طلقتها مرة فهل من ثانية ؟
يعود التاريخ بي الي اكثر من اربعين عاما مضت بكل مافيها من خير وبعض الاحداث الاخرى , وتمر امام يعني كشريط سينمائي بكل تفاصيلها من حلوها ومرها , يسرها وعسرها . المهم انه ومنذ طفولتي وبداية العشرينات كانت بيني وبينها عداوة تصل الي حد الكراهيه المميته , فلم اقبل عليها نهائيا .
والتحقت بالقوات المسلحه تلبية لنداء الواجب , وكان ذلك عقب النكسه وبالتحديد اوائل سنة 68 - وتعرفت هناك علي احد الاخوة من مدينة المنصورة واصطحبني معه اليها في احدى الاجازات . وهناك واه من هناك ياعزيزى – كان الجمال كله والصبا كله – عرفني عليها ولم اكن تذوقتها من قبل – فقد اصابني الدوار الذى يقارب الاغماء من فرط جمالها , هكذا كان احساسي , لانه احساس لم اشعر به من قبل , وهكذا كان اللقاء الاول بيننا ولم يكن الاخير . اصطحبتها معي في منامي واحلامي ويقظتي ولم افارقها بل كنت دائما في شوق اليها واتطلع الي ساعة اللقاء واحتضان شفتاى لها .
هكذا مرت السنون ونحن علي ارتباط نفسي ووجداني عشق وحبا – فقد كانت دائمة التغيير وحسب الحالة المادية كانت تعيش معي , ولم تكن تبخل علي او ابخل عليها , لكني في الغالب كان العطاء من ناحيتي , فكانت ترتدى اجمل الاثواب وتضع اجمل العطور احيانا يكون الملبس انجليزيا حسب المنتج الموجود في السوق , واحيانا بعطر فرنسي وايضا بجمال ورقة اهل فرنسا , واحيانا بقوة وسخونة الحياة الامريكية , وفي حالات العثرة والشدة كانت مصرية الملبس والعطر.
تعلقت بها كثيرا – مع علمي التام بانها ليست لي وحدى ولكن عشاقها كثر , فهي لعوب تقترب من كل الشفاه تزيد الامر لهيبا . لكن عشق المحب وضعيف الارادة ليرى الخيانه يعينيه ومع ذلك يستمر في الحب والعشق والعطاء.
مرت السنون ونحن علي هذا الحال , لم تكبر ولم تشيخ بينما اثر السنون باديا علي وجهي وعلي وجه كل من ارتبط بها , كلانا يعرف بانها ليست معشوقته بل العشاق اكثر فمنهم من مات ومنهم شباب في مرحلة الصبا , والكل يبحث عنها ويبثها شوقة وحبه وهي تستجيب للجميع ولا ترد احدا خائبا ابدا.
اتذكر ومنذ سنوات بسيطة الم بي مرض في القلب وحرص الاطباء علي عدم السماح لاحد بزياراتي فلم تأتي الي زائرة , او ربما جاءت ومنعها الاطباء . او ربما حاول احد الاصدقاء اصطحابها لي ولم يوافق الاطباء علي وجودها .
حتي عندما عدت الي المنزل في مرحلة النقاهه حرمت دخولها علي , ومضي شهر واثنان وثلاثة فأنتابني شعور غريب وكأني تخلصت من هذا الحب اللعين والنزوة المهلكة وكأني طلقتها وهاهي ايام العدة مرت بسلام , لكنها لم تطلب مني ورقة الطلاق – بل ولا اعلم كيف كان لديها امل في ان اعود اليها سريعا وبي شوق اكثر ولهفة ملحه علي اللقاء وعلي التقاء الشفاه بها,وللحق كان قوامها جميلا رغم تلك السنون , كانت كعارضة الازياء في رشاقتها وقوامها المنتصب ومازالت تحتفظ برائحتها الزكيه لكني قد اخذت علي نفسي عهدا بالا نتقابل مهما حدث ويكفينا كل سنوات الحب الماضية .
الغريب ان الانسان يأخذ قرار الطلاق في حالة انفعال , وانا اخذته في حالة هدوء وروية , وعلي دراية كامله بالتبعات , من نفقة , لكنها لم تطلب اى من تلك الالتزامات الماليه بل تركت الباب مواربا حتي انها قالت ان عاد الي لعقد جديد فلست في حاجة الي مهرا جديدا ولا شبكه , يكفي ان يعود.
مرت حوالي ثلاث سنوات وانا متماسك وبحالة جيدة من جميع النواحي – رغم تواجدها امامي سواء منفردة او بصحبة رجل اخر فكنت اتسامي واترفع عن الحديث معها , او معاتبتها , حتي لا نفتح مجالا للحديث .
وفي ذات يوم , وفي حالة انفعالية هياجية , خرجت عن شعورى لفظا وفعلا , فما كان من صاحب لي ان اصطحبها لي وقال ها هي حبيبتك ومعشقوتك, وربما تخفف عنك , ربما بعودتكعد اليها ربما , يهدا بالك وخاطرك .ربما عندما تلتلقي الشفاة مرة اخرى تنسي ما حدث وتعرف بانك خسرتها طوال تلك السنوات . وقد كان عادت لي او عدت اليها اكثر شوقا ولهفه علي اللقاء , بل زادات عدد مرات اللقاء عن ذى قبل واصبحت لا افارقها بل التصقنا مع بعضنا البعض ولم احاول ان اتركها للاخرين مع عدم جدوى ما اقوم به لانها تلك طبيعتها التي لا يمكنها ان تتخلص منها .
صدقني عزيزى القارى ليتني اتمكن من ان اجد الشجاعه وقوة الارادة حتي اطلقها مرة ثانية وثالثة ورابعه ان وجدت – ولا اعود اليها – فأدعوا لي ياصديقي بان اطلقها وابتعد عنها – فلقد اعطيتها الكثير واخذت مني اكثر – اخذت مني ثروتي وصحتي وباقايا عمرى , واريد ان اهنأ بما تبقي لي من ايام اعيشها بسعادة وراحه وتصالح مع نفسي . فلقد زهدت فيها لكنها لا تتركني لحالي . فهل من طلقة ثانية ؟ - اللهم اوعدني بها. من المؤكد انك عرفت من تكون فربما انت ايضا في علاقة معها . فهل يمكن لك ان تطلقها ليس من اجلي ولكن من اجل نفسك.ولندع أنفاسنا تهدأ.
سامي عبد الجيد احمد فرج