بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم المحفظ / وائل طلال سكيك
فلسطين - غزة
مسجد العمري والمغربي والسيد هاشم
إن المتأمل في حياة المسلمين اليوم يري عجبًا: يري أن الإسلام الذي ارتضاه الله عز وجل دينًا ومنهاجًا وتشريعًا ودستورًا في وادي, وحياة المسلمين وشئونهم في واد آخر, حتي صاروا وكأنهم بلا إسلام إلا من رحم ربي, وقليل ما هم!! .
والحق أن الإسلام كدين وتشريع لا يمكن أن يعيش من غير أناس يفهمونه ويَقٍتنعُون به فيعتنقونه, ويطبقونه في حياتهم تطبيقًا كاملاً من غير تحريف أو تبعيض. والمسلمون كذلك لا يمكن أن تكون لهم حياة بغير هذا الدين الحنيف الذي شرعه الله لعباده وأتمه وأكمله ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) (المائدة: من الآية3)
فحتى يبرز الإسلام بصورته التي أنزله الله بها لابد له من أناس يؤمنون به يحملونه ويطبقونه في كافة شئونهم, وحتى يعيش المسلمون في حياة طيبة لابد من العمل بهذا الدين والالتزام به في كل شئونهم وجميع جوانب حياتهم.
قد يقول قائل إن الإسلام جاء منذ زمن بعيد لأناس يعيشون في مجتمع بدوي, ومن ثم فهو لا يصلح لنا في زمن التقدم العلمي الرهيب! وأقول: إن الإسلام عندما أنزله الله تعالي, جعل في آياته وأحكامه ما يتلاءم مع كل الظروف ويتناسب مع كل البيئات والمجتمعات» فالإسلام دين صالح لكل زمان ومكان. وإن كانت العرب استقامت حياتها وانصلح أمرها بالإسلام, فإن العرب - بل والعالم أجمع - لا صلاح له ولا خير فيه اليوم إلا إذا عاد إلي الإسلام من جديد, وفي هذا يقول أحد أئمتنا «لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها» وهذا حق ولا شك.
قال تعالى : ( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ )
ذكّرنا الله بالتكلم بالحق فما فعلنا ولو نظرنا في الآية لعلمنا أن الله أهلك الذين فعلوا السوء في أصحاب السبت وكذلك الذين علِموا السوء وما وقفوا وقفة الرجال وقفة الناهي عن المنكر ؛ نعم !!! رأوهم يظلمون ورأوهم يكذبون ورأوهم يفترون فما نهوهم ولا نصحوهم بل انخرطوا في صفوفهم فما نجوا والله !!! بل سماهم الله في الآية ظالمين .يرون أهل السوء ويوالونهم ويظهرون بألسنتهم أنهم باغضين لفعلهم الخبيث وهذا هو عين النفاق واليوم ونحن نعيش تلك الأيام بوجود أمثال هؤلاء الهالكين بيننا ننتظر قيام الساعة لأن الأمر أوصد لغير أهله وإن حسبنا الله ونعم الوكيل واسمع أخي إن شئت قول ابن عمر لعروة في هذا الأمر : (كنا نعدّ ذلك نفاقا) وعن عروة قال: أتيت عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فقلت له: يا أبا عبد الرحمن، إنا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء فيتكلمون بالكلام نحن نعلم أن الحق غيره فنصدّقهم، ويقضون بالجور فنقوّيهم ونحسّنه لهم، فكيف ترى ذلك؟ فقال: يا ابن أخي، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعدّ هذا نفاقا فلا أدري كيف هو عندكم وعن عاصم بن محمد عن أبيه قال: قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما: إنا ندخل على سلطاننا فنقول ما نتكلم بخلافه إذا خرجنا من عندهم، قال: كنا نعدّ هذا نفاقا. وأخرجه البخاري عن محمد بن زيد بنحوه وزاد: كنا نعدّ هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن عساكر عن مجاهد أنّ رجلا قدم على ابن عمر رضي الله عنهما فقال له: كيف أنتم وأبو أنيس؟ قال: نحن وهو إذا لقيناه قلنا له ما يحب، وإذا ولينا عنه قلنا غير ذلك. قال: ذلك ما كنا نعدّ ـ ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ من النفاق.
ولهذا إذا أرادت أمتنا التقدم فلابد لها من الدين الذي جاء به محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم,ولابد لها من قول الحق والدفاع عن الحق وأهله حتى وإن كان طعم الحق مرّاً على النفس