بسم الله الرحمن الرحيم
بعد جولة تفتيشية قام بها الشيخ عبد الرحمن الكلية - حفظه الله - أثناء عمله في محكمة التمييز بالغربية دوَّن مجموعة من الملحوظات العامة، ووزعها على القضاة، وقد انتشرت هذه المذكرة بين القضاة، وتعميما للفائدة فإني سأطرحها هنا(1).
الحمد لله وبعد :- فحيث إن من أعظم أهداف التفتيش هو التوجيه والإرشاد وتبادل المعلومات، وهو ما سمعته من سماحة رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، وحيث لم يتيسر لي ذلك لعدم الاجتماع بقضاة المحاكم التي تمت زيارتها، الاجتماع الذي يحقق هذا الهدف؛ لضيق الوقت، وكثرة العمل، فلذا رأيت من المناسب تعويض ذلك بذكر جملة من الفوائد التي تتعلق بالعمل القضائي، وتوحيد إجراءاته بين المحاكم، مع الاعتقاد بأن كثيرا منها لا يخفى على أصحاب الفضيلة، ولكن لتعميم الفائدة، فلعل فيها ما يفيد، فرأيت تزويد كل قاضي جرى الاطلاع على عمله بصورة منها، مع أنها قابلة للمناقشة، فرجائي من كل قاضي اطلع عليها فوجد عليها ملاحظة أو لم تكن واضحة لديه الكتابة لي في مقر عملي بمحكمة التمييز بمكة المكرمة أو الطائف، موضحا ملاحظته للاستفادة منها، وإجابته حسب ما يظهر، فالغاية هي الوصول إلى ما يحقق الإجراءات القضائية على أسس سليمة شرعا ونظاما، والله نسأل التوفيق والسداد، وهي كما يلي :
1- ينبغي على القاضي أن لا يسمع الدعوى أو الإنهاء حتى يتحقق من صفة المدعي أو المنهي، حيث إنه لا يسمع قول لمن لا صفة له فيما يدعي أو ينهي به، فقد لوحظ من لا يعتني بهذا، وعند نهاية القضية أو في أثنائها يتنبه لذلك فيلغي ما أجراه، وكان الأولى به العناية بذلك في ابتداء الأمر، توفيرا للجهد، والوقت، والبعض الآخر لا يتنبه لذلك أبدا فيكون محل ملاحظة .
2- يقوم بعض أصحاب الفضيلة بتنظيم صك بصرف النظر عن دعوى المدعي في حال كونه ليس له صفة في الدعوى، وهذا إجراء في غير محله، والمتعين أنه في حالة كون المدعي ليس له صفة لا ينظم به صكا، وإنما يكتفي بالضبط، ويعامل من لم يقنع بمقتضى تعليمات التمييز حسب التعليمات(1).
3- وجد أن بعض أصحاب الفضيلة يسمع دعوى الولد على والده في مسائل غير المسائل المستثناة، ودعوى الولد على والده لا تسمع في غير النفقة، أو عين مال للولد بيد الوالد ونحو ذلك، كما قرر ذلك الفقهاء(2).
4- لوحظ أن بعض أصحاب الفضيلة يسمع الدعوى في تسليم الزوجة على وليها دون توكيل منها، وهذا في غير محله؛ لأن الدعوى تتعلق بتسليم الزوجة نفسها، فتقام على الزوجة نفسها، ويكون الحكم عليها مباشرة، أو بمواجهة وكيل شرعي عنها، فهي صاحبة الشأن، وهي التي تملك تنفيذ الحكم من عدمه، أما سماع الدعوى على وليها والحكم عليه بتسليم الزوجة لزوجها فهو سماع للدعوى وحكم فيها على غير ذي صفة، كما أنه لا قدرة له على تنفيذ الحكم، نعم لو كانت الزوجة راغبة في تسليم نفسها واعترض وليها على ذلك فيحكم عليه حينئذ بمنعه من التعرض لها، والحيلولة دون تسليم الزوجة نفسها لزوجها.
5- يقوم بعض أصحاب الفضيلة في بعض القضايا الحقوقية بافتتاحها بما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين، دون رصد للدعوى والإجابة ومجريات القضية، والإجراء السليم أن ترصد الدعوى محررة، ثم إجابة المدعى عليه، ثم السير في القضية حسب ما تقتضيه الإجراءات القضائية.
6- يلاحظ أن بعض أصحاب الفضيلة يحكم بحكم غير ملاق للدعوى، فمثلا شخص ادعى على آخر في عقار فالحكم الملاقي هو الحكم برفع يد المدعى عليه، أو صرف النظر عن دعوى المدعي وإخلاء سبيل المدعى عليه، غير أن البعض يحكم مثلا بثبوت تملك المدعى عليه للعقار، وهذا غير صحيح؛ لعدم ملاقاته، ولأن الإثبات تحكمه نظم مرعية لابد من إجرائها، ولذا تراه يتناقض عندما يقول في نهاية الحكم : " وأفهمت الطرفين أن هذا الحكم لا يعتمد عليه في التملك الخ ".
7- درج بعض أصحاب الفضيلة على إخراج صك مستقل بالمباني، وهذا يوجد ازدواجية في الصكوك، ويرهق الموظفين بأعمال يمكن اختصارها، وذلك بالشرح على صك التملك بإثبات المباني، وهذا ما يتفق مع التعليمات التي تفيد بأن المباني فرع، والفرع تابع لأصله(1).
8- ينظم بعض أصحاب الفضيلة صكا مستقلا بخصوص الإقرار باستلام مبلغ، وهذا من اختصاص كتابة العدل، كما يدل عليه التعميم رقم 14/12/ت في 12/10/1396هـ، وما ألحق به(2)، وإذا كان المبلغ المستلم محكوما به فهو من اختصاص المحاكم، وينبغي حينئذ الاكتفاء بإلحاق الإقرار باستلام المبلغ المحكوم به بضبط القضية، والتهميش على الصك وسجله، ولا يخرج به صك مستقل.
9- لوحظ أن بعض أصحاب الفضيلة يقوم بضبط وتنظيم صك بالقضايا الإنهائية ذات النموذج، مثل إثبات الطلاق، وإثبات الترمل، ونحو ذلك، وهذا مخالف للتعليمات.
10- درج بعض أصحاب الفضيلة على إخراج صكوك بتصديق الاعترافات، وهذا فيه مخالفة لمضمون التعميم رقم 8/ت/24 في 11/3/1411هـ، والذي قضى بأن يكتفى بكتابة الاعتراف في القضايا الجنائية وغيرها في دفتر الضبط، ثم التصديق على الاعترافات المنوه بدفاتر التحقيق، ولأن تنظيم صك به ثم تسجيله فيه تطويل وإشغال للموظفين.
11- درج بعض أصحاب الفضيلة في القضايا الإنهائية على عدم ضبط إنهاء المنهي، مكتفيا بالإشارة إلى الاستدعاء المقدم من المنهي أو الخطاب المرسل من الجهة الرسمية مع ذكر الموضوع إجمالا، وأحيانا لا ينص على حضور المنهي أو وكيله، بل يسمع البينة، ويحكم في القضية، وهذا الإجراء غير سليم؛ لما يلي :
أ- من المقرر أنه لا يعتمد على مجرد الاستدعاء أو خطاب الجهة، إذ لابد من حضور المنهي، ومعرفة صفته فيه، ثم يحرر الإنهاء ويضبط.
ب- أن سماع البينة ثم ضبطها دون ضبط الإنهاء لا يعلم منه هل البينة موصلة أو غير موصلة؛ لعدم تدوين الإنهاء والعلم به، ولذا فإنه من المتعذر معرفة مطابقة البينة للشهود عليه من عدمه، ولعل عذر أصحاب الفضيلة في ذلك أنهم سمعوا الإنهاء دون ضبطه، أو يكون مذكور في المعاملة فاكتفوا بذلك ظنا منه أنه يكفي. وهذا في غير محله. فالضبط هو الأساس، فيجب أن يكون محتويا على جميع ما يتعلق بالقضية، ولأن الأمر لا يتعلق بأصحاب الفضيلة أنفسهم، فهم عرضة للانتقال في يوم ما، والضبط باق، ولأن الضبوط لم توجد إلا لضبط العمل وإتقانه وإخراجه بأكمل صورة وأوضحها للرجوع إليها عند الحاجة، وقد مر على كثير من القضاة الرجوع إلى الضبوط السابقة، فإذا وجدها حاوية لجميع ما دار في القضية استفاد منها وخرج بنتيجة، وإن وجدها مختصرة أو ناقصة تمنى أن سلفه أوضح الأمر وأكمله، فالموفق من وعظ بغيره، واستفاد من تجارب الآخرين.
12- درج بعض أصحاب الفضيلة في عموم القضايا الإنهائية على عدم رصد الشهادة في الضبط مكتفيا بقوله ( ولدي استشهادهما شهد كل واحد منهما طبق ما أنهى به المنهي ) أو نحو ذلك، وهذا مخالف للتعليمات، حيث نصت على وجوب كتابة الشهادة بلفظها من غير اختصار أو تعديل أو تغيير(1).
13- يقوم بعض أصحاب الفضيلة برد الشاهد إذا كانت شهادته ليس موصلة من غير ضبط للشهادة، وهذا إجراء في غير محله، والمتعين أن يضبط القاضي الشهادة بلفظها ونصها، ثم إذا كانت غير موصلة يفهم القاضي من طلبت منه البينة بما ظهر له من هذه الشهادة، ويطلب منه زيادة بينة على ما يقتضيه الإجراء القضائي، حيث إن ردها من غير ضبط يكون حجة لمحضر البينة، فيدعي أنها موصلة، مما يوجب التساؤل، فعلى القاضي أن يكون حذرا، فيسد كل باب يدخل عليه منه.
14- درج بعض أصحاب الفضيلة على تعديل الشهادة، وهذا غير صحيح، حيث إن التعديل للشاهد لا للشهادة، فيقال ثم جرى تعديل الشاهدين، ولا يقال ثم جرى تعديل الشهادة.
15- درج بعض أصحاب الفضيلة على عدم ضبط نص اليمين في القضايا التي تحتاج إلى يمين أحد الخصمين، مقتصرا على القول ( بأنه حلف اليمين الشرعية كما طلبت منه )، وهذا فيه مخالفة للتعليمات التي تقضي برصد ما يجري ويدور في القضية في الضبط بنصه، ولأن اليمين من الأمور التي يستند عليها الحكم، وهي تختلف حسب ما يقتضيه النظر القضائي، فتارة تكون على البت، وتارة تكون على نفي العلم، فيتحتم ذكرها؛ ليعلم مدى مطابقتها من عدمه، سيما والقاضي يعلم أنه خاضع للتفتيش والتمييز، فكيف يعلم المفتش والمميز عن مطابقة اليمين على المحلوف عليه من عدمه إذا لم تكن مذكورة بلفظها، ومثلها الشهادة فلابد من ذكرها بلفظها.
16- في إنهاءات حصر الورثة لا يذكر بعض أصحاب الفضيلة جهة العاصب، فيقول مثلا : ( وانحصر إرثه في معصبه ... )، والمتعين ذكر جهة قرابة هذا العاصب.
17- يذكر بعض أصحاب الفضيلة أن للميت جمعا من الإخوة لبيان أن فرض الأم السدس، ولكنه يذكرهم في أثناء حصر الإرث فيقول مثلا : ( وانحصر ارثه في والده ووالدته وله جمع من الإخوة لا وارث له غير من ذكر )، وهذا التعبير غير صحيح؛ لأنه يفهم منه أن الإخوة من الورثة، والتعبير الصحيح أن يقول : ( وانحصر ارثه في والده .... ووالدته ..... لا وارث له غير من ذكر ثبوتا شرعيا )، وله جمع من الإخوة، وإذا كان ليس له جمع من الإخوة أن يبين ذلك فيقول : وليس له جمع من الإخوة؛ ليعلم فرض الأم.
18- في إنهاء حصر الورثة يحكم بعض أصحاب الفضيلة بإرث الحمل على سبيل الحصر والجزم ضمن الورثة، وهذا فيه نظر، فالحمل لا يرث إلا بشرطين، أحدهما : تحقق وجوده في الرحم ولو نطفة عند وفاة المورث، ثانيهما : ولادته حيا حياة مستقرة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، والأولى أن يقال في مثل هذا الإنهاء : ( ثبت لدي وفاة .... وورثته والده .... ووالدته ...... وزوجته .... وهي حامل في الشهر ..... ثبوتا شرعيا )، ويؤجل الجزم بحصر الورثة حتى يوضع الحمل، وبعد وضعه ومراجعة ذويه يثبت إرثه، وحصر الورثة على وجه الجزم.
فإن قيل : إن هذا مخالف للتعليمات القاضية بحصر الورثة حصرا جازما مع ذكر أنه ليس له وارث سواهم لا بفرض ولا تعصيب أو لا بنسب ولا سبب أو نحو ذلك من عبارات الحصر ؟ فيقال : يحمل هذا على ما إذا كان لا يوجد حمل، أما إذا وجد الحمل فإن هذا الحصر لا يتفق معه؛ لأن الحمل قد يرث وقد لا يرث، وهو مجهول العدد والذكورة والأنوثة، فالحصر غير وارد هنا؛ لأنا لم نتبين الأمر بعد، فتحمل التعليمات على الحالات الغالبة، وما بان الأمر فيها جليا.
19- لا يذكر بعض أصحاب الفضيلة أعمار القصار في صكوك حصر الإرث، وكذلك في صكوك الولاية، وهو أمر يتحتم ذكره؛ لمعرفه بلوغهم سنا، يمكن أن يكونوا قد أرشدوا فيها، وحتى لا يستغله بعض ضعاف النفوس، ولأن في ذلك تنفيذا للتعميم رقم 1647/3/م في 6/7/1385هـ.
20- يقيم بعض أصحاب الفضيلة الوصي على القصار من غير مشاورة والدتهم، والأفضل مشاورتها في ذلك؛ لأن فيه زيادة اطمئنان، وجبر لخاطرها، وأدعى لاستمرار الوصاية وعدم الخلاف، وربما كان لديها من المعلومات عن المرشح للوصاية ما يوجب إعادة النظر فيه.
21- لوحظ أن بعض أصحاب الفضيلة عند إقامة ولي على القصار يثبت في صك الولاية تنازل والدة القصار عن حقها في الولاية عليهم، وهذا غير صحيح، فالوالدة ليس لها حق واجب في الولاية على أولادها القصار حتى تتنازل عنه، وإنما ينبغي مشاورتها كما بيناه سابقا.
22- يلاحظ أن بعض أصحاب الفضيلة يخرج صكوك ولاية للأب على أبنائه القصار عند وفاة أمهم أو غيرها وهذا في غير محله؛ لأن ولاية الأب مقدمة على ولاية القاضي، إذا ليس للقاضي ولاية على القصار مع وجود الأب، وهذا هو المقرر فقها ونظاما جاء في كشاف القناع ( لأن الرجل يلي مال ولده من غير تولية كمال نفسه )، وجاء في التعميم رقم 178/12/ت في 12/9/1398هـ المادة الثانية .. بالنسبة لأموال القصار ( فإذا كان ولي والقاصر الأب فإنه لا يحتاج إلى مراجعة القاضي في البيع والشراء، بل يتصرف بما يراه مصلحة، ولا يتعرض له شيء إلا فيما لو ظهر عليه ما يوجب منعه من التصرف )(1).
23- يقوم بعض أصحاب الفضيلة بإخراج صكوك الولاية وإقامة ولي لمجرد كون المولى عليه بلغ من الكبر عتيا، ولا يستطيع القيام على قدميه، وله حقوق يخشى من ضياعها، أو لكونه أصم وأبكم، أو غير ذلك من الإعاقة، وهذا فيه نظر، ولأن المسوغ الشرعي لإقامة الولي هو الاختلال العقلي، وعدم الإدراك والتمييز بين الضار والنافع، وحسن التصرف أما مجرد الكبر وملازمة الفراش وعدم القيام على القدمين أو الصمم وعدم القدرة على الكلام فليس ذلك مسوغا شرعيا، فمناط إقامة الولي هو العقل لا الحركة البدنية أو السمع أو الكلام، وكان الأولى في مثل هذه الأحوال أن يفهم القاضي المنهي بأن لمن كانت هذه حاله أن يقيم وكيلا عنه لدى الجهة المختصة.
24- إذا كان الحكم على ولي قاصر أو ناظر وقف فلابد من رفع الحكم إلى محكمة التمييز، وكذلك إذا كان الحكم على بيت المال، إلا في حالتين نصت عليهما لائحة تمييز الأحكام الصادرة عام 1410هـ، وكذلك إذا انتهت القضية صلحا.
25- يقوم بعض أصحاب الفضيلة بإثبات القسمة بين الورثة وفيهم قصار دون التثبت من كون القسمة عادلة بالبينة، كما أنه يجب في مثل هذه القضية رفعها لمحكمة التمييز؛ لوجود القصار فيها(1).
26- درج بعض أصحاب الفضيلة على عدم رفع الإذن بالشراء للقصار أو الوقف، مستندين في ذلك على تعميم معالي وزير العدل رقم 67/1/ت في 20/4/1399هـ، والذي جاء في فقرته الأولى ( الاكتفاء بما يقرره القاضي حيال شراء عقار للقصار وعدم رفع ذلك للتمييز )، وهذا التعميم قد نسخ بما جاء في لائحة تمييز الأحكام الشرعية الصادرة عام 1410هـ حيث جاء في المادة الثانية ( فعلى المحكمة أن ترفع الحكم إلى محكمة التمييز لتدقيقه مهما كان موضوع الحكم ).
27- لوحظ أن بعض أصحاب الفضيلة يثبت أن القاصر بلغ سن الرشد، وبناء عليه يرفع الولاية عنه، وهذا غير صحيح؛ لأن رفع الولاية عن القاصر لا يكون إلا بعد تحقق البلوغ والرشد، فالله تعالى يقول : ( فإذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم )، فقد يبلغ القاصر سن الرشد ولكنه غير رشيد، فالعبرة بالرشد وبلوغ سنه.
28- يلاحظ أن بعض أصحاب الفضيلة يقتصر في إثبات الطلاق على إثبات إقرار المطلق بالطلاق فقط، دون أن يفهمه بما له وعليه من رجعة وعدمها، وغير ذلك، كما لا يفهم المطلقة بما عليها من عدة أو عدمها، إلى غير ذلك مما يلزم بيانه وإيضاحه للنظر فيه، حتى لا يقعا في محظور، أو يفوت عليهما أمر مباح بسبب جهلهما.
29- لوحظ أن بعض أصحاب الفضيلة اشتبه عليه الأمر في الطلاق، ولبيان ذلك على وجه الاختصار فإن الطلاق له ثلاث حالات : طلاق رجعي، وطلاق بائن بينونة صغرى، وطلاق بائن بينونة كبرى، فالرجعي للمدخول بها إذا كانت الطلقة الأولى أو الثانية من غير عوض، والطلاق البائن بينونة صغرى هو طلاق غير المدخول بها، والطلاق على عوض دون الثالثة، والطالق البائن بينونة كبرى هو طلاق المدخول بها الطلقة الثالثة.
30- يلاحظ أن بعض أصحاب الفضيلة يحضر إليه المطلق ويذكر أنه طلق زوجته على عوض بذمته لها، أو على مبلغ مالي لم يستلمه، فيثبت فضيلته الطلاق على هذه الصفة من غير أخذ موافقة المطلقة، أو من يلتزم بدفع المال، وهذا غير صحيح، فالطلاق على هذه الصفة عقد من العقود لا يثبت إلا برضا طرفيه، فلابد من حضور وموافقة الزوجة، أو وكيلها، أو من يلتزم بدفع المبلغ المالي.
31- يلاحظ أن بعض أصحاب الفضيلة يثبت الطلاق على عوض قبل صدور الطلاق، وقبول الزوجة لدفع العوض مقابل الطلاق، وهذا إجراء فيه نظر، فالمتعين تأخير إثبات الطلاق إلى ما بعد تلفظ الزوج بالطلاق على عوض، وقبول الزوجة للطلاق على العوض، واستعدادها بدفعه. 32- لوحظ أن بعض أصحاب الفضيلة يقوم بضبط التنازلات والاعترافات ولا يعقبها بالثبوت أو عدمه، كما أنه لا يشهد عليها، ولا يذكر أن المتنازل أو المعترف حضر لديه وهو بحالته المعتبرة شرعا، وهذه أمور لابد من ذكرها.
33- لوحظ أن بعض أصحاب الفضيلة لا يسأل المتهم في قضايا الزنا واللواط عن الإحصان، والإيلاج من عدمه، وهذا أمر لابد منه؛ لما يترتب عليه من الاختصاص في النظر.
34- يقوم بعض أصحاب الفضيلة بإثبات إقرار التنازل عن الجنسية الأصلية للتحول إلى الجنسية السعودية، والإقرار بالتنازل عن الجنسية من اختصاص كتابة العدل، فإثبات الإقرار بالتنازل عن الجنسية مع وجود كتابة عدل في نفس المدينة إجراء في غير محله(1).
35- لوحظ أن بعض أصحاب الفضيلة إذا خلف قاضيا فوجد معاملة قد حكم سلفه فيها وعليها ملاحظة من محكمة التمييز يقوم بإكمال ما يلزم، معتمدا على المادة 71 من تنظيم الأعمال الإدارية، وهذا غير سليم، فالمادة المذكورة تخص القضايا التي لم يبت فيها بحكم، أما ما حكم فيها وعليها ملاحظة من التمييز فعلى الخلف رفعها إلى محكمة التمييز؛ لإصدار التوجيه منها، وذلك حسب التعميم رقم 130/ق/ت في 6/7/1396هـ.
36- لا يرصد بعض أصحاب الفضيلة قرارات محكمة التمييز بنصها في الضبط، والمتعين كتابتها في الضبط بنصها حسب تعليمات التمييز.
37- يقوم بعض أصحاب الفضيلة بالطمس (بالمزيل) في الضبط والسجل على بعض الكلمات والجمل والسطور، ثم إعادة كتابتها مرة ثانية، وهذا إجراء غير سليم؛ لأنه يفتح بابا خطيرا للتغيير والتبديل والتحريف، ولذلك جاءت التعليمات بأنه إذا حصل خطأ في الكتابة ودعت الضرورة لشطب كلمة أو أكثر فيشطب عليها بخط مستقيم يمكن معه قراءة ما شطب، وتحصر بين قوسين، ويشار إليها بعلامة محاذية لها في الهامش، ويشرح بأن الجملة التي بين القوسين والتي تبدأ من كذا وتنتهي بكذا وقع تحريرها سهوا أو خطأ، وإذا كان يراد إبدالها بغيرها فيذكر الصواب، ويوقع على ذلك القاضي والكاتب(2).
38- لابد من الإشارة في السجل إلى رقم الضبط وصحيفته، وكذلك الإشارة في الضبط إلى رقم السجل وصحيفته.
39- الإشارة عند رفع الجلسة إلى موعد الجلسة التالية في الساعة واليوم والشهر .
40- لابد من ذكر الصفحة المنقول منها القضية، والمنقول إليها في الضبط.
41- لابد من فهرسة الضبوط فهرسة واضحة، مشتملة على عدد التسلسل، والموضوع، وأسماء أطرافه، وتاريخ أول جلسة، وتاريخ آخر جلسة، وما انتهت إليه القضية من حكم مصدق، أو منقوض، أو قناعة، أو صلح، أو شطب وسببه.
42- لابد أيضا من فهرسة السجلات فهرسة مناسبة.
43- لوحظ أن بعض أصحاب الفضيلة لا ينص في الإفراغ على أنه اطلع على صك التملك، وأنه صالح للاعتماد عليه، والإفراغ منه، وأنه مطابق لسجله، كما نصت على ذلك التعليمات. 44- يقوم بعض أصحاب الفضيلة بإجراء إفراغ للعقار المنتزع للمصلحة العامة، وهذا إجراء في غير محله، فهو ليس من اختصاص المحاكم، بل هو من اختصاص كتابة العدل، حتى ولو كان العقار لقصار أو كان وقفا، حسب التعميم رقم 67/1/ت في 2/4/1399هـ(1).
45- يخرج بعض أصحاب الفضيلة صكوكا بإفراغ جزء من مشمول صك دون تخطيط معتمد من الجهة المختصة، وهذا مخالف للتعليمات، كما جاء في التعميم رقم 21/2/ت في 7/2/1393هـ(2)، فبموجب هذا التعميم فإنه لا ولاية للقاضي ولا لكاتب العدل في إفراغ جزء مفرز من أرض سكنية أو زراعية إلا بعد تخطيط معتمد من الجهة المختصة، يبين موقع القطعة، وحدودها، ومساحتها.
46- لوحظ أن بعض أصحاب الفضيلة لا يفهم المتنازعين في المنازعات العقارية التي لا تستند إلى صكوك شرعية بأن الحكم لا يفيد التملك ولا يعتمد عليه في الإفراغ، وإنما هو لقطع الخصومة بينهما، حيث نصت التعليمات على إفهام الخصوم بذلك في مثل هذه القضايا(3).
47- درج بعض أصحاب الفضيلة على ضبط الإنهاء في حجج الاستحكام من واقع ملف الحجة، ولا يسأل المنهي عن ذلك، ولا يأخذ توقيعه عليه، ونتيجة لذلك فقد يفوت تحرير الإنهاء تحريرا كاملا، والمتعين مساءلة المنهي عن إنهائه، وأخذ توقيعه عليه، فقد يكون الإنهاء أعده غير المنهي مما قد يكون محل أخذ ورد في أثناء مجريات القضية أو بعدها، والمتعين التثبت من سلامته عند الابتداء.
48- تحرير الإنهاء في الاستحكام تحريرا كاملا، بذكر موقع المنهى عنه، وحدوده، وذرعته، أطواله، ومساحته الإجمالية، وكيفية التملك.
49- الاستفسار من جميع الدوائر المذكورة في المادة 85 وما ألحق بها، والإعلان عن الإنهاء في إحدى الصحف المحلية.
50- الشهادة في الاستحكام يجب أن تشتمل على الموقع المنهى عنه، وحدوده، ومساحته، ومشتملاته، وتاريخ إحيائه، ومن قام بالإحياء، وكيف آل المنهى عنه إلى المنهي، وكيف تملكه من قبله ـ إن وجد ـ ولابد أن تكتب شهادة الشهود في الضبط والصك بنصها، ولا يكتفي بالقول (فشهدا طبق ما أنهى به المنهي )، أو ( فشهدا بأن المحدود المذكور في الإنهاء وقرار المساح أعلاه ملك المنهي )، ونحو ذلك.
51- في قضايا الاستحكام التي يذكر المنهي أن المنهى عنه آل إليه بطريق الشراء لا يكتفي فيها بإحضار البائع وأخذ مصادقته على البيع، واستلام القيمة، وعدم المعارضة، وسماع شهادة الشاهدين في كونها آلت إليه بالشراء من فلان من غير أن يسأل القاضي المنهي والشاهدين عن كيفية أيلولة المنهي عند البائع، وما عليه من منشئات، وسبب التملك، ومعرفة ذلك أمر مهم لابد منه؛ لأنه إن كان طريق التملك الإحياء فلابد من معرفة نوع الإحياء، وتاريخه، ومن الذي قام بالإحياء ؟، وهل شمل الإحياء كل المساحة المنهى عنها أم لا ؟، وإن كان سبب التملك هو الإرث فلابد من اطلاع القاضي على صك حصر الورثة، ومعرفة كيفية أيلولة المنهى عنه إلى المورث، وكيف اختص به البائع أو المنهي، وثبوت اختصاصه، وإن كان سبب تملك البائع هو الشراء فلابد من ذكر البائع الثاني، وتسلسل البائعين، وكيف آلت إلى كل واحد منهم، وما هي المنشئات، ومن أقامها، ومتى أقيمت، فلابد من معرفة ذلك كله حتى يكون الحكم بإثبات التملك مبنيا على مستند واضح صالح للاستناد والاعتماد عليه، أما مجرد الاكتفاء بقول المنهي بأن المنهى عنه آل إليه بالشراء من فلان ومصادقة البائع على ذلك والشهادة عليه، أو الاكتفاء بقول "ومصادقة البائع على ذلك والشهادة عليه"، أو الاكتفاء بقول المنهي بأن المنهى عنه آل إليه بطريق الإرث من مورثه فلان والشهادة على ذلك، فلا يعول عليه في إثبات التملك وصحته، كما يشير إلى ذلك قرار الهيئة القضائية العليا رقم 251 في 27/8/1393هـ(1)، ولأن مجرد الوراثة والبيع لا يثبت به التملك للوارث والمشتري، فصحة تملكهما يتوقف على صحة تملك المورث والبائع، فلابد أن يثبت لدى القاضي تملك المورث والبائع للمنهي عنه حتى يثبت لديه تملك الوارث والمشتري.
52- لابد من اطلاع القاضي على وثائق شراء المنهى وضبطها ـ إن وجدت ـ ولا يكتفي بكونها مرفقة في ملف الحجة؛ لأن الاعتماد على ما يضبط ويدون في ضبوط المحكمة، سيما والملف عرضة أكثر للضياع، وفقد بعض أوراقه.
53- يلاحظ أن بعض أصحاب الفضيلة لا يستفسر من البلدية عندما تكون الأرض المنهى عنها زراعية، وهذا إجراء في غير محله؛ لأن المادة 85 نصت على الاستفسار من البلدية دون تخصيص بكون الأرض سكنية أو زراعية، فالمتعين الاستفسار من البلدية، سواء كانت الأرض سكنية أم زراعية، ولها أن تجيب بما تراه.
54- يطلب بعض أصحاب الفضيلة البينة من المنهي قبل رصد إجابات الدوائر والتحقق من وجود المعارض من عدمه، وهذا إجراء في غير محله؛ لأن البينة لا تطلب إلا بعد إجراء ذلك، والتأكد من عدم المعارض، لأنه إن وجد المعارض فلا تسمع بينة الاستحكام حتى تسمع دعوى المعارض، وتتخذ فيها الإجراءات القضائية، فإما أن تصح المعارضة فيصرف النظر عن الاستحكام، وإما أن لا تصح المعارضة فيصرف النظر عنها، فتطلب حينئذ البينة على الاستحكام.
55- إذا طلب المنهي تعديل المساحة بزيادة عما اشتمل عليه صك التملك فلابد من اتخاذ ما تقتضيه المادة 85 وما ألحق بها، وكذلك إذا طلب المنهي إثبات الحدود والأطوال والمساحة لصك تملكه(2).
56- إذا كان الحد ليس مستقيما لما فيه من انكسـارات فينبغي أن يذكر من أين بدء الذرع
للحد ؟، واتجاه الانكسار، وطوله(1).
57- يصدر بعض أصحاب الفضيلة صكوكا مستقلة بخصوص التنازل عن الاعتراض على حجة الاستحكام، مع أن النظر لا زال جاريا في الحجة، وهذا مخالف للتعليمات التي تنص على أن الاعتراضات على حجج الاستحكام تنظر ضمن الحجة، ولا تفرد بنظر مستقل(2).
58- يخرج بعض أصحاب الفضيلة حجج استحكام لأراضي المنح، وهذا مخالف للتعليمات، حيث إن أراضي المنح إفراغها للمواطنين عن طريق البلدية لدى كاتب العدل(3)، وكذلك المنح التي تكون من طريق وزارة الزراعة(4).
59- لوحظ أن كثيرا من حجج الاستحكام يذكر فيها أن الإحياء قبل عام 1387هـ، والموقع مشهور بأنه إلى عهد قريب وهو خال من الإحياء، ومثل هذا ينبغي على القاضي التحري والتثبت فيه، حيث لا يجوز الحكم بما يخالف اعتقاد القاضي، ولا تبرأ ذمته ولو قامت به البينة، وللقاضي إذا ظهر له أن الموقع ليس مقطعا لأحد، وليس على مرفق عام، ولا يتعارض مع التخطيط والتنظيم المعتمد وهو سكني، أن يثبت التملك للمنهي، ولو كان الإحياء بعد عام 1387هـ، ويفهم المنهي بأن عليه القيمة حسب قرار الهيئة القضائية العليا رقم 186 في 22/4/1395هـ الفقرة الرابعة ـ، وأن للبلدية مطالبته بها متى شاءت، وبهذا الإجراء جمع بين المصلحة الخاصة والعامة، ويتمشى مع قرار الهيئة القضائية العليا المشار إليه، وفيه قضاء على الأمور غير المحمودة بسبب الاستحكامات التي لا تخفى، مع ما فيه من الحث على الصدق والشهادة به، والبعد عن ما لا تحمد عقباه في الدنيا والآخرة، سواء للمنهي وللشاهد ولغيرهم. وقد نهج القضاة - وفقهم الله – هذا المنهج أي إجراء التحري والتثبت عن تاريخ الإحياء الحقيقي، فإذا كان بعد عام 1387هـ طبقوا عليه قرار الهيئة القضائية العليا المشار إليه، وتصدق أحكامهم من محكمة التمييز، فهو يستند على قرار شرعي صادر من جهة شرعية معتبرة مؤيد من الجهات العليا في الدولة، ومؤكد عليه بعدة تأكيدات تبلغتها المحاكم الشرعية، وأصحاب الفضيلة القضاة يدركون - ولله الحمد - أكثر مما أشرت إليه، ولديهم من العناية والاهتمام والدقة في النظر والحرص الشديد على إبراز الأعمال القضائية على النهج الشرعي الصحيح ما هو معلوم ومتقرر لدى العامة والخاصة، فلله الحمد والمنة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نقل للفائده
اخوكم فهد بن مصنور العرجاني
للأستفسار 0531111745