اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
aymanebrahim
التاريخ
2/9/2011 4:42:16 AM
  من فرط الأمل أكتب      

 محمد فاروق 


اليوم كلّ المصريين كتّاب .. فراشات أزهار .. شعيرات فى سنام فرشاة الحقيقة ، كلّ المصريين يبدعون ، يقفزون على أكتاف الأسلاف ، يتّقدون جمرات وشظيات فى أعين القامعين ، مفتون اليوم من طالت فتنته لهذا الشعب ، أرض مصر اليوم بجاذبية القمر ، كلّ المصريين خفاف ، بوزن هوائهم المأكول ، أرضهم المفتولة مفارش وأوسدة للطغاة ، يسيلون اليوم نيلاً بلا صفحات ولا ضفاف ، ولا ترشيد انسياب ، اليوم غريب على وكلاء الجباية ، عسير على الظلمة وأهل المكوس ، لطيف على أبدان الشرفاء ، من أكلنا وسرق منا أغلى ما تفاخر به الأمم .. أصواتِنا ، إباءَنا ، رفضَنا ، حقَّنا الذى طيل انحباسه ، مسالكنا المختارة والتى لا تتاخم الجدر بالضرورة ، لا زلت أستغرب ، أستنبط ، أتشعّب فى نفسيات هذا الشعب.

 

 

جميل فى تراكماته ، وصبغاته ، وفطرة الله اللاحمة فى أبدانه وأنفاسه وساعات حكيه ، جميل خير مصر ، وبرّها ، وشرفها حين تعزّ ، خبيئة شعبها ، سمات وراثته ، مرضه وعافيته ، خصامه ووصلاته وتمنّعه ، شعب الوادى الأطيب الذى لا يملّ الضحك ولا الإضحاك ، مخذول عدوه وإن تجنّس بأرضه وتحدث بأمهات حروفه ومخارج ألسنته ، لا كان الأعادى وإن توسّموا الشارات أو تسلّقوا العروش ، وحجبتهم عنا بزّات عسكرهم ، وطحين مجنزراتهم.

 

 

أعطونا منكم وطنا ، نَسَبُه لنا ، انتحلتموه ، وفصّلتم لأنفسكم فيه قصوراً أردتم لها التخليد ، ولنا الخذلان أو الإبادة ،  استوطنتموه فاستخربتموه وكان قبلكم معموراً مكروماً شامخ العلم ، انتكس وانتكسنا بكم فخبتم ، وخاب ممشاكم.

 

اليوم دمعنا حلال ، بل مستحبّ ، ادمعوا على أسراكم خلف الأسوار العليا من مساجين الرأى، سخّنوا الأعين على شهداء التعذيب فى مخافر الشرطة ، صلّوا لربكم وارجوا منه رحماتٍ لأهل العبّارة معدومى القصاص ، أغمضوا الرؤى بين فواصل البكائيات وعيشوا حلميْن  مع "خالد سعيد " و "سيّد بلال" وأقرءوهما ثمانين مليون تحية ، اعملوا فى ليل الظالمين ونهارهم فلا زالوا يعملون فيكم بما استطاعوا.

 

 

أكتب على غير تجهيز ، فالكتابة حالة ، والوطنية حالة ، بل إنّ الوطن حالة ، وحالتنا فريدة ، مصريتنا التى لا يستوعبها غيرنا ، يغبطنا عليها القصاة ، يتقمصها الأحبة ، فريدون حتى فى الثورات ، كما فى القمع ، والملذّات ، ومصاطب النميمة ، والأفراح ، ومَركبات التوصيل ، ورسائل محمولنا القصيرة المطوّلة.

 

 

أجدنى عاشقاً يحابى عن محبوبته حتى الانحياز ، يغلبنى الفكر والمنطق فيأتى القلب والحبّ ليصرع النظريات مسفوحة على موالج الفؤاد .. مع مصر كلّ الأرقام لا تقبل القسمة لأنّ البسط لا يقوى على الحبّ قاطن المقام .

 

مصرنا المسروقة تحبو ، تشبّ ، تختزل أطوار النمو كيما تستفيق بعشاقها لتهضم من حرمها وانحرم منها ، من حال بين الأبناء وحلمات أمهاتهم ، من اختلس الأرض وعطايا الوهّاب فأغلاها علينا – وهى رزقنا – ثمّ أرخَصََها طريّة مقشورة للرابضين على الحدود.

 

من فرط الأمل أكتب ، تلاحقنى التمنيّات ، والتسرية ، والاعتزاز بقيمة الفهم وإن أتى متأخراً ، الآن أقوم وأغتسل بالتظاهر والثورة من جنابة السكوت والانخراس ، أتوضأ ولا أرضى بالتيمّم فى فيْض الماء ، لا أورّى طالما أنّ الظالم لا يفهمّ إلا صريح الإشارة ، لا أصلّى صلاة الاستسقاء لصحارينا وقد أنبع الله لنا نهراً من الجنّة.

 

اليوم نافلتى عين ، وصدقتى زكاة ، وصراخى .. صوْتى .. جوارحى تطير إلى محاشر الثوار وسيول الحقّ ضد قاذفات المياه وقنابل الدمع .

 

اليوم وطن ، وحقّ ، وفرحة بلا قلق ، وشعب يختصم بعض ماضيه فيدفع راضياً كلّ حاضره مستعيناً بالله أن يحسّنَ غده ، اليوم تنضبط المعانى ، ويتحقق إعراب الجملة مرفوعاً بالضمّ والالتحام والتكتّل ، فلا تنكسر العبارة ولا تنجرّ، ولا تسكُن الأنفس حتى ينتصب الوطن فاتحاً مراسيه ومهابطه للبُناة فى ذات لحظة لفظه للطواغيت.       

 

23 صفر 1432

27 يناير 2011 

منقــــــــــول


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2443 / عدد الاعضاء 62