منتدي المحامين العرب المنتدى العام الهدف من وراء الهجوم علي السلفيه
فجأة ظهر في مصر طوفان أخبار لا ينقطع يوميًّا عنوانه "سلفيون يفعلون"، لا تفتح قناة فضائية خاصة اليوم إلا وتجد في أحد برامجها تقريرًا أو خبرًا أو حوارًا عن مصيبة كبرى حدثت على يد بعض السلفيين، ولا تفتح جريدة يومية خاصة إلا وتجد خبرًا عن كارثة حدثت على يد سلفيين، ولا تفتح موقعًا إخباريًّا إلكترونيًّا إلا وتجد فضيحة كبرى منسوبة إلى جماعة من السلفيين، حتى إنه ليخيل إليك الآن أنك إذا خرجت من باب بيتك ستجد خلية مسلحة من السلفيين ينتظرونك، ولن تسير امرأة سافرة في أي شارع إلا وتجد عددًا من السنج والمطاوي تطاردها على يد سلفيين، ولا تجد خناقة بين اثنين من سائقي الميكروباص إلا وتجد صحيفة تصنف أحدهما على أنه سلفي، بدليل أن ذقنه كانت "منبتة". هناك "هستيريا" الآن في الإعلام المصري يتم تصنيعها باستعجال للتخويف من التيار السلفي، وليس من الصعب أن تلحظ الخيوط التي تقف وراء هذه الحملة، التي بدأت أساسًا من جهات كنسية ورجال مال مرتبطون بالكنيسة مثل الملياردير القبطي نجيب ساويرس الذي يتمدد إعلاميًّا عبر قنوات فضائية وملكية عدد من الصحف اليومية والمواقع الإلكترونية المعروفة هو وشقيقه سميح؛ إذ هناك انزعاج كنسي كبير من الضغوط التي يمارسها التيار السلفي على البابا من أجل الكشف عن مصير السيدات المختطفات ممن أسلمن وتم تسليمهن إلى الكنيسة، حيث قامت باعتقالهن في بعض الأديرة وعزلهن عن العالم، وهذه الحملة -مثل حملة إطلاق كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين- يتولى تحريكها في المجتمع التيار السلفي؛ لذلك كان من الضروري إطلاق حملة كنسية -من وراء ستار- ضد التيار السلفي، واستخدام كل أساليب التضليل والدعاية السوداء من أجل تشويهه والإساءة إليه. الهجوم على منهج ومذهب السلف ليس جديداً، بل هو قديم قدم نشوء البدع والافتراق في هذه الأمة، حيث كانت كل طائفة ترى في مذهبها الحق وتعادي من يخالفه، ولما كان السلف هم الوسط المخالفين لأهل الغلو والجفاء والإفراط والتفريط نالهم من كافة الطوائف المنحرفة ما نالهم، وصبت عليهم كل فئة حادت عن الطريق المستقيم غضبها. وكان ذلك – من فضل الله – سبباً في رسوخ الحق وعلوه ونشره، وفي رفعة رجاله الحاملين للوائه وذيوع ذكرهم في الأمة وقبولهم عند الناس، مع ما لهم عند ربهم من مزيد الأجر والحسنات وحسن الثواب. والنبي _صلى الله عليه وسلم_ لما أخبر عن اتباع هذه الأمة من سبقها من الأمم وافتراقها كما افترقت أمر بإتباع ما كان عليه هو وأصحابه وأمر بإتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده وأمر بالعض عليها بالنواجذ ونهى عن البدع والمحدثات في الدين، وكل هذا لأجل خطورة مثل هذا الافتراق والبدع. ولما كانت كل طائفة تدعي أن مذهبها الحق وأنه يقوم على دلائل الكتاب والسنة أو على الأقل لا تعارضها جاء الأمر مع اتباع سنته وما كان عليه صلى الله عليه وسلم باتباع أصحابه وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وفي هذا بيان لمسألة – قد يغفل عنها البعض – خاصة في الأزمنة المتأخرة فيظن أنه ينبغي الرجوع إلى الكتاب والسنة دون الالتفات إلى ما وقع من افتراق في هذه الأمة ونشوء طوائف في كل زمن وعصر، وأن تجاوزها شرط لوحدة الأمة الإسلامية في دينها وعقيدتها. وهذا كلام طيب وحسن وهو أمنية كل مسلم ولكن شرطه أن تتخلى كل فرقة وطائفة عن معتقداتها المنحرفة لترجع إلى ما جاء في الكتاب والسنة دون تحريف أو تأويل أو إلحاد. هناك أيضا التيار الشعوبي المتطرف، الذي يدعو إلى الفرعونية ورفض أي مظهر إسلامي في مصر، والذي جرف معه تيارًا علمانيًّا متطرفًا يتصور أنه كلما ابتعد عن الإسلام ومعالمه كان مدنيًّا وحضاريًّا، ومعهم تيار سياسي متغرب تم تهميشه في التعديلات الأخيرة، وقد خاض هذا "الائتلاف" غير المعلن معركة ضارية من أجل وقف الاستفتاء على التعديلات الدستورية، ومارسوا حملة غسيل مخ واسعة النطاق للمجتمع المصري من خلال برامج فضائية مكثفة جدًّا يوميًّا، وحملات صحفية لا تتوقف، حتى وصلت قناعتهم إلى اكتساح رفض التعديلات في التصويت.. ثم فوجئوا أن الاكتساح كان للموافقين، وأذهلهم أن التيار السلفي -الذي لم يكونوا منتبهين لوجوده من قبل- هو الذي قاد الحملة الشعبية للموافقة على التعديلات، وهو الذي نجح في كسب مصداقية عند الجماهير وتوجيه بوصلة التصويت، فتضامنوا جميعًا في حملة تشويه وتضليل مكثف للتيار السلفي، ظنًّا منهم أن هذه الحملة ستضعف من وجوده وتقلص من نفوذه الشعبي وتجرح مصداقيته في الشارع، ولكن الحقيقة أن هذه الحملة تتحول تدريجيًّا إلى دعاية حقيقية للتيار السلفي تكسبه تعاطفًا أوسع؛ بفعل الغباء منقطع النظير في الحملة واستسهال الأكاذيب التي يتحقق منها الناس بسهولة. وفي مقابل تلك الحملة الشرسة والعدوانية على التيار السلفي "الإسلامي"، هناك حملة من نفس القنوات والصحف والمواقع تروِّج للتيار المتشدد "المسيحي" وتتبنى مطالبه بالكامل وبالجملة، وبدون أي مراجعة أو تساؤل، وتتعامل بحنو بالغ مع شخوصه ورموزه المتطرفة والمتشنجة، وتتلمس الأعذار لسلوكياته العدوانية الخطيرة والمسلحة، وتتستر عليها على النحو الذي حدث في مصادمات ماسبيرو وميدان عبد المنعم رياض ومنشية ناصر والسيدة عائشة وشارع النصر، وفي الوقت الذي لم يضبط فيه أي مثقف مصري معروف يتجول ولو "سياحة" في مسجد من مساجد مصر، نجد عشرات المثقفين وهم يتناوبون الزيارات والندوات داخل الكنائس المختلفة ويعلنون عن مشروعاتهم السياسية من داخل الكنائس، ولو فعلها "مسلم" وأعلن مشروعه السياسي من داخل مسجد، لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها على إقحام الدين في السياسة، ولذرفوا دموع التماسيح على المجتمع المدني المهدَّد . بطبيعة الحال ليس هذا المقال معنيًّا بالدفاع عن السلفيين، فهم لهم أدواتهم وقنواتهم وحضورهم الشعبي الكبير الذي يكفيهم، ولكن قصدي من المقال هو توجيه الضوء إلى هذا العبث الجديد بالوطن وأمنه والبنية الدينية فيه، والتي يمثل الاقتراب منها لعب بالنار، وإذا كان بعض "المغفلين" يخوض في اللعبة بحسن نية، وجريًا وراء موجة، أو بحثًا عن مقعد على الهواء أمام فضائية ساويرس أو غيره، حيث أصبح بعض الصحفيين يكتبون مقالاتهم وعينهم على صداها في برامج "التوك شو"، وتشعر أنهم يكتبونها خِصِّيصَى للتسويق هناك، حيث يأتيه الاتصال الهاتفي ظهرًا يدعوه للمشاركة في برنامج الليلة ليشرح "عبقرية سيادته" في المقال للرأي العام.. إذا كان البعض يفعل ذلك بهذه النية، إلا أن الآخرين يفعلونها وينفقون عليها بنوايا أخرى، حتى لو انتهى الأمر بحريق الوطن، وقطع مسار الديمقراطية، وحرمان المصريين من أن يجنوا ثمار ثورتهم الكبيرة.
الانتقال السريع اختــــار ------ منتـــدي المنتدى العام ------ ------ منتـــدي من أعلام القضـاة والمحـامين العرب ------ ------ منتـــدي استراحة المنتدى . ------ ------ منتـــدي منتدى الاستشارات القانونية ------ ------ مكتبـــة الأبحاث القانونية------ ------ مكتبـــة القوانين العربية------ ------ المكتبـــة الصوتية------