القاهرة 14 ديسمبر/شينخوا/ عادت أزمة وزير الثقافة المصرى فاروق حسنى إلى الظهور مجددا، على الرغم من أن مجلس الشعب "البرلمان" أسدل الستار عليها نهائيا بعد أن أكد وزير الثقافة احترامه للدين الإسلامى وجميع سيدات مصر محجبات أو غير محجبات وحريتهن فى ارتداء الزى المناسب لهن.
وفى هذا الإطار، ينظم إسلاميون أعضاء في نقابة المحامين المصريين باسم لجنة الحريات بالنقابة محاكمة شعبية لفاروق حسنى اليوم /الخميس/ بشأن تصريحاته حول الحجاب التي أثارت جدلا واسعا في الأوساط الشعبية والرسمية بمصر، وسيرأس المحاكمة رئيس جامعة الأزهر الأسبق عضو مجلس الشعب أحمد عمر هاشم.
وذكر بيان صادر عن لجنة الحريات بنقابة المحامين أن المحاكمة ستناقش تصريحات وزير الثقافة حول الحجاب وحدود حرية الرأى والفكر بين المنظور الشخصي والسياسي لشخصية بمستوى وزير الثقافة.
وقال البيان إن محاكمة وزير الثقافة ستتضمن أيضا محاكمته عن حادث حريق قصر ثقافة بني سويف قبل عام الذي أودى بحياة 58 كاتبا وناقدا وممثلا، خلال أحد عروض مهرجان المسرح التابع لقصور الثقافة أحد قطاعات وزارة الثقافة.
من ناحية أخرى، ستقوم المحاكمة الشعبية ذاتها أيضا بمحاكمة وزير النقل المصري محمد منصور، وذلك بتهمة الاهمال في وسائل النقل التي أدت إلى حادث غرق العبارة المصرية خلال رحلة من ميناء ضبا السعودي إلى ميناء سفاجا المصري والتي ذهب ضحيتها أكثر من 1300 قتيل.
كما ستوجه المحاكمة اتهامات بالاهمال المتعمد فى سكك حديد مصر وهو الاهمال الذي أدى إلى وقوع الكثير من الحوادث التي أودت بحياة العديد من الضحايا.
وسيرافق هذه المحاكمة عرض صور فوتوغرافية لحريق مسرح قصر ثقافة بني سويف وحادثة غرق العبارة المصرية إلى جانب ضحايا حوادث وتصادمات القطارات.
وكان وزير الثقافة المصري فاروق حسني قد أعتبر أن ارتداء المرأة المصرية للحجاب "عودة إلى الوراء".
وقال حسني في تصريحات نشرتها صحيفة "المصري اليوم" المستقلة يوم الخميس الموافق 16 نوفمبر الماضى "نحن عاصرنا امهاتنا وتربينا وتعلمنا على ايديهن عندما كنا يذهبن إلى الجامعات والعمل دون حجاب، فلماذا نعود الان غلى الوراء ".
وأضاف "النساء بشعرهن الجميل كالورود التي لا يجب تغطيتها وحجبها عن الناس، الدين اصبح الان مرتبطا بالمظاهر فقط رغم ان العلاقة الايمانية بين العبد وربه لا ترتبط بالملابس".
وأعرب الوزير المصرى عن اعتقاده بان "حجاب المرأة يكمن في داخلها وليس في خارجها ولأبد أن تعود مصر جميلة، كما كانت وتتوقف عن تقليد العرب الذين كانوا يعتبرون مصر في وقت من الاوقات قطعة من أوروبا ".
وأكد أن ارتداء الحجاب في رايه "ليست له علاقة بالتقوى والا فما تفسير مناظر الشباب والبنات على كورنيش" النيل بالقاهرة، في اشارة الى الفتيات المحجبات اللاتي يشاهدن وهم يضعون ايديهن في ايدي الشباب في العاصمة المصرية.
وفى السياق ذاته، أثارت تصريحات وزير الثقافة المصرى فاروق حسنى موجه غضب عارمة داخل مجلس الشعب والشارع المصرى تمثلت فى المظاهرات والمسيرات المنددة فاروق حسنى والمطالبة فى الوقت نفسه بتقديم استقالته أو إقالته.
وكان أعضاء في مجلس الشعب، من بينهم نواب الأخوان المسلمين وأعضاء في الحزب الوطني الحاكم ومستقلون وعضو في حزب الوفد، شنوا هجوما عنيفا على وزير الثقافة بسبب تصريحاته التي اعتبر فيها ارتداء المرأة المصرية للحجاب "عودة إلى الوراء".
وذهب بعض أعضاء مجلس الشعب إلى حد التعرض لحياة فاروق حسني الشخصية، وقال النائب الاسلامي المستقل رجب هلال حميده " فليذهب للمشاركة في الاحتفالات التي تجرى سنويا للشواذ في فرنسا ".
من ناحيتها، قالت مصادر برلمانية إن حسني لم يذهب إلى مجلس اليوم لحضور اجتماع اللجنة المشتركة التي شكلت لاستجوابه.
واحتج نواب الأخوان على عدم حضوره وطالبوا بمحاسبته طبقا لقانون ازدراء الاديان ولكن رئيس مجلس الشعب فتحي سرور أوضح انه بموجب الاجراءات القانونية المعمول بها فأن النائب العام هو وحد الذي يملك حق احالته للقضاء.
على صعيد متصل، قدم العديد من المحامين شكوى ضد الوزير الى النائب العام لرفع الحصانة عنه حتى يتسنى محاكمته، متهمينه بالادلاء بتصريحات تشجع على الرذيلة.
كما اقام محامي يدعي سمير صبري دعوى قضائية يطالب فيها رئيس الجمهورية باقالة فاروق حسني، معتبرا أن تصريحاته حول الحجاب "مخالفة للبند الثاني من الدستور المصري الذي ينص على أن الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
من ناحيتها، أعلنت جامعة الأزهر رفضها الشديد لتصريحات وزير الثقافة فاروق حسني التي أعتبر فيها حجاب المرأة "عودة للوراء" واكدت ان ارتداء الحجاب "امر الهي لا يجوز التشكيك فيه".
وأكدت أنها باعتبارها كبرى المؤسسات العالمية للتعليم الاسلامي تعرب عن رفضها الشديد للتصريحات التي صدرت اخيرا بشأن حجاب المرأة الذي هو أحد الأوامر الالهية الثابتة بنصوص القرآن وإجماع المسلمين على مدي 14 قرنا من الزمان.
غير ان الهجوم الشرس على الوزير من قبل نواب الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه كان مفاجئا.
في المقابل، أكد فاروق حسنى وزير الثقافة أن تصريحاته بشأن الحجاب تعبر عن رأيه الشخصى وليس عن موقف الحكومة، مشيرا إلى أنه لم يدع النساء إلى خلع الحجاب، وأنه ليس معترضا عليه، وإنما يراه حرية شخصية للمرأة.
وأعلن حسني أنه قرر "الاعتكاف في منزله" والامتناع عن الذهاب إلى مكتبه أو إلى مجلس الشعب المصرى إلى أن يرد له هذا المجلس اعتباره.
كما انتفض المثقفون المصريون، الذين ينتقد العديدون منهم سياسات حسني (يتولى وزارة الثقافة منذ 19 عاما)، دفاعا عنه في مواجهة ما اعتبروه خطرا يهدد حرية الرأى والتعبير.
ووقع قرابة 500 من الكتاب والصحفيين والسينمائيين والمسرحيين والموسيقيين واساتذه الجامعات بيانا يتهم جماعة الاخوان المسلمين من دون تسميتها ب"الارهاب الفكري ".
وأكدوا أن قوى سياسية بذاتها دأبت على التحدث باسم الدين باعتبارها وصية على الاسلام ومحتكرة استنباط الاحكام الشرعية في محاولة لتحقيق اغراضها السياسية وراحت تبحث عن معارك وهمية مستغلة حديثا خاصا لوزير الثقافة المصري فاروق حسني قامت بنشره احدى الصحف ولم يخرج عن كونه مجرد رأي شخصي في قضية لا تمثل جوهر الدين وأهدافه".
وفى نهاية الأزمة، أسدل مجلس الشعب المصرى الستار على أزمة الحجاب التى تسببت فيها تصريحات منسوبة لفاروق حسنى وزير الثقافة وذلك بعد أن أكد الوزير احترامه للدين الاسلامى وجميع سيدات مصر محجبات أو غير محجبات وحريتهن فى ارتداء الزى المناسب لهن.
واكد الدكتور احمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب ان دور المجلس فى مراقبة السلطة التنفيذية هو مراقبة الاداء ولما كان الوزير قد اكد انه لم يصدر اية قرارات بعدم جواز استخدام الحجاب فى وزارته وليس له سياسة ضد الحجاب او دعوة ضده وانه ملتزم باحترام الحجاب فان الموضوع يكون قد انتهى بعد ان تأكد المجلس ان تصريحات الوزير قد تم تحويرها.
وبدوره، قال فاروق حسنى وزير الثقافة إنه يحترم بشدة كل سيدات مصر محجبات او غير محجبات وان ما ذكره هو رأى شخصى وليس للنشر وبعيد كل البعد عن الدين الاسلامى او الدعوة وانما عن مظهر من مظاهر الدين لانه ليس عالم دين او مفتيا.
وأضاف أن كلامه جاء فى الصحف مبتسرا ولو كانت الصحفية قد أعدت تحقيقا عن كلامه لظهرت الحقيقة، واكد ان اعتراضه كان منصبا على / الحجاب المستورد
|