المحامي عدد المشاركات >> 17 التاريخ >> 26/10/2002
|
بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك أن الزواج سنة الانبياء والمرسلين قال تعالى ( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم ازواجا وذرية ) سورة الرعد آية 38 والزواج سبيل المؤمنين وهو أستجابة لامر الله سبحانة وتعالى ( وانكحو الايامي منكم والصالحين من عبادكم وامائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ) النور32
ولما كان عقد الزواج صلة شرعية تبرم بعقد بين الرجل والمرأة بشروطه واركانه المعتبرة شرعا استحب العلماء للمتزوج أن ينوي بزواجه اصابة السنة المحمدية وصيانة دينه وعرضه ولعظمة عقد الزواج سمي ( ميثاقا غليظا ) في قوله تعالى ( وأخذن منكم ميثاقا غليظا ) النساء 21
ولهذه المعاني وغيرها لا يختلف المسلمون في مشروعية الزواج وأن الاصل فيه الوجوب لمن خاف على نفسه العنت والوقوع في الفاحشة لا سيما مع رقة الدين وكثرة المغريات .
وقد شرع الزواج في الاسلام لمقاصد شريفة هي :
1 ) حفظ النسل وتولد النوع الانساني وتناسله جيلا بعد جيل لتكوين المجتمع البشري لاقامة الشريعة واعلاء كلمة الله وعمارة الكون واصلاح الارض .
2 ) الاحصان وهو في نظر الاسلام اهم مقاصد الزواج أي الحفاظ التام على الاخلاق وصون العفة والبعد عن الفواحش والآثام لأن الزوجان أنما يرتبطان برباط الزواج ليعشان ويشبعان رغبتهما الفطرية دأخل سور الفضيلة وهي الحدود التي قررها الله .. لذلك أراد كعب بن مالك الزواج من كتابية فمنعة الرسول صلىالله عليه وسلم وبين سبب ذلك فقال ( انها لا تحصنك ) يعني لن تكون بينكما المودة والرحمة التي هي روح الاحصان الاصلية لقوله تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) الروم 21
3 ) وبالزواج تمتد الحياة موصولة بالاسرى الأخرى في القرابات والاصهار مما يكون له بالغ الاثر في التناصر والترابط وتبادل المنافع .
وبالوقوف على المقاصد الاساسية من عقد الزواج والميثاق الغليظ تعرف أن الزواج شرع لما هو أكبر من الغريزه الشهوانية .
ولما كانت المتعة لايقصد بها تحقيق الشهوة التي هي شيء يسير من مقاصد النكاح الشرعي نجد أن
زواج المتعة يقصد به ذلك النوع من العلاقة بين الرجل والمرأة التي تتم بعقد محدد المدة بقصد الاستمتاع بالمرأة فترة زمنية محدده .
وقد ذهب جمهور الفقهاء الى تحريم زواج المتعه واستدلو على ذلك من القران والسنة والاجماع قال تعالى ( والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فألئك هم العادون ) سورة المعارج 30-31
ووجه الاستدلال بهذه الآية أن الله حرم الجماع الابطريقتين محددتين هما النكاح وملك اليمين ولا تعتبر المتعة داخلة الى هذين النوعين فهي ليست نكاح لأنها ترتفع وتزول بدون طلاق أو تفريق أو نفقة ولايجري بها التوارث بين الزوجين وهذه الامور هي اهم علاقات وآثار الزواج الشرعي .
ومن السنة النبوية المطهره روي عن علي بن أبي طالب أن رسول الله ( نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ) رواه النسائي والترمذي ومسلم وفي هذا الحديث اشارة صريحة الى تحريم نكاح المتعة .
وقد انعقد اجماع الأمة على تحريمها والأمة لا تجتمع على ضلالة ولو كان جائزا للأفتوا به خصوصا في كثير من الظروف التي تدعو الى حاجته .
الا أن اتجه مذهب الشيعة الامامية الى تحليل زواج المتعة واستدلوا بالادلة الآتية
1 ) قال تعالى (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ) النساء 24ووجه الاستدلال بهذه الآية أن الله قد ذكر لفظ الاستمتاع وهو غير لفظ النكاح في المعنى وقد أمرت الآية باعطاء الأجور على هذا الاستمتاع وهولفظ حقيقة في الاجارة والايجارة عقد على المنافع لذلك فالمتعة عقد على منفعة البعض وكون الآية أمرت باعطاء الأجر بعد الاستمتاع فلا يقصد بهذا الأجر المهر لأنه لو قصد به المهر لوجب في نفس العقد كما هو الحال في النكاح فدل على أن المراد في الآية عقد آخر يخالف عقد النكاح .
2 ) كما استدلوا بما روي عن ابن مسعود قال ' كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء فقلنا ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب الى أجل ، ثم قرأ عبدالله بن مسعود قوله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا الطيبات ما أحل الله لكم ) سورة النور 23
رد الجمهور على أدلة الشيعة :
1 ) يرى الجمهور أن الاستدلال لايجوز أن يكون بمنطق ' ولا تقربوا الصلاة ' وانما وجب أخذ الآية كلية فأول الآية قوله تعالى ( ولاتنكحوا ما نكح أباؤكم ' الى قوله تعالى : ' ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات ' وهنا نفهم أن المراد بالاستمتاع هو النكاح لأنه المذكور في أول القرآن الكريم في قوله تعالى ( ياأيها النبي انا حللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن ) والمقصود بالاجر هنا المهر بأن الأمر في الآية باعطاء الأجر بعد الاستمتاع والمهر يؤخذ قبل الاستمتاع فالجواب على ذلك أن في الآية تقديما وتأخيرا والتقديم فآتوهن أجورهن اذا استمتعم بهن .
2 ) وحول الاستدلال بحديث ابن مسعود قال الجمهور ان ذلك كان في ظروف خاصة ثم نسخ ذلك بالتحريم ويستدل على ذلك بالآثار الآتية :
أ ) عن سلمة بن الأكوع قال : رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء عام أو ثلاثة أيام ثم نهى عنها .
ب ) ما روي عن سيرة ابن معبد الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى في حجة الوداع عن نكاح المتعة ، كما روي عن سيرة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه ويلم قال ' كنت أذنت لكم في الاستمتاع بالنساء وقد حلرم ذلك الى يوم القيام '
لكل ماسبق فان العقل يسلم بضرورة تحريم المتعة لأنها لا تختلف شيئا عن الزنا ولا تقترب شيئا من النكاح المشروع فليس هناك معنا لتحريم الزنا وتحليل المتعة و ما المتعة الا نوع من الزنا المنظم .
والله من وراء القصد زكي جمال راوه
|