Mzidan عدد المشاركات >> 12 التاريخ >> 4/9/2005
|
الأخوة الزملاء
فى الواقع أنه بعد ما فشلت محاولة إضافة المشاركة فى المرة الأولى آثرت ألا أعيد المحاولة إلا بعدما أطلع على عدد الذين مروا عليها واطلعوا عليها ، ففى خلال 12 ساعة من تاريخ أول محاولة لإضافة المشاركة تبين لى أن عدد الذين مروا عليها هو 65 عضو وقد كان هذا العدد كافياً بالنسبة لى لأن أضع بين أيديكم وأمام أعينكم كلمات ناصر التى ستبقى تجرى فى دمائنا ما حيينا
وهذه الخطبة هى أحدى الخطب التى ألقاها الزعيم الراحل فى اجتماعاته المتكررة مع المحامين ونقبائهم
كلمة الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر التاسع للمحامين العرب بالقاهرة
فى 27 فبراير 1967
أيها الإخوة:
لقد أسعدنى كل السعادة أن أدعى إلى حضور هذه الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التاسع للمحامين العرب ، وأن أقترب من شواغله واهتماماته ، ملتقياً فى ذلك مع هذه المجموعة من الممتازين من المثقفين والرواد العرب .
والواقع - أيها الإخوة - أن الموضوع الذى اخترتموه للمناقشة فى هذا المؤتمر - وهو وحدة القوى الثورية العربية - موضوع بالغ الأهمية ، كما أن الظروف التى تجرى مناقشته فيها خلال اجتماعكم تضاعف من هذه الأهمية ، بما يجعل من الموضوع فعلاً قضية الساعة .
إن مناقشاتكم عن وحدة القوى الثورية تجىء بعد أن أثبتت التجارب العديدة لمحاولات العمل العربى الموحد أن القوى الثورية وحدها هى القادرة على الصمود حتى النهاية ، لأنها وحدها القادرة على قطع صلاتها بالاستعمار والرجعية المتحالفة معه .
كذلك تجىء هذه المناقشة فى وقت تحتاج فيه الأمة العربية إلى كل قواها القادرة لكى ترد وتحطم غارة مركزة من أعنف غارات تحالف الاستعمار والرجعية ضدها بكل أسلحة الحرب الاقتصادية والنفسية والعسكرية أيضاً .
وإذا ما جاز لى أن أحاول معكم استكشاف الأفق الذى تحاولون بلوغه بالمناقشة المنتظرة فى هذا المؤتمر فإنى أطرح أمامكم تصورى للموضوع على النحو التالى :
أولاً: إن القوى الوطنية الثورية مطالبة قبل أى شىء آخر بأن تبنى قواعدها الأساسية فى أوطانها ومع جماهيرها ، وهذا هو العامل الذى يحدد مكانها فى مجال وحدة القوى القومية الثورية ، كما أنه يحدد فاعليتها ، وبالتالى فإن العمل الوطنى الثورى فى كل وطن عربى هو مقياس الطاقة على خدمة العمل القومى ، وأقول بأمانة إن الحركات الوطنية التى لا تبنى قواعدها الأساسية فى أوطانها ومع جماهيرها لا تستطيع أن تقدم للعمل الثورى الموحد أو تضيف إليه ، وهى تتحول بغير شك لتصبح قيداً لحركته وعبئاً عليه ، تأخذ من العمل الثورى الموحد ولا تعطيه ، وبالتالى تضعفه ولا تقويه . وحين أتحدث عن القواعد الأساسية فلست أعنى بذلك قواعد السلطة ، فما أكثر ما نرى الجماهير العربية على ناحية والسلطة فى أوطانها على الناحية الأخرى . إن الجماهير هى القوة الحقيقية ، والسلطة بغير الجماهير مجرد تسلط معاد لجوهر الحقيقة .
ثانياً: إن ذلك بغير شك سوف يقدم خدمة كبرى لتحقيق لقاء القوى الثورية ، ذلك أن القوى الثورية فى هذه الحالة سوف تتقدم إلى ميدان اللقاء القومى على العمل الثورى وهى أكثر وضوحاً من تأثير تفاعل فكرها بجماهير شعبها ، ثم هى أكثر ثقة بالنفس من تأثير اطمئنانها إلى قواعد قوتها ، والثقة بالنفس مقدمة طبيعية إلى الثقة بالكفاح المشترك ورفاق الكفاح المشترك ، وعلى أساس هذه الثقة فإن القوى الثورية العربية تستطيع أن تدير الحوار البانى لوحدتها الفكرية بما يمكنها من تحديد هدفها ومراحله ، وتحركها عبر المراحل المتعددة إلى الهدف الواحد النهائى.
ثالثاً: إن وحدة القوى الثورية سوف تقدر فى هذه الحالة على تحمل مسئولية المواجهة الخطيرة المفروضة الآن على الأمة العربية، والتى لا تحتمل بالنسبة لها وفى النتيجة الأخيرة غير النصر الكامل .
إننا لا نواجه معركة عادية محددة الخطوط تجرى فى ميدان مقفول ، وإنما معركتنا شاملة وغير محدودة .... كل شىء مستهدف ، وكل سلاح يستباح ، وذلك يقتضى أول ما يقتضى تحليلاً دقيقاً لقوى العدوان وكشف أطرافها وتعرية ارتباطاتها ، وذلك فضلاً عن أنه يسهل عملية ضربها وهزيمتها ، يعزز قوى الثورة دائماً باحتياطيات جديدة من قوى الجماهير التى سوف يتاح لها أكثر أن ترى الضوء وأن تسير فى اتجاهه .
أيها الإخوة :
ذلك ما خطر لى بشأن الموضوع الذى اخترتموه للمناقشة فى هذا المؤتمر ، وأستأذنكم بعده موضوع آخر ، وهو إن لم يكن مدرجاً فى جدول أعمالكم فهو مطروح دائماً فى أى اجتماع عام ، وهو موضوع القانون والثورة ، ولقد شجعنى على تناوله أمامكم ما علمته من أن بعضاً منكم قد حضروا أمس جانباً من مناقشات اللجنة التحضيرية للدستور، وهى اللجنة المنبثقة عن مجلس الأمة المصرى ، والذى يتحمل تكليف إعداد الدستور الدائم للجمهورية العربية المتحدة .
ولقد كان لى الشرف يوم دعوت مجلس الأمة إلى هذه المهمة أن أقول للمجلس إن جماهيرنا مازالت تتطلع إلى مناقشات الدستور الدائم للجمهورية العربية المتحدة ، وهو تكليف يتحمل مجلسكم الموقر أمانته ، كما أن تقنين الثورة حصانة أكيدة للتطور الدستورى السليم ، ليظل القانون دائماً أكبر من مراكز القوة ، وأعلى من إرادات الأفراد .
إن ذلك الموضوع فى ظنى من أخطر ما يواجه الثورية العربية ، وبالتالى فهو جدير بمناقشة جدية نتمنى لمؤتمركم أن يساهم فيها . وثمة أسئلة كثيرة تطالعنا فيه ، بينها مثلاً : كيف نستطيع أن نجعل القانون يعبر بصدق عن المجتمع ومطالبه ؟ فإن القوانين ليست صياغات بعيدة عن القوى الفاعلة فى المجتمع ، أو عن حركة هذه القوى . وبينها مثلاً : كيف يستطيع القانون أن يعبر عن روح التطور ذاتها ؟ فإن الشرعية ليست هى مجرد الأمر الواقع ، وإلا كان معنى ذلك أن الشرعية أصبحت مادة جامدة لا نبض فيها على أحسن الأحوال ، أو استبداداً من طبقة أو سلطة تتصور خطأ أنه بوسعها أن توقف الزمن نفسه . وبينها مثلاً : كيف نستطيع أن نحقق الوفاق بين حرية المجتمع وحرية الفرد فى هذا المجتمع ؟ وكيف يمكن أن نحقق انسجاماً بين الديمقراطية السياسية ، وبين الديمقراطية الاقتصادية ؟ ولكم شهدنا من تجارب أهدرت فيها الديمقراطية الاقتصادية بدعوى الديمقراطية السياسية أو بالعكس .
ولقد حاولت التجربة المصرية - بين ما حاولته - أن تجيب على هذه الأسئلة ، وخرجت بتطبيقات تستحق الدراسة والبحث ، وتستحق ذلك أكثر ما تستحقه مع شركاء المصير الواحد ورفاق الكفاح الواحد ، خصوصاً وأنكم حملة مسئولية القانون وبالتالى فأنتم الأكثر احتكاكاً بمشاكل الجماهير ، والأوثق صلة بها ، والأقدر على التعبير عنها صياغة وتقنيناً .
أيها الإخوة :
ليكن التوفيق معكم فى كل ما تبذلونه من جهد ، وليكن الله مع أمتنا العربية تأييداً ونصراً .
والسلام عليكم ورحمة الله .
للإستماع إلى الخطبة يرجى الضغط على الرابط التالى :ــ
mms://webcast2.nasser.org/Data/GR06_11\NASSER_09\Sound\1967\19670227.wma
محمد صلاح الدين زيدان مدينة نصر ـ القاهرة m_salah_zid@hotmail.com 0020101514642
|