اذا كان من الثابت ان الاصل فى الانسان البراءة و من حقة ان يتمتع بحريتة و سائر حقوقة المقررة فى القانون و الدستور المصرى فى المواد 40 الى 63 دستور سنة 71 و الاتفاقيات و المعاهدات الدولية 0 فأنة يتعين على الدولة تبعا لذلك احترام هذة الحريات و تلك الحقوق بان يكون إقرار حقها فى العقاب بيد جهاز مستقل هو القضاء و حتى تنتقل الدعوى ألي القضاء كي يفصل فيها بحكم قضائي لابد معه من اتخاذ إجراءات معينة تكون ما يسمى بالخصومه الجنائية .
وفى هذا الخصوص تهدف الدولة الى جمع الادلة الازمة حول كيفية وقوع الجريمة و نسبتها الى المتهم ثم تحديد مسئوليتة منها و تحديد الجزاء اللازم لة .
ووفقا لمبدا الشرعية الذى يحكم الدولة القانونية 0 يجب ان يسعى المشرع الى اقامة التوازن الكافى من حقوق ممثل الدولة فى الاتهام ( النيابة العامة ) وحقوق الدفاع
بحيث تضمن للمتهم احترام حريته و كافة حقوقه الشخصية و احترام هذا المبدأ أمر ضروري و لازم تحقق المحاكمة الجنائية العادلة
ومن ثم توفير المناخ الملائم و الإمكانيات التي تتيح لمحامين المتهم أداء واجبهم المهني على اكمل وجة و تحقيق توازان فعلى بين سلطات النيابة و مكنات الدفاع حتى يتحقق الهدف المنشود وهو الوصول الى الحقيقة و ارساء العدالة .
وفى هذا السياق سنتناول مدى ما يتعرض لة المحامون من معوقات تحول بينهم و بين تادية واجبهم المهنى امام النيابة .
وسنخصص الحديث هنا عن نيابة امن الدولة
نيابة امن الدولة
المعاملة داخل نيابة أمن الدولة فهي مختلفة اختلافا جذريا عنها فى أي نيابة أخرى بداية من مدخل النيابة وانتهاء بالتحقيقات ولنرصد الاحداث تباعاً 0
أولا: فى محاوله للدخول إلى النيابه يصادفك أمر غاية فى الغرابه وهو حرس البوابة يسأل الداخل عن سبب دخوله إلى النيابة وعلى الرغم من اخباره أنه محامى إلا أنه يصر على سئواله "داخل ليه000؟ "
هذا فضلا عن الاستراحه الخاليه من المقاعد فعلى المحامى أن يستمر واقفاً من الصباح حتى نهاية اليوم على قدمية لعدم وجود مقاعد وإن وجدت فإنها متهالكه وإن أمكن الجلوس عليها فإنك فى الغالب ما تجد أحد العساكر قد حولها إلى سرير خاص به وراح فى حالة نوم عميقه
- كل هذا لا يهم 00!
العديد من المحامون علقوا على ما سبق سرده أن كل هذا لا يهم فهناك الاسواء وهو حين الصعود بحجة أن هناك أوامر بعدم صعود أحد إلى وكلاء النيابة 0
ولا تستطيع أن تجد أحد وتناقشه فى هذا الأمر لأن كل الموجودين عساكر أو أمناء أو مندوبين 0
- وبالفعل كل هذا لا يهم طالما أنك استطعت حضور التحقيقات !
أما الكارثه فى أنك قد تنتظر الساعات طويله من بداية اليوم وحتى المساء دون أن يبدأ التحقيق ويخبراك أحد الأمناء أن التحقيقات لن تبدأ اليوم أو تذهب لتسأل فيقول لك ليس هناك تحقيقات فتغادر النيابة و فى اليوم التالى حينما تذهب لتسأل عن ميعاد التحقيق فإنك تفاجئ أن التحقيقات أجريت بعد الحادية عشر مساء اليوم السابق ونكون النتيجة تحقيق نيابة بدون حضور محام وفى ظل صلاحيات نيابة أمن الدوله الواسعة يكون التحقيق مكتمل والمتهم محتجز على ذمة القضية وتحال إلى المحكمة مليئة بوقائع كان يجوز للمحام إنهائها النيابة هذا بخلاف حالة الرهبة التى تصيب المتهم أثناء التحقيق معه بدون حضور محامية 0
" بقوة القانون "
صلاحيات واسعه000
المتبع للصلاحيات التى منحها المشرع لنيابة أمن الدوله نجد أنه أعطاعها صلاحيات واسعه فى حين أن المحامى تظل صلاحياته ومكناته وآليات عمله كما هى من مئات السنين ففى المادة 7 من القانون رقم 105 لسنة 1980 الخاص بإنشاء محاكم أمن الدوله ففى الفقره الثانية منها 0
"ويكون للنيابة العامة- بالاضافه إلى الاختصاصات المقرره لها- سلطات قاضى التحقيق فى تحقيق الجنايات التى تختص بها محكمة أمن الدوله العليا 0"
- ومنها طبقا لمادة (77) إجراءات جنائية أن لقاضى التحقيق أن يجرى التحقيق فى غيبة المتهم والمجنى عليهم ووكلائهم متى رأي ضرورة فى ذلك
- المادة 91/2 ، 92 إجراءات اباحت لقاضى التحقيق أن يفتش أى مكان ويضبط أوراق 000 ويجوز له أن يفتش بدون حضور المتهم والتنبيه عليه أو بدون حضور صاحب المنزل إذا كان من غير المتهمين وذلك أن هذه المادة قد قررت حضور المتهم وصاحب المنزل إن أمكن ذلك أي أن عدم حضورهما لا يبطل إجراءات التفتيش
- المادة 110 أجازت لقاضى التحقيق أن يرفض سماع الشهود الذى يطلب الحضور سماعهم
- المادة77/3 لقاضى التحقيق أن يباشر فى حالة الاستعجال بعض إجراءات التحقيق
- المادة124 إجراءات أباحت للمحقق غى غيبة الخصوم استجواب المتهم بغيبه محامية بحجة السرعة والخوف من صياع الأدله إلا أن هذا الاستثناء يتم التوسع فى العمل به
- المادة 125 أباحت لقاضى التحقيق منع المحامى من الاطلاع على أوراق التحقيق متى رأي ذلك
- المواد 134 إلى 143 إجراءات أعطت صلاحيات قاضى التحقيق بحبس المتهم إحطياتيا لمدة ستة أشهر
ومن خلال هذا الرد ومن خلال متابعة أعمال قاضى التحقيق فإنه تعتبر النيابة خصم فى التحقيقات تبدى طلبتها وتقدم أدله وقاضى التحقيق عليه أن يفصل فيها المادة81،82 إجراءات إلا أن القانون رقم 105 لسنة1980 السابقه الإشاره اليه بإعطاءه للنيابه صلاحيات قاضى التحقيق جعل منها الخصم والحكم فى تحقيقاتها فأصبح المحامى فى موقف ضعيف وإنما وأبدأً لأن كل طالباته أما النيابه هى الوحيده التى لها صلاحية الرد عليه دون معيب فى حين أن طلبات المحامى أمام قاضى التحقيق هو المنوط بالإجابه عليها والرد وليست النيابة التى تتدخل لمنع هذه الطلبات من خلال سردنا لجزء من صلاحيات قاضى التحقيق وإمكانيات عمله والتى منحت للنيابة بمقتضى القانون رقم 105 لسنة 1980 سالفه الذكر 0
فنجد أن سلطات النيابة قد توسعت بشكل لافت للنظر على اعتباره خصم للمحام وموكله (المتهم فى الدعوى)
الحد من سلطات الدفاع000
من خلال استعرضنا لقانون الأجراءات الجنائية والمواثيق الدولية نجد أنها قد خولا للمحامى إمكانيه الاطلاع على أوراق الدعاوى والمحاضر الخاصة بالاتهام الموجه لموكله إلا أنه فى الواقع العملى كل هذا لا يحدث فى معظم الاحيان 0
قانون الاجراءات الجنائية000
المادة 84 للمتهم والمجنى عليه وللمحامى بالحقوق المدنية وللمسئول عنها أن يطلبوا على نفاقتهم أثناء التحقيق صورا من الأوراق أيا كان نوعها إلا إذا كان حاصلا بغير حضورهم بناء على قرار صادر بغير ذلك
وهذا بما يعد مخالفه صريحة للمبدأ (21) من المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين والتى قررت أنه من واجب السلطات المختصه أن تضمن للمحامين إمكانية الإطلاع على المعلومات والملفات والوثائق المناسبة التى هى فى حوزتها أو تحت تصرفها وذلك لفترة تكفى لتمكينهم من تقديم مساعده قانونية فعاله لموكليهم وينبغى تأمين هذا الإطلاع فى غضون اقصر فترة ملائمة
المادة 81 للنيابة العامة
–
فى الحكوم أن يقدموا لقاضى التحقيق ولدفوع الطلبات التى يرون تقديمها أثناء التحقيق 0
المادة 82 يفصل قاضى التحقيق فى ظرف 24 ساعة فى الدفوع والطلبات المقدمة اليه ويبن الاسباب التى يستند اليها 0
إذ ما قارنا هذه الصلاحيات التى خولها المشرع للنيابة وصلاحيات الدفاع عن التهم نجد أن محامى المتهم قد يجد نفسه فى العديد من الاحيان عاجزا عن الدفاع لمصلحة موكله المتهم 0 فحينما ترفض النيابة إطلاع المحامين على أوراق القضية باستخدمها الشق الثانى من نص المادة ( 125 ) من الإجراءات الجنائية والتى قرر فيها المشرع أن قاضى التحقيق له أن يطلع المحامين على أوراق القضية متى رأي ذلك أي أنه يمكنه أن يمنعه عن هذا الحق كذلك كما سبق وأن استعرضنا نجد أن النيابة بما لها من سلطات تتمكن من إجراء تحقيقات وتفتيش للمنازل والمساكن فىغيبة المتهم ومحاميهم 0
صلاحيات تخالف الاتفاقيات الدولية:0
بادي ذي بدء يجب علينا الاشاره إلى أنه هناك العديد من النصوص التى تعطى تلك الصلاحيات لنيابة أمن الدوله يجب تنقيتها وإعادة النظر فيها لعددة أسباب لعل أهمها أنها تتعارض مع المواثيق والاتفاقيات الدولية التى صدقت عليها مصر ونشرت فى الجريدة الرسمية والتى تعد طبقا للمادة (151) من الدستور المصري قانون داخليا وطبقا لما هو متعارف عليه فقها وفضاء أن الإحداث يجب الأقدم فإن هذه النصوص المخالفة للاتفاقيات يجب الالتفاف عنها وإنهاء التعامل بها وتعديلها بما يتوافق مع المواثيق والاتفاقيات الدولية 0
والسبب الثاني هو إحداث التوازن الفعلي والحقيقي بين النيابة والدفاع بما أن النيابة هى سلطة الاتهام وتعد هى الخصم فى الدعوى فلا يجوز أن تظل هة الخم والحكم فتفصل فى طلبتها وطلبات الدفاع 0
سبق وأن ذكرنا أن العديد من النصوص السابق سردها التى منحت لنيابة أمن الدوله سلطتها الواسعه التى تتعارض مع العديد من النصوص الواردة فى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
والسؤال الذى يطرح نفسه الأن 0 ما هى تلك النصوص ؟
فى البداية وقبل أن نشرع فى الإجابة على هذا السؤال يجب علينا أن نلقى نظرة خاطفه إلى المواثيق الدولية التى عملت على تكريس حق الدفاع باعتباره حق مقدس من الحقوق الشخصية
وهذه الاتفاقيات هى :0
- العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
- الاعلان العالمى لحقوق الإنسان
- مبادئ الأمم المتحدة الاساسية بشأن دور المحامين
- مجموعة المبادئ الخاصه بحماية جميع الاشخاص الذين يتعرضون لأى شكل من أشكال الاحتجاز أو السجون _مجموعة المبادئ)
أما النصوص التى تتعارض مع ما خوله المشرع من سلطات واسعه لنيابة أمن الدوله فهى كالاتى :-
من العهد الدولى للحقوق المدنسة والسياسية
المادة( 14 ) فقره 3هـ والتى تنص على الأتى " لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر فى قضيته وعلى قدم المساواه التامة بالضمانات الأتيه
أ -
ب -
هـ-أن يناقش شهود الاتهام بنفسه أو من قبل غيره وأن يحصل على الموافقه على استدعاء شهود النفى بذات الشروط المطبقه فى حاله شهود الاثبات
0
- الاعلان العالمى لحقوق الإنسان
المادة (11/1 ) قد نصت على أنه "لكل شخص متهم بجريمة يعد بريئا إلى أن يثبت أرتكابه لها قانونا فى محاكمه علنيه تكون قد قررت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه.
- مبادئ الامم المتحدة الاساسية بشأن دور المحامين.
المبدأ رقم (21) والذى نص على أنه واجب السلطات المختصه أن تضمن للمحامين امكانية الاطلاع على المعلومات والملفات والوثائق المناسبه التى هى فى حوزتها أو تحت تصرفها وذلك لفترة تكفى تأمين هذا الاطلاع فى أقصر مهله ملائمة "
- مجموعة المبادئ الخاصه بحماية الاشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من اشكال الاحتجاز أو السجون (مجموعة المبادئ).
المبدأ 11/2 والتى قررت على ~أنه " يعطى على وجه السرعة للشخص المحتجز معلومات كامله عن أمر الاحتجاز واسبابه "
المبدأ17/1 " يحق للشخص المحتجز أن يحص على مساعدة محام وتقوم السلطة المختصه بابلاغه بحقه هذا فور القبض عليه وتوفير التسهيلات المعقوله لممارسته "
هذا بخلاف ما قررته اللجنه الافريقية لحقوق الإنسان والشعوب بشأن الحق فى اللجوء الى القضاء وتلقى محاكمه عادلة 0
و قد اصدرات قرارت تضمن الاتى :-
بند 2 فقره هـ (1) يجب على السلطات أن توفر لكل من قبض عليه الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعهم وأن يتصلوا فى إطار من السريه بمحامين يختارونهم
3- أن يناقشوا شهود الاثبات بأنفسهم أو من قبل غيرهم وأن يحصلوا على الموافقه على استدعاء شهود النفى
كذلك نجد التعليق العام الصادر من اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قد اتصل بذات الموضوع إذ جاء فيه أن من الاركان الرئيسية لمبدأ تكافؤ الفرص بين الدفاع والإدعاء والحق فى الدفاع حق المتهم فى استدعاء الشهود وسؤالهم وقد وضع هذا الحق ليكفل للمتهم نفس السلطات المخوله للإدعاء من حيث استدعاء الشهود و الزامهم بالحضور وفحص واستجواب أي شاهد إثبات يستدعية الادعاء *
هذا ونجد أن كل تلك المواثيق الدوليه قد مهدت إلى ترسيخ معيار اساسى للنظر المنصف للدعاوى وهو مبدأتكافؤ الفرص بين طرفى الدعوى ، و هذا المبدأ الذي يجب مراعاته فى جميع مراحل الدعوى أى أن يعامل على قدم المساواة من الناحية الإجرائية طيله مراحل الدعوى 0
ونعتقد أنه قد اتضح لنا الان الهوة الواسعه ما بين القوانين الداخلية والمعاهدات الدولية والتى كما سبق وأشرنا أنه اصبحت قوانين داخلية هى الأخرى وطالما كانت هى الأحداث فإنها تجب الاحترام لذا فإنه يجب تنقيه النصوص الداخلية التى منحت الصلاحيات الواسعة لنيابة أمن الدوله ولم تعمل على تكافؤ الفرص فيها وبين الدفاع باعتبارهما خصمان فى الدعوى الجنائية 0