هاتفني الاستاذ المحامي مساء أمس 6/6/2007 ليخبرني بموعد الجلسة طالبا مني ان يحضر معي نجلي الاكبر الذي كان خارج البلاد وأعلمني بأن رقم الدائرة التي ستنظر امامها الدعوى هي 45 مدني كلي

اصطحبت نجلي وتوجهنا إلى حيث مقر المحكمة في الصباح الباكر ، وبينما أنا في طريقي لأحد أبواب المحكمة شاهدت شابا يافعا يركض مضطربا نحو رجل في الاربعين من عمره ويحمل عنه حقيبته ويسير خلفه ، شد انتباهي المشهد فنظرت إلى الباب فقرأت ما يفيد أنه مخصص لدخول السادة القضاة وليس غيرهم من ابناء الجنس البشري.

حمدت الله أن للمحكمة سبعة أبواب بعدد أبواب جهنم فلمحت الباب الذي يلي هذا الذي ولج منه جناب القاضي وتابعه هذا الكائن البشري الذي حمل عنه حقيبته ودخلت متوجها الى باحة كبرى لاستعلم عن مكان الدائرة 45 م.ك من خلال شاشة اليكترونية بسيطة فوجدت انها بقاعة (7) خاصة وهي كائنة بالطابق الرابع من المجمع البالغ عدد طوابقه خمسة عشرة طابقا

شد انتباهي أيضا كلمة (خاصة) هذه ولكن بعد برهة من الفكير تذكرتي أنني (العمدة) فلم لا تكون القاعة التي ستنظر فيها دعوتي قاعة خاصة.

توجهت ونجلي إلى أحد المصاعد الكثير والحديثة والتي سقط واحد منها بركابه بعد فترة وجيزة من تشغيله فراح ضحية الحادث عدد لا بأس به من القتلى والمصابين ، والحمد كانوا جميعا من هذه المخلوقات البشرية وليس من بينهم أي من حضرات السادة المسشورين - اقصد المستشارين

المصعد في مشوار الصعود وكنت ونجلي رقمي 3 ، 4 في الدور وصل المصعد للطابق الاخير والجميع ينظر إلى الاعلى - ليس الى السماء ولكن إلى حيث مؤشر المصعد - ولكن المصعد استقر لمدة طويلة في هذا الطابق

الجمهور المنتظر يترقب هبوط المصعد دون جدوى ، بعض الواقفين نهاية الطابور انصرف ليستقل آخر غيره بينما نحن الواقفون في مطلع الطابور لم نتمكن من التفريض في هذا المركز المرموق الذي تحصلنا عليه بترتيبنا في أول الطابور.

بعض المنتظرين اعزى تأخر المصعد في الطابق الاخيرة إلى ان السيد عامل المصعد (المحولجي) ربما يتناول كوبا من شاي الصباح ، والبعض الآخر التزم الصمت (حيث (للحيطان ) آذن (وربنا يجعل كلامنا خفيف على السيد الآسانسيرجي)

المصعد يقترب من الطوابق السفلية ولكن بتأن شديد ، وعلى حين غره ، وجدت طابورا اخر من فتيات ونسوة تشكل في اسرع من انسحاب قواتنا من سيناء في عام 1967

استقر المصعد في الطابق الارضي ، أفرغ المصعد حمولته في ثوان معدودة وفي اقل منها هجمت مجموعة الفتيات والنسوة واحتلوا اماكنهم في الصاعدة فلم يصبنا الدور ،  مما اضطرنا للصعود على السلم حتى الطابق الرابع

بلغنا بشق الانفس الطابق المذكور وإذا بجمع غفير من جمهور المواطنين والمحامين البعض يقف على درجات السلم والاخر يستند بظهره الى حائط الطرقة وو

المهم سألت احدهم وبكل اعتزاز وفخر عن قاعة 7 خاصة

فأشار إلى غرفة يفتح بابها على السلم مباشرة وحينها علمت أن هذا الجمع الحاشد ينظر دوره في هذه القاعة الخاصة

تقابلت مع السيد الاستاذ المحامي ، شاب وسيم يرتدي روب محاماه اسود يتدلى منه شيئا ينتهي بفرو ناعم ويحمل حقيبته في (ألاطة) منعدمة النظير وبعد التحية افاد بأن رقمنا في الرول (2)

حمدنا الله على ذلك

وانتظرنا مع المنتظرين

اكتملت هيئة المحكمة وباب الخاصة مغلق عليها ، وجمهور ا لمنتظرين على مختلف اعمارهم ينتظرالفرج

خرج كاتب الجلسة او رجل في وظيفة مشابهة لا اعرف بالتحديد واعلن للحضور ان المحكمة ستنظر صحة التوقيع الساعة 11

الساعة الان العاشرة والثلث

معنى هذا ان نظر دعاوى هذا العدد الهائل من قضايا (المدني الكلي) ستنجزه هيئة المحكمة في حوالي ثلثي الساعة أو ربما اقل من هذا

وبعد عشرة دقائق افتتحت الجلسة

رقم واحد فلان وفلان

رقم 2 محمد أبواليزيد دخلت ومعي الاستاذ المحامي الذي قدم لهيئة المحكمة اثبات شخصية نجلي الاكبر

استغرب القاضي

لماذا

انا لا اريد هذا

أين احمد محمد أبواليزيد

نظرت للاستاذ المحامي فوجدته في حالة لا يحسد عليها من الصمت والذهول

سارعت بإجاب الرئيس ان احمد هذا ابني وهو قاصر بولايتي

رمق القاضي الاستاذ المحامي بنظرة اظن انه سيتنحى عن العمل في المحاماة على اثرها مباشرة

ونهره بجملة وهو يشير بيده نحو باب القاعة (مخصوص)

اتفضل يا استاذ

روح صحح شكل الدعوى واكتب القاصر بولاية والده!!

صحيح ان الاسلوب واللهجة كانتا غير متناسبتين تماما

إلا أنني كمتضرر اشد الضرر من إهمال السيد الاستاذ تشفيت فيه وقلت في قرارة نفسي انه والله يستحق اكثر من هذا!!

وعدت الى المنزل اجر اذيال خيبة الرجاء

ووصلت الى قناعة مؤدانا

أنه وإن كان بعض القضاة لا يقرأون

فبعض المحامين يفعلون ذلك أيضا

ولا عزاء للمتقاضين