بيان صادر عن مركز المراقبة
في موقع سوريا للقضاء والمحاماة
المرسوم /95/ يمثل اعتداء على
السلطة القضائية وانتهاكاً لاستقلالها
على الرغم من أن المرسوم التشريعي رقم /95/ تاريخ 3/10/2005 والقاضي برفع حصانة العزل عن قضاة الجمهورية العربية السورية لمدة أربع وعشرين ساعة ، وإعطاء مجلس الوزراء صلاحية عزل أي قاضٍ دون بيان الأسباب الموجبة لذلك ، على الرغم من أن هذا المرسوم يلبي من بعض النواحي مطالبات المواطنين السوريين ورجال القانون والمؤسسات القانونية الداعية إلى مكافحة الفساد في القضاء ومحاسبة القضاة الفاسدين ، وعلى الرغم من الأثر الإيجابي الذي قد يحدثه هذا المرسوم في مجال تحسين أداء القضاة وإصلاح الواقع القضائي المتردي . إلا أنه لا يمكننا أن نتغافل عن حقيقة أن هذا المرسوم يمثل اعتداءً صارخاً على السلطة القضائية وانتهاكاً واضحاً لاستقلال القضاء والقضاة ، كما أنه يتضمن أكثر من خرقٍ لأحكام الدستور السوري .
ويتبدى ذلك في النواحي التالية :
1) أعطى المرسوم التشريعي صلاحية عزل القضاة إلى مجلس الوزراء ، مما يعتبر انتهاكاً لمبدأ استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية . لأن المفترض أن السلطة القضائية هي إحدى السلطات الثلاث التي تتكون منها السلطة العامة للدولة ، وأنها تتمتع باستقلال تام تجاه السلطتين التشريعية والتنفيذية وأنه لا يجوز لأي سلطة أن تتدخل في عمل القضاء ونشاطه وإلا اعتبر ذلك مساساً بمبدأ الاستقلال . ومن هذا المنظور يتبين لنا مدى المخالفة التي ينطوي عليها المرسوم التشريعي لمبدأ استقلال القضاء عندما أعطى صلاحية العزل إلى مجلس الوزراء .
2) يتضمن هذا المرسوم خرقاً لمبدأ أساسي مصون بالدستور ألا وهو حق التقاضي . إذ أن المرسوم التشريعي رقم /95/ حرم القضاة المشمولين بمرسوم العزل من الطعن فيه لأي سبب كان وأمام أي جهة كانت . الأمر الذي يفقد هذا المرسوم غطاءه الشرعي والدستوري وينحدر به إلى درك الانعدام .
3) وسع هذا المرسوم على نحو كبير وغير مبرر من صلاحيات مجلس الوزراء في عزل القضاة خلال المدة المنصوص عنها . حيث أتاح هذا المرسوم لمجلس الوزراء أن يعزل أي قاضٍ من منصبه دون أن يلزمه بذكر الأسباب الموجبة للعزل. كما أنه لم يضع أية ضوابط أو قيود على صلاحية مجلس الوزراء والتي تحول بينه وبين إساءة استعمال هذه الصلاحية . مما يفتح المجال أمام الشك بالأسباب الحقيقية التي ستكون وراء قرار عزل فئة من القضاة دون غيرهم ، وهل ستكون هذه الأسباب محصورة بدوافع محاربة الفساد أم سوف تطال مجالات أخرى كالكفاءة مثلاً أو ربما الانتماءات السياسية والحزبية . إننا نعتقد أن عدم تعليل قرار صرف القضاة من الخدمة سوف يسيء إلى هذه الخطوة ، ويقلل من آثارها المرجوة في مجال إصلاح القضاء .
لذلك فإننا نحذر من أن خطر هذا المرسوم على استقلال القضاء والقضاة يفوق على نحو كبير الفائدة التي يمكن أن تترتب عليه . وأنه كان على المشرع وهو يخطط لمحاسبة الفاسدين أن يحرص على أن تكون خطوته منسجمة مع أحكام القانون والدستور لأن الخطأ لا يصحح بالخطأ والمخالفة لا تصحح بمخالفة مثلها .
وبناءً عليه فإننا ندعو إلى :
- تعديل هذا المرسوم بأسرع وقت ممكن وصياغته من جديد بما يتوافق مع أحكام الدستور ومبدأ استقلال القضاء .
- العمل على احتواء الآثار السلبية التي سوف تنتج عن هذا المرسوم والتي سوف تطال عدداً من القضاة من خلال عزلهم من مناصبهم دون تبيان الأسباب الموجبة لذلك ودون منحهم حق الطعن في قرار عزلهم . وإيجاد ضمانات تحول دون عزل القضاة لأسباب سياسية أو حزبية .
- تفعيل نشاط إدارة التفتيش القضائي ورفدها بكوادر كفوءة ونزيهة وتكليفها بمراقبة القضاة ومحاسبتهم ومساءلتهم . لأن إصلاح القضاء ومكافحة الفساد فيه لا يمكن أن تتم خلال أربع وعشرين ساعة ، وإنما لا بدَّ أن تكون المساءلة مستمرة وأن تقوم بها جهة قضائية مختصة ومستقلة لا علاقة للسلطة التنفيذية بها .
مركز المراقبة في موقع سوريا للقضاء والمحاماة
5/10/2005