الخصخصة والوصفة الصندوقية
بقلم
اشرف مشرف المحامي
لأن الاتجاه العام في دول العالم الثالث هو الاتجاه للخصخصة وخصخصة مشتقة من خاص أي تحويل العام إلى خاص أو بمعنى أخر بيع ممتلكات الدولة إلى من يدفع ثمنها
أو من وجهة نظر الدول النامية (أن كان لها وجهة نظر لأننا سنعرف فيما بعد من صاحب وجهة النظر الحقيقة ) هي ضرب عصفورين بحجر واحد أو ربما أكثر من عصفور فمن ناحية استفادت الدولة بثمن بيع المشروع ومن ناحية أخرى مازال المشروع موجودا ويؤدي الغرض منه
ومن ناحية ثالثة استبدلت إدارة المشروع الفاسدة والتي كانت تحقق خسائر إلى إدارة المفترض إنها إدارة ناجحة وبالطبع في هذا الجانب أي إدارة خاصة لمشروع ستكون أفضل ألف مرة من أي إدارة عامة لأنه من الطبيعي انه لن يهتم شخص بإدارة مشروع إلا إذا كان مالكه
والخصخصة ليست اختراع الدول النامية بل هي وصفة جاهزة يقترحها صندوق النقد الدولي على الدول التي تقع تحت سيفه وسلطانه
ويقوم جوهر هذه الوصفة الاقتصادية
على الأتي
تخلي الدولة عن دعم أي سلعة وكذلك عن دعم أي مشاريع خدمية مثل الكهرباء ومياه الشرب وخلافه وبالتالي تتحول المشاريع الخدمية إلى مشاريع منتجة أو مشاريع تحقق أرباحا كونها لا تقدم خدماتها إلا لمن يدفع ثمن هذه الخدمة وليس ثمن الخدمة فقط بل ويدفع ثمن ربحيتها أيضا
والحقيقة أن هذه الوصفة الصندوقية نسبة إلى صندوق النقد الدولي وصفة تتناقض مع أساس الاقتصاد الدولي الحديث الذي يقوم على أساس النظرية الكينزية نسبة إلى كينز الاقتصادي العالمي الكبير والذي ظهر في الثلاثينات ليقول أن فكرة إحجام الدولة عن الأنفاق وهي الفكرة السائدة في وقتها لا تحقق أي نمو اقتصادي بل أن إنفاق الدولة على الخدمات وضخها أموالا في شريان الاقتصاد المحلي يكون هو السبب الرئيسي لأي انتعاش اقتصادي
وحاليا كل دول العالم المتقدم تأخذ بالنظرية الكينزية ولذلك تنفق الدول المتقدمة وتضخ أموالا في اقتصادها المحلي وتنفق بغزارة على الخدمات
بينما نجد أن صندوق النقد الدولي مصر على العودة إلى ما قبل كينز مع الدول النامية ويطلب من الدول النامية أن تغل يدها تماما عن الأنفاق وكأن الدولة هي فرد عادي يقوم اقتصاده على الفرق بين الدخل والأنفاق
بينما الدولة نموها الاقتصادي له حسابات أخرى وأبعاد أخرى
واكبر دليل على فشل سياسة صندوق النقد الدولي هي غانا والتي كانت تعتبر التلميذ المطيع لصندوق النقد الدولي ونفذت سياساته الصندوقية بكل دقه إلى أن دخلت في صندوق من الضياع الاقتصادي