الأمريكان تخلوا عن حماية هيئة الدفاع بعد أن تبين لهم ان القضية " مهدومة" وهم لا يريدون محاكم حقيقية.م
الشهود هم الذين يتصلون بنا
قصة الشاهد الذي جاء ليسلم على أبي عدي ثم ينصرف!
القرار القانوني الوحيد الآن هو البراءة لكل المتهمين
عذبوا طه ياسين رمضان أربعة وعشرين يوما وعندما شارف على الموت قالوا له لن نسمح لك به إلا عندما نريد
لا يجوز في أي قانون على وجه الأرض أن يتم اعتقال الشهود
اتحاد المحامين العرب ونقابة المحامين المصرية اتخذوا أسوأ موقف يمكن أن يتخذه محام في هذه المحاكمة
حاوره في القاهرة - سليم عزوز :
في تمام الساعة السابعة والنصف مساء بتوقيت القاهرة، وفي يوم الأحد الماضي، كنت في مكتب محمد منيب المحامي المصري عن طه ياسين رمضان في قضية الدجيل، كنت قد التقيت به مصادفة قبل ساعات، وكان هادئا كعادته، لكن الحال لم يكن كذلك عندما ذهبت الىه، فقد كان يتلقى مجموعة من الفاكسات، حصلنا على نسخة منها تفيد ان مكتب الاتصال الأمريكي قد قرر رفع الحماية عن هيئة الدفاع، الامر الذي دفع بالمحامي الامريكي كيرتس دوبلر ان يرسل رسالة بالفاكس الى كوندولىزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية يقول فيها ان هذا مما يعرض سلامة المحامين للخطر، والذين يجازفون بأرواحهم في كل مرة يسافرون فيها الى العراق من اجل ان يؤدوا مسؤولياتهم المهنية لموكلنا!
وطوال المقابلة لم يتوقف تليفون منيب عن الرنين، حيث كانت الاتصالات كلها حول هذا الإجراء الأمريكي، الذي يمثل بداية للعب على المكشوف، بعد ان مثل قرار حماية هيئة الدفاع اجراء شكليا يسعى الى التأكيد على قانونية المحكمة المشكلة لمحاكمة صدام حسين ورفاقه!
وقد كان طبيعيا، ان تضفي على الموقف المستجد حالة من التوتر على الحوار، لترسم بداية اخرى غير البداية التي كنت قد قررتها، لقد كانت هذه هي بداية حواري مع محمد منيب محامي طه ياسين رمضان، الذي لم تتم كتابه اسمه صحيحا ولو مرة واحدة طوال مرافعاته خلال الجلسات التي حضرها.
لقد سألته في البداية: ماذا انتم فاعلون بعد قرار رفع الحماية عنكم، وما هو تفسيرك لهذا القرار؟
- هذا راجع الى ان الجانب الأمريكي من ناحية، والمحكمة من ناحية أخرى، وجدوا أنفسهم في موقف قانوني غير مسبوق. وحتى يكون القارئ الكريم معنا في الصورة، ففي الجلسة قبل الأخيرة، قُدم من هيئة الدفاع طلبا محددا يتعلق بشهادة احد الشهود والتي تتلخص في ان بعض الذين قيل ان محكمة الثورة حاكمتهم، وأعدمتهم، على خلفية قضية الدجيل، شاهدهم الشاهد وتعامل معهم، وقدم قائمة بالأسماء، منهم زوج أخته، فهو لم يقل انه التقى بناس غرباء، فزوج أخته شخصيا من الذين قالت أوراق المحكمة الحالىة انه اعدم من قبل محكمة الثورة، وبالتالي فان هذه الشهادة يصعب الادعاء بكذبها.
وليس هذا وحسب، فقد قدم الدفاع قائمة بالأسماء وبالعناوين، لأشخاص قيل ان محكمة الثورة أعدمتهم، وبالتالي تصبح القضية من حيث المبدأ "مهدومة"، فالركن الأساسي الذي قامت علىه المحكمة هي تقديم بعض الأشخاص من أهالي الدجيل لمحكمة الثورة، وجرت محاكمتهم بشكل سريع، وبدون دفاع، وتم إعدامهم، هذا هو باختصار موضوع قضية الدجيل. وعندما يثبت للقاضي ان قائمة الأسماء مكذوبة وغير صحيحة ومدسوسة، وان جسم الجريمة الأصلي وهو ملف دعوي الدجيل الأصلية مازال حتى الآن مختفيا، وربما رأى المشاهد إصرارنا الشديد على تقديم هذا الملف الأصلي وهو " اضبارة" ملف محكمة الثورة، يتأكد للجميع انه لا قضية هناك!
يعني ما تقدم حتى الآن هو مجرد صور ضوئية؟
- نعم صور فقط!
حسب معلوماتي بالقانون المصري ان مثل هذه الصور يمكن للمتهم جحدها، وبالتالى فلا قضية، فهل يسري هذا على حال المحكمة المنصوبة الان لصدام حسين ورفاقه.
- لقد جحدناها، لكن المحكمة مصرة على التعامل معها، والادعاء العام مصر على التعامل معها، وهذا خارج القانون.
خارج قانون المحكمة أيضا؟
- خارج قانون المحكمة، وخارج أي قانون في الدنيا!
الاستمرار في الدعوى
ولان الحال كذلك تقرر رفع الحماية عنكم؟
- المحكمة أمام خيارين، إما توقف سير الدعوى وتحقق في هذه الأدلة الجديدة، الخاصة بشهادة الشهود، لكي تتبين وجود هؤلاء الأشخاص من عدمه. وإما ان تعلن فورا براءة المتهمين وإحالة المدعي العام للتحقيق. على ضوء هذه الأدلة.
وماذا يعني استمرارها في نظر الدعوى؟
- يعني ان هناك خرقاً واضحاً لقانون الإجراءات الجنائية من قبل المحكمة.
ولك ان تعلم انه خلال الىومين الماضيين تم القبض على أربعة من الشهود يوم الثلاثاء الماضي، بعد أدلوا بشهادتهم أمام المحكمة. صباح السبت 3 يونيه فقط كان هناك اتصال بين مكتب هيئة الدفاع في عمان، ومكتب الاتصال الأمريكي المسؤول عن حماية امن الدفاع من المطار والى المطار، وتم إبلاغهم بأسماء من سيحضر ومن لن يحضر. الىوم (الأحد) 4/6 اتصل مسؤول مكتب الاتصال بهيئة الدفاع، ليخطر الهيئة بأن الجانب الأمريكي لن يقوم بواجب حماية الهيئة من الآن فصاعدا بدءا من اصطحابهم من المطار الى المنطقة الخضراء، ثم في طريقهم من هذه المنطقة الى حيث تنعقد المحكمة، والعكس، وهذا التطور ليس فقط تطورا غريبا، ولكنه يعني باختصار ان الجانب الامريكي قرر ان يقدم أعضاء هيئة الدفاع لقمة سائغة وهدفا سهلا لكل من يود اغتيال هؤلاء، وكما تعلم ويعلم القارئ الكريم انه سبق اغتيال اثنين من هيئة الدفاع في بداية المحاكمة من داخل بغداد، وهذا يعني ان الطرف الأمريكي، والطرف الذي يلعب دورا مرسوما له من غير الأمريكان، لا يريدون محاكمة حقيقية، هم يريدون تسهيل تقديم المتهمين الى أعواد المشانق، وهذه طريقة لا ترضينا، ولا ترضي ضمائرنا.
وماذا انتم فاعلون كأعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين؟
- سيتم التشاور بيننا، لاتخاذ قرار، ربما نعقد مؤتمرا صحفيا ونعلن انسحابنا، وربما نقرر ان نذهب جميعا دفعة واحدة، وليحدث ما يحدث، وفي الحالتين ستكون فضيحة للجانب الامريكي، ولهؤلاء الذين يحاكمون من لا يستحق المحاكمة.
أستاذ محمد منيب أنت محامي طه ياسين رمضان؟
- نعم.
فقط ؟
- أنا اشرف بأنني أدافع عن كل المتهمين في نفس الوقت؟
كيف تمت عملية الوكالة من جانب طه ياسين رمضان لك، لاسيما وانك ذهبت للمحاكمة متأخرا وبعد عدة جلسات من بدايتها؟
- تأخري راجع الى انه لم يتصل بي احد من قبل، لكن عندما اتصل بي السيد " احمد طه ياسين رمضان" وجاء للقاهرة خصيصا من اجل توكيلي للدفاع عن والده قبلت على الفور لان هذا يعد شرفاً بالنسبة لي.
واين يقيم احمد؟
- يقيم خارج العراق.
دائرة تليفزيونية
هل التقيت بموكلك بعد ذلك بشكل طبيعي؟
- للأسف لا، وانا منذ دخولي المحكمة وانا طلبت ان التقي مباشرة بموكلي، ولم يتم هذا على الاطلاق، لكني التقي به خلال جلسات المحاكمة، وعبر دائرة تليفزيونية مغلقة، قبل بدء الجلسات.
في وجود الحراسة الأمريكية.
- طبعا، وليس فقط حراسة، فعبر دائرة تليفزيونية، يعني ان كل ما يتم بيني وبين موكلي يتم تسجيله بالصوت والصورة، أي لا أستطيع ان اسأله عن أسرار، ولا يستطيع هو ان يفضي الي بأسراره، ومن المؤكد ان هناك ما أود ان استفسر عنه منه، وقد يكون هناك شئ يود ان يطلعني علىه، لكي اكون على علم بما في الدعوي، وهذا حقه، وربما أريد أنا ان استفسر منه على بعض الأشياء الحساسة، ولا أريد ان يعلمها الآخرون، وهذا حقي وحقه، وهذا لا يتم!
كمحامين، كيف يتسنى لكم جلب شهود، وانتم من خارج العراق، والغريب - كما يقول المثل - اعمى ولو كان بصيرا؟
- لا تنسى ان هناك محامين عراقيين معنا، لأنه لا يجوز حضور محام عربي او أجنبي مالم يكن هناك محام عراقي، وهذا وفق القانون العراقي، وبالتالي فان زملاءنا العراقيين هم الذين جلبوا الشهود. وفي واقع الأمر، ودعنا أقول لك بصراحة، ان الشهود هم الذين اتصلوا بالمحامين، وقد وصلت قائمة الشهود الراغبين في الشهادة الى ألف اسم، ومن أهل الدجيل بالمناسبة.
من أهالي الدجيل؟
- طبعا وانتقي منهم البعض، حتى لا نعرض عددا كبيرا منهم للضرر، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى فنحن نختار من نضمن انه لن يتراجع، اذا تعرض للضغط، فاذا كان سعدون شاكر وزير الداخلية في عهد صدام حسين كاد ان يكون شاهدا ضد صدام حسين ورفاقه، وفي اول جلسات المحاكمة كان من المقرر ان يقدم كشاهد، وتراجع وطلب الادعاء جعفر الموسوي تقديمه كمتهم، وطبعا لان هذا الاجراء مضحك، ومثير للسخرىة، فقد رفضت المحكمة، ايام القاضي السابق!! وهذا كان امام شاشات التليفزيون!
فإذا كان سعدون شاكر، وقد كان وزيرا للداخلية قابلا للضغط علىه، فكيف هو حال المواطن البسيط العادي.
ولهذا حرص كثير من الشهود، سواء في شهود النفي او الإثبات، على ان يظهروا من وراء " الستارة"!
- طبعا، ونحن حريصون كذلك على ألا يُعرف احد منهم!
جو المحكمة
نحن نعرف جو المحكمة المسموح لنا ان نشاهده على شاشات التليفزيون، كيف الحال داخل القاعة وخارجها، هل القوات الأمريكية هي التي تسيطر على المشهد غير المرئي، بشكل يجعلك تشعر انها محكمة أمريكية وليست عراقية؟
- أنت أمام محكمة يصعب توصيفها، لأنك تعلم ان كل ما يحيط بها ليس له علاقة بما تراه، لكن الجميع يوقنون ان هناك من يحرك جميع عناصر هذه المحكمة. الوحيدون خارج السيطرة هم هيئة الدفاع، وهذا يبرر ما يجري خلال الأسبوعين الأخيرين، فمن خلال الدفوع، ومن خلال الشهود الجدد، عادت القضية الى المربع رقم صفر كما لو كنا بدأنا القضية من الاول! وعندما استشعرت الوجوه الحاضرة، والاخرى التي تقبع خلف الستار الحرج، ارسلوا لنا بهذا التهديد، المتمثل في عدم حمايتنا!
ثم لا تنسى يا اخي ان هناك قوات أمريكية في شكل احتلال في العراق، ولا احد ينكر ذلك، وبالتالى فان الوجود الامريكي طبيعي جدا في كل مكان في العراق!
هل تعرضتم كهيئة دفاع لتهديد او غواية، او تعلىمات تحدد لكم الدور الذي تقومون به من جانب هذه القوات، او حتي من الجانب العراقي الموالى لها؟
- لا لم يحدث!
احد الشهود الذي شاهدناه مؤخرا في الجلسات الاخيرة، وهو ذلك الفلاح الطاعن في السن كان واضحا انه لا يدري بالمهمة التي جئ به من اجلها، واكتفي بتحية الرئيس صدام حسين " ابو عدي"، واستأذن المحكمة في مصافحته ومصافحة كافة " الرفاق"، ما الهدف من استجلابه كشاهد، هل لتبديد وقت المحكمة، ام لتحويلها الى محكمة كوميدية؟
- الشاهد كان يريد ان يقول ان تجريف البساتين لم يتم لحظة وقوع حادث الاعتداء، ولكن تم بعد ذلك، وان كل من جرفت أراضيه قد تم تعويضه، وهو احد من جرفت أراضيهم وتم تعويضه، وتسلم دارا جديدة، وارض، وبستان جديد، وأموالا!
وقد كان المطلوب منه ان يدلي بما حدث معه، لكن يبدو ان جو المحكمة أصابه ( بالرعب)، وحقيقة ان هذا الرجل محق بأن يصاب بالرعب، فأي انسان يصل للمحكمة في الوهلة الأولي، لابد ان يصاب بالرعب وبالهلع الشديد، والمسألة تأخذ بعض الوقت حتي يتعامل المرء بهدوء والتعامل مع مفردات هذه المحكمة.
قصة المشاجرة
في الجلسة التي تم طرد المحامية اللبنانية بشرى من قبل رئيس المحكمة، تحدثت بشكل عصبي، وكان واضحا انك كنت في حالة ثورة، لكن تم قطع الصوت عنك، فلم نسمع ما تقول، فما هو الذي قلته في هذا المشاجرة التي كانت بينك وبين رئيس المحكمة؟
- لم تكن بيني وبين رئيس المحكمة، وإنما كانت بيني وبين رئيس الادعاء جعفر الموسوي ، لانه حاول التدخل فيما بيني وبين رئيس المحكمة، والذي كنت أوضح له ان حق الدفاع حقا مقدسا لا يجوز المساس به، وان طرد بشرى هو ليس إخلالا بحق الدفاع وحسب، وإنما هو رسالة إلىنا جميعا، تحمل تهديدا بأن كل واحد فينا هو هدف للطرد او هدف للقتل، فحاول جعفر الموسوي التدخل لاستفزازي ولإيقافي، وهذا ما استفزني بالفعل، وكان الرد انه لا يحق له ان يقاطعني، وكانت حالة الصراخ هي: لا تقاطعني، ليس لك شأن فيما يحدث، لا تتدخل بيني وبين المحكمة، انت لا شأن لك، لا علاقة لك بالأمر.. الى اخره!
عقب تولي القاضي الحالي المحكمة اضفى جوا من التوتر على المحكمة ،فقد حاول رئيس المحكمة ان يذبح القطة للمتهمين وللدفاع، وكان عصبيا طوال الوقت، ثم انتقل الى الهدوء الحذر، بشكل كان يستخدمه في المن على المتهمين والدفاع، وذلك قبل ان يتوتر من جديد عقب سماع الشهود، واذا كان توتره هذا له مبرره، بما ترجع هذا الهدوء الذي حل علىه فجأة بعد تعصب وتوتر؟
- هو كان يسعى لان يوصل رسالة بأن هذه المحكمة لن تسير إلا كما يريدها، او كما يريدها من أتي به، ولكنه اكتشف ان الأمور لا تسير كما يريد، لأنه ليس الطرف الوحيد في المحكمة، فهناك أطراف أخرى، ولا يمكنك ان تتحكم بمفردك للنهاية، خصوصا ان هذه الأطراف الآخرى فاعلة حقيقة، وليست مجرد ديكور، وهيئة الدفاع ليست مجرد ديكور!
هيئة الدفاع أيضاً استوعبت أنها عرضة للاستفزاز، وبالتالي قررت أمرين: الأول- ألا تتحدث في السياسة، والثاني: الا تواجه المحكمة الا بنص قانوني، وهذا ما حدث، والإخوة القراء سيلاحظون أننا نستند الى القانون العراقي، والدستور العراقي، والاتفاقات الدولية. وعندما حوصرت المحكمة في مأزق قانوني عبارة عن ظهور هؤلاء الأحياء الذي ادعى بإعدامهم، ثم كشف كذب شاهد الإثبات الثاني الذي ظهر في حفلة لتمجيد محاولة اغتيال صدام حسين، مع ظهور هذه الحقائق القانونية، هو حوصر بشكل لم يستطع فيه ان يستمر في القيام بالدور الهادئ، وبالنسبة له كان لابد ان يفعل شيئا خارج المألوف، ليخرج بالأمور خارج السياق الطبيعي الذي تسير فيه.
والسياق الطبيعي الذي اقصده هو السياق القانوني البسيط، هناك اتهام، وهناك دفع لهذا الاتهام بأسانيد وأدلة، وعلى المحكمة ان تأخذ قرارا متسقا مع القانون، وهي لا تستطيع، لان القرار الوحيد المتسق مع القانون الآن، وفق الجلسات الأخيرة، هو البراءة، ولكل المتهمين بلا استثناء!
اعتقال الشهود
معلوماتي، انه حسب القانون المصري، لا يضار كاتب ولا شهيد، وان الشاهد لا يضار بشهادته، فهل حسب قانون هذه المحكمة يجوز اعتقال الشهود بالشكل الذي جري مع الشهود الأربعة؟
- لا يجوز في أي قانون على وجه الأرض، اعتقال، او توقيف، او القبض على الشاهد، او لاي سبب متعلقا بشهادته. الشاهد يقول ما يقول، خطأ ام صوابا، كذبا او تزويرا، يدعي ما يدعي، لأنه وفقا لكل القوانين على وجه الأرض، بأنه للمحكمة ان تأخذ بما يقوله الشاهد، او لا تأخذ، والمحكمة هي الجهة الوحيدة صاحبة الحق في تقدير أقوال الشهود، ولهذا فالشاهد محمي بحكم القانون.
بالنسبة لكم كهيئة دفاع هل كانت مفاجأة لكم شهادة طارق عزيز لصالح صدام حسين، والمتهمين في قضية الدجيل، وهو الذي كان يتم الترويج له منذ ان تم اعتقاله بأنه على استعداد لان يشهد ضده ويفعل ما يطلبون منه، مقابل اطلاق سراحه؟
- ربما كانت مفاجأة للبعض، لكن بالنسبة لي لم تكن مفاجأة، لانه لو كان ما اشيع عنه صحيحا، لكان قد شهد، بعد هذه الفترة الطويلة في السجن، لو كانوا قد نجحوا بالضغط علىه في انتزاع شهادة ما منه ضد صدام ورفاقه، لكان قد تم هذا الامر، اما وانه لم يتم فمن المؤكد ان شهادته ستكون على النحو الذي جرت به، وانا شخصيا استبشرت به خيرا، واتصور اننا نجحنا باستدعائه للشهادة، بأن يذكر هذا الرجل ما افاد كل المتهمين.
لكن هل تمت مناقشته من قبلكم كدفاع قبل ان يحضر الى المحكمة؟
- لا!
في المحكمة كانت هذه هي المرة الاولى التي تسمعون فيها لطارق عزيز؟
- نعم، نحن طالبناه كشاهد، فجاء!
وعندما طلبتم حضوره، هل كنت متأكدين من حضوره؟
-- نعم، فالوحيد الذي طلبناه ولم يحضر، هو سعدون شاكر وزير الداخلية، فهو لا يريد المثول والإدلاء بالشهادة، وقال هذا كتابه للمحكمة.
لم يشهد لصالحكم، ولا ضدكم!
- نعم ، ولم يدل بأية شهادة.
في تقديرك لماذا اشاع الامريكان ان طارق عزيز مستعد للشهادة ضد صدام مقابل الإفراج عنه؟
- أتصور انها كانت هناك محاولة للإغراء، لم تكلل بالنجاح.
ما هو تقديرك لأسباب قدومه طارق عزيز للمحكمة بملابس النوم ( البيجامة)، نحن علمنا ان حضور المتهمين ذات جلسة بهذه الملابس كان للدلالة على انه جئ بهم عنوة للمحكمة؟
- ما شاهدته أنا شخصيا قبل الجلسة أن طارق عزيز مريض جدا، وبالتالي ربما ان الرجل جيء به على عجل، وربما لم يوفروا له ملابس مناسبة، وربما كانت هذه هي أفضل ملابسه في السجن، وربما هذه هي احد أسالىب الضغط علىه.
المعلومات الأمنية
نشاهد مقطعا متكررا للصوت، وأحيانا للصوت والصورة، بحجة حماية معلومات امنية، ما هي نوعية هذه المعلومات عادة؟
-انا لم أشاهد تسجيلات حتى الان لحلقات المحاكمة، لكن هم عادة يقطعون عندما تذكر اسماء او اماكن، او تذكر وقائع متعلقة بأشياء لا يراد ذكرها، او بالصدفة تأتي الكاميرا على أي احد من المحامين الذين لايرغبون في الظهور امام الكاميرا،وهم مجموعة كبيرة ، عندما تأتي مثلا صور الحراس العراقيين، عندما تأتي صور الصحفيين، فعندما تاتي هذه الصور يتم الحذف فورا، فهذا هو الاجراء الامني، وانا شخصيا لست ضده، لكن هل يتم قطع جزء مما يثار من الدفاع حتى لا يعرف الرأي العام ما يدور؟... لا اعرف!
في كل مرة كنت تترافع فيها، كانوا يكتبون اسمك بشكل خاطئ، فمرة فريد الديب، ومرات امين الديب، ومرة أسماء أخرى، ما هو تفسيرك لذلك؟
- اعتقد ان هذا يتم بشكل متعمد!
لماذا؟
- لانهم اكتشفوا ان هيئة الدفاع بها محام " فاهم" قانون دولي " كويس"، وربما القارئ الكريم لا يعرف انني شاركت في إعداد قانون المحكمة الجنائية الدولية، على مدار ثماني جلسات في نيويورك، وعلى مدار الثماني سنوات الماضية شاركت في إعداد دورات تدريبية على القانون الدولي للمحامين والصحفيين. وبالتالى هم رأوا ان هناك من جاء ليعلب على ملعبهم!
الا تعتقد ان غياب نقابة المحامين المصرية، واتحاد الصحفيين العرب الذي يترأسه نقيب المحامين، أمرا لافتا للنظر، حيث كان من المنتظر ان يكون لهما دور في هذه المحكمة؟
- أرجو ان يتحمل هذا " التسجيل" ما أقول، وأنا أتمنى علىك، الا تحذف ما أقول. اتحاد المحامين العرب، ونقابة المحامين المصرية برئاسة سامح عاشور تتخذ أسوأ موقف يمكن ان يتخذه محام محترم في الوطن العربي في هذه المحاكمة.
سامح عاشور لعب دورا في غاية السوء في انتفاضة قضاة مصر الشرفاء في الفترة الأخيرة، وهو الذي دفع اتحاد المحامين العرب الى ان يتخذ موقفا متخاذلا من المحاكمة التي تتم في بغداد، وهذا موقف يضع علامات استفهام كثيرة من شخص كان يصدع الأدمغة بموقفه العروبي، والقومي، والوطني، انا أتصور انه يلعب دورا سيئا يشارك فيه كل الأنظمة العربية في التغطية على الجرائم التي تتم في داخل الوطن مصر، وفي خارجه بالعراق.
افهم ان موقفه من انتفاضة القضاة هو لصالح النظام المصري، فلصالح أي نظام موقفه من محاكمة صدام حسين؟
- انا اعتقد ان مال الخليج له دور كبير فيما يقوم به اتحاد المحامين العرب. لكن من المؤكد انه لم يعد يليق لا بالمحامين العرب ولا بالمحامين المصريين ان يترأس نقابتهم في مصر: سامح عاشور، او ان يترأس اتحادهم العربي: سامح عاشور!
التعذيب
هناك بيانات نشرت منسوبة لطه ياسين رمضان بانه تعرض لتعذيب مهين عقب القبض علىه، فهل هذه البيانات صادرة بالفعل عنه، وهل تناقشت معه بوصفك محاميه فيما جري؟
- هذا كان اول سؤال سألته للسيد طه ياسين رمضان، الذي تعرض لتعذيب مستمر ومتواصل على مدار اربعة وعشرين يوما متواصلة، بمعنى انه لم يكن يسمح له بالنوم، فقد كان يغفو واقفا، وعندما يغفو يجد اما صفعة او ركلة او جردل ماء، و ماشابه، لدرجة انه شارف على الموت، وعندما نطق بالشهادتين سأل الامريكي المترجم: ماذا يقول، فأخبره انها شهادة الموت عند المسلمين، وعندها امر باحضار بعض الطعام والشراب، وامره بالجلوس والاسترخاء، وقال له حتي الموت لن نسمح لك به الا عندما نريد!
في تقديرك لماذا حدث معه هذا؟ هل كان بغرض الاهانة والسلام؟
- لقد كان بهدف الشهادة على صدام حسين !
وماذا كانوا يريدون منه كشاهد؟
- لم يكن هناك شيئا محددا، وانما على الاقل ان تقف معنا ضد صدام، هذا فضلا عن انه وقت القبض على السيد طه ياسين رمضان لم يكن قد تم القبض علىه، فكانوا ايضا يريدون معلومات عن الأماكن التي يمكن ان يعثروا علىه فيها، وقد رفض رفضا قاطعا!
ألا تلاحظ ان صمود رفاق صدام حسين شيئا مدهشا، ولم يكن متوقعا؟
- الصمود لا يمكن ان يكون غريبا على الرجال عندما يكون هناك رجالا حقا، لكن مستغرب عند اشباه الرجال، ولهذا نستغرب جميعا عندما يكون هناك رجال بحق صامدون بحق، وهؤلاء رجال بحق. وبعضهم غير صامد، مثل الرجل الذي يجلس في المنتصف ما بين طه ياسين رمضان وبرزان التكريتي، تجده دائما مشوش التفكير، وتائها، ويسعي الى خطب ود المحكمة، وهو رجل لا علاقة له بالموضوع فهو مقحم على القضية إقحاما!
اركان نظام صدام حسين كان يتم تقديمهم على انهم مجموعة من المرتزقة المستفيدين بالحكم، وهؤلاء كان من الطبيعي ان يبحثوا لهم عن مكان في ظل الوجود الامريكي، على العكس من الحاصل منهم، نحن مثلا لم نشاهد هذا الصمود من رجال جمال عبد الناصر في مصر- وأنت ناصري - عندما اعتقلهم السادات، فارسلوا رسائل الاسترحام والاستعطاف، الا قلة منهم، ما هو تفسيرك؟
- الرجال حقا هم الذين يصمدون في الأزمات، وعندما لا يصمدون فهم ليسوا برجال، ولا يستسني من ذلك لا رجال عبد الناصر ولا رجال صدام حسين، انت تقيس الرجل بموقفه.
سقوط بغداد
من خلال حوارك مع طه ياسين رمضان، والعراقيين من هيئة الدفاع هل وقفت على أسباب سقوط بغداد، وهل سقطت بالفعل بالخيانة ام لأسباب أخرى؟
- الحقيقة، هذا من ضمن الأشياء التي أتمنى ان يتيح لي القدر فرصة معرفة تفاصيلها، لكن من المؤكد ان الخيانة لعبت دورا في الموضوع!
موضوع الحفرة التي قالوا انهم وجدوا صدام مختبئاً فيها؟
- انها فيلم أمريكي مفضوح.
|