مواقف الشيخ
عُرف الشيخ في الفترة التي تولَّى فيها مشيخة الأزهر بمواقفه الجريئة، والصدع بما يعتقد أنه الحق والصواب، وإن خالف هوى الناس وأغضب السلطان، فقد أعلن بعد توليه المشيخة تأييد الأزهر للجهاد الأفغاني ضد المحتل الروسي، وعدَّ ما يحدث في البوسنة والهرسك حربًا صليبية جديدة تهدف إلى إبادة المسلمين، ودعا إلى الوقوف إلى جانب المسلمين والدفاع عن قضيتهم، وكان له مثل هذا الموقف مع المسلمين الشيشان في جهادهم للروس، ومع الانتفاضة الفلسطينية.
ويُذكر له موقفه الواضح من التطبيع مع إسرائيل، حتى إن كانت هناك اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل، واشتدَّ في معارضته للتطبيع، في الوقت التي نشطت فيها حركات التطبيع في بعض مؤسسات الدولة، فأفتى بعدم جواز زيارة القدس إلا بعد تحريرها، ورفض استقبال أي وفد إسرائيلي يرغب في زيارة الأزهر، وإنْ سبَّب ذلك حرجًا للمسؤولين.
مؤتمرا المرأة والسكان
وكان للشيخ رأي واضح في مقررات مؤتمر السكان الذي تم عقده في القاهرة في (ربيع الآخر 1415هـ = سبتمبر 1994م)، فعارض دعوات الانحلال الأُسري والشذوذ، والخروج على الفطرة السليمة، وتعاون معه –في رد تلك الدعاوى- نفر من المخلصين، وكان لحضورهم هذا المؤتمر ودحضهم تلك الدعاوى أثره في إحباط ما كان يخطِّط له القائمون على المؤتمر، وتكرَّر منه هذا الموقف الواضح في رفضه لوثيقة مؤتمر المرأة الذي تم عقده في بكين في (جمادى الأولى 1416هـ = سبتمبر 1995م).
موقف من التطرف
هال الإمام جاد الحق أن يتخذ نفر من الكُتّاب من تطرف بعض الشباب ذريعة للهجوم على الإسلام ومبادئه دون وازع من ضمير أو تسلح بثقافة وعلم، فانطلق قلمه يصدع بالحق ويفضح سموم بعض الكتبة بقوله: "وقد أفزعت الحرية من مفهومها الصحيح، حتى صارت الدعوة إلى الفساد حرية، وصار الطعن في الإسلام وصلاحيته حرية، ثم صارت المسارعة إلى توزيع الاتهامات على الناس أسبق من نتائج التحقيق التي تقوم بها الجماعة المختصة".
وحين أعلنت بعض الصحف عن مسابقة لاختيار ملكة النيل، فزع من تطرف بعض المترفين وانسياقهم وراء الهوى والضلال، وكتب مقالة في غاية القوة والبيان بعنوان "أوقفوا هذا العبث باسم وفاء النيل"، وعدَّ هذا التصرف الطائش عودة إلى سوق النحاسة والرقيق الأبيض، وردَّة إلى الجاهلية العمياء، لا يُفرَّق فيها بين الحلال والحرام.
جهود الشيخ في مؤسسة الأزهر
يُذكر للشيخ جهوده في نشر التعليم الأزهري والتوسع في إنشاء المعاهد الأزهرية في أنحاء مصر، وكانت سمعة الشيخ وثقة الناس فيه تجعل الناس يتسابقون في التبرع لإنشاء المعاهد الدينية، وتقديمها للأزهر للإشراف عليها، وبلغت المعاهد الأزهرية في عهده خمسة آلاف معهد، وأنشأ فروعًا للجامعة الأزهرية في بعض محافظات مصر ومدنها الكبيرة.
ولحرصه على أن يجد الناس مبتغاهم فيما يتعلق بأمور دينهم فقد دعَّم عمل لجنة الفتوى الرئيسية بالجامع الأزهر بإنشاء فروعًا لها في كل منطقة أزهرية في كل محافظات الجمهورية، فبلغت خمسًا وعشرين لجنة، وانتقى لها أفضل العناصر من العلماء، الذين يجيدون الفتوى، وأمدها بالكتب التي تحتاجها في أداء عمله
وفاة الشيخ
وبعد حياة طويلة مليئة بجلائل الأعمال، تُوفِّي الإمام الأكبر "جاد الحق على جاد الحق" إثر نوبة قلبية ألمَّت به الجمعة الموافق (25 من شوال 1416هـ = 15 من مارس 1996م) عن عمر يناهز التاسعة والسبعين.
المصدر ويكيديا الموسوعه الحره