اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
التاريخ
3/28/2010 4:49:42 PM
  مشكلة الزواج المبكر      

مشكلة الزواج المبكر .. بين إرادة القانون وشرعية الرجعيين



حمزة محمد عبدالله

ثمة مشاكل التي تعيق التنمية بل حضارة العصرية في اليمن التي نطالب بها نحن جميعاً معشر اليمنيين من الجوانب الاجتماعية والصحية والسياسية والاقتصادية وغيرها ، ولذلك أنشأة المنظمات والمبادرات والمجموعات الاجتماعية المختلفة ، ثمة أشخاص وجماعات تقف أمام هذه المطالبات التنموية سوء بشكل مقصود او غير مقصود أو بشكل مباشر أو غير مباشر ، بشكل أو بأخر .
وتنميتنا وحضارتنا مستمدة أساساً من الشريعة الإسلامية الغراء قبل أن تأتي المنظمات الدولية التي تعمل بهذا الشأن ، بل أن الغرب مستمد حضارته من الحضارة الإسلامية ولكن بمنظور حديثي وفلسفي متطور .
فمن القضايا التي طفئت على السطح في الآونة الأخيرة الزواج المبكر كظاهرة اجتماعية تقليدية تعود بالأثر السلبي على المجتمع وعلى الأطفال من حرمانهم عيش حياتهم الطفولة وممارسة حقوقهم الاجتماعية من التعليم والرعاية وغيرها .
جاءت جلسات مجلس النواب لمناقشة هذه القضية ووضع السن القانوني للزواج بحيث ينظم عدم انتهاك الطفولة وارتكاب الأخطاء من قبل الآباء كما جاء في قضية نجود وأروى وغيرها من اليمنيات ، وتحديد سن الزواج للنساء 17 سنة جاء انتصاراً للإنسانية وللطفولة وان كان ليس بالمستوى الذي نأمل به ، إلا انه جاء خطوة فاعلة للتنمية الاجتماعية ، لكن هناك من وقفوا متصدين لهذا القانون بحجة مخالفة الشريعة ، فلأدري أي شريعة هذه التي جاءت ضد الطفولة ، باعتبار أن النساء فقط للزواج والزواج الشهواني وما ينطوي عليها من أعمال تتعلق بالزواج ، متباعدين عن مشاركتها المجتمعية ممارسة حقوقها في التعليم والرعاية الكاملة والصحة المطلوبة وخاصة في الآونة الأخيرة ،
إننا نعيش في عصر العلم والوعي وأصبحنا ندرك تماماً مخاطر الزواج المبكر جداً وأثره على الزوجين والأهل كما أن ظروف الحياة اختلفت عما كانت عليه في السابق حيث كانت الصغيرة عندما تتزوج في السابق لا تستقل بفتح بيت مع زوجها بل تنظم إلى بيت العائلة الكبير الذي يضم والد الزوج ووالدته وإخوانه وزوجاتهم وربما أجداده أيضاً ولم يكن مطلوباً من هذه الزوجة الصغيرة إدارة المنزل والقيام بالكثير من الأعمال حتى رعاية أولادها والقيام على مصالحهم ، بل يوجد من يرشدها إلى ذلك ويساعدها، أما اليوم فقد اختفت هذه الظاهرة ، وأصبح مطلوباً من الزوجة إدارة البيت والقيام بجميع أعماله فلا بد من أن تكون قد تجاوزت الثامنة عشر من عمرها على الأقل حتى تتقن هذه الأعمال أضف إلى ذلك تشجيع الدولة للتعليم – كأساس في عملية التنمية –وجعله إلزامياً حتى مرحلة الثانوية للذكر والأنثى على حد سواء والذي ساهم إلى حد كبير في القضاء الأمية والجهل.
ويعتبر الزواج المبكر للفتاة في بعض الأحيان عائقاً أمام مواصلة تعليمها وخاصة في المناطق الريفية ، إلا أنه من المسلم به أن الحمل والإنجاب للفتاة ما بين 15- 18 سنة يؤثر سلباً على صحتها .

يعرف الزواج المبكر بأنه الزواج الذي يتضمن زواج فتاة أو فتى دون الثامنة عشر من العمر باعتبار أن الطفل، حسب تعريف الأمم المتحدة، هو "كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة" من العمر، ومن المعروف إن اليمن صادقت على اتفاقية حقوق الطفل التي فيها تحديد لسن الطفولة بـ18 سنة ، وبهذا يعتبر القانون اليمني الطفل ما دون هذا السن حدث.

فمن الناحية الدينية لم تحدد الشريعة الإسلامية سناً معيناً للزواج ، بل تركت ذلك لمصالح الأفراد والمجتمعات ، ولظروف الزمان والمكان ومتغيراتهما ، وحيثما كانت المصلحة فثم شرع الله ، وحيثما كان الضرر كان النهي والتحريم ، وحول تزويج الصغيرات اختلاف الفقهاء والعلماء الأوائل في ذلك ، فمنهم من أجاز تزويج الصغيرة واستدل بزواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها متناسين الأحكام التشريعية والاجتماعية من مصاهرة النبي لإبوبكر الصحابي الجليل مثله مثل زواج النبي بإحدى عشر إمرة والذي لا يجوز لغيرة كما جاء في زواجه بعائشة ، إلا أن العلماء الذين أجازوا زواج الصغيرات وضعوا عدد من الشروط أولها إذن ورضاء البنت من الزواج ، ولا اعتقد أن البنت الصغيرة مهووسة بالزواج إلا إذا كان هروباً من الواقع الأسري التي تعيشها البنت ، وخاصة أن المجتمع اليمني التقليدي لا يعطي صلاحية الاختيار للبنت إلا أن يفاجئها الأب (جهزي نفسك يابنت .. جاء لك زوج ) وتختلف الهدف عند الزوج وعند الأب ، فالزوج يريد أن يطفئ شهوته بطريقة شرعية واجتماعية او غيرها من الأهداف ، والأب هو الأخر يريد المهر من زواج بنته أو التخلص من مجموعة البنات التي عنده بسبب الأوضاع الاقتصادية للأسرة ،إن الزواج ومع كونه وسيلة مشروعة للمتعة الجنسية التي فُطر الإنسان عليها ، لكنه قبل ذلك رسالة ومهمة وسكن وعلاقة بين طرفين ينبغي أن يكونا على تمام الوعي والنضج للقيام بواجبات هذه المسؤولية ، وهو ما لا يتوفر عند تزويج الصغيرات .

يقول البرلماني الإصلاحي / شوقي القاضي أن تحديد سن تزويج الصغيرات بـ 17 عاماً هدفاً حقوقياً انتظره اليمنيون طويلاً وهي خطوة تحسب لجميع النواب بمختلف توجهاتهم وانتماءاهم ويضيف – شوقي – أن التشريع القانوني لتحديد سن تزويج الصغيرات متماشياً مع مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التنمية المجتمعية ودفعاً للأضرار النفسية والعضوية والمجتمعية التي باتت شبه مجمع عليها من المتخصصين في علم النفس والطب والاجتماع .

ومن الناحية الشرعية يؤكد – شوقي القاضي – على أن وتحديد سن تزويج الصغيرة مسألة مدعومة بأدلتها من كتاب الله وصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومقاصد الشريعة ومبدأ المصالح والمفاسد في ديننا القويم الصالح لكل زمان ومكان والمحقق للعدالة الربانية للبشر برجالهم ونسائهم وصغارهم وكبارهم ، فالأدلة التي يتكئ عليها المانعون لتحديد سن الزواج لا تستقيم أمام الأدلة التي تسمح بتحديد سن تزويج الصغيرات ، وان اعتماد المانعين للتحديد زواج الصغيرات بالآية ( وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) هو اعتماد ظني وليس يقيني بدليل أن مفسراً كالسعدي يحتمل أنهن فئة من النساء اللاتي يتأخر عنهن الحيض حتى بعد بلوغهن سناً كبيرة .
وحول زواج النبي بعائشة وعمرها تسعة سنيين رجح (القاضي) أن ذلك يعود إلى خصوصية الرسول ، وكذا الخلاف القائم بسن زواج عائشة ، واستدل بذلك أن القرآن الكريم ينص بأن هناك سن للزواج يترتب عليه مهام ومسؤوليات وحقوق وواجبات وفكروا معي بقول الحق تبارك وتعالى ( وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ ) .

أظهرت عدد من الدراسات ميدانية حول الزواج المبكر ومنها ما أجرى مؤخراً عام 2006م في محافظتين يمنيتين أن نسبة انتشار الزواج المبكر في أوساط النساء بلغت 52.1% و 6.7% لدى الرجال، وفقاً لقصص حياة 1495 من الأزواج الذين شملهم البحث ، حيث بينت الدراسة أن فتيات الحديدة وحضرموت يتزوجن بعمر ألثمان سنوات، بينما في المكلاء يبدأ سن الزواج للفتيات عند 10 سنوات، ومن خلال الدراسة الميدانية تبين أن معظم الفتيات اللاتي تزوجن في سن صغيرة حملن حملهن الأول بعد البلوغ مباشرة، وهذا ما يؤثر على صحة الجنين والأم الحامل . وبحسب الإحصائيات الرسمية سابقة فإن 48% من الفتيات اليمنيات يتزوجن بين سن 10- 14عاما وخاصة في المناطق الريفية .
فأغلب القوانين والتشريعات العربية تحدد سن الزواج للصغيرات مابين 16 – 18 ما عدى في القانون اليمني السابق الأحوال الشخصية اليمني رقم (20) لسنة 1992 وتعديلاته فقد نص في المادة (15) المعدلة بموجب القانون رقم (24) لسنة 1999 على أن :" عقد ولي الصغيرة بها صحيح ولا يمكن المعقود له من الدخول بها ولا تزف إليه إلا بعد أن تكون صالحة للوطء ولو تجاوز عمرها خمس عشرة سنة ولا يصح العقد للصغير إلا لثبوت مصلحة ". وعليه فإن المشرع اليمني جوز تزويج الصغيرة ، ولم يشترط أية سن للزواج ، سوى اشتراطه في تزويج الصغير ( الذكر ) ثبوت المصلحة .
وذلك جاء قرار مجلس النواب بتحديد سن زواج الفتاة اليمنية بـ17 سنة بمعاقبة كل من يزوج ويتزوج فتاة قبل أن تتجاوز هذا السن تلبيتاً لضرورة التنموية التي تقتضي بمكافحة الظواهر السلبية للمجتمع والابتعاد عن التخلف وبناء حضارة مجتمعية عريقة تسموا بالإنسان اليمني، وتجعل المتخلفين الذين يحمون حول إيقاف القانون في تخبط بغمام اسود لا يرون الضوء إلا بعد حين .
فنحن والمجتمع المدني نؤكد على ضرورة المصادقة على هذا القانون والوقوف بجانبه انتصاراً للإنسانية والطفولة وارتقى بالمجتمع اليمني .


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 4760 / عدد الاعضاء 62