بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى الله وصحبه وسلم اما بعد
فهذا بحث قيم مختصر الفه امام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة التدريس بجامعة ام القرى سابقا رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته .
فرس الموضوعات :
المقدمة :في الباعث على اعداد البحث
المبحث الاول :في ماهية البصمة الوراثية
اولا :التعريف اللغوي للفظ البصمة
ثانيا :ماهية البصمة الوراثية
طريقة معرفة الابوة او البنوة من خلال اجراءات الفحص الوراثي
ثالثا :مجالات العمل بالبصمة الوراثية :
1-المجال الجنائي
2- مجال النسب
البحث الثاني :في استخدام البصمة الوراثية في مجال النسب
ويشتمل على ثلاثة مطالب :
المطلب الاول :في تعريف النسب وعناية الاسلام به
اولا :تعريف النسب :في اللغة والاصطلاح
ثانيا :عناية الاسلام بالنسب
المطلب الثاني :الطرق الشرعية لاثبات ونفي النسب
ويشتمل على فرعين :
الفرع الاول :الطرق الشرعية لاثبات النسب
اولا :الفراش
ثانيا :الاستلحاق
ثالثا :البينة
رابعا :القيافة
اختلاف العلماء في حكم اثبات النسب بالقيافة على قولين
القول الاول :عدم صحة الحكم بالقيافة في اثبات النسب وبه قال الحنفية
القول الثاني :اتبار الحكم بالقيافة في اثبات النسب وبه قال الجمهور
ترجيح قول الجمهور وادلة ذلك
الشروط المعتبرة في القائف
الخلاف في حكم الاكتفاء بقول قائف واحد في اثبات النسب ومبنى الخلاف في ذلك
الحكم عند تعارض اقوال القافة واختلافها فيما بينها .
خامسا :القرعة
-القائلون بمشروعية الاخذ بها .
-دليل الحكم بالقرعة في اثبات النسب .
-كلام نفيس للعلامة ابن القيم في مشروعية العمل بالقرعة عند تعذر سواها .
الفرع الثاني الطريق الشرعي انفي النسب (وهو اللعان )
-تعريف اللعان .
-ادلة مشروعيته .
-شروط صحته .
-صفته .
-اثاره .
المطلب الثالث :في حكم استخدام البصمة الوراثية في مجال النسب .
-تمهيد .
-ويشتمل هذا المطلب على ثلاثة فروع :
-الفرع الاول :حكم استخدام البصمة الوراثية في نفي النسب .
-قول بعض الفقهاء المعاصرين بجواز الاكتفاء بالبصمة الوراثية عن اللعان وبيان صعفه والرد عليه .
-جواز الاستعانة بالبصمة الوراثية عند طلب اللعان كقرينة من القرائن .
-الفع الثاني :حكم استخدام البصمة الوراثية في اثبات النسب .
-جواز استخدام البصمة الوراثية في اثبات النسب قياسا على القيافة .
-امكانية الاخذ بالبصمة الوراثية في مجال اثبات النسب في ثلاث حالات :
-الحالة الاولى :حالات التنازع في مجهول النسب .
-الحالة الثانية :حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات .
-الحالة الثالثة :حالات ضياع الاطفال واختلاطهم .
-شروط خبير البصمة الوراثية
-راي الباحث في الشروط الاتية :
1-اشتراط الاسلام 2-اشتراط الحرية 3-اشتراط كون القائف من بني مدلج 4-اشتراط العدد 5-اشتراط المعرفة والاصابة بالتجزبة .
-ضوابط اجراءات تحليل البصمة الوراثية .
--مسائل لا يجوز اثبات النسب فيها بالبصمة الوراثية .
-تنبيه على مسائل هامة :
-المسألة الاولى :الاخذ بالبصمة الوراثية في مجال اثبات النسب لا يوجب بطلان العمل بالقافة .
-المسألة الثانية :اذا تعارض قول القافة وخبراء البصمة الوراثية في الحاق مجهول النسب .
-المسألة الرابعة :اذا الحق مجهول النسب بأحد المتنازعين بحكم الحاكم ثم الحقه خبير اخر بشخص آخر .
-المسألة الخامسة :اذا لم يؤخذ بقول خبراء البصمة الورثية لاختلاف اقوالهم او لاشكال الامر عليهم فان النسب يضيع .
-المسألة السادسة :يصارالى القرعة اذا تعارضت اقوال خبراء البصمة الوراثية ولم يمكن ترجيح قول بعضها على بعض .
-شبهة والاجابة عنها .
-كلام نفيس للعلامة ابن القيم .
الفرع الثالث :حكم استخدام البصمة الوراثية للتأكد من صحة النسب الثابت .
-عدم جاز محاولة التأكد من صحة النسب عن طريق البصمة الوراثية ولا غيرها من الوسائل والادلة على ذلك .
-وجوب منع الجهات المسؤولة في البلاد الاسلامية استخدام اي وسيلة بغرض التأكد من صحة النسب الثابت .
البحث الثالث :في استخدام البصمة الوراثية في المجال الجنائي
-كيفية استخدام البصمة الوراثية في الاستدلال على مرتكبي الجرائم .
-نتيجة البصمة الوراثية قطعية او شبه قطعية على وجود المتهم في محل الجريمة وظنية في كونه هو الفاعل حقيقة .
-جواز الاخذ بالبصمة الوراثية في المجال الجنائي في غير قضايا الحدود والقصاص .
-مشروع قرار المجمع الفقهي برابطة العالم الاسلامي في ذلك .
-دليل عدم ثبوت الحدود والقصاص بموجب البصمة الوراثية .
-مستند الحكم الشرعي للاخذ بالبصمة الوراثية في العمل الجنائي .
-مشروعية العمل بالقرائن والحكم بمقتضاها في التعرف على الجناة .
-الادلة على مشروعية العمل بالقرائن .
-اولا :من الكتاب .
ثانيا:من السنة .
ثالثا :ورود اثار كثيرة عن بعض الصحابة والتابعين ومن بعدهم في العمل بالقرائن .
رابعا :ان الحكم بالقرائن من عمل الشرائع السابقة .
-كلام نفيس للعلامة ابن القيم في اعتبار العمل بالقرائن وبناء بعض الاحكام عليها .
ذكر امثلة اعتمد الفقهاء فيها على قرائن الاحوال .
-امكانية الاخذ بالبصمة الوراثية في قضايا الحدود والقصاص .
-امكانية قياس البصمة الوراثية على المسائل المذكورة فب اثبات الحدود والقصاص .
-نقل ما يؤيد ذلك من كلام ابن القيم رحمه الله .
-للحاكم ان يحكم بأي القولين ان صح القياس بحسب ما يحف بالقضية من قرئن .
-كلام نفيس للعلامة ابن القيم حول العمل بالقرائن والادلة على ذلك .
-الخاتمة :وفيها اهم نتائج البحث
-ملحق بقرار مجلس المجمع الفقهي برابطة العالم الاسلامي يشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها.
المبحث الاول
في ماهية البصمة الوراثية
اولا :التعريف اللغوي للفظ (البصمة)
البصمة مشتقة من البصم وهو :وهو فوت ما بين طرف الخنصر الى طرف البنصر ،يقال :ما فارقتك شبرا ،ولا فترا ،ولا عتبا ،ولا رتبا ،ولا بصما .ورجل ذو بصم :اي غيظ البصم .والبصمة اثر الختم بالاصبع .
فالبصمة عند الاطلاق ينصرف مدلولها الى بصمات الاصابع ،وهي :الانطباعات التي تتركها الاصابع عند ملامستها سطحا مصقولا ،وهي طبق الاصل لاشكال الخطوط الحلمية التي تكسو جلد الاصابع وهي لا تتشابه اطلاقا حتى في اصابع الشخص الواحد .
ثانيا :ماهية الصمة الوراثية :
مما تقدم في بيان التعريف اللغوي للفظ البصمة يتضح ان من اهم فوائد معرفة بصمات الاصابع الاستدلال بها على مرتكبي الجرائم من خلال ما ينطبع من بصماتهم على الاجسام المصقولة في محل الجريمة ،فهي قرينة قوية في التعرف على الجناة ،ولقد تجاوزت الاكتشافات الطبية الحديثة معرفة هذه الخاصية من جسم الانسان الى اكتشاف خواص كثيرة فيه وادراك مدى تأثير تلك الخواص في الوراثة عن طريق اجزاء كثيرة من جسم الانسان من دم او شعر او مني او بول او غير ذلك.
وقد دلت الاكتشافات الطبية انه يوجد في داخل النواة التي تستقر في خلية الانسان (46)من الصبغيات (الكرموسومات )وهذه الكرموسومات تتكون من المادة الورثية - -الحمض النووي الريبوري اللاأكسجيني -والذي يرمز اليه ب(دنا)اي الجينات الوراثية وكل واحد من الكروموسومات يحتوي على عدد كبير من الجينات الوراثية قد تبلغ في الخلية البشرية الواحدة الى مائة الف موروثة جينية تقريبا ،وهذه الموروثات الجينية هي التي تتحكم في صفات الانسان والطرقة التي يعمل بها بالاضافة الى وظائف اخرى تنظيمية للجينات .
وقد اثبتت التجارب الطبية الحديثة بواسطة وسائل تقنية في غاية التطور والدقة :ان لكل انسان جينوما بشريا يختص به دون سواه ،لا يمكن ان يتشابه فيه مع غيره ،اشبه مايكون ببصمة الاصابع في خصائصها ،بحيث لا يمكن تطابق الصفات الجينية بين شخص واخر حتى وان كانا توأمين .
ولهذا جرى اطلاق عبارة (بصمة وراثية )للدلالة على تثبيت هوية الشخص اخذا من عينة الحمض النووي المعروف ب(دنا)الذي يحمله الانسان بالوراثة عن ابيه وامه اذ ان كل شخص يحمل في خليته الجينية (46)من صبغيات الكروموسومات ،يرث نصفها وهي(23)كروموسوما غن ابيه بواسطة الحيون المنوي ،والنصف الاخر وهي(23)كرموسوما يرثها عن امه بواسطة البويضة ،وكل واحدة من هذه الكروموسومات والتي هي عبارة عن جينات الاحماض النووية المعروف باسم (دنا)ذات شقين ،يرث الشخص شقا منها عن ابيه ،والشق الاخر عن امه فينتج ذلك كروموسومات خاصة به ،لا تتطابق مع كروموسومات ابيه من كل وجه ولا مع كروموسومات امه من كل وجه وانما جاءت خليطا منهما وبهذا الاختلاط اكتسب صفة الاستقلالية عن كروموسومات اي من والديه مع بقاء التشابه معهما في بعض الوجوه لكنه مع ذلك لا يتطابق مع اي من كروموسومات الدبه فضلا عن غيرهما .
قال الدكتور محمد باخطمة (وتتكون كل بصمة من وحدات كيماوية ذات شقين محمولة في الموروثات وموزعة بطريقة مميزة ،تفرق بدقة بارعة كل فرد من الناس عن الاخر ،وتتكون البصمة منذ فترة الانقسام في البويضة الملقحة ،وتبقى كما هي حتى بعد الموت ،ويرث كل فرد احد شقي البصمة من الاب والاخر من الام ،بحيث يكون الشقان بصمة جديدة ،ينقل الفرد احد شقيها الى ابنائه وهكذا ...)
وقال الدكتور عبدالهادي مصباح :(الحامض النووي عبارة عن بصمة جينية لا تتكررمن انسان الى اخر بنفس التطابق ،وهي تحمل كل ما سوف يكون عليه هذا الانسان من صفات وخصائص وأمراض وشيخوخة وعمر منذ التقاء الحيوان المنوي للاب ببويضة الام وحدوث الحمل )
وعلماء الطب الحديث يرون انهم يستطيعون اثبات الابوة او البنوة لشخص ما او نفيه عنه من خلال اجراءات الفحص على جيناته الوراثية حيث قد دلت الابحاث الطبية التجريبية على ان نسبة النجاح في اثبات النسب او نفيه عن طريق البصمات الوراثية يصل في حالة النفي الى حد القطع اي بنسبة 100%اما في حالة الاثبات فانه يصل الى قريب من القطع وذلك بنسبة 99% تقريبا .
وطرقة معرفة ذلك ان يؤخذ عينة من أجزاء الانسان بمقدار راس الدبوس من البول او الدم او المني او العظم او اللعاب او خلايا الكلية او غير ذلك من اجزاء الانسان وبعد اخذ هذه العينة يتم تحليلها ،وفحص ماتحتوي ىعليه من كروموسومات -اي صبغيات -تحمل الصفات الوراثية ،وهي الجينات ،فبعد معرفة هذه الصفات الوراثية الخاصة بالابن وبوالديه يمكن بعد ذلك ان يثبت ان بعض هذه الصفات الوراثية في الابن موروثة له عن ابيه لاتفاقهما في بعض هذه الجينات الوراثية فيحكم عندئذبأبوته له ،او يقطع بنفي ابوته عنه لعدم تشابههما في شئ من هذه الجينات الوراثية،فيحكم عندئذ بنفي ابوته له وكذلك الحال بالنسبة للام وذلك لان الابن -كما تقدم-يرث عن ابيه نصف موروثاته الجينية ،بينما يرث عن امه النصف الاخر فاذا اثبتت التجارب الطبية والفحوصات المخبرية وجود التشابه في الجينات بين الابن وابويه ثبت طبيا بنوته لهما وان لم يوجد بينهما اي تشابه في الجينات الوراثية انتفى طبيا بنوته لهما .
وقد تثبت بنوته لاحد والديه بناء على التشابه الحاصل بينهما في المووثات الجينية ،بينما ينفى عن الاخر منهما ،بناء على انتفاء التشابه بينهما في شئ من الموروثات الجينية .
ثالثا :مجالات العمل بالبصمة الوراثية :
يرى المختصون في المجال الطبي وخبراء البصمات انه يمكن استخدام البصمات الوراثية في مجالات كثيرة ترجع في مجملها الى مجالين رئيسين هما :
1-المجال الجنائي :وهو مجال واسع يدخل ضمنه :
الكشف عن هوية المجرمين في حالة ارتكاب جناية قتل ،او اعتداء ،وفي حالات الاختطاف بأنواعها وفي حالة انتحال شخصيات الاخرين ونحوهذه المجالات الجنائية .
2-مجال النسب :وذلك في حالة الحاجة الى اثبات البنوة او الابوة لشخص او نفيه عنه ،وفي حالة اتهام المرأة بالحمل من وطء شبهة ،او زنا .
البحث الثاني
في استخدام البصمة الوراثية في مجال النسب
المطلب الاول :في تعريف النسب وعناية الاسلام به
اولا:تعريف النسب :
التعريف اللغوي :
النسب في اللغة :القرابة ،وسميت القرابة نسبا لما بينهما من صلة واتصال ،وأصله من قولهم :نسبته الى ابيه نسبا ،من باب طلب ،بمعنى عزوته اليه ،ونتسب اليه :اعتزى .
والاسم :النسبة بالكسر ،وتجمع على :نسب ،قال ابن السكيت :يكون من قبل الاب ومن قبل الام وقال بعض اهل اللغة :هو في الاباء خاصة على اعتبار ان المرء انما ينسب الى ابيه فقط ،ولا ينسب لامه الا في حالات استثنائية .
وقد استعمل النسب وهو المصدر في مطلق الوصلة بالقرابة ،فيقال: بينهما نسب اي قرابة ،وجمعه انساب .
قال الراغب الاصفهاني :النسب والنسبة :اشتراك من جهة احد الابوين ،وذلك ضربان :نسب بالطول كالاشتراك من الاباء والابناء ،ونسب بالعرض ،كالنسبة بين بني الاخوة ،وبني الاعمام .
التعريف الاصطلاحي :