المحاكم الاستثنائية
إن المشرع المصري منذ الخمسينات وحتى الآن أصدر العديد من التشريعات الاستثنائية فى ظروف خاصة تعددت بموجبها جهات الاختصاص بالفعل فى المسألة الواحدة وتضمنت خروجا على القواعد العامة سواء فى المسألة الجنائية أو السياسية القضائية وقد رأى المشرع على الاخلال بمبدأ وحدة القضاء والاخلال بمبدأ المساواه فى إقامة العدل بين المواطنين بحجة الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته
* فى نشأ العديد من المحاكم الاستثنائية والعديد من المحاكم الخاصة وقد أصاب المشرع المصري منذ ذلك الوقت ولع الازدواجية والإخلال بمبدأ وحدة القضاء 0
ولو رجعنا بنظرة خاطفه عدد المحاكم الاستثنائية التى تم إنشائها فى خلال هذه الفترة نجدها كالتالى :-
-
محكمة الثورة – القرار 48 لسنة 1967
-
محاكم رئيس الجمهورية – القانون رقم 79 لسنة 1958
-
محاكم الوزراء وتوابعهم – القانون رقم 79 لسنة 1958
-
المحاكم العسكرية –القانون 25 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 1983
-
القضاء الادارى العسكري – القانون 71 لسنة 1975 – القانون 123 لسنة 1981
-
محكمة الاحزاب المشكله طبقا للقانون 40 لسنة 1977 بشأن الاحزاب السياسية
-
محكمة الحراسة القانون 34 لسنة 1971
8-المدعى العام الاشتراكى ومحكمة القيم القانون 95 لسنة 1980
*
9-القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ
-
محكمة أمن الدولة العليا(طوارئ)
-
محكمة أمن الدولة الدائمة القانون 105 لسنة 1980 بشأن محاكم أمن الدوله
وبالطبع لا يتسع المجال هنا لذكر نطاق وسلطاته كل محكمة ومجال عملها ولكن سنكتفى هنا بالتعليق مع المحاكم العسكرية والتى تختص بالبحث فى مجالها هنا ومدى انتهاك حقوق المحامين اننا نعمل امام هذه المحكمة
المحكمة العسكرية العليا
أكثر ما يؤخذ على المحكمة العسكرية هذه أنه لم يقتصر اختصاصها عل الجرائم العسكرية البحته التى يرتكبها أفراد القوات المسلحة
وهو اختصاص طبيعى بل مد هذا الاختصاص إلى المواطنين المدنين فالمشرع قد مد اختصاص القضاء العسكري على طائفه من الجرائم الهامة وهى الجرائم المنصوص عليها فى البابين الأول (الخاص بجرائم أمن الدولة من جهه الخارج) والباب الثانى (جرائم أمن الدولة من جهه الداخل ) من الكتاب الثانى من قانون العقوبات والتى تحال إلى القضاء العسكري بقرار رئيس الجمهورية*
فخول لرئيس الجمهورية متى اعلنت حالة الطوارئ أن يحيل إلى القضاء العسكري أيا من الجرائم التى يعاقب عليها قانون العقوبات إدارى قانون أخر
كل هذا جعل من المحاكم ِ القضاء الطبيعى ومعايير وضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة وفى هذا الصدد نجد أن اللجنه الافريقية قد رأت أن تأسيس محكمة خاصة مؤلفة من قاض واحد أو اربع قضاه اعضاء من ضباط القوات المسلحة وتخويلها سلطة مطلقه لمحاكمة المتهمين باثارة الاضطرابات المدنية والفصل فى تلك الدعاوى واصدار الاحكام يعد انتهاكاً للمادة 7(1) (د) من الميثاق الافريقى وقالت اللجنه "أنه بغض النظر عن شخصية اعضاء هذه المحكمة فإن تشكيلها فى ذاتها يوحى فى الظاهر بعدم الحيدة أن لم يجسدها فى الواقع 0
وتعد المحاكم العسكرية العليا هى اكبر واشد المحاكم المصرية فى انتهاك حقوق المتهمين فى الدفاع وحقهم فى حضور محاميهم وحق الدفاع فى إبداء دفوعة وكذلك الحق فى الاعداد للمرافعة وقراءة الدعوى وسماع شهود النفى إلى أخره 0
لكن الامانة البحتية تحتم علينا ذكر نقطة غاية فى الاهمية وهى أنه تلاحظ وجود تطور بسيط فى مجال مدة المحاكمة حيث أن المحاكمات قد طال أمدها بشئ ما فكانت هناك قضايا تنظر خلال اربع ايام ثم تطور ليصبح 50 يوم ثم اصبحت الأن المحاكمة تمتد لثلاثه أشهر إلا أنه يجب ايضا الاشارة إلى أن هذه المدة غير كافيه بإعداد الدفاع والاطلاع على أوراق القضية خصوصا وأن هناك صعوبات جمه تواجه الدفاع اثناء الاطلاع قد يصل الأمر إلى أن الدفاع يكون بين يدية أوراق القضية وهى ناقصة الكثير عن النسخة الاصلية التى بحوزة المحكمة
وترى المنظمة وبحق أن كل هذه المخالفات تتعارض وبشدة مع المبادئ الدولية وأنها تعتبر انتهاك صارخ لحق الدفاع ولحق المحامين فى تأدية عملهم وانتقاص من قدرهم والحط من شأنهم 0
ولو نظرنا بنظره قاطعة على المبادئ والاسس والمواثيق الدولية المتعارف عليها لأعمال الحق فى الدفاع لنجدها كالاتى 0
لنبدأ من حيث ما انتهينا من انتهاكات وهو االفترة الزمنية التى تنظر فيها المحكمة الدعوى وتصدر احكامها دون تمكن الدفاع من تحضير دفاعه و مرافعته 0
فنجد أنه لضمان أن يكون الحق فى الدفاع مجدياً يجب أن تتاح لأى شخص يتهم بإرتكاب فعل جنائي ومحامية مساحة زمنيه وتسهيلات كافيه لإعداد دفاعه 0 وهذا هو ما قررته المادة 14
الفقرة الثالثه ب من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية وكذلك م ( 67/1 ) فقرة (د) من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية وكذلك م (11/1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 0
ومن المتعارف عليه فقها أنه يتوقف تحديد الوقت الكافى لإعداد الدفاع على طبيعة الإجراءات وملابسات الوقائع فى كل دعوى ومن العوامل التى تحكم هذا مدى تعقد الحالة ومدى امكانية اطلاع المتهم على الادله والاتصال بمحامية 0
كذلك يتطلب الحق فى الحصول على التسهيلات كافية لإعداد الدفاع فتح الباب أمام المتهمين وكافية للاطلاع على المعلومات المناسبة ومنها مستندات الدعوى والمعلومات والادله الاخرى التى قد تساعد فى إعداد الدفاع *0
وكذلك عمدت المواثيق الدولية إلى الاشاره إلى حظر الاكراه على الاعتراف فقررت فى
م 14 فقرة 3 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية وكذلك المبدأ 21/2 من مجموع المبادئ الخاصة بحماية جميع الاشخاص الذين يتعرضون لاي شكل من اشكال الاحتجاز أو السجون وكذلك م 55 فقرة (1) أ من النظام الاساسى للمحاكم الجنائية الدولية أنه لا يجوز ارغام أي شخص متهم بارتكاب فعل جنائى على الاعتراف بذنب أو الشهادة على نفسه 0
والجدير بالذكر أن هذا الحق ينطبق على جميع المراحل السابقه على المحاكم وأثناء المحاكمة على السواء 0
وقد أعلنت اللجنه المعنية بحقوق الإنسان أن الاكراه على تقديم معلومات أو الارغام على الاعترافات تحت وطأة التعذيب أو سوء المعاملة كلها أمور محظورة 0
ويعد افتراض البراءة فى التهم ركيزة اساسية
على إعمال الحق فى الدفاع
كذلك م 15 من اتفاقية مناهضة التعذيب
قررت أنه تضمن كل دولة طرف عدم الاستشهاد وبأية أقوال يثبت أنهتم الادلاء بها نتيجة للتعذيب كدليل فى أي إجراء 0
إلا أننا نجد أن المحكمة العسكرية تلتفت عن هذا الدفع نهائيا أما بخصوص الدفوع التى يبديها الدفاع بخصوص إجراء تحقيقات نيابة أمن الدولة فى غيبة المحامين ولا تعلق عليه المحكمة أو لا ترد عليه
فنجد أن المبدأ الأول من المبادئ الاساسية الخاصة بدور المحامين قررت أنه " لكل شخص الحق فى طلب المساعده من محام يختاره بنفسه لحماية حقوقه واثباتها للدفاع عنه فى جميع مراحل الإجراءات الجنائية "
ولعل ما تلقية تحقيقات النيابة من دون غاية فى الاهمية فقد تحدثت المواثيق المواثيق الدولية عن جميع إجراءات التحقيق ولم تختص أهمية حضور المحام فى المحاكمة فقط بل قررت فى جميع مراحل إجراءات التحقيق وهذ ما يتعارض مع ما سبق وأن قررنا أن لنيابة أمن الدولة امكانية إجراء التحقيقات فى غيبة المتهم 0
والمنظمة إذ ترى أن التفات المحكمة عن هذا الدفع يعد انتهاكا صارخ وخطير للحق فى الدفاع والحق فى محاكمة عادلة ومنصفة
أما عن وائع استدعاء شهود النفى من عدمه يجب الاشارة هنا إلى أن هناك تطور ملحوظ فى هذا الإجراء حيث أصبحت المحاكم العسكرية أكثر قابلية عما سبق على سماع شهود نفى 0
إلا أنه من الملاحظ أن المحكمة تقوم بعمل هذا الاجراء كأجراء شكلى لأنها دائما لا تأخذ بشاهدتهم ففى قضية الاخوان المسلمين المسماه إعلاميا بقضية الاساتذه أو الدكاترة ولذا استمعت فيها المحكمة لعدد كبير من شهود النفى من أطباء ونقباء وأساتذه جامعات وتركت كل هذا جانبا وحدد حكم بإدانه 16 متهم من 22
ألا أنه يظل الحق فى استئناف الاحكام الصادرة من المحاكم العسكرية العليا
محاكـم أمـن الدولـة
تعد محاكم أمن الدولة كغيرها من المحاكم والتشريعات التى تسير فى درب الاستثناءات الذى طال أمده وسار عبء يئن منه كل من ينادى بالحريات بشكل خاص . ومحاكم أمن الدولة طوارئ تسير بمبدأ واحد وهام وهو الإسراع فى أي شئ الإسراع فى نظر الدعوى فى فترة الاطلاع فى سماع المرافعة .
المحاكم العادية
العدل قيمة مثلى .قاتل من أجلها الكثيرون ،وحرص على حمل لوائها شهداء أمنوا بالحق وجاهدوا لإعلاء كلمته واراقوا دمائهم توطيداً لمكانته *
ويعتبر القضاء المستقل وحق المواطن فى الالتجاء اليه أحد الأمور الجوهرية فى إحقاق العدل والانتصاف للمواطن واحترام حقوق الإنسان فى ظل سيادة حكم القانون
واشتهر القضاء المصري على مر العصور بالحيدة والنزاهة وإعلان كلمة الحق .
وفى ظل مكانه القضاء المصرى هذه نجد أن الانتهاكات أو العقوبات إلى تواجه المحامون فى ظل القضاء العادى فهى قليله جداً إن لم تكن معدومه .
ونجد أن غالبيه تلك المعوقات تكون فى محاكم الجنح وقد تكون أحدا أهم اسبابها هى كثرة عدد القضايا مقارنه بعدد القضاء .
فتكون هذه هى المعوقه الاساسية هذا بخلاف اكثر من حالة يتم فيها مقاطعة المحامى ومحاولة انهاء مرافعته ففى قضية شهدى نجيب سرور والذى كان قد اتهم بنشر اشعار والده الراحل نجيب سرور على الانترنت فقد قاطعت المحكمة احد الاساتذه اثناء مرافعته وقال له أن المحكمة قد وضعت الحكم وانتهى الموضوع يا استاذ .
الا أن هذه الحالات تكون قليلة إذ ما قورنت بمحاكم جنح أمن الدولة .
ثانياً - محاكم الجنايات :
تعد الأمور فى محاكم الجنايات افضل حالا عن أي محكمة أخرى ذلك نظراً لخبرة القاضى وامكانياته وتوزيع القضايا فى اليوم الواحد كل هذا يتيح للقاضى الاستماع والاصغاء لمرافعة الدفاع .
وإن كانت لا تخلوا فى بعض الأحيان وهى قليلة للغاية إن لم تكن نادرة من مقاطعه بعض القضاه للمحامين أثنا المرافعه
أما المحاكمات المدنية والتجارية نظراً لظروف المحاكم إذ تعتمد على المذكرات دون المرافعه الشفاهية تكون الانتهاكات فيها قليله للغاية .