منتدي المحامين العرب المنتدى العام قاعدة رجعية القوانين الاصلح للمتهم
المبدأ بالنسبة لقواعد القانون الجنائي هو عدم رجعية القوانين وهو يعد من النتائج المباشرة لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذي يشكل ضمانة هامة لحماية الحرية الفردية للمواطن والذي يقضي منطوقه بسريان القانون الذي يحكم الجرم وقت ارتكابه، لكنه بالنظر إلى أن هذه القاعدة قد تقررت فقط لمصلحة الفرد وصيانة لحريته فان المنطقي هو جواز سريان النص الجديد بأثر رجعي إذا كان هذا النص أصلح للمتهم. فقد نص المشرع في الفقرة الأولي من المادة (5) من قانون العقوبات على أن " يعاقب على الجرائم بمقتضي القانون المعمول به وقت ارتكابها " ومع هذا اذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره " ومؤدي هذا النص أنه اذا كان القانون اصلح للمتهم فانه يسري بأثر رجعي، أي ينطبق علي الوقائع التي ارتكبت قبل نفاذة علي الرغم من أن الأصل ، وفقا لقاعده عدم الرجعية كان يستلزم تطبيق القانون الذي كان نافذا وقت ارتكابها، بمعني أنه اذا كان القانون الجديد يوجد من حيث التجريم أو العقاب، مركزا أو وضعا أصلح للمتهم علي وجه من الوجوه، فانه هو الذي يطبق في هذه الحالة ومن ثم يستبعد النص الذي كان نافذا وقت ارتكابه للجريمة ، أي يكون للقانون الأصلح للمتهم سلطان ممتد الي وقت لم يكن ساريا فيه ،اذا يرتد في أثره الي وقت ارتكاب المتهم لجريمته . وقد اشترطت الفقرة الأولي من المادة (5) من قانون العقوبات المصري "لتطبيق القانون الأصلح للمتهم بأثر رجعي أن يصدر هذا القانون قبل الفصل في الواقعة بحكم نهائي أي البات. كما تناولت الفقرة الثانية من نفس المادة المذكورة حاله صدور هذا القانون بعد الحكم النهائي فنصت على أنه " وإذا صدر قانون بعد الحكم نهائي يجعل الفعل الذي حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم وتنتهي أثاره الجنائية " وبناءا على هذا فان نص المادة (5) يحدد لنا حالتين لتطبيق القانون الأصلح على المتهم الأولي: حاله صدور حكم أصلح للمتهم قبل الحكم النهائي. والثانية: حاله صدور حكم أصلح بعد صدور حكم نهائي. تتطلب معالجه هذه القاعدة استعراض 1. ماهيتها ودعائمها من ناحية، 2. وشروط تطبيقها من ناحية ثانيه، 3. والقيد التشريعي على تطبيقها من ناحية ثالثه، وذلك كله على التفصيل الاتي: 1. ماهية القاعدة ودعائمها مؤدي القاعدة هو أن النص الجديد المتعلق بالتجريم والعقاب يسري ليس فقط على ما يقع في ظله من جرائم وفقا للأصل العام، وانما كذلك على الجرائم التي وقعت قبل بداية العمل به طالما لم يفصل في الدعاوي الناجمة عنها بحكم بات، وطالما كان النص الجديد يفيد المتهم أكثر من النص القديم أو يضعه في مركز أفضل مما لو طبق عليه النص القديم. وقد نصت على هذا صراحه الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. فبعد أن قررت الفقرة الأولي مبدأ العقاب على الجرائم بمقتضي القانون المعمول به وقت ارتكابها-أي عدم تطبيق النصوص الجديدة عليها بأثر رجعي-أردفت قائله " ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل، وقبل الحكم فيه نهائيا، قانون أصلح للمتهم، فهو الذي يتبع دون غيره ". وتبرير هذه القاعدة، يرجع الي اعتبارات متعلقة بالعدالة واعتبارات متعلقة بمصلحه كل من المجتمع والفرد. • فالعدالة تقضي افاده المتهم من النص الجديد الأصلح، حتى لا يحدث خلل بميزان العقاب حينما يظل الجاني خاضعا للنص القديم الأشد، بينما يخضع مرتكب ذات الفعل بعد العمل بالقانون الجديد الأصلح لهذا القانون الجديد، فيتفاوت بذللك مصير كل منهما، رغم تطابق فعليهما. • ومصلحه المجتمع تقتضي تنفيذ السياسة الجديدة في التجريم والعقاب-بما تعكسه من تغير في القيم كما يعبر عنها النص الجديد – ليس فقط على مرتكبي الجرائم الجديدة، وانما كذلك على من لم تنته بعد محاكماتهم عن جرائم ارتكبت في ظل النص القديم. وللفرد مصلحه مؤكده في تطبيق النص الجديد الأصلح بأثر رجعي عليه ولا خطر من ذلك على حريته الفردية، لأن عله حظر الأثر الرجعي لا تقوم إذا كان النص الجديد أصلح. ولأعمال حكم القاعدة التي تقرر سريان القانون الجديد على الماضي إذا كان هذا القانون أصلح للمتهم فانه ينبغي التحقق من أفضليه القانون الجديد للمتهم. ويتسنى تحقيق ذلك عن طريق المقارنة بين حكم القانون القديم وحكم القانون الجديد وهي مساله موضوعيه تدخل ضمن السلطة التقديرية لقاضي محكمه الموضوع حيث يقدر ذلك مسترشدا بمعايير معينه. 2. شروط تطبيق القاعدة يبين نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات أن المشرع تطلب شرطين لتطبيق قاعده رجعيه النص الجديد الأصلح للمتهم: الشرط الأول-يتعلق بصدور النص الجديد قبل صدور الحكم نهائيا على المتهم، و الشرط الثاني – يتعلق بطبيعة النص الجديد وهو أن يكون أصلح للمتهم. الشرط الأول: صدور النص الجديد قبل الحكم نهائيا على المتهم: ينطوي هذا الشرط على شقين، يتعلق أولهما بصدور النص – وثانيهما بتوقيت صدوره. فمن ناحية: لا يسري النص الجديد بأثر رجعي الا إذا كان قد مر بالفعل بمرحله الاصدار، وفق الإجراءات المتبعة في اصدار التشريع كما يحددها الدستور، أي يكفي أن يكون رئيس الدولة قد أصدر النص الجديد تمهيدا للعمل به. ويكتفي المشرع في هذا الصدد بمحض الاصدار: فلا يلزم لرجعيه النص الجديد الاصلح للمتهم أن يكون قد تم نشره في الجريدة الرسمية، ولا حتى أن يكون قد بدأ العمل به وفقا لقواعد نفاذ القوانين. ولهذا التعجيل بإفادة المتهم من النص الأصلح بمجرد اصداره ما يبرره، اذ لا مصلحه في ارجاء ذلك. من ناحية ثانيه: يلزم أن يكون صدور النص الأصلح في تاريخ سابق على صيرورة الحكم في مواجهته نهائيا. ومن المستقر عليه أن المقصود في هذا الصدد هو الحكم البات وليس مجرد الحكم النهائي – فهذا الأخير هو الذي استنفذ طرق الطعن العادية، وان ظل قابلا للطعن فيه بالطرق غير العادي وهو النقض. أما الحكم البات فهو الذي استنفذ طرق الطعن العادية والنقض معا، وبذلك يصبح غير قابل للإلغاء. مؤدي ذلك انه يكفي ويلزم ان يصدر النص الجديد في أي لحظه قبل أن يصبح الحكم باتا، فقد يصدر في مرحله التحقيق أو في مرحله المحاكمة قبل صدور حكم في الموضوع، وأثناء الميعاد أو ثناء نظر الطعن أمام المحكمة المختصة، حتى لو كانت هذه الأخيرة هي محكمه النقض. فطالما لم يصبح الحكم باتا بانقضاء مده الطعن أو الفصل فيه بالفعل يستفيد المتهم من النص الجديد الأخف، ويتعين على محكمه النقض ذاتها إنزال هذا النص على الواقعة المعروضة أمامها. ومع ذلك، فان المشرع بعد أن وضع هذا الشرط المتعلق بتوقيت النص الجديد، عاد ليضع في الفقرة الثانية من المادة الخامسة استثناء عليه والتي تنص على أنه "وإذا صدر قانون بعد حكم نهائي يجعل الفعل الذي حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه، ويوقف تنفيذ الحكم وتنتهي أثاره الجنائية ". ومؤدي ذلك أن المتهم يستفيد من تطبيق النص الجديد الأصلح ولو كان صدوره لاحقا على الحكم البات في حاله وحيده وهي عندما يكون النص الجديد قد جعل الفعل غير معاقب عليه، أي قرر سندا قانونيا يترتب على تطبيقه على الجاني افلاته من العقاب وليس مجرد تخفيضه عليه. ويختلف تأثير النص الأخف بالمعني السابق على مصير المحكوم عليه بحكم بات تبعا لما إذا كان قد بدئ في تنفيذ عقوبته أم لا: فاذا لم يكن التنفيذ قد بدأ، أصبح من غير الممكن اتخاذ أي اجراء من اجراءات التنفيذ، كما لو كان المحكوم عليه بالحبس لم يودع السجن أو المحكوم عليه بالغرامة لم يدفع أي جزء منها. وإذا كان التنفيذ قد بدأ بالفعل، بسلب الحرية أو بتحصيل الغرامة مثلا، يوقف التنفيذ فورا، ويخلي سبيل المحبوس او يوقف تحصيل الغرامة. وإذا كان الحكم ينتج أثرا قانونيا محددا، كاعتباره سابقه في العود، أو أساسا للحرمان من حق أو ميزه معينه، تنتهي هذه الأثار فورا، وهكذا. الشرط الثاني: اعتبار النص الجديد أصلح للمتهم: لا يسري النص الجديد على جريمة وقعت قبل العمل به الا إذا كان ذلك النص أصلح للمتهم، وهو ما يثير مشكله تقدير ما إذا كان النص الجديد أصلح أم أسوأ في مواجهة المتهم. وقد اكتفي المشرع بتقرير سريان النص الأصلح بأثر رجعي ولم يضع معايير مباشره للتقدير ما إذا كان النص أصلح أم لا. وثمة عده ضوابط استخلصها الفقه والقضاء في هذا الصدد، يتوقف تطبيقها على ما اذا كانت المقارنة تجري بين نصين أحدهما بكامله أشد والأخر بكامله أخف، أو كان النص الجديد يتضمن أحكاما فرعيه بعضها أخف والأخر أشد، أو كانت هناك عده نصوص متعاقبة منذ لحظه وقوع الجريمة، وذلك كله علي التفصيل الاتي: 1. التميز بين نصين أحدهما أشد والأخر أخف: النص الجديد يكون أخف أو أصلح للمتهم ومن ثم يطبق عليه بأثر رجعي، إذا كان ينشئ له وضعا أفضل، مما كان يضعه فيه النص القديم أو كان يبعد عنه مخاطر ذلك النص، أو يضيق من دائرة تلك المخاطر. وفي مقابل ذلك يكون النص الجديد أشد أو أسوأ للمتهم ومن ثم يمتنع تطبيقه بأثر رجعي، اذا كان يضع المتهم في موقف أسوأ أو يعرضه لمخاطر أشد. وهكذا يتطلب التعرف على ما إذا النص الجديد أصلح للمتهم أم لا قيام القاضي بإجراء موازنه بينه وبين النص القديم الذي وقعت الجريمة في ظله، ومن البديهي أن تلك الموازنة عمل قضائي لا شأن للمتهم به. ومن البديهي كذلك أن الموازنة تجري بالنظر الي الأثار الجنائية التي يرتبها قانون العقوبات دون غيره من فروع القانون: فالنص الأصلح هو الذي يضع المتهم، تطبيقا لأحكام قانون العقوبات، في مركز، أفضل ولو كانت هناك أثار مدنيه أو اداريه أو تأديبيه شديده الوطأة عليه. تطبيقات لمعرفه إذا كان وضع المتهم أفضل أو أسوأ في ظل النص الجديد يحسن التميز بين مجالي التجريم والعقاب. في مجال التجريم 1. إذا الغي النص القديم، أو ابقي عليه وقرر سبب أباحه الفعل الذي ارتكبه المتهم بعد تجريمه. 2. إذا قرر سبب من أسباب الإباحة، أو مانعا جديدا من موانع المسئولية، أو العقاب لم يكن مقرر من قبل. مثلا اعتبار القتل دفاعا عن المال دفاعا مشروعا بعد ما كان يعتبر جريمة. 3. إذا ترتب عليه تخفيف وصف التجريم، كأن يجعل الفعل المسند ألي المتهم مجرد جنحه ويرفع عنه وصف الجناية الذي كان يسبغه عليه القانون القديم. 4. إذا أضاف الي الجريمة ركنا أو عنصرا جوهريا لا تقوم الا به، إذ يترتب على تطبيق القانون الجديد تبرئه المتهم باعتبار أن جريمته لم تتوافر لها جميع شرائطها القانونية. في مجال العقاب إذا كانت القوانين التي تلغي الجرائم أو التي توجد لها وجها للأعفاء علي النحو السابق بيانه لا تثير صعوبة في تحديد القانون الأصلح للمتهم، الا في الأمر علي خلاف ذلك بالنسبة للقوانين التي يقتصر أثرها علي تخفيف العقاب عما كان مقررا في قانون سابق، اذ يتعين عندئذ معرفه ما اذا كان القانون الجديد هو حقيقه يقرر للسلوك نفسه عقابا اخف علي المتهم من القانون القديم، لأنه اذا كان كذلك فهو دون شك أصلح للمتهم من ذلك القانون القديم. ويمكن المقارنة بين العقوبة الواردة في القانون القديم وتلك التي أتي بها القانون الجديد وفقا للقواعد الأتية: 1. ينظر أولا الي مدي اختلاف العقوبتين من حيث النوع: عقوبات الجنايات أشد من عقوبات الجنح، وعقوبات الجنح أشد من عقوبات المخلفات. ويمكن معرفه مدي شده العقوبات وفقا لهذا الضابط بالرجوع الي سلم العقوبات على النحو الذي رتبها به القانون في المواد 10و11و12 من قانون العقوبات وعلي ذلك فيلزم في العقوبة لاعتبارها أخف أن تكون من حيث النوع تاليه في سلم العقوبات لتلك التي كانت مقرره في القانون السابق كأن يجعلها من عقوبات الجنح بعد أن كانت من قبل من عقوبات الجنايات، أو أن يجعلها من عقوبات المخالفات بعد أن كانت من عقوبات الجنح، مع ملاحظه أن العبرة في تحديد العقوبة الأخف ليست بالمدة التي قد تصل اليها، وانما العبرة في ذلك بنوعها. 2. عند اتحاد العقوبتين في النوع، تكون العقوبة أخف أو أشد تبعا للمرتبة التي وضعها فيها المشرع بالقانون، الأمر الذي يكون موضوع المواد 10 و11 من قانون العقوبات. فالمادة (10) ذكرت عقوبات الجنايات مرتبه اياها ترتيبا تنازليا من العقوبة الأشد الي الأخف، فنصت على عقوبات الاعدام، فالأشغال اشاقه المؤبدة، فالأشغال الشاقة المؤقتة، فالسجن. والمادة (11) فعلت المثل بعقوبات الجنح فذكرت الحبس ثم الغرامة التي يزيد مقدارها على مائه جنيه. وعلى ذلك، فمثلا لو كان القانون القديم يقرر للجريمة عقوبة الاعدام ثم جاء القانون الجديد مقررا لها عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة فانه يكون بلا شك أصلح للمتهم من القانون القديم رغم أن العقوبتين من العقوبات المقررة لنوع واحد من الجرائم وهو الجنايات. 3. إذا اتحدت العقوبتان في النوع والدرجة، كما لو كانتا سجنا مشددا او سجنا أو حبسا أو غرامه في النصين محل المقارنة، فمن البديهي أن الحبس لثلاث سنوات كحد أقصي أخف من الحبس الذي لا يزيد عن ست سنوات. 4. اذا اتحدت العقوبتان في النوع والتدرج والحكم، يلجأ الي الاعتبارات الإضافية التي استحدثها أو حذفها النص الجديد: فاذا أتي النص الجديد بعقوبة تبعيه أو تكميليه لم يكن يأخذ بها النص القديم، كمصادره أو عزل من الوظيفة أو حرمان من حق، كان بداهة نصا أشد. وفي مقابل ذلك، إذا حذف مثل هذا النص الايلام العقابي الاضافي الذي كان معمولا به في ظل النص القديم اعتبر نصا أخف. ومن البديهي كذلك أن النص الذي يضيف الي عقوبة الحبس _كما كان يأخذ بها. 5. يكون القانون الجديد أصلح للمتهم اذا كان يقرر للفعل تدبيرا احترازيا بدلا من العقوبة، وذلك سواء تعلقت هذه التدابير بالأحداث او بالبالغين، فالإرسال ألي دار رعاية الأحداث أصلح بلا شك للحدث من الحبس بغض النظر عن المدة في كل منهما، وإيداع المجرم البالغ في احدي منشأت الدفاع الاجتماعي، أصلح له من الايداع في أحد السجون العادية وفاء للعقوبة السالبة للحرية كالسجن أو الحبس ذلك لأن المفروض في تدبير الدفاع الاجتماعي أنها مقرره لمصلحه المجرم والمجتمع معا . 6. شمول النص الجديد أحكاما أشد وأخري أخف. قد يأتي النص الجديد بتعديل مزدوج فيكون في شق معين أشد وفي شق أخر أخف. فكيف تجري الموازنة بينه وبين النص القديم؟ للإجابة يتعين التميز بين ما اذا كانت تللك الأحكام قابله للفصل بينهما أم لا. أولا: حاله قابليه الأحكام للفصل بينها: إذا كانت الأحكام الأشد والأخرى الأخف في النص الجديد قابله للفصل بينها أي يمكن تطبيق كل منها استقلالا عن لأخري، فان كلا منها يخضع للقاعدة الخاصة به: فالحكم الأشد لا يسري بأثر رجعي، وانما يطبق فحسب بأثر فوري على ما يقع بعد العمل به، والحكم الأخف يسري بأثر رجعي على الماضي. وتطبيقا لذلك، إذا تضمن النص الجديد تشديد العقوبة على المتهم العائد الي الأجرام وسمح في ذات الوقت بإيقاف التنفيذ أو هبط بحدها الأقصى في مواجهة المتهم المبتدئ، طبق الشق الأخير بأثر رجعي وامتنع تطبيق الحكم الأول علي من اعتبروا عائدين وفقا للنص القديم. ثانيا: حاله عدم قابليه الأحكام للفصل بينهما: يدق الأمر في اجراء الموازنة بين النصين، إذا كان النص الجديد يجمع بين التشديد والتخفيف على نحو يتعذر معه الفصل بين الشقين: فهو من زاوية أشد ولكنه من زاوية أخري أخف. ومن أمثله ذلك أن يرتفع النص الجديد بالحد الأقصى للعقوبة ولكنه يهبط في ذات الوقت بحدها الأدنى. فعلي سبيل المثال، قد تكون العقوبة في النص القديم السجن من ثلاث الي خمس عشرة سنه، وتصبح في القانون الجديد من خمس الي عشره فقط. فالقانون الجديد في هذا الفرض أخف من زاوية هبوطه بالحد الأقصى ولكنه في ذات الوقت أشد من زاوية ارتفاعه بالحد الأدنى. فكيف تجري الموازنة بين النصين في هذا الصدد؟ للإجابة على هذا التساؤل، فذهب جانب من الفقه الي القول بأن العبرة تكون بتخفيف الحد الأقصى دائما، لأنه يمثل أخر ما قد يهدد المتهم من تشديد العقاب الذي يخشى أن يوقع عليه – فالقانون الذي يتضمن حدا أقصي أقل من غيره يكون هو الأصلح للمتهم ولو كان يقرر لها حد أدني أعلي. والراجح في الفقه لا ينظر الي شق التخفيف وحده، ولا ينظر الي شق التشديد وحده، انما يلجأ الي طريقه التقدير الواقعي. وبعباره أخري ينظر الي انطباق النص على الحالة الواقعية، وعلى المتهم بالذات ويستبعد التقدير المجرد الذي يتناول النص من الناحية النظرية. فاذا كان من شأن تطبيق النص الجديد المركب على المتهم بالذات، مع الأخذ في الاعتبار ظروفه دون غيره، أن يوضع ذلك المتهم في موضع أفضل، أو أن يستفيد من تساهل لم يكن يسمح به النص القديم، فان ذلك النص يعد أصلح في مواجهة ذلك المتهم. وفي مقابل ذلك، اذا كان من شأن النص الجديد، واقعا علي متهم أخر بالذات أن يصبح في موضع أسوأ، فذلك النص أشد بالنسبة له ويمتنع سريانه بأثر رجعي ولو اعتبر ذات النص أخف في مواجهة متهم أخر.
الانتقال السريع اختــــار ------ منتـــدي المنتدى العام ------ ------ منتـــدي من أعلام القضـاة والمحـامين العرب ------ ------ منتـــدي استراحة المنتدى . ------ ------ منتـــدي منتدى الاستشارات القانونية ------ ------ مكتبـــة الأبحاث القانونية------ ------ مكتبـــة القوانين العربية------ ------ المكتبـــة الصوتية------