بداية ....... فإننا لا ننكر على جماعة الأخوان المسلمين مبادئهم .
ومبادئهم التى أقصدها وأعنيها فى هذا المقام هى تلك المبادىء التى تقوم على الثوابت والأصول الراسخة من الدين فى العقيدة والمعاملات ، والتى نؤمن بها جميعاً كمسلمين .
وفى مجال العمل النقابى حينما نذكر الأخوان المسلمين فلا نقصدهم بوصفهم كتنظيم سياسى ـ فهم وشأنهم فى هذا الأمر بعيدا عن ساحة العمل المهنى ، وإنما نتناولهم بوصفهم جماعة دينية تتخذ من الدين شعاراً لهم وعنوانا لتصرفاتهم .
لذلك فإن ما ننكره عليهم هو اتخاذهم الدين وسيلة أو شعاراً أو نحو ذلك ، فلم يكن الدين وسيلة قط إلا لنيل مرضاة الله عز وجل ، ولم يكن الدين أبداً شعاراً نرتكب من خلفه أخطاؤنا ثم نزينها بشعار الدين ، فلا نحن معصومون من الخطأ وما كان الدين أبداً وساماً نزين به أنفسنا وأعمالنا .
فهو قبل أى شىء وكل شىء أمانة نحملها ورسالة نبلغها "ولقد عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا" صدق الله العظيم
فمن هنا كان اختلافنا مع جماعة الأخوان المسلمين الذين يصرون على اسباغ الصفة الدينية وإلصاق الشعار الدينى على كافة تصرفاتهم .
والسؤال هو ... هل هم بمنأى عن الخطأ ؟
وهل هم ذلك التجسيد البشرى لصحيح الدين ، ومن عداهم لا ينتسبون ولا ينتمون إليه ؟
إن الإجابة على هذين السؤالين لن تؤدى بنا إلا إلى أحد فرضين :ـ
أولهما : أن الأخوان المسلمين معصومون من الخطأ بوصفهم ذلك التجسيد البشرى لصحيح الدين .
وثانيهما : أن أخطاء الأخوان المسلمين تعد من ثوابت وأصول الدين التى تعد واجبة الإتباع .
وكلاهما فرضين لا يقبلهما عقل ولا منطق ولا دين
فأسوتنا ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو أول المسلمين لم يتخذ الدين شعاراً يسير به فى الناس هو ومن سبقه من الرسل الكرام عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام .
وقد أخبرتنا أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها أنه كان خلقه القرآن ، وكان قرآنا يمشى على الأرض ، وقد عرفه الناس بكمال خلقه قبل أن يعرفوه نبياً ورسولاً ، فالمرء يعرف بتصرفه وخصاله لا بشعاراته التى يرددها أو يتخذها عنوانا له ، كما أن الخلفاء الراشدين من بعده صلى الله عليه وسلم لم يتخذوا ثمة شعاراً أو لقباً أو عنواناً لتصرفاتهم سوى أنها كانت تدل عليهم وعلى دينهم ، لذلك فقد كانوا أحرص الناس على ألا تشوب تصرفاتهم ما ينعكس وصفه على دينهم الذى يعتنقوه ، فهم وبحق حملوا أمانة الدين وحرصوا عليه من أنفسهم ومن أخطاء أنفسهم أولاً قبل حرصهم عليه من أعداء الدين
وكما يقول الشاعر :ـ
المرء يعرف فى الأنام بفعله *** وفعائل الحر الكريم كأصله
لا تستغيب فتستغاب فربما *** من قلت فيه قال فيك بمثله
أما إذا كانت الإجابة عليهما بأن الأخوان المسلمين يخطئون ـ شأنهم فى ذلك شأن كافة البشر بنو آدم وحواء ، وأنهم ليسوا تجسيداً بشرياً لصحيح الدين .
فالسؤال .... لماذا يفردون أنفسهم بمعزل عن الآخرين ؟ ولماذا ينعتون أنفسهم بما ليس فيهم ؟ ولماذا يصرون على التعالى على من دونهم ؟ لماذا ينكرون الحقيقة ولا يعترفون بالحق ؟
لماذا ..... وقد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم ........
لذلك أقول لهم
لا .... ولا ..... وألف لا
ورحم الله شيخنا الجليل الامام حسن البنا