أستاذنا الفاضل
الحقيقة أنها ليست قناة فضائية واحدة - ولكن معظم القنوات من هذا الصنف الذي تتحدث عنه سعادتكم - ولكن فكرة مقاضاة مثل هذه الكيانات القائمة بإفساد المجتمع لن تتحقق إلا في ظل وجود مجموعة من المحامين الأكفاء القادرين على صياغة دعاوى مقبولة في قضاء مليء بالثغرات التي نرى كثير من المجرمين ينفذون منها بمنتهى السهولة وكأنها قوانين لا تنطبق إلا على الضعفاء والمغضوب عليهم من القوياء - مما يستدعى التفكير في وسائل إدانة أقوى من القضاء الضعيف الذي قد لا يحقق الهدف..
قد يكون الحل في إنشاء قنوات على الإتجاه المعاكس لتجذب الشباب وتحاول إصلاح ما يفسده الآخرون - وقد تمتنع بعض الحكومات عن الموافقة على إنشاء مثل هذه الكيانات التي قد يعتبروها إرهابية ومتطرفة لمجرد أنها تريد أن تعلم الناس دينهم وما ينفعهم في الدنيا والآخرة - وقد تعجز عن تقديم دعم مالي لمثل هذه القنوات الإسلامية المحافظة لأن معظم الأثرياء من الحكوميين على الخط الآخر من المعادلة - وإلا ماكانوا مسئولين وما تحقق لهم مثل هذا الثراء الذي لا ينطبق عليه قوانين من أين لك هذا؟؟ هم ممن لا يستطيع أحد أن يحاسبهم - إذن هم المستفيدون أصلا من وجود فساد في المجتمع - إلا من رحم ربي - فما العمل الواجب إذن؟؟
قد نترك هؤلاء ونبحث عن وسائل لتفعيل قوانين من أين لك هذا - على جميع الموظفين الأكابر .. فالأصغر.. وصولا للأثرياء من الموظفين العاديين الذين تعجز رواتبهم عن إطعام أطفالهم بينما بيوتهم عامرة بكل أدوات اللهو والعبث - وخزائنهم مليئة بالأموال التي قد لا نعرف من أين جاءت - وأملاكهم التي قد نعجز عن معرفة مصدرها في ظل فساد كبير ظاهر وقوي ويحاول إخافة أهل الحق وليس الخوف منهم - فهل يمكن التركيز والتعاون لتطبيق هذا القانون فقط ؟؟؟ شريطة الشفافية والإعلان أولا بأول عما يحدث؟؟
ما هي الجهة القادرة والنزيهة التي يمكنها تنفيذ ذلك؟؟ لابد وأن تكون جهة قضائية غير منضوية تحت ظل الحكومات التي لابد وأن تحمي المنتمين لها - وأظن أن قضاءنا يحاول التحرر والتملص من السلطات التنفيذية الحاكمة له ولعله ينجح - وهناك السلطات الدينية التي لابد من تفعيل أدوارها لمكافحة الفساد الذي يتم نشره بواسطة الفضائيات - ولنسعى لتفعيل دور المساجد ولكن لابد أولا من تحرير المساجد من السلطات التنفيذية الساعية فعلا لإغلاق المساجد ومنع الكلام في الدين - نعم - نسمع أن هناك سلطات تريد أن تظل المساجد مغلقة ولا تفتح أبوابها إلا ساعة الأذان والإقامة والصلاة المكتوبة فقط - ونرى بعض عمال المساجد يستعجلون المصلين لإمكان إغلاق المسجد بعد الصلاة خوفا من الشرطة التي تعاقبهم؟
إذن الموضوع أكبر من القضاء وأكبر من المساجد - فكيف نتصرف؟؟ لو حاولنا عقد لقاءات في المنازل لتعليم الناس الدين فربما توجد قوانين طواريء يعتبر أن إجتماع خمسة أفراد أو أكثر قضية إرهابية يتم على ذمتها مصادرة المصاحف أو كتب الدين وحبس هؤلاء الخارجون على القانون - نعم - يزعمون أن هناك قوانين تحذر على الناس الكلام في الدين وخصوصا في تجمعات أظن خمسة أو أكثر - لا أذكرها..
الحقيقة أنني كلما طرقت بابا وجدت محاذير تمنع الإصلاح وتدعم الفساد - فكيف نتصرف؟؟
الموضوع أكبر من طاقتي وأكبر من طاقتك - ولكن الله تعالى يقول: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.. ولنعمل شيئا علينا أن ننصح لكل مسلم ومسلمة في كل مناسبة - وعلينا أن ننصح الحكام والمحكومين لتحقيق مصالحهم المتمثلة في إرضاء الله تعالى وأن ننصح المفسدين سواء كانت قنوات فضائية أو إعلامية أو صحف أو مجلات والمجال مفتوح لما ذكرنا وما لم نذكر لأن النبي العظيم يأمرنا: من رأي منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان - المهم ألا نرضى عن منكر وكل إنسان ميسر لما خلق له ويعرف الله طاقته ولا نعرف شيئا أبعد من ذلك..
ولذلك يجوز للراغبين عرض تجاربهم في مكافحة المنكر ليقتدي بها الآخرون - وفي نفس الوقت لا نستطيع أن نضيق واسعا - ولذلك ندعو الخبراء والمتخصصين في القانون لتشكيل تجمعات قانونية لبحث وسائل تعديل القوانين التي تحت أيديهم لتكون كلها دستورية وخاضعة للشريعة الإسلامية أولا - وفي نفس الوقت بحث آليات مقاضاة الجهات القائمة بالإفساد سواء كانت فضائيات أو غيرها - لنجعل التسمية مفتوحة - ولنشمل معنا بعض أجهزة الإعلام الراغبة في مكافحة الفساد لتشترك في تنظيم حملات توعية للجماهير وتحبيب الناس في مكافحة الفساد عموما - ولنفتح باب التبرعات العينية والمادية شريطة تسجيل ذلك وفق القوانين وحتى لا يتم إتهام أحد بدعم الإرهاب والتطرف وتلك الحجج التي يحاول الأمريكان والكفار عموما إغلاق جميع أوجه الخير في المجتمعات الإسلامية ولتحيا فقط جمعياتهم وشركاتهم وكياناتهم التي تدعم الفساد الروحي والأخلاقي والديني وكافة أنواع الفساد الأخرى حولنا - أرى أن الحشود ستتوجه إما لدعم الحق وأهله - أو لدعم الباطل وأهله - وليحذر أهل الحق من الوقوع في براثن القوانين قبل تعديلها وحتى تستمر مسيرة الإصلاح في مجتمعاتنا - وكلما زاد الوعي وظهر العلم الشرعي الحقيقي كلما ظهر ضعف الباطل وظهرت أوجه الفساد التي تعيث في مجتمعاتنا وقد لا نلقي لها بالا - أو ربما نجهل أنه فساد - وربما ليس على الجاهل حرج - ولكن البداية الصحيحة التي نراها هي توثيق الحلال والحرام بنصوص قطعية وإجماع ديني وحشد من المخلصين سواء كانوا رجال دين أو إعلام أو قانون أو غيرهم مما يساهم في هذا المشروع النهضوي العظيم - إنه مشروع توعية قبل أن يكون محاسبة ولأننا لا نملك فعلا وحتى الآن أدوات محاسبة واضحة - ولكن لنبدأ خطوة تليها خطوات يبارك الله فيها بإذنه ويفعل الله ما يشاء..
مدحت عثمان
|