اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
القسطاس
التاريخ
3/8/2004 2:44:00 PM
  أرش الجناية ( طلب المشاركة)قضايا التعويض      

تكثر القضايا الخاصة بالمطالبة بأروش الجنايات أو التعويضات عن الجنايات، وكذلك الإتلافات للأموال، ومنها حوادث السير.... وفي الحقيقة أن الأضرار التي تصيب الشخص المجني عليه وتكاليف العلاج ربما  تتجاوز التعويض أو الأرش المقدر فقها، وهذا التجاوز  ربما يصل إلى أضعاف مضاعفة من قيمة الأرش أو التعويض .... وفي رأيي أن هذه المسألة تجتاج إلى إعادة نظر وبحث إذ لا يعقل مثلا أن يتسبب شخص في إصابة شخص وقد أدين على خطئه بواقع 100%  ويتسبب في إصابات بليغة  ربما أدت إلى المكث شهورا في المستشفى ومصاريف العلاج  وربما أدى ذلك إلى فصله من العمل بسبب الإنقطاع أو الإعاقة إضافة إلى تلفيات في سيارته ..... ثم لا يتم الحكم إلا بشئ  ربما  لا يصل إلى عشر ما تكبده الشخص من  الخسائر ...

 

آمل من الإخوة الأفاضل ومن لديه تخصص بقضايا التعويض... المشاركة  في هذا الموضوع الحي والذي يقع بشكل يومي..... وإنني بصدد بحث هذه المسألة بحثا موسعا إن شاء الله في الفقه والقانون وأتمنى من الإخوة الأفاضل المساعدة بما لديهم من رأي في هذا الموضوع..

 

شكرا لكم.


  القسطاس    عدد المشاركات   >>  9              التاريخ   >>  11/3/2004



الإخوة الزملاء

 

لا تبخلوا  علينا ، فمن كان عنده فضل علم  فلا يضن.. فأنا بصدد بحث المسألة، وأملي في إخوتي كبير ...

 

دمتم لأخيكم.


  المتأمل    عدد المشاركات   >>  0              التاريخ   >>  12/3/2004



الحمد لله ...

لا شك بأن قضايا التعويض عن الضرر الذي يصيب الإنسان ، في الحوادث وغيرها من أكثر المواضيع التي تحتاج لتسليط الضوء عليها ، وإمعان النظر فيها ، وإثراءها بالبحث والنقاش المؤصل على ؤطر علمية ، إذ كثيراً ما تطالعنا الصحف والمجلات بالعديد من الأخبار المتعلقة بالتعويضات التي تدفع في بلاد الغرب ، في إطار ما يسمى بالمسؤولية المدنية بشقيها ، التقصيرية والعقدية ، وقد ينقدح في ذهن البعض أن هذه القضايا من بنيات أفكار علماء الغرب ، وأنها لا توجد في دين الإسلام ، ولذا يعتبر بأن الغرب أكثر إنصافاً وعدلاً ، فتطمح نفسه إلى تطبيق تلك القوانين الوضعية بغض النظر عن موافقتها للشريعة الإسلامية التي ينتسب إليها . وهذا بلا شك يمثل قصوراً في الفهم ، وقلة في العلم والاطلاع على ما دونه فقهاء الإسلام ، في ثنايا كتبهم في مختلف المذاهب تحت عناوين شتى .

ولذا فإن الحديث في هذا الموضوع مما لا يحيط به القلم ، ولا يستوعبه فكر الإنسان ، وإنما يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق .

وحتى يكون البحث مؤصلاً علمياً ، لا بد من تحديد النطاق الذي سيتم فيه حشد المعلومات ؛ ليتسنى لبقية الزملاء المشاركة بما يجدون لديهم القدرة على الكتابة فيه .

 

هذا ما يتعلق بموضوع المداخلة ، وأما ما يتعلق بما دونته في آخر مشاركتك بقولك : ( دمتم لأخيكم ) فمن باب التوضيح والفائدة ، يقول الدكتور بكر بن عبدالله أبو زيد – في كتابه معجم المناهي اللفظية  : ( وهذه اللفظة : ' دمتم ' الجارية في تذييل المكاتبات الودية ، ينبغي التوقي من إطلاقها ، وإن كان المراد بها الدوام النسبي للمخلوق ، والدوام المطلق لا يكون إلا لله – سبحانه – '.


  المحايد    عدد المشاركات   >>  15              التاريخ   >>  13/3/2004



الأخ/  القسطاس

السلام عليكم ورحمة الله

المعروف أن مثل هذه القضايا ( أعني الأروش) يعطي الطبيب المعالج تقريراً عن الحالة بدقة كما أنه يستدعى لتقدير الضرر 'مقدر الشجاج' عند حدوث الإصابة ليقوم بتقدير الأروش إلا إذا كانت حالة المصاب خطرة لا تقبل التأخير وفي استدعاء 'مقدر الشجاج' وانتظار حضوره احتمال لحصول مضاعفات على المصاب فإنه يكتفي بتقارير الأطباء .

كما أن هناك تعميم وزير الصحة على المستشفيات بخطابه رقم 67/ 107/ 26 في 28/ 4/ 1388 هـ بتكليف الأطباء الذين يكتبون تقارير طبية أن يسموا الجراح والشجاج بأسمائها الفقهية وقد كان التعميم المشار إليه بناءً على ما لاحظه القضاة من أن الأطباء يستعملون في التقارير تعابير طبية غير مفهومة لديهم لأنها تختلف عن تسميتها فيما عرفوه في الاصطلاح الفقهي.

كل هذه الاحتياطات كفيلة بأن تعطي التقدير السليم للأصابات لا سيما وأن الطب الآن في تقدم وفي حالة تؤهله بما لديه من إمكانات بإعطاء التقدير السليم للإصابة.

يبقى شق آخر وهو التعويض عن الأضرار المعنوية والنفسية والاجتماعية التي تحل بالمصاب فأعتقد أن الدور هنا والعبْ يقع على عاتق وكيل المصاب ( محامي مثلاً) في قوة الحجة والتمكن من إقناع  المحكمة بهذه الأضرار .

والله أعلم


  القسطاس    عدد المشاركات   >>  9              التاريخ   >>  13/3/2004



الأخ الكريم المستشار غير المتفرغ

شكرا لك على المشاركة والرد وإبداء الرغبة في التفاعل مع الموضوع  بحشد الأنظار والأدلة فيه على أن يحدد المسار لتفرع الموضوع وتشعبه واتساعه , وأنا معك في ذلك.

ما أريده أيها العزيز هو القاعدة أو ضوابط التعويض أو أروش الجنايات بمعنى النظرية العامة إن صح التعبير للتعويض أو المطالبة بديات الإصابات. ومن ثم سنتشعب في المضوع ثم ما يأتي بعد ذلك من مسائل ماهو إلا بمثابة الفرع عن القاعدة. ولا يخفى عليك أن التوجه العام في هذا  العصر هو التنظير والذي ينبثق عنه التفريع، على عكس الطريقة السابقة لدى الفقهاء وهي طريقة الإفتراض الفقي والتفريع.  كما لا يخفاك أننا نعيش أزمة تنظير خاصة في العلوم والتخصصات( بعيدا عن الفكر) وهذا ما يجعل قضاتنا نوعا ما يركنون إلى المصنفات الفقهية والاتكاء على الصور الموجودة فيها دون تجديد أو اجتهاد. ( إلا ما شاء الله ) ولعل في ما ذكره الأخ محايد  ما يوضح بعضا مما أريد..

بخصوص التنبيه : فشكر خاص عليه ، وهذا لا يعني عدم تحفظي على ما قاله فضيلة الدكتور بكر إذ لي ملاحظة على التجوز في تسمية معجمة بالمناهي اللفظية،  إذ النهي عند علماء الأصول يقتضي التحريم أو الكراهة ، وهذا لا يكون إلا بدليل شرعي أي مصدر من مصادر التشريع  وفي بعض ما أورده  خاضع للنظر ، كهذه اللفظة التي استعملتها والتي درجت على ألسنة كثير من العرب قديما وحديثا لدى بعض العلماء. وهي تدخل في باب الدعاء، والدوام  أنواع ومنها إطالة الأمد ولا يعني التأبيد... كما في قوله تعالى (( خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض )). وهو أمر نسبي كما تفضلت ولا ينبغي أن يسار فيه إلى التشدد بل التوسعة  هي الأولى.

وعلى العموم فأنا شاكر لك جدا.

أخي الفاضل المحايد

شكرا على التعليق والإضافة والتعليق الرائعين، وأتمنى أن تساعدنا  في تأطير الموضوع ومن ثم بحثه والدخول فيه للتوصل إلى نظر جيد ونتائج  بناءة  يمكن عرضها على عدد من القضاة في وزارة العدل لدراستها ومحاولة تبنيها  وطرحها على أصحاب الفضيلة القضاة.

 

تحياتي إليكم جميعا.


  المتأمل    عدد المشاركات   >>  0              التاريخ   >>  14/3/2004



الحمد لله ...

في هذا السياق يورد كثير من العلماء جملة من القواعد الفقهية ، وهي بمثابة المواد في الأنظمة والقوانين الوضعية ، من حيث رجوع كثير من مسائل التعويض إليها ، ولهذه القواعد الفقهية أصول شرعية مستقاة منها ، من الكتاب والسنة ، من أجلاها وأوضحها في الدلالة على موضوع النقاش ، والذي تنبثق عنه جملة من القواعد ، بل غالب دين الإسلام يرجع إليه ، ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وغيره من قوله صلى الله عليه وسلم : { لَاْ ضَرَرَ وَلَاْ ضِرَاْرَ } ، إذ الضرر هو أساس الضمان في فقه الشريعة الإسلامية الغراء , وليس هناك أوضح ولا أبلغ في تأكيد هذه الحقيقة , من هذا الحديث .

وقد عني فقهاء المسلمين بهذا الحديث  , وبيان ما اشتمل عليه من أحكام وأسرار شرعية , تعجز عقول البشر القاصرة عن إدراكها , والإحاطة بمكنونها , فأسهبوا في شرح هذا الحديث , وقعّدوا جملة من القواعد الفقهية المستمدة منه , بل جعلوه أصلاً من أصول الإسلام , وعليه مدار كثير من أحكامه , كما قال الإمام أبو داوود رحمه الله : الفقه يدور على خمسة أحاديث ... وذكر منها قوله صلى الله عليه وسلم :{ لَاْ ضَرَرَ وَلَاْ ضِرَاْرَ } .

وهذا الحديث من جوامع الكلم الذي ؤتيه المصطفى صلى الله عليه وسلم .

وقد ابتنى العلماء من نص هذا الحديث الشريف قاعدة : ' لا ضرر ولا ضرار '. و هي قاعدة كلية من أهم قواعد الفقه الإسلامي , وأشملها فروعاً ؛ لأنها تغطي جانباً كبيراً من أحكام الوقائع المستجدة في حياة الناس , وهي من أسس المسؤولية المدنية , في منع الفعل الضار ابتداءً , وإزالة الضرر الناجم عنه بعد وقوعه .

وقد اشتمل هذا الحديث على أحكام كثيرة منها أنه :

- لا يجوز لأحد أن يُضِرّ بغيره , سواء عاد عليه نفع من جراء إحداث هذا الضرر أم لا .

- لا يجوز لأحد أن يقوم بأي فعل سواء كان هذا الفعل مقصوداً أم غير مقصود , إذا كان من شأن ذلك إلحاق ضرر بالغير .

وهذا الحديث تسنده قواعد الشرع وأحكامه القاضية بمنع الظلم والإضرار بالآخرين , والحث على إقامة العدل , والإحسان للآخرين , وحرمة دم المسلم وماله وعرضه ... ولذا اعتبر كثير من العلماء هذا الحديث أصلاً لكثير من أبواب الفقه ومسائله , كالضمان والشفعة والقصاص والديات والجبر على القسمة ... وغير ذلك من الأبواب .

ولذا فإن هذا الحديث يمنع أصل الخطأ الذي يترتب عليه الضرر . بل يمنع الإهمال إذا كان سيترتب عليه ضرر , كما يمنع التعدي الذي يترتب عليه الضرر من باب أولى , إضافة إلى أنه يمنع وينفي أصل الضرر في حدِّ ذاته , حتى وإن كان ناشئاً من فعل غير ضار , بل وينبه على اتخاذ الأسباب المانعة من الإضرار بالغير وإلحاق الأذى به .

فالضرر ممنوع , سواء وقع بطريق المباشرة أو بطريق التسبب .

وعليه فيجوز أن يكون هذا الحديث أصلاً في نفي أي ضرر يترتب على أي فعل كان . مهما كان ذلك الفعل جائزاً أو مشروعاً بذاته , أي بأصله , طالما ترتب عليه إلحاق ضرر بالآخرين .

  ولأن الشريعة الإسلامية على خلاف الأنظمة الوضعية حتى ما كان منها أكثر حداثة , تنهى عن مطلق الضرر , فإنها اشتملت على الكثير من القواعد التي تؤكد هذا المضمون , من مثل قاعدة : ' الضرر يزال ' ، وقاعدة : ' الضرر لا يزال بالضرر ، أو لا يزال بمثله ' ، وقاعدة : ' الضرر يدفع بقدر الإمكان ' ، وقاعدة : ' المباشر ضامن وإن لم يتعد ، والمتسبب لا يضمن إلا إذا كان متعمداً '... وغير ذلك من القواعد المبثوثة في ثنايا كتب القواعد في مختلف المذاهب .

  بيد أن الضرر إن نجم عن فعل خاطئ , أو عن تعدٍ , فلا مانع من معالجته أيضاً ضمن الحلول الواسعة في الشريعة الإسلامية , فالمسؤولية الموضوعية في الشريعة الإسلامية تتسع أيضاً لإعمال قواعد المسؤولية الخطئية في بعض الفروض .

 

ومما يحسن التنبيه عليه ، أن موضوع التعويض عن الضرر قد عُني بالبحث خاصة في الرسائل العلمية ، وقد بينت أصوله ومبانيه التي يرجع إليها ، ولذا فإن تقييد هذا الموضوع في مسائل معينة مما أُراه أكثر ثمرة ، وأجدر بالتميز في الطرح ، إذ الإحاطة بموضوع التعويض عزيز ، ولا يمكن من خلال هذا المداخلات الوقوف على مسائله حتى في العموميات ، ولذا فإني أرى الحاجة لطرح الموضوع في نقاط ومسائل قد تلبس على البعض ليتم الوقوف على وجه الصواب فيها قدر الإمكان ، مع تأصيل الموضوع في مبدئه ؛ ليكون نقطة انطلاقة ، ومورد صدور فيما قد يشكل ... والله أعلم .


  القسطاس    عدد المشاركات   >>  9              التاريخ   >>  18/3/2004



العزيز المستشار غير المتفرغ

بارك الله فيكم على هذا الجهد المبذول ...

نستخلص قاعدة في التعويض كخطوة ضمن الخطوات المقبلة إن شاء الله وصولا إلى النظرية وهي  قاعدة (( التعويض عن الضرر )) أو (( الضرر يزال ))...

وأضيف قاعدة سأتكلم عنها إن شاء الله في وقت لاحق وهي (( أن الضرر مضمون ولو كان خطأ ))

وهذه القاعدة من أهم القواعد ويتجلى ظهورها أكثر ما يتجلى في التعويضات عن الأخطاء الطبية...

لي عودة  قريبا بإذن الله وفي انتظار تعقيبك أنت والزملاء .


  المتأمل    عدد المشاركات   >>  0              التاريخ   >>  19/3/2004



الحمد لله ...

للوقوف على التأصيل العلمي لأي موضوع يطرح على طاولة النقاش والبحث ، لا بد من القراءة والاطلاع على ما دونه المتقدمون والمتأخرون _ قدر الإمكان – في أي فن من الفنون ، لنبدأ حيث انتهى الآخرون ؛ وليكون ذلك بمثابة النقطة التي يرتكز عليها البحث في مفردات الموضوع وعناصره ؛ ولكي نصل إلى النتيجة المطلوب من أخصر الطرق وأيسرها ، وأكثرها انضباطاً وشمولاً .

وعليه فإننا لكي نسبر غور الحديث عن التعويض ، لا بد من التأمل في كتب القواعد الفقهية إذ هي – كما سبق وأن ذكرت – بمثابة التأصيل لهذا الموضوع ، إضافة إلى القراءة في أبواب الفقه التي تُعنى بهذا الجانب ، كأبواب الغصب والضمان والكفالة والجنايات ... الخ .

ولا شك أن الاطلاع على ما دونه الفقهاء في ذلك يغني عن كثير من المباحث التي نكون قد سُبقنا إلى طرحها والتدليل عليها ، ومن ذلك ما أشرتم إليه ، بستخلاصكم لقاعدة : ' التعويض عن الضرر ' ، وهذه القاعدة التي ذكرتموها ، لا ينطبق عليها المعنى الصحيح للتقعيد الفقهي ، فضلاً عن أنها إنما تمثل نتيجة ليست لازمة لكافة القضايا المتعلقة بهذا المبحث ، إذ أن الضرر قد يستوجب تعويضاً كمن يتلف مالاً لغيره ، وقد لا يستوجبه كمن يفتح كوَّةً أو نافذة في بيته تكشف حريم الجار ، فإنه يطالب بسدِّ النافذة ، ولا يلزمه دفع أي تعويض للجار ، وهنا يتم إعمال قاعدة : ' الضرر يزال '.

كما أن هذه القاعدة التي ذكرتموها لا تعدو كونها عنوان البحث الذي نحن بصدده ، وهو التعويض عن الضرر ، فهي بحاجة إلى تقريرها _ كمسألة مباحثة _ بالقواعد الفقهية ، لا أن تكون هي من جملة القواعد المقرِّرَة .

وكما يقال في علم الحديث : ' في الصحيح غنية عن الضعيف ' فكذلك ههنا نقول بأن ما دونه علماء الإسلام في كتب القواعد الفقهية قديماً ، وما استقر عليه العمل حديثاً ، يغني عن إيجاد قواعد تحتاج إلى طول باعٍ وسعة اطلاع في صياغتها وتكييفها ؛ حتى يتسنى تنزيلها على الوقائع المستجدة .

كيف لا وقد أغنى عن ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلم : { لَاْ ضَرَرَ وَلَاْ ضِرَاْرَ } . وقد بيّنت فيما تقدم أن هذا الحديث يشتمل على جملة من المعاني ، التي  أشرت إلى بعضها في المداخلة السابقة حين قلت : ' ... ولذا فإن هذا الحديث يمنع أصل الخطأ الذي يترتب عليه الضرر . بل يمنع الإهمال إذا كان سيترتب عليه ضرر , كما يمنع التعدي الذي يترتب عليه الضرر من باب أولى , إضافة إلى أنه يمنع وينفي أصل الضرر في حدِّ ذاته , حتى وإن كان ناشئاً من فعل غير ضار , بل وينبه على اتخاذ الأسباب المانعة من الإضرار بالغير وإلحاق الأذى به ...'.

وبتقرير هذا الحديث كأصل في الضمان والتعويض عن الضرر ، إضافة إلى ما استخلصه العلماء من قواعد متفرعة عنه ، تنتفي الحاجة إلى إيجاد قواعد بديلة طالما أن القواعد التي ذكرها العلماء تفي بالغرض وهي ألصق في الدلالة على المطلوب ، وبذلك لا تبقى هناك حاجة للقاعدة التي أضفتموها وهي : ' أن الضرر مضمون ولو كان خطأً '.

بل إنها ليست على إطلاقها على التسليم بأنها قاعدة ، إذ قد ينشأ الضرر عن خطأ ومع ذلك لا يكون مضموناً ، لوجود ما ينفي الخطأ ، كالدفاع الشرعي ( دفع الصائل الخاص ) ، أو حالة الضرورة ، أو تنفيذ أمر الرئيس ومن في حكمه ، وإذن المالك أو صاحب الشأن ... ، أو لوجود ما يقطع رابطة السببية ، كخطأ المضرور المستغرِقِ لخطأ المدعى عليه ، وهنا يتم إعمال قواعد المباشرة والتسبب ، أو قطع رابطة السببية بوجود القوة القاهرة ... فهي إذن لو صحت قاعدة فليست بمسلَّمة .

وأكثر القواعد إعمالاً في مجال المسؤولية الطبية الحديثة ، قاعدة : ' الضرر يزال '. وما تفرع عنها من القواعد ، وعليها تدور جملة من القضايا التي يطالب فيها أصحابها بالتعويض عما لحقهم من أضرار .

 

ولعل فيما تقدم إشارة إلى التأصيل الفقهي ومظانه في التعويض عن الضرر .

والله أعلم .


  القسطاس    عدد المشاركات   >>  9              التاريخ   >>  19/3/2004



بارك الله فيك..

وقد كنت أهدف من البداية أن أجعل هذا المكان لجمع البحوث والدراسات الخاصة بذلك، وقد استرسلت معك في لب الموضوع قبل تحديد مظان المسألة.. وكلامك في الجملة في محله ....لكن لا يعني أن نقتصر على ما قرره الفقهاء رغم أهميته .. ولايمكن أن يحيط الفقهاء بكل الوقائع  لأنها  متجددة ومتولدة لا تنتهي ... وإلا فما فائدة الفقه وما فائدة التقعيد والتنظير وما فائدة التجديد  فيه ؟  وحتى لا أفهم خطأ  بمقصودي من التجديد فأقول التجديد المضبوط بالتأصيل الشرعي.... وسآتيك بإذن الله بالتأصيل للقاعدة التي ذكرتها كما وعدت وهي طبعا مستخلصة من عدد من المسائل .. وربما نتساعد فيما بعد  في صياغة بعض القواعد المستخلصة إذ إن الصياغة فن... ولو شذ عنها من المسائل ما شذ ،، فالقواعد أغلبيه ....نقطة أخرى أود التنويه عنها وهي : أننا في بحثنا هذا نستخلص قواعد وصولا إلى النظرية وهذا هو الغرض الرئيس من هذا البحث...وهو تتميم لعمل الفقهاء السابقين ولكنه ليس عملا احتذائيا في الطريقة كلا وإنما في التأصيل والتتبع .. وهذه الطريقة هي التوجه العصري في التدوين والتنظير والدراسه والتدريس وهو توجه عام........وسيتم من الآن النهل من كتب القواعد الفقهية والفقه بمشيئة الله...

شكر الله لك..


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1252 / عدد الاعضاء 62