. وذلك حتى لا يتقول أحد بأن الجناة لم يلقوا جزاءهم العادل .
وجدير ذكره قبل أن أنهي كلامي .. أن هناك صعوبة كبيرة في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد بعض المؤسسات والجهات العامة في الدولة .. مثل وزارة الداخلية .
مثلا : إذا استصدرت حكم على وزارة الداخلية باعتبارها الجهة التابع لها سائق السيارة الذي دهس طفلا .. فإن الحكم الصادر بالتعويض يطرح بدائرة التنفيذ المدني مثل أي حكم .. ولكن دائرة التنفيذ لا تملك سوى أن تسطر الكتب للوزارة كي تدفع التعويض وتودعه صندوق دائرة التنفيذ .. وأحيانا نسطر عشرات الكتب ولا يوجد مؤيد يجبر الوزارة على الدفع .. رغم كل التعاميم الصادرة عن رئاسة الجمهورية بضرورة تنفيذ الأحكام القضائية بدون تمهل أو عرقلة لحقوق المواطنين وأنت تعلم أن الجهات العامة لا تقبل أموالها الحجز والتنفيذ عليها مثل الجهات الخاصة .. ومع ذلك .. قد تجد شخصا ( سمسار ) يجلب لك حليب السبع .. وأرجو ألا تسألني ماذا أعني بذلك.
أرجو أن أكون قد وفيت سؤالك جوابا .
وأنا الآن ذاهب إلى حديقة الكواكبي !!
نعم إن فكر الكواكبي روضة غناء .. وقد فتح لنا أبوابها الرفيق المناضل الوسيط .. الله يبعد عنه سلاطة البعض !!!
بكل محبة طبعا .
|