baha عدد المشاركات >> 2 التاريخ >> 18/8/2003
|
العدوان على العراق
في المنظور القانوني واثره على المؤسسات الدولية والقانونية فيها
1-
لاشك ان العدوان الامريكي البريطاني الاسرائيلي على العراق قد وضع العام في مفترق طرق يصعب على المرء التكهن بالاثار التي ستتولد عنها في المنظور القريب والبعيد .
وذلك لأن هذا العدوان جاء صدمة عنيفة عصفت في جميع الدوائر القانونية الدولية ووضعتها في مهب التحديات .
وهذه الصدمة كانت متوقعة ولاحت بذورها الاولى في العقد الاخير من الزمن وذلك ببعض التصرفات والتجاوزات في اروقة المحافل الدولية ، وهي متوقعة ولكن غير المتوقع هو ذاك الخطاب القاسي الذي بدا في العامين الاخيرين من السياسيين الذين يتربعون في سدة القرار السياسي الامريكي . وهذا الاستئثار في الرار الدولي الذي بدا في السياسة الامريكية حتى تخوف بعض المفكرين السياسيين في العام من ان يعصف هذا الاسلوب بهذه الدولة او بالوجود الانساني برمته .
لان هذا الخطاب فيه تحد ليس لدول العالم فحسب بل فيه تحد لمجمل القوانين التي سطرتها الحقبة الممتدة قرنا من الزمن ، وفيه اغتصاب للارادة الانسانية برمتها ، مما جعل مساحات واسعة من التخوف العالمي يحيط بهذه المرحلة العصيبة .
فأوربا التي كانت وإلى فترة ليست بعيده متخوفة من وراء الانسياق وراء النهج الامريكي المتطرف في كثير من الحالات وعلى مدى عقود من اداراته المتعاقبة والملونة بمختلف الالوان والاشكال السياسية والفكرية ، والتي تحكم تصرفاتها الصوت الانتخابي اولا واخيرا ، شعرت وقبل وقوع الحرب بأن هناك خطوط حمر يجب ان لاتتجاوزها هذه الدولة في التعامل معها على الصعيد الدولي والاقليمي .
وكان رد الفعل الامريكي قويا وملفتا ومفاجئا لحلفاء الامس ، برزت فيه كل الصراعات القديمة وهي صراعات بالمعتقدات والافكار بين قوى اليمين التطرف الامريكي ودول ماسمي بأروبا القديمة ، واخطر ما برز بالنسبة لاوربا هو تقسيم جديد لها بعد ان وحدتها المصالح ، فالخطاب الجديد اعطى مدلولا مدروسا لما ستؤول اليه وما مرسوم لها مستقبلا وهو التقسيم الفكري على الاقل حيث اصبحت اوربا مقسومة بين اوربا القديمة واوربا الحديثة ....
فأحداث /11/ايلول خلقت حالة من الارباك العالمي ، وخاصة ذاك الخطاب السياسي الذي القى به الرئيس الامريكي جورج بوش وخاصة ماتضمنه من عبارة نحن ماضون .....ومن لم يكن معنا فهو ضدنا .....
ودول العالم وان تعاطفوا مع الولايات المتحدة في كارثتها انذاك ، الا ان هذا التعاطف مرده ليس هذا الخطاب ، بل اعتبارات اخلاقية بالدرجة الاولى يمليها الضمير لعالم متحضر ، واعتبارات انسانية يمليها الواجب الانساني
وليس سببه ذاك الخطاب الأمريكي الذي هز كيان رجال السياسة في العالم .
وجعلهم يعيدون حسابات كثيرة وتساؤلات لامتناهية ، وخاصة الحلفاء لواشنطن ؛ وأخذت المناقشات والمشاورات بينهم تطال أدق الأمور وهو مستقبل دولهم ، نفسها في ظل هذا الخطاب القريب العجيب ودخلت أمريكا حربها على ما سمي بالإرهاب في أفغانستان ؛ وكان دعم دول أوروبا لهذه الحرب ينبع من ركائز أخلاقية وتاريخية ؛ غلا أن هذا الدعم واكبه أفكار طرحت هنا وهنالك لاحتواء الإرهاب وبيان أسبابه وهذا لم يكن مريحا للإدارة الأمريكية الحالية فمباشرة عصفت بهذه الأفكار بل وحاربتها بأقسى درجة من الألفاظ .
وانتهت الحرب في أفغانستان .... هذه الحرب التي شهدت تدمير اتفاقيات دولية ... وقوانبن .. واصبح القانون الدولي في مهب الريح فالتعامل مع الاسرى .. وحقوق المدنيين اثناء الحرب . بغض النظر عن النتائج التي خلفتها . لم يعد للاسرى حقوق... لم يعدهناك اعتبار لنوعية القذائف التي يجب الامتناع عن ضربها .... وخروقات لحقوق المدنيين وفتح الباب على مصراعيه في التعامل مع ساحة المعركة أما نتيجة المعركة من حيث الغالب والمغلوب فهذه ستكشفها الأيام لنا ونحن نجهلها إلا ما يتسرب منها بين الفينة والأخرى في المحطات الفضائية .
وظهر التحالف المسيحي المتطرف مع الصهيونية يطفو على أجواء الخطاب السياسي العالمي يوما بعد يوم ؛ كما بدا الخطاب الأمريكي يزداد تطرفا .
فأوربا التي قدمت الدعم اللامحدود للكيان الصهيوني على مدى سبع عقود من الزمن وجدت نفسها في صراع مع هذا الكيان ولكن هذا الصراع قد لا يستطيع أن تتحمله وخاصة وأن هذا الكيان مدعوم في المطلق من ركائز الادارة الأمريكية المتطرفة الموجودة حاليا .
وطرح سياسيو أوربا أفكارا وجدوها ملائمة جدا للطرح في الوقت الحاضر للانتهاء من القضية الفلسطينية ؛.... طرحوها وهم يعلمون علم اليقين أن فيها إجحاف كبير بحقوق الفلسطينيين وكانت النتيجة هي تجاهل إسرائيل و أمريكا لهذه الأفكار كما تجاهلت أمريكا و إسرائيل النقد اللاذع الذي أبداه السياسيون للمذابح التي تقوم بها إسرائيل بحق الفلسطينيين . ووقع القادة السياسيون في أوربا في حرج شديد أمام العالم كما أنهم وقعوا في حرج شديد أمام أنفسهم . حتى عصفت إسرائيل ومن وراءها أمريكا بقرار صدر القرار ؛ فأصبحت بذلك المنظومة القانونية الدولية برمتها في حرج .... بل نستطيع القول أن هذه المنظومة أصبحت الجدار الذي يحتمي به الخارجون على القانون الدولي في العالم فهو المطية إن استجابت وهي الهدف إن لم تستجب والمنظمة الدولية قد نالت حقها من الهجوم الأمريكي كما ناله أصدقاء أمريكا؛ودخلت أمريكا وبريطانيا العراق وبدون أي غطاء في المطلق سواء أكان هذا الغطاء دولي أو أخلاقي أو حتى سياسي ....حتى أن كبار الساسة الأمريكيين يتسألون عن الغطاء السياسي الذي يبرر وجود أمريكا في العراق لا من حيث المصالح ولا من حيث الأهداف ؛ كما أنهم لم يجدوا مبررا لأن الإدارة الأمريكية تقوم بخداع شعبها لأسباب انتخابية ظهرت بعد دخول العراق ؛ والأغرب من ذلك أن أمريكا نفسها التي تنادي بحرية الشعوب هي أول من أعطى الوصف لقواتها ( بقوات الاحتلال ) وهذا ما يتعارض مع القانون الدولي من ناحية ويتعارض مع النواحي الأخلاقية التي تقودها أمريكا لتحرير الشعوب .
وبعد كل هذا ... فإلى أين يسير العالم ؟ ...... وهل نستطيع القول أننا بحاجة لقانون دولي جديد يسيطر على تصرفات الدول ....؟وهل نستطيع وضع مثل هذا القانون ونحن نعلم أن القانون الدولي هو مجموع أعراف وسوابق نتوارثها أكثر من كونه بنودا مكتوبة ؟ كما اننا نعلم ايضا ان عامل القوة هو المسيطر واننا باتجاه شريعة الغاب .....؟
فأعتقد أن الإجابة ليست من السهولة بمكان.... لكن نحن من هذه المعمورة الدولية وينبغي علينا التفكير فيما يدور.. بعيدين عن التطرف .
|