تقديم :
في 18 /5 / 1949 صدر في الجمهورية العربية السورية المرسوم التشريعي رقم 84 القاضي بإصدار القانون المدني وتطبيقه ابتداء من 15 / 6/ 1949 وهو اليوم الذي أنهي فيه تطبيق مجلة الأحكام العدلية التي كانت تعتبر بمثابة قانون مدني لسوريا ويقوم هذا القانون الجديد على القانون المدني المصري حيث أشادت المذكرة الإيضاحية بالدور الذي لعبته مجلة الأحكام العدلية في الماضي ثم فندت أسباب الأخذ بالقانون المصري وشرحت أسباب هذا الاستمداد فقالت :
(( ويقوم هذا المشروع على أساس القانون المصري الذي صدر أخيراً والسبب في اختيار هذا القانون أساساً للمشروع السوري يعود إلى ما بين القطرين الشقيقين من التقاليد المشتركة والعادات المتقاربة والأوضاع الاجتماعية المتشابهة بحيث يسهل تطبيقه في سوريا ويؤدي في الوقت نفسه إلى الاستفادة من اجتهاد القضاء المصري ومن آثار رجال القانون المصريين ويقيم بين البلدين تعاوناً واسعاً في التشريع المدني
على أن اقتباس المشروع السوري من القانون المصري يحقق مقصداً من أجل المقاصد التي يرنو إليها العرب في هذا العصر وهو توحيد التشريع بين الأقطار العربية , وقد كان هذا الهدف مطمح أنظار رجال القانون العرب وأملاً من آمالهم فجاء هذا المشروع محققاً لهذا الأمل وهو أول خطوة عملية لإقامة الوحدة القانونية بين الأقطار العربية ))
ولكن هذا كله لا ينفي وجود بعض الاختلافات بين القانونين وهي موضوع بحثنا هذا وسنعرض لها بوضوح قدر الإمكان
يتفق القانون المدني المصري ونظيره السوري في العديد المواد ، وبالمقابل من ذلك فإن هناك اختلافات عدة بينهما ،حيث ورد الخلاف في أربعة مواضع هي :
1 ـ الباب التمهيدي
2 ـ نظرية الالتزام
3ـ الحقوق العينية
4 ـ الإثبات
أولاً : في الباب التمهيدي
أ ـ ترتيب المصادر المنشئة : يفترق القانونان من حيث ترتيب المصادر المنشئة التي يوجب اعتمادها كما يلي :
القانون المصري في مادته الأولى بفقرتها الثانية يوجب على القاضي أن يعتمد على نصوص القانون أولاً فإن لم يجد نصاً رجع إلى العرف ثم على الفقه الإسلامي ثم إلى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة فالنص في المادة الأولى من القانون المدني على نحو ما سبق مفاده أنه ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ لا يجوز التحدي بالعرف إلا إذا لم يوجد نص تشريعي. ( الطعن رقم 8757 لسنــة 64 ق - تاريخ الجلسة 15 / 5 / 1996 مكتب فني 47 )
أما القانون السوري في مادته الأولى فقرة 2 فقد أوجب بعد نصوص القانون أن يعتمد القاضي مبادئ الفقه الإسلامي ثم العرف ثم مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة .
ونلاحظ مما تقدم أن القانون المصري قدم العرف على الفقه الإسلامي بينما القانون السوري عكس ذلك وقدم الفقه على العرف .
لكن يجب أن ننوه أن الدستور المصري الذي تم تعديله عام 1980 م قد جعل المصدر الأول للتشريع هو الشريعة الإسلامية فنصت المادة (2) على أن الإسلام دين الدولة ، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع
ونرى أنه كان لزاماً على المُشرع المصري أن يُعدل تلك المواد التي لا تتفق مع الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع ، كما أننا لا نتفق مع وجهة النظر التي تبنتها المحكمة الدستورية العُليا في مصر باعتبار القوانين المُخالفة للشريعة الإسلامية والصادرة قبل التعديل الدستوري الحاصل عام 1980م دستورية على اعتبار أنها صدرت قبل التعديل الدستوري
وقضت المحكمة الدستورية العُليا المصرية في هذا الشأن ( حكم المادة الثانية من الدستور ، بعد تعديلها فى 22 مايو سنة 1980 ــ يدل على أن الدستور أوردها ليفرض بمقتضاها ــ واعتبارا من تاريخ العمل بهذا التعديل ــ قيداً على السلطة التشريعية يلزمها فيما تقره من النصوص القانونية ، بألا تناقض أحكامها مبادئ الشريعة الإسلامية في أصولها الثابتة ــ مصدراً وتأويلاً ــ بعد أن اعتبرها الدستور مرجعاً ترد إليه هذه النصوص فلا تعارضها ، ودون ما إخلال بالضوابط الأخرى التي فرضها الدستور على السلطة التشريعية وقيدها بمراعاتها في ممارستها لاختصاصاتها التشريعية . وإذ كان الأصل في كل مصدر ترد إليه النصوص القانونية لضمان اتساقها مع مقتضاه ، أن يكون أسبق وجوداً من هذه النصوص ذاتها ، فإن مجال إعمال نص المادة الثانية من الدستور ، يكون بالضرورة مرتبطاً بالنصوص القانونية التي تصدر بعد نفاذ التعديل الذي أدخله الدستور عليها دون سواها ، لينحسر بالتالي عن النصوص المطعون عليها الصادرة قبل العمل بتعديل المادة الثانية من الدستور ، والتي لم يلحقها منذ صدورها تغيير ينال من محتواها بما يؤثر في الحقوق التي تطلبها المدعية بمناسبة تطبيقها عليها ، ومن ثم يكون النعي عليها بمخالفتها نص المادة الثانية من الدستور ، غير سديد . )
وهو قضاء محل نظر من وجهة نظرنا سنعرض له فيما بعد بمشاركة مستقلة .
وفي النظرة الأولى للأمر يبدو أن ثمة شأن لهذا الفارق لكن بالتدقيق يتبين أن لا أهمية لذلك كون الفقه الإسلامي يشمل الاعتماد على العرف لما له من مكانة كبرى في الفقه الإسلامي إضافة على أن تطبيق أحكام الفقه الإسلامي قرابة 14 قرناً في القطر السوري جعل منها أعرافاً راسخة في ضمير الشعب السوري مما يجعل هذه التقدمة ليست ذي جدوى سوى تهدئة أنصار الدعوة لاستمداد القانون المدني من الفقه الإسلامي
ثانياً : في نظرية الالتزام
في نظرية العقد
يفترق القانون المدني السوري عن أصله المصري في مواطن عدة من أحكام نظرية العقد :
1 ـ في زمان انعقاد العقد ومكانه في التعاقد بين غائبين
فالقانون المصري أخذ بنظرية العلم مادة 97 - 1 – يعتبر التعاقد مابين الغائبين قد تم في المكان وفى الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضى بغير ذلك .
2 – ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان وفى الزمان اللذين وصل إليه فيهما هذا القبول .
وجاء بمذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري أنه " تتضمن التشريعات المختلفة أحكاما متباينة بشأن تعيين زمان التعاقد بالمراسلة ومكانه . وقد اختار المشرع مذهب العلم بالقبول . ولم يجعل من الرد بالقبول سوى قرينة بسيطة على حصول العلم به . )
وفي ذلك قضت محكمة النقض المصرية (
المقرر وفقاً لنص المادة 2/97 من القانون المدنى على أن - يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم فى المكان و الزمان اللذين يعلم فيها الموجب بالقبول ما لم يوجد إتفاق أو نص يقضى بغير ذلك .) الطعن رقم 1649 لسنــة 51 ق -
تاريخ الجلسة 26 / 11 / 1984 مكتب فني 35 رقم الصفحة 1920 )
في حين أخذ القانون السوري بنظرية التعبير وهو ما نصت عليه المادة 98 هذه تنص على : يعتبر العقد ما بين غائبين قد تم في المكان وفي الزمان اللذين صدر فيهما القبول ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك )
وتقضي هذه النظرية بأن العقد يعد تاماً عندما يصدر الموجب له تعبيره بالقبول والغالب يكون كتابة وبالتالي يعتبر العقد تاماً ولو ما زال القابل محتفظاً بالوثيقة التي تثبت قبوله
وقد عللت المذكرة الإيضاحية للقانون المدني السوري مخالفتها للقانون المصري بكثرة المعاملات الجارية بين سورية ولبنان بحيث تقضي المصلحة توحيد النصوص التشريعية بين البلدين وفق قانون الموجبات والعقود اللبناني وهو تعليل غير واضح وقاصر كون القانون السوري غير مستمد من اللبناني أصلاً وقد كان بداية متبعاً للفقه الإسلامي قبل القانون الأخير
2ـ في إعلام الإرادة
جعل القانون المصري الأصل في التعبيرات أنها متلقاة م91
إذ نصت على أن : التعبير عن الإرادة ينتج أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه
قال عنها الدكتور السنهوري في مناقشات لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ " أن مؤدى هذا النص أن الإرادة لها وجود مادي بمجرد صدورها . ولكن لا يكون لها وجود قانوني إلا بوصلها إلى علم من وجهت إليه ، فالإيجاب وكذلك القبول بعد وصوله إلى علم من وجه إليه يصبح له وجود قانوني غير ملزم ، إلا إذا اقترن بميعاد ، وهذا الوضع الجديد يتفق مع نزهة القضاء في المسائل المدنية إذ أنه أخذ بنظرية العلم وهى نزعة القوانين الحديثة " ( وراجع تعليقه على ما جاء بمذكرة المشروع التمهيدي عن أصل هذه المادة بهامش البند 81 ص 184 من الجزء الأول من الوسيط )
فمفاد نص المادة 91 من القانون المدني أن التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إذا أثبت من وجه إليه أنه لم يعلم به وقت وصوله ، و كان عدم العلم لا يرجع إلى خطأ منه .
( الطعن رقم 462 لسنــة 35 ق - تاريخ الجلسة 19 / 01 / 1972 مكتب فني 23 رقم الصفحة 67 )
أما القانون السوري فلم يتبن هذه القاعدة .
3 ـ استقلال التعبير عن الإرادة عن صاحبه
أخذ القانون المصري بمبدأ استقلال التعبير عن الإرادة عن صاحبه إذ نص في المادة 92 منه على انه :
(( إذا مات من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقد أهليته قبل أن ينتج التعبير أثره فإن ذلك لا يمنع من ترتب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه إليه ))
وجاء بمذكرة المشروع التمهيدي " .. ووجود التعبير ، حتى قبل أن يصبح لازما لا يتأثر هو أيضا بالموت أو فقد الأهلية .. وغنى عن البيان أن حق العدول ينتقل إلى ورثة الشخص أو ممثليه إذا حدثت الوفاة أو طرأ فقد الأهلية قبل وصول التعبير " .
وقد قضت محكمة النقض المصرية تطبيقاً لهذه المادة أن ( حق الشريك في إقرار عقد القسمة الذي لم يكن طرفا فيه يظل قائما له ما بقيت حالة الشيوع و يكون لورثته من بعده ، ذلك أن عقد القسمة ليس من العقود التي لشخصية عاقديها اعتبار في إبرامها لأنها لو لم تتم بالرضا جاز إجراؤها قضاء ، و لا يحول دون مباشرة الورثة لهذا الحق كون العقد الذي لم يوقعه أحد الشركاء ممن خص بنصيب مفرز فيه يعتبر بمثابة إيجاب موجه إلى ذلك الشريك فلا خلافة فيه إذ هو في قصد من وقعه إيجاب لا لشخص الشريك الآخر بالذات بل لكل من يمتلك نصيبه ، ومن ثم فإنه لا ينقضي بموت ذلك الشريك .)
الطعن رقم 78 لسنــة 22 ق - تاريخ الجلسة 19 / 05 / 1955 مكتب فني 6 رقم الصفحة 1152 .
في حين أن القانون السوري قد أغفل الأخذ بهذا المبدأ
4ـ في أهلية الأداء
حدد القانون المصري السن الطبيعية لكمال أهلية الأداء بالحادية والعشرين ( م 44 / 2 ) كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ، ولم يحجر عليه ، يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية .
2- وسن الرشد هي إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة .
وجاء بمذكرة المشروع التمهيدي : " واقتصر على أن يشير إشارة سريعة إلى الأدوار التي يمر بها الإنسان فهو إلى السابعة فاقد التمييز فيكون معدوم الأهلية . وهو من السابعة إلى الثامنة عشرة ناقص التمييز فتكون له أهلية ناقصة ومن الثمانية عشرة إلى الواحدة والعشرين يتسع تمييزه فتتسع بقواه العقلية استكمال التمييز فالأهلية . كل هذا إذا لم يصب بعاهة في عقله كالغفلة والبله والسفه والعته والجنون فيفقد التمييز ويفقد معه الأهلية , ويتبين من ذلك أن الأهلية تتمشى مع التمييز توجد بوجود وتنعدم بانعدامه " .
في حين أن القانون السوري خفضها إلى الثامنة عشر عاماً ( 46/2 )) التي نصت على :
1 ـ كل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية .
2 ـ وسن الرشد هي ثماني عشر سنة ميلادية كاملة .
ويلاحظ أن القانون السوري قد أوجب الحجر على المجنون والمعتوه لكن المشرع السوري ما لبث في قانون الأحوال الشخصية الصادر عام 1953 وفي المادة / 200 / منه أن عدل إلى حكم مجلة الأحكام العدلية إذ اعتبر المجنون والمعتوه محجورين من تلقاء ذاتهما ويقام عليهما قيم بوثيقة
وقد قسم المراحل إلى أن سن التمييز هو بلوغ السابعة من العمر ومن بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد فهو ناقص الأهلية .
5 ـ مدة التقادم القصير لحق الإبطال في عيوب الإرادة ونقص الأهلية
القانون المصري : حددها بثلاث سنوات ( م 140 /1 )
بينما جعلها القانون السوري سنة واحدة ( م 141/1 ) تبدأ في نقص الأهلية من يوم زوال السبب وفي حالة الغلط والتدليس من يوم كشفهما وفي حال الإكراه من يوم انقطاعه
6 ـ في أحكام الالتزام
جعل القانون المدني المصري الحد الأقصى لمعدل الفائدة القانونية سبعة في المائة ومنع كل زيادة على هذا الحد
مادة 227 - 1- يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على سعر آخر للفوائد سواء أكان ذلك في مقابل تأخير الوفاء أم في أية حالة أخرى تشترط فيها الفوائد ، على ألا يزيد هذا السعر على سبعة في المائة فإذا اتفقا على فوائد تزيد على هذا السعر وجب تخفيضها إلى سبعة في المائة وتعين رد ما دفع زائدا على هذا القدر .
في حين أن القانون المدني السوري قد رفع هذه النسبة فجعلها تسعة في المائة بصيغة حرفية مماثلة للنص المصري (( م228 /1 ))
ثالثاً : في الحقوق العينية
استبقى واضع القانون المدني السوري أحكام قانون الملكية العقارية ( القرار 3339 ) الذي أصدرته السلطات الفرنسية عام 1932 في عهد الانتداب وطبقته في كل من سوريا ولبنان وأحل أحكامه ـ ما عدا حق الشفعة ـ في القانون المدني السوري محل ما يماثلها في القانون المصري وعللت المذكرة الإيضاحية ذلك باتصال التشريع العقاري السابق بنظام السجل العقاري المطبق في سوريا وربطت مصير نظام السجل العقاري بالاحتفاظ بالتشريع العقاري المذكور وهذا تعليل محل نظر لما يلي :
أ ـ ليس ثمة تلازم بين أحكام الحقوق العينية وقواعد الشهر العقاري المطبقة لدينا بل من الممكن انفكاك أحدهما عن الآخر فقد يتبنى بلد أحكام الحقوق العينية لبلد دون قواعد الشهر لديه
ب ـ إن أحكام الحقوق العينية في كل من القانونين المدنيين السوري والمصري ينهلان من ذات المنبع وهو القانون المدني الفرنسي فكيف يكون استمداد الحقوق العينية من القانون المدني المصري وإحلالها محل أحكام الحقوق العينية الواردة في القرار 3339 يؤدي بنظام السجل العقاري لدينا ؟؟ ما دام البديل لا يختلف عن الأصيل جوهرياً ؟؟
ج ـ أحكام الحقوق العينية تختلف عن قواعد الشهر من حيث الطبيعة فالأولى هي قواعد موضوعية والثانية قواعد شكلية
مما نجد أن السبب في إحجام القانون المدني السوري عن استمداد أحكام الحقوق العينية من القانون المصري ليس اختلاف قواعد الشهر بين البلدين ولكن سبب احتفاظه بالتشريع العقاري السوري يرجع أولاً لحرصه على استمرار وحدة التشريع بين سوريا ولبنان وثانياً لأن القضاء السوري ألف أحكام قانون الملكية العقارية واستقر الاجتهاد عليها وكي لا يسبب بلبلة للقضاء ورجوع عن المألوف .
في حق الشفعة والاسترداد :
كان قانون الملكية العقارية لعام 1930 قد ألغى شفعة الجار وقيد شفعة الشريك في حقوق الارتفاق وأبقى على شفعة الشريك في الملك بشروط جديدة وفي عام 1949 ألغى القانون المدني السوري ما تبقى من أحكام الشفعة وذهب لأبعد من ذلك فألغى حق الشفعة في المنقول المشترك وهو ما يعبر عنه بحق الاسترداد وإن كان حافظ على تطبيق هذا الحد الأخير في حدود ضيقة هي بيع الحقوق المتنازع عليها وعللت المذكرة ذلك بأن :
(( الشفعة من الحقوق الضعيفة وأن الحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد السورية لا توجب الاستمرار على الأخذ بها ))
وبهذا افترق القانون المدني السوري عن القانون المدني المصري الذي احتفظ بحق الشفعة في مجالي العقار ( م935 ـ 948 ) والمنقول ( م833 )
ويبدو أن المشرع المصري قد قارب الصواب أكثر بإبقائه على حق الشفعة وذلك في تنظيم الملكية العقارية عندما تجتمع الملكية الشائعة المبعثرة وتنتقل بحق الشفعة ليد واحدة تتصرف بها
رابعاً : في إثبات الالتزام
هذا الفارق الأخير أثرنا ذكره من باب الإطلاع كونه قد زال لكنه كان بداية في بدء أخذ القانون المدني السوري عن المصري حيث خالف القانون السوري القانون المصري لجهة أحكام الإثبات بالاستغناء عن باب إثبات الالتزام الوارد بالمواد ( 389 ـ 417 ) وأحل محله قانون البينات السوري رقم 359 الصادر في 10 / 6 / 1947
لكن المشرع المصري قد نحا فيما بعد منحى المشرع السوري وعمد إلى إصدار قانون للبينات مستقل عن القانون المدني وهو قانون الإثبات رقم 25 لعام 1968 الذي ألغى فيه مواد الإثبات في القانون المدني واكتفى بالقانون الجديد بدلاً منها .
هذه هي الفروق الأساسية بين القانون المدني السوري وأصله القانون المدني المصري نأمل أن نكون قد أحطنا بها إحاطة كافية وسيكون لنا إضافة لو تبين سهونا عن بعض الفروق الأخرى أو من خلال مناقشة الزملاء الأفاضل التي من المؤكد أنها ستغني الموضوع .
(( وإن فشلت فيكفيك شرف المحاولة ))