ماذا لو صدر حكمين عن ذات الموضوع متناقضين
ولم يلحظ الحكم الثانى سبق صدور حكم فى
ذات الموضوع فأيهما يحوز الحجية
ويقبل التنفيذ دون الآخر؟
إن تناقض حكمين وعُرض النزاع لمرة ثالثة على قاض أخر فلا يجوز له إتقاءً لتأبيد الخصومات أن يتصدى للفصل في النزاع مجدداً ، بل عليه أن ينفذ الحكم الأول وحده ويلتزم بحجيته ولا يعتد بالتالى .
حيث قضت محكمة النقض:-
إذ كان البين من الأوراق أن الحكم المدفوع بحجيته الصادر في الدعوى رقم ..... لسنة 2002 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية قد قضى برفض طلبات المطعون ضدهما بإلزام الطاعنين بتسليم أرض ومبانى الفندق محل التداعى وعقدى البيع المؤرخين / / والتعويض تأسيساً على ثبوت ركن الخطأ في جانبهما بشأن هذين العقدين ، وإذ صدر هذا القضاء لاحقاً ومناقضاً للحكم الصادر في الدعوى رقم ..... لسنة 1995 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية والمردده بين الخصوم أنفسهم وعن ذات الموضوع والذى خلُص إلى أن الطاعنين هم من أخلوا بتنفيذ التزاماتهم المترتبة على العقود الثلاثة المؤرخة / / ، فإنه يكون منعدماً لا حجية له ، ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن الدفع المبدى من الطاعنين في هذا الخصوص ، ويكون النعى عليه بهذا السبب ( بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع لالتفاته عن دفعهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ) على غير أساس
إن مبدأ حجية الأحكام القضائية هو أحد المبادئ الأساسية التى يقوم عليها النظام القضائي وقد حرص المشُرع على الالتزام بهذا المبدأ الذى قوامه قرينه الصحة في الأحكام القضائية ، وهى ليست قرينه حتمية فما أعوز القضاة للعصمة بيد أن المشرع أطلقها رعاية لحسن سير العدالة وإتقاءً لتأبيد الخصومات وتجنباً لتضارب الأحكام القضائية بما يخل بالثقة العامة في أحكام القضاء ، وفى سبيل ذلك وإدراكاً له فقد حال المشرع في المادة (101) من قانون الإثبات بين صدور قضاء جديد مخالف لقضاء سابق حاز قوة الأمر المقضى عن ذات الحق وبين الخصوم أنفسهم . كما استهدف الحيلوله دون استقرار أى قضاء جديد يصدر بالمخالفة لحجية حكم سابق بأن أجاز في المادة 249 من قانون المرافعات الطعن بالنقض لهذا السبب على أى حكم إنتهائى أياً كانت المحكمة التى أصدرته ، بما مفاده أنه يترتب على صدور حكم سابق نهائي وحائز على قوة الأمر المقضى إنكار لسلطة أيه محكمة بعد ذلك في إعادة نظر النزاع لتعلق ذلك بالنظام العام ، فإذا ما تجاوزت المحكمة حدود سلطتها وتصدت لنظر النزاع وقضت فيه على خلاف الحكم السابق فإن حكمها يكون صادراً في خصومه قد انتهى محلها وسببها ، مفتقداً بذلك لأحد أركانه الأساسية التى قوامها صدوره من قاضى له ولاية الفصل في خصومة مستكمله المقومات أطرافاً ومحلاً وسبباً وفقاً للقانون ، بما يجرده من مقومات صحته ويفقده كيانه وصفته لحكم ويطيح بما له من حصانة وينحدر به إلى درجة الانعدام .
طعن رقم 9106 لسنة 81 ق جلسة 7/4/2013
ويجب أن ننوه هنا أن الأمر يتعلق بتعارض حجية حكمين صادرين من جهة قضائية واحدة وليس جهتين مختلفتين (كالقضاء العادى وقضاء مجلس الدوله ) فهذا الفرض الآخير مناط اختصاصه اعمال نص المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية التى تنص على
تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما ياتي :
اولا: الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.
ثانيا: الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء او الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وذلك اذا رقعت الدعوى عن موضوع واحد امام جهتين منها ولم تتخل احداهما عن نظرها او تخلت كلتاهما عنها.
ثالثا: الفصل في النزاع الذي يقوم بشان تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر احدهما من اية جهة من جهات القضاء او هيئة ذات اختصاص قضائي والاخر من جهة اخرى منها
والله أعلم
ربنا آتنا من لنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا
مجدى أحمد عزام
المحامى بالنقض