أخى الأستاذ أيمن رابح :
ربما من سوء حظى أنى لم أتشرف بمعرفتك في وقت مناسب , وتأخر اللقاء من غير إرادة منى رغم تقصيرى بالتأكيد , فقد رزحت ثلاث سنوات ونصف تقريبا هي الأسوأ في حياتى النقابية كلها عندما شغلت عضوية مجلس نقابة المحامين دخلت عش الدبابير كما يقولون وليس الوقت أوانه أن نرصد التجربة فالقوم كلهم منشغلون في أمر الانتخابات ولسنا نحب أن نبدو كمن يتدخل لصالح أو ضد بمواقف شخصة حتى لو كانت نقابية عامة
هناك خطأ فاحش في أوساطنا السياسية عامة والنقابية خاصة هو داء ( النميمة) وهو مما نهى الله ورسوله عنه و طبعا هناك تأويلات شتى بنزع الآداب الاسلامية أو الاخلاقية الانسانية بصفة عامة عن لوك سمعة وعرض وكرامة ما يدعونه بـ " الشخصية العامة " ويستحضر البعض على الفور أثار من تعاليم نبوية أو نصوص للدلالة على وجوب أكل لحم الشخصية العامة , وتحت هذا الباب انقسمت الموائد طعنا في هذا أو ذاك حسب تصنيفه الفكرى أو الايدلوجى أو السياسى , وانقسمت القلوب حول تلك الشخصيات المستباحة وتأثرت
هكذا كنت صديقى أيمن ضحية " السمع" وكنت أيضا معك ضحية
لكن لا بأس , أشكر لك هذه الشجاعة التي يفتقدها كثيرون , وأشكر لك هذه البوحه التي جاءت إرادية منك وهو الذى اعطاها هذا المعنى الجميل
كتاب " الجهاد كلمة " هو تبويب لمقالاتى التي سبق نشرها في فترة السثمانينات وأوائل التسعينات دفاعا عن الحريات و فتجد فصوله مبوبة دفاعا عن شخصيات تعرض لمظالم , ودفاعا عن أفكار , ورد الاعتبار لشخصيات أهينت وهى مغلولة لا تستطيع الرد , مقالات مختلفة دفاعى عن السيد نصير مثلا وهو شاب مصرى أمركى الجنسية قتل الحاخام الصهيونى مائير كاهانا في نيويورك وسافرت للدفاع عنه بالمشاركة لاستاذى القدير الراحل الدكتور عبد الحليم مندور , أكثر من مقال دفاعا عن أخى المحامى القدير مختار نوح عندما فرضت الحراسة على نقابة المحامين ولاكته الالسنة وقتها تشهيرا وتعريضا بسمعته , ودفاعا عن رموز من الدعاة الاسلاميين مثل الدكتور عبد الرشيد صقر والشيخ عبد الحميد كشك رحمة الله عليهما وأيضا عن الشيخ عبد الله السماوى وهكذا فلم أتطرق في هذا الكتاب لأحد بسوء حتى لو كان من أصدقائى السابقين كما فهمت منك , فهو كتاب روحانى خالص وأستعد حاليا لاصدار الجزء الثاني منه الذى يتضمن مقالاتى في العشر سنوات الاخيرة وبقدر ما دافعت عن الناس لم أجد من ينفح عنى أو يذب أو يدفع غير قليلين ربما لم يعرفونى عن قرب طبعا في صدارتهم صديقى العزيز عمدة المنتدى محمد أبو اليزيد , أصدقاء كثيرون احتجت دفاعهم عنى في مناسبات مختلفة لكنهم خذلونى والله حسبى وهو نعم الوكيل
أخى الاستاذ أيمن رابح : طبعا الناقد بصير كما تعلمنا من الهدى النبوى , ولن أستطيع أن أتحدث عن نفسى لكنى بالجملة لست شتاما ولا لعانا والأهم أنى لم أفجر يوما في خصومة بقدر ما فجر كثيرون بحقى والفجر في الخصومة كما تعلم هي آية من آيات النفاق حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا تحدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر " أو كما قال صلى الله عليه وسلم , وهو من جنس نفاق العمل لا نفاق الاعتقاد على أكثر رأى أهل العلم فلا يخرج صاحبه من الملة أى آفة من آفات السلوك , والفجر في الخصومة أن تقول عن صاحبك ما ليس فيه بعد خصامك معه وأن تعدد مساوئه ومثالبه على نحو يخالف ما كنت تقوله عنه وقت مصاحبتك إياه , وأنا لم أفجر باحد أبدا , ولم أتحدث في أى برنامج تلفزيونى ضد الظواهرى أو بن لادن بالعكس مما يحنق البعض ضدى أننى لا أذكرهما إلا وسبقت اسميهما بالشيخ أو الدكتور !! اما الخلاف في الرأى فهذا أمر أخر فإذا كان الدكتور الظواهرى لديه منهج انقلابى فلدى منهج يعاكسه من حقى أن أطرحه كما من حقه أن يطرحه ومع هذا حين ذكرت واقعة قتل الصبى ذكرتها في إطار نقد موضوعى لمنهجه ولم يستطع أحد أن يكذبها حين فعل الظواهرى هذه الواقعة فعلها معتقدا صوابها وأنا أعتقد عدم صوابه , في كل الأحوال أنا أقدر الرجل وكانت بينى وبينه علاقة خاصة تاريخية منذ لقاءنا في السجون أبان اغتيال السادات عام 81 وربما هذه الخصوصية كانت سببا في حنقه علىّ عندما اضطلعت بدور فىالترويج لمبادرة الجماعة الاسلامية لوقف العنف على عكس ما يرى , وفى هذا تفصيل كبير بما ينجلى عندما أهديك كتابى الأخير الذى صدر من عامين تقريبا ( الجماعات الاسلامية رؤية من الداخل
أصدقك القول أنا أنهيت كل علاقاتى التنظيمية فعلا منذ عام 83 وانا داخل السجن لم أخرج منه وقتها لكنى لم أتخل عن إخوانى بل تغير موقعى من خلف القضبان إلى منصة الدفاع عن المضطهدين بسبب ارائهم ومعتقداتهم وبينما كنا خلف الاقفاص نحاكم بعد اغتيال السادات في قضية الانتماء كانت هيئة الدفاع عنا لا تدافع بل جاءت تصفى خلافاتها مع السادات وتوجيه السباب والشتائم ضده طبعا عدا بعض المحامين وفى صدارتهم أستاذنا الدكتور الراحل عبد الحليم مندور وولده كامل مندور والاستاذ مختار نوح , وحينما اتخذت قرارى بانهاء علاقتى التنظيمية لم يكن ذلك خوفا ولا خورا ولا جبنا ولا لمعاداة إخوانى كما المحت وإلا لفعلت كما فعل البعض حتنما انقلبوا تماما أو أثروا السلامة واختفوا تماما وأخرين انقلبوا على النقيض , وأذكر بعض الاخوة عندما كنت أدعوا إلى المراجعة داخل السجن عام 83 كانوا يهاجموننى بقسوة رأيتهم بعدما خرجوا من السجن وقد حلقوا لحاهم وعفروا الدخان والله يحسن ختامنا , استفدت من تلك التجربة أن أكثر الناس تشددا ينقلبون للاتجاه الاخر في أول فرصة
لم يكن اعتقالى في قضية الانتماء للجهاد بعد اغتيال السادات هي أخر النزهه في السجون , فاعتقلت بعدها ثلاث مرات في 86 و87 و94 لكن في هذه التجارب الاخيرة كنت اصلب عودا وكلما كان زكى بدر يتهمنى بنقل التكليفات بين الداخل والخارج كنت أتحداه أن يثبت ذلك حتى في حبسه عبد الحارث مدنى رحمه الله والتى كان العبد الفقير هو المحرك الذى أدار الازمة من اليوم الاول حتى يوم المسيرة فقد اعتصمت بالنقابة منذ جاءنى الخبر في 26 ابريل وأصدرت البيان الصحفى الشهير الذى يطالب بالتحقيق في وفاة عبد الحارث وبعد ذلك تواصلت ردود الافعال وعندما دعوت لخروج المسيرة لم أكن إمكانية التجاوب مع النداء ولم أشعر بالتفاؤل إلا بعد توافد المحامين في صباح 13 مايو 94 عندما اقرأ التاريخ أجد كثيرون يتقدون المشهد كأنهم هم الذين صنعوا الموقف دون إشارة لموقف العبد الفقير
المهم كل اعتقال بدون علاقة تنظيمية كنت أجد قوة في مواجهة الأمن على أعلى مستوى
ممكن أدخل في معارك فكرية أو سياسية أو نقابية دون تجريح أو ضرب تحت الحزام
أخى الاستاذ أيمن :
أراك استثنيت قضية العبارة ممما اعتبرته أداءا نقابيا متميزا ولا أدرى على أساس كان هذا الاستثناء هل تأثرت فيه بأراجيف المرجفين وأغاليط ضعاف النفوس , لكنى اعتبر قضية العبارة قضية عمرى وما زلت أؤدى دورى فيها مع فريق الدفاع عن الضحايا والمجنىعليهم الاساتذة ياسر فتحى ومحمد هاشم وأسعد هيكل وأخرين وإذا كان أدائى أمام محكمة اول درجة انضماميا اشرافيا غير أنى أعدك والدنيا كلها أن يكون أمام محكمة الاستئناف هجوميا قتاليا كما قلت لك قضية عمرى فهى قضية مجتمع وأمة
أنا سعيد بالتواصل معك وساعدتنى في تنشيط ذاكرتى واستحضرتنا صفحات من التاريخ القريب وإلى لقاء قريب أنفذ فيه ما وعدتك به نسخة من الكتاب الذى يرصد سيرتى على مدى ثلاثين عاما على الأقل
|