حاولت ان اقف عن مشاركتي واكتفيت بقراءة المشاركات المتميزة من اعضاء المنتدى الى ان جاء الخلاف الفكري حول اعدام صدام ودون الدخول في تفاصيل المعركة التي دارت مع بعض الزملاء ضد عمدة المنتدى وبالغرم من انني مازلت عند موقفي لترك الكتابة لبعض الوقت وقراءة افكار وحورات استفيد منها كثير الا انه استوقفني اليوم كتابة احد الكتاب في جريد الشرق الاوسط وهو الاستاذ / فهمي هويدي وقبل ان اعرض عليكم ما قرائتة واعتقادي الراسخ بأن مايتم الآن ماهو الا دق لطبول حرب قادمة لا محالة ولا يعمل عواقبها الا الله وان كنت اعتقد بفكري المتواضع بأنه يمكن ان تكون هذه الحرب هي بداية النهاية لصراع طويل مع عدو كبير الا انني اخشى على الامة من تداعيات الحرب ولا اعرف ماذا ستفعل بنا الايام تعالوا واقراو للاستفادة
العام الجديد.. سحب داكنة في الأفق
لا يبشرنا استهلال عام 2007 بخير، والسحب الداكنة التي تتجمع في أفقه تباعا هذه الأيام والألاعيب التي تمارس على مسرح السياسة في المنطقة، خير دليل على ان القادم لا يبعث على الاطمئنان، ويستوجب درجة عالية من اليقظة والحذر.
خذ مثلا زيارة السيدة رايس وزيرة الخارجية الامريكية للمنطقة، وكلامها عن «تنشيط عملية السلام» والعودة الى التلويح بحكاية الدولتين المتجاورتين، الفلسطينية والاسرائيلية، ذلك ان أي مبتدئ في علم السياسة، او حتى قارئ للصحف اليومية يصعب عليه ان يبتلع الكلام، ولا بد ان يتشكك في صدقيته لأول وهلة. فنحن لا نعلم ان القضية الفلسطينية لا تحتل أية اولوية في اهتمام الادارة الامريكية، التى لا يهمها ولا يعنيها ان تقام الدولة الفلسطينية الا اذا كان في ذلك مصلحة اسرائيلية، واسرائيل تعمل جاهدة على الارض لكي لا تقوم لتلك الدولة قائمة، وإن لم تمانع في اقامة هياكل كاريكاتورية عاجزة تعلق عليها لافتة الدولة.
وفضلا عن ان اسرائيل لا تريد طرح ملف الدولة، فان توازنات المنطقة لا تضطرها الى ذلك، إذ أنها لا تواجه ضغوطا من أي نوع تدفعها الى تبني ذلك الخيار، ثم إن محيطها العربي «مرتاح» الى الوضع الراهن، ومتجاوب معه الى حد كبير، و«اصدقاؤها» في ذلك المحيط لم يعربوا عن استنكارهم للوضع الراهن او استيائهم ازاءه، وما برحوا يفتحون اذرعهم مرحبين بالقادة الاسرائيليين في عواصمهم، بل ان هؤلاء القادة اصبحوا يسمعون مدائح من بعض القادة العرب، لا يكادون يسمعونها في بلادهم، والإطراء الذى سمعه ايهود أولمرت في احدى العواصم العربية التى زارها اخيرا، خير دليل على ذلك. إذ في حين أشارت استطلاعات الرأي إلى تدهور سمعته السياسية وندد أقرانه بفشله، ورغم انه عين في وزارته السيد ليبرمان الذى يكن درجة عالية من الاحتقار للعرب والعداء للفلسطينيين، رغم ذلك فقد امتدحه أحد القادة العرب، وقال إنه طيب ومخلص وابن حلال وجدير بالثقة والاحترام!
ولماذا نذهب الى المحيط العربي، ونحن نجد نفس الظاهرة في الدائرة الفلسطينية ذاتها، ذلك ان جناح «السلطة» لم يعد مشغولا لا بالدولة ولا بمصير القضية، وانما شاغله الاول هو كيف يمكن إقصاء الحكومة التي شكلتها حماس وإفشالها، ومن يتابع الصور المنشورة عن لقاءات ابو مازن رئيس السلطة، لا تفوته ملاحظة انه يظهر صارما ومتجهما في كل لقاء يعقده مع رئيس الوزراء اسماعيل هنية، في حين تراه دائما فرحا ومنشرحا ومتهللا حين يصافح السيدة كوندوليزا رايس او يعانق رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، وقد قرأنا أخيرا انه تحدث عن صعوبة اجتماعه مع هنية في عمان، في حين أن الأمر من جانبه سهل للغاية ومرحب به دائما اذا كان المطروح هو اجتماعه مع اي مبعوث إسرائيلي أو امريكي.
اذا كان «الهوى» الفلسطيني على هذا النحو، فهل يصدق عاقل ان يكون الوقت الراهن هو المناسب لتنشيط عملية السلام، والإعداد لإقامة الدولة الفلسطينية؟
اذا كانت الاجابة بالنفي، وأحسبها كذلك، فلماذا بدأت السيدة رايس جولتها في المنطقة بزيارة تل ابيب ورام الله؟ ـ روي أن للزيارة هدفا اساسيا، هو تخدير العالم العربي وايهامه بأن واشنطن جادة في ايجاد حل للصراع العربي ـ الاسرائيلي، وهي التي تدرك ان قضية فلسطين هي مفتاح حل مشاكل المنطقة، وهذا التخدير مطلوب لاجراء جراحة اخرى في العراق الذي يشكل ملفه الهم الملح والعنصر الضاغط على السياسة الامريكية في الوقت الراهن، بعدما تدهورت الاوضاع الامنية في بغداد، وأدت إلى تدهور الوضع السياسي للرئيس بوش وبطانته.
واشنطن مشغولة بورطتها في العراق، ولم يعد الملف الفلسطيني ضمن اولوياتها، وغاية ما تريده من ذلك الملف ان يستخدم لصالح إخراجها من ورطتها. وهي اكثر من يدرك ان 2007 هو عام حسم مستقبل وجودها في العراق، ومستقبل المشروع النووي الايراني، والاول مطلب امريكي ملح، والثاني مطلب اسرائيلي بامتياز، الشرط الاساسي لتحقيق هذين الهدفين هو تسكين المنطقة بوسائل عدة، من خلال توزيع مختلف أنواع المهدئات والمخدرات السياسية، التي تحمل أسماء من قبيل «خارطة الطريق» وتنشيط عملية «السلام» واقامة الدولة الفلسطينية.. الخ.
من بوابة فلسطين، ستدلف السيدة رايس الى موضوع العراق، والاشارات القادمة من واشنطن تدل على انها تريد من الدول العربية عدة أمور، فالدول النفطية مطلوب منها أن «تسهم» في تغطية ما يعجز الرئيس الامريكي عن تمريره من نفقات لتمويل حملته في العراق، من الكونجرس ذي الاغلبية الديمقراطية، والدول غير النفطية سوف يقترح عليها ان تسهم في ارسال قوات إلى العراق تحت أي مظلة، إذا ما تطلب الامر ذلك، خصوصا انها تتجه الآن الى تصعيد حملتها العسكرية هناك، لتخوض حربين وليس حربا واحدة. الاولى ضد الميلشيات ومن تسميهم «الارهابيين»، والثانية ضد الحضور والنفوذ الايراني المتصاعدين داخل العراق. وهذا النفوذ لا تتمثل خطورته فقط فيما يحققه من توسع لصالح ايران، ولكنه ايضا يهدد الوجود الامريكي ذاته، وهذا التهديد يفترض ان يصبح اشد خطورة في حالة ما اذا جرت محاولة اجهاض المشروع النووي الايراني، من خلال عمل عسكري، وهذا العمل حتى اذا كان اسرائيلياً، فانه لن يتم دون مشاركة أو موافقة امريكية.
ازاء ذلك الاحتمال، فالمطلوب امريكيا الآن تفجير الصراع السني ـ الشيعي، واذكاء هذه العملية بكل السبل، بحيث يهيأ المناخ المناسب لطرح فكرة الهلال السني في مواجهة الهلال الشيعي، وذلك يستدعي احتشاد الدول السنية «المعتدلة» في المنطقة للقيام بهذا الدور، وقد رشحت بعض الدول العربية بقيادة ذلك الهلال السني، وهناك حديث متواتر عن ضم تركيا الى ذلك الحشد، باعتبارها دولة سنية (اخيرا تذكروا انها سنية!) ـ لكن أغرب ما في هذا السيناريو أن إسرائيل مرشحة بقوة للانضمام الى المعسكر السني المفترض. وكان الاسرائيليون قد لمحوا الى ذلك اثناء محاولتهم اجتياح لبنان في الصيف الماضي، حين قالوا ان العملية التي قاموا بها هناك تلقى رضا وتأييدا من بعض الدول العربية، الامر الذي دفع عددا من المحللين العسكريين في الدولة العبرية الى الحديث صراحة عن أهمية اقامة تحالف بين اسرائيل وتلك الدول العربية، لمواجهة مستويين من الخطر، أولهما الخطر الايراني، والثاني خطر الاصولية الصاعدة في المنطقة.
لكي تضغط من اجل تمرير السيناريو، فان واشنطن حاولت ابتزاز الدول العربية من خلال التلويح بأن الهزيمة الامريكية في العراق ـ اذا تحققت ـ فانها ستعد هزيمة للدول العربية «المعتدلة»، لأنها ستفتح الباب واسعا لتنامي الخطرين الايراني الشيعي، والاصولي المتطرف، والمطلوب في هذه الحالة ان يتوازى التصعيد العسكري في العراق، مع تصعيد آخر في المواجهة بين السنة والشيعة. الامر الذي يعني اننا بصدد موسم قادم للحرائق. قد لا يفوز فيه الامريكيون، ولكن اسرائيل هي الفائز الاكبر لا ريب، والعرب هم الخاسرون في كل الاحوال، إلا اذا حدثت مفاجأة ليست في الحسبان.
ما يثير الانتباه في هذا الصدد، انه في الوقت الذي نرشح فيه المنطقة لتكون مسرحا لحرائق كبرى، فان بعض الاقطار العربية تشهد تصعيدا موازيا في معادلات الصراع الداخلي، فالصراع الحاصل في لبنان لا يخفي أمره على أحد، فضلا عن ان له خلفيات وخيوطا موصولة بسيناريو الحرائق الكبرى، والصراع في فلسطين بين فتح وحماس سينطبق عليه نفس الكلام. وفي مصر صراع متصاعد بين السلطة من ناحية وبين حركة الاخوان المسلمين من ناحية وبين السلطة، وبين قوى المعارضة السياسية من جهة اخرى بسبب التعديلات المقترحة لدستور البلاد. وفي السودان صراع لا يراد له ان يهدأ، سواء في دارفور او حتى مع شركاء الحكومة في الجنوب. وفي تونس، صراع بين السلطة ومعارضيها، الذي وجدناه يتراوح بين القمع السياسي وبين الاشتباك المسلح.
وإذا يمَّمنا البصر إلى أبعد نحو الجنوب، فسنجد ان الصومال بصدد الدخول في جولة أخرى من حلقات الصراع الداخلي المستمر منذ 15 عاما، وذلك بعد اجتياح القوات الاثيوبية له. وإسقاط نظام المحاكم الاسلامية، وتوقع لجوء قوات المحاكم الى حرب للعصابات، بدأت مقدماتها بالفعل، المدهش في ذلك الصراع ان الغزو الإثيوبي تم بناء على ترتيب وغطاء امريكيين، ووسط سكوت مستغرب من جانب العالم العربي والاسلامي. رغم ان الصومال عضو في الجامعة العربية. كما انها تشكل احدى بوابات ومنافذ الإسلام الى افريقيا، وإخضاع ذلك البلد للنفوذ الاثيوبي ـ الامريكي، وربما الكيني ايضا، يعني سحب هويته ومحاولة قهر انتمائه العربي والاسلامي، بقدر ما يعني تحويله الى بؤرة للغضب مرشحة للانفجار في اي وقت.
هذه بعض المؤشرات التي ظهرت في الشهر الاول من العام، فما بالك بأحد عشر شهرا اخرى قادمة؟