اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
التاريخ
2/13/2004 2:43:00 PM
  مناهضة التعذيب فى مصر .. كتاب لضابط مصرى بالسجون       

مناهضة التعذيب فى مصر

حقيقة

قانونية وواقعية

 

 

إعـــــداد

ضابط محب لمصر

0000000            مصر الحقيقــة.

0000000            مصر الديمقراطية.

0000000            مصر الحضــارة.

بقطاع السجون

 يوليو 2001

بسم الله الرحمن الرحيم

 

"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما آراك الله ولاتكن للخائنين خصيما وأستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما"

صدق الله العظيم

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

"وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"

صدق الله العظيم

 

مقدمة عامة:

ورد للعديد من السجون خطابات مسجلة عن طريق مكاتب البريد موقعة من مسمى المدير العام لمركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء مرفقاً به تقرير معنون "التعذيب فى مصر حقيقة قضائية" بمطلب استنفار أقلام وطاقات رموز الأمة لإيقاف ما أسماه بمذبحة انتماء شباب مصر لوطنهم فى الصميم من جراء ممارسات ظاهرة تعذيب المواطنين والمساس بأجسادهم.

والواقع أنه لدى ورود هذا التقرير والاطلاع عليه تولد لدى رغبة فورية للتعليق عليه، ليس من منطلق الدفاع عن وجهة نظر وزارة الداخلية بصفتى أحد ضباط الشرطة الذين تلقوا هذا التقرير للرد على ما ورد به من مغالطات ومزايدات تؤذى شعور كل من يطلع عليه، وكأن كاتبها يشعرنا بأننا نعيش فى غياهب الظلمات التى ولت منذ قديم الأزل، وهو الأمر الذى ولد شعور عميق بالتعليق على هذا التقرير فور مطالعته ولكن لتباعد إعداده وتحريره عن الأسس العلمية المتفق عليها لاعداد الأبحاث والتقارير خاصة فى مجال البحث القانونى وما حواه من مغالطات علمية وفنية وواقعية كثيرة

فإذا ما نظرنا إلى هذا التقرير من حيث المضمون نجد أنه انزلق فى أحد العيوب الجوهرية التى طالما حذرنا منها كبار وخيرة أساتذة القانون الذين تتلمذنا على أيديهم بضرورة التجرد من العاطفة والافتراضات الشخصية المسبقة عند التعرض لأى موضوع قانونى بالبحث والتحليل وهو ما نلحظه بوضوح فور تقليب الصفحات الأولى من هذا التقرير بافتراضه أن هناك ظاهرة فى مصر متمثلة فى ممارسات التعذيب على نطاق واسع وبكافة الأصعدة وحاول محرر      التقرير إثبات افتراضه بكافة الوسائل وهو الأمر الذى أدى به فى النهاية إلى العديد من المغالطات العلمية والقانونية التى لا يختلف عليها أحد ممن تتوافر لديه الدراية بالفقه القانونى أو حتى أولئك المعروف عنهم أى فهم بمنهاج التفسير والتحليل والتقييم للقواعد القانونية المختلفة.

وإذا كنت قد أبيت على نفسى أن أقوم بمناقشة موضوع العرض ألا وهو "التعذيب فى مصر" بنفس الأسلوب الذى انتهجه محرر التقرير فإنني لن التزم بالرد على ما جاء به سواء من بيانات وإحصائيات وأرقام أو عرضاً نظرياً لبعض النصوص والقواعد القانونية حتى لا يتوهم البعض أنني أقوم بعرض التقرير الجارى للدفاع عن وجهة نظر معينة، ولكننى سألتزم بالأسلوب العلمى للبحث القانونى عن طريق العرض النظرى المدعم بالتطبيقات العلمية للإلمام بموضوع مناهضة التعذيب فى مصر من حيث النصوص والآليات الكفيلة بتحقيق ضمانه السلامة الجسدية للإنسان على أرض مصر والذى يعتبر من أهم الحقوق المكفولة لأى شخص سواء فى القوانين الوضعية أو النواميس الطبيعية.

والواقع أن عرض هذا الموضوع يحتاج إلى مجلدات للإلمام بكافة جوانبه التشريعية والقضائية والتنفيذية من خلال أحكام القانون الدولى والقانون الداخلى والعلاقة بينهما والآراء الفقهية العديدة التى تناولته بالدراسة والبحث والتحليل، إلا أنني سأحاول جاهداً عرض كافة نقاط البحث التى تناولها تقرير مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء الذى حاول إثبات وجهة نظرة فيما ادعاه بوجود ممارسات للتعذيب المنظم فى مصر من خلال النقاط الآتية:

فى إطار رصد التقرير لما أسماه بانتهاكات حقوق الإنسان حاول عدم الاكتفاء بالأسباب التى ساقها كأسباب قانونية أدت لانتشار التعذيب فى مصر، بل حاول أن يمتد البحث إلى بعض المؤشرات الخاصة فى المناخ السياسى والاجتماعى الذى يسمح بانتشار جريمة التعذيب.

كما أورد التقرير أنه فى إطار هذا الرصد حول بيان حقيقة الآلية الوحيدة الواقعية التى اعتمد عليها فى رصده وتحليله لحالات التعذيب وهى التعويض المدنى متناسياً موقعها بين آليات أخرى تكشف عن مدى حرص واهتمام أجهزة الدولة جميعها بمناهضة التعذيب وملاحقة مقارفيه فنسى وتناسى كم عدد الشكاوى التى تلقاها مكتب النائب العام وخضعت لفحص دقيق وانتهت بعدم سلامتها أو تلك التى انتهت بصدور الأحكام فى مواجهة موظفين عموميين لمخالفات لهم، وتدرجت تلك الأحكام ما بين توقيع الغرامة وصدور أحكام مغلظة بالحبس والسجن وتقييد حرية هؤلاء الموظفين حال ارتكابهم لهذه الجرائم شأنهم شأن أى مجتمع فى العالم يتصدى لمثل هذه الأعمال والتى تتم دراستها جميعها على أنها وقائع فردية تنسب إلى أفراد لا إلى جوهر مجتمع، بل أن ما ساقه من إحصائيات مع عدم التدخل فى مدى سلامتها أو صحة مضمونها لهى الدلالة الأولى لقيام أنظمة قضائية ترصد وتستجيب وتحكم ضد أى تجاوز يتصل بالحريات أو التعذيب وهو الأمر الذى حاول محرر التقرير دائماً وجاهدا أن يثبت خلو الأنظمة القانونية من النصوص والقواعد التى تواجه جريمة التعذيب كما ولو لم يكن قارئاً للأنظمة القانونية المصرية جميعها بدءا من دستورها وانتهاءا بالقوانين العقابية المختلفة أو أن يثبت انهيار النظام القضائى المصرى الشامخ عن التصدى لأي وقائع تتصل بالتعذيب بينما يقدم بيده الأخرى أقوى الدلالات بعدم صدق مقولة ما يتعلق بانسداد كافة الطرق الدولية والمحلية الأخرى لمقاضاة الجناة المعذبين طبقاً لدعواه.

والواقع أن هذا العرض الذى ورد بالتقرير وللأسف  الشديد قد صدر عن بعض الشخصيات التى كنا نعتقد أن فى ممارستها لاستخدام وتطبيق القانون فى الواقع العملى ما يفترض معه الإلمام بكافة جوانب النظام القانونى المصرى المعاصر (الذى يحوى كافة فروع القانون المطبقة أحكامه داخل الإقليم المصرى سواء كان هذا القانون مصدره القانون الداخلى أو القانون الدولى).

كما أن الممارسة القانونية تفترض فى صاحبها الإلمام بجميع الأحكام والقواعد الحديثة التى طرأت فى النظام القانونى الدولى (سواء من حيث النصوص أو الآليات المطبقة) ومصر بطبيعة الحال أحد الأعضاء الفاعلين بقوة فى هذا النظام.

وأخيراً فإن الممارسة القانونية تعنى القدرة على التكييف القانونى الصحيح، ومفهومه القدرة على استنباط القواعد القانونية المحددة والملائمة لتطبيقها على الوقائع المادية محل البحث، وهذا التكييف لا يعنى التركيز على جانب دون باقى الجوانب، كما لا يعنى أيضاً التركيز على أحد التشريعات دون باقى مكونات النظام القانونى، أى أن التكييف القانونى باختصار شديد يجب أن يتم بالنظر إلى كافة مصادر القانون المعترف بها سواء كان هذا القانون هو القانون الداخلى أو القانون الدولى، وسواء كانت هذه المصادر مصادر أصلية أو مصادر تكميلية.

وكم كنت أتمنى أن يسعفنى الوقت للرد على تقرير مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء بموجب مجلد ( وليس تقرير) يوضح واقع كفالة واحترام حقوق الإنسان فى مصر ولكن ما يعزينى أن هذا التقرير ركز على ما أسماه (ممارسات التعذيب المنظمة) وأرجع ذلك إلى عدم وجود الغطاء التشريعى والقانونى الكفيل بمواجهة هذه الممارسات وبرر أيضاً هذا التقرير تلك الممارسات بعدم وجود الآليات الكافية لمنع هذه الظاهرة.

وفى محاولة منى متواضعة لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التى أوردها التقرير فسيكون ذلك من خلال العرض التالى:

الفصل الأول: مبدأ حظر التعذيب فى النظام القانونى المصرى.

المبحث الأول: وهم ما يسمى بانتشار التعذيب فى مصر.

المبحث الثانى: آليات مناهضة التعذيب فى النظام القانونى المصرى.

الفصل الثانى: الشرطة ونطاق حقوق الإنسان فى معاملة المسجونين والمحتجزين (عرض لواقع السجون المصرية).

المبحث الأول: مدى اتفاق قانون السجون المصرى مع قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين.

المبحث الثانى: أساليب المعاملة العقابية فى السجون المصرية.

على أن نسبق هذا العرض بمبحث تمهيدى لبيان مفهوم جريمة التعذيب وشروطها فى القانون الدولى لأهميتها الشديدة فى تحديد نطاق هذا المدلول على مستوى التطبيق الداخلى فى الإقليم المصرى بالنسبة لتلك الجريمة.



  محمد عبد الرحمن    عدد المشاركات   >>  21              التاريخ   >>  13/2/2004



المبحث التمهيدي

مفهوم جريمة التعذيب وشروطها

 

شهد مجال الحماية الدولية لحقوق الإنسان تطوراً هائلاً لا سيما منذ إصدار الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بموجب قرار الجمعية العامة رقم 217 ألف
(د-3) المؤرخ 10 ديسمبر 1948 والذى أصبح فيما بعد أحد العناصر الأساسية المكونة للشرعية الدولية لحقوق الإنسان بمشاركة العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكولين الاختياريين المحلقين بهما(1).

والمتتبع لمراحل تطور الاهتمام بالحماية التشريعية لحقوق الإنسان على مستوى العلاقات الدولية يجد أن جهود منظمة الأمم المتحدة فى سعيها لتحقيق أحد أغراض إنشاءها والمتمثل فى حفظ الأمن والسلم الدوليين من خلال إشاعة احترام حقوق الإنسان فى العالم تنقسم إلى ثلاثة مستويات(2):

المستوى الأول: هو الإحساس بالحاجة إلى وجود قواعد تكرس هذه الحقوق وذلك عن طريق اجراء الدراسات المتعلقة بالمجالات المختلفة لحقوق الإنسان.

المستوى الثانى: فهو الاعتراف بوجود هذه الحقوق أو الإعلان عن وجودها فعلاً.

المستوى الثالث: فهو العمل على حماية حقوق الإنسان ويتم ذلك عادة عن طريق المعاهدات الدولية حتى ينتقل الاعتراف بحقوق الإنسان من مرحلة الواجب الأدبي إلى مرحلة الالتزام القانونى.

وقد مرت مراحل الكفاح ضد ممارسة التعذيب باعتباره أبشع صور انتهاكات حقوق الإنسان طبقاً للمستويات التى ذكرناها بدءا من نصوص ميثاق الأمم المتحدة مروراً بنص المادة الخامسة من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان التى ورد بها أنه 'لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة'، وهو ما قننته اتفاقية  الحقوق المدنية والسياسية فى المادة السابعة منها، إلى أن تم اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بتاريخ 10 ديسمبر 1984 للرغبة فى تنفيذ مبدأ حظر ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة القائم بموجب القانون الدولى والداخلي على حد سواء.

وتعتبر هذه الاتفاقية نقطة تحول هامة فى تاريخ الحماية الدولية من التعذيب وما يماثله من ضروب المعاملة القاسية والمهنية من حيث جعلها الأعمال المنطوية علي ذلك تشكل جريمة دولية ضد الإنسانية وإقرار تدابير غير قضائية وقضائية لمكافحتها(1)، وقد جاء تعريف التعذيب بطريقة تفصيلية بالمادة الأولي من الاتفاقية التى نصت علي 'لأغراض هذه الاتفاقية يقصد بالتعذيب، أى عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث علي معلومات أو علي اعتراف أو معاقبته علي عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص ثالث، أو تخويفه أو إرغامه هو أو أى شخص ثالث أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأى سبب من الأسباب يقوم علي التمييز أيا كان نوعه أو يحرض علية أو يوافق علية أو يسكت عنة موظف رسمي أو أى شخص أخر يتصرف بصفته الرسمية، ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذى يكون نتيجة عرضية لها'.

وأول ما يلاحظ علي هذا التعريف أنه جاء خاليا من اشتراط صدور التعذيب عن موظف عام حتى تسبغ عليه الحماية الدولية(2).

- وقد يبدو للبعض أن تناولنا لنطاق تجريم التعذيب من خلال القانون الدولي لا يعد بالأمر السديد الذى يسهم في تطوير وحماية حقوق الإنسان إلا أن التدقيق فى هذا الأمر يوضح أن الحماية الدولية لحقوق الإنسان تعتبر الحلقة الأخيرة من سلسلة متصلة الحلقات لتجريم نشاط ما، الوصول إليها يحتاج إلي بحث ودراسة جميع المراحل التي تسبقها، والحاجة إلي وجود عنصر دولي أو أسمي من الإقليمي في مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان تؤدى إلي التدقيق في الانتهاكات التي يرتكبها الموظفين العموميين المسئولين في الدول ذات السيادة وهي ما يمثل إضافة لحماية الحقوق وصيانتها(3).

- وجريمة التعذيب باعتبارها جريمة دولية منذ لحظة تجريمها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب كأحد الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية، تقوم علي ثلاثة أركان كالتالي(1):

1- الركن المادى: ويتمثل في السلوك غير المشروع المترتب عليه ضرر، ويشتمل علي الفعل (العمل أو الامتناع) والنتيجة وعلاقة السببية بينهما، وترجع أهمية اعتبار التعذيب جريمة دولية هو مدلولها الواسع الذى يميزها عن مدلول ذات الجريمة في القوانين الداخلية إذ لا تتجاوز فيها المساءلة الجنائية حد الشروع والتحريض فلا تمتد إلي التهديد ، بينما نجد أن الفقه الغالب في القانون الدولي يذهب إلي اعتبار التهديد بالعدوان (التعذيب) أو الإعداد له ضمن الجرائم الدولية، وسند ذلك نص المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة التي تحظر التهديد باستخدام القوة أو استخدامها في العلاقات الدولية بالمخالفة لأحكام الميثاق.

2- الركن المعنوي: ويتمثل في توافر القصد الجنائى أى نية الإضرار بالغير أو بالمجتمع الدولي، ويقوم علي عنصري العلم والإرادة(2)، فيجب أولاً أن يعلم الجاني أن أعماله تنطوى علي عدوان صارخ أو علي التمثيل بطريقة إنسانية بالمجني عليهم أو علي اضطهاد لأفراد مجموعة معينة لأسباب سياسية أو دينية أو عنصرية أو لأى سبب أخر، وتتصرف إرادته إلي هذا العمل، وفي هذا المجال أيضا لا تقوم الجريمة إلا إذا كان ارتكاب أى فعل من الأفعال التي تشكل الركن المادى لها قد تم بواسطة السلطة العامة للدول أو بعلمها وموافقتها علي هذا الفعل، ويتصور في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية أن ترتكب ضد رعايا الدولة نفسها أو ضد الأشخاص المقيمين علي إقليمها، كما يمكن أن ترتكب ضد رعايا دولة ثانية.

3- الركن الدولى: ويتمثل فى أن هذا السلوك ينطوى على مساس بمصالح الجماعة الدولية وهى المصالح التى  أكدها وعمل على حمايتها النظام القانونى الدولى ومن مشتملاته اتفاقية مناهضة التعذيب الصادرة عام 1984.

وتظهر أهمية الركن الدولى فى مجال الجرائم الدولية ضد الإنسانية فى كون تجريم الفعل وبيان أركانه خاصة الركن المادى وتقرير العقاب عليه أو الحث على ذلك يتم بمقتضى قواعد القانون الدولى بغض النظر عن كون القانون الداخلى يجرم الفعل ذاته أو يعاقب عليه أم لا، وهذا ما أكدته لجنة القانون الدولى فى أعمالها لاعداد مشروع مدونة الجرائم المخلة بسلم الإنسانية أمنها(3).


الفصل الأول

مبدأ حظر التعذيب فى النظام القانونى المصرى

 

المبحث الأول: وهم ما يسمى بانتشار التعذيب فى مصر:

لقد هالني ما قرأت من عبارات وردت في تقديم القسم الأول من تقرير مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء والتي تشير إلى العوامل التي يمكنها أن تشكل صورة متكاملة وبيئة خصبة لانتشار التعذيب في مصر، حيث أشار التقرير(1) إلي أن هذه العوامل تتركز في التشريع المصري والمناخ السياسي والاجتماعي.

- كيف يكون التشريع المصري (ومن فروعه قانون العقوبات المصري والقوانين العقابية الخاصة) بيئة خصبة لانتشار التعذيب، مع أن تحديد ملامح هذا القانون أو غيره تتوقف في بلد ما علي سياسته الجنائية سواء فيما يتعلق بتحديد الظاهرة الإجرامية أو بالنسبة إلى رد الفعل القانوني الاجتماعي ضد الجريمة(2).

- ولو كان الأمر هكذا فأن محرر التقرير يقصد من تعبيره هذا أن التشريع المصري (والذي تعرض فيه إلى قوانين الطوارئ والعقوبات والسجون) إنما تم صياغته ويجري تطبيقه بهدف تقنين التعذيب الذي يتم ممارسته علي نطاق واسع بمعرفة رجال الشرطة (علي حد تعبيره)، وذلك كأحد متطلبات المناخ السياسي والاجتماعي الذي يسوده عدة مؤشرات تدل علي أن هذا المناخ في مصر هو مناخ مساهم في خلق بيئة مناسبة بل وربما خلق ثقافة التعذيب.

- والواقع أن هذا التقرير بتلك العبارات يوجه النقد لسلطات الدولة الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) كما يوجه النقد لجميع القنوات السياسية التي تعبر عنها الأحزاب المتعددة والمكونة للمناخ السياسي، وأخيرا يوجه النقد للقيم الأخلاقية الاجتماعية والمصالح السائدة في المجتمع والتي تنبع من ضميره الحي الحقيقي.

- وأعتقد للرد علي ما ورد بالتقرير فالأمر يستلزم أن أوضح تلك المفاهيم السابقة إلا أن المجال لا يتسع لهذا الإسهاب.

ولكن في ذات الوقت فالأمانة العلمية وواقع مصريتي ووطنيتي تحتم أن أوضح للسادة محرري التقرير المشار إليه أنه غاب عنهم الرجوع إلى أمهات المراجع العلمية المتخصصة سواء في مجال حقوق الإنسان بصفة عامة أو في مجال مناهضة التعذيب بصفة خاصة، ومجال تطبيق هذه الحقوق في التشريعات المصرية جميعها والمكونة للنظام القانوني المصري ومن مشتملاته (أحكام ومبادئ القانون الدولي المرعية والمطبقة في الإقليم المصري- أحكام الدستور المصري والقوانين المكملة له- أحكام القوانين العقابية العامة والخاصة- أحكام القانون الإداري وقضاء مجلس الدولة- أحكام قوانين الكوادر الخاصة -أحكام القانون المدني 00000 )، وذلك قبل الخوض في كتابة هذا التقرير والذي ينطق كل حرف منه بالتشهير المعتمد للنظام القانوني المصري الذي يقوم نظريا وعمليا علي مبدأ راسخ لا جدال فيه ألا وهو مبدأ إعلاء سيادة القانون.

- كما غاب عن مركز حقوق الإنسان000 إبراز حق هؤلاء الأبرياء القتلى وأسرهم000 ضحايا جرائم الإرهاب الغادرة000 التي لا تفرق بين الشيوخ والرجال والأطفال والسيدات000 ألم يطلع مركز حقوق الإنسان لمساعدة  السجناء علي أخبار الصحف المتعاقبة000 التي تأتي علينا كل حين000 بتفاصيل جريمة إرهابية جديدة000 ليس لها أي هدف سوي الإخلال بأمن هذا البلد وهدم مقوماته الرئيسية000 أليست تلك الأحداث تبرر إصدار الدولة لقانون الإرهاب رقم 97 لسنة 1992 000وهو ما أعتبره مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء تزيدا غير مبرر في ظل وجود قانون الطوارئ000 أي تزايد هذا الذي يقصده000 أن نترك مقدرات هذا الشعب لاراده بعض الصبية المأجورين لزعزعة الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي000 نعم من حق هؤلاء أن يجد من يدافع عنهم بعد ضبطهم عند ارتكاب جرائمهم الخسيسة أو عند اتخاذ إجراءات تقويض نشاطهم الذي يخططون له طبقا لمبدأ كفالة حق الدفاع لأي شخص000 ولكن ليس لهذا الحق أن يتحول إلي تشهير بسلطات الدولة الثلاث وبالنظام القانوني المصري العريق000 ذلك النظام الذي أشك أن يكون مركز حقوق الإنسان قد اطلع علي جميع تفاصيله التي ينطق كل جزء منها بكفالة الحقوق والحريات في هذا البلد الذي ننتمي إليه جميعا000 ولكن! عندما يكون كفالة تلك الحقوق والحريات الشخصية قيدا علي المصلحة العامة للمجتمع ككل فأن هذا النظام القانوني يقف بالمرصاد لكل حاقد أو معتدى علي الأمن والنظام العام في الإقليم الذي يحكم هذا النظام طبقا للإجراءات القانونية المتبعة فيه وليس بوسائل التعذيب كما ادعى هذا التقرير.

-الكلام لا ينضب للرد علي تلك الاتهامات ولكن التزامي بأسلوب البحث العلمي الذي أشرت إلية في تقديم هذا البحث يعصمني من الجدل بالكلمات، وينتقل بي إلي عرض النقاط التي سيشملها هذا الجزء من الدراسة لبيان 'وهم ما يسمي بانتشار التعذيب في مصر'من خلال الأتي:


أولا:- التشريع المصري ومناهضة التعذيب.

1) حقوق الإنسان في ضوء تطبيق قانون الطوارئ.                                 

2) قانون العقوبات وحماية حقوق الإنسان.

3) أنواع السجون في مصر وكيفية إنشاءها وتشغيلها.

ثانيا:- المناخ السياسي والاجتماعي في مصر (مؤشرات ثقافة حظر التعذيب).

1) واقعية احترام السلطات للقانون وتطبيق مبدأ سيادة القانون.

2) الآثار القانونية للتصديق علي المعاهدات الدولية (الوضع في مصر).

- وقبل عرض هذه النقاط يجب أن أوضح طبيعة هذا العرض الذي يهدف إلي تصحيح بعض المفاهيم الواردة بالتقرير المشار إليه دون تفصيل، فكل عنوان فرعي من النقاط السابقة يحتاج إلي مؤلف متخصص مستقل بذاته، فمثلا حقوق الإنسان في نطاق أحكام وتطبيق قانون العقوبات تم بحث هذه الجزئية من خلال أبحاث لإجازة درجة الدكتوراه، لذا أردت التنويه وللاستزادة يمكن الرجوع للمؤلفات والمراجع العديدة في المجالات المشار إليها.

أولا: التشريع المصري ومناهضة التعذيب.

1) حقوق الإنسان في ضوء تطبيق أحكام قانون الطوارئ:

أبدأ هذا العرض بتعليق أستاذنا الدكتور/ سليمان الطماوى (رحمة الله علية وعلي أمثاله) عند التعرض بالشرح للأساس القانوني في سن قوانين استثنائية دائمة(1) لاستخدامها فى مواجهة بعض الظروف الطارئة وغير العادية التى تهدد سلامة الوطن بقوله ما هو العمل إذا صادفت الادارة ظروف استثنائية لا يمن مواجهاتها بقواعد المشروعية العادية؟00000 هل نضحي بسلامة الدولة وأمنها احتراما لقواعد المشروعية الصارمة، أم تخول الإدارة سلطة التحرر بعض الشيء من قواعد المشروعية لكي يمكن لها التغلب علي تلك الظروف الاستثنائية؟ لاشك أن سلامة الدولة فوق القانون، وأن الضرورات تبيح المحظورات ومن ثم فإنه من المسموح به للإدارة أن تتحرر من قواعد المشروعية بالقدر اللازم لمواجهة الظروف الاستثنائية، غير أن القدر من قواعد المشروعية قد يكون نتيجة قوانين صدرت خصيصاً لمواجهة تلك الظروف الاستثنائية، وحيث تمتد سلطة الإدارة بالقدر الذي تخوله تلك التشريعات'(1).

- والحقيقة أن التبرير النظري والعلمي علي حد سواء لاستمرار إعلان حالة الطوارئ واستخدامها لمواجهة بعض الحالات التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة والمعلومة للكافة سواء فئات المثقفين أو رجل الشارع العادي(2)، تحتاج منا إلي تفصيل، إلا أننا نكتفي بمقولة عميد فقهاء القانون العام في مصر والمعروف عنه آراؤه السديدة البعيدة عن أي هوى شخصي أو مطامع زائفة يروجها أصحاب المصالح الشخصية علي كل صاحب رأى قانوني وعملي متعقل يعي جيدا احتياجات مجتمعنا للحفاظ علي أمنه واستقراره، ذلك الأمن والاستقرار الذي لا غني عنه لأي مجتمع يرغب في استقرار أوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

- ولكن يثور التساؤل، هل يشكل تطبيق أحكام قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 وتعديلاته مناخا مناسبا لانتشار التعذيب في مصر طبقا للرأي الوارد في التقرير المشار إليه؟

وهل يؤثر هذا التطبيق علي التزام مصر بتطبيق أحكام الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب؟ وهل صلاحيات سلطة الطوارئ تكون بمنأى عن الرقابة والإشراف القضائي؟

إجابة هذه التساؤلات في العرض التالي:

أ- إعلان حالة الطوارئ واتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة علي الأمن والنظام العام طبقا لأحكام المادة 3 من القانون رقم 162 لسنة 1958 (المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972)، لا تكون بمنأى عن وضع العديد من الضوابط التي تحكم هذا الإعلان سواء في مجال الفقه القانوني أو التطبيق القضائي 0000، ومن أهم تلك الضوابط أن سلطات الطوارئ لا يجوز لها أن تخالف النصوص الدستورية، فالمشرع الدستوري لم يسمح مطلقا بإسقاط أي حكم من أحكام الدستور حتى ولو كان ذلك في ظل قيام حالة الطوارئ، ومن أهم النصوص الدستورية التي لا يمكن لأي سلطة مهما كان قدرها أن تعطل أحكامها في ظل قانون الطوارئ هو نص المادة (42) من دستور 1971، التي تنص علي أنه 'إذا قبض علي شخص فيجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا'، كما أن حالات القبض هنا لا تقتصر فيها الحماية علي القبض القضائي فقط، واكن تطبق أيضا علي حالات الاعتقال الذي يتقرر كتدبير من تدابير الطوارئ، وهو ما يستفاد من نص المادة (71) من الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية.

ب- وفقا للرأي الغالب في الفقه القانوني وطبقا للسوابق القضائية الصادرة في مجال تحديد اختصاصات سلطات الطوارئ ووضع الضوابط الخاصة بها،فأن تلك الاختصاصات يجب أن يتم تفسير نصوصها تفسيرا ضيقا وذلك للحيلولة من قيام تلك السلطة بالاعتداء علي الحقوق والحريات الفردية ،وحتى لا يتحول نظام هو في حقيقته ومرماه نظام دستوري يقيد القانون إلي نظام مطلق لا عاصم منه وليست له حدود.

- وطبقا لذلك أكدت المحكمة الدستورية العليا في أحد أحكامها علي عدم تمتع الحكومة بسلطة مطلقة في إعلان حالة الطوارئ وإنما هناك قيود وضوابط يتعين عليها مراعاتها والالتزام بها، حيث قضت بأن 'لا يكون إعلان حالة الطوارئ إلا لمواجهة نذر خطيرة تتهدد معها المصلحة العامة القومية، وهي حالة لا تلائمها أحيانا تلك التدابير التي تتخذها الدولة في الظروف المعتادة باعتبار أن طبيعتها ومداها تفرض من التدابير الاستثنائية ما يناسبها ويعتبر لازما لمواجهة تبعاتها'(1).

ج- استحدث القانون رقم 50 لسنة 1982 بعض الإضافات والتعديلات علي قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 بهدف زيادة ضمانات الحريات الشخصية، وعدم اللجوء إلي اعتقال الأشخاص خلال فترة الطوارئ دون قيام وثبوت دليل جدي أن المعتقل من المشتبه فيهم أو من الخطرين علي الأمن والنظام العام، ومن أهم هذه الضمانات(2):-

- ضرورة إبلاغ المعتقل كتابة وفوراً بأسباب اعتقاله.

- حق المعتقل في الاتصال بمن يري إبلاغه بما وقع له والاستعانة بمحام.

- معاملة المعتقل معاملة المحبوس احتياطيا.

 هذه مجرد أمثلة للتدليل علي عدم وجود تعارض بين إعلان حالة الطوارئ وتطبيق التدابير التشريعية لمناهضة التعذيب.

د- دون الدخول في تفاصيل الخلاف الفقهي والقضائي حول تكييف قرار إعلان حالة الطوارئ ومدي خضوعه بالتالي لرقابة القضاء باعتباره عملا من أعمال السيادة، فان الأمر يختلف تماما بالنسبة للأوامر والإجراءات التي تتخذ تنفيذ لقانون الطوارئ، فهناك شبه إجماع في الفقه والقضاء علي الإجراءات والأوامر الصادرة تنفيذا لقانون الطوارئ تعتبر أعمالاً إدارية تنبسط عليها رقابة القضاء إلغاء وتعويضا(1).

- ولا يقدح في ذلك صدور القانون رقم 50 لسنة 1982 الذي نص في مادته الثالثة علي أنه 'تختص محاكم أمن الدولة العليا 'طوارئ ' دون غيرها بنظر كافة الطعون والتظلمات من الأوامر والقرارات المشار إليها في المادة (3مكرر) من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، وتحال إلي هذه المحكمة -بحالتها - جميع الدعاوى والطعون والتظلمات المنظورة أمام أي جهة قضائية أو غير قضائية.

- ويثير نص المادة (68) من الدستور مسألتين غاية في الأهمية تم بحثهم من خلال مؤلفات عديدة  لكل نقطة منهما علي حده، ألا وهما 'تحصين أعمال وقرارات الإدارة من رقابة القضاء 'ومشكلة تحديد القاضي الطبيعي'.

وإذا كانت النقطة الأولي ليست محل خلاف بالنسبة لموضوع خضوع الأوامر والقرارات الصادرة عن سلطات الطوارئ لرقابة القضاء حيث أن محكمة أمن الدولة العليا هي جهة قضائية بالمعني المتفق عليه في شأن تحديد السلطات القضائية، إلا أن الخلاف يثور حول اعتبارها جهة الولاية القضائية الطبيعية بشأن نظر المنازعات المتعلقة بتطبيق القانون رقم 162 لسنة 1958.

- ولبيان ما هى مشكلة القاضي الطبيعي خاصة في مجال الرقابة علي أعمال وقرارات سلطات الطوارئ، فان الأمر يستلزم منا دراسة العديد من المبادئ والأحكام القانونية المتعلقة بموضوعات تحديد الاختصاص القضائي للمحاكم الإدارية، وأحكام تفسير النصوص الدستورية نظريا وقضائيا إلا أن طبيعة هذه الدراسة تعفينا من هذا الاسترسال اللازم لبيانها محيلين في التفصيلات إلي المراجع القانونية العديدة التي تزخر بها المكتبات القانونية المصرية المتخصصة في مجال القانون العام والخاصة بموضوع القضاء الإداري والقضاء الدستورى والمبادئ الدستورية العامة.

- إلا إننا يلزم أن نشير فى عجالة سريعة إلى كيفية انعقاد الاختصاص القضائى للمحاكم الادارية والتى حددتها المواد 10، 11، 12 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 والتى أصبح بمقتضاها القضاء الادارى فى مصر هو صاحب الاختصاص العام بالفصل فى القضايا ذات الطبيعة الادارية، إلا أن هذا المعيار العام لا يمنع من وجود استثناءات بجواره مرجعها إلى النصوص أو السوابق التنظيمية، وهو الأمر الذى جرى عليه العمل فى القضاء الادارى الفرنسي، وعلي ذلك فان هذا المعيار لا يمنع المشرع من أن يعهد إلي جهتي القضاء المصري (العادي –الإداري) بالفصل في المنازعات لا تتفق مع المعيار العام في توزيع الاختصاص (1).

- كما إن معيار توزيع الاختصاص بين جهات القضاء المصري خاصة في الحالة محل البحث يجب أن يتم تفسيره وفقا للمادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 (المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972) والتي جاء بها '0000000ويترتب علي إعلان حالة الطوارئ انتقال السلطة من الهيئات المدنية إلي الهيئات العسكرية 00000' وبالتالي فإنه وفقاً للمعيار الموضوعي الذي تبناه قضاء مجلس الدولة في العديد من أحكامه لبيان ما هي أعمال وقرارات الإدارة، فإنه يكون من غير الملائم انعقاد الاختصاص لها بالنسبة لأعمال وقرارات سلطات الطوارئ.

- بالإضافة إلي ذلك فقد فصل قضاء المحكمة الدستورية في هذه المسألة بطريقة قطعية حيث قضت بأن محكمة أمن الدولة العليا 'طوارئ' وقد خصها المشرع وحدها بولاية الفصل في التظلمات من أوامر الاعتقال فصلا قضائيا قد أضحت هي القاضي الطبيعي الذي يحق لكل معتقل أو غيرة من ذوي الشأن -الالتجاء إليه بالنسبة لهذه التظلمات، كما أنه ليس في إسناد الفصل في التظلمات إلي محكمة أمن الدولة العليا'طوارئ' أي تحصين لأمر الاعتقال- وهو قرار إداري من رقابة القضاء طالما أن المشرع قد جعل التظلم منه أمام جهة قضاء هي محكمة أمن الدولة العليا 'طوارئ' الأمر الذي لا ينطوى علي أي مخالفة لحكم المادة 68 من الدستور 000000'(2)    

هـ- نظمت التعليمات القضائية للنيابات الصادرة عام 1980 والمعدلة بقرار النائب العام رقم 738 لسنة 1999 في الفصل الثاني من الباب الحادي والعشرين أحكام وقواعد التفتيش علي السجون وأماكن الاحتجاز الأخرى، في المادة (1749) ما يلي:

- أن يقوم عضو النيابة القائم بالتفتيش بالاطلاع علي أوامر الاعتقال أو الأوامر الكتابية بالإيداع بالنسبة للمعتقل، والتثبت من وجود تلخيص لها بسجلات السجن، وطلب صور من أوامر الاعتقال أن تبين عدم وجودها.

- إذا وجد عضو النيابة محبوسا أو محجوزا بدون وجه حق أو في غير المكان المخصص لذلك، يحرر علي الفور محضرا بالواقعة يأمر فيه بالافراج عنه فورا في الحالة الأولى وبالإيداع في المكان المخصص لذلك في الحالة الثانية، مع إثبات ذلك في المحضر موضحاً به ساعة وتاريخ هذه الأجراء وشخص وتوقيع مستلم الأمر بالإفراج أو بالإيداع.

- يستكمل عضو النيابة تحرير محضر التفتيش عند عودته إلي مقر النيابة يضمنه ما لاحظه من جرائم ومخالفات، ثم يبادر بإخطار المحامي العام للنيابة الكلية بذلك، ويرسل إليه ذلك المحضر(1).

و) الوضع القانوني لجرائم التعذيب في مصر يستند إلي ركيزتين أساسيتين هما: الوضع الدستور والوضع القانوني وقد كفل الدستور الضمانات التي تعزز حقوق الأفراد وحرياتهم وتحول دون تعرضهم للإيذاء بدنيا أو معنويا كما نظم القانون رقم 162 لسنة 1958 الأحوال والاجراءات المتعلقة بالطوارئ العامة ولم يتضمن هذا القانون أي إشارة إلى ما يفيد تعطيل أحكام قانون العقوبات بشأن جريمة التعذيب أو جرائم الحبس بدون وجه حق أو جرائم استعمال القسوة ولم ينص القانون علي إعطاء الحق لأي جهة في تعطيل أحكام قانون العقوبات أو إباحة أفعال مؤثمة فيه، وبالتالي فان جريمة التعذيب وغيرها تسري حتى في الأحوال التي تعلن فيها الطوارئ العامة (2)، وبالتالي لا يوجد ما يحول دون تطبيق أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب الصادرة عام 1984 والتي انضمت إليها مصر بموجب القرار الجمهوري رقم 154 لسنة 1986، والمنشور في الجريدة الرسمية وعمل بها كقانون من قوانين البلاد في 25/7/1986، وبين تطبيق أحكام قانون الطوارئ، وسيتم تفصيل هذه الجزئية عند الحديث عن نطاق حماية حقوق الإنسان في قانون العقوبات المصرى. 

ز) اعترفت الشرعة الدولية لحقوق الإنسان من خلال نص المادة 4/1 بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أنه كأصل عام يباح للدولة في الظروف الاستثنائية اتخاذ تدابير واجراءات تتيح لها التحلل من التزامات العهد حيث جاء بها(3):- 'يجوز للدول الأطراف في أوقات الخطر العامة التي تهدد حياة الأمة والتي يعلن عن وجودها بصفة رسمية أن تتخذ من الاجراءات ما يحلها من التزاماتها طبقا للعهد إلى المدى الذي تقتضيه بدقة متطلبات الوضع علي أن لا تتنافى هذه الاجراءات مع التزاماتها الأخرى بموجب القانون الدولي 'وجاء بالفقرة الثانية من تلك المادة أنه 'ليس في هذا النص ما يجيز التحلل من الالتزامات المنصوص عليها في المواد 6، 7، 8، 11، 15' ومن ضمن الالتزامات التي لا يجوز التحلل منها طبقا لهذا النص التحرر من التعذيب وغيرة من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهنية أو الحاطة بالكرامة.

وبنظرة تحليلية لهذا النص مع الواقع العلمي للإحصائيات والبيانات الدقيقة لانحسار جرائم الإرهاب والمخدرات في مصر إلى حد بعيد كأحد نتائج تطبيق قانون الطوارئ ومنعكس ذلك تحقيق الاستقرار الأمني في المجتمع 000 فإن مواجهة تلك الجرائم تمثل تبرير لاعتبارها خطر عام يهدد حياة الأمة 0000 الواقع أنني لا أحتاج إلى اطلاع السادة محرري التقرير علي نوعية الخطر والأضرار المترتبة علي ارتكاب جرائم الإرهاب والمخدرات 000 كما آري أن كاتب التقرير لا يحتاج مني إلى شرح لكيفية ارتكاب تلك الجرائم من خلال تنظيمات دولية إجرامية يصعب معها إثبات ارتكابهم لها بوسائل الإثبات المقررة في القوانين الإجرائية العادية 000 وأخيرا فإن كاتب التقرير يعلم جيدا وسائل وإجراءات البطلان التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى إفلات الرؤوس المدبرة لتلك الجرائم من العقاب000 مع اعتبار أن هذا الكلام ليس نقدا للنظام الإجرائي الجنائي المصرى 000 كما أنه ليس افتئاتا علي كفالة حق الدفاع المعترف به دستوريا 000 ولكنه عرض لواقع التطبيق العملي في مواجهة تلك الجرائم التي تؤثر علي مقدرات هذا المجتمع بشكل كبير الأمر الذي يمثل حالة من الخطر العام تتيح لسلطات الدولة مواجهتها بالإجراءات والتدابير الاستثنائية وفي نفس الوقت لا تعتبر تلك الاجراءات مبرره للجوء للتعذيب 000 وهو ما سوف نعرضه من خلال ضمانات قانون العقوبات في مواجهة تلك الممارسات غير المشروعة.

2- قانون العقوبات حماية لكل حقوق الإنسان.

في سياق انتقاد مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء فيما أسماه الحماية القاصرة في قانون العقوبات من جرائم الاعتداء علي السلامة الجسدية، ركز علي النقاط التالية:

- غياب تشديد العقوبات عن جرائم الاعتداء علي السلامة الجسدية من قبل الموظفين العموميين وهم الأشخاص الأكثر توقعا للقيام بالتعذيب، وبالأخص ضباط الشرطة.

- اقتصار الحماية في قانون العقوبات علي الإيذاء البدني دون الإيذاء المعنوي.

- اختلاف ضوابط وتعريف جريمة التعذيب في قانون العقوبات عن التعريف الوارد بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.

- وسيكون عرضنا لنطاق حقوق الإنسان في قانون العقوبات المصري من خلال تلك الانتقادات حيث أن عرض تفصيلات هذا الموضوع يحتاج لمساحة لا تتناسب وهذه الدراسة.        

أ) الاعتداء علي السلامة الجسدية بواسطة الموظفين العموميين (جريمة الفاعل الخاص)

يعتبر فاعل الجريمة من العناصر المكونة للجريمة ذاتها باعتبار أنه صاحب السلوك الإجرامي وبغيره لا يكون لهذا السلوك وجود، وإذا كان الأصل في الجريمة أنها تتحقق بالسلوك المكون لها أياً كان الفاعل صاحب السلوك كما في السرقة والقتل، غير أن هناك حالات لا يحقق السلوك فيها الجريمة الموصوفة في النموذج الإجرامي إلا إذا كان الفاعل صاحب السلوك ذا صفة معينة أو وضع معين.

- والمقصود بصفات وأوضاع الفاعل في جرائم الفاعل الخاص تلك الصفات والأوضاع الداخلة في تكوين نموذج الجريمة والمعتبرة جزءا من ملابسات السلوك الإجرامي الموصوف في هذا النموذج أي تلك التي يتوقف عليها الركن المادي ويتألف بها الوجه الخارجي للجريمة ذاتها(1).

وتعتبر صفة الموظف العام لازمة في جرائم الفاعل الخاص والواردة بالكتاب الثاني من قانون العقوبات المصري الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 وتعديلاته بالأبواب من الثالث حتى السادس، فالمصلحة المحمية العامة في هذه الطائفة من الجرائم وهي كفالة الثقة وحسن سير العمل الوظيفي طبقا لقواعد المشروعية هي التي حدت بالمشرع لأن يستلزم في الجاني صفة الموظف العام.

- إلا إن الجرائم المنصوص عليها في الباب السادس تتجاوز تلك المصلحة المحمية ألا وهي حسن العمل الوظيفي نظراً لارتباطها بكفالة وتعزيز واحترام الحريات الشخصية، حيث أن تلك الجرائم تصدر عن أشخاص خولهم القانون سلطة معينة لا يجوز استخدامها في الإكراه وسوء المعاملة لأفراد الناس.

ومجرد أفراد قواعد للتجريم الجنائي عن الأفعال غير المشروعة لفئات الموظفين العموميين دون آحاد الناس يعتبر نوع من أنواع التشديد في العقاب، بالاضافة إلى أن الباعث من جريمة التعذيب إذا كان بهدف الحصول علي اعتراف فإن هذا الباعث يعد ظرفا مشددا، حيث قرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة تصل إلى حد القتل العمد في حالة وفاة المجني عليه.

- أليس في ذلك تشديد في العقاب علي جريمة التعذيب التي تعتبر من جرائم الفاعل الخاص التي تحدثنا عنها آنفا والواقعة من الموظف العام تلك الصفة التي يتصف بها رجال الشرطة الذين وصفهم التقرير بأنهم الأشخاص الأكثر توقعا للقيام بالتعذيب مع عدم وجود حماية وتشديد من جراء قيامهم بها ؟……… أترك الرد لمحرري التقرير أنفسهم وفي حالة عدم اقتناعهم بهذه العقوبات فليطرحوا علينا رؤيتهم في نوعية العقاب الذي يتجاوز عقوبة القتل العمد!

- ثم أليس في إغفال التقرير لحالات عديدة صدرت فيها أحكام قضائية بالحبس والسجن في قضايا التعدي علي المواطنين (سواء داخل السجون أو خارجها) ضد ضباط شرطة وغيرهم من الموظفين العموميين، لهو دلالة علي أن التقرير يتناول عرضه وفقا لافتراض مسبق سيطر علي تفكيره في الكتابة وهو اقتناعه'بان هناك ممارسات للتعذيب في مصر تتم بدون حماية تشريعية أو قضائية'.

- كيف ذلك يا أخي000 ألا تعلم أن هذه الأحكام الصادرة بالحبس والسجن ولمدد عقوبة تصل إلى عشر وخمسة عشر عاما صدرت تطبيقا لأحكام المادة (126) عقوبات وغيرها من مواد قانون العقوبات أو قوانين التجريم الخاصة تمثل قمة الشرعية القانونية في مصر لمواجهة ما أسماه التقرير'ممارسات التعذيب' تطبيقا لأحكام العقاب علي تعدد الجرائم والتي نظمها المشرع في المواد (32-38) عقوبات وأظن أن المجال لا يسمح بعرض هذه القواعد المفترض علم مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء بها وهو مركز متخصص في الأعمال القانونية، والواقع أنه قد حدث لبس لمحرر التقرير عند تناوله لجرائم الموظفين العموميين، فأظنه لا يعلم أن جميع أحكام قوانين العقاب تسري علي الموظفين العموميين كسريانها على آحاد الناس باعتبارهم من الأشخاص المخاطبين بتلك الأحكام طبقا لقواعد نطاق تطبيق القانون من حيث الزمان والمكان التي درسناها بمادة المدخل لدراسة القانون في السنة الأولى بكليات الحقوق وكلية الشرطة !!!

ب- حماية قانون العقوبات من الإيذاء البدني والمعنوي:

جاء بالتقرير أن الانتقادات تنصب علي قانون العقوبات فيما ورد بالمادة (129) من عقوبات هزيلة بها كما اقتصرت بالحماية علي الإيذاء البدني دون الإيذاء المعنوي.

وكما ذكرنا في بداية هذه الدراسة أن ممارسات القانون وخاصة بين أوساط المهتمين بمسائل حقوق الإنسان يجب أن يكون لديهم القدرة علي استنباط الأحكام من واقع النظام القانوني المتكامل وليس بالنظر إلى نص مادة أو مادتين من تشريع منفرد، كما يجب عليهم أن يكونوا مطلعين علي التطورات التي تحدث في هذا النظام.

- والواقع أن محرر التقرير قد جانبه الصواب في هذه الانتقادات، ومن المحتمل ألا يكون قد اطلع علي القانون رقم (6) لسنة 1998 والذي أضاف الباب السادس عشر إلى أبواب الكتاب الثالث من قانون العقوبات (1).

- وقد أضاف هذا القانون المادتين 375 مكرر أ، و375 مكرر أ (1) ونصها كالتالي:

375 مكرر أ: مع عدم الاخلال بأية عقوبة أشد واردة في نص أخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة غيره باستعراض القوة أمام شخص أو التلويح له بالعنف، أو بتهديده باستخدام القوة أو العنف معه أو مع زوجة أو أحد من أصوله أو فروعه، أو التهديد بالافتراء عليه أو علي أي منهم بما يثنيه أو بالتعرض لحرمة حياته أو حياة أي منهم الخاصة، وذلك لترويع المجني عليه أو تخويفه بإلحاق الأذى به بدنيا أو معنويا أو هتك عرضه أو سلب ماله أو تحصيل منفعة منه أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه أو لإرغامه علي القيام بأمر لا يلزمه به القانون أو لحملة علي الامتناع عن عمل مشروع، أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو مقاومة تنفيذ الإرهاب أو الإنسانية أو الاجراءات القضائية أو القانونية واجبة التنفيذ، متي كان من شان ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب في نفس المجني عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أنواع طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره أو بسلامة أرادته.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين إذا وقع الفعل أو التهديد من شخصين فاكثر، أوقع باصطحاب حيوان يثير الذعر، أو بحمل سلاح أو اله حادة أو عصا أو أي جسم صلب أو أداة كهربية أو مادة حارقة أو كاوية أو غازية أو مخدرة أو منومة أو أي مادة أخرى ضارة.

وتكون العقوبة مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز خمس سنين إذا وقع الفعل أو التهديد علي أنثى، أو علي من يبلغ ثماني عشر سنة ميلادية كاملة.

ويقضي في جميع الأحكام بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه0

مادة 375 مكرر أ(1): يضاعف كل من الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة المقررة لأية جنحة أخري بناء علي الجريمة المنصوص عليها في المادة السابقة، ويرفع الحد الأقصى لعقوبتي السجن والأشغال الشاقة المؤقتة إلى عشرين سنة لأية جناية أخري تقع بناء علي ارتكابها.

وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن إذا ارتكبت جناية الجرح أو الضرب أو إعطاء  المواد الضارة المفضي إلى موت المنصوص عليها في المادة (236) بناء علي الجريمة المنصوص عليها في المادة السابقة فإذا كانت مسبوقة بإصرار أو ترصد تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة.

وتكون العقوبة الإعدام إذا تقدمت الجريمة المنصوص عليها في المادة السابقة أو اقترنت أو ارتبطت بها أو تلتها جناية القتل العمد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (234).

ويقضي في جميع الأحكام بوضع المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه بحيث لا تقل عن سنة ولا تتجاوز خمس سنين.

- وغني عن البيان أن نص هاتين المادتين ينطبق علي الموظفين العموميين وعلي آحاد الناس، أي أمن جريمة الترويع والتخويف (البلطجة) تندرج تحت تصنيف جرائم الفاعل المطلق حيث لاتمثل صفة الفاعل أي تأثير علي انطباق شروط ارتكابها، وفي هذا ما ينفي عن التشريع المصرى أنه مناخ مناسب لانتشار التعذيب.

- وأخيراً ألم يكن كاتب هذا التقرير مطلعا علي (القانون رقم 37 لسنة 1972) الصادر بتطبيق بعض النصوص المتعلقة بضمان حرية المواطنين في القوانين القائمة (العقوبات- الاجراءات الجنائية– الطوارئ- قانون إعادة تنظيم الرقابة الادارية) والتي أصبغت علي تلك النصوص صفة القوانين الأساسية المكملة للدستور والمنفذة لأحكامه0000 والتي سبق لنا القول انه لا يجوز تعطيل تطبيقها حتى مع إعلان حالة الطوارئ 000 ألم يكن قارئا ومحللا لجميع نصوص قانون العقوبات 000 وتشديده المطلق بالعقوبات علي الجرائم التي ترتكب من الموظفين العموميين 000 خاصة ما يتصل منها بإهدار الحريات والتعدي عليها 000 حتى وصل ذلك إلى التقرير بالإعدام لجرائم وصفها القانوني السليم هو القتل الخطأ الغير مقارن بالسبق والترصد0000

- أي حماية تشريعية أخري 000 يطلبها كاتب هذا التقرير 000أيمكن لهذا التقرير أن يدلنا إلى الأنظمة القانونية المقارنة التي يوجد بها حماية تشريعية وقضائية 000 أجدى من تلك الحماية المقررة والمطبقة في النظام القانوني المصري!!

ج- النظام القانوني المصري وتعريف التعذيب الوارد باتفاقية 1984:

طبقا للمادة (19) من اتفاقية مناهضة التعذيب، تقدم كل دولة طرف فيها إلى لجنة مناهضة التعذيب تقارير عن التدابير التي اتخذتها بمقتضى الاتفاقية.

وقد ورد بتقرير مصر الدوري الثالث المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب في مايو 1999، رداً علي أن القانون الجنائي المصري لا يتضمن تعريفا للتعذيب يتفق مع التعريف المنصوص علية في المادة الأولى من الاتفاقية، بأن التشريع المصري يكفل أوسع حماية ممكنة للمواطنين وأشار الرد المصري إلى نماذج لأحكام قضائية يتضح منها أنها لم تشترط أن يتحقق قدر أدنى من الجسامة في الألم الناشئ عن التعذيب، كما لم تشترط أن يترك التعذيب أثراً مادياً، ولم تقيد التعذيب بأوصاف جامدة علي سبيل الحصر(1)، وقد أخذت لجنة مناهضة التعذيب بهذا الشرح بدليل أنها لم تدرج هذه النقطة في ملاحظاتها علي التقرير المصري.

- أما عن تعارض قانون العقوبات فيما ورد في المادة (63) الخاصة بحالة التذرع بأوامر الرؤساء، مع نص المادة الثانية من الاتفاقية التي تنص علي أن أوامر الرؤساء لا تعفي من المسئولية عن ارتكاب جريمة التعذيب، فاود أن الفت نظر محرري تقرير مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء إلى موقف محكمة النقض المصرية في هذا الشان، تلك المحكمة التي تمثل قمة القضاء المصري والتي لم يقف دورها عند إرساء المبادئ القانونية بل تعدي ذلك إلى اعتبار أحكامها بمثابة النموذج لما ينبغي أن يكون عليه الحكم القضائي من حيث الصياغة والتأصيل السليم والغرض الواضح والتسبيب الوافي(1).

- فقد حددت محكمة النقض مراد الشارع بحسن النية الواردة بالمادة (63) فقالت إنه 'يتحقق إذا كان المتهم يعمل في ظروف تجعله يعتقد انه إنما يباشر عملاً له صبغة رسمية، فإذا ما ارتكب فعلا ينهي عنه القانون تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيسه الذي تجب عليه طاعته فإنه لا يكون مسئولا علي أي الأحوال.

ومن المقرر أن الجهل بأحكام أو أنواع قواعد قانون آخر غير قانون العقوبات أو أنواع الخطأ فيها يجعل الفعل المرتكب غير مؤثم (2).

- وكذلك قررت محكمة النقض أنه 'من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم وانه ليس علي مرؤوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب علية '(3).

(3) أنواع السجون فى مصر (إنشاءها وتشغيلها)

جاء بتقرير مركز حقوق الإنسان أن من أبرز عيوب قانون السجون هو حق وزير الداخلية فى إنشاء سجون خاصة واعتبار أى مكان خاص سجناً مثل أى معسر أو مبنى وزارة الداخلية أو0000000، كما جاء بذات النقطة أن الاشراف على السجون بمعرفة النيابة العامة هو اشراف شكلي، وسوف نتعرض بالشرح لكيفية إنشاء السجون وتشغيلها مرجئين شرح وتفصيل الإشراف على السجون إلى موضع أخر من هذه الدراسة.


- أما عن أنواع السجون فى مصر وكيفية إنشاءها وتشغيلها فتحتاج إلى بعض الشرح لبيان ما قد يكون غامضا على البعض، أما لعدم المعرفة أو لعدم القدرة على استنباط
الأحكام القانونية الصحيحة(1).

- تنص المادة الأولى من قانون تنظيم السجون الصادر بالقرار الجمهوري رقم 396 لسنة 1956 علي أنه:

- السجون علي أربعة أنواع:

أ- ليمانات

ب- سجون عمومية

ج- سجون مركزية

د- سجون خاصة تنشأ بقرار من رئيس الجمهورية تعين فيه فئات المسجونين الذين يودعون بها وكيفية معاملتهم وشروط الإفراج عنهم.

- ويصدر وزير الداخلية قرار بتعيين الجهات التي تنشأ فيها السجون من كل نوع ودائرة كل منها.

- وقد ميز الشارع في هذه المادة بين أربعة أنواع من السجون وحدد بعد ذلك طوائف المحكوم عليهم الذين يودعون في كل نوع فيها كالتالي:

- الليمانات: ويودع فيها الرجال المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة بنوعيها.

- السجون العمومية: ويودع فيها المحكوم عليهم بعقوبة السجن والنساء المحكوم عليهن بعقوبة الأشغال الشاقة، والرجال المحكوم عليهم بعقوبة الأشغال الشاقة الذين ينقلون من الليمانات لأسباب صحية أو لبلوغهم سن الستين أو لقضائهم فيها نصف المدة المحكوم بها أو ثلاث سنوات أي المدتين أقل وكان سلوكهم حسناً خلالها، والمحكوم عليهم بالحبس لمدة تزيد علي ثلاثة أشهر إلا إذا كانت المدة الباقية وقت صدور الحكم عليهم أقل من ذلك ولم يكونوا مودعين من قبل في سجن عمومي.

السجون المركزية: ويودع فيها المحكوم عليهم بالحبس مدة لا تزيد علي ثلاثة أشهر أو كانت المدة المتبقية عليه وقت صدور الحكم أقل من ثلاثة أشهر بعد خصم المدة الذي قضاها في الحبس الاحتياطي.       

السجون الخاصة: فهذه السجون المقرر إنشائها طبقا لحكم الفقرة (د) من المادة الأولى من قانون تنظيم السجون لا يزال هذا النص معطلاً، فلم ينشأ في جمهورية مصر العربية حتى كتابة هذه السطور أي سجن خاص طبقا لهذه الفقرة.

وأما عن السجون الخاصة التي أورد لها تقرير مركز حقوق الإنسان بعض الأمثلة في مبني وزارة الداخلية أو المباحث العامة أو مباحث أمن الدولة أو معسكرات الأمن المركزي أو أية مبان أو أماكن خاصة، فأود أن أوضح لمحرر هذا التقرير طبيعة هذه السجون.

- بداية يجب أن أشير إلى الاسم الصحيح لتلك السجون التي أوردها التقرير فهي سجون عسكرية وليست سجون خاصة، تلك السجون المقرر إنشائها لتنفيذ الاجراءات التحفظية والعقوبات الانضباطية على أفراد هيئة الشرطة وجنود الدرجة الثانية طبقا لأحكام القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية والقانون رقم 109 لسنة 1971 فى شأن هيئة الشرطة.

- وتطبيقا لسلطة التأديب المقررة قانونا لجهات وزارة الداخلية التى تتولى الاختصاصات المنصوص عليها فى قانون الإحكام العسكرية ولتنظيم العمل والاجراءات فى السجون العسكرية، فقد صدر قرار وزير الداخلية رقم 1050 لسنة 1973 بلائحة جزاءات أفراد هيئة الشرطة وبتحديد جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في قانون  الإحكام العسكرية وبتنظيم السجون العسكرية (1).

وتنص المادة (35) من هذا القرار علي أن'يكون تنفيذ العقوبات السالبة للحرية الصادرة على أفراد هيئة الشرطة وجنود الدرجة الثانية بالسجون العسكرية ما لم يكونا قد فصلوا من الخدمة، وكذلك يودع المسجونين احتياطيا من أفراد هذه الفئة بأمر من جهات القضاء فى السجون المذكورة'.

كما تنص المادة (89) من ذات القرار بأنه 'مع عدم الإخلال بأحكام المادتين 85، 86 من القانون رقم396 لسنة 1956، يكون للمحافظين ومديري الأمن وقضاة المحكمة  العسكرية وأعضاء إدارة القضاء العسكرى بهيئة الشرطة حق دخول السجون الكائنة فى دائرة اختصاصاتهم فى أى وقت'.

يبين من هذا العرض الموجز أن السجون التى تنشأ بقطاعات وجهات وزارة الداخلية هى سجون عسكرية يودع فيها فئات محددة علي سبيل الحصر تطبيقا لقانون الأحكام العسكرية وقانون هيئة الشرطة، وهى الفئات الخاضعة لأحكام هذين القانونين، ولا يجوز بأي حال من الأحوال قبول أى أشخاص سوى تلك الفئات بهذه السجون العسكرية، وتخضع هذه السجون لأشراف النيابة العامة وهو ما يستفاد من العبارة الاعتراضيه الواردة في بداية المادة 89 المشار إليها بأنة 'مع عدم الاخلال بأحكام المادتين 85، 86 من قانون السجون' والتى تتضمن تنظيم الإشراف القضائى على السجون، فضلا عن أن هذه السجون تنشأ بقرار وزاري يتم نشرة فى صحف الوقائع المصرية ويكون فى متناول علم الكافة.


  محمد عبد الرحمن    عدد المشاركات   >>  21              التاريخ   >>  13/2/2004



ثانياً: المناخ السياسى والاجتماعى فى مصر

(مؤشرات ثقافة حظر التعذيب)

 

1- تطبيقات إعلاء مبدأ سيادة القانون:

أورد التقرير أمثلة لغياب احترام القانون أو تطبيقه بالتجزئة بما يسمح بانتشار التعذيب، وذلك بالمخالفة للمبدأ الذى أكدته المحكمة الدستورية العليا بوجوب خضوع الدولة للقانون وأن الدولة عندما تملك بعض السلطات فإنما هى تباشر هذه السلطات نيابة عن الجماعة ولصالحها وأن ممارسة السلطات ليست امتيازاً لأحد.

- وللرد على هذا النقد غير المدروس والذى ينعدم فيه الأساس النظرى أو التطبيقى لواقع مبدأ سيادة القانون فى مصر فإننا يجب أن نتعرض بالبحث والتحليل للأحكام العامة للرقابة على أداء الجهاز الادارى فى مصر من خلال دراسة مبدأ المشروعية (المفهوم- المصادر- الاستثناءات) كما يجب التعرض لضمانات الالتزام بمبدأ المشروعية فى مصر بدراسة أنواع الرقابة على أداء الجهاز الادارى الداخلية والخارجية، بالاضافة إلى ضرورة التعرض لقضاء الالغاء وقضاء التعويض وقضاء التأديب وأخيراً ضرورة دراسة طرق الطعن فى الأحكام الادارية.

- ولاستحالة هذا العرض بصورة تفصيلية من خلال هذه الدراسة الموجزة فإننا سنكتفى بالرد على الأمثلة التى ذكرها التقرير محيلين فى تفصيلات هذا الموضوع إلى المراجع المتخصصة التى تتضمن أحكام القضاء سواء الجنائى أو الادارى أو المدنى ومن قبلهم الدستورى والمؤكدة لاعلاء مبدأ سيادة القانون فى مصر وأيضاً آراء الفقهاء المستفيضة فى هذا المجال والتى تزخر بها المكتبات المصرية لأفضل العلماء والفقهاء القانونيين الذين أنجبتهم البلد التى اختصها الله بالأمن والسلام.(1)

أ) الاشراف على السجون:

تختص النيابة العامة بصفة أساسية برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها، إلا أنه توجد اختصاصات أخرى للنيابة العامة بجانب هذا الاختصاص الأصيل، حيث يختص النائب العام بالبعض منها، ويجوز بالنسبة إلى البعض الآخر أن يباشرها أى عضو من أعضاء النيابة، ومن هذه الاختصاصات(1):

* للنائب العام حق الاشراف على مأمورى الضبط القضائى فيما يتعلق بأعمال وظائفهم، وله أن يطلب من الجهة المختصة النظر فى أمر من تقع منه مخالفة لواجباته أو تقصير فى عمل وله أن يطلب رفع الدعوى التأديبية عليه (مادة 22/ 1، 2 من قانون الاجراءات الجنائية.

* تتولى النيابة العامة الاشراف على السجون وغيرها من الأماكن التى تنفذ فيها الأحكام الجنائية، ويحيط النائب العام وزير العدل بما يبدو للنيابة العامة من ملاحظات فى هذا الشأن (المادة 27 من قانون السلطة القضائية).

* لكل من أعضاء النيابة زيارة السجون العامة والمركزية الموجودة فى دوائر اختصاصهم والتأكد من عدم وجود محبوس بصفة غير قانونية (المادة 42 من قانون الاجراءات الجنائية).

* تختص النيابة العامة بطلب تنفيذ الأحكام الصادرة فى الدعوى الجنائية (المادة 461/ 1، و462 من قانون الاجراءات الجنائية).

- ولبيان طبيعة استقلال النيابة فى مواجهة السلطة التنفيذية التى أشار التقرير أنها تجمعها بها صلات وثيقة فإننا يجب أن نميز بين الأعمال القضائية والأعمال الادارية التى تباشرها النيابة العامة كالتالي(2):

* استقر القضاء العادي المصرى الحديث على التفرقة بين أعمال النيابة العامة ذات الصبغة القضائية وأعمالها ذات الطابع الادارى، ومن ذلك ما قررته محكمة استئناف الاسكندرية بالحكم الصادر فى 19/11/1946 بأن ' إجراءات التحقيق وما يتخذ فيه من قرارات تعتبر إجراءات قضائية لا يمكن مناقشتها إلا عن طريق مخاصمة القضاة، أما الاجراءات الخاصة بتنفيذ الأحكام فقد اعتبرتها المحكمة إجراءات إدارية يجوز النظر فى تقدير المسئولية فيها عن طريق الدعاوى الادارية العادية'.

وهو ما أكده حكم محكمة القاهرة الابتدائية الصادر فى 20/10/1958، والذى جاء به ' أن اختصاص النيابة  العامة بإصدار القرارات الادارية فى عملها الادارى يجد له سنداً فى أنها شعبة من السلطة التنفيذية التى من شأنها أن تعمل على منع وقوع الجرائم، واختصاصها بذلك عام، أما اختصاص النيابة القضائى فهو محدد بنصوص معينة وذلك مراعاة لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، بحيث لا تتعدى كل سلطة على الأخرى إلا فيما استثنى بنص خاص'.

* وقد أقر قضاء مجلس الدولة المصرى هذه التفرقة ومن بين الأحكام العديدة الصادرة فى هذا المجال نذكر حكم المحكمة الادارية العليا فى 10/6/1978، والذى جاء به 'قضاء هذه المحكمة جرى على أن النيابة العامة هى فى حقيقة الأمر شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية تجمع بين طرف من السلطة القضائية وآخر من السلطة الادارية خصتها القوانين بصفتها أمينة على الدعوى العمومية بأعمال من صميم الأعمال القضائية وهى تلك التى تتصل باجراءات التحقيق والاتهام كالقبض على المتهمين وحبسهم وتفتيش منازلهم ورفع الدعوى العمومية ومباشرتها أو حفظها إلى غير ذلك من الاجراءات المنصوص عليها فى قانون الاجراءات الجنائية وغيره من القوانين، وهذه التصرفات تعد من الأعمال القضائية التى تخرج عن دائرة رقابة المشروعية التى يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بمباشرتها على القرارات الادارية، أما التصرفات الأخرى التى تباشرها النيابة العامة خارج نطاق هذه الأعمال القضائية فإنها تصدر عن النيابة العامة بصفتها سلطة إدارية وتخضع تصرفاتها فى هذا المجال لرقابة المشروعية التى للقضاء الادارى على القرارات الادارية متى توافرت لها مقومات القرارات الادارية بمعناه الاصطلاحي المقرر قانوناً(1).

* أردنا من هذا العرض الموجز بيان طبيعة العلاقة بين النيابة العامة والشرطة التى يسودها كل احترام متبادل لاختصاصات كل منهما للأخر، ولا يعنى هذا الاحترام أن يتحول إلى ود يعرض مبدأ المشروعية للإهدار.

- فطبقاً للمادتين 85، 86 من قانون تنظيم السجون فإن الاختصاصات الممنوحة للنائب العام ووكلائه ورؤساء محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية فى الاشراف على السجون، تنقسم إلى أعمال قضائية وأعمال إدارية على التفصيل السابق بيانه، وحين تمارس الأعمال القضائية بصدد الإشراف على السجون فإنها تتمتع باستقلال تام عن أعمال السلطة التنفيذية تطبيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات ومن هذه الأعمال التحقيقات التى تتم عند التفتيش المفاجئ على السجون بمناسبة الإبلاغ عن وجود محبوس أو محجوز بصفة قانونية
فى تلك الأماكن(1)، وكذا شكاوى المسجونين التى تقدم كتابة أو شفاهه بشأن تعرضهم لأى نوع من أنواع الأوامر البدني أو النفسي.

- أما بالنسبة للأعمال الادارية التى تقوم بها النيابة العامة بمناسبة التفتيش على السجون فتكون علاقة النيابة العامة بمأموري الضبط القضائى الوارد بيانهم بالمادة 23/ب/3 من قانون الاجراءات الجنائية (ضباط مصلحة السجون) هى علاقة إشرافية طبقاً للمادة (27) من قانون السلطة القضائية والمادة (22) من قانون الاجراءات الجنائية وذلك رداً على ما ادعاه التقرير من أن النيابة العامة لا تتمتع بالاستقلال الكافى عن السلطة التنفيذية بوجه عام.

ب- ضوابط اتصال رجال الأمن بالمحبوسين احتياطياً والمعتقلين:

تتعلق هذه الجزئية بضرورة شرح ماهية الضبط القضائى وسلطاته وواجباته، والواقع أن تلك الأمور لا تغيب عن فطنة طالب حديث التخرج من إحدى كليات دراسة القانون ولكن أردنا التنويه للرد على التقرير الذى جاء به 'أن نصوص قانونى الاجراءات الجنائية والسجون تعتبر مجرد لغو فى حالات عديدة تؤكدها تقارير منظمات حقوق الإنسان وخاصة فى قضايا أمن الدول التى لا يتم فيها الاحتجاز غير القانونى فقط، وإنما يتاح لضباط هذا الجهاز دخول السجون وإجراء استجوابات جديدة بهدف انتزاع اعترافات تستخدم فيها طرق كثيرة للتعذيب'.

- فأفراد الضبط القضائى هم أشخاص منحهم المشرع هذه الصفة وخولهم بموجبها حقوقاً وفرض عليهم بعض الواجبات التى تتعلق بالدعوى الجنائية، ويتعين فى بادئ الأمر التفرقة بينهم وبين أفراد الضبط الادارى(2).

وأفراد الضبط الادارى هم المنوط بهم حفظ الأمن ويتمثلون فى جميع أفراد قوة الشرطة من ضباط وجنود ومجندين وخفراء، ووظيفة الضبط الادارى هى حفظ الأمن، أى أن مهمتهم منع الجرائم قبل وقوعها وهم يتخذون مختلف الوسائل التى تحقق هذا الغرض فيقومون بالتحريات المختلفة مستعينين بأعوانهم من موظفي المباحث ومخبرين ومرشدين ويرتبون الدوريات لمراقبة حالة الأمن فى البلاد ليلاً ونهاراً ويراقبون المشتبه فى أمرهم خشية مقارفتهم الجرائم، وهو ما نص عليه الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية صراحة فى المادة 184/2 بأنه 'تؤدى الشرطة واجبها فى خدمة الشعب، وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن، وتسهر على حفظ النظام والأمن العام والأداب وتتولى تنفيذ ما تفرضها عليها القوانين واللوائح من واجبات وذلك كله على الوجه المبين بالقانون'.

- وتختلف ماهية أفراد الضبط القضائى عن هذا التعميم الوارد فى تعريف أفراد الضبط الادارى.

- فلم يخول القانون جميع أفراد الضبط الادارى صفة الضبط القضائى لأن إضفاءها عليهم يقتضي منحهم سلطات تمس حقوق الأفراد الشخصية، وهذا مما ينبغى معه أن لا تخول إلا لأناس لهم من الصفات والمميزات ما يطمئن معه إلى حسن استعمال تلك السلطات.

- لذا نجد أن المشرع قد حدد أفراد الضبط القضائى على سبيل الحصر وذلك بما جاء بالمادة (23) من قانون الاجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 26 لسنة 1971 على أنه(1):

أ) يكون من مأمورى الضبط القضائى فى دوائر اختصاصهم:

(1) أعضاء النيابة العامة ومعاونوها.

(2) ضباط الشرطة وأمناؤها والكونستبلات والمساعدون.

(3) رؤساء الشرطة.

(4) العمد ومشايخ الخفراء.

(5) نظار ووكلاء محطات السكك الحديدية الحكومية.

- ولمديري أمن المحافظات ومفتشي مصلحة التفتيش العام بوزارة الداخلية أن يؤدوا الأعمال التى تقوم بها مأمورو الضبط القضائى فى دوائر اختصاصهم.

ب) ويكون من مأمورى الضبط القضائى فى جميع أنحاء الجمهورية:

(1) مديرو وضباط إدارة المباحث العامة بوزارة الداخلية وفروعها بمديريات الأمن.

(2) مديرو الإدارات والأقسام ورؤساء المكاتب والمفتشون والضباط وأمناء الشرطة والكونستبلات والمساعدون وباحثات الشرطة العاملون بمصلحة الأمن العام وفى شعب البحث الجنائى بمديريات الأمن.

(3) ضباط مصلحة السجون.

(4) مدير الادارة العامة لشرطة السكة الحديد والنقل والمواصلات وضباط هذه الادارة.

(5) قائد وضباط أساس هجانة الشرطة.

(6) مفتشو وزارة السياحة.

- وتلك الفئات المحددة على سبيل الحصر والالزام تبدأ علمها بعد وقوع الجريمة فمهمتهم هى البحث عن الجرائم والتحقق منها ثم إجراء التحريات وجمع الاستدلالات المختلفة لمعرفة مرتكبيها بغية التوصل من هذا الطريق إلى مباشرة الدعوى الجنائية ضد الفاعل، وهو ما نصت عليه المادة (21) من قانون الاجراءات الجنائية بأنه 'يقوم مأمورو الضبط القضائى بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التى تلزم للتحقيق والدعوى'.

- وعلى ذلك فضباط جهاز المباحث العامة (أو جهاز أمن الدولة كما ورد بالتقرير) منحهم القانون صفتين، فهم أولا من أفراد الضبط الادارى على التعميم الوارد لهذا الوصف، كما أنهم من أفراد الضبط القضائى فى جميع أنحاء الجمهورية على التخصيص الوارد بالمادة 23/ ب/1 من قانون الاجراءات الجنائية، ولهم بهاتين الصفتين سلطة إجراء التحريات والمراقبة فى مرحلة ما قبل وقوع الجرائم بصفتهم الأولى كما لهم سلطة تلقى البلاغات وجمع الاستدلالات التى تلزم للتحقيق والدعوى بصفتهم الثانية.

- ولبيان مشروعية دخول هؤلاء الأفراد للسجون يجب أن نتعرض بالشرح لطبيعة الاعتقال والحبس الاحتياطى والعقوبات السالبة للحرية (وهى الحالات التى تمثلها فئات المحتجزين بالسجون).

- أما الاعتقال فهو إجراء تتخذه سلطة الضبط الادارى بناء على الاشتباه فى شخص ما أو بسبب خطورته على الأمن والنظام العام وفقاً للقانون، ويؤدى إلى تقييد حرية الشخص عن طريق جهة الادارة حيث تأمر به السلطة التنفيذية دون تحقيق سابق ودون أن تكون هناك جريمة منسوبة إلى الشخص المعتقل، حيث يستند الاعتقال على توفر خطورة فى الشخص، وهى مجرد صفة تلحق به قد تنبئ عنها وقائع من ماضيه أو حاضرة أو تحريات تفصح عن ميوله واتجاهاته(1).

- وبالنسبة للحبس الاحتياطى(2)، فهو إجراء أمن وإجراء تحقيق وضمان لتنفيذ الحكم، فكون الحبس الاحتياطى إجراء أمن فيتمثل فى إرضاء جزئي لشعور المجنى عليه بل هو حماية للمتهم نفسه من الاعتداء عليه، وكونه إجراء تحقيق يبدو فى أنه يجعل المتهم دائماً فى متناول يد المحقق فيمكنه فى أى وقت من استجوابه ومواجهته بمختلف الشهود (وهو ما درجت عليه قرارات النيابة بالنص على الحبس الاحتياطى على ذمة التحقيق أو على ذمة النيابة) الأمر الذى يؤدى إلى إنجاز الاجراءات الجنائية والوصول إلى الحقيقة لمعاقبة الفاعل طبقاً للقانون، وأخيراً فإنه ضمان لتنفيذ الحكم إذا ما صدر على المتهم بالادانة.

- ويعتبر إجراء الحبس الاحتياطى من أعمال النيابة العامة ذات الطبيعة القضائية والتى تتصل بإجراء التحقيق ورفع الدعوى العمومية ومباشرتها(3).

أما بالنسبة للعقوبات المقيدة للحرية فتنفذ فى السجون المعدة لذلك بمقتضى أمر يصدر من النيابة العامة على النموذج الذى يقرره وزير العدل، أى أن النيابة العامة فى مرحلة التنفيذ القضائى للأحكام الصادرة بتقييد الحرية تقوم بدور قضائى كاشف للأحكام القضائية الصادرة لهذه العقوبة، ولها فى سبيل التحقق من تنفيذ هذا الأمر، الاشراف على السجون (والمقرر بموجب المادتين 85، 86 من قانون السجون) للتأكد من أن أوامر النيابة وقرارات المحاكم يجرى تنفيذها على الوجه المبين فيها وأنه لا يوجد شخص مسجون بغير وجه قانونى(1).

- وطبقاً للعرض السابق فإننا يمكننا تفسير وتحليل القواعد الواردة بالمادة (140) من قانون الاجراءات الجنائية والمادتين 20، 79 من قانون السجون.

- فالحظر الوارد بالمادة 140 أ.ج، والمادة 79 من قانون السجون يدل على أن هذا المنع قاصر على المحبوس احتياطياً داخل السجن على ذمة القضية ذاتها (أى أن يكون الاتصال متعلق بالقضية التى يجرى التحقيق فيها) وذلك سدا لذريعة التأثير عليهم ومنعاً لمظنة إكراههم على الاعتراف وهم فى قبضة السلطة العامة، ولا كذلك من كان محبوساً حبساً تنفيذياً على ذمة قضية أخرى(2). والقياس على حالة المعتقل بالمحبوس احتياطياً تطبيقاً للحظر المشار إليه اعتماداً على نص المادة (20) من قانون السجون، ليدل على عدم التفسير المنطقى للأمور والحالة القانونية الواقعية لكل منهما، فالمعاملة المشار إليها بالمادة (20) من قانون السجون تعنى مكان الحبس وتقسيم فئات المحبوسين وملابسهم والأغذية والمراسلة والزيارات والشغل والحالة المعيشية والعقوبات التأديبية.

أما فيما يختص بسلطات وواجبات مأمورى الضبط الادارى والقضائي وواجباتهم فالأمر يختلف فى كل من الحالات السابقة.

- فكما ذكرنا أن الغاية من حظر اتصال رجال السلطة بالمحبوسين احتياطياً أو المحبوسين حبساً تنفيذيا هو عدم التأثير عليهم فى تحقيقات لجرائم وقعت بالفعل، وحين يباشر سلطات الضبط عملهم بالنسبة لهذه القضايا فإنما يباشرونها باعتبارهم من أفراد الضبط القضائى، وهم بهذه الصفة يعملون تحت اشراف النيابة العامة وسلطاتها المقررة فى مباشرة التحقيق، وعلى ذلك يلزم الاذن السابق من النيابة العامة إذا ما رغبوا فى القيام بجمع الاستدلالات اللازمة لتلك التحقيقات.

- أما إذا تعلق الأمر بالتحريات والاجراءات التى يقوم بها أفراد الضبط الادارى لمنع وقوع الجرائم فنفرق فى هذه الحالة بين المعتقل والمحبوس احتياطياً.

- فحالة جمع المعلومات واجراء التحريات بالاتصال بالمحبوس احتياطيا يرد عليها حظر عام طبقاً لما ورد بالمادة (20) من قانون السجون، وفى هذه الحالة يلزم الاذن المسبق من النيابة العامة لاجراء هذا الاتصال حتى ولو لم يكن متعلقاً بالتحقيقات التى تجريها النيابة العامة فى القضية محل الحبس الاحتياطى.

- وبالنسبة للمعتقل الذى لا يكون محلاً لأى تحقيقات تجريها النيابة العامة، فإن سلطة أفراد الضبط الادراى لا تغل فى إجراء التحريات وجمع المعلومات اللازمة لمنع وقوع الجرائم ولا يحتاج الأمر فى هذه الحالة إلى استصدار إذن مسبق لاجراء الاتصال بالمعتقلين ما ورد يسرى عليها القواعد الادارية المتبعة فى دخول السجون بصفة عامة، ويكون إشراف النيابة فى هذه الحالة من قبل الأطراف الادارية السابق عرضها تفصيلاً فى هذه الدراسة، ولا يعنى هذا الكلام أن تكون السجون محلاً للتعذيب من جراء السماح بهذا الاتصال من رجال السلطة العامة بالمعتقلين، فهناك من الضوابط والاجراءات والتعليمات المرعية فى قانون السجون ولائحته التنفيذية وتعليمات إجراءات العمل بالسجون وقواعد المسئولية التأديبية ما تمنع حدوث مثل هذه التجاوزات داخل السجون.

جـ- تطبيقات الرعاية الصحية للمسجونين وفقاً لأحكام القانون:

قبل التطرق لموضوع الرعاية الصحية بالسجون يجب أن أنوه إلى طبيعة عمل مدير إدارة الخدمات الطبية بقطاع السجون الذى يعين من بين الأطباء البشريين المدنيين المتوافر فيهم شروط التعيين بوظائف الادارة العليا وذلك بدرجة مدير عام بموجب المادة (16) من القانون رقم (47) لسنة 1978 التى تنص على (يكون التعيين فى الوظائف العليا بقرار من رئيس الجمهورية، ويكون التعيين فى الوظائف الأخرى بقرار من السلطة المختصة 'الوزير المختص').

وفى تعريف المجموعة النوعية لوظائف الادارة العليا والوارد بقرار الجهاز المركزى للتنظيم والادارة رقم 347 لسنة  1982(1).

جاء به أنها 'تشمل جميع الوظائف التى تكون واجباتها ومسئولياتها القيام بمعاونة الوزير فى مباشرة اختصاصاته أو القيام بمهام الادارة العليا من تخطيط لبرامج العمل وتنظيم وتنسيق الأعمال ومتابعتها وتوجيه الأفراد'.

وتبدأ وظائف المجموعة بدرجة مدير عام وتتدرج وفقاً لتقييم الوظائف بالجدول المعتمد.

 

- وقد ورد بذات القرار أمثلة لمجالات أعمال وظائف هذه المجموعة ما يلى:

* وضع السياسات والخطط العامة للوحدة وإصدار القرارات المتعلقة بها.

* اعتماد برامج العمل وخططه.

* الاعتماد النهائي للأعمال كلها أو بعضها.

* متابعة نتائج تنفيذ الأعمال.

* التخطيط العام لبرامج العمل.

* توجيه الأفراد والتنسيق والرقابة على التنفيذ.

- من هذا العرض يبين أن العمل الطبى بقطاع السجون لا يخضع لتوجيه ورقابة قيادات هذا القطاع بقدر ما يخضع لرقابة وإشراف مباشر من وزير الداخلية (بالنسبة للأعمال الادارية)، ووزير الصحة (بالنسبة للأعمال الفنية)، والنيابة العامة (فيما يتعلق بالقيام باجراءات التمهيد لعمل الطب الشرعى والاشتراك فى اللجان المشتركة لاجراء الكشف على المسجونين المقرر الافراج عنهم أو نقلهم أو إيداعهم إحدى مصحات العلاج المختلفة لأسباب صحية).

- واظننى قد أوضحت لمحرري تقرير مركز حقوق الإنسان طبيعة العمل  فى المجال الطبى بالسجون والذى نستنتج منه أن أعمال الأطباء سواء الضباط أو المدنيين لا تخضع لرقابة وتعليمات رؤسائهم بقدر ما تخضع لرقابة وتعليمات مدير إدارة الخدمات الطبيعة الذى يتمتع باستقلال تام عن سلطات تنظيم وإدارة السجون فى مصر.

- إلا أنى أود أن أوضح بإيجاز شديد أنواع الرقابة التى تتم على أداء الجهاز العقابى فى مصر بصفة عامة والعمل الطبى بالسجون بصفة خاصة، بالاضافة إلى ما ورد ذكره فى هذه الدراسة عن اشراف النيابة العامة القضائى والإداري على السجون.

- فقطاع السجون حاله كأي جهاز إدارى آخر فى الدولة يخضع لجميع أنواع الرقابة المقررة على أداء الأجهزة الادارية، فعن طريق هذه الرقابة يشعر عمال الأجهزة الادارية أنهم ليسوا أحرارا طلقاء فيما يفعلون أو يتصرفون، وتلزمهم باحترام القانون بمعناه الواسع وإلا كانوا عرضة للوقوع فى دائرة المسئولية سواء الجنائية أو التأديبية أو الادارية.

- فهو أولاً يخضع للرقابة الرئاسية سواء الرقابة السابقة المتمثلة فى اختيار العاملين بالوحدة والتعليمات والمنشورات المتعقلة بتنظيم العمل من الأجهزة المختصة والمعنية بتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية، أو الرقابة الرئاسية اللاحقة والمتمثلة فى تقييم الأداء وسلطة التأديب (والتى يقوم بها قطاع التفتيش والرقابة الذى يخضع لوزير الداخلية مباشرة).

- كما يخضع العمل فى السجون لرقابة الأجهزة المتخصصة فى الدولة التى تعمل باستقلال وحياد تام والمتمثلة فى: الجهاز المركزى للمحاسبات، النيابة الادارية، الرقابة الادارية، النيابة العامة (على التفصيل السابق ذكره بالنسبة للأعمال القضائية أو الادارية)، مديريات الصحة بالمحافظات.

- ويخضع أيضاً قطاع السجون لأقوى أنواع الرقابة والتى تمثل اتجاهات الرأى العام والمتمثلة فى الرقابة الشعبية سواء تلك التى يباشرها جمهور المواطنين عن طريق تعامله مع القطاع فى نطاق السجون لأى سبب، أو من خلال وسائل الاعلام المختلفة كالصحافة والأجهزة المرئية والمسموعة، أو من خلال التنظيمات السياسية التى ينتمى إليها مثل الأحزاب السياسية والمجالس الشعبية.

- وأخيراً يخضع قطاع السجون للرقابة القضائية التى تمثل حصناً منيعاً للأفراد لحماية الحقوق والحريات وملاذاً أساسياً لطلب العدل والانصاف وضمانه فعالة لسيادة الشرعية القانونية.

- وبعد هذا العرض الموجز بدون تفصيل فرعياته التى تحتاج لمساحة تنأى بها هذه الدراسة، فإنني اعتقد أن كل أنواع الرقابة المذكورة التى يخضع لها قطاع السجون فى أداؤه لم تسفر عن حالة واحدة نستنتج منها أن أطباء السجون (سواء الضباط أو المدنيين) يقومون بتعذيب المسجونين بأنفسهم، فهذا محل افتراء واضح لا يرتكن إلى أى أساس منطقى، كما أنه يتنافى مع طبيعة هذه المهنة السامية التى اختصها الله بصفة من صفاته ألا وهى صفة الرحمة، وفى نفس الوقت فإن آليات الرقابة المتعددة على أداء قطاع السجون لم ترصد حالات التعذيب التى تمارس على نطاق واسعد (كما ذكر التقرير) بالسجون، وإنما العكس هو الصحيح تماماً، ولا أدل على ذلك تقارير وفود منظمات حقوق الإنسان (الحكومية وشبه الحكومية) التى زارت السجون المصرية فى مناسبات متعددة، وكذا تقارير منظمات الصحة العالمية واليونيسيف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كلها تؤكد أن السجون المصرية وصلت إلى حالة من التقدم والرقى الذى يضعها بين أفضل المؤسسات العقابية فى المجتمع الدولى التى تعمل على تعزيز واحترام حقوق الإنسان.

د- الرقابة القضائية على قرارات منع  الزيارة عن بعض السجون:

أورد تقرير مركز حقوق الإنسان تحت عنوان 'السجون المغلقة واحترام أحكام القضاء بفتحها أمام الزيارة 'ثمانية سطور رغم قلة ما ورد بها إلا أنها تتعاظم فى كشف هوية محررها سواء من عدم إلمامه بكثير من مبادئ القوانين (العادية- الادارية)، أو فى ترديده لبعض الآراء الواردة فى كتب الفقه القانونى المصرى المعاصر بدون معرفة أساس تلك الآراء، وأخيراً عدم اطلاعه على أحكام التدرج فى قوة القرارات الادارية كأحد وسائل الادارة فى استخدام سلطة إصدار اللوائح التنظيمية (والتى تعتبر أحد مصادر القانون الأصلية فى النظام القانونى المصرى) لمواجهة أى ظروف أمنية تمر بها البلاد والذى يكون ركن السبب فى تلك القرارات.

- والواقع يا أخي يا محرر تقرير مركز حقوق الإنسان، فإنه للرد على الثمانية سطور التى أوردتها تحت العنوان الذى أشرت إليه، فالأمر يحتاج لكتابة مؤلف بالكامل يتناول جميع الموضوعات التى أثرتها فى تلك الكلمات، أو الموضوعات التى يتم فهمها من بين تلك السطور.

- ولكنني سأحاول توضيح الأمر من خلال العرض الموجز التالى:

* السبب الرئيسى فى لجوء جهة الادارة إلى إصدار قرارات إدارية بمنع الزيارة عن بعض عناصر المعتقلين يرجع إلى اكتشاف حالات عديدة تتمثل فى صدور تكليفات من العناصر الارهابية القيادية والمودعة بالسجون أثناء فترات الزيارة بهدف ارتكاب جرائم وعمليات عدائية جديدة ومستمرة توجه للمنشآت الهامة والشخصيات العامة ورجال الشرطة، ومنعكس ذلك مدى التأثير السلبي على الأمن القومى فى المجتمع كما تعلمون، تلك الحالات التى لا تحتاج منا إلى شرح أو تفصيل فهى معلومة للكافة ومعلوم أيضاً لهم نتائجها.

* وإذا كان الأمر كذلك فإن منع الزيارة عن بعض المعتقلين يدخل فى إطار التدابير الأمنية الواجب اتخاذها لمنع ما قد يخل بالأمن أو النظام العام فى أراضى الجمهورية، وبالتالى فإنه يجوز لسلطات الطوارئ اتخاذ مثل هذا التدبير بناء على المادة 3/1 من القانون رقم 162 لسنة 1958 (والمعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972) والتى تتيح لسلطة الطوارئ وضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والاقامة ، وأيضاً الفقرة السادسة من ذات المادة التى تتيح عزل بعض المناطق (والعزل يعنى عدم الاتصال بمن يتواجد بمنطقة العزل) فإذا ما اتخذت سلطة الطوارئ تلك التدابير بموجب أحكام قانون الطوارئ فإن التظلم منها ينعقد لمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ 'تطبيقاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم  (50 لسنة 1982).

- ولكن يا أخي محرر التقرير أود أن أوضح أمراً يغيب عن ذهن الكثيرين حتى من يهتم منهم بالمجالات القانونية أن وزارة الداخلية إيماناً منها بعدم التوسع فى السلطات الاستثنائية لكفالة الحقوق والحريات قدر الإمكان بما لا يتعارض مع الاخلال بالأمن والنظام العام والتزاماً منها بالعهد الذى قطعته على نفسها أمام مجلس الشعب بعدم اللجوء إلى الاجراءات الاستثنائية إلا بالقدر الذى يتيح لها المحافظة على الأمن والنظام العام واقتصارها فقط لمواجهة بعض الجرائم ذات النتائج السلبية الشديدة على الأمن القومى والمحصورة فى جرائم الإرهاب والمخدرات فقد أبت على نفسها أن تلجأ لتلك التدابير (منع الزيارة عن السجون) باستخدام سلطتها الاستثنائية فكان اتخاذ التدابير بموجب المادة رقم (42) من قانون تنظيم السجون والتى تجيز منع الزيارة منعاً مطلقاً أو مقيداً بالنسبة للظروف فى أوقات معينة وذلك لأسباب صحية أو متعلقة بالأمن وبالتالى استخدمت سلطتها التقديرية الادارية العادية دون سلطتها الاستثنائية فانعقد الاختصاص لمراقبة تلك القرارات للقضاء الادارى إلغاءاً وتعويضاً(1)، وهو الأمر الذى استهدفته وزارة الداخلية من تطبيق المادة (42) من قانون السجون دون اللجوء إلى سلطاتها الاستثنائية المقررة بموجب قانون الطوارئ رغم تعاظم الأسباب التى تدعوها إلى اتخاذ مثل هذه التدابير.

* جاء بالتقرير عبارة وددت لو لم أتطرق إليها بالبحث لأنها وإن كانت تثير بعض المناقشات القانونية فى مجال تنازع الاختصاص القضائى إلا أن محرر التقرير لجأ لعبارات لا تتفق وتقاليد وآداب مهنة المحاماة لزملاء له فى هذه المهنة أخذوا على عاتقهم مسئولية الدفاع عن الدولة (حيث أن حق الدفاع مكفول للكافة طبقاً لأحكام الدستور) فقد جاء بالتقرير 'أن مركز حقوق الإنسان حصل على عشرات الأحكام بفتح هذه السجون، وغالباً ما كان مصير هذه الأحكام هو تجاهلها التام، بل أن محامى الحكومة كانوا كثيراً ما يلجأون لحيل قانونية غير مشروعة لوضع العراقيل أمام هذه الأحكام مثل عمل استشكالات بالتنفيذ أمام محاكم غير مختصة' وقبل أن أتعرض بالبحث القانونى لهذا الموضوع فإنني أقدم لمحرر هذا التقرير مقولة شيخ المحامين والقضاة عبد العزيز باشا فهمي فى نصائحه للمحاميين(2) 'يجب أن يستزيد المحامى من علم أستاذة وينقب ويبحث وأن يكون ملتزماً فى سلوكه المهني والشخصي بمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة وأن يلتزم بلوائح وأداب المحاماة وأن يتسامى بهذه العلاقة إلى درجة التقديس باعتبار أن كرامة المحاماة لا تتجزأ وأن يكون هذا المبدأ نبراساً له وهادياً، وأن يحترم الصغير الكبير، ومن لا كبير له ليبحث له عن كبير يتخذه رائداً ومعلماً، وعليه وهو فى مشارف الخطى إلى المحاماة أن يقرأ فى واجبات المحامى بعد قراءته لحقوقه بما لا يخرج به عن إطار هذه الحقوق وألا يكون القسم وحده هو مدخله'.

- أما فيما يتعلق بالأساس القانونى لمسألة إقامة الاستشكالات بالتنفيذ أمام محاكم غير مختصة (ويقصد بها التقرير المحاكم العادية) فإن هذا الأمر يدخل فى نطاق البحث عن مدى اختصاص قاضى التنفيذ الادارى بنظر إشكالات التنفيذ، نظراً لخلو قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 من نظام قاضى التنفيذ أو نظام القضاء المستعجل للفصل فى منازعات التنفيذ التى قد تثار بصدد تنفيذ أحكام القضاء الادارى(1)، ونظام قاضى التنفيذ المأخوذ به فى قانون المرافعات المدنية والتجارية، يقصد به إشرافه الفعلى المباشر على إجراءات التنفيذ ومنازعات التنفيذ، وهذا الاختصاص يعتبر اختصاص نوعى من النظام العام، وطبقاً لذلك يختص قاضى التنفيذ دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية بوصفة قاضياً للأمور المستعجلة، وحيث تنص المادة الثالثة من مواد إصدار قانون مجلس الدولة على أن تطبق الاجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالاجراءات الخاصة بالقسم القضائى.

- لذا ومما تم عرضه باختصار شديد فإنه قد يحدث لبس فى الاجراءات التى يتم اتخاذها للاستشكال فى تنفيذ الأحكام الوقتية الادارية، فمجرد الاكتفاء فى قانون مجلس الدولة على تحديد الجهة المختصة بنظر المنازعات الموضوعية أو الوقتية بمناسبة تنفيذ الأحكام الادارية التى تختص بها جهة القضاء الادارى، لا تنفى أهمية تحديد إجراءات اللجوء إلى القضاء الادارى الوقتي والموضوعي مع تحديد اختصاصاته فى ظل انعقاد الاختصاص للقضاء العادي بنظر الأحكام الادارية المنفذ بها على المال أو مآلها التنفيذ على المال سواء كان سبب الإشكال متعلق باعتراض وقتي أم باعتراض موضوعي.

* هذا هو الأساس القانونى السليم يا أخي يا محرر التقرير وأظن هذا الأمر لا يرجع إلى التحايل القانونى بطرق غير مشروعة والتى يقوم بها محامى الحكومة كما ادعيت فكان يجب أن تكون مطالبتك باستصدار قانون لنظام الاجراءات الخاصة بالقسم القضائى فى مجلس الدولة لتلافى السلبيات التى تنتج عن عدم تحديد هذا النظام خاصة ما يتعلق منها بالرقابة على أعمال الادارة فى مجال الحقوق والحريات.

* وختاماً لعرض هذا الموضوع فإن المادة (52) من قانون مجلس الدولة تنص على 'تسرى فى شأن جميع الأحكام القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة' كما تنص المادة (54) من ذات القانون على أن 'الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون صورتها التنفيذية مشمولة بالصيغة الآتية: 'على الجهة التى يناط بها التنفيذ أن تبادر باستعمال القوة متى طلب إليها ذلك'.

- وفى حالة حصول صاحب المصلحة على الصيغة التنفيذية للحكم الادارى وتقديمه لجهة الادارة لإلزامها به فإن تقاعس الأخيرة عن التنفيذ يؤدى إلى التطبيق الفورى لنص المادة 123 من قانون العقوبات التى جاء بها 'يعاقب بالحبس والعزل أى موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته فى وقف الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين اللوائح أوتأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة.

- وكذلك يعاقب بالحبس والعزل أى موظف عمومي امتنع عمداً عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضى ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً فى الاختصاص الموظف، ويعتبر هذا النص الوارد فى قانون العقوبات هو الاستثناء الوحيد على مبدأ حظر تحريك الدعوى المباشرة من المدعى بالحق المدنى ضد الموظف العام لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها (على التفصيل الذى سيرد فيما بعد عند التعرض لآليات مناهضة التعذيب فى القانون الداخلى).

- وفى هذا الصدد أعرض لمحرر التقرير بعض الأحكام الوقتية أو النهائية الصادرة بوقف تنفيذ القرار الصادر بمنع الزيارة عن بعض العناصر كأمثلة للأحكام التى تم تنفيذها خلال عام 2001 فقط (وليست كل الأحكام المنفذة) وهى الأحكام التى توافر فيها شروط الحكم القابل للتنفيذ طبقاً لنصوص مجلس الدولة التى أشرت إليها.
 

مسلسل

اسم المسجون الصادر لصالحة الحكم

رقم الدعوى

1

رمزي محمود صالح

18/54ق

2

عادل على عثمان

2414/49ق

3

خليفة عبد العظيم

2414/49ق

4

محسن على مرسى شحاته

2414/49ق

5

عمرو محمد عبد المنعم محمد

1707/53ق

6

عطية سليمان السيد

767/54ق

7

بدوي على عثمان

13/54ق

8

محمد أحمد مراد أبو الحسن

11376/54ق

9

القذافي عبد الرازق عطية

773/54ق

10

بدوي مخلوف حسين عبد الكريم

9650/53ق

11

ناصر شعبان صادق طلبه

5827/48ق

12

طارق السيد مصيلحى

5267/50ق

13

حسام محمود محمد عبد اللطيف

11/98ق

14

مؤمن محمد نافع على

1218/54ق

15

إبراهيم محمد حامد عثمان

17/54ق

16

جمعه السيد سليمان رمضان

10758/53ق

17

ياسر السيد شعبان

9791/54ق

18

عمرو إبراهيم أحمد أدم

11378/53ق

19

مطراوى فاروق زكى محمود

1070/53ق

20

يحيى على عبد الحميد

10759/53ق

21

أحمد عبد المقصود السيد

10709/53ق

22

سيد محمد سالم طاهر

1219/54ق

23

أسامة محمد عثمان محمد غزال

1358/54ق

24

تهامى أحمد عبد الله أحمد شلبى

4562/47ق

 


  محمد عبد الرحمن    عدد المشاركات   >>  21              التاريخ   >>  13/2/2004



2- الآثار القانونية للتصديق على المعاهدات الدولية (الوضع فى مصر):

جاء بتقرير مركز حقوق الإنسان أن فكرة احترام التعهدات الدولية والتزامات الدولة الديمقراطية أكثر بكثير من ذلك العمل الروتيني المتمثل فى مجرد تقرير دوري يسلم للجان الدولية المعنية دون اتخاذ خطوات جديه فى سبيل تعديل تشريعاته، وذلك بالإشارة إلى عدم انضمام مصر للمادتين 20، 21 من اتفاقية مناهضة التعذيب الصادرة عام 1984.

- وسوف نعرض بالتفصيل فى الجزء الثانى من هذه الدراسة وضعية أحكام القانون الدولى فى النظام القانونى الداخلى وكيفية تطبيقه ليس فى مجال أحكام القانون الدولى الاتفاقى فقط ولكن أيضاً فى مجال القانون الدولى العرفى.

- أما مسألة التصديق على المعاهدات فتحتاج منا وقفه لبيان الوضع فى مصر بالنسبة للآثار القانونية المترتبة على هذا التصديق(1).

فقد جرى العرف الدولى على أن المعاهدات بالمعنى الدقيق للكلمة- لا تصبح نافذة أو سارية فى مواجهة أطرافها بمجرد التوقيع عليها بواسطة ممثل الدولة، وإنما يلزم لنفاذها وسريان مفعولها القيام باجراءا لاحق من طبيعة وطنية أو داخلية يسمى التصديق.

ويترتب على إتمام التصديق أن تصبح المعاهدة ذات وجود قانونى ملزم لأطرافها فى الموضوع الذى تنظمه ومن هذا التاريخ يجب على الدول والمنظمات التى أتمت إجراءات التصديق أن تنفذ المعاهدة بحسن نية وإذا خالفتها تحملت المسئولية الدولية وتلك قاعدة مستقرة طبقها القضاء الدولى باطراد، والتصديق على هذه الحالة يعتبر اجراء للتعبير الرسمى والنهائى عن ارتضاء الدولة الالتزام بالمعاهدة فى مواجهة أشخاص القانون الآخرين أى أنه إجراء ذو هدف خارجى موجه لمن يهمه الأمر على المستوى الدولى، وهو من هذه الزاوية يفترق عن نشر المعاهدة وإصدارها، حيث أن الإصدار والنشر هو اجراء داخلى هدفه إضفاء صفة القانون على المعاهدة وعلم الناس بها حتى تتقيد بها سلطات الدولة والأفراد على حد سواء باعتبارها قانوناً من قوانين الدولة، فالتصديق شرط لنفاذ المعاهدة على المستوى الداخلى والدولى، أما عن تطبيق الآليات الدولية والمحلية التى تحول دون انتشار التعذيب فى مصر، فسوف نتناولها فى العرض التالى لبيان المناخ الديمقراطى فى مصر الذى يحترم جميع الحقوق والآراء والاتجاهات ولا يتم فيه الحصول على الدليل أو المعلومات إلا بطرق شرعية.

3- طبيعة العلاقة بين الشرطة والمواطنين

(تصحيح المفهوم الخاطئ الوارد بالتقرير عن ثقافة التعذيب…… فى أقسام الشرطة وقبول المواطنين).

اعتمد مركز حقوق الإنسان على مؤشرات تستند إلى خبرات مستمدة من عمل المركز دون الرجوع للدراسات الاجتماعية للتدليل على أن العلاقة بين رجال الشرطة والمواطنين علاقة يشوبها الخوف والفزع كما أشار التقرير فى موضع آخر إلى أن احترام حقوق الإنسان ليس مجرد محاضرات وشهادات روتينية وإنما قبل ذلك سلوكاً اعتيادياً وطبقاً لتوصيتهم فى هذا الشأن يجب أن يتم بحث معضلات تدريب الضباط لتقويم هذا السلوك 

- وأتساءل أولاً ما هى خبرة مركز حقوق الإنسان التى تعطى لنفسها الحق فى تقييم منظومة كاملة تعتمد على أحدث الوسائل التكنولوجية والاجتماعية والعلمية لتحقيق المبدأ المتوازن للعدالة الجنائية إذا كانت هذه الخبرة التى يقصدونها تماثل خبرة محرر التقرير فى الدراسات القانونية! فأنا أعلم علم اليقين الآن أن هذه الخبرة ليست لها أى أساس من الصحة وهو ما يؤدى بى إلى محاولة الأخذ بأيدى هذه الخبرات لأوضح لهم بأسلوب موجز جداً عناصر سيكولوجية وزارة الداخلية التى تعتمد عليها للارتقاء بمستوى الأداء وتحسين البيئة التنظيمية للعمل ومنعكس ذلك التأثير الفاعل فى سلوك العاملين لتحقيق أهداف المنظمة فى التحكم بمعدلات الجريمة مع عدم الاخلال بالحقوق اللصيقة بالشخصية الإسهاب نظراً لأن أى إهدار لتلك الحقوق لها مردود سلبى على أهداف تلك المنظمة العريقة (وزارة الداخلية) ألا وهو تحقيق العدالة فى المجتمع.

- فتعتمد سيكولوجية وزارة الداخلية على تأهيل الكوادر الأمنية للتعامل مع كافة حقوق الإنسان المقررة وفقاً للقانون أو الحقوق اللصيقة بالشخصية الإسهاب (أى الحقوق الطبيعية التى لا تحتاج إلى قوانين لتقريرها)، وذلك بطريقة متوازنة وقانونية، وذلك لما لهذه الحقوق من أهمية كبرى تتجاوز مجرد العمل على حمايتها، فإهدار تلك الحقوق يؤدى أولاً إلى ازدياد معدلات الجريمة (تلك المعدلات التى تمثل الهدف الرئيسى لوزارة الداخلية للتحكم فيها)، ومن جهة أخرى فإن إهدار تلك الحقوق يؤدى إلى فقد الثقة بين المنظمة (وزارة الداخلية) وجمهور المتعاملين معها (جميع أفراد المجتمع المصرى) ومنعكس ذلك أن تفتقد المنظمة الأمنية فى مصر إلى أحد أهم مميزاتها فى الاعتماد على أفراد المجتمع  لمعاونة أجهزة الشرطة فى مجال منع الجريمة وتعقب مرتكبيها

بعد هذا العرض الموجز جداً يا أخى يا محرر التقرير هل لنا أن نتساءل معاً هل يمكن لوزارة الداخلية أن تتخلى عن مبدأ الحفاظ على حقوق الإنسان فى أى جهة شرطية؟ وهل يمكن لها أن تترك الأمور للصدفة فى  إدارة جميع الأماكن الشرطية؟ وهل يمكن لوزارة الداخلية أن تترك بين أفرادها من يعتنق فكر الانتقام والبشاعة مع أى من الخاضعين لاجراء القبض سواء القضائى أو الادارى؟ وهل وزارة الداخلية لا تملك من الوسائل التى تمكنها من منع تلك الممارسات أو حالات السلوك الفردى من تابعيها عند تعاملهم مع جمهور المواطنين؟

- الواقع أنه لكى أجيب عن هذه الأسئلة جميعها لاجعلك ملماً بكافة تفاصيل سيكولوجية وفلسفة العمل الأمنى فى مصر فإن الأمر يستلزم منك أن تتفرغ لى لمدة سنة على الأقل لنتدارس ونبحث معاً من الناحية النظرية والتطبيقية طبيعة هذا الأداء ولكن لتعذر ذلك من ناحيتى على الأقل فإن الأمانة العلمية والوظيفية تحتم على أن أوضح لك بعض المفاهيم التى تغيب عنك.

- يقاس نجاح أى منظمة بقدرتها على إدارة مواردها البشرية، وفى سبيل سعى الوزارة الدائم لاعادة هيكلتها للتوافق مع المتغيرات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدولية، فإن المرحلة الرئيسية لتلك الهيكلة تتمثل فى الإعداد والتحضير والاستعداد لوضع منهاج العمل ودستوره، ولتنامى قدر الاهتمام بضرورة احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فقد تم تشكيل لجنة عليا لحقوق الإنسان تضم عدداً من كبار قيادات وزارة الداخلية ممثل فيها جميع القطاعات المعنية بالاتصال بالجمهور وذلك بهدف نشر وتطبيق مفاهيم حقوق الإنسان لدى كافة أجهزة الوزارة وكوادرها المختلفة مع وضع خطة عامة للوزارة يلتزم بها جميع العاملين باختلاف فئاتهم وتجتمع هذه اللجنة بصفة دورية لقياس مستوى الأداء مع اقتراح أهم الوسائل الكفيلة للقضاء على السلبيات الفردية التى تظهر كل حين كنتاج طبيعى للسلوك الانسانى الذى لا يخلو من العيوب والأخطاء.

- كما تعتمد وزارة الداخلية على متابعة كافة الشكاوى التى تصل لعلمها عن أى طريق سواء عبر أجهزة الاعلام المرئية والمقروءة أو المسموعة، أو عن طريق الشكاوى الفردية أو الشكاوى التى تقدم من الهيئات أو الجهات الحكومية أو الخاصة، ويتم دراسة هذه الشكايات بأسلوب موضوعى والوقوف على حقيقتها واستبعاد ما قد يتعلق بالتشهير أو التشكيك الغير موضوعى والذى لا يعتمد على أساس سليم، أما فى حالة ثبوت أى فعل فيه ما يمس حقوق المواطنين أو غير المواطنين وحرياتهم فإن الوزارة تكفل على عاتقها اتخاذ الاجراءات القانونية الفورية لمساءلة المخالفين سواء عن طريق تحريك المسئولية التأديبية أو الجنائية حسب كل حالة وفى ذلك ما يمثل ردع كافى لباقى العاملين فى ضرورة الالتزام بالنهج والسلوك الذى ارتسمته الوزارة بسياستها العامة.

- أما عن التعليم والتدريب وتأهيل الكوادر بمستوياتها المختلفة على احترام وتعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فإن جهود الوزارة وإجراءتها يمكن عرضها بإيجاز شديد فيما يلى(1):

* تتضمن كافة مناهج خطة الدراسة القانونية فى كلية الشرطة لمجموعات متعددة من حقوق الإنسان، فضلاً عن احتواء مناهج خطة الدراسة الشرطية بالكلية لأهم تلك الحقوق مع التدريب على الاجراءات الشرطية الواجب مراعاتها لحماية تلك الحقوق والحيلولة دون السماح بأى مساس غير قانونى بها (ويمكن الرجوع للمؤلف المعنون 'المنظور الأمنى للعدالة الجنائية' للتعرف على سياسة وزارة الداخلية فى تدريب وتأهيل كوادرها على احترام وتعزيز حقوق الإنسان).

* تتضمن مناهج كلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة فى دبلوماتها المختلفة برامج متكاملة لتأهيل الدراسيين فى مجال حقوق الإنسان خاصة ما يتعلق منها باجراءات الاثبات الجنائى والمشروعية الإجرائية والتشريعات العقابية.

* اهتمام كافة برامج كلية التدريب والتنمية سواء تلك البرامج المخصصة لتأهيل الكوادر من الضباط فى معهدى القادة والتدريب عن طريق الدورات التدريبية للمستويات القيادية والإشرافية والتنفيذية أو تلك البرامج الموضوعة للدورات التخصصية للمعاهد المتخصصة بالنسبة للكوادر من كافة أعضاء هيئة الشرطة من الأفراد وضباط الصف والمندوبين والمساعدين والأمناء، بدراسة موضوع حقوق الإنسان من خلال مجموعة من الأساتذة الجامعيين وقيادات الوزارة المتخصصة فى هذا المجال بهدف تعميق مفهوم حقوق الإنسان لدى جميع المستويات الشرطية.

* استحداث قسم علمى بمركز بحوث الشرطة التابع لأكاديمية الشرطة متخصص فى أبحاث العدالة الجنائية تتركز خطة عمله العلمية حول إثراء الحس الأمنى وتعميقه فى هذا المجال لدى الكوادر الأمنية المختلفة خاصة من طلبة كلية الشرطة والدارسين فى دورات مركز بحوث الشرطة، ويتجسد ذلك كله فى إعداد منهج علمى متكامل يحمل عنوان 'المنظور الأمنى للعدالة الجنائية' أصبح يحتل مكانه هامة فى خطط الدراسة بمختلف المؤسسات التعليمية الأمنية.

* تعظيم قدر اهتمام كافة الأجهزة الأمنية المتخصصة فى مجال منع الجريمة وضبط مرتكبيها بإعداد الدورات التخصصية فى مجال حقوق الإنسان وصيانة حرياتها الأساسية وذلك لتأهيل ضباطها وتدريبهم من منظور تخصص تلك الأجهزة وذلك لمعاونتهم على حسن القيام بدورهم المأمول فى هذا المجال فضلا عما تحققه تلك الأجهزة تنفيذاً لخطة الوزارة فى هذا المجال من تعاون دولى من المنظمات الدولية المتخصصة إثراءاً للدراسات المقارنة ووصولاً إلى أفضل الوسائل الكفيلة بحقوق الإنسان وصيانة حرياته الأساسية.

* هذا يا أخى يا محرر التقرير جزء قليل من كثير يوضح لك مدى اهتمام وزارة الداخلية بتدريب وتأهيل كوادرها المختلفة فى مجال احترام حقوق الإنسان ذلك التدريب الذى طالبت ببحث معضلاته متناسياً أن وزارة الداخلية بها من الكفاءات الفنية والعلمية والتربوية التى لا يغيب عنها تلك الاهتمامات لتطوير الأداء بمنظومة الأمن فى مصر.

المبحث الثانى

آليات مناهضة التعذيب فى النظام القانونى المصرى

قبل التعرض لهذه الآليات التى توضح مدى كفالة احترام حقوق الإنسان بصفة عامة والحماية من التعذيب بصفة خاصة يجب أن نتعرض أولاً للعلاقة بين القانون الدولى والقانون الداخلى لشرح ما قد يكون غامضاً على البعض عند تناول أحكام التشريع المصرى لتنظيم التصرفات القانونية والأعمال المادية ذات الصلة بكفالة الحقوق والحريات.

أولاً: العلاقة بين القانون الدولى والقانون الداخلى(1).

تثور هذه العلاقة عند البحث فى مدى إلزامية قواعد القانون الدولى عند تطبيقها فى نطاق أقاليم الدول بواسطة أشخاص القانون الدولى المخاطبين بأحكامها (الدول- المنظمات الدولية)، فطبيعة القانون الدولى تفرض على الدول التزام الرقابة الذاتية على تنفيذها لالتزاماتها الدولية خاصة فى مجال حقوق الإنسان وذلك عن طريق التوفيق بين قوانينها الداخلية وتلك الالتزامات، ويترتب على ذلك نتيجة هامة مؤداها عدم جواز اللجوء إلى وسائل الرقابة الدولية السياسية والقضائية إلا بعد استنفاذ سائر الوسائل الوطنية التى يمكن عن طريقها حماية حقوق الإنسان المقررة فى القانون الدولى، فإذا ثبت عدم فاعلية الوسائل الوطنية فى تأمين حماية حقوق الإنسان ينشأ حق الدول والأفراد فى الالتجاء إلى الوسائل الدولية(2).

- ويتنازع الفقه الدولى عند التعرض لهذه العلاقة مذهبين، أولهما مبدأ ثنائية القانون،والثانى مبدأ وحدة القانون، ومؤدى مبدأ ثنائية القانون اختلاف النظام القانونى واستقلاله لكل من القانون الدولى والقانون الداخلى حيث يشكل كل منهما نظاماً قانونياً مستقلاً ومنفصلاً عن الأخر ولا يتصور اختلاطهما، وبالتالى فإن القانون الدولى لا ينفذ داخل أى دولة إلا إذا صدر فى صورة تشريع داخلى.

أما مذهب وحدة القانون فيعنى أن القانون الدولى والقانون الداخلى لهما نفس الأساس وينتميان إلى نظام قانونى واحد، إلا أن الأخذ بهذه الفكرة لا يستبعد حدوث تعارض بين كل منهما فى التطبيق، الأمر الذى يثير موضوع أفضلية تطبيق أى منهما، وقد أنقسم أنصار وحدة القانون الدولى إلى فريقين، الأول منهما يرى أن السيادة تكون للقانون الداخلى، والأخذ بهذا الرأى يؤدى إلى وجود تعارض مع القاعدة الأصولية فى القانون الدولى التى تقرر المسئولية الدولية عن أعمال الدول الداخلية المخالفة للقانون الدولى سواء كانت هذه الأعمال صادرة عن سلطاتها التشريعية أو القضائية أو التنفيذية.

أما الرأى الثانى من أنصار مذهب وحدة القانون فيرى أن السيادة يجب أمن تكون للقانون الدولى على أساس أن القانون الداخلى هو الذى يشتق من القانون الدولى وأن الأخير هو الذى له السمو فى التدرج القانونى(1).

- وبعيداً عن هذا الخلاف الفقهى فإننا لبيان مدى إمكانية تطبيق قواعد القانون الدولى فى إطار القانون الداخلى المصرى، يجب أن نفرق بين تطبيق أحكام القانون الدولى العرفى وأحكام القانون الدولى الاتفاقى كالتالى:

أ- تطبيق القانون الدولى الاتفاق فى مصر(2):

باستقراء غالبية الدساتير نجد أنها لا تنص على الاندماج الذاتى للمعاهدات الدولية بعد التصديق عليها فى القانون الداخلى على أساس أن التصديق عمل يقتصر أثره على الدول وأن المعاهدة المصدق عليها لا يعترف بها القانون الداخلى إلا بعد استقباله لها بمقتضى عمل خاص من جانب الدولة ومنفصل عن التصديق(3).

- ولكن يجب التفرقة فى هذا الشأن بين نوعين من المعاهدات بالنظر إلى وجود صلة للأفراد بتلك المعاهدات أو عدم وجود صلة بها وأيضاً مدى اختصاص القاضى بتطبيقها أو عدم تطبيقها.

أما النوع الأول والخاص بالمعاهدات الدولية المتضمنة موضوعات تهم القانون الدولى العام بصفة أساسية مثل المعاهدات السياسية كتحديد الحدود أو الأحلاف العسكرية ونزع السلاح فهذه الأمور تخرج عن نطاق اختصاص القاضى الوطنى لاختصاص المحاكم الدولية بها.

وفى النوع الثانى من المعاهدات الدولية على خلاف النوع الأول سواء كانت تتعلق بموضوعات بحسب طبيعتها تتصل بالقانون الدولى العام من عدمه إلا أنها ذات صلة بحقوق وحريات الأفراد مباشرة ومنها بطبيعة الحال قواعد القانون الدولى الاتفاقى الخاصة بمنع التعذيب، فإن المخاطبين بطريق غير مباشر أو المستفيدين من هذه المعاهدات هنا هم الأفراد أو الأشخاص الطبيعيين والمعنويين بالرغم من أنهم ليسوا أطرافاً فى المعاهدة الدولية، ولا يمكن اعتبارهم أشخاص قانونية دولية بالمعنى الصحيح لهذا المفهوم، ففى هذه الحالة فإن القاضى الوطنى يكون مختصاً بالنظر فى المنازعات الداخلية أو الدولية طبقاً لقواعد اختصاص المنازعات ذات الطابع الدولى ويكون ملزم هنا بتطبيق النصوص الاتفاقية الدولية من أجل حسم النزاع وحماية حقوق الأفراد وحرياتهم.

وهذا النوع الثانى من المعاهدات هو المقصود بنص المادة (151) من دستور جمهورية مصر العربية 1971 والتى نصت على الاندماج الذاتى للمعاهدات التى تصدق عليها مصر ضمن النظام القانونى الداخلى بنصها على 'رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب البيان وتكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة، على أن معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة أو التى تتعلق بحقوق السيادة أو التى تحمل خزائن الدولة شيئاً من النفقات غير الواردة فى الموازنة تجب موافقة مجلس الشعب عليها'.

- وعلى ذلك فإن القاضى الوطنى التزاماً بتطبيق الفقرة الأولى من النص الدستورى المشار إليه يكون ملزم بتطبيق التعريف الوارد للتعذيب بالمادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب الصادرة عام 1984، والتى انضمت إليها مصر بموجب القرار الإيذاء رقم 154 لسنة 1986، والتى انضمت إليها مصر بموجب القرار الإيذاء رقم 154 لسنة 1986 ونشر بالجريدة الرسمية وعمل بها كقانون من قوانين البلاد فى 25/7/1986(1)، وعند تطبيق القاضى الوطنى لأحكام هذه الاتفاقية ضمن القانون الداخلى فلا يمكن بأى حال من الأحوال اعتباره قضاءاً منشئاً، ولكن هو بحسب الأصل قضاء كاشف لأحكام هذه المعاهدة المطبقة كقانون داخلى من قوانين البلاد وبالتالى لا يعتبر اجتهاد من هذا القضاء كما ورد بالتعليق على بعض أحكام القضاء التى حاولت مد نطاق التأثيم فى جرائم التعذيب ليشمل التعذيب المعنوى.

- ولا يقدح فى ذلك المبدأ المعروف بحظر القياس فى تفسير نصوص التجريم والعقاب(2) باعتبار أن ذلك نتيجة حتمية لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، حيث قررت محكمة النقض فى حكمها الصادر بتاريخ 19/5/1941 بأنه 'من المقرر أنه لا عقوبة إلا بنص يعرف الفعل المعاقب عليه ويبين العقوبة الموضوعة له، مما مقتضاه عدم التوسع فى تفسير نصوص القانون الجنائى وعدم الأخذ فيه بطريق القياس'.

- وسندناً فى ذلك أن فعل التعذيب نفسه لم يرد بالقانون ما يفيد تعريفه أو بيان ماهيته، وبذلك فإن نص المادة الأولى من الاتفاقية من وقت نشر المعاهدة بالجريدة الرسمية واعتبارها كقانون داخلى يوازى قوة التشريعات العادية (طبقاً لما يذهب إليه غالبية الفقه) قد أصبغ على المادة (126) عقوبات هذا النقص فى تعريف الفعل المادى لجريمة التعذيب، إلا أن اختلاف القصد الجنائى طبقاً لما ورد بالاتفاقية عن قانون العقوبات فكما ذكرنا فى موضع سابق أن نصوص القانون رقم 6 لسنة 1998 الذى أضاف لقانون العقوبات الباب السادس عشر تحت عنوان جرائم الترويع والتخويف (البلطجة) يمثل التزام تشريعى بتعريف جريمة التعذيب الواردة بالمادة الأولى من الاتفاقية.

ب- تطبيق القانون الدولى العرفى فى مصر:

العرف الدولى هو المصدر الثانى فى الترتيب من بين مصادر القانون الدولى الرسمية حسب ما جاء بالمادة 38/1/ب من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية، وهو العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال.

- وقواعد القانون الدولى العرفية تحتفظ بوجودها وقابليتها للتطبيق المستقل بجوار قواعد القانون الدولى الاتفاقية حتى عندما يكون لهاتين الطائفتين من القواعد مضمون متشابه أو متطابق.(1)

- وبالرغم من أن الدستور المصرى الصادر عام 1971 لم يشير إلى موضوع تطبيق القواعد الدولية العرفية كمصدر للنظام القانونى الداخلى، إلا أن العمل القضائى فى مصر جرى على هذا التطبيق اتفاقاً مع الاتجاه الدولى السائد فى هذا الشأن، ومن ذلك حكم محكمة النقض المصرية عام 1982 الذى جاء به' لما كان من المقرر أن قواعد القانون الدولى- ومصر عضو فى  المجتمع الدولى معترفة بقيامه- تعد مندمجة فى القانون الداخلى دون الحاجة إلى اجراء تشريعى، فيلزم القاضى المصرى بأعمالها فيما يعرض عليه من مسائل تناولها بتلك القواعد ولم يتعرض لها القانون الداخلى طالما أنه لا يترتب على هذا التطبيق إخلال بنصوصه، لما كان ذلك وكانت قواعد القانون الدولى المتمثلة فى العرف الدولى قد استقرت(2)



  محمد عبد الرحمن    عدد المشاركات   >>  21              التاريخ   >>  13/2/2004



ثانياً: آليات مناهضة التعذيب فى القانون الدولى:(1)

ركن تقرير مركز حقوق الإنسان على عدم انضمام مصر للبروتوكول الاختيارى الملحق بالعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية الذى يتيح للأفراد تقديم شكاواهم للجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وكذا التحفظ على نص المادتين 20، 21 من اتفاقية مناهضة التعذيب والمتعلقة بشكاوى الدول الأطراف وحق الأفراد فى اللجوء بالشكوى إلى لجنة مناهضة التعذيب المشكلة بموجب الاتفاقية.

- واستنتج التقرير مما سبق أن المواطن المصرى (ضحية التعذيب) طريقة مسدود لعمل أى شكوى فردية أمام كل من اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أو اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب، وبرغم أن التقرير نفسه أعزى ذلك إلى وجود بعض الاشكاليات فى احترام التعهدات الدولية بصفة عامة ووجود ازدواجية فى هذه المعايير فى أحيان عده، إلا أنه قرر أن تلك الازدواجية تقل فيما يتعلق بالآليات المتعلقة بحقوق الإنسان.

- إلا أننى أود أن أوضح للسادة محررى التقرير إلى ملاحظة قانونية هامة تتعلق بتحفظ مصر على المادة (20) من الاتفاقية والخاصة بالتحقيق السرى، وهى أنه بمجرد إعلان لجنة مناهضة التعذيب أن الأعمال الواردة فى المادة الأولى من الاتفاقية تمارس فى دولة ما كسياسة منتظمة فإن ذلك يؤدى تلقائياً لأعمال المادة (20) التى تخول اللجنة سلطة إجراء تحقيق سرى، وهذا النص يطبق على الدول التى لم تعلن أنها لا تعترف باختصاص اللجنة فى هذا الشأن وقت التوقيع أو التصديق.

بالاضافة إلى ذلك فإن تطبيق المادة 21 من الاتفاقية (التى تحفظت مصر عليها) والخاصة بشكاوى الأفراد فمن شروط تطبيقها فى حالة قبول أى دولة لها أن تكون جميع سبل الانتصاف الداخلية قد استنفذت (أو ما جرى عليه فقه القانون الدولى من تعبير استنفاذ طرق الطعن الداخلية).

- وأظن أننى قد عرضت بشكل وافى وإن كان مختصرا طرق التظلم أو اللجوء القضائى فى حدوث أى حالة من حالات التعذيب سواء المادى أو المعنوى، أما تحفظ مصر بالنسبة لهذه المادة فيرجع إلى عدم قبولها فكرة تمتع الفرد بالشخصية القانونية الدولية حتى الآن والتى تتيح للفرد القدرة على اكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات فى نطاق القانون الدولى(2)، وقد أدرجت مصر فى تقريرها الثالث المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب عام 1999 'الأمية' كأحد المعوقات فى سبيل كفالة حقوق الإنسان وذلك لتأثيرها بشك لمباشر على كافة الاجراءات المتصلة بالتحقيق أو المحاكمة ولاشك أن المواطن القادر على فهم حقوقه يشكل أفضل ضمانه لمكافحة حقوق الإنسان.

ثالثاً: آليات مناهضة التعذيب فى القانون الداخلى:

ركز التقرير فى حديثه عن الآليات المحلية أن طرق الملاحقة القضائية لمرتكبى جرائم التعذيب مقتصرة على التعويض المدنى، أما المسئولية الجنائية والتأديبية فإنها مسئولية نظرية فقط لأسباب أعزاها التقرير إلى: إغلاق طريق الادعاء المباشر أو الادعاء المدنى ضد الموظفين العموميين، وبالنسبة للمسئولية التأديبية فقد أفاد التقرير أن هذه المسئولية يتوقف تحريك الدعوى فيها على القرار الوزارى أو الجهة المختصة مثل الادارة العامة للتفتيش على ضباط الشرطة.

- والأمر يحتاج إلى تفصيل كالتالى:

* الأصل أن الدعوى الجنائية منوطة بالنيابة العامة تستعملها بصفتها وكيلة عن المجتمع ولصالحه، وقد نصت الفقرة الأولى من المادة الأولى بقانون الاجراءات الجنائية على أن تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها، وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون 'أنه لما كانت الدعوى الجنائية عمومية أى ملكاً للجماعة فقد نيطت مباشرتها بالنيابة العمومية بصفتها ممثلة للجماعة، وعلى هذا الأساس نص على أن الدعوى الجنائية لا تقام إلا من النيابة العمومية'، ولا يقيد النيابة العامة فى مباشرة الدعوى الجنائية ما يوجبه القانون فى بعض الأحوال من وجوب أخطارها لجهات معينة عند اتخاذها لأى من إجراءات الدعوى، ولم يترتب الشارع بطلاناً على مخالفة أحكام هذه القيود التى تعتبر نصوص تنظيمية(1).

* واستثناء من هذا الأصل العام فقد خول المشرع المدعى بالحق المدنى حق تحريك الدعوى الجنائية مباشرة أمام المحكمة، فحق تحريك الدعوى مباشرة هو حق استثنائى منح بتنظيم معين لمن أضرت به الجريمة رغبة فى رعاية حقه بأن يلتجئ إلى المحكمة الجنائية.

* وإعمالاً للمبدأ الأصولى فى فلسفة القانون بأنه لا يجوز التوسع فى الاستثناء والوصول به إلى اعتباره قاعدة عامة، فقد أورد المشرع بعض القيود على هذا الحق وبقاؤه حقاً خالصاً للجهة المختصة أصلاً بمباشرتها وهى النيابة العامة، ومن هذه القيود لا يجوز للمدعى بالحق المدنى فيها تحريك الدعوى الجنائية مباشرة أمام المحكمة ومن ذلك: مواد الجنايات، الجرائم أو الأفعال التى تتم خارج الإقليم المصرى، الدعاوى المرفوعة أمام محكمة الأحداث، الدعاوى الموجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها.

* وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 121 لسنة 1956 أن إطلاق الحق للمدعى المدنى قد أدى إلى سوء استعماله، والواقع الذى تدل عليه الإحصائيات أن كثير من المدعين بالحقوق المدنية قد أسرفوا فى رفع الدعاوى مباشرة أمام المحاكم الجنائية ضد خصومهم لمجرد الكيد لهم والنيل من كرامتهم وفى ذلك ما فيه من الأضرار التى لا تخفى ويزداد الأثر ظهوراً إذا كان الاتهام موجهاً ضد موظف لجريمة وقعت منه أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها إذ يثنيه عنه أداء أعمال وظيفته على الوجه الأكمل فيؤثر ذلك على حسن سير العمل وتصاب المصلحة العامة بأضرار بليغة.

* إلا أن المشرع استثنى من قيد تحريك المدعى المدنى للدعوى الجنائية ضد الموظف العام الجرائم المشار إليها فى المادة (123) من قانون العقوبات التى نصت على 'يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومى استعمل سلطة وظيفته فى وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة، كذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومى امتنع عمداً عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضى ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً فى اختصاص الموظف'(1)، وبناء على ذلك للمدعى بالحق المدنى تحريك الدعوى الجنائية مباشرة فى جريمة الامتناع عن تنفيذ الأحكام أو وقف تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين.

* أما عن إجراءات التأديب التى وصفها التقرير بأنها لا تتحرك إلا بعد طريق روتينى، فأود أن أوضح فى هذا المجال أن المبادئ التى تحكم تأديب العاملين (أى عامل سواء ضابط شرطة أم غيره من العاملين) تتردد بين اعتبارين كلاهما جديد بالحماية(2): هما منطق الضمان والرعاية بالنسبة للموظف، ومقتضى فاعلية العمل الادارى، وبالرجوع إلى الأحكام التأديبية نجد أن منطق الضمان يكون له الغلبة فى مجال الاجراءات، وهو ما أكدته محكمة القضاء الادارى فى حكمها الصادر فى 12/4/1951 (س5، ص825)' أنه وإن كانت نصوص القوانين الخاصة بالتأديب لا تشتمل على أحكام تفصيلية لسير الدعاوى التأديبية ونظام المحاكمات، والشرائط التى تتوافر فى الهيئات التى تتولى الفصل إلا أنه ليس معنى ذلك أن الأمر يجرى فيها بغير أصول وضوابط بل يجب استلهام هذه الضوابط وتقريرها فى كنف قاعدة أساسية كلية، تصدر عنها وتستقى منها الجزئيات والتفاصيل، وهى تحقيق الضمان، وتوفير الاطمئنان لذوى الشأن' ويذكر أن المحكمة الادارية العليا تردد ذات المعنى فى أحكامها حتى الآن.


الفصل الثانى: الشرطة ونطاق حقوق الإنسان فى معاملة المسجونين والمحتجزين (عرض لواقع السجون المصرية):

تعرضنا فى الفصل الأول من هذه الدراسة للضوابط والضمانات المقررة فى النظام القانونى المصرى لاحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فى مواجهة أعمال الضبط الادارى والقضائى والتى يقوم بمعظمها أفراد الشرطة بدءاً من مرحلة منع الجريمة مروراً بمرحلة ضبط مرتكبى الجرائم وتقديمهم لجهات التحقيق المختصة باتخاذ إجراءات تحريك الدعاوى، وذلك من خلال الاجراءات الجنائية المرخص بها لمأموري الضبط القضائى، والتى تحظر المساس غير القانونى بأى من حقوق الإنسان أو بحرياته الأساسية.

- وبالرغم من خلو تقرير مركز حقوق الإنسان لأى انتقاد مباشر لنظم السجون فى مصر ومدى كفالتها لقواعد حقوق الإنسان، إلا أن بعض الإيماءات التى وردت به والتى تركزت على الرعاية الصحية للسجناء بل وادعاؤه بمشاركة أطباء السجون فى التعذيب، أو بالإشارة إلى بعض الانتهاكات التى تتم بناء على انعدام الرقابة والإشراف على السجون.

- فلهذه الأسباب ما هو أدعى أن أوضح لمحرر التقرير الإطار التنفيذى لكفالة حقوق الإنسان فى السجون المصرية ليتعرف عن قرب على بعض المفاهيم التى لا يعلمها أو التى تناساها عند عرضه بتقريره.

- فقد بدأت حركة إصلاح السجون تتخذ مناحى جديدة على الصعيد الدولى من خلال مؤتمرات الأمم المتحدة التى تنعقد كل خمسة أعوام لبحث موضوعات مكافحة الجريمة ومعاملة المذنبين أو المحتجزين، فضلاً عن المؤتمرات والاجتماعات العلمية التى تدعو إليها المنظمات الإقليمية والجمعيات الدولية العاملة فى مجالات العلوم الجنائية المختلفة، الأمر الذى أدى إلى نظره جديده للمشكلات الجنائية وإلى خلق مناخ للإصلاح العقابى (وليس مناخ ثقافة التعذيب كما ادعى محرر التقرير)، وقد كان من أبرز الاتجاهات السياسية الجنائية التى دعت إلى الاصلاح العقابى هو ضرورة التركيز على إنسانية قانون العقوبات وكفالة حماية حقوق الإنسان فى هذا القانون والقوانين العقابية الأخرى، والاعتراف بحقوق المحكوم عليهم والمحتجزين والتى كفلتها بوجه خاص وثيقة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين والمحتجزين(1).

- وبمتابعة الجهود الدولية من أجل تحسين وعدم إساءة معاملة المسجونين وتهيئة السجون لتكون مركز إصلاح وتهذيب، نجد أن فاعلية تلك الجهود بدأت تظهر بالتحديد فى 30 أغسطس عام 1955، وهو تاريخ إقرار المؤتمر الأول للأمم المتحدة لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين لقواعد 'الحد الأدنى لمعاملة السجناء' التى انبثقت عن المعايير التى وضعتها اللجنة الدولية للقانون الجنائى واصلاح المجرمين(1)، وقد عرضت هذه القواعد على المجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة، الذى وافق عليها عام 1957 بموجب القرار 663جيم (د-24) فى 3/7/1957، وأوصى المجلس الدولى الأعضاء فى الأمم المتحدة بالأخذ بها، وبأن تقوم الحكومات بإخطار الأمين العام للمنظمة كل خمس سنوات عن مدى التقدم الجارى فى خصوص تطبيق هذه القواعد.

- وبدون الدخول فى تفصيلات جميع التطورات التى أثمرتها الجهود الدولية فى مجال معاملة السجناء والمحتجزين، إلا أنه يثور التساؤل عن وضعية قواعد الحد الأدنى فى نطاق النظام القانونى المصرى، حيث أن هذا التساؤل لذو دلالة كبرى عن مدى التزام التشريع المصرى بكفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، حتى لو كان هذا الإنسان قيد الاحتجاز أو الحبس.

- استطيع التقرير بكل فخر واعتزاز أن مصر كانت من أول الدول التى تبنت تلك القواعد وقامت بإدخالها ضمن نطاق القانون الداخلى بموجب القرار الإيذاء بقانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون، ومبعث هذا الفخر والاعتزاز أن تلك القواعد عند صدورها عن أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الأول عام 1955 لم تكن لها أى قوة إلزامية فى مواجهة المخاطبين بأحكام القانون الدولى، وبرغم ذلك صدر قانون السجون المصرى قبل اعتماد تلك القواعد من المجلس الاقتصادى والاجتماعى (وأيضاً قرار المجلس الاقتصادى والاجتماعى لا يتمتع بأى قوة ملزمة طبقاً لقواعد وأحكام المنظمات الدولية وإنما هى فى طبيعتها توصية غير ملزمة قانوناً وإن كانت تتمتع فقط بإلزام أدبى، ويطلق على توصيات أجهزة الأمم المتحدة المختلفة مصطلح قرار بالمعنى الواسع لهذا المفهوم).

- ونظراً لأهمية تلك الوثيقة المتمثلة فى قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين (والتى أصبحت جزءاً من القانون العرفى لعدم انطباق أحكام قانون المعاهدات عليها، وهو الأمر الذى يسبب بعض اللبس للمهتمين بموضوعات النظم العقابية)، لكونها مسار بحث دائم فى أوساط المؤتمرات الدولية والمنظمات المتخصصة فى مجالات حقوق الإنسان، فإننا سنتعرض لواقع السجون المصرية من خلال تلك القواعد كالتالى:

المبحث الأول: مدى اتفاق قانون السجون المصرى مع قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين.

المبحث الثانى: أساليب المعاملة العقابية فى السجون المصرية.



  محمد عبد الرحمن    عدد المشاركات   >>  21              التاريخ   >>  13/2/2004



المبحث الأول: مدى اتفاق قانون السجون المصرى

مع قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين

بتاريخ 29/11/1956 صدر القرار الإيذاء بالقانون رقم 396 لسنة 1956 فى شأن تنظيم السجون، أى قبل إصدار قرار المجلس الاقتصادى والاجتماعى بالموافقة على قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين التى اقرها المؤتمر الأول للأمم المتحدة بشأن منع الجريمة ومعاملة المجرمين، بحوالى سبعة شهور كاملة، ويوضح هذا الأمر مدى الالتزام التشريعى المصرى بمواكبة أحدث القواعد المتعلقة بمجالات حقوق الإنسان حتى ولو كان مصدر تلك القواعد القانون الدولى العرفى أو مبادئ الالتزام الأدبى بالنظم الدولية المعاصرة، نظراً لتعلق قواعد حقوق الإنسان بمبادئ القانون الطبيعى الذى لا يحتاج لتدخل انسانى لإقراره والاعتراف به.

- وبتحليل أحكام قانون السجون المصرى نجد أن هناك تشابهاً واتفاقاً مع معظم أحكمها، إلا أنه عند صدور القانون وقبل إصدار اللائحة الداخلية للسجون كانت هناك نصوص تتعارض صراحة مع بعض الأحكام بقواعد الحد الأدنى، وأيضاً خلو نصوص القانون من بعض الأحكام الواردة بقواعد الحد الأدنى، إلا أن المتبع للتعديلات التشريعية وأحكام اللائحة الداخلية المسئولة عن تفسير وتحليل واظهار القواعد الغير منصوص عليها فى التشريع التى تصدر بناءاً عليه، وأيضا التطبيقات العملية للمعاملة العقابية، ليستنتج على الفور مدى التطابق بين أحكام المعاملة العقابية فى النظام القانونى المصرى، والمبادئ والأسس والأهداف التى تقوم عليها قواعد الحد الأدنى من الناحيتين الفلسفية والتطبيقية، وذلك على التفصيل التالى:

1- قبل عرض الجهود التشريعية والتنفيذية المصرية لتطوير نظم المعاملة العقابية للتوافق مع قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين يجب الإشارة إلى ملاحظة هامة ضمنتها القواعد الثلاثة الأولى من مجموعة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين والتى وردت نصوصها كالتالى(1):

* القاعدة (1): ليس الغرض من القواعد التالية الوصف التفصيلى لنظام مثالى للمؤسسات العقابية ولكنها تسعى فقط إلى عرض ما أجمع على قبوله بوجه عام كمبادئ وممارسات عملية جيدة فى معاملة المسجونين وإدارة المؤسسات مستهديه فى ذلك بالآراء الجماعية المعاصرة والمبادئ الجوهرية لأعظم النظم كفاية فى الوقت الحاضر.

* القاعدة (2): من الواضح أن هذه القواعد لا يمكن تطبيقها جميعها فى كل مكان وزمان نظراً للتباين الكبير فى الأوضاع القانونية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافية الموجودة فى العالم ومع ذلك فإن إدراك أنها تمثل فى مجموعها الحد الأدنى للشروط المعتمدة من الأمم المتحدة، يجب أن يعمل على تنشيط الاهتمام المستمر للتغلب على الصعوبات التى تعترض تطبيقها.

* القاعدة (3): ومن ناحية أخرى فإن هذه القواعد تشمل ميداناً تتطور فيه الآراء تطوراً مستمراً ولذلك فإنها لا ترمى إلى منع التجارب والممارسات شريطة مطابقتها للمبادئ وتحقيقها للأهداف المستمدة من مجموع نصوص هذه القواعد، وفى نطاق هذا المعنى يكون لأحكام المركزية للسجون المبرر الدائم للخروج على هذه القواعد.

1- وبالنظر إلى أحكام تلك القواعد فإننا لا نحتاج لشرح وتفسير معانيها التى تؤدى بنا إلى أن أى من النظم العقابية فى العالم يصل إلى تطبيق مبادئ وأهداف تلك القواعد التطبيق الحرفى بها، فإن ذلك يعد وصولاً باعتبارها أعظم النظم العقابية فى المجتمع الدولى، واعتبر نفسى مبالغاً إذا ما قررت أن المعاملة العقابية فى مصر اقتربت إلى هذا الحد، وهو ما سيظهر لنا جلياً من خلال عرض الجهود التشريعية والتنفيذية، والفلسفة التطبيقية لنظم المعاملة العقابية فى مصر.

2- من نصوص قانون تنظيم السجون التى أثير بشأنها جدلاً فى أوساط المنظمات الدولية المعنية بمسائل حقوق الإنسان هو نص المادة (43/7) والواردة ضمن الجزاءات التأديبية التى يجوز توقيعها على المسجون فى حالات محدده على سبيل الحصر لمخالفة نظم وتعليمات السجون،والتى تنص على 'جلد المسجون بما لا يزيد على 36 جلده، وأن يستبدل الجلد بالضرب بعصا رفيعة بما لا يجاوز عشرة عصا إذا كان عمر المسجون أقل من سبع عشرة سنه، وهو الأمر الذى يتعارض تماماً مع نص القاعدة (31) من مجموعة قواعد الحد الأدنى التى تنص على 'يجب تحريم العقوبات البدنية والعقاب بالوضع فى زنزانة مظلمة وكل العقوبات القاسية وغير الإسهاب أو المهدرة للآدمية تحريماً تاماً كجزاءات تأديبية'.

- لذلك وإيمانا من السيد/ وزير الداخلية بفلسفة تطبيق إنسانية القوانين بصفة عامة والقوانين العقابية بصفة خاصة، فقد أصدر تعليماته بإيقاف العمل بنص المادة (43/7) من قانون السجون وذلك منذ نهاية عام 2000، وبالفعل تم إزالة ورفع جميع الأدوات التى كانت تستخدم فى توقيع عقوبة الجلد منذ هذا الحين، وتم تجميعها بمستهدف وضعها بمتحف السجون للدلالة على التطور فى مجال المعاملة العقابية، والوصول إلى الاتفاق مع مبادئ حماية حقوق الإنسان بعدم المساس بسلامة الجسد.

- ويجرى حالياً دراسة استصدار تشريع بإلغاء نص المادة 43/7 من قانون السجون تماماً، طبقاً لرغبة السلطة التنفيذية فى تنقية التشريعات التى لا تتوافق وأحكام تعزيز احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

3- أثارت المادة (14) من قانون العقوبات جدلاً كبير فى أوساط المهتمين بتحقيق معايير حماية حقوق الإنسان وحرياته سواء على المستوى الوطنى أو الدولى إلى الحد الذى ذهبت إليه ملاحظات بعض التقارير الدولية المنشورة بالمطالبة بإلغاء عقوبة الأشغال الشاقة لما تمثله من صفات القسر والجبر والإيلام لفئات المسجونين المحكوم عليهم بها.

- إلا أن التفسير السليم لتطبيق هذا النص يجب أن يتم بناء على التطبيق الواقعى لها، ذلك التطبيق الذى يتلاءم ومقتضيات تطور العقائد الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، فعقوبة الأشغال كانت تقوم فيما مضى على مقتضى أن العمل العقابى المفروض بناءاً عليها هو جوهر العقوبة نفسها إلا أن تطور الأفكار الإسهاب قد تحول بتلك النظرة إلى اعتبار أن العمل العقابى لا يعتبر جوهر العقوبة، ولكن أضحى أحد أهم أساليب المعاملة العقابية الحديثة (على التفصيل الذى سيرد ذكره فيما بعد) والتى تستهدف التأهيل والتهذيب اللازمين لاعداد المحكوم عليهم للانخراط فى المجتمع مرة أخرى، بل وصل الأمر إلى اعتبار العمل العقابى حقاً للمحكوم عليه ولا يعتبر عقوبة، ويترتب على هذا التكييف الاعتراف للمحكوم عليه بجميع مزايا العمل فى المجتمع الخارجى.

- ويشار فى هذا الصدد إلى صدور القرار الوزارى رقم 10807 لسنة 1997(1) بإلغاء الفقرة (12) من المادة الأولى الواردة بالقرار الوزارى رقم 37 لسنة 1959 (الصادر بتحديد نوعية الأشغال المفروضة على المحكوم عليهم) والتى كانت تنص على نوعية تشغيل المحكوم عليهم فى أعمال تكسير الحجارة لما لهذه الأعمال من إيلام مقصود لذاته فى تشغيل المحكوم عليهم ولعدم توافقها مع فلسفة العمل العقابى فى السياسات العقابية الحديثة، وفى ذلك يعد توافقاً مع أحكام القاعدتين رقمى (71، 72) من قواعد الحد الأدنى التى تقوم أساساً على الاعتراف الكامل باحتياجات المحكوم عليه أو المحتجز ورغباته وتأهيله الاجتماعى والمهنى اللازم لإعداده ومساعدته للعودة للاندماج فى المجتمع عضوا نافعاً مفيداً.

4- من الأحكام التى لم ينص عليها قانون تنظيم السجون للتوافق مع مجموعة الحد الأدنى لمعاملة المسجونين بالقواعد أرقام (17، 18، 19، 20) والمتعلقة بالحد الأدنى اللازم توفيره للسجناء من الكساء والفراش والتغذية الجيدة للمحافظة على صحة وقوة المسجونين، وبالرغم من تناول تكل الأحكام من خلال قرار مساعد وزير الداخلية للشرطة المتخصصة رقم 503 لسنة 1974 فى شأن كيفية معاملة المسجونين ومعيشتهم، إلا أن هذا القرار قد تناوله النقد الشديد لعدم مراعاته للحد الأدنى اللازم لمعيشة المسجونين من حيث الكساء والفراش.

ولرغبة السلطة التنفيذية فى توافق معايير المعاملة العقابية مع القواعد الدولية واتجاهات السياسات العقابية الحديثة، فقد صدر قرار وزير الداخلية رقم (691) لسنة 1998 فى شأن كيفية معاملة المسجونين ومعيشتهم(1)، تضمن تحديد مقررات غذائية لجميع المسجونين مع تحديد مقررات غذائية خاصة لبعض الفئات الخاصة من المسجونين (المسجونات المصنعين بالصرف الصحى-  مرض السكر- مرض القصور الكلوى- مرض القلب- مرض الغذاء السائل) وذلك وفق سعرات حرارية مناسبة لكل فئة تم تحديدها بالتعاون مع   المعهد القومى للتغذية التابع لوزارة الصحة.

- كما حدد القرار المشار إليه الحد الأدنى اللازم توفيره من الفراش والملابس لجميع أنواع المسجونين باختلاف فئاتهم، ولتطبيق هذا القرار فقد تم تعديل مخصصات الميزانية العامة للدولة المحددة لتوفير وسائل المعيشة للمسجونين وذلك بزيادة تلك المخصصات من 27 (سبع وعشرون) مليون جنيه سنوياً إلى 62 (اثنان وستون) مليون جنيه سنوياً (وفى ذلك لدلالة بالغة على اهتمام كافة أجهزة الدولة على تحقيق معايير وقواعد احترام حقوق الإنسان على عكس ما ورد من تشهير بتقرير مركز حقوق الإنسان بكافة سلطات الدولة باعتبارها تتسبب فى خلق مناخ ثقافة التعذيب ‍‍‍!!!).



  محمد عبد الرحمن    عدد المشاركات   >>  21              التاريخ   >>  13/2/2004



المبحث الثانى: أساليب المعاملة العقابية فى السجون المصرية

حرصت مجموعة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين على إبراز دور أساليب المعاملة العقابية كغرض أساسى ينبغى النظر إليه بعناية عند إعداد السياسة القضائية فى أى مجتمع، حيث جاء بالقاعدة رقم (65) إنه 'يجب أن تهدف معاملة الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة السجن أو بتدبير مماثل على قدر ما تسمح به مدة العقوبة إلى خلق الرغبة فى نفوسهم والصلاحية لديهم لان يعيشوا بعد الافراج عنهم فى ظل القانون وأن يعولوا أنفسهم، كما يجب أن تشجع فيهم مثل هذه المعاملة احترامهم لأنفسهم وتنمى فيهم الشعور بالمسئولية'.

- وقد استقر فى علم العقاب الحديث أن إيلام العقوبة السالبة للحرية ينبغى أن يقتصر على مجرد تقييد الحرية أما فحوى النظام الذى تتضمنه فهو التهذيب والتأهيل وليس العقاب الاضافى(1)، كما أثمرت البحوث العقابية الحديثة أن المعاملة  العقابية يجب أن تتسم بطابع علمى فنى حتى لا يغلب على معاملة بعض المحكوم عليهم طابع اليأس منهم وبالتالى كفالة تأهيل وتهذيب الخاضعين لنطاق الاحتجاز أو الحبس.

- وطبقاً لذلك فإن أساليب المعاملة العقابية تنقسم إلى نوعين: الأول منها يسمى بالأساليب الأصلية للمعاملة العقابية ويتجه مباشرة إلى تهذيب المحكوم عليهم أو علاجهم ويمكن رد تلك الأساليب إلى العمل العقابى والتعليم والتهذيب الدينى والاخلاقى والرعاية الصحية، أما النوع الثانى من تلك الأساليب فيطلق عليه الأساليب التكميلية للمعاملة العقابية، وهى أساليب يقتصر تطبيقها على تهيئة الوسط الملائم لتطبيق الأساليب الأصلية، وتتجه تلك الأساليب إلى تدعيم الصلة بين المحكوم عليه والمجتمع الخارجى مع توفير رعاية اجتماعية له ووضع نظام للتأديب والمكافآت والمزايا المترتبة على مدى الالتزام بنظم وتعليمات السجون.

- ولصعوبة الإلمام بجميع تفاصيل تلك الأساليب فى التطبيق العملى بالسجون المصرية فإنني سأحاول توضيح المفاهيم الرئيسية لنظام وأساليب المعاملة العقابية فى السجون المصرية بإيجاز شديد من خلال النقاط التالية:

أولاً: تنظيم العمل العقابى فى السجون المصرية.

ثانياً: التعليم فى النظام العقابى المصرى.

ثالثاً: تنظيم التهذيب الديني والأخلاقي فى النظام العقابى المصرى.

رابعاً: دور وأساليب الرعاية الصحية فى التنفيذ العقابى.


أولاً: تنظيم العمل العقابى فى السجون المصرية:

تعرضنا من قبل لتكييف العمل العقابى فى السجون المصرية وانتهينا إلى اعتباره حقاً للمحكوم عليه كنتيجة حتمية للفلسفة التى تنتهجها وزارة الداخلية فى مواكبة كافة السياسات العقابية الحديثة، كما أن هذا التكييف يعتبر انعكاساً للتفسير السليم لنص المادة (13) من الدستور المصرى التى جاء بها 'العمل فى جمهورية مصر العربية حق وواجب وشرف تكفله الدولة' فحق العمل لا يتعارض وكون المحكوم عليه مسلوب الحرية فكفالة الدولة للعمل العقابى (حيث أن النص الدستورى أطلق لفظ العمل دون تخصيص لفئة معينة) تكون بتعديل وسيلته فقط وتحديد بعض الضوابط التى تتناسب وأداء العمل فى المؤسسات العقابية.

- ويترتب على تكييف العمل العقابى بأنه حق للمحكوم عليه (وكذا باقى فئات المحتجزين) أن يتم الاعتراف له بكل مزايا العمل فى المجتمع الخارجى وبما يتوافق قدرات المؤسسات العقابية كما تلتزم الدولة بتوفير نوعيات من الأعمال المماثلة للمجتمع الخارجى كافية لشغل يوم عمل كامل، ويترتب على هذا حق المحكوم عليه (أو المحتجز) فى اختيار العمل الذى يتفق وقدراته وميوله، إلا أن هذا الحق يتقيد ببعض الضوابط التى تتعلق بقدرة المؤسسة العقابية فى توفير أنواع الأعمال التى تتناسب وأداء رسالتها، كما أنه مقيد بصلاحية نوع العمل فى تحقيق أغراض العقوبة المتمثلة فى التهذيب والتأهيل وهو ما تكون الادارة العقابية أقدر على تحديدها.

- ومن أبرز التطبيقات العملية لتكييف العمل العقابى بأنه حق هو نص المادة (11) من اللائحة الداخلية للسجون التى تنص على 'يستحق المسجون أجراً مقداره جنيهاً واحداً عن عمله اليومى ويجوز منح المسجون أجراً على مقابل قيامه بأعمال فنية ممتازة أو تحقيقه حجم إنتاج أكبر وذلك بناء على طلب مدير أو مأمور السجن وموافقة من اللجنة المشار إليها فى المادة التاسعة وبعد اعتماد مدير المصلحة'، ويذكر أن تلك المادة استبدل نصها بموجب القار الوزارى رقم1890 لسنة 1990(1) بعد أن كان النص القديم يحدد أجر المسجون اليومى بعشرة قروش، وهناك أيضاً بعض المسجونين الذين يؤدون أعمالاً تحتاج لحرفية خاصة تصل أجورهم الشهرية إلى حوالى 1500 (ألف وخمسمائة جنيه).

وإيمانا من وزارة الداخلية بضرورة توفير نوعيات من الأعمال المماثلة للمجتمع الخارجى عن السجون وبالتعدد اللازم لاستيعاب تشغيل أكبر عدد ممكن من المسجونين فيتم بصفة دورية وفق خطط عملية مدروسة إنشاء مشروعات جديدة فى المجالات الصناعية والزراعية والإنتاج الداجنى والحيوانى، لتحقيق الهدف التأهيلى من جانب، ومن جانب آخر المساهمة فى رفع معدلات التنمية بالمجتمع.

ثانياً: التعليم فى النظام العقابى المصرى:

يستمد التعليم أهميته فى النظام العقابى بالنظر إلى دوره فى استئصال أحد العوامل الإجرامية، فمما لا شك فيه أن الأمية والجهل أحد الأسباب الرئيسية لسلوك سبيل الإجرام أو العود له، كما يبرز دور التعليم فى تأهيل المحكوم عليهم لمساعدتهم فى العثور على فرص للعمل الشريف بعد الافراج عنهم، بالاضافة إلى دوره فى تغيير أسلوب التفكير والحكم على الأشياء ومنهج التصرف فى الحياة.

وإيمانا من وزارة الداخلية بأهمية التعليم ليس على مستوى المعاملة العقابية فقط ولكن على مستوى التحكم فى معدلات الجريمة بالمجتمع ككل، فقد بذلت جهود فاعلة بالتنسيق مع جميع الأجهزة المعنية بالدولة المختصة بالعملية التعليمية (وزارة التعليم العالى- وزارة التربية والتعليم- الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار) وذلك لتوجيه جزء من أنشطتها واهتماماتها للمؤسسات العقابية، أفرز هذا التعاون عن اتساع العملية التعليمية بين أوساط جميع المسجونين والمحتجزين توضحه إحصائيات عدد الدارسين المنتظمين بالعام الدراسى 2000- 2001 مقارنة بالعام الدراسى 1994- 1995 كالتالى:

 

المرحلة التعليمية

عدد الدارسين

عام 1994 1995

عدد الدارسين

عام 2000 2001

المرحلة الإعدادية

26

35

النقل الثانوى العام

200

285

الثانوية العامة

227

462

نقل الثانوية الأزهرية

63

16

الثانوية الأزهرية

39

146

معاهد القراءات الأزهرية

45

578

التعليم الفنى

370

298

مدرسة الشهيد يوسف عباس 'الثانوية الصناعية' داخل سجن القناطر

57

82

المعاهد المتوسطة والعليا

190

368

الجامعات

جامعة القاهرة

 

226

 

478

جامعة عين شمس

106

165

جامعة حلوان

46

48

جامعة طنطا

22

62

جامعة المنوفية

17

48

جامعة المنصورة

47

63

جامعة الزقازيق

61

73

جامعة قناة السويس

29

38

جامعة المنيا

90

236

جامعة الأزهر

325

417

جامعة الاسكندرية

11

16

جامعة أسيوط

224

218

جامعة جنوب الوادى

--

156

جامعة بنها

--

56

الدراسات العليا

--

21

الجملة

2421

4251

 

وفى مجال الدراسات العليا فقد حصل نزيلين بسجن الوادى الجديد على إجازة الدكتوراه وتم مناقشة الرسائل المقدمة منهما داخل السجن وهما:

1- أسامة أحمد محمد عبد الله.

ناقش رسالة الدكتوراه فى الفلسفة من كلية الآداب جامعة الزقازيق فرع بنها وكان موضوعها مشكلات القلب الحيوى تحليل مقارن للقلبين المصري والإسرائيلي أجازتها اللجنة ومنحته إجازة الدكتوراه.

2- محمد خليفة محمد حسين.

ناقش رسالة الدكتوراه فى النحو والصرف والمعروض من كلية دار العلوم جامعة المنيا 'قراءة حمزة بن حبيب دراسة صوتية وصرفيه ونحويه' ومنح الطالب إجازة الدكتوراه.


كما تم مناقشة رسائل الماجستير داخل السجون للنزلاء التالى بيانهم:

1- محمد طارق إبراهيم محمد.

ناقش رسالة الماجستير فى أدب الأطفال من كلية الآداب جامعة عين شمس ونوقشت الرسالة فى 25/11/1998 داخل سجن مزرعة طره ومنح الطالب درجة الماجستير بتقيد جيد جداً.

2- عبد الرحيم محمد البصرى.

امتحن لدرجة الزمالة الملكية بلندن لأطباء النساء والتوليد بفندق سونستا بمدينة نصر.

3- سعد زغلول العشماوى محمد صابر.

ناقش رسالة الدكتوراه فى الجراحة العامة بكلية الطب جامعة عين شمس داخل سجن ملحق مزرعة طره يوم 26/4/2001

4- سيد عبد العظيم محمود هيكل.

يناقش حالياً رسالة الدكتوراه فى الجراحة العامة بكلية الطب جامعة المنيا.

وهناك إحدى عشر نزيل يدرسون ومقيدون بالدراسات العليا بالكليات الجامعية المختلفة للحصول على درجة الماجستير أو ما يعادلها ويسعى غيرهم إلى استكمال أوراقهم للالتحاق بتلك الدراسات العليا وشغلاً لأوقات فراغهم بالسجون فيما يعود عليهم بالنفع.

وأخيراً وفى مجال محو الأمية داخل السجون، وفى إطار التعاون والتنسيق مع الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار أسفر عن التطور التالى:

 

عام 1995

- كان عدد الدارسين 2008 دارساً

- يدرسون فى عدد 48 فصلاً بمدارس محو الأمية داخل السجون.

عام 2000- 2001

- أصبح عدد الدارسين 2882 دارساً.

- وزاد عدد الفصول إلى 151 فصلاً دراسياً داخل السجون.

 

ويشار إلى أن الادارة العقابية بقطاع السجون لا تتدخل سواء فى العملية التعليمية أو الامتحانات وتتولاها الهيئة كاملة فتعد أوراق الأسئلة وتعقد الامتحانات بالسجون فى  عدد 75 لجنة وتراقبها من خلال مندوبى الهيئة التى تصحح الأوراق وتعلن النتيجة لضمان جدية العملية التعليمية.

وتصدر الهيئة شهادات محو الأمية مباشرة للسجين دون إشارة إلى محبسه حتى لا تكشف الشهادة عن سابقة حبسه.

كما زودت سجون القناطر رجال والقناطر نساء والمنصورة بأجهزة الدش والتلفزيونات لاستقبال البرامج التعليمية من موازنة الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار وجارى تزود بقية السجون التى حصل بها الدارسون على شهادة إتمام الدراسة للمرحلة الابتدائية بهذه الأجهزة لخدمة فصول المراحل الابتدائية والإعدادية.

ثالثاً: تنظيم التهذيب الدينى والاخلاقى فى النظام العقابى المصرى:

تتضح أهمية التهذيب الدينى فى النتائج التى أفرزتها الأبحاث العلمية المتخصصة فى السلوك الاجرامى بما كشفته عن دور نقص الوازع الدينى فى اللجوء لهذا السلوك الغير سوى، كما يعتمد التهذيب الأخلاقي على قواعد علم الأخلاق ولا يقتصر على توجيه السلوك الخارجى لمطابقة القيم الاجتماعية فقط ولكن يتجه إلى التأثير فى نفسية المسجونين والمحتجزين ليكون تلقينهم تلك القيم عن اقتناع بها.

ويعتمد النظام العقابى المصرى بالنسبة للتهذيب الدينى على أسلوب الوعظ والإرشاد الدينى والقوافل الدينية وبالنسبة للتهذيب الأخلاقي، فبالإضافة إلى العمل اليومى للأخصائيين الاجتماعيين فإنه يتم الاعتماد على زيادة الاهتمام بتنمية الوعى الثقافى والدينى بين السجناء من خلال الندوات والمحاضرات بالتنسيق مع جهات وهيئات الدولة المختلفة وذلك كالتالى:

فى مجال الإرشاد الدينى داخل السجون الوعظ الاسلامى:

فى عام 1995 كان لا يوجد بالقطاع سوى عدد 17 واعظا معينا لم يتبقى منهم حاليا سوى 5 وعاظ لبلوغهم سن المعاش خلال الأعوام الماضية.

ونظراً لهذا العجز الشديد فى عدد الوعاظ المعينين بالجهات التابعة للقطاع فقد قام القطاع بالتنسيق مع مديريات الأوقاف المختلفة والأزهر الشريف لسد العجز فى عدد الوعاظ عن طريق ترشيح بعض العلماء لزيارة السجون.

فتم الاتفاق مع وزارة الأوقاف على ندب 52 واعظا يقومون بإلقاء الدروس الدينية مرتين أسبوعياً على الأقل للسجناء وإقامة شعائر صلاة الجمعة والعيدين وعقد الندوات الدينية فى المناسبات الدينية المختلفة داخل السجون جميعها وأصبح لكل سجن واعظاً وإماماً من وزارة الأوقاف لتحظى مساجد السجون بذات الرعاية الدينية فى بقية مساجد المحافظة الواقع السجن بدائرتها


  محمد عبد الرحمن    عدد المشاركات   >>  21              التاريخ   >>  13/2/2004



بالنسبة للقوافل الدينية:

فى عام 2000/2001 أصبح عدد القوافل الدينية 13 قافلة شهرية من الأزهر الشريف ومديريات الأوقاف فضلاً عن تكثيف تلك الزيارات بالسجون لتصبح زيارة واحدة على الأقل أسبوعياً خلال شهر رمضان لكل سجن على حده.

الوعظ المسيحى:

فى عام 1995 كان الوعظ المسيحى قاصراً على قسيسى القطاع المعينين للسجون المختلفة وكانت عدد الزيارات التى تتم للسجون بمعرفة المطرانيات المختلفة 5 زيارات فقط للسجون.

بدءاً من عام 1999/2000 قام القطاع بالتنسيق مع الكنائس والبطريركيات الإقليمية المختلفة بترشيح واعظاً مسيحياً لكل سجن لإقامة الشعائر الدينية والصلوات يومياً وأسبوعيا فضلاً عن أيام الأعياد.

وبلغ عدد هؤلاء الوعاظ المسيحيين المنتدبين عدد 15 واعظا بمعدل واعظ لكل سجن من السجون العمومية والليمانات يزورون النزلاء مرة واحدة أسبوعياً بالاضافة للأعياد.

فضلاً عن عدد 3 واعظ مسيحى معينين بالقطاع لتغطية سجون المنطقة المركزية والتنسيق مع بقية الوعاظ.

وقد قام القطاع بالتنسيق مع المطرانيات المختلفة لزيارة النزلاء المسيحيين وتقديم الكتب المقدسة والهدايا العينية لهم.

وقد بلغت هذه الزيارات خلال عام 99/2000 عدد 18 زيارة على مستوى سجون القطاع.

الندوات والمحاضرات:

عام 1995

عدد 551       محاضرة وندوه

عام 1999

عدد 1115     محاضرة وندوه

عام 2000

عدد 1144     محاضرة وندوه

عام 2001

عدد 717       محاضرة وندوه

حتى نصف شهر يونيو من هذا العام.

وقد احتفلت سجون القطاع بمناسبة ذكرى المولد النبوى الشريف بإقامة ندوات مكثفة بالسجون كان من أبرزها الندوات التى حاضر فيها الأستاذ الدكتور/ طه أبو كريشه نائب رئيس جامعة الأزهر وفضيلة الشيخ/ عطية صقر بسجنى القناطر للنساء وعنبر الزراعة فضلاً عن ندوات مديرية أوقاف القاهرة فى سجن الاستئناف.

رابعاً: دور وأساليب الرعاية الصحية فى التنفيذ العقابى:

يتضح دور الرعاية الصحية فى التنفيذ العقابى توفير علاج لما يعانيه المحكوم عليهم والمحتجزين من علل بدنية أو عقلية أو نفسية هذا من جانب ومن جانب أخر فإن الرعاية الصحية فى المؤسسات العقابية يكون دورها فى المحافظة على الصحة العامة فى المجتمع فقد ثبت أن إهمال هذه الرعاية يؤدى إلى تفشى الأمراض المعدية داخل السجن وسرعان ما تنتقل إلى خارج نطاقه بطرق متنوعة.

- ويقوم أسلوب الرعاية الصحية فى السجون المصرية بالتعاون والتنسيق مع وزارة الصحة والهيئات العلمية المتخصصة من خلال المجالات التالية:

مجال الطب الوقائى:

تستهدف خطة الرعاية الصحية عموماً والوقائى منها خصوصاً التنسيق الكامل مع أجهزة وزارة الصحة المركزية والمحلية فى تنفيذ سياستها وقواعدها فى هذا المجال.

أ- فاشترك قطاع السجون فى جميع الحملات والبرامج القومية لمكافحة الأمراض:

ويعتبر القطاع عضواً فى الهيئة العليا للبرنامج القومى لمكافحة الدرن بدءا من عام 98 ويشارك فى اجتماعاتها وبرامجها، حيث طافت قوافل هذا البرنامج خلال عامى 98/99 جميع سجون القطاع وأجرت الفحوص والأشعات والتحاليل اللازمة لجميع النزلاء للتعرف على المريض منهم ووضعه تحت العلاج قضاءاً على مرض السل بالسجون.

وتأتى نتائجها كاشفه عن الجهد الذى يبذل فى رعاية هؤلاء السجناء ووقايتهم من كل مرض.

كما اعتمدت وزارة الداخلية مبلغ مليون ونصف مليون من الجنيهات استخدمت فى شراء سيارة خاصة للفحص الجموعى للاكتشاف المبكر للأمراض الصدرية بين النزلاء.

وأشادت وزارة الصحة فى مؤتمر منظمة الصحة العالمية الذى عقد فى بيروت فى العام الماضى بالتعاون الفعال بينها وبين قطاع السجون الذى أتاح القضاء الكامل على مرض الدرن داخل السجون وحصر مرضاه الجدد من الوافدين وعلاجهم تحت رعاية طبية متخصصة فى مصحات متكاملة ووفقاً للبرنامج الدوائى والعلاجى لتلك المنظمة.

الأمر الذى عدته المنظمة نموذجاً دولياً فريداً غي متحقق فى العديد من الدول المتقدمة فأوفدت مندوبها من جنيف فى 22/6/99 لتأكيد ما قرره السيد الدكتور وكيل أول وزارة الصحة المصرية فى ذلك المحفل الدولى.

وعاد إليها مؤكداً لما قيل بالمؤتمر فعاد مندوبيها ثانية يطلبون زيارة السجون وشاهدوا مستشفيات السجون، وابدوا للأستاذ الدكتور وزير الصحة إعجابهم الشديد وتقديرهم لما يقدم داخل السجون المصرية من رعاية صحية متميزة إلى السجناء تفتقدها معظم سجون العالم.

وشارك القطاع فى الحملات القومية للتطعيمات جميعها المتمثلة فى حملات التطعيم ضد الأمراض الوبائية كالالتهاب السحائى وشلل الأطفال وأمراض الصيف.

ومحاصرة الأمراض المعدية كالالتهاب الكبدى وفيروس ملتحمة العين وميكروب النزلات القولونية.

مجال الطب العلاجى

قامت خطة تطوير الرعاية الصحية للسجناء على الأسس التالية:

وجود عيادة طبية يديرها طبيب بكل سجن يقوم باختصاصه المنصوص عليه فى القانون فى مجال الطب الوقائى داخل السجن والطب العلاجى للنزلاء.

* تطوير هذه العيادات وتزويدها بالأجهزة الطبية اللازمة لتشغيل العيادات المتخصصة فى تقديم الخدمة الطبية للنزلاء داخل محبسهم قدر الإمكان ويباشرها الأخصائيون من الأطباء.

* إقامة مستشفى رفيع المستوى مركزى فى كل منطقة سجون جغرافية تحيط بها عيادات السجون تحول إليها الحالات التى لا يتسنى علاجها بالسجون لتحقيق التكامل الطبى الجغرافى فى كل تجمع للسجون.

التعاون مع أجهزة ومستشفيات وزارة الصحة والمحليات والمستشفيات المركزية القريبة من السجون فى إمداد السجون وعياداتها بالأطباء الأخصائيين فى الأمراض لمباشرة العيادات المتخصصة بالسجون وتقديم أوجه الرعاية الصحية إلى السجناء.

التعاون مع مستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات التعليمية والجامعية فى عرض الحالات التى يرى الأطباء الأخصائيون وأطباء السجون عرضها على هذه المستشفيات لإجراء الأبحاث العلمية المتطورة أو الجراحات الغير المتيسر إجراؤها داخل مستشفيات السجون.

فضلاً عما يعرض على المستشفيات المتخصصة فى أمراض الحميات والنفسية ومعهد القلب وغيرها.

وقد تبرعت وزارة الصحة بوحدة غسيل كلوى لمستشفى ليمان طره حيث تتولى وزارة الصحة مسئولية علاج مسجونى القطاع المصابين بالفشل الكلوى على نفقة الدولة أسوة بالمواطن العادى وقامت بانشاء عدد 3 وحدات غسيل كلوى لمستشفى ليمان طره يتولى الاشراف عليها أطباء متخصصين من وزارة الصحة.

الأمر الذى وفر للسجناء علاجاً راقياً متميزاً تتولاه مستشفى المنيرة كامتداد لها داخل مستشفى ليمان طره فتدير الوحدة باستشاريوها وأخصائيوها وأجهزتها وأدواتها ومستلزمات العلاج والغسيل جميعها.

- وإيمانا من وزارة الداخلية بضرورة توفير خدمة طبية متميزة فقد اعتمدت من موازنتها مبالغ تتجاوز السبعة ملايين من الجنيهات خلال الأعوام من 96- 1999 لتوفير التجهيزات الطبية الحديثة اللازمة لعلاج المسجونين.

العمليات الجراحية:

بعد أن كانت خدمة العمليات الجراحية بالسجون غير معروفة تقريباً إلا فى بعض الجراحات البسيطة والصغرى بعدد لا يجاوز من 20 إلى 30 جراحة سنوياً.

فقد تطورت هذه الخدمة بإعداد كوادر من الجراحين وأخصائيين التخدير من الضباط أطباء القطاع فضلاً عن مجموعة متميزة من الجراحين والاستشاريين المتعاقدين مع القطاع.

وقد أجرى خلال عام 2001 عدد 605 عملية جراحية داخل غرف عمليات السجون فى الجراحات العامة الكبرى وذات المهارة الخاصة واستحدثت العمليات الجراحية فى العيون.

- هذا ويشار إلى إشادة منظمة الصحة العالمية بمستوى الرعاية الصحية المثالية المقدمة لنزلاء السجون المصرية عند زيارة فريق العمل الموفد من المنظمة وقيامه بعمل فيلم تسجيلى عن نظام تطبيق برنامج الدرن فى السجون المصرية (ليمان 440 بوادى النطرون) ليكون ضمن وثائق المنظمة عن التطبيق الأمثل لبرنامج مكافحة الدرن بالسجون.

- وبعد هذا العرض الموجز جداً لمجالات الرعاية الصحية بالسجون والإشادة من المنظمات الدولية المتخصصة فى المجالات الطبية وإسهامات وزارة الداخلية فى تحسين مستوى الأداء الطبى بالسجون هل يجوز لك يا محرر تقرير مركز حقوق الإنسان القول بأن أطباء السجون يشتركون فى تعذيب السجناء !!!

- هذا العرض يا أخى الذى يكثر عليه أن أقول عنه موجز لتطبيقات تعزيز احترام حقوق الإنسان فى السجون المصرية فالعمل بالسجون المصرية يحتاج لمساحة وزمن أكبر بكثير من تلك الصفحات التى تناولتها بهذه الدراسة ولكن السجون المصرية وجهود وزارة الداخلية فى تحسين أحوال المسجونين ومعيشتهم لا تحتاج منى إلى تعليق أو دفاع فيكفينا إشادة وآراء المتخصصين فى هذه المجالات سواء على المستوى الدولى أو المحلى والسبب الرئيسى فى هذا العرض الموجز فيتمثل فى أن أقدم لمن لا يعلم شيئاً عن واقع السجون تمهيداً له للغوص بالدراسة والتحلل فى تفصيلات هذا المجتمع الذى ينبض بتضحيات كثيرة من رجالات الشرطة لتقديم يد العون والمساعدة لفئات أقل ما يتصفون به هو أنهم مقيدى الحرية وفى حاجة ملحة لتلك المساعدات أما إذا كان محرر التقرير يعلم واقع هذا المجتمع ويتناساه لمحاولة إثبات فكرة تولدت لديه قبل كتابة سطوره بأى طريقة حتى ولو كانت إلقاء الاتهامات الجزافية بغير دليل أو سند فأقول له رحمه بهذا البلد يا أخى هذا البلد الذى يتربص به الحاقدين وأصحاب المصالح للكيد به ومحاولة إظهاره بصورة سيئة فلا أقل على أبناؤه أن يقفوا بالمرصاد لتلك المحاولات إلا أن يمسكوا بمعوال الهدم لمساعدة هؤلاء المتربصين فى النيل منه.

وليس الهدف من هذا العرض أن أقدم صورة ورديه لمجتمع على غير حقيقته فلا يوجد على وجه الأرض أى عمل انسانى متكامل ولكنها دعوة لكل صاحب رأى أو نقد موضوعى ليرشدنا إلى الأساليب الصحيحة فى مجالات التنفيذ العقابى أو غيرها من مجالات الضبط الادارى أو القضائى وفى نفس الوقت فإننا نرفض بشدة أسلوب التشهير والتشكيك بجميع أنظمة الدولة وسلطاتها وذلك تحت لواء الدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته الاساسية فتلك الحقوق والحريات تكفلها الدولة وسلطاتها بما لديها من مكنات وخبرات علمية وقانونية تندر أن تتواجد بجهات أثبتت التجربة العملية أن قدراتها المعلوماتية لا ترقى إلى مستوى التحليل القانونى سواء من الناحية النظرية أو العملية.

 


  محمد عبد الرحمن    عدد المشاركات   >>  21              التاريخ   >>  13/2/2004



الخاتمــة

لقد طلب منا السيد الأستاذ/ مدير مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء في إطار تناوله طرح خطاب إنساني ووطني بهدف أن يستنفر أقلام وطاقات رموز الأمة من كتاب ومثقفين وأعضاء مجلس الشعب بل وضباط شرطة زملاء لمرتكبي جرائم  التعذيب.

- وها أنا أرانى وقد وبث قلمي من غفلته لأكتب في أحد موضوعات حقوق الإنسان التي طالما ازداد عشقي بالاطلاع عليها، والكتابة فيها، والحقيقة أن هذه الوثبة كانت من المفترض أن ينتج عنها مطولا لحقوق الإنسان في النظام القانوني المصري وليس بعض النقاط الفرعية من موضوعات مناهضة التعذيب، ولكن ليس في الوقت متسع إلا لأرد علي بعض ما أثاره التقرير من مبادئ قانونية وطرق تفسير للنصوص لا تعتمد علي أساس علمي سديد.

- فقد تناولنا في هذا التقرير المقتضب في مبحث تمهيدي مفهوم جريمة التعذيب في القانون الدولي وشروطها الثلاث وانتهينا إلي ضرورة توافر العناصر المادية والمعنوية بالإضافة إلي العنصر الدولي لاعتبارها جريمة دولية، وبغض النظر عن التعريف الوارد بالاتفاقية فإن أهمية اعتبار جريمة التعذيب جريمة دولية هو خروجها من نطاق الاهتمام المحلي إلي نطاق الاهتمام الدولي وما يثيره ذلك من تطبيق تلقائي للمادة (20) من اتفاقية مناهضة التعذيب، بالإضافة إلي أهمية تحديد مفهوم هذه الجريمة كأحد الجرائم التي نص عليها النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية في المادة الخامسة الفقرة الثانية تحت بند الجرائم ضد الإنسانية والتي أوردت بشأنها المادة السابعة من ذات النظام تعريا شاملا لها ومن مشتملاتها التعذيب سواء ارتكب هذا الفعل في زمن الحرب أو في زمن السلم، وغنى عن البيان أن مصر كانت من رواد الدول التي وقعت علي تلك الاتفاقية وحاليا يجري اتخاذ إجراءات التصديق عليها، وذلك ردا علي ما ورد بالتقرير من أن الآليات الدولية في مصر  لمناهضة التعذيب مغلقة أمام الأفراد وذلك لعدم قبول مصر لنص المادتين 20، 21 من اتفاقية مناهضة التعذيب.

- ثم تناولنا في الفصل الأول مبدأ حظر التعذيب في النظام القانوني المصري من خلال التعرض لجزئية وهم ما يسمى بانتشار التعذيب في مصر وذلك باستعراض تأثير تطبيق قانون الطوارئ علي تدابير حماية حقوق الإنسان في مصر وانتهينا إلي أن هذا التطبيق لا يخل بتلك التدابير سواء لعدم قدرته علي تعطيل أحكام الدستور التي تمثل المنهل الطبيعي لهذه الحقوق أو لمدى تطبيقه الذي يتم على أضيق نطاق وأخيرا لوجود الضمانات القضائية والادارية التي تكفل عدم إهدار أياً من الحقوق التى تنص عليها مواثيق حقوق الإنسان بصفة عامة وأحكام اتفاقية مناهضة التعذيب بصفة خاصة، ثم تناولنا بطريقة مركزة وموجزة جداً الضمانات التي يكفلها قانون العقوبات المصري لمواجهة ممارسات التعذيب.

- وأخيراً المحنا إلي طريقة إنشاء السجون في مصر وتشغيلها لتصحيح بعض المعلومات التي وردت بالتقرير بدون دراية وعلم مسبق بتلك القواعد.

- ثم استعرضنا في ذات المبحث المناخ السياسي والاجتماعي في مصر للتدليل علي مؤشرات ثقافة حظر التعذيب وذلك من خلال عرض موجز لتطبيق مبدأ سيادة القانون وكذا لبيان الآثار القانونية للتصديق علي المعاهدات الدولية في مصر.

- وفي المبحث الثاني تناولنا آليات مناهضة التعذيب في مصر سواء التي تجد مصدرها في القانون الدولي أو الداخلي.

- واستخلصنا من كل ما تقدم أن السياسة الثابتة لمصر تمثل رؤيتها واستراتيجيتها القومية تجاه قضايا حقوق الإنسان وحرياته محليا ودوليا ولا أدل على ذلك انضمام وتصديق مصر إلي غالبية المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان ولم يكن هذا الانضمام أو التصديق نظرياً فقط ولكن استتبعه كثير من الاجراءات التشريعية والإدارية التي تكفل تعزيز تلك المواثيق والاتفاقيات ومن بينها اتفاقية مناهضة التعذيب فبالإضافة إلي ما ورد ذكره بالمتن، أذكر قيام السيد المستشار/ النائب العام لجمهورية مصر العربية بإصدار القرار رقم (1884) لسنة 1999 في 19/10/1999 بإنشاء مكتب التعاون الدولي وتنفيذ الأحكام ورعاية المسجونين وتحديد اختصاصاته (مرفق بالملاحق) التي من بينها تلقي تقارير تفتيش السجون التي تتم بمعرفة أعضاء النيابة وكذا الأوراق والمكاتبات المتعلقة بالتظلم من أوامر الاعتقال وكافة شئون المعتقلين، القضايا والأوراق المتعلقة بحقوق الإنسان.

- وتناولنا في الفصل الثاني دور الشرطة في تأكيد معايير حماية حقوق الإنسان من خلال أحد التطبيقات العملية لإدارة قطاعاتها المختلفة المتمثلة في الجهاز العقابي المصري وانتهينا إلى حرصها علي تطبيق مفهوم إنسانية القوانين العقابية.

- واختتم هذا التقرير بعبارات المحكمة الدستورية العليا المصرية في حكمها الصادر في القضية رقم 22 لسنة 8 قضائية بتاريخ 4/1/1992 حيث أشارت بأسباب الحكم إلى ما يلي:

'انه في مجال حقوق المواطن وحرياته الأساسية فإن مضمون القاعدة القانونية التي تسمو في الدولة القانونية عليها وتتقيد هي بها إنما يتحدد في ضوء مستوياتها التي التزمتها الدول باطراد في مجتمعاتها واستقر العمل علي انتهاجها وبالتالي لا يجوز للدولة القانونية أن تنزل بالحماية التي توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام في الدول الديمقراطية ولا أن تفرض علي تمتعهم لها أو مباشرتهم لها قيودا تكون في جوهرها أو مداها مجافية لتلك التي درج العمل في النظم الديمقراطية على تطبيقها بل أن خضوع الدولة للقانون محددا في ضوء مفهوم ديمقراطي مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التي يعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة'.

- أن المتتبع لمراحل التجربة الديمقراطية المصرية ليستشعر علي الفور مدى التطور في النهج وأساليب التطبيق لهذا المفهوم، والذي من أبرز تطبيقاته ذلك التقرير الذي نشره مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء الذي اعتمد علي النقد لمجرد النقد بدون أساس علمي أو وثائقي، وإن كان اعتمد علي عدد كبير من أحكام التعويض المدني لبعض من شملهم الاحتجاز الإداري أو القضائي (بالرغم من اقتناعه بعدم كفاية هذا التعويض المدني لمواجهة ما أسماه بممارسات التعذيب) الا أن هذه الأحكام لتدل دلالة قاطعة علي مدي التطور في المبادئ التي ينتجها القضاء المصري بالوصول إلي قواعد مسئولية الإدارة إلى المدى التي لم تصل إلية بعض الثقافات القضائية العريقة الأخرى ألا وهو مسئولية الإدارة علي أساس المخاطر أو كما يقال المسئولية بدون خطأ أو الخطأ المفترض.

- فنحن لسنا ضد النقد وضد كل رأي مدروس يظهر لنا أخطاءنا لنقومها ولكن نحن ضد الرأي الذي يعتمد علي باطل ويراد به حق، فالقلم كالسيف إن أغمدته لا تستطيع سحبه مرة أخري بدون أضرار، فهذا التشهير والتشكيك بكافة سلطات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية وإن كان لا يعتمد علي أساس علمي صحيح كما ذكرنا إلا أن تلك الأساليب تؤدي إلي الإساءة بسمعة مصر في المجتمع الدولي، فإن كان أحد أبناء هذا البلد يصورها كأن بها مجازر وأساليب وحشية تمارس بصفة يومية في جميع الأماكن التي يديرها ضباط الشرطة، فما بال الشخص الأجنبي الذي لا يعيش واقعنا الآمن المسالم، ألا تعلم يا أخى يا محرر هذا التقرير مدي الأضرار التي يتسبب فيها مثل هذا التشهير وإن كنت تريد به الإصلاح والحق كما ذكرنا، وما أكثر المتربصين بهذا البلد الذي نعيش ونحيا في كنفه والذي يستحق منا كل تضحية لانمائه ووضعه في مكانه الحقيقي بين مصاف الدول المتقدمة لخير حاضرنا والأجيال القادمة.

- ليس في هذا الكلام ما يدل على التشكيك في وطنية وجهود محرر هذا التقرير لإشاعة حقوق الإنسان في مصر، ولكن ومن الحب ما قتل ...!!!

وآخر دعواهم

أن الحمد لله رب العالمين


الملاحــق

 

1- قرار وزير الداخلية رقم (691) لسنة 1998 فى شأن كيفية معاملة المسجونين ومعيشتهم.

 

2- قرار النائب العام رقم (1884) لسنة 1999 بشأن إنشاء مكتب التعاون الدولى وتنفيذ الأحكام ورعاية المسجونين وتحديد اختصاصاته.

 

3- الكتاب الدورى رقم (11) لسنة 1999 الصادر عن النائب العام بشأن القواعد الواجب اتباعها من السادة أعضاء النيابة العامة بمناسبة التفتيش المفاجئ على أقسام أو مراكز الشرطة أو الأماكن الأخرى التابعة لها (ملحقة بالقواعد العامة المتعلقة بالتفتيش الدورى على السجون).


قرار وزير الداخلية

رقم (691) لسنة 1998

فى شأن كيفية معاملة المسجونين ومعيشتهم

وزير الداخلية:

بعد الاطلاع على،،،

القانون رقم 396 لسنة 1956 فى شأن تنظيم السجون، وعلى قرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961 بإصدار اللائحة الداخلية للسجون، وعلى قرار مساعد وزير الداخلية للشرطة المتخصصة رقم 503 لسنة 1974 فى شأن كيفية معاملة المسجونين ومعيشتهم، وعلى اقتراح رئيس قطاع مصلحة السجون وموافقة النائب العام، وبناء على ما ارتآه مجلس الدولة.

قــــرر

مادة 1:

مع مراعاة أحكام المادتين 15، 14 من القانون رقم 396 لسنة 1956 المشار إليه.

1- يكون الحد الأدنى المقرر للمسجونين من الأثاث والملابس على الوجه الآتى وذلك فى حدود إمكانيات قطاع مصلحة السجون.

أولاً: الأثاث والأدوات:

يخصص لكل مسجون أو مسجونة الأثاث والأدوات الآتية:

سرير، مرتبة، ملاءة للسرير، وسادة، عدد 2 كيس للوسادة، بطانية صوف صيفاً أو اثنتان شتاء، حصيرة، عدد 3 طبق بلاستيك، عدد 2 ملعقة بلاستيك، مشط للشعر للمسجونات، عدد 2 صابونة.

وبالنسبة للأمهات الحاضنات والمرضعات يزاد صنف الصابون إلى عدد 4 صابونة لكل منهن.

ثانياً: الملابس:

1- الملابس المقررة لكل المسجونين الرجال وهم:

أ-المحبوسين احتياطياً والمحكوم عليهم بالحبس البسيط أو المنفذ عليهم بالإكراه البدنى.

ب- المحكوم عليهم المنقولون للسجن متوسط الحراسة (العمومى).

جـ- المحكوم عليهم بالحبس مع الشغل أو السجن.

د- المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة.

تكون كما يلى:

عدد 2 بنطلون، 2 جاكيت (من نفس نوع قماش البنطلون)، عدد 2 قميص (سترة تستخدم كفانلة داخلية)، عدد 2 طاقية، عدد 2 لباس، عدد 2 منديل يد، جاكيت صوف على قطن شتاءاً، حذاء، شبشب بلاستيك (للاستحمام والوضوء)، عدد 2 زوج جوارب (شرابين) قطن أبيض، عدد 2 فوطة وجه، عدد 2 صابونة.

وبالنسب للمسجونين المصنعين (من يلحق بالأعمال بمرافق السجن والمشروعات الإنتاجية الصناعية والزراعية والداجنة) يصرف له إضافة إلى المقرر من الملابس المشار إليه عاليه عدد (1) جاكيت من نفس نوع قماش البنطلون + بنطلون.

2- ملابس المسجونين المرضى بمستشفى السجن:

عدد 2 طاقية، 2 قميص، عدد 2 فوطة وجه، شبشب بلاستيك، عدد 2 لباس، عدد 2 بنطلون، جاكيت صوف على قطن شتاءاً، عدد 2 سترة بلون سماوى وبدون (أكمام- أزرار- ياقة) وذلك لتمييز المسجون المريض المودع بالمستشفى عن باقى مسجونى السجن.

3- ملابس المسجونات المحكوم عليهن والمحبوسات احتياطياً من النساء:

عدد 2 جلباب، عدد 2 قميص، عدد 2 لباس، عدد 2 طرحة من قماش خفيف، عدد 2 منديل للرأس، عدد 4 فوطة للطمث، جاكته صوف على قطن شتاءاً، حذاء، عدد 2 فوطة وجه، شبشب بلاستيك (للاستحمام والوضوء)، عدد 2 صابونة، عدد 2 منديل يد.

بالنسبة للأمهات الحاضنات والمرضعات يزاد صنف الصابون إلى عدد 4 صابونة لكل منهن.

4- ملابس المسجونات المريضات:

عدد 2 جلباب، عدد 2 لباس، عدد 2 قميص كستور شتاءاً، عدد 2 منديل يد، عدد 2 فوطة وجه، شبشب بلاستيك، سترة بلون سماوى وبدون (أكمام- ياقة- أزرار) لتمييز المسجونات المرضى المودعين بالمستشفى عن باقى المسجونات.

5- ملابس الأطفال الرضع:

عدد 2 جلباب، عدد 4 لباس، عدد 2 قميص كستور شتاءاً، عدد 2 منديل، عدد 2 بلوفر صوف على قطن شتاءاً، عدد 2 جورب (شراب) قطن، عدد 2 بنطلون صوف تريكو شتاء، عدد 1 بطانية أو كوفرته أطفال، عدد 2 قميص ويجوز لطبيب السجن إذا رأى ضرورة صحية أن يوصى بصرف ملابس داخلية إضافية على حساب مصلحة السجون للمسجونين الذين ليس فى مقدورهم شراؤها وذلك بعد موافقة رئيس قطاع مصلحة السجون.

ويعاد الكشف طبياً على من يوصى الطبيب بصرف ملابس لهم على حساب قطاع مصلحة السجون دفعتين فى السنة، ويؤشر فى دفتر التقريرات الطبية ودفتر المعاملة الاستثنائية بنتيجة الكشف، وإذا رأى ضرورة إعادة صرف هذه الأصناف لاستمرار قيام الأسباب الموجبة للصرف مجاناً يكون صرفها لهم بموافقة رئيس قطاع مصلحة السجون.

مادة 2: مع مراعاة حكم المادة 16 من القانون رقم 396 لسنة 1956 المشار إليه، يكون المقرر لغذاء المسجونين على الوجه


  محمد عبد الرحمن    عدد المشاركات   >>  21              التاريخ   >>  13/2/2004



مادة 3: يصرف فاكهة مضاعفة لكل مسجون فى أول أيام عيد الفطر المبارك علاوة على المقرر له.

مادة 4: يشترط قيام طبيب السجن بالكشف على ما يقدم للمسجونين المرضى من أغذية للتأكد من مناسبتها لحالتهم الصحية.

مادة 5: يوضع المحكوم عليهم الجدد الذين تقل سنهم عن 55 سنة فى الدرجة الثالثة الادارية ابتداء، أما من تقع سنهم فى الحلقة من 55 سنة إلى أقل من 60 سنة فيوضعون فى الدرجة الثانية ابتداء، ويوضع المسجون من 60 سنة فأكثر فى الدرجة الأولى ابتداء.

مادة 6: تشكل لجنة فى كل سجن من مأمور السجن أو من يقوم مقامه رئيساً وعضوية طبيب السجن وضابط مباحث السجن والاخصائى الاجتماعى ويكون اختصاصها وضع المسجون فى الدرجة الادارية الملائمة بالنظر إلى ظروفه الشخصية ونوع الجريمة التى ارتكبها والعقوبة المحكوم بها عليه.

وتطبق قاعدة السن الواردة بالمادة السابقة على المودعين فى السجون وقت صدور هذا القرار وعلى من يصلها ممن كانوا موضوعين فى درجات أقل.

مادة 7: للنائب العام ورئيس قطاع مصلحة السجون حق مراجعة أعمال هذه اللجنة من وقت لأخر وتعديل قراراتها.

مادة 8: يصرح للمحكوم عليه فى الدرجة الثانية بشراء أو استحضار وسادة للنوم وغطاء صوف مطابقين للشروط الصحية ويصرح له بالاحتفاظ بالكتب والإضاءة فى غرفته بعد المواعيد المقررة على نفقته وذلك كله بالشروط التى يضعها رئيس قطاع مصلحة السجون.

ويصرح للمحكوم عليه فى الدرجة الأولى بشراء أو استحضار مرتبة ووسادة للنوم وأغطية ومراه ومنضده وكرسى وسجادة وبشكير والاحتفاظ بصور عائلية وبالكتب والجرائد والمجلات وبالإضاءة فى غرفته بعد المواعيد المقررة وذلك كله على نفقته وبالشروط التى يضعها رئيس قطاع مصلحة السجون.

ويسمح المسجون أياً كانت درجته الادارية بقبول ما يقدمه له زائروه من أطعمه وحلوى وفاكهة فى حدود استهلاكه الشخصى ليوم واحد وسجائر فى حدود 40 سيجارة سواء فى الزيارة العادية أو الخاصة، ولا يتمتع المحكوم عليهم بالإعدام بهذه الميزة.

مادة 9: يلغى قرار مساعد وزير الداخلية للشرطة المتخصصة رقم 503 لسنة 1974 المشار إليه، كما يلغى كل حكم يخالف هذا القرار.

مادة 10: على رئيس قطاع مصلحة السجون تنفيذ هذا القرار.

مادة 11: ينشر هذا القرار بالوقائع المصرية، ويعمل به اعتباراً من اليوم التالى لتاريخ نشره.

تحريراً فى: 7/3/1998م

 

حبيب العادلى

وزير الداخلية


جمهورية مصر العربية

النيابة العامة

مكتب النائب العام المساعد

مدير التفتيش القضائى

قـــرار

رقم (1884) لسنة 1999

بشأن إنشاء مكتب التعاون الدولى وتنفيذ الأحكام ورعاية المسجونين وتحديد اختصاصاته.

النائب العام/

بعد الاطلاع على قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972، وعلى ما تضمنته التعليمات القضائية للنيابات فى المسائل الجنائية والمعدلة بقرار النائب العام رقم 837 لسنة 1999.

وتحقيقاً لصالح العمل.

قــر

(مادة أولى)

ينشأ مكتب يختص بأعمال النيابة العامة المتعلقة بالتعاون الدولى وتنفيذ الأحكام ورعاية المسجونين، ويلحق بمكتب النائب العام، ويكون اختصاصه شاملاً لجميع أنحاء الجمهورية فيما يلى:

1- طلبات تسليم المتهمين أو المحكوم عليهم بالادانة فى قضايا الجنايات أو الجنح والذين يقيمون فى دولة أجنبية مشفوعة بالأوراق المنصوص عليها فى المادة 1712 من هذه التعليمات.

2- الطلبات التى ترد من دولة أجنبية لتسليم متهم أو محكوم عليه مقيم فى مصر.

3- طلبات سؤال المتهمين والشهود المقيمين فى الخارج، مع تحرير مذكرة بوقائع القضية وما يطلب فيها مع ذكر البيانات الكفيلة بتحديد شخصية المراد سؤاله ومحل إقامته.

4- الأوراق المراد إعلانها بالخارج طبقاً للمنصوص عليه فى المواد من 218 إلى 224 من التعليمات الكتابية والمالية والادارية الصادرة عام 1995م.

5- أوراق تنفيذ الأحكام طبقاً لاتفاقية تنفيذ الأحكام الموقع عليها فى 9 يونيو عام 1958 بين مصر وغيرها من دول الجامعة العربية.

6- طلبات تكليف الشهود من أعضاء السلكين السياسى والقنصلى الأجنبي لسماع أقوالهم أمام المحاكم مرفقاً بها مذكرات تشتمل على موضوع القضية المطلوب أداء الشهادة فيها ومدى تعلقها بأعمالهم الرسمية.

7- طلبات ندب رجال السلكين السياسى والقنصلى الأجنبي لأعمال الخبرة سواء فى المسائل الجنائية أو المدنية لاستطلاع الرأى فيما يتبع بشأنها.

8- الأوراق التى ترد من أقلام المحضرين والكتاب المتعلقة برجال السلكين السياسى والقنصلى الأجنبي.

9- القضايا والأوراق المتعلقة بحقوق الإنسان.

10- طلبات نقل المحكوم عليهم لتنفيذ العقوبة فى الدولة التى يتمتعون بجنسيتها.

11- طلبات الإنابة القضائية.

12- متابعة قضايا تهريب الآثار والاتجار فيها بهدف اتخاذ الاجراءات اللازمة لاستعادة الآثار المصرية الموجودة فى الخارج، ومد الجهات المختصة والمعنية بالداخل والخارج بالمعلومات اللازمة عن تلك القضايا.

13- عقد الندوات والدورات والمؤتمرات فى الداخل والخارج وما يستتبع ذلك من تنسيق مع الجهات الأخرى.

14- تلقى ما يرد إلى النيابة العامة من منح ثقافية وعرضها على النائب العام للنظر فيما يتبع بشأنها.

15- الموضوعات الخاصة بجميع أوجه التعاون الدولى.

16- التظلمات التى تقدم من المحكوم عليهم بسبب وضعهم فى سجن بدلاً من سجن أخر.

17- الأوراق الخاصة بنقل المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة من الليمانات إلى السجون العمومية لأسباب صحية، وكذلك الخاصة بإعادتهم إلى الليمانات بعد زوال أسباب النقل.

18- تقارير تفتيش السجون التى تتم بمعرفة أعضاء النيابة، على أن ترسل صورها إلى المحامين العامين الأول لنيابات الاستئناف.

19- الشكاوى التى تقدم بشأن الافراج تحت الشرط للنظر فيها وفحصها واتخاذ ما يلزم بشأنها.

20- الأوراق الخاصة بالافراج الشرطى إذا رؤى إلقاؤه، على أن يرفق بها مذكرة تشتمل على مبررات الالغاء.

21- الأوراق والمكاتبات المتعلقة بالتظلم من أوامر الاعتقال وكافة شئون المعتقلين.

22- الاخطارات بالقضايا الخاصة بهروب المحبوسين من السجون بعد إيداعهم فيها.

23- قضايا جب العقوبات.

24- طلبات تأجيل تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية إذا أصيب المحكوم عليه بالجنون قبل البدء فى التنفيذ وفقاً للمادة 1460 من هذه التعليمات.

25- طلبات تأجيل التنفيذ إذا أصيب المحكوم عليه بمرض يهدد بذاته أو بسبب التنفيذ حياته للخطر وفقاً للمادة 1462 من هذه التعليمات.

26- قضايا المتهمين المعتوهين المطلوب إرسالهم إلى الأماكن المخصصة لملاحظتهم أو حجزهم فيها طبقاً للمواد من 1314 إلى 1332 من هذه التعليمات.

27- الأوراق الخاصة بالمحكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية والذين يصابون بجنون ولم يكن قد بدئ فى تنفيذ هذه العقوبات بعد، على أن يرسل معها المحكوم عليهم المذكورين لإرسالهم إلى دور الاستشفاء للصحة العقلية والنفسية لفحص حالتهم.

28- المكاتبات الخاصة بدور الاستشفاء للصحة العقلية والنفسية وأوامر الايداع بها لاتخاذ اللازم بشأنها وكذلك القرارات الصادرة بالافراج عن المتهمين المحجوزين بالدور المذكور طبقاً للمنصوص عليه بالمادتين 1333، 1334 من هذه التعليمات.

29- الأحكام المطلوب تنفيذها بالنسبة لأفراد القوات المسلحة لإرسالها إلى فروع تلك القوات لاجراء اللازم نحوها.

30- إبداء الرأى فيما يستشكل على أعضاء النيابة من أمور متعلقة بالتنفيذ.


جمهورية مصر العربية

النيابة العامة

مكتب النائب العام المساعد

مدير التفتيش القضائى

(مادة ثانية)

ترسل القضايا والأوراق المشار إليها فى المادة السابقة إلى مكتب التعاون الدولى وتنفيذ الأحكام ورعاية المسجونين عن طريق النيابات الكلية مباشرة.

(مادة ثالثة)

يلغى كل حكم يخالف هذا القرار.

(مادة رابعة)

يعمل بهذا القرار اعتباراً من تاريخ صدوره.

وعلى إدارة التفتيش القضائى تنفيذه.

 

صدر فى 19/10/1999

 

النائب العام

المستشار/

(ماهر عبد الواحد)


جمهورية مصر العربية

النيابة العامة

مكتب النائب العام المساعد

مدير التفتيش القضائى

كتاب دورى

رقم (11) لسنة 1999

النائب العام/

نظمت التعليمات القضائية للنيابات الصادرة عام 1980 والمعدلة بقرارنا رقم 738 لسنة 1999 فى الفصل الثانى من الباب الحادى والعشرين- القواعد المتعلقة بالتفتيش الدورى على السجون، انطلاقاً من اختصاص النيابة العامة المقرر قانوناً بالاشراف على السجون وغيرها من الأماكن التى تنفذ فيها الأحكام الجنائية.

وفى إطار ذلك التنظيم نوجه عناية السادة أعضاء النيابة إلى القواعد الأخرى الواجب اتباعها بكل دقه بمناسبة التفتيش المفاجئ على أقسام أو مراكز الشرطة أو الأماكن الأخرى التابعة لها عند الإبلاغ أو الإخطار- كتابة أو شفاهه- عن وجود محبوس أو محجوز بصفة غير قانونية فى تلك الأماكن، وتتمثل هذه القواعد فيما يلى:

أولاً: يبادر أقدم أعضاء النيابة الجزئية إلى سؤال المبلغ أو الشاكى فى محضر التحقيق -إن كان حاضراً-، وإلى الانتقال إلى مكان الحبس أو الحجز المبلغ عنه، وذلك بعد إحاطة المحامى العام علماً بالواقعة، وبمن يرى أن الأمر يستوجب مرافقتهم له من أعضاء النيابة.

ثانياً: يقوم عضو النيابة القائم بالتفتيش باتخاذ الاجراءات التى يقتضيها ضبط واقعة الحبس أو الحجز المبلغ عنه، والتثبت من شخصية المحبوس أو المحجوز، ومن محل إقامته، ومن أن وجوده -أو غيره ممن يكشف التفتيش عنه- بصفة غير قانونية، والتأشير على دفاتر الشرطة بما يفيد النظر، ثم يكلف المختص من ضباط الشرطة بإرسال المحبوس أو المحجوز ومن يرى سؤال ممن كانوا معه بمكان الحبس أو الحجز إلى مقر النيابة على الفور.

على أن يلتزم عضو النيابة أثناء التفتيش بالهدوء وضبط النفس مع سرعة التصرف، وأن يحسن معاملة ضباط ورجال الشرطة، وأن يتحاشى كل تصرف قد يفسد أو يؤثر فى تحقيق الغرض المقصود من التفتيش.

ثالثاً: بعد عودة عضو النيابة إلى مقر النيابة يقوم بإثبات إجراءات التفتيش التى اتخذها، وما تبين له من جرائم أو مخالفات، وما لاحظه عن مناظرة المحبوس أو المحجوز، وسؤال الأخير والشهود تفصيلاً فى محضر التحقيق، ثم يأمر بالافراج- فوراً- عن كل من كان حبسه أو حجز بدون حق من مقر النيابة.

فإذا لم تقم الشرطة بتنفيذ الأمر الصادر بإحضار المحبوس أو المحجوز أو الشهود إلى مقر النيابة أو تقاعست فى ذلك، فيجب على عضو النيابة إخطار المحامى العام بذلك لاتخاذ اللازم فى هذا الشأن.

رابعاً: بعد إنجاز ما تقدم يرسل عضو النيابة أوراق القضية إلى المحامى العام الذى يعهد بها إلى أحد رؤساء النيابة الكلية لاستكمال التحقيقات- تحت إشرافه- وإعداد القضية للتصرف.

خامساً: ترسل القضية بعد ذلك إلى المحامى العام الأول لنيابة الاستئناف مشفوعة بمذكرة بالرأى.

سادساً: يجب إجراء التفتيش الدورى على السجون- وفقاً لما ورد بالتعليمات القضائية للنيابات- مرة على الأقل فى كل شهر، وعلى نحو مفاجئ، ويحرر تقرير بما أسفر عنه ذلك التفتيش من ملاحظات، ترسل صورة منه إلى مكتب التعاون الدولى وتنفيذ الأحكام ورعاية المسجونين، وصورة أخرى إلى المحامى العام الأول لنيابة الاستئناف، على أن يتم ذلك عن طريق المحامى العام للنيابة الكلية.

وإننا لنثق فى اعتزاز من فطنه السادة أعضاء النيابة وحسن تقديرهم للأمور وسلامة تنفيذهم لهذه القواعد.

والله ولى التوفيق،،،

صادر فى: 25/10/1999

 

النائب العام

                                            المستشار/

(ماهر عبد الواحد)


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 4992 / عدد الاعضاء 62