أسباب الحكم الصادر من دائرة رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة بإلغاء قرار تعيين النائب العام المستشار طلعت عبدالله وفجرت الأسباب والحيثيات مفاجأة، حيث أشارت إلى أحقية المستشار عبدالمجيد محمود فى العودة إلى منصبه نائباً عاماً لأنه يعد من الآثار المترتبة على حكم إلغاء قرار رئيس الجمهورية.
وقالت المحكمة برئاسة المستشار سناء خليل فى أسباب حكمها بعد سماع المرافعة ومطالعة الأوراق:
حيث إنه عن الوقائع فإنها -على ما يبين من صحيفة الدعوة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن السيد الأستاذ القاضى عبدالمجيد محمود عبدالمجيد «رئيس الاستئناف» أقامها بصحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 22/ 12/ 2012 طلب فى ختامها الحكم بإلغاء القرار الجمهورى الصادر بعزله وإعادته لعمله، وأسس دعواه على أنه تقلد منصب النائب العام منذ عام 2006 طبقاً لنص المادة 119 من قانون السلطة القضائية. وبتاريخ 21/ 11/ 2012 أصدر السيد رئيس الجمهورية إعلاناً دستورياً، تضمن فى مادته الثالثة أن «يعيَّن النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب ويشترط فيه الشروط العامة لتولى منصب القضاء وألا تقل سنّه عن أربعين سنة ويسرى هذا النص على من يشغل المنصب الحالى بأثر فورى»، وبناء على ذلك صدر القرار الجمهورى رقم 386 لسنة 2012 بإقالته وتعيين السيد الأستاذ القاضى طلعت إبراهيم عبدالله نائباً عاماً لمدة أربع سنوات، وإنه لما كان هذا القرار جاء مخالفاً للقواعد القانونية والدستورية لعدم اختصاص رئيس الجمهورية بإصدار إعلان دستورى ولمخالفته ما ورد بالإعلان سالف الذكر للمواد 21، 46، 47 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30/3/2011 وما نصت عليه كذلك المادة 119 من قانون السلطة القضائية والمتعلقة بعدم قابلية النائب العام للعزل فإنه يقيم دعواه الماثلة للقضاء له بطلباته سالفة الذكر.
تعيين طلعت عبدالله يمس استقلال السلطة القضائية وحصانتها بشكل مباشر وفورى
وقالت الحيثيات إنه تم تحضير الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة تحضير 26/1/2013 حضر نواب عن المدعى من رجال القضاء وقدموا مذكرتين تضمنت إحداهما إضافة طلب مستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وتضمنت الأخرى طلبات جديدة هى إلغاء كل من القرارين الجمهوريين الصادرين فى 21/11، 8/12/2012 بالإعلانين الدستوريين محل النزاع وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرارين المشار إليهما وكذا القرار الصادر بتعيين نائب عام جديد كما قدما ثلاث عشرة حافظة مستندات طويت على صور ضوئية من بيانات صادرة عن الجمعيات العمومية لمحكمتى النقض واستئناف القاهرة وكذا البيانات الصادرة عن مجالس إدارات بعض أندية القضاة وكلية الحقوق جامعة القاهرة واتحاد المحامين العرب والتى انعقدت إثر صدور الإعلان الأخير والكتب الموجهة لمجلس القضاء الأعلى من المدعى والمدعى عليه الرابع وكذا كتاب رئيس مجلس القضاء الأعلى الموجه لرئيس مجلس الشعب بشأن حصانة منصب النائب العام، كما حضر نائب الدولة عن المدعى عليهم وقدم مذكرة طلب فى ختامها عدم جواز الطعن على الإعلان الدستورى الصادر فى 21/11/2012 استنادا للمادة الثانية من هذا الإعلان واحتياطيا عدم قبول الدعوى لانتفاء محلها بزوال الإعلان المذكور بصدور الدستور الجديد وكذا لانتفاء شرط المصلحة لاستنفاد المدعى المدة المحددة لتولى المنصب طبقاً للدستور الجديد واحتياطيا رفض الطلب، كما قدم حافظة مستندات طويت على الإعلان الدستورى الصادر فى 30/3/2011 من المجلس الأعلى للقوات المسلحة والإعلان الدستورى الصادر فى 21/11/2012 من رئيس الجمهورية والقرار الجمهورى رقم 386 لسنة 2012 بتعيين المدعى عليه الرابع بمنصب النائب العام وبجلسة تحضير 31/1/2013 حضر نائبان عن المدعى من رجال القضاء وقدما مذكرتين صمما فى ختامهما على طلباتهمم، كما قدما حافظة مستندات طويت على صور من القرارات محل المنازعة وصور من أحكام قضائية، كما حضر نائب الدولة عن المدعى عليهم وقدم مذكرة طلب فى ختامها عدم قبول الطلبات الجديدة بإلغاء ووقف التنفيذ كل من القرارين محل المنازعة لرفعه بعد الميعاد ولعدم اقترانهما بطلب الإلغاء وبعدم جواز الطعن على الإعلانين الدستوريين واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة وبالنسبة للقرار رقم 386 لسنة 2012 بعدم القبول لانتفاء المصلحة واحتياطياً رفض الدعوى، ثم أحيلت الدعوى للمرافعة وبها سمعت على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 24/2/2013 حضر نائبان من رجال القضاء عن المدعى وحضر نائب الدولة عن المدعى عليهم وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة (اليوم) وفيها صدر وتم النطق بها وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه، وحيث إن الدعوىاستوفت شرائطها الشكلية.
لا يمكن الاعتداد بتعيين «عبدالله» ما دام لم يؤخذ رأى مجلس القضاء الأعلى
وأضافت الحيثيات من حيث إنه عن الدفع المبدى من المدعى عليهم بعدم جواز نظر الدعوى تأسيساً على ما نصت عليه المادة الثانية من القرار الجمهورى الصادر بالإعلان الدستورى المؤرخ 21/11/2012 من عدم جواز الطعن على الإعلانات والقوانين والقرارات السابق صدورها عن رئيس الجمهورية من 30/6/2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد واعتبارها نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أى جهة وغير قابلة لوقف التنفيذ؛ فمردود بأنه من المقرر أن الوثائق الدستورية الوطنية تنال مرتبتها العليا وتتمتع بمكانتها الدستورية فى الأنظمة القانونية حال كونها الوثائق الوحيدة فى البنيان القانونى الوطنى التى تستند مباشرة لإرادة الشعب بموافقته عليها عن طريق الاستفتاءات التى تجرى عليها، وذلك باعتبارها العقد الاجتماعى الذى على أساسه تتشكل وتعمل السلطات الوطنية التى تتكون منها الدولة الحديثة والتى تقوم أركانها ودعائمها على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والحكم الرشيد.. وقد استقر الفقه الدستورى والقانونى دولياً ووطنياً على مجموعة من المبادئ التى يتعين أن تلتزم بها الوثائق الدستورية ذاتها وهى ما اصطلح على تسميتها بالمبادئ فوق الدستورية وهى تلك المبادئ التى لا يجوز أن تأتى الوثيقة الدستورية -أيا كانت وسيلة إعدادها أو جهة إصدارها- بما يخالفها أو أن يسمح بالخروج عنها أو الاستثناء منها فى جميع الظروف والأحوال، وتأتى فى مقدمة المبادئ فوق الدستورية المستقر عليها مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المعترف بها دوليا بجميع الوثائق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان والتى فى مقدمتها الحق فى التقاضى وحظر تحصين أى عمل أو قرار من الطعن عليه أمام سلطة قضائية تتمتع بالحصانة والاستقلال الكامل التى تؤدى دورها بالفصل فى المنازعات وصولا إلى الترضية القضائية العادلة والسوية التى تستقر بها المجتمعات وتصان من خلالها الحقوق والحريات، والتزاما بذلك وتأكيدا للالتزامات الدولية لمصر والناشئة عن انضمامها للمواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان وحرياته، حرصت الوثائق الدستورية المصرية المتعاقبة بما فيها الدستور الجديد الصادر عام 2012 على النص صراحة على تلك المبادئ ومن بينها المبادئ سالفة الذكر ومنحها الحصانة المقررة للنصوص الدستورية بل ونص بالمادة 81 من الدستور على تقيد المشرع الوطنى بعدم المساس بأصلها أو جوهرها فيما يصدر عنه من قوانين تتعلق بتنظيم ممارساتها وذلك بغية إعلاء دولة القانون وإرساء مبادئ الحكم الرشيد وقيم العدل والحرية والديمقراطية.
مفاجأة: المحكمة رفضت طلب عبدالمجيد محمود بإلغاء إعلان 12 نوفمبر
وأشارت الحيثيات إلى أنه من حيث إن مفاد ما تقدم أن الحظر الوارد بالمادة الثانية المشار إليها قد جاء من أداة قانونية أدنى مرتبه من الدستور بالمدراج التشريعى هو قرار جمهورى بإعلان دستورى صادر عن السلطة التنفيذية ومتضمنا ما لا يجوز للدستور ذاته أن يتضمنه ومخالفا فى ذات الوقت للوثائق الدستورية السارية والسابقة على صدوره بما فيها الدستور الجديد ذاته، ومن ثم فإن هذا النص فيما تضمنه من حظر الطعن على الإعلانات والقوانين والقرارات السابق صدورها عن رئيس الجمهورية وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد واعتبارها نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أى جهة وغير قابلة لوقف التنفيذ، لا يشكل فى ذاته مانعا دستوريا أو عائقا قانونيا يحول دون نظر القضاء للدعوى الماثلة فى ضوء الطلبات المطروحة، ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة الأولى من القرار الجمهورى الصادر فى 8/12/2012 بإعلان دستورى آخر بإلغاء الإعلان الصادر فى 21/11/2012 مع الإبقاء على ما ترتب عليه من آثار؛ إذ إن ذلك يعنى بطبيعة الحال الإبقاء على الآثار القانونية -إن وجدت- التى تتفق بداية مع المستوى القانونى للقرار ذاته بالبنيان التشريعى ثم تلك التى تمت صحيحة وطبقا لإجراءات سليمة وغير مشوبة بالبطلان أو موصومة بثمة عيوب قانونية طبقا للقواعد العامة بما ينال من مشروعيتها أو يمس سلامتها، كما أن تلك العبارة فى ضوء ما يتحلى به المشرع الدستورى والقانونى بداهة من تجرد ونزاهة وموضوعية وما تقتضيه قواعد التفسير القانونى بحكم اللزوم العقلى، لا يعنى الإبقاء على الآثار التى نتجت عن نصوص فاقدة المشروعية والتى تسببت فى العدول عن القرار الصادر بالإعلان المشار إليه ذاته وإلغائه أو تهدف إلى معاودة تحصين تلك الآثار مجددا مما يقضى ببطلانه أو عدم صحته أو إلغائه من ثمة آثار تكون قد نجمت عن قرارات أو إجراءات إبان التطبيق، ولما كان ذلك فإن الدفع المذكور بهذه المثابة يكون على غير سند مما يتعين على المحكمة أن تقضى برفضه.
وعن الدفع المبدى من المدعى عليهم بعدم قبول الدعوى لانتفاء المحل والمصلحة لصدور الدستور الجديد متضمنا إلغاء جميع الإعلانات الدستورية السابقة على صدوره منذ تاريخ نفاذ الدستور الجديد ولانتفاء مصلحة المدعى لاستنفاد مدة ولايته بمقتضاه قالت المحكمة إنه مردود أن الدعوى الماثلة تتعلق بقرار صدر بتعيين المدعى عليه الرابع بمنصب النائب العام بتاريخ 22/11/2012 قبل صدور الدستور الجديد وإبان فترة سريان الإعلان الدستورى المشار إليه محل المنازعة ومستندا لما تضمنته المادة الثالثة منه بشأن طريقة تعيين النائب العام وشروط شغل المنصب ومدة ولايته، ولم يصدر القرار محل المنازعة فى ظل سريان الدستور الجديد أو نفاذا لأحكامه، فضلا عن ذلك فإن القرارات الصادرة بالإعلانين الدستوريين محل المنازعة أيا كان وجه الرأى فيها لم يتم استفتاء الشعب عليها، ومن ثم لا ترقى النصوص الواردة فيها والمتعلقة بالنزاع الماثل خلال فترة سريانها لمرتبة النصوص الدستورية التى تحتل المرتبة الأولى على المدراج التشريعى وتتمتع بحصانتها، ومن ثم فقد توافرت للمدعى المصلحة فى طلباته محل الدعوى الماثلة باعتباره كان شاغلا لمنصب النائب العام ومتمتعا بحصانته وقت صدور القرار بالإعلان محل المنازعة وقد نتج عن التنفيذ المباشر والفورى للنص المشار إليه وفقا لما جاء به نص المادة المشار إليها عزله من منصبه وتعيين المدعى عليه الرابع بذلك المنصب بموجب القرار المطعون عليه، وإذ كان ذلك فإن الدفع المذكور يكون على غير سند مما يتعين معه على المحكمة القضاء برفضه.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من المدعى عليهم بعدم قبول الطلبات الجديدة المبداة من المدعى بجلسة 26/1/2013 بشأن طلب إلغاء كل من الإعلانين الدستوريين الصادرين فى 21/11، 8/12/2012 وبصفة مستعجلة وقف تنفيذهما لرفعهما بعد الميعاد، فإنه وإن كان هذا الدفع فى محله بالنسبة للقرار الجمهورى الخاص بالإعلان الصادر فى 21/11/2012 وغير سديد بالنسبة للقرار الجمهورى الصادر بالإعلان الصادر فى 8/12/2012، فإن المحكمة ترى أن هذه الطلبات وقد وردت على جميع ما اشتمل عليه كل من القرارين الصادرين بالإعلان من مواد لا تتصل بالدعوى الماثلة ومن ثم باتت تلك الطلبات على غير محل لإلغاء كل من القرارين المشار إليهما بموجب نص المادة 263 من الدستور الجديد فضلا عن ذلك فإنه بالنسبة للقرار الجمهورى الصادر بالإعلان الأول فإن ما ورد فيه بالمادتين الثانية والثالثة محل نظر المحكمة فى إطار الطلبات المطروحة بالدعوى الماثلة وهو ما يقتضى الفصل فيه على نحو ما ينتهى إليه قضاؤها.. أما الإعلان الثانى فلم يتضمن سوى إلغاء الإعلان الأول والإبقاء على آثاره وهو بذلك محل للدعوى الماثلة فى هذا الشأن، ومن ثم تقضى المحكمة بعدم قبول هذه الطلبات لانتفاء المصلحة.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإنه من المقرر أن استقلال القضاء من المبادئ الأساسية التى تنهض بمقتضاها منظومة حقوق الإنسان وحرياته فى المجتمع ويستقيم فى ظلها نصا وعملا وتطبيقا مبدأ الفصل بين السلطات الوطنية بالدولة الحديثة والذى تقوم عليه بشكل حتمى وكامل أنظمة الحكم الديمقراطية ودولة سيادة القانون والحكم الرشيد، وقد بات هذا المبدأ بالنظر لأهميته فى إرساء قيمة العدل من المبادئ فوق الدستورية التى يتعين التزام الدساتير الوطنية بها بل بات فى ذاته حقا من حقوق الإنسان التى يتعين على السلطات الوطنية الالتزام به طبقا لما نصت عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على مختلف مستوياتها الدولية والإقليمية، وقد التزمت بهذا المبدأ جميع الوثائق الدستورية بصفة عامة وكذلك الدساتير والإعلانات الدستورية المصرية المتعاقبة والمنتهية بالدستور الصادر فى ديسمبر عام 2012 تأكيدا للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان المنضمة لها مصر والتى تعد من قوانينها المعمول بها، كما أنه من الأركان الأساسية لهذا المبدأ استقلال القضاء بميزانيته واستقلال القضاة فى عملهم بعدم قابليتهم للعزل وقد نص قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 وتعديلاته بالمادة 67 والمعدلة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 على هذا المبدأ إذ نص على أن رجال القضاء والنيابة العامة عدا معاونى النيابة غير قابلين للعزل كما نصت الفقرة الثانية من المادة 119 والمعدلة بذات القانون الأخير اتساقاً بما أورده من تعديل على المادة 67 سالفة الذكر على أن للنائب العام أن يطلب عودته للعمل بالقضاء وتحدد أقدميته فى هذه الحالة وفقاً لما كانت عليه إبان تعيينه مع الاحتفاظ بصفة شخصية بمرتباته وبدلاته.. ومفاد ما تقدم أن النائب العام بموجب الحصانة القضائية المقررة قانوناً لرجال القضاء والنيابة العامة يستمر بمنصبه إلى أن يتقاعد ببلوغ السن القانونية ولا يجوز نقله للعمل بالقضاء أثناء مدة خدمته إلا بناء على طلبه.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان المدعى كما هو ثابت بالمستندات غير المتنازع عليها يشغل منصب النائب العام اعتباراً من عام 2006 واستمر يشغل هذا المنصب ولم يقدم المدعى طوال فترة شغله المنصب ما يفيد إبداء رغبته فى العودة للعمل بالقضاء حتى صدور القرار المطعون عليه رقم 386 لسنة 2012 بتعيين المدعى عليه الرابع نائباً عاماً، وكان ذلك القرار الأخير حسبما أوضحت ديباجته جاء استناداً لما نصت عليه المادة الثالثة من القرار الجمهورى الصادر بالإعلان الدستورى بتاريخ 21/11/2012 بشأن طريقة تعيين النائب العام وتحديد مدة ولايته فإن هذا النص الأخير بما تضمنه من مساس مباشر وفورى باستقلال السلطة القضائية وحصانتها المقررة بموجب الوثائق الدستورية المعمول بها وبحصانة منصب النائب العام المقررة بموجب قانون السلطة القضائية السارى، كان من المتعين أن يتم استفتاء الشعب عليه ليرقى إلى المرتبة المقررة للنصوص الدستورية التى تتمتع بالحماية الدستورية كقاعدة تسمو على القانون وتوجب التزام المشرع بها، لا أن تنفرد السلطة التنفيذية -التى هو فى الأصل محصن منها- بإصداره وتنفيذه بشكل مباشر وفورى مع تحصينه، ولا يقدح فى ذلك مسمى القرار الصادر به هذا النص طالما لم يتم على نحو ما تقدم استكمال طبيعته الدستورية بالاستفتاء عليه فضلا عن ذلك فإن هذا النص لا يمكن الاعتداد به كنص قانونى إذ لم يتم أخذ رأى مجلس القضاء الأعلى بشأنه عملاً بنص المادة 77 مكرر «2» من قانون السلطة القضائية السارى والذى ما زال سارياً طبقاً للمادة 222 من الدستور الجديد ومن ثم فإن هذا النص يكون بهذه المثابة مفتقدا تكييفه القانونى كنص دستورى أو قانونى ولا ينال من ذلك ورود هذا النص بصياغة مغايرة بالدستور الجديد إذ إن القرار المطعون عليه صدر مستظلاً بالقرار الجمهورى الصادر بالإعلان الدستورى المؤرخ 21/11/2012 غير المستفتى عليه ولم يتم بعد صدور الدستور الجديد إعمال مقتضى أحكامه طبقاً للإجراءات التى نص عليها فى هذا الشأن، كما أن النص بالدستور الجديد على العمل بالإعلانات الدستورية السابق صدورها والتى ألغيت بموجب الدستور ينسحب فقط -على نحو ما انتهت إليه المحكمة بقضائها المتقدم- على تلك الآثار التى صادفت صحيح الدستور والقانون ولم تنلها ثمة طعون قضائية يقضى فيها لعوار دستورى شابها أو لبطلان قانونى لحقها وقت صدورها، فضلاً عن أنه من غير الجائز أن يكون هذا النص مستهدفاً إضفاء المشروعية على ما يخالف الدستور ذاته أو الإبقاء على آثار نصوص تم إلغاؤها قبل العمل بالدستور الجديد لما شابها من مخالفات للمبادئ فوق الدستورية وما اشتملت عليه من مساس باستقلال القضاء وحصانته.
وأرسلت المحكمة أسبابها قائلة إنه متى كان ما تقدم فإن القرار المطعون عليه يكون مفتقداً أى سند دستورى أو قانونى وقت صدوره، ومن ثم فإن طلبات المدعى محل الدعوى الماثلة بإلغاء القرار المطعون عليه تكون متفقة مع صحيح الواقع والقانون الأمر الذى يتعين معه القضاء فى موضوع الدعوى بإلغاء القرار المطعون عليه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وعن طلب المدعى عودته لعمله فذلك يعد من الآثار المترتبة على الإلغاء.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً: بعدم قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وبجواز نظرها.
ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المحل والمصلحة وبقبولها.
ثالثاً: بإلغاء القرار الجمهورى رقم 386 لسنة 2012 الصادر بتعيين المدعى عليه الرابع بمنصب النائب العام واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار.
رابعاً: عدم قبول ما غاير ذلك من طلبات.