اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
التاريخ
11/30/2002 8:06:00 AM
  هل قاعد ة الاسناد ملزمة على القاضي ام مخيرة ....؟      

ان القانون في دراسته نجده  بانه فضاء لا حدود له  ، ضف على ذلك ان اغلب قوانين الدول مختلفة ،ولذلك وجد بما يعرف القانون المقارن  الذي يهتم بدراسة مختلف القوانين وكذا العمل  على فض النزاعات التي تحث بين فانون دولة ودولة اخرى ،أو بالاحرى اي القانون يطبق  الوطني ام الاجنبي   ...؟

وكل هذه القضايا  تكون  مطروحة امام قاضي الموضوع ،لذلك ةنتساءل هل لابد ان يرجع القاضي الى قاعدة الاسناد  ليعرف  اي قانون يطبق ،...؟

أو بصيغة أخرى  هل قاعد ة الاسناد  ملزمة على القاضي ام مخيرة ....؟


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  2/12/2002



الأخ الكريم

إن قواعد الإسناد تتعلق بتنازع القوانين

وتثور مشكلة تنازع القوانين عندما نكون بصدد علاقة قانونية تشتمل على عنصر أجنبي ، أو تكون خاضعة لأكثر من قانون ، بسبب أحد عناصرها ( المحل أو السبب أو الأطراف ) كما لو تزوج مواطن سوري من فتاة رومانية في تركيا ، أو كما إذا تعاقد تاجر مصري مع تاجر إسباني في قبرص لتوريد آلات زراعية إلى الأردن مثلا ، فالعلاقة القانونية في هذا المثال الأخير ، ترتبط بالقانون المصري والقانون الإسباني والقانون القبرصي ، وهذا الترابط يجعل قوانين تلك الدول قابلة للتطبيق على الواقعة ، وهذه القابلية للتطبيق تعني في واقع الأمر نشوب تنازع بين قوانين هذه الدول ، وحسم هذا التنازع لا بد أن يتم عن طريق قواعد إسناد ، تحدد القانون الواجب التطبيق على واقعة الخلاف

وإن تنازع القوانين ، لا يكون إلا عندما يكون هناك عنصر أجنبي في العلاقة التعاقدية ، ويمكن أن يكون التنازع دوليا كما يمكن أن يكون داخليا .

فالتنازع يكون دوليا ، عندما ينشب بين قوانين دول ذات سيادة وطنية مستقلة تتمتع بالشخصية الدولية وفقا لمبادئ القانون الدولي العام . ويكون التنازع داخليا عندما ينشب بين كيانات إقليمية تخضع كلها إلى سيادة دولة واحدة كما هو الحال في الولايات المتحدة أو سويسرا أي عندما تتعدد القوانين في الدولة الواحدة

وهناك اتجاه فقهي يشترط أن يكون القانون الأجنبي الصالح للتنازع ومن ثم الصالح للتطبيق ، يجب أن يكون مرتبطا بدولة معترف بها ، من قبل دولة القاضي

مثلا : إذا ثار نزاع حول تطبيق قانون على واقعة معينة ، وكان القانون الإسرائيلي طرفا فيها ، مثلا : تاجر سوري يستورد بضاعة من تاجر قطري يتضح أن مصدرة من إسرائيل ، فهنا لا يمكن القول بجواز تطبيق القانون الإسرائيلي لعدم اعتراض دولة القاضي ( إذا كانت سوريا ) بهذا الكيان

وعلى هذا الأساس رفضت المحاكم الفرنسية والبلجيكية والبريطانية والمصرية المختلطة قبل الحرب العالمية الثانية تطبيق القوانين التي أصدرتها الحكومة البلشفية في الاتحاد السوفييتي بعد ثورة عام 1917 باعتبارها صادرة عن سلطة غير معترف بها ، أي ليس لها وجود قانوني في نظر حكومات تلك الدول

ولكن هناك اتجاه فقهي آخر ، وهو الغالب ، يقول بأن على القاضي تطبيق القانون حتى لو كانت دولته لا تعترف بدولة القانون الأجنبي ، طالما أنه قانون صادر وفق الأصول المقررة ومطبق في محاكم تلك الدولة ، وعدم تعليق ذلك على اعتبارات سياسية ، كالاعتراف بالدولة

ويرى بعض الشراح أن منظومة قواعد الإسناد ومفهوم تنازع القوانين ، لم يعرف في الشرائع القديمة ، كون العلاقات التعاقدية في تلك الدول لم يكن يدخل فيها عنصر أجنبي ، باعتبار الرابطة كانت تقوم على الدين ، وكان من لا ينتمي إلى ذات الدين ، لا يتمتع بالحقوق التي يتمتع بها التاجر المواطن ، فالأجنبي لم يكن يتمتع بشخصية قانونية تسمح له بالتعاقد على قدم المساواة مع المواطنين ، كما كان الحال في الدولة الرومانية القديمة ، حيث كانت تنكر على الأجنبي حق الزواج من المواطنة وحق الملكية وحق مراجعة القضاء وحق التصرف وغيرها من الحقوق الملازمة للشخصية ، ويعلل الشراح ذلك بأن الرابطة كانت تقوم على الدين بحيث يعتبر كل من لا ينتمي إلى هذا الدين أجنبيا غير صالح للتمتع بالحقوق .

وبذلك ، يجب التوقف قليلا عند الشريعة الإسلامية في تاريخيتها حيث تعتبر سباقة إلى تجاوز هذه النظرة الضيقة ، إلى حد ما ، كون مفهوم تنازع القوانين في الشريعة الإسلامية يقوم على مبدأ التقسيم بين : دار الحرب ودار الإسلام ، كما بقيت آثار الرابطة الدينية وتأثيرها في التمييز بين كثير من الحقوق غير المالية .

أما الآن فندخل في الإجابة المباشرة على السؤال :

ولكن بتعريف قاعدة الإسناد أولا :

قاعدة الإسناد هي المعيار القانوني أو القاعدة التي تحدد القانون الواجب التطبيق على العلاقة القانونية ، من بين عدة قوانين صالحة للتطبيق ، فهي تسمح بتطبيق قانون أجنبي على أرض الدولة الوطنية

وهنا فارق قانوني اصطلاحي بين قاعدة الإسناد ، وبين ضابط الإسناد :

فضابط الإسناد هو الأداة التي يستند إليها المشرع ، باني قاعدة الإسناد ، لتعيين القانون واجب التطبيق . مثل الجنسية أو محل وقوع الفعل أو الموطن أو محل التسليم أو محل الاتفاق وغير ذلك فهي تعتبر ضوابط إسناد ، وهناك من يسميها عنصر الإسناد أو ظرف الإسناد

وقواعد الإسناد هي قواعد عامة مجردة ولكنها ثنائية الجانب

وقد انقسم الرأي حول مدى إلزامية قاعدة الإسناد بالنسبة للقاضي ، إلى ثلاثة اتجاهات :

1- الاتجاه الأول : لا يعترف لقاعدة الإسناد بأية قوة ملزمة . والدول التي تسلك هذا الاتجاه تمنع محاكمها من تطبيق قاعدة الإسناد وتوجب عليها تطبيق القانون الوطني على المنازعات كافة ، بما فيها المنازعات المشتملة على عنصر أجنبي ، ما لم يتمسك الخصوم بالقانون الأجنبي الذي تدل عليه قاعدة الإسناد . أي أن القاضي ليس ملزما ولا واجبا عليه من تلقاء ذاته البحث في قاعدة الإسناد والعمل بموجبها ، ومن هذه الدول بريطانيا وكندا .

2- الاتجاه الثاني : ذهب إلى إلزامية قاعدة الإسناد بالنسبة للقاضي ، وهو ملزم بتطبيقها والأخذ بمدلولها من تلقاء نفسه . ومن الدول التي أخذت بهذا الرأي ألمانيا الغربية ، حيث جعلت ذلك واجبا على القاضي في جميع المنازعات التي تشتمل على عنصر أجنبي . سواء طلب الخصوم ذلك أم لم يطلبوا .

3- وهناك اتجاه ثالث وسط بين الاثنين يقول بأن قاعدة الإسناد لا تتمتع بقوة ملزمة للقاضي ولكن له أن يأخذ بها من تلقاء ذاته ، أو بناءا على طلب الخصوم وهذا الاتجاه سائد في فرنسا . ولكن الاجتهادات الأخيرة لمحكمة النقض الفرنسية كرست إلزامية قاعدة الإسناد بالنسبة للقاضي فيما لو أثارها الخصوم وتمسكوا بتطبيق القانون الأجنبي . تماشيا مع الاتجاه العالمي والأوروبي خاصة .

وبذلك نرى أن المسألة عاد ليسودها رأيان فقط : رأي يقول بإلزامية قاعدة الإسناد بالنسبة للقاضي وعليه تطبيقها من تلقاء ذاته ، وآخر يقول بأن تلك القاعدة غير ملزمة له ما لم يثرها ويتمسك بها الخصوم .

والجدير ذكره ، أن حكم في المسألة في سوريا وغالبية الدول العربية يذهب إلى أن القاضي غير مجبر على تطبيق قاعدة الإسناد من تلقاء ذاته ، ولكن له ذلك بناءا على طلب الخصوم .

وهو ما يعبر عنه بأن قواعد الإسناد لا تتعلق بالنظام العام ، فلا يمكن تطبيقها ما لم يتمسك بها أحد الخصوم .

وعدم تعلق قواعد الإسناد بالنظام العام ، يعني عدم جواز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض

ولتطبيقات الإسناد مشاكل عملية كثيرة ، لاسيما في مجال الإحالة وتضارب قواعد الإسناد وصعوبات أيضا في حالة تعدد الجنسيات للشخص الواحد .

ومن المهم التذكير أن هناك مانع قانوني أخذت به معظم التشريعات في العالم لجواز تطبيق القانون الأجنبي ، وهو عدم تعارضه مع النظام العام الوطني أي مع الأحكام الأساسية للتشريع الوطني .

ولعلي أنهي بمثال عملي :

فإذا تزوجت سورية من شخص سعودي ، ثم حدث خلاف وشقاق بينهما ، وأراد الزوج تطبيق زوجته ، أو رفعت دعوى للتفريق وطلب الطلاق ، فإن هذا النزاع القضائي يشتمل على عنصر أجنبي بالنسبة للقانون الوطني السوري ( بالنظرة القانونية الصرف ) وهي كون الزوج غير سوري

وبالعودة إلى أحكام القانون المدني السوري الذي تضمن قواعد الإسناد نجد أنه نص على أن القانون الذي يسري على الطلاق هو قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت الطلاق أو وقت رفع الدعوى .

فإذا رفعت الدعوى على الزوج أمام المحاكم السورية فيحق له التمسك بقاعدة الإسناد التي توجب تطبيق قانون بلده .

والله أعلم .

أرجو أن أكون قد وفقت في تقديم إجابة شافية

والأجر على الله

المحامي : موسى شناني


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  2/12/2002



يعني بالنتيجة

القاضي ملزم بتطبيق قاعدة الإسناد إذا أثارها وتمسك بها الخصوم ، بشرط ألا يكون القانون الأجنبي المراد تطبيقه على الواقعة مخالفا للنظام العام في بلد القاضي

أما إذا لم يدفع أحد من الخصوم بقاعدة الإسناد فالقاضي غير ملزم من تلقاء ذاته بتطبيقها

يعني زبدة الإجابة


  المطيري    عدد المشاركات   >>  20              التاريخ   >>  2/12/2002



العزيز موسى شناني

لا أملك إلا أن اقف لك أحتراماً .. ( كفيت ووفيت ) جزيت خيراُ... رميتنا بالورد بعد غياب - نعتبره طويلاُ- وتلك عادة النبلاء أمثالك .....!!

أضيف لما قلته أيها العزيز أن قاعدة الإسناد هي قاعدة عامة مجردة مرشدة للقانون الواجب التطبيق في حال اشتملت إحدى أطراف النزاع على عنصر أجنبي , بمعنى أن قاعدة الإسناد لاتمس الموضوع ( موضوع النزاع ) .....!!

وقد نما إلى علمي بأن قواعد الإسناد في القانون الوطني السوري إحتوتها (8) مواد فقط ... لا أعلم مدى صحة تلك المعلومة وأنتظر من الزميل العزيز شناني تأكيداُ أو نفياُ لها ....

 

دمتم بخير


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  2/12/2002



الأخ المطيري المحترم

شكرا جزيلا لك

بالنسبة لتساؤلك العزيز

فأجيبك بأن موضوع تنازع القوانين وقواعد الإسناد تضمنها القانون المدني السوري الصادر في العام 1949

أيام أول انقلاب وقع في سوريا على يد حسني الزعيم

المهم : عدد المواد التي تضمنت قواعد الإسناد تبدأ من المادة رقم (11) لتنتهي بالمادة رقم (30) من القانون المذكور

يعني عددها عشرين مادة

وفي المثال السابق الذي سقناه عن تطبيق قاعدة الإسناد على الطلاق والزواج ، فإن القانون المدني السوري في المادة رقم (15) منه أوجب تطبيق القانون السوري على الواقعة إذا كان أحد الزوجين سوريا وقت انعقاد الزواج

وينص في المادة الأخيرة رقم (30) على عدم جواز تطبيق أحكام قانون أجنبي إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة في سوريا

وبالنسبة للسوري الذي يحمل جنسية أخرى فإن القانون السوري هو الذي يطبق عليه تغليبا للجنسية السورية

وهذا ما لزم إيضاحه

وتقبل تحياتي

 

 


  مستخدم محذوف    عدد المشاركات   >>  6              التاريخ   >>  3/12/2002



السلام عليكم اخويا الاستاذين هاشم و المطيري

لقد  سعدت كثيرا لردودكما وخاصة استاذي الفاضل هاشم ، الذي كانت اجابته جد ثرية للغاية ،لان قاعدة الاسناد في الزاميتها او تخييرها   لها عدة فرضيات ومواقف

اجدد شكري لكما


  Ulpien    عدد المشاركات   >>  0              التاريخ   >>  5/12/2002



باريس في 5 كانون الاول

                                                                                           الزملاء المحترمين                            

هذا الموضوع كان ولا يزال موضع اخذ ورد في الاجتهاد والفقه الفرنسيين .

ففي مرحلة اولى اعتبر الاجتهاد الفرنسي ان القاضي ليس ملزما بتطبيق قاعدة الاسناد اذا لم يطلب منه الاطراف او احد الاطراف ذلك . وفي مرحلة ثانية بدل الاجتهاد الفرنسي موقفه بصورة كاملة واعتبر ان القاضي ملزم بتطبيق قاعدة الاسناد سواء طلب منه الاطراف ذلك أم لا .  ولكن هذا الموقف لم بعمر كثيرا ، ففي مرحلة ثالثة اعتبر الاجتهاد الفرنسي انه ينبغي التفريق بين حالتين : الحالة الاولى عندما تكون قاعدة الاسناد منبثقة من معاهدة دولية أو عندما تتعلق قاعدة الاسناد بأمر لا يمكن للاطراف التعاقد عليه . والحالة الثانية عنما لا تنبثق قاعدة الاسناد من معاهدة دولية أو عندما لا تتعلق بموضوع يمكن للاطراف التعاقد عليه . ففي الحالة الاولي تكون فاعدة الاسناد ملزمو للقاضي وفي الحالة الثانية لا تكون . ولكن هذا الموقف الاجتهادي لم يعمر كثيرا ايضا  اذ ان محكمة النقض الفرنسية قد عادت منذ عامين واعتبرت انه يجب التفريق بين حالتين : اما ان تتعلق قاعدة الاسناد بموضوع او بامر يمكن للاطراف التعاقد عليه او التنازل عنه واما ان لا تتعلق بهكذا موضوع . ففي الحالة الاولى لا يكون القاضي ملزما بتطبيق قاعدة الاسناد اذا لم يطلب الاطراف ذلك ، اما في الحالة الثانية قانه يكون ملزما بذلك. وهذا التفريق هو المعتمد حاليا في فرنسا

ولكم تحياتي

اولبيانوس الصوري - باريس                                                .

 

 

 


  ashraf    عدد المشاركات   >>  29              التاريخ   >>  11/12/2002



الأخ / حمورابي 

تحية طيبة وبعد  

أن التساؤل حول مدي إلزام القاضي بتطبيق قاعدة الإسناد في غاية الأهمية ، لأنه الوجه الأخر للتساؤل حول مدى إلزام القاضي بتطبيق قانون أجنبي غير قانونه الوطني على النزاع المعروض أمامه كما تفضلتم بالإشارة -  فهل القاضي ملزم بتطبيق القانون الأجنبي من تلقاء نفسه باعتباره قانون مخاطب به كالقانون الوطني ؟ ................... أم يتعين عليه لقيامة بتطبيق القانون الأجنبي أن يتمسك الخصوم أمامه بذلك ويقيمون الدليل على أحكام هذا القانون باعتبار هذا القانون واقعة  ؟

وإذا طبق القاضي القانون الأجنبي فهل يتعين على المحكمة الأعلى درجة أن تفرض رقابتها على تفسير القاضي لهذا القانون إذا ما أساء تفسيره ؟ أم يخرج عن اختصاص المحكمة العليا ذلك ؟

درج الفقه وخصوصاً الفقه التقليدي عند بحثه لهذا الأمر على التركيز على طبيعة القانون الأجنبي ووصفه أمام القاضي الوطني – فهل يعتبر من قبيل الوقائع ؟ أم يظل محتفظاً بكيانه القانوني ؟ .... وعندئذ هل تدخل أحكامه ضمن القانون الوطني ويصبح جزء منه أم يبقى له صفته الأجنبية ؟

فإذا قيل باحتفاظ القانون الأجنبي بطبيعته القانونية وجب على القاضي أن يطبقه من تلقاء نفسه  كما يفترض عليه علمه بأحكامه أسوة بالقانون الوطني ، كما أن الخطأ في تطبيقه وتفسيره يخضع لرقابة المحكمة الأعلى باعتباره خطأ في مسائلة من مسائل القانون .

- وعلى العكس من ذلك إذ أعتبر القانون الأجنبي من قبيل الوقائع ، فلا يلتزم القاضي بتطبيقه من تلقاء نفسه بل يتعين على الخصوم التمسك بتطبيقه وإثبات أحكامه ، وإساءة تطبيقه وتفسيره تخرج عن رقابة المحكمة العليا باعتباره خطأ في تقدير الوقائع .

ودرج الفقه الحديث على ضرورة دراسة الوضع القائم بالفعل والحلول التي يسير عليها القضاء في بيان المعاملة الحقيقية التي يلقاها القانون الأجنبي أمام المحاكم بدلاً من الغوص في النظريات التي يقول بها الفقه التقليدي – وإن كان بعض الفقهاء المحدثين يرون أن دراسة الحلول القائمة منهج غير سليم والأولى منه دراسة ما يجب أن تكون عليه هذه الحلول وهذه صناعة الفقيه – بينما بعض الفقهاء المحدثين يعود ويؤكد بأن الفقيه لا يحلق في سماء النظريات مبتعداً عن الواقع بل أنه يجري التأصيل في نطاق الواقع لتحقيق التعاون بين الفقه والقضاء في سبيل الفهم القانوني السليم وحسن أداء العدالة .

وإذا كان الفقه الحديث يرى اعتبار القانون الأجنبي بمثابة قانون بمعنى الكلمة وليس وقائع خلافاً للفقه التقليدي فإن القضاء يرى أن القانون الأجنبي بمثابة واقعة وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية في حكمها الصادر بـ 7 يوليو 1955م حيث تقرر ( أن التمسك بتشريع أجنبي تشير إليه قاعدة الإسناد أمام هذه المحكمة لا يعدو أن يكون واقعة يجب إقامة الدليل عليها ) – وهو ما عادت وأكدته من خلال حكمها الصادر في 26يوليو 1967م وحكمها الصادر في 14 أبريل عام 19970م

وإذا كانت هذه الأحكام قديمة نسبياً فإنه من الواضح لي أن القضاء لم يغير اجتهاده وأذكر أنه قد حدث معي في السنة قبل الماضية عندما تمسكت أمام محكمة الإسكندرية الكلية بنص المادة التاسعة في نظام الشركات السعودي بخصوص النزاع حيث تحيل قاعدة الإسناد إلى تطبيق هذا النص أن القاضي كلفني بإثبات مثل هذا النص ، الأمر الذي اقتضى مني أن أستعين  بشهادة أثنين من الزملاء المحامين السعوديين يشهدون فيها بأن نص المادة التاسعة من نظام الشركات السعودي وفقاً لأخر التعديلات على النظام يجري نصه على النحو التالي : -----  وأنه لا زال ساري المفعول ولم يلغى أو يعدل .

الأمر الذي يعني أنه لا زالت المحاكم المصرية تعتبر أن القانون الأجنبي بمثابة واقعة .

الأمر الذي يعني أن أجابه السائل وفقاً للقانون المصري أن القاضي المصري غير ملزم بتطبيق قاعدة الإسناد عندما تشير إلى تطبيق قانون أجنبي إلا إذا تمسك الخصوم بذلك وأثبتوا أحكام هذا القانون أمامه .

وفي هذا المقام أذكر أن ديوان المظالم في المملكة العربية السعودية لا يرفض تطبيق القانون الأجنبي كمبدأ عام ، حيث أنه في أحد الأحكام دفع المحكوم عليه أمام الديوان ببطلان حكم ضم أولاد إلى حضانة أمهم وفقاً لأحكام القانون المصري في مواجهة أبيهم المقيم بالرياض لأن المحكمة طبقت القانون المصري وأن القانون المصري يخالف الشريعة الإسلامية المعمول بها في المملكة ، حيث أن سن الحضانة في مصر يختلف عن السعودية ، فرفض ديوان المظالم ذلك وقال أن قانون الأحوال الشخصية المصري مستمد من المذهب الحنفي وهو من مذاهب الشريعة الإسلامية المعترف بها ، فضلاً عن أن نص القانون في خصوص سن الحضانة قد صدر في مسألة اجتهادية ولا يوجد ما يخالف هذا الاجتهاد بنص صريح من الكتاب والسنة حتى يمكن القول بمخالفة القانون المصري للشريعة الإسلامية في القضية محل النزاع ، الأمر الذي يرى معه الديوان صحة تطبيق القانون المصري وقد أيد هذا الحكم من الدائرة العليا .

ويمكن لمن أراد المزيد حول أقوال الفقه القانوني الرجوع إلى :

- مركز القانون الأجنبي أمام القاضي الوطني لهشام صادق – رسالة دكتوراه جامعة باريس .

- دراسة مقارنة في إثبات القانون الأجنبي ورقابة المحكمة العليا على تفسيره – لشمس الدين الوكيل .

- القانون الدولي الخاص – لعز الدين عبد الله .

- نظام الإثبات في القانون المصري – لعبد الباسط جميعي 

- القانون الدولي الخاص – لجابر جاد عبد الرحمن .


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1750 / عدد الاعضاء 62