اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
ابوعبدالرحمن الظاهري
التاريخ
5/15/2008 7:14:48 PM
  جواز شتم الشاتم وضوابطه       

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

تمهـــــيد :    بعد البحث في القرآن وتفاسيره والسنة وشروحها وكتب الفقه الإسلامي وجدت أن المشتوم بالسب ونحوه له حق الرد بمثل ما شتم به ، أو العفو عن شاتمه ما لم يكن رده كذبا أو قذفا أو سبا لأسلافه . وأسأل الله العلي القدير العفو عن التقصير والله أعلم وأحكم .

 

والأدلة على ذلك كالتالي :

 

 

·      من القرآن :

 

 

أولا : قال تعالى في سورة النساء (148ــ149) : (  لَا يُحِبُّ الله الْجَهْرَ بِالسُّوءِ من الْقَوْلِ إلا من ظُلِمَ وكان الله سَمِيعًا عَلِيمًا إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا )

 

قال الإمام أحمد بن تيمية في الفتاوى (28/230) : " وقد روى أنها نزلت في رجل نزل بقوم فلم يقروه ، فإذا كان هذا فيمن ظـلم بترك قراه الذي تنازع الناس في وجـوبه ؛ وإن كان الصحيح أنه واجب ، فكيف بمن ظُلم بمنع حقه الذي اتفق المسلمون على استحقاقه إياه ، أو يذكر ظالمه على وجه القصاص من غير عدوان ولا دخول في كذب ولا ظلم الغير وترك ذلك أفضل " .

 

قال الإمام البغوي (1/493) : " وقيل إن شتم جاز أن يشتم بمثله لا يزيد " ثم عقب قائلاً : " وقرأ الضحاك بن مزاحم وزيد بن أسلم  إلا من ظَلَم  بفتح الظاء واللام معناه لكن الظالم أجهروا له بالسوء من القول " .

 

وقال الإمام ابن كثير (1/572) : " وقال عبد الكريم بن مالك الجزري في هذه الآية هو الرجل يشتمك فتشتمه ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه " .

 

وقال الإمام السعدي (1/212) : " يخبر تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول أي يبغض ذلك ويمقته ويعاقب عليه ويشمل ذلك جميع الأقوال السيئة التي تسوء تحزن كالشتم والقذف والسب ونحو ذلك فإن ذلك كله من المنهي عنه الذي يبغضه الله ويدل مفهومها أنه يحب الحسن من القول كالذكر والكلام الطيب اللين وقوله إلا من ظلم أي فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ويشتكي منه ويجهر بالسوء لمن جهر له به من غير أن يكذب عليه ولا يزيد على مظلمته ولا يتعدى بشتمه ، غير ظالمه ومع ذلك فعفوه وعدم مقابلته أولى "

 

 

وقال الإمام ابن العربي في أحكام القرآن (1/646) بتصرف : " قرئ بفتح الظاء وقرئ بضمها وقال أهل العربية : كلا القراءتين هو استثناء ليس من الأول وإنما هو بمعنى لكن من ظلم ويجوز أن يكون موضع من رفعا على البدل من أحد التقدير لا يحب الجهر بالسوء لأحد إلا من ظلم ، والذي قرأها بالفتح هو زيد بن أسلم وكان من العلماء بالقرآن ، فنقول معنى الآية لا يحب الله الجهر بالسوء من القول لأحد إلا من ظُلم بضم الظاء أو نقول مقدرا للقراءة الأخرى لا يحب الله الجهر بالسوء من القول لأحد إلا من ظلم فهذا خير لك من أن تقول تقديره لكن من ظلم بضم الظاء فإنه كذا . أو من ظلم فإنه كذا التقدير أبعد منه وأضعف " .

 

 

ثانيا : قال تعالى في سورة الشورى الآية (44) : ( وَلَمَنْ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ ما عليهم من سَبِيلٍ إنما السَّبِيلُ على الَّذِينَ يَظْلِمُونَ الناس وَيَبْغُونَ في الأرض بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لهم عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلك لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ  )

 

ــ قال الإمام ابن كثير في تفسيره (4/119ـ120) : ( أي ليس عليهم جناح في الانتصار ممن ظلمهم ) ، بينما نص الإمام البغوي في تفسيره (4/130) على عدم العقوبة بقوله : " ولمن انتصر بعد ظلمه أي بعد ظلم الظالم إياه ، فأولئك يعني المنتصرين ما عليهم من سبيل ؛ بعقوبة ومؤاخذة  " ، ونص الشوكاني في فتح القدير (4/541) عليه أيضاً بقوله : " فأولئك ما عليهم من سبيل بمؤاخذة وعقوبة " وتابعهما الإمام السعدي في تفسيره (1/760) بمعناه .

 

 

 

 

·       من الســـنة :

 

 

أولا : أخرج مسلم في صحيحه (4/2000) في باب النهي عن السباب برقم (2587) عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  قال : " الْمُسْتَبَّانِ ما قالا فَعَلَى الْبَادِي مِنْهُمَا ما لم يَعْتَدْ الْمَظْلُومُ " وأخرجه الترمذي (4/352) في باب ماجاء في الشتم برقم (1981) وقال : هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وأخرجه أبو داود في باب المستبان (4/274) برقم (4894) .

 

ــ قال الإمام النووي في شرحه على مسلم (16/140ـ141) معلقا على هذا الحديث بتصرف : ( معناه أن إثم السباب  الواقع من اثنين مختص بالبادئ منهما كله ، إلا أن يتجاوز الثاني قدر الانتصار ؛ فيقول للبادئ أكثر مما قال له ، وفي هذا جواز الانتصار ولا خلاف في جوازه وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة . واعلم أن سباب المسلم بغير حق حرام كما قال صـلى الله عليه وسـلم : " ســــباب المســلم فسوق " . ولا يجوز للمسبوب آن ينتصر إلا بمثل ما سبه ، مالم يكن كذبا أو قذفا او سبا لأسلافه ، فمن صور المباح أن ينتصر : بيا ظالم يا أحمق أو جافي أو نحو ذلك لأنه لا يكاد أحد ينفك من هذه الأوصاف ، قالوا : وإذا انتصر المسبوب استوفى ظلامته وبرئ الاول من حقه ، وبقي عليه إثم الابتداء أو الإثم المستحق لله تعالى ويكون معني على البادئ أي عليه اللوم والذم ، لا الإثم ) .

 

 

ثانيا : أخرج النسائي في سننه الكبرى (5/290) في الانتصار حديثا برقم (8914) ونصه : " عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما علمت حتى دخلت علي زينب بغير إذن وهي غضبى ، ثم قالت : يا رسول الله حسبك إذا قلبت لك ابنة أبي بكر ذريعتيها ، ثم أقبلت علي فأعرضت عنها ، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم :  دونك فانتصري ، فأقلبلت عليها حتى رأيتها قد يبست ريقها في فيها ، ما ترد علي شيئا فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه " . وأخرجه ابن ماجه في سننه (1/637) في باب حسن معاشرة النساء برقم (1981) ، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (5/99) : حديث النسائي وابن ماجة إسناده حسن .

 

قال شارح سنن ابن ماجه (1/142) معلقا على هذا الحديث : " وقول النبي عليه الصلاة والسلام  لعائشة : دونك اسم فعل بمعنى خذي حقك ؛ حيث أطالت عليك اللسان ؛ لقوله : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم . وقولها : قد يبس ريقها أي لشدة الخجالة والغضب ؛ حيث لم تجد إلى الجواب سبيلا " .

 

ثالثا : وقد بوب  البخاري في صحيحة (2/863) لذلك بقوله : " بَاب الِانْتِصَارِ من الظَّالِمِ لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ : ( لَا يُحِبُّ الله الْجَهْرَ بِالسُّوءِ من الْقَوْلِ إلا من ظُلِمَ وكان الله سَمِيعًا عَلِيمًا )، ( وَالَّذِينَ إذا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ) قال إِبْرَاهِيمُ : كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُسْتَذَلُّوا فإذا قَدَرُوا عَفَوْا " . أهـ

 

 

ــ قال الإمام ابن حجر في فتح الباري  في باب الانتصار من الظالم (5/99) بتصرف : ( أما الآية الأولى : فروى الطبري من طريق السدي قال : في قوله إلا من ظلم أي فانتصر بمثل ما ظلم به فليس عليه ملام ، وعن مجاهد إلا من ظلم فانتصر فإن له أن يجهر بالسوء ، وعنه نزلت في رجل نزل بقوم فلم يضيفوه فرخص له أن يقول فيهم ، قلت : ونزولها في واقعة عين لا يمنع حملها على عمومها وعن ابن عباس : المراد بالجهر من القول الدعاء ؛ فرخص للمظلوم أن يدعو على من ظلمه وأما الآية الثانية : فروى الطبري من طريق السدي أيضا في قوله والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون قال : يعني ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا ، وقال إبراهيم أي النخعي كانوا أي السلف يكرهون أن يستذلوا بالذال المعجمة من الذل وهو بضم أوله وفتح المثناة وهذا الأثر وصله عبد بن حميد وبن عيينة في تفسيرهما في تفسير الآية المذكورة ) .

 

 

 

·       الاستئناس  بكتب الفقه :

 

ــ قال الإمام أحمد بن تيمية الحنبلي في الفتاوى (28/380) : ( والقصاص في الأعـــراض مشــروع أيضا ؛ وهو أن الرجــل إذا لعن رجـــلا أو دعا عليه فله أن يفعــل به كــذلك ، وكذلك إذا شتمه بشتمة لا كذب فيها والعفو أفضل )

 

ــ وقال الإمام الشربيني الشافعي في مغني المحتاج في كتاب اللعان فرع لو شهد الزوج بزنى (4/157) بتصرف : ( إذا سب إنسان إنسانا جاز للمسبوب أن يسب الساب بقدر ما سبه ؛ لقوله تعالى : وجزاء سيئة سيئة مثلها ، ولا يجوز أن يسب أباه ولا أمه ، وإنما يجوز السب بما ليس كذبا ولا قذفا كقوله يا ظالم يا أحمق ؛ لأن أحدا لا يكاد ينفك عن ذلك وإذا انتصر بسبه فقد استوفى ظلامته وبريء الأول من حقه ، وبقي عليه أثم الابتداء أو الإثم لحق الله تعالى ويجوز للمظلوم أن يدعو على ظالمه )

 

ــ وكذا قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق في فصل الأمر باليد (3/345) في مسألة شقاق وشتام الزوجين : " ولو لعنها فلعنته قيل ليس بجناية لأنها ليست ببادئه قال تعالى :  لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ من الْقَوْلِ إلَّا من ظُلِمَ  "  أهـ . قلت : وتعليله رحمه الله يدل على أنه حكم عام .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                                                                 

                                                  


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2730 / عدد الاعضاء 62