الدكتور صلاح الدين عامر عضو المجلس القومى لحقوق الانسان وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية واستاذ القانون الدولى العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة.
يشار إلى أن الدكتور عامر كان عضوا فى اللجنة القومية لتحرير طابا... , وشارك بأرائه القانونية وأبحاثه فى إيضاح الحق القانونى لمصر فى أرض طابا المصرية فى التحكيم الدولى ,
واختير عضوا فى لجنة الحكماء الافارقة لحل قضية دارفور برئاسة رئيس جنوب افريقيا السابق تابو مبيكى والتى تضم ثلاثة رؤساء أفارقة , وكان هو فقط الشخصية القانونية الوحيدة من مصر فى عضوية هذه اللجنة بالاضافة الى وزير الخارجية السابق أحمد ماهر. كما كان الفقيد خبيرا قانونيا فى لجنة مياه النيل , وشارك فى العديد من المؤتمرات التى عقدت على مستوى دول حوض نهر النيل.
من مقالاته
الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان
ان الإسلام في دعوته إلى وحدة الأديان في مصدرها وفي جوهرها، وإلى الإيمان بجميع الرسل بلا تفريق بينهم ولا تعصب، إنما يدعو جميع الشعوب إلى وحدتها الإنسانية الكبرى، على أساس عقيدة موضوعية جامعة، إنسانية عالمية، تتوحد فيها وتتساوى على قاعدة وحدة القيم الأساسية والأخوة الإنسانية والتعاون على البر. إنها عقيدة هادفة إلى تحرير الإنسانية من استغلال بعضها البعض، وإلى تأهيلها لرسالتها العلمية الكونية التي حملت مسؤوليتها الخالدة، والتي لا سبيل إلى القيام بها إلاَّ بعد التحرر من الاستغلال والاستعباد للحكم أو للشهوات ومن تبديد الطاقات من أجل منافع ذاتية أو في صراعات عنصرية أو طبقية تدمرها. فهي دعوة إلى الوحدة العالمية والأخوة الإنسانية تستمد حيويتها من عقيدة إنسانية موضوعية ذات شريعة عالمية متوازنة القيم، لا تتجزأ فيها الحرية والعدالة ولا تتنافران. فلا حرية بلا عدالة، ولا عدالة بلا حرية. ولا يستعبد فيها الأفراد باسم الجماعة، ولا المجموع لصالح بعض الأفراد. فلا حرية ولا كرامة لجماعة أفرادها عبيد لحكام غير مسؤولين، ولا سلام لشعوب تفصل بينها هوة في مستوى المعيشة أو تمزقها صراعات عنصرية أو طبقية أو مذهبية.

ولا ريب أن هذا التطور الشامل لمشاكل الإنسانية في مجموعها، وهذه الدعوة إلى وحدة الإنسانية وحدة عقيدة ومصير، كانت جوهر وأساس التصور الإسلامي للمجتمع الدولي. ومن هنا، فإن معالجة الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي لحقوق الإنسان، انطلقت من هذه الأسس الراسخة.

وإذا كان المقام لا يتسع هنا لاستعراض موقف الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بقضية حقوق الإنسان استعراضاً تفصيلياً شاملاً، فحسبنا أن نشير إلى |أن الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي كان لهما السبق المطلق في إرساء دعائم حقوق الإنسان في وقت السلم وفي وقت الحرب على حد سواء.| فلقد أعلنت الشريعة الإسلامية المكانة السامية للإنسان في هذا الكون: (وَلَقَدْ كَرِّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَملْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلنَاهُمْ عَلَى كَثيرٍ مِّمَّنْ خَلقْنَا تَفْضِيلاً) (سورة الإسراء/ 70). (وَإِذ قَالَ رَبُّكَ للِمَلائِكةِ إِنَّي خَالِقٌ بَشراً مِّن صَلصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسنُونٍ فَإِذا سَوَّيتُهُ وَنَفَختُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدينَ فَسجَدَ المَلائِكَةُ كُلُّهمْ أَجْمَعُونَ، إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) (سورة الحجر/ 28-31).

وأرست الشريعة الإسلامية مبدأ المساواة بين البشر على أسس وطيدة. فالقرآن الكريم يقرر المبدأ العام: (إِنَّ أَكْرَمكُمْ عِندَ الله ِأَتْقَاكُمْ) (سورة الحجرات/ 13). ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يا الناسُ، إِنَّ رَبَّكم واحدٌ، كُلُّكم لآدم وآدم من تراب، إِنَّ أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض، ولا لأبيض على أحمر فَضْلٌ إلا بالتقوى. أَلاَ هل بَلَّغْت؟ اللهم فاشهد. أَلاَ فليبلغ الشاهدُ منكم الغائبَ".

وكفلت الشريعة الإسلامية مبدأ المساواة أمام القانون: (إِنَّ اللهَ يأْمُرُكمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلى أَهْلهَا، وَإِذَا حَكَمْتُم بَينَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ) (سورة النساء/ 58). (وَلاَ يَجرِمنَّكُمْ شَنآنُ قَومٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْربُ لِلتَّقْوَى) (سورة المائدة/ 8). ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريفُ تركوه، وإذا سرق الضعيفُ أقاموا عليه الحدَّ. والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدَها".

ويكفل الإسلام الحرية الدينية، فلكل إنسان الحرية في اختيار العقيدة التي يؤمن بها: (لاَ إِكرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ) (سورة البقرة/ 256). (وَلوْ شَاءَ رَبُّكَ لأَمنَ مَن فِي الأَرضِ كُلُّهمْ جَمِيعاً، أفَأَنتَ تُكرِهُ النَّاسَ حتَّى يَكونُوا مُؤْمِنينَ) (سورة يونس/ 99). وقد كفلت الدولة الإسلامية لغير المسلمين الذين يقيمون فيها حرية العقيدة.

وقد أعلنت الشريعة الإسلامية حرية الفكر، ودعت الإنسان إلى التأمل الدائب وإعمال العقل الذي يقود الإنسان إلى الهداية وإلى الطريق القويم: (أَفَلمْ يَسِيُروا فِي الأَرضِ، فَتكُونَ لَهُم قُلوبٌ يَعْقلُونَ بِهَا، أَوْ أَذَانٌ يَسْمعُونَ بِهَا، فإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ، وَلكِن تَعْمَى القُلوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (سورة الحج/ 46). وقام نظام الحكم في الإسلام على أساس الشورى (وَشَاورْهُمْ فِي الأَمْرِ) (سورة آل عمران/ 159). (وَأَمْرُهمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (سورة الشورى/ 38).

ومن ناحية أخرى، أقامت الشريعة الإسلامية نظاماً إنسانياً متكاملاً لحكم سير عمليات القتال التي تخوضها الجيوش الإسلامية في حروبها ضد الأعداء.

وقد سبقت الشريعة الإسلامية الحركة الإنسانية المعاصرة بمئات السنين، ويُعَدّ المؤلِّف محمد بن الحسن الشيباني أول مؤلف فقهي في القانون الدولي الإنساني.

قال عن المجتمع المدنى فى العالم العربى

د.صلاح عامر رئيس لجنة العلاقات الدولية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان:‏

إن عناصر المجتمع المدني في العالم العربي والمتمثلة في التنظيمات والأحزاب السياسية والنقابات العمالية والاتحادات الطلابية والمنظمات النسائية والجمعيات المهنية والمنظمات الطوعية لا تزال هشة ولذلك فهي لا تزال عرضة لمختلف المؤثرات الداخلية والخارجية التي يمكنها أن تؤثر على مسار نمو هذه التنظيمات, ويتميز المجتمع المدني بثلاث سمات هي: وجود حدود أو قيود على سلطة الدولة على نحو يحد من الحريات الأساسية للمواطنين, وعدم وجود قيود على حرية التنظيم لأي من الجماعات الاجتماعية أو القوى السياسية, وتقبل المجتمع للحق في الاختلاف.‏

المؤسسات المدنية ظاهرة مهمة بهدّ ذاتها, لكنها غير قادرة على إعادة إنتاج نفسها بالمعنى المادي, أي أنها لا ترتكز الى قدرة المجتمع المدني على تنظيم ذاته مقابل الدول, فعدم قدرة المجتمع المدني في عالمنا العربي على إنتاج نفسه ماديا, ولو بشكل جزئي لا يقلل من أهميته, ولكن يوضح مدى هشاشة التصورات السائدة حول مفهوم المجتمع المدني في المرحلة الحالية فالمنظمات المدنية في أوروبا كانت من إنتاج أوروبا بالمعنى المادي أيضا.‏


توفى الى رحمة الله تعالى يوم الجمعة  16 / 10 /2009الدكتور صلاح عامر استاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس ومحامي طابا المصرية .

وقد نعى الدكتور بطرس بطرس غالى رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان ، الدكتور صلاح الدين عامر عضو المجلس الذى وافته المنية اليوم
الجمعة .

وقال غالى إن الدكتور صلاح الدين عامر ظل مدافعا لآخر لحظة فى حياته عن قضايا الوطن وقد كان مجاهدا من أجل صيانة الحقوق المصرية فى طابا وأخيرا من أجل صيانة الحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل وظل مجاهدا لتعزيز مسيرة حقوق الإنسان من خلال عضويته النشطة فى المجلس
ومن جانبه ، نعى رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية السفير عبدالرؤوف الريدى ، الدكتور صلاح الدين عامر .

وأوضح أن الفقيد لعب دورا هاما فى كل القضايا القانونية التى واجهت مصر خلال العقود الخمسة الأخيرة بدءا من دوره الهام كعضو فى الفريق المصرى فى بحث وصياغة البروتوكول الثانى الملحق باتفاقيات جنيف ، كما كان عضوا بارزا فى الفريق المصرى للدفاع عن موقف مصر فى هيئة التحكيم الدولية حول طابا ، وكان يتسم بالعقلانية والروية والاتزان فضلا عن أسلوبه الرزين فى الصياغة القانونية وفيما أصدره من آراء وفتاوى وكتب قانونية.

ونعى اتحاد المحامين العرب أمس الدكتور صلاح عامر، أستاذ القانون الدولى، الذى وافته المنية يوم الجمعة الماضى.

وقال الاتحاد فى بيان له أمس: «فقدت مصر والأمة العربية برحيل العالم الكبير الأستاذ الدكتور صلاح عامر، أستاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس، واحداً من أهم المدافعين عن مصالح وحقوق مصر والأمة العربية».

وأضاف: «الراحل الكبير شارك مشاركة فعالة كعضو فى الفريق المصرى فى بحث وصياغة البروتوكول الثانى الملحق باتفاقية جنيف، وكعضو فى لجنة الدفاع عن موقف مصر فى هيئة التحكيم الدولية حول طابا، وكعضو فى لجنة صيانة الحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل.

وتابع الاتحاد: «الفقيد ساهم فى تعزيز مسيرة حقوق الإنسان من خلال عضويته فى المجلس القومى لحقوق الإنسان».

وأشار الاتحاد إلى مشاركة عامر فى حل أزمة دارفور من خلال عضويته فى لجنة الحكماء الأفارقة برئاسة تابو ميبكى، رئيس جنوب أفريقيا السابق، والتى تضم فى عضويتها ثلاثة رؤساء أفارقة.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية نبه الاتحاد إلى أن الراحل قدم مساهمات قانونية «بارزة» بشأن موقف القانون الدولى من الاستيطان الصهيونى فى الأراضى المحتلة، وتوطين الفلسطينيين فى الخارج.

وأكد أن صلاح عامر كان مبادراً ومشاركاً فى جميع الأنشطة والقضايا التى قام بها اتحاد المحامين العرب فى الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية.


 .