مدخل قانوني في كيفية التعامل مع النصوص التشريعية الضابطة لحدود مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وفق أحكام التشريعات الأردنية
تمهيد :
بعد مزوالتي لمهنة المحاماة في الأردن مدة لا تزيد على خمس أعوام قضية منها عامين كمحام ٍ متدرب ، فقد لفت إنتباهي رغبة معظم المقدمين على العمل التجاري في تأليف وتأسيس وتشكيل شركات مساهمه محدودة أي تلك التي يعبر عنها في الحياة العملية وحتى في القانون بــ (ذ.م.م) .
وكما هو معروف لدى أبسط التجار لا بل أقل التجار خبرة بأن الشركات التي تؤسس وفق احكام قانون التجارة تنقسم على نفسها إلى قسمين :
- شركات أشخاص .
- شركات أموال .
وإن الخطورة في تشكيل شركات الأشخاص تكمن في أن مسؤولية الشريك لا تنحصر بمقدار حصته في رأس المال فقط بل تتجاوز ذلك لتطال أمواله الخاصة ، مما يدفع الأغلب إلى اللجوء إلى شركات الأموال التي لا تتجاوز مسؤولية الشريك فيها مقدار حصته في رأس المال والتي يعد أسهل أشكال إنشاؤها بموجب التشريعات الأردنية الشركات ذات المسؤولية المحدودة.
ونحن بما أسلفنا لم نتقدم بأي جديد إلى المعلومات المعروفة لدى العموم ، ولكن سينحصر بحثنا بما يلي :
هل يوجد ضمن التشريعات القانونية الأردنية ما يسمح بتوسيع نطاق مسؤولية الشريك في شركة ذات مسؤولية محدودة المعروفة بالرموز (ذ.م.م) ؟؟؟؟
ورغبة منا في التوضيح فإن الإجابة على هذا التساؤل هو موضوع هذا المقال المبسط الذي يصلح أن يكون فكرة لبحث قانوني موسع وفق التشريعات المرعية في الأردن .
سنطرح المثال المتقدم لتبسيط الفكرة :
- شركة ذات مسؤولية محدودة عدد الشركاء فيها إثنين (وذلك إنسجاماً مع ما جاء في المادة (53/أ) من قانون الشركات المعدل رقم 40 لسنة 2002 ) .
- لنسمي الشريكين بـ (زيد) و (عمرو) .
- زيد يمتلك (10) آلاف حصة و عمرو (20) ألف حصة .
- زيد وعمرو تنحصر مسؤوليتهما عن ديون وإلتزامات وخسائر الشركة فقط بمقدار الحصص التي يمتلكونها برأس المال و المحددة آنفاً .
- دخلت الشركة التي يمتلكها كل من (زيد) و(عمرو) في عطاء حكومي (مفترض) قيمته 70 ألف دينار متعلق بتقديم خدمة مأجورة للجمهور.
- وبعد تقديم الكفالة المطلوبة وإكتمال كافة الشروط الخاصة بالعطاء من الشركة ، باشرت الشركة بتقديم الخدمة المطلوبة وبمرور الوقت تراكمت الألتزامات المترصدة في ذمة الشركة بمواجهة ولمصلحة الجهة المستخدمة وهي في مثالنا المتقدم جهة حكومية وبالنتيجة أصبحت الشركة مدينة للجهة المستخدمة بقيم مجموعها يفوق رأس مال الشركة وموجوداتها .
- عجزت الشركة المملوكة من قبل (زيد) و (عمرو) عن سداد المديونية المترصدة بذمتها وإنهاء حالة الإلتزام بمواجهة الجهة المستخدمة .
- مما ألزم الجهة المستخدمة إلى اللجوء إلى القضاء لتحصيل حقوقها غير منقوصة .
- أقيمت الدعوى على الشركة لأنها شخص إعتباري ويتمتع بشخصية مستقلة عن الشركاء ولأنها الجهة التي تم التعاقد معها أصلا ً .
- كانت قيمة الدعوى المقامة على الشركة بقيمة (100) ألف دينار أردني مقدرة لغايات الرسوم .
- وجدت المحكمة ومن خلال تقرير الخبرة المقدم كبينة من بينات الدعوى بأن رأس مال الشركة بالإضافة إلى كافة موجوداتها لا يتجاوز مبلغ (45) ألف دينار أردني .
- وبالنتيجة حكمت المحكمة بإلزام الشركة بالمبلغ المدعى به والمحدد من قبل الخبراء بحدود المبلغ المذكور ضمن لائحة الدعوى.
- عند تنفيذ الدعوى لدى دائرة التنفيذ المختصة تم تحصيل ما مجموعه (45) ألف من كامل قيمة المطالبة والتي حددت وفق قرار الحكم بــ (100) ألف دينار أردني.
- طبعاً لم يكن هنالك أية جدوى من مطالبة (زيد) أو (عمرو) بالرصيد المتبقي والبالغ (55) ألف . دون التغاضي عن الرسوم والمصاريف والأتعاب.
بعد تسلسل هذه الوقائع نجد أن المدعي في المثال المتقدم لم يتمكن من المطالبة بالتنفيذ على أموال كل من الشريكين (زيد) و (عمرو) ذلك أن الجهة المدعى عليها هي شركة ذات شخصية مستقلة عن الشركاء وحتى مسؤولية الشركاء في هذه الشركة تنحصر فقط بنصيب كم منهم في رأس مال الشركة .
إلا أننا نجد أن الشركة المدعى عليها قد إرتكبت مخالفة صريحة لأحكام قانون الشركات فقد تجاوزت خسائرها رأس المال وموجوداتها ، إلا أنه ليس هذا هو الهدف من مقالنا المبسط بل إنما هدفنا كما أسلفنا هو محاولة إيجاد هامش جديد يوسع من مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة ولا يفوتنا أن نشير بأن قانون الشركات قد حدد أصولاً يجب مراعاتها حال تحقق مقدار معين من الخسائر وليس هذا هو ما يعنينا منا سبق أن وضحنا .
وللولوج مباشرة في الفكرة الرئيسة التي نبغاها من هذه العجالة سنورد تباعاً ما جاء في أحكام القانون :
المادة (76) من قانون الشركات الأردني متقدم الذكر " تطبق الأحكام المتعلقة بالشركة المساهمة العامة على الشركة ذات المسؤولية المحدودة في كل ما لم يرد بشأنه نص صريح في الأحكام المتعلقة بالشركات ذات المسؤولية المحدودة " .
المادة (275/ج) من ذات القانون تنص :
" تسري أحكام الباب الثاني من قانون التجارة المتعلقة بالإفلاس على الشركات والأشخاص وأعضاء مجالس الإدارة أو من في حكمهم الوارد ذكرهم في هذا القانون " .
النص المتقدم قد ورد ضمن الأحكام المنظمة للشركات المساهمة العامة وهو نص لا يتعارض مع أحكام الشركات ذات لمسؤولية المحدودة التي خلت أصلاً من هذا النص مما يسمح لنا بتطبيقه .
بالرجوع لأحكام الباب الثاني من قانون التجارة المتعلقة بالإفلاس نجد أنها محصورة بين نص المادة (316) وحتى المادة (477) . مما لا يعنينا في هذا المقام شرح وتفصيل هذه الأحكام على قدر ما يلزمنا الأمر تثبيت نص المادة (477) من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 والتي جاء فيها :
" تخضع الشركات المرخصة أو المسجلة بمقتضى قانون الشركات الساري المفعول إلى إجراءات التصفية الفسخ الواردة فيه . كما تخضع الشركات المدنية الأخرى إلى قواعد التصفية الواردة في القانون المدني "
ونعتقد بأن هذا النص لا يتعارض مع الفكرة التي نحاول بسطها والمتمثلة بجواز تطبيق أحكام وقواعد الإفلاس على الشركاء في شركة ذات مسؤولية محدودة بناء على النص الفضفاض المرقوم بالرقم (76) من قانون الشركات .
أرجو من زملائي الأفاضل التعليق على ما تقدم منتظراً مشاركتكم .
مدريد – إسبانيا
003467930995