اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
المطيري
التاريخ
5/17/2002 10:35:00 AM
  الاستقلال القضائي هل عرفته الشريعةالاسلامية.؟؟؟!!      

لايزال المجتمع بخير مادام القضاء فيه سليما معافى ..ولعل ابرز مايميز القضاء العادل والسليم هو مظهر "استقلال القضاء" لذلك حرصت اغلب التشريعات على وضع نصوص وقواعدقانونية تكفل الاستقلال التام للقضاء وتبعده عن تأثير ونفوذ أي قوة اخرى في الدولة..
واللبنة الأساسية التي يقوم عليها مثل هذا الأستقلال هو العمل بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث"التشريعية - التنفيذية- القضائية" ومع النظريات التي تقول بالفصل التام اوالفصل الجزئي او التعاون بين هذه ا لسلطات يبقى هذا المبدأ من اهم نتاجات الفكر الانساني ويبقى اساساللمشروعية التي يجب على الدولة ان تمارس سلطاتها تحت ظله..ويستحيل وجود قضاء مستقل بعيدا عن هذا المبدأ..
والقضاء في الاسلام يعتبر قضاء متميزايتصف بالعدالة والنزاهة على مستوى التشريع الذي يستقي منه احكامه او على مستوى القضاة الذين يمارسون العمل القضائي حيث كان الوازع الديني قويا وكان القضاة يسكنهم هاجس العدالة التي يجب ان تطبق علاوة على شجاعتهم في قول الحق وهذا هو ماجعل القضاء في الشريعةالاسلامية متميزا في حقب زمنية معينة..اما اذا بحثنا عن الاستقلال القضائي كمظهر قانوني ثابت بنصوص شرعية وقانونية في الشريعةالاسلامية فلن نجد ..
حتى لو اردنا التأسيس لمثل هذا الامر فنجد ان الشريعة الاسلامية لاتعترف بمبدأ الفصل بين السلطات اذ جعلت السلطات الثلاث في يد ولي الامر بمافيها السلطة القضائية والقضاة يمارسون عملهم بناء على تفويض من ولي الامر فالقضاء ماهو الاعمل مفوض لهم بامكان ولي الامر الغاء هذا التفويض متى ماشاء واستعادة اختصاصه القضائي الاصيل ..
والقائلين بوجود الفصل بين السلطات في الشريعةالاسلامية يستندون الى بعض الامور والوقائع التي ظهرت كنتيجة للممارسة السلطات الثلاث اداريا أي ان هذا الفصل ماهو الا امر اقتضته طبيعة العمل الاداري من الممكن الحياد عنه في اي لحظة..!!
حقيقة ان سر تميز القضاء الاسلامي في فترة زمنية معينه كان راجعا الى شخصية القاضي نفسه اذا كان نزيها عادلا تقيا شجاعا لايخاف في الحق لومة لائم أما الان بعد ان فسدت ذمم الناس فكيف نضمن للقضاء نزاهته وقوته وابقائه على شمس العدالة مشرقة....


  ashraf    عدد المشاركات   >>  29              التاريخ   >>  18/5/2002



الأستاذ / خالد المطيري
تحية طيبة وبعد،،،،

إن قولك بأن الإستقلال القضائي لم يكن ثابت بنصوص شرعية ، ربماقد يتعارض مع ما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين بعثه قاضياً لليمن فقال : بم تقضي يامعاذ ، قال : بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد : قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فإن لم تجد قال : أجتهد رأيي ولا آلو ، فقال صلى الله عليه وسلم : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله .
فهذا الحديث لم يلزم القاضي إلا بالخضوع للنص ، ومن بعده الإجتهاد وبالتالي يكون قد منحه السلطة الكاملة في القضاء .
هذا فضلاً عن أن في مظاهر حصانة القاضي في الإسلام بما في ذلك الحصانة الجنائية والمدنية والحصانة من العزل بغير خيانة ما يكفي للقول بوجود إستقلال للقضاء والنصوص والنقول في ذلك عديدة قد لا يتسع المجال لذكرها.
هذا ما أردت ذكره وتبقى لك حرية القناعة .
وتقبل مني فائق التحية والتقدير ،،،
أخوك
أشرف خليل روية

  مدحت     عدد المشاركات   >>  1              التاريخ   >>  18/5/2002



الاخ خالد
هناك معضلة تصادف الكثيرين ممن يبحثون عن مبادىء جديدة معروفة في زمن حديث نسبياً على وقائع حدثت في زمن بعيد نسبياً
المعضلة تتمثل حول - تصور وجود نص مفصل - في القواعد الشرعية على المبادىء التى نبحث عنها وهذا إن كان ضرورياً في العبادات فسوف يكون أرهاق غير مطلوب في المعاملات

سيدى ببساطة شديدة لدينا مايعرف بالمصالح المرسلة وهى لاتمنع لان ضرورات وتجارب الامم والشعوب اثبتت ان الفصل بين السلطات احد أهم ضمانات تحقيق العدالة
ومن ثم فهى لاتتعارض مع الاسلام ويصبح بالتالى اعمالها والركون اليها ليس فقط من مقتضيات العدالة بل من مقتضيات ومقاصد الشريعة ايضاً

أمر اخر اريد أن اشير الية مايحقق مصالح الناس في الاصل والعام لايتعارض مع الشريعة
ومن ثم
الانتخابات
التعددية الحزبية والسياسية
الفصل بين السلطات
تقنين الشريعة الاسلامية في نصوص واضحة ومبسطة
وضع دستور يحدد العلاقة بين سلطات الدولة
وجود تنظيمات نقابية ومهنية
حق التعبير طالما تقيد بحدود النظام العام والاداب شرط وضع معيار جامع لماهو النظام العام والاداب
وغير ذلك الكثير


  المطيري    عدد المشاركات   >>  20              التاريخ   >>  18/5/2002



شكرا لكم كنتم حضاريين جدا في ردودكم...
ماذكرته يااستاذ اشرف لايمثل دليلا واضحا على الاستقلال القضائي كون معاذ هو والي اليمن والوالي لايحتاج الى ضمانة ففي يده كل السلطات الثلاث كما ذكرت ومافعله المصطفى عليه الصلاة والسلام لم يخرج عن كونه توجيها نبويا كريما له...
اما مذكره الاستاذ الكريم مدحت حول المصالح المرسله فأعتقد يااستاذي الفاضل ان هذه القاعدة لن تسلب حقا من حقوق ولي الامر قررته له الشريعة الاسلاميه وهو جمع الامر كله كمايعبر به..
وكما ترى فهذه القاعدة تقيد بحقوق وقواعد اقوى منها مثلا يعتبر وجود الاحزاب والتعددية السياسية مظهرا صحيا ولكن كيف يمكن قبول الاخر من فكر او مذهب معين يتعارض مع بعض النصوص الاسلامية..!!
اي ستكون هناك تعددية متشابهة ..وهذا امر ميتافيزيقي كما ترى..؟؟
ثم اخبرني ماهي الالية التي من الممكن بواسطتها الفصل بين السلطات دون تعارض مع نصوص الشريعة....

ولكم خالص تحياتي وتقديري

  مدحت     عدد المشاركات   >>  1              التاريخ   >>  18/5/2002



الاستاذ خالد
انت تناقش القضية وانت واقع تحت تأثير الفقة لاتحت تأثير الدين الاسلامي وفارق كبير بين الاثنين .
شرعاً - ودلنى على العكس - لايوجد مايمنع من تقيد سلطات ولى الأمر ، والقيد قد يكون بنص كل راع مسؤل عن رعيتة هذا قيد وهو المسؤلية وقد يكون القيد بإقرار المرآة التى سألت عمر بن الخطاب رضي اللة عنة في جلبابة في الواقعة المشهورة وقد يكون القيد تواضع الأمة على ذلك القيد بإعتبارة محققاً لمصلحة - المقصد هنا الدستور - الشريعة لاتمنع ذلك ، والحديث الذى معناة ما اجتمعت امتى على ضلالة فية الكثير مما هو حق للناس - للأمة - ودعنى اعطى لك مثال وفي مسألة دستورية اى في ارفع المسائل أهمية في حياة الأمم اختيار ابو بكر الصديق رضي اللة عنة اختلف مع طريقة اختيار عمر رضي اللة عنة والذى اختلف عن طريقة تولى عثمان وعلى رضي اللة عنة تلك ربما من أهم المسائل الدستورية الطريقة مختلفة في كل مرة اذن الامر لة علاقة بالمصلحة وليس هناك نص قطعي يوجب اتباع طريقة واحدة ، دعنى اضيف أن اجتماع الثقيفة حمل من الدلالات الدستورية ما لايجب ان يغيب عن دارس القانون والسياسة الانصار يدعون لأنفسهم والمهاجرين وحوار حضاري عبر عن بروز جماعتين اختلفت مصالحهم السياسية وجمع بين كل منهم دفاعاً عن مصلحة مشروعة وانتهى الامر بإتفاق على الصديق رضي اللة عنة
امثلة كثيرة عن سلوك القضاة وفهمهم لقواعد الشريعة فهذا يكتفي بالبينة واخر يعزز البينة بشاهد حتى يقع اثرها

الامر الهام الذى يجب الركون الية اننا بحاجة في كل الاحوال ان نقيم العدل ولاتوجد قاعدة شرعية تمنع اقامة العدل حتى فاطمة معرضة لقطع اليد اذا سرقت ، فكل مايحقق العل ومصلحة الناس لايتعارض مع قواعد الدين الاسلامي التعارض موجود في الكثير من كتب الفقة وهذا ليس عيباً العيب أننى منحنا اجتهادات مجرد اجتهادات قدسية ليست لها وحصانة لاتطلبها لانهم قالوا هم رجال ونحن رجال
تحياتى شاكراً لك سعة افقك وبحثك مثلنا ومثل ملاييين من أمتنا عما يحقق العدل

  ashraf    عدد المشاركات   >>  29              التاريخ   >>  19/5/2002



الأستاذ / خالد المطيري
تحية طيبة وبعد ،،،،
لا أدري إذا كنت تتفق معي أم لا حول وجوب التفرقة بين أداء الوظيفة القضائية على نحو مستقل ( إستقلال القضاة ) لا سلطان عليهم في أداء عملهم لغير النصوص الشرعية كما يفهم من الحديث ، وهو ما تم النص عليه في دساتير القوانين الوضعية من أن القضاة مستقلون في عملهم لا سلطان عليهم لغير القانون ، وبين خضوعهم كموظفين عموميين للنظام الإداري للدولة مثلهم مثل عمال السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية – ولم أستطيع أن أفهم مبدأ الفصل بين السلطان الذي تشير إليه كثيراً مع انه يبدو لي أنه ليس له علاقة بفكرة إستقلال القضاة في أداء عملهم : حيث يقصد باستقلال القضاء : آلا يخضع القضاة في ممارستهم لعملهم لسلطان أي جهة أخرى لغير القانون – (التعريف للدكتور عبد المنعم جيره في مؤلفه نظام القضاء ) . فأنا قد ذكرت أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو على قمة جهاز الدولة الإسلامية قد أرسل معاذ قاضياً على اليمن بتعيين منه ، وفي نفس الوقت رسم حدود هذا التعيين بأن جعله مستقلاً في أداء عمله القضائي لا سلطان عليه في كيفية أدائه لعمله القضائي لغير النصوص الشرعية – وإن كنت تسمى هذا مجرد توجيه ، عموماً هناك مؤلف بعنوان : السلطات الثلاثة في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الإسلامي للدكتور سليمان الطماوي ، وكذلك بحث بعنوان السلطات الثلاثة في الإسلام للشيخ عبد الوهاب خلاف – مجلة القانون والإقتصاد س6، ع4 ، ورسالة دكتوراه بعنوان : إستقلال السلطة القضائية في النظامين الوضعي والإسلامي ، للدكتور يسن عمر يوسف جامعة عين شمس – القاهرة –1984م ، ولا أدري إن كنت قد أطلعت عليهما أم لا ويكن يفهم من منهجك أنك قمت بعملية إستقراء واسعة وخرجت بالنتيجة محل التحاور ، عموماً إذا لم تكن قد أطلعت عليها ، أتمنى أن تتمكن من الإطلاع عليها ربما قد تتغير قناعتك أو على الأقل تخفف من النتيجة التي توصلت إليها و تساعد على بناء موحد حول الموضوع .
وأخيراً وإذا كنت لا تتفق معي في مدلول الحديث وهذا لا يغير من دلالة الحديث الثابتة بتفسير الفقهاء ربما تتفق معي في أن الإجماع مصدر من مصارد التشريع ولا يتسع المجال للخوض في هذا الأمر باعتباره أمراً مسلماً به ، و المتتبع للقضاء في الإسلام كمنهج استقرائي يدرك أن الدولة الإسلامية في عهد الخلفة عمر رضى الله عنه توسعت ففتحت البلاد وكثرت أعمال الولاة فاقتضى الأمر تعيين قضاة للمدن فعين أبا الدرداء قضاء المدينة وشريح قضاء الكوفة وأبا موسى الأشعري قضاء البصرة وعثمان بن العاص قضاء مصر ، وأكد الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه فصل القضاء في عدة مناسبات ولعلك تدرك قول عمر رضى الله عنه لمعاوية : لا إمرة لك على عبادة .
واستمر العمل على ذلك من غير نكير منكر ، بل وظهر الأمر جلياً في عهد هارون الرشيد والدولة العباسية ، والنصوص والنقول كثيرة في هذا الأمر ، فكان ذلك إجماعاً على إستقلال القضاة ، ومن ثم وجب التريث في القول بعدم وجود ما يشير إلى إستقلال القضاء في الشريعة الإسلامية بنص تشريعي .
ولا أريد أن أثقل عليك وأطلب منك الرجوع إلى المؤلفات التالية ، وتضمها إلى قائمة استقرائك حول الموضوع :-
تاريخ القضاء في الإسلام للدكتور /حمد عرنوس ، المطبعة المصرية الحديثة – القاهرة 1934م
تاريخ القضاء في الإسلام للدكتور / محمد الزحيلي ، دار الفكر ، دمشق 1995م
تاريخ قضاة الأندلس ، لأبو الحسن النبهاني ، بيروت .
القضاء في الإسلام ، محمد سلام مدكور ، دار النهضة العربية ، القاهرة 1964 .
القضاء في الإسلام ، عطية مشرفة ، القاهرة .
وتقبل مني فائق التحية والتقدير ،،،،
أخوك
أشرف خليل روية

  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  25/5/2002



حضرة الأستاذ خالد المطيري الموقر

أولا : لا بد لنا في كل موضوع يتعلق بالبحث عن حكم في الشريعة الإسلامية من التفريق دائما ، والتذكير دائما ، بأن هناك فارق كبير بين الإسلام ذاته وبين تاريخ الإسلام . الإسلام ذاته هو النص المقدس . أما تاريخ الإسلام فهو تاريخ رجال سياسة واجتهاد رجال بحسب الظروف والمصلحة والفهم المحكوم بتلك الظروف التي تتغير باستمرار . وبذلك يجب التمييز دائما بين النص والتطبيق ، وبين النص نفسه وبين فهم الرجال له وتطبيقهم له ، وضرورة أخذ السياق التاريخي بعين الاعتبار دائما . وشتان ما بين كثير من النصوص التي تدعو إلى الرحمة والعدالة والمساواة وما بين تطبيقها في مراحل كثيرة في التاريخ جاءت مصبوغة بلون الدم !.
ولاشك أن ماجاء بمداخلة الزميل مدحت حول عدم وجود مانع من الأخذ بالمعايير السياسية الحديثة للحكم والتنظيم السياسي والقضائي جدير بالتأييد . لاسيما التعددية السياسية والانتخابات واستقلال القضاء الرقابة الدستورية والإدارية على أعمال السلطات وصيانة حق التعبير والحريات بشكل عام وحقوق الإنسان وحق التجمع وتشكيل الأحزاب والنقابات والجمعيات وغير ذلك ....
ثانيا : يعتقد البعض ، عند التصدي لمسألة وجود حكم أو نظرية ما في الشريعة الإسلامية ، أن القول بعدم وجودها هو انتقاص من الشريعة الإسلامية ، وبذلك ، نراهم يجهدون أنفسهم في إثبات وجودها واحتواء الشريعة الإسلامية عليها ، كمن يقول بأن القرآن الكريم احتوى على علم الذرة ، لمجرد ورود الذرة في الآية الكريمة المعروفة . ونحن نخطئ أحيانا في الاستدلال . ونخلط بين الإعجاز العلمي وبين دلالة المعجزة نفسها . كيف ؟
الآية التي تذكر مثقال ذرة ، تكون دليلا على أن القرآن هو من عند الله ، كون أهل الجزيرة في تلك الآونة لم يكونوا قد سمعوا بهذا الجزء من المادة . فهي دليل على أن الكلام من عند عليم محيط . ولكن لا يمكن القول بأن القرآن الكريم احتوى على علم الذرة !. وكذلك الآيات التي تتحدث عن تصريف الرياح والنجوم والجبال والدواب … فهي تدل أولا على أن القرآن الكريم من عند الخالق المدبر ، ولا تعتبر تلك الإشارات نظريات علمية متكاملة في علوم البيولوجيا والفلك والأحياء وغير ذلك .
وفي قوله تعالى ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) فإن اكتشاف علم الأحياء والبيولوجيا أن الماء هو أساس الحياة على الأرض ، لا يعني أن القرآن يحتوي على علم الأحياء ، بل يعني أن القرآن الكريم ليس كلام بشر ، كون البشر في تلك الآونة لم يكن لديهم العلم بأن الماء هو أس الحياة . وهذه الإشارات العلمية هي لإثبات أن القرآن من عند الله عز وجل ، وليست لإثبات أن كل شيء موجود في الإسلام ، لأن الإشارة شيء ، والنظرية المتكاملة والعلمية شيء آخر لاسيما مع آخذ عنصر التراكم البحثي والحضاري بعين الاعتبار .
وفي كتاب ( الله يتجلى في عصر العلم ) المؤلف من مجموعة من العلماء ، أثبتوا أن كثيرا من الظواهر العلمية تدل على وجود الخالق وتدبيره ، وجاء الإثبات بطرق علمية . وتعرض بعض العلماء إلى ورود تلميحات في القرآن الكريم على كثير من النظريات العلمية التي جاءت فيما بعد وصحت . كالنظرية النسبية مثلا والآية الكريمة التي تقول : ( ومن كل شيء خلقنا زوجين اثنين ) واتضح بأن كل شيء في هذا الكون مكون فعلا من زوجين سالب وموجب ، ذكر وأنثى .
وهناك بعض العلماء ورجال الدين من حذر من خطورة التعاطي مع القرآن الكريم من منظار علمي بحت ، وعدم التسرع بتأييد النظريات العلمية بالقول بأن القرآن الكريم تحدث عنها أو أيدها واحتواها ، خشية أن يثبت بطلانها فيما بعد ، فيتم التجني على كتاب الله بأنه احتوى خطأ علميا ، وأصر بعض العلماء على التعاطي مع كلام الله كمعجزة فقط من خلال الدلالة على أنه من عند الله وليس كلام البشر ، وفي حدود هذا المعنى ، يجب فهم التلميحات العلمية التي وردت فيه وعدم القول بأنها سبقت العالم في اكتشاف أو وضع نظرية علمية معينة ، ولا شك أن القرآن الكريم يحتوي على أوجه إعجاز مختلفة كالإعجاز اللغوي والإعجاز العلمي ( إشارات علمية ) وبعض التنبؤات وغير ذلك ولكن يجب التعامل مع مثل هذا الموضوع بحذر كبير كما قلنا .
وما قلناه عن النظريات العلمية ، ينطبق تماما على النظريات القانونية والحقوقية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية .
فالقرآن الكريم ، وكذلك السنة النبوية ، تطرقا في شذرات هنا وهناك إلى أسلوب التعامل مع الأطفال مثلا ، أو أسلوب التعاطي في المعاملات التجارية ، ولكن ذلك لا يعني أن تلك الشذرات يمكن أن تشكل نظرية متكاملة في علم الاقتصاد بفروعه الكثيرة أو في علم النفس بفروعه الكثيرة . ورغم التطرق في كثير من الحالات إلى معاملات الناس وتجمعهم وسكنهم وترحالهم ومعاملاتهم ، إلا أن علم الاجتماع لم يكتب له الولادة كنظرية علمية إلا مع ابن خلدون في مقدمته الشهيرة ، رغم كل الإشارات السابقة ، وهذا من طبيعة العلوم ، إذ هي غالبا تراكم معارف من هنا وهناك .
وبذلك نرى ، أن استقلال القضاء ، كمبدأ ناجم عن القاعدة الدستورية القاضية بالفصل بين السلطات ، وكضمانة لتحقيق العدالة في المجتمع ، بأن يتم توفير الظروف المادية والمعنوية والحرية والحصانة اللازمة للقاضي كي يحكم بضميره ووفق أحكام الشرع والقانون نرى هذا المبدأ لم يكن معروفا في التاريخ الإسلامي كمبدأ مؤصل وثابت ومنصوص عليه ومقنن بأحكام واضحة ومحددة . وهذا المبدأ جاء نتيجة تراكم علمي وحضاري ، وهو مرتبط بالتطور في نظام الحكم ، ومرتبط أساسا بنظام الحكم الديمقراطي بشكل خاص . لأنه في الأنظمة المستبدة تكون إرادة الزعيم فوق القوانين لطالما سيفه مسلط فوق رقاب العباد .
ولعلنا ندرك أن الإسلام لم يحدد شكلا محددا لنظام الحكم في الدولة الإسلامية ، وإن كان قد وضع ضوابط وشروط للإمامة وللقضاء أيضا ، وكان ذلك خطوة هامة على طريق صيانة الحريات الأساسية للناس ، ولكن ... التاريخ ينبئنا بأن تلك الضوابط كانت عبارة عن ترف فقهي إلا ما ندر ، ولم تتحول قيم العدالة والحرية إلى مؤسسة قانونية تضبط الأعمال والقرارات وتحمي الأفراد من تعسف السلطة .
ثالثا : أعتقد بأن سلطان ولي الأمر أو الخليفة في التاريخ الإسلامي كان يمتد ليس إلى القضاء وحسب ، بل إلى كل صغيرة وكبيرة في الدولة الإسلامية ، وكان من صلاحيات السلطان الأمر بالقتل فورا وحتى بدون محاكمة ، و قد يصدر أمره بالقتل أو الحبس أو الجلد وهو في حضن الجارية !.
وبذلك ، أرى أن الحديث عن استقلال القضاء في الإسلام قد يجهد الباحث فيه ولكنه لن يجد سوى تجارب نادرة وأحداث شخصية وعابرة في التاريخ الإسلامي كانت وقفا على عدالة السلطان أولا والقاضي ثانيا ، وهذه الندرة لا يبنى عليها قواعد حقوقية مستقرة يمكن الاستناد إليها للقول بأن التاريخ الإسلامي عرف استقلال القضاء أو قاعدة الفصل بين السلطات التقليدية الثلاث . وقد كان الخليفة يوزع أموال بيت المال على هواه ، وكان مجرد بيت شعر يهز وجدانه أو إطراء صغير من حكيم قد يترتب عليه الأمر بالمنح الذهبية وغير الذهبية ، والعكس بالعكس ، فقد كانت مجرد كلمة أو إشاعة كافية لهدر دم إنسان بدون محاكمة أيضا . وهذه السنة مازالت سارية فينا إلى يومنا هذا : إن صلح السلطان صلح حال الرعية ، وإن ساء تدهور حال الرعية كما نرى من حولنا !.
ولعلك تعلم أن هنالك فارقا حقوقيا كبيرا بين مفهوم الرعية وبين مفهوم المواطن أو الشعب في القانون الدستوري وفي علم السياسة .
كما أن أمر السلطان كان لا يرد ، ولم تكن هناك حدود قانونية معروفة ومقننة تبين اختصاصات السلطات وتفصلها ، ولم يكن هناك قواعد قانونية تلزم ولي الأمر بإخضاع أوامره للرقابة القضائية ( الدستورية ) .
وهذا كله على صعيد الممارسة والتاريخ ، أما النصوص فأعتقد أنها لم تصل إلى درجة من التكامل والتفصيل أو وضع نظرية متكاملة في موضوع استقلال السلطات وفي موضوع التنظيم الحقوقي وتوزيع الاختصاصات بين أصحاب السلطة في الدولة الإسلامية ، وهذا ليس انتقاصا من الشريعة الإسلامية لأنه من شؤون الدنيا ويخضع للاجتهاد والتغيير بحسب الظروف ، وهذا ما نلحظه في موضوع نظام الحكم في الإسلام ( شكل الحكم ) حيث لا نجد نصا يقول بالحكم الجمهوري أو الملكي الوراثي أو الوزاري أو الجماهيري وغير ذلك ، وهذا ليس غفلا ، وإنما ترك الأمور للناس ولأهل المصلحة ليختاروا ما يناسبهم . ولعل بعض التنظيمات الإدارية دخلت إليها عن طريق الفتوحات ولم تتجاوز إنشاء بعض الدواوين . إلا أن كل ذلك ، لا يجعلنا واثقين من القول بأن الدولة الإسلامية أخذت بنظام الفصل بين السلطات أو عرفته في نص ثابت . ولقد كان السلطان يقطع بعض القادة أو المقربين ضياع كاملة بأهلها ودوابها وشجرها ويصبح عليها المالك المانع والواهب !. وكانت هذه المنح والعطايا لاعتبارات سياسية فقط ، ولم يكن هناك ما يسمى بالرقابة القضائية أو الدستورية على قرارات السلطان أو أعماله . وهذا يؤكد عدم وجود قضاء مستقل وذو صلاحيات محددة تكفل له الحماية الوظيفية والعمل بحرية لاسيما في الحالات التي تتعارض مع مصالح السلطة السياسية والحواشي .
ولعل مسلسل الاغتيالات والمذابح والتصفيات الجسدية ودس السموم والسبي والنفي وقتل المعارضين وكم الأفواه والتمثيل بالجثث ونبش القبور والسلخ والقطع وسمل العيون ونحل الأحاديث والرشاوى لشراء الفتاوى وغير ذلك من الممارسات التي تمت في التاريخ الإسلامي من أجل السلطة والحفاظ عليها ، كل ذلك يدل على أن القاضي كان تحت رحمة السلطان وخاضع لإرادته مثله مثل بقية .. الرعية .
والسلام على خير البرية .
وهذا مجرد رأي يحتمل الخطأ وأرجو ألا يغضب أحدا .
موسى شناني


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1502 / عدد الاعضاء 62