شناني عدد المشاركات >> 172 التاريخ >> 17/5/2003
|
الأخ محمد أحمد المحترم
اعلم يا أخي أن من يلتمس المعلومة عليه أن يصوغ سؤاله بشكل جيد ويوضح الفكرة ويعطي لسؤاله الاهتمام الوافي بأن يوضحه حتى يلقى الاهتمام الوافي في الإجابة عليه .
وبما أنك طالب في كلية الحقوق ، فاعتبر ذلك نصيحة مني ، بأن تصوغ سؤالك بشكل دقيق ، لاسيما وأننا في حقل القانون تلزمنا الدقة دائما
سألت ما علاقة الهاتف الجوال بالجريمة !!
فأي جريمة مثلا : هل هي جريمة الاغتصاب ... أم جريمة القتل ... أم مخالفة السير أم جريمة اغتصاب عقار .. أم جريمة إساءة الأمانة .. أم جريمة تهديد الأمن القومي العربي ، مع العلم بأن هذه الجريمة الأخيرة هي من الجرائم المستحيلة ، أي كالضرب في الميت !!!م
المهم :
إن أي أداة أو آلة لا يمكن اعتبارها أداة جرمية ما لم تستعمل في ارتكاب الجريمة ، أي في الأفعال التي تعتبر داخلة في الركن المادي للجريمة . فالسكين ، لا يعتبر أداة جرمية ما لم يستعمل في القتل أو الجرح ...
والسيارة لا تعتبر أداة جرمية إلا إذا قام المجرم بتهريب الحشيش فيها ... أو دهس بها الغير قصدا ...وهكذا
وقد نص القانون على مصادرة الأداة الجرمية وجوبيا في حالات ..وهناك جرائم معينة ترك فيها أمر المصادرة جوازيا للقاضي الجزائي الناظر بالدعوى ..كمصادرة الأشياء الناجمة عن جناية أو جنحة مقصودة
والمصادرة في القانون نوعان : عينية وشخصية .
المصادرة العينية فهي تدبير احترازي وهي مصادرة الأدوات التي يكون حيازتها بالأساس ممنوعة قانونا مثل مصادرة الحشيش المخدر ومصادرة المسدس غير المرخص ومصادرة أفلام الجنس وغير ذلك .. فهذه الأشياء مجرد حيازتها ممنوعة في القانون ، وبالتالي ، تصادر بغض النظر عن ارتكاب أي جريمة متعلقة بها .. يعني حتى لو لم يقم حائز المسدس غير المرخص باستعماله في جريمة قتل أو جرح فإنه المسدس يصادر لتجريم الحيازة نفسها ..وكذلك الحال في العملة المزيفة ... حيث تصادر كتدبير احترازي لأن حيازتها بالأساس ممنوعة ..فضلا عن أن القانون نص على مصادرة جميع الآلات والمعدات التي تستعمل في تزييف العملة ...
أما المصادرة الشخصية فهي عقوبة وتكون للأدوات والأشياء التي تكون حيازتها بالأساس مشروعة ولكنها أصبحت مجرمة نظرا لاستعمالها في ارتكاب جناية أو جنحة مقصودة . كمصادرة المسدس المستعمل في القتل ومصادرة النقود المقدمة كرشوة .. وغير ذلك .
فالمصادرة الشخصية إذن تكون إذا استعملت الأداة في ارتكاب الجريمة ، وأن تكون تلك الجريمة جناية أو جنحة مقصودة ، إذ لا مصادرة في الجنح غير المقصودة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ، مثل جنحة التسبب بالوفاة عن طريق الدهس ، فلا يجوز الحكم بمصادرة السيارة كأداة للجريمة كون الجريمة هنا جنحة غير مقصودة ..
وقد نص قانون مكافحة التهريب في سوريا على مصادرة واسطة النقل التي استعملت في تهريب البضائع ..
وفي ذلك تطبيق للقواعد العامة ليس إلا ، لأن السيارة تعتبر أداة جرمية هنا ، إذ أنها هي الوسيلة التي ارتكبت بها الجريمة ، مثل السكين أو المسدس في القتل ..
وعندما نقول أنها استعملت في ارتكاب الجريمة ، أي أنها دورها كان داخلا في الركن المادي للجريمة وفي أفعال تنفيذية ..ويجب أن تكون عائدة للفاعل ( المجرم ) نفسه ، أما إذا استعار المجرم
وبمناسبة الحديث عن المصادرة نقول بأن المصادرة الشخصية يمكن الحكم بها لصالح المدعي الشخصي كجزء من التعويض ... أما المصادرة العينية فتذهب الأشياء المصادرة حكما إلى الدولة وتصبح ملكها ..
ونعود هنا للهاتف الجوال ...
كيف يتصور أن يكون الهاتف أداة جرمية وأن يستعمل في ارتكاب جريمة ...
أعتقد أن هناك حالتان فقط :
1- الإزعاج والتحرش عن طريق الاتصال المتكرر . وهنا نصت أنظمة الاشتراك الهاتفي على إلغاء الاشتراك بمؤسسة الهاتف أو الشركة المشغلة في حال ثبت ارتكاب جرم الإزعاج والتحرش عن طريق الهاتف فيلغى الرقم من المؤسسة . وهذا نص خاص على حالة خاصة أيضا .
2- ضرب الغير بذات الجهاز ، أو بكتلته المادية ، وجرحه أو إيذائه ، بحيث يعتبر هنا جهاز الهاتف ذاته أداة جرمية . مثل السكين أو العصا أو المسدس
أما غير ذلك ، فلا أتصور ، أو لا تحضرني حالة أو صورة لاستعمال جهاز الهاتف في ارتكاب الجريمة ..
وإن كنت تقصد أن يقوم المجرم أو عصابة من المجرمين بالاتصال فيما بينهم بالهاتف الجوال للتنسيق لارتكاب الجريمة مثلا ..فإن هذا الاستعمال لا يجعل الهاتف أداة جرمية لأن استعماله هنا لم يدخل في الركن المادي للجريمة ولم يؤد إلى النتيجة الجرمية ولم يتسبب بها ولا يوجد علاقة سببية بين استعمال الهاتف المذكور وبين النتيجة الجرمية ...
فلو اتفق عدة مجرمين على سرقة منزل ليلا ... فراح واحد يراقب المنزل ..وآخر صعد إليه .. وآخر جهز عدة السرقة ... وآخر انتظر في السيارة مستعدا للفرار بالمجرمين والمسروقات ... وكانوا على اتصال فيما بينهم بواسطة الهاتف الجوال فإن هذا الاستعمال للهاتف على النحو المذكور لا يجعل منه أداة جرمية إطلاقا لأنه ليس له علاقة سببية مباشرة مع الجرم والنتيجة الجرمية ...
وهكذا يتضح لنا بأن استعمال الهاتف الجوال وإن كان يسهل ارتكاب الجرائم وفرار المجرمين ... إلا أن استعماله وفقا لذلك ، لا يجعله أداة جرمية .. لأن هذا الاستعمال غير داخل في الركن المادي للجريمة كما أن العلاقة السببية بينه وبين النتيجة الجرمية منتفية هنا ..
لذلك ، لو افترضنا أن رجلا تحادث مع امرأة على الهاتف الجوال واتفقا على اللقاء ، ثم ضبطا بحالة التلبس بالزنا ... فإن الزوج الشاكي ( المثلوم في عرضه ) لا يمكنه المطالبة بمصادرة الهاتف الجوال مثلا ( ولا النيابة العامة ) ولا يعتبر الهاتف الجوال هنا أداة جرمية ولا يدخل في الركن المادي للجريمة ولا علاقة سببية بينه وبين النتيجة الجرمية إطلاقا
وأنت كما تعلم .. أن الزنا يمكن أن يرتكب بدون الهاتف الجوال !م.
وإلا كيف كان يتم قبل أن يخترعوا الهاتف الجوال !!!!م
هل رأيت أن القانون ... منطق قبل كل شيء.
وتقبل تحياتي
|