ضمانات المتهم أمام وكيل النائب العام
وهو لديه صلاحية ثلاث سلطات ( الاتهام – التحقيق – الإحالة )
بقلم / محمود رضوان
أثار الحكم الصادر علي شباب محامين طنطا العديد من التساؤلات و الاستفهامات حول شريعة النيابة العامة في أن تكون خصما و حكما في نفس الوقت ومنها كيف للنيابة العامة و هي سلطة اتهام أن تجري تحقيقات مع إي متهم وان تحليله إلي المحكمة و هي طرفا في القضية ؟!! وكيف لها أن يكون لها كل هذه السلطات وهي طرفا مدعيا بالدعوي الجنائية ؟!! وهل يتفق هذا الدمج مع الحقوق الدستورية للمواطنين ؟!!
لذلك فأننا نطرق هذا الباب بقوة لمعرفة الشريعة القانونية لهذا الدمج و مدي اتفاقه مع الدستور و المواثيق الدولية و حقوق الإنسان .
فوجدنا أن كافة الدساتير و القانونين الدولية يقتصر فيها المساس بحريات الأفراد و حرمانهم و تقيد حرياتهم علي الضروري و اللازم للكشف عن الحقيقة و تحقيق العدالة .
ووجدنا أيضا أن المتهم بمصر يفتقد ضمانات الدفاع عن نفسه أمام سلطة الاتهام النيابة العامة بالنحو الفاعل و المؤثر ، فسلطة النيابة العامة تجمع ثلاث سلطات وهي الاتهام ، و التحقيق ، و الإحالة وبذلك أفتقد المتهم أهم ضمانات التحقيق الابتدائي و هي قاضي التحقيق و غرفة الاتهام . مع العلم بان أمر قاضي التحقيق متروك لتقدير النيابة العامة استثناء.
مما جعل المتهم بلا حريات وحقوق أمام وكيل النائب العام و لذلك فان حماية الحريات الفردية يقتضي أن يقرر القانون تلك الحريات ثم يتصدي لحمايتها من عسف السلطة العامة عند مباشرتها لمسئوليتها ، وهو ما يستلزم الفصل بين سلطات الدولة التشريعية و التنفيذية و القضائية ، فلا حرية اذا اجتمعت السلطات الثلاثة في يد واحدة .
وقانون الإجراءات الجنائية في سعيه للكشف عن الحقيقة بشأن الجريمة و عقاب مرتكبها يحمي مصلحة المجتمع في هذا الشأن كما يحمي مصلحة المجتمع ايضا في عدم المساس بحقوق و حريات الافراد إلا في الحدود المقرره به . و يهتم بتوفير الضمانات المختلفة للأفراد في مراحل الدعوي الجنائية المختلفة و التحقيق الابتدائي هو المرحلة الأولي في الدعوي الجنائية فهو ينطوي علي كثير من المساس بحريات الأفراد و حرمانهم فهي أهم ضمانه يعهد بها إلي قاضي مستقل عن سلطة الاتهام يحرص قاضي التحقيق علي تمكين المتهم من ابداء وتحقيق دفاعه و حرصه علي تلبيه طلب سلطة الاتهام والإضافة إلي ذلك و ضمانا لسلامه قرارات قاضي التحقيق تحرص قوانين الإجراءات علي انشاء قضاء الإحالة الذي يباشر الإشراف علي قضاء التحقيق من خلال الطعن امامه في قرارات سلطة التحقيق ، كما يتولي النظر في احالة المتهم بأخطر الجرائم ( الجنايات ) إلي المحكمة الجنائية وهي ضمانه آخري من ضمانات الدفاع تكفل تجنيب المتهم محنه المحاكمة الجنائية مالم تكن ادله دائنة راجحة .
ولكن و للأسف الشديد قانون تحقيق الجنايات الصادر سنه 1883 الذي يعهد بالتحقيق الابتدائي إلي قاضي تحقيق ، ونص قانون الإجراءات الجنائية الصادر سنة 1950 علي الضمانتين سالفتي الذكر إلي أن صدر المرسوم بقانون 353 لسنة 1952 فأعطي النيابة العامة سلطة التحقيق وجعل قاضي التحقيق استثناء متروك لتقديرها ، ثم صدر القانون رقم 107 لسنة 1962 بإلغاء غرفة الاتهام مخولا اختصاصها لمستشار الإحالة ، الذي ألغي هو الاخر بالقانون 170 لسنة 1981 . وهكذا أصبحت النيابة العامة هو سلطة الاتهام و التحقيق و الإحالة و افتقد المتهم أهم ضمانات التحقيق الابتدائي وهي قاضي التحقيق و غرفة الاتهام .
لما كان النص ماده 64 (( إذا رأت النيابة العامة فى مواد الجنايات و الجنح أن تحقيق الدعـوى بمعرفة قاضى التحقيق أكثر ملاءمة بالنظر إلى ظروفها الخاصة جاز لها فـى أية حالة كانت عليها الدعوى أن تطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية ندب أحد قضاة المحكمة لمباشرة هذا التحقيق ))
فهذا النص استثناءا عن الأصل و انحراف عن الطريق السليم لتحقيق الدعوي الجنائية فلا يجوز للنيابة العامة أن تسيطر و تهيمن علي مجري التحقيق الجنائية بهذا الشكل البشع لأنه يهدد ضمانات المتهم أمام النيابة العامة و حقوقه الدستورية .
ونشاهد يوميا الآلاف من القضايا بالمحاكم ما كان لها أن تنظر أمام القضاء وكان من الممكن أن يتم النظر فيها في غرفه الاتهام لكان منعت و حدت من القضايا عديمة القيمة والأهمية ؟!!
فيجب أن يصدر قانونا جديدا ينظم سلطة النيابة العامة و يحد منها بقدر الإمكان و يضيف جهات قضائية رقابية علي سلطة النيابة العامة .
مقالات شفافية
http://www.shafafya.com/article.php?article_id=603