لم أكن أتصور فى يوم من الأيام أن أكون أول قاضية مصرية فقد كانت مفاجأة لى على كل المستويات هكذا بدأت المستشارة تهانى الجبالى أول قاضية مصرية تتولى هذا المنصب الرفيع حديثها ا مضيفة إلى أنها كانت ترى كفاءات نسائية على أعلى مستوى وكان يمكن لأى من هذه الكفاءات أن تتولى المنصب قائلة أنها فوجئت باختيارها لأنها محسوبة على المعارضة السياسية بحكم دورها النقابى بنقابة المحامين وأنها لم تكن محسوبة على السلطة فى أى وقت من الأوقات، وأن كل طموحاتها كانت أن تكون محامية وبالفعل ظلت تعمل بالمحاماة 30 عاماً وكانت أول محامية منتخبة لدورتين متتاليتين فى نقابة المحامين وكانت مع أغلبية وفدية فى الدورة الأولى ثم مع مع أغلبية إخوانية فى الدورة الثانية فكانت تجربة ثرية لأنها كانت مختلفة مع الاتجاهين وكانت تفتخر أن معظم ناخبيها كانوا من الرجال ومنهم من كان يختلف معها فى الرأى.
وتضيف: ثم سعدت بطرح اسمى لأكون أول قاضية وفى المحكمة الدستورية العليا وهو مكان ليس عادى بكل المقاييس، وكان هذا الاختيار له دلالة لا تخفى على أحد من حيث مكانة المرأة ووضعها وقد ذهبت بعد تولى المنصب إلى الرئيس مبارك لأشكره على موافقته على ترشيحى رغم علمه بأننى من المعارضة السياسية وقلت له بالحرف الواحد: "يا سيادة الرئيس.. أشكرك حيث لا يجوز الشكر، فقد ارتفعت بقيمة المواطنة على الاختلاف السياسى والحزبى، وأذكرك بأنك كنت قائد الطيران وصاحب الضربة الجوية فى حرب أكتوبر، فإذا كنت أنا الطلقة الأولى للمرأة المصرية فأنا فى انتظار باقى سرب المقاتلات" وأنا حزينة فعلاً لأن هذه الخطوة من تولى المرأة للقضاء لم تتلوها خطوات أخرى فلا يمكن لأى مجتمع أن يتقدم أبداً بفرد، وأنا أعلم أن هناك اتجاهات فى القضاء المصرى ضد استكمال التجربة النسائية فى القضاء، ولكنى أصر وأتساءل متى سيتم استكمال تواجد المرأة المرأة المصرية فى كل ساحات القضاء فى مصر حتى نقول بقوة أنها تجربة جماعية وليست تجربة فردية، فمطلوب خطوات واضحة للمرأة فى النيابة العامة والقضاء والقضاء الإدارى وغيرها من مجالات السلك القضائى، وخاصة أنه من الظلم أن يكون أوائل الخريجيين فى كليات الحقوق من الفتيات ويستبعدوا لمجرد جنسهم، ونحن بذلك نساهم فى إضعاف سلك القضاء وسيكون القاضى أقل كفاءة على تحقيق العدل والمساواة فأطالب أن تكون الكفاءة هى المعيار الحقيقى والعلمى للاختيار وليس النوع.


وتؤكد تهانى الجبالى أننى مطمئنة جداً لوعى الشعب المصرى وخبرتى تؤكد ذلك فهو شعب قادر على تخطى أى أزمات على مدار العصور فهو قادر على امتصاص أى ثقافة دخيلة عليه بل والتأثير فيها وهنا تكمن عظمة هذا الشعب، ولكننا ما زلنا غير مستقرين على الثقافة الجمعية لأن الأمور ما زالت تهتز فى مواجهة فكر رجعى أحياناً باسم الدين وأحياناً أخرى باسم الدنيا وخاصة فى قضايا أتصور أنها قتلت بحثاً وفقهاً إلا أننا نبدأ من جديد وكأننا بلا ذاكرة فأصبحنا أسرى لهذا الارتباك الثقافى


وحول الانتماء الوطنى قالت تهانى الجبالى أن الانتماء لم يعد شعاراً ولا أغلبية وإنما لابد من الاقتناع أننا شركاء فى هذا الوطن وأننا طرف شريك للوطن فى اختيار التحالفات ولابد من وجود الاستقرار العام فى التوافق وإلا سيكون هناك قلق كبير على هذا الوطن مؤكدة أن المفترض ألا يغير المنصب من قيمة الانسان لنفسه فالانسان دائماً لديه ساحة من الاختيارات وليس لى طموح لأى منصب ويكفينى شرفاً أن أصبحت عضوة فى السلطة القضائية، وأؤكد أن القانون لا يميز بين الرجل والمرأة وإنما الجوانب الاجتماعية هى التى تفعل ذلك وهناك لابد من تدريس الوعى القانونى جيداً كما أننى أحمل المرأة المصرية دوراً كبيراً فى هذا المجال لأنها تتحدث عن الحقوق ولا تمارسها.
كما أكدت المستشارة تهانى الجبالى أن مصر الفرعونية شهدت أول قاضية فى التاريخ وهى "ماعت" والتى أصبحت رمزاً للعدالة فى العالم كله، وكانت تلبس الريشة على رأسها ومنها أخذ وانتشر المأثور الشعبى لأى فرد متفرد بأن يقال له "أنت على رأسك ريشة"، وأن نضال المرأة المصرية استمر 60 عاماً فى أحقية المرأة فى مشاركة الرجل منصة القضاء على الرغم من مجال القانون شهد للمرأة انجازات عديدة فأول محامية مصرية وعربية كانت نعيمة الأيوبى وليست مفيدة عبد الرحمن كما هو مشهور، ونعيمة الأيوبى نزلت المحكمة فى أول جلسة لتدافع عن ثلاثة رجال من الرموز الوطنية وقتها أيام الاحتلال الإنجليزى وهم فتحى رضوان وأحمد حسين قائد حركة مصر الفتاة وحافظ محمود شيخ الصحفيين وكانت المرافعة عام 1927، كما شاركت المرأة المصرية فى النيابة الإدارية مثل المستشارة ليلى جعفر كما أنها موجودة فى مجال صعب جداً وهو مجال الطب الشرعى وهيئة خبراء وزارة العدل وبكثافة أكثر عدداً من الرجال حيث تبلغ كثافة المرأة فى الطب الشرعى 52%، فالمرأة المصرية ليست غريبة على مجال القانون ويجب أن تأخذ حقها فى باقى المجالات القانونية مثل القضاء بأنواعه.

 

   
نرحب بك صديقاً دائماً لأمواج ونسعد بإرسال كل جديد إليك
ارسل بريدك الالكترونى
 
للحصول على الإصدرات السابقة من المجلة
 
يمكنك ان تقوم بالبحث فى كل اعداد المجلة
بـحــث مــتـقـدم