فى أول تطبيق قضائي لنصوص الدستور الجديد، أرست محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين عوض الملهطانى، وأحمد درويش، وعبدالوهاب السيد، نواب رئيس المجلس، مبدأ تاريخيا مهماً لصالح العاجزين عن تحمل نفقات العلاج، وأمرت بصرف دواءين لمريضتين كانت هيئة التأمين الصحي رفضت صرفهما، بحجة ارتفاع سعريهما.
قضت المحكمة، فى حكمين منفصلين، بوقف تنفيذ قرار الإدارة السلبي بامتناع الهيئة العامة للتأمين الصحى عن صرف دواءي «بيتافيرون» مرتين أسبوعيا لمريضة تدعى ..............، و«ريمكيد» 3 مرات أسبوعياً لأخرى تدعى ...................، وأمرت بتنفيذ الحكمين بمسودتيهما، دون إعلان، وإحالة الدعويين إلى هيئة المفوضين، لإعداد تقرير بالرأى القانوني.
كانت المريضة الأولى قد ذكرت فى دعواها أنها أصيبت بتصلبات متعددة بالنخاع الشوكي، عن طريق تليف الجهاز العصبي، وذكرت المريضة الثانية أنها أصيبت بمرض تيبس فى العمود الفقري والتهاب حاد فى المفاصل، وقالت إنها خاطبت رئاسة الجمهورية، للموافقة على علاجها على نفقة الدولة، إلا أن طلبها قوبل بالرفض.
وقالت المحكمة، فى حيثيات الحكم: (الدولة فى نظامها الجديد، ألزمت نفسها أمام الشعب بموجب المادة 62 من الدستور بأن الرعاية الصحية حق لكل مواطن، وتخصص لها نسبة كافية من الناتج القومى، وتلتزم بتوفير خدمات الرعاية الصحية والتأمين الصحي، وفق نظام عادل عالي الجودة، ويكون ذلك بالمجان لغير القادرين، وتلتزم بتقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل مواطن فى حالات الطوارئ والخطر، ما يمثل الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية للمواطن)
وأضافت: (هذا الواجب الدستوري المنوط بالدولة لا تتأخر عن أدائه، بحجة ارتفاع أسعار الدواء، أو عجز الموازنة، أو غير ذلك من الأسباب، إذا ثبت مرض المواطن بتقارير طبية قاطعة من الطبيب المختص بالتأمين الصحي، ما يستوجب توفير العلاج، مهما ارتفع سعره، للتدخل بشكل حاسم للتخفيف عن كاهل المريض، وهو ما يستتبع صرف الدواء الموصوف بالتقارير الطبية حتى يتم شفاؤه)
وتابعت المحكمة: (الدولة ملتزمة بتوفير خدمات الرعاية الصحية والتأمين الصحي، وفق نظام عادل عالي الجودة، ليكون ذلك كله بالمجان لغير القادرين، وحتى تصدر السلطة التشريعية المختصة قانوناً يحدد من هم غيرالقادرين فإن المحكمة بحكم ولايتها فى تحقيق العدالة، تبسط رقابتها فى هذا الشأن، حتى لا يحرم مريض من الرعاية الصحية، وتتعرض حياته للخطر، بسبب تأخر صدور ذلك القانون، فيكون غير القادر على العلاج المجاني، وفقا لطبائع وفطرة الأشياء هو من لا يملك من قوت يومه ودخله ثمناً يكفى لتحمل أسعار الدواء وتكلفته لمواجهة المرض، الذى ألم به ويشكل خطرا على حياته، متى كان ذلك الدواء لازما حتما للإبقاء على حياته)