وظائف القضاة في أصول المرافعة وترجيح أحد البينات
للعلامة الحسن بن الحسن بن المثنى الملقب بصدقي الرومي
دراسة وتحقيق
من أول الكتاب إلى نهاية المقصد الثاني
د/ سعد بن عمر الخاشي
الأستاذ المساعد بقسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء
مقدمة:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستَغفِره، ونَعُوذ بالله من شُرور أنفسنا، وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آلِه وصحبه أجمعين.
أمَّا بعدُ:
فإنَّ العُلُوم الشرعية وإن تبايَنَتْ درجاتها، واختلفَتْ مَراتِبها، وعَظُمَتْ عند النُّفوس أقدارها، فإنَّ علم الفقه له من ذلك القدح المُعَلَّى، والسبق المُجلَّى، وقد شَمَّر العلماء في مِضماره عن ساق الجدِّ والعناية، وأَكَبُّوا على تحصيله بإتقان الرِّواية والدِّراية، فكان نِتاج ذلك حركة علمية شرعية لم يشهد لها التاريخ مَثِيلاً، ولم يكن لها بين الأُمَم نظير، وذلك من فضل الله على هذه الأمَّة، فإنَّ العُلَماء هم ورَثَة الأنبياء؛ إذ تعلَّموا العلم وعَلَّموه، ونشَرُوه وصنَّفوا فيه الأسفار الضخمة حاوِيَة لتفاصيل الأحكام الشرعيَّة في عُمُوم أبواب الفقه وخصوصه، وإنَّ مباحث القضاء وتَوابِعَه من الدَّعاوى والأيمان والشهادات من أعظم المَباحِث وأجلِّها؛ فهي المَفزَع - بعد الله - للقُضَاة، بها يعرف القاضي أصول الحكم وسماع الدَّعاوى والبيِّنات والشَّهادات، والفصْل بين أهْل الخصومات.
وقد وقَفت على كتابٍ فرِيدٍ في بابه، شامل في موضوعه، عنوانه: "وظائف القُضَاة في أصول المُرافَعَة وترجيح أحد البيِّنات"، لمؤلفه الحسن بن الحسن بن المثنى الحسيني الملقَّب بصدقي الرومي العالم الحنفي الكبير، وقاضي قُضَاة اليمن ونائب لواء الحديدة، طُبِع الكتاب قديمًا طبعة حجرية مكتوبة بخطِّ اليد في بومباي سنة 1291 هـ؛ أي: منذ ما يَقرُب من مائة وأربعين سنة، غير أنَّ الكتاب مع جودته عَزَّ وجودُه هذه الأيَّام، ولم يتيسَّر لطلبة العلم والمهتمِّين بالكِتابات المُختَصَّة في مجال القضاء إلا نُسَخ مَعدُودة حوَتْها أقسام نَوادِر الكتب في المكتبات، فلمَّا وقفت عليه استَخَرتُ المولى - جلَّ وعلا - في إخراج الكتاب مُحَقَّقًا في حُلَّة قَشِيبة، مقسمًا بين مجموعةٍ من الزُّمَلاء، مع مُراعَاة أصول التحقيق العلمي المعروف، فكان هذا القسم التحقيقي الأوَّل "من أوَّل الكتاب إلى نهاية المقصد الثاني".
أهميَّة الكتاب وأسباب اختياره:
تظهر أهميَّة الكتاب وأسباب اختياره فيما يأتي:
1 - موضوع الكتاب وتعلُّقه بالقضاء واشتِماله على أكثر مسائله.
2 - منزلة مؤلِّف الكتاب؛ إذ يُعَدُّ من كِبار رِجالات الدولة العثمانية، وقد جمع الله له بين رِئاستَيْن: نيابة لواء الحديدة، وقاضي قُضَاة اليمن.
3 - الإسهام في إخراج الكتاب في حُلَّة جديدة بعد أن كاد يَندَرِس وينقَطِع من أيدي الناس.
4 - أنَّ الكتاب يُعَدُّ من آخِر ما كتب عُلَماء الحنفيَّة في مجال القضاء، ومن رجل باشَر القضاء زمنًا طويلاً، وتولَّى أعلى مناصبه.
5 - الفوائد المرجوَّة من تحقيق الكتاب، لعلَّ من أهمِّها ما تُضِيفه للباحث من إضافات علميَّة قيِّمة في المجال البحثي القضائي.
خطَّة البحث:
قسمت هذا البحث قسمين:
القسم الأول: القسم الدراسي.
القسم الثاني: القسم التحقيقي.
أمَّا القسم الدراسي فقد اشتَمَل على مبحثَيْن:
المبحث الأول: حياة المؤلف، وفيه ستة مطالب:
المطلب الأول: عصر المؤلف (الحكم العثماني لليمن).
المطلب الثاني: اسم المؤلف، ونسبه، ونشأته.
المطلب الثالث: شيوخه، وثناء العلماء عليه.
المطلب الرابع: مناصبه.
المطلب الخامس: مؤلفاته.
المطلب السادس: وفاته.
المبحث الثاني: التعريف بالكتاب، وفيه ستة مطالب:
المطلب الأول: إثبات نسبة الكتاب إلى المؤلف.
المطلب الثاني: تعريف مُوجَز بالكتاب، وثناء العُلَماء عليه.
المطلب الثالث: منهج المؤلف في الكتاب.
المطلب الرابع: مَوارِد المؤلف في كتابه "قسم التحقيق".
المطلب الخامس: وصف نسخة الكتاب المطبوعة.
المطلب السادس: مَحاسِن الكتاب، والملحوظات عليه.
وأمَّا القسم الثاني (القسم التحقيقي)، فيقع في عشرة ألواح (عشرين صفحة)، متوسط كل صفحة 21 سطرًا، متوسط كل سطر 12 كلمة.
وقد اشتَمَل القسم على ما يأتي:
دِيباجة وبيان سبب التأليف.
بيان ترتيبها على مقدمة وثلاثة مطالب:
أمَّا المقدمة ففي القضاء وأهله.
مطلب: كتاب سيدنا عمر - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضِي الله عنه - في ذلك.
مطلب: بيان مَن فُرِض عليه القضاء ومَن حَرُم.
مطلب: الأَوْلَى أن يكون القاضي مجتهدًا.
مطلب: للمولى أن يَتَمحَّض فيمَن له الأهليَّة.
مطلب: تقلُّد القضاء بالرِّشوة أو بالشُّفَعاء.
مطلب: أن يقضي بالكتاب والسنَّة والاجتهاد.
مطلب: أن يعرف المتواتر والمشهور.
مطلب: إن كان من أهل الاجتهاد يقضي برأيه.
مطلب: أن يتَّقي الله.
مطلب: ألاَّ يُتْعِب نفسه بطول الجلوس.
مطلب: ألاَّ يَعْجَلَ في الحكم؛ لأجل الصلح.
مطلب: أن المفتي مثل القاضي.
مطلب: هل يقضي بعلمه في الحادثة قبل قضائه أو بعده أو أوانه؟
مطلب: لا يجوز للقاضي أن يقول: أقرَّ عندي بكذا.
مطلب: لا يجوز القضاء لنفسه، ولِمَن لا تقبل الشهادة منه.
تذييل: شروط القضاء إذا استجمعت.
المطلب الأول: في الدعوى وفيه أربعة مقاصد:
المقصد الأول: في الدعوى.
مطلب: تفسير الدَّعوَى، وبيان ركنها، وشروطها عِدَّة أشياء.
مطلب: لا يصحُّ التوكيل إلا برضا الخصم.
مطلب: السابع التناقُض.
مطلب: التناقُض على نوعين: خفي وظاهر.
مطلب: حكم الدعوى.
مطلب: أنواع الدعوى.
مطلب: معرفة المُدَّعي والمدَّعى عليه.
المقصد الثاني: فيما يتعلَّق بالدَّيْن.
مطلب: أحكام الديون تختلف باختلافها.
مطلب: لا يكفي في السلم ذكرُ السلم الشرعي.
مطلب: لو قال: بسبب بيع صحيح، جاز.
مطلب: بيان صحَّة دعوى القرض.
مطلب: لا يكون الحساب بينهما سببًا.
مطلب: دعوى الحنطة والشعير بالأمناء.
مطلب: دعوى الذرة والْمَجِّ وغيرهما.
مطلب: دعوى الذهب والفضة.
مطلب: دعوى الدقيق بالقفيز.
مطلب: اعتبار العرف بالوزن.
مطلب: يذكر نوعه وصفته.
مطلب: إن كان في البلد نقود مختلفة.
مطلب: دعوى سبب القرض والاستهلاك في الذهب والفضة.
مطلب: أن يذكر من ضرب أيِّ والٍ.
مطلب: إن لم يكن مضروبًا.
مطلب: إن كان المدَّعَى به نُقْرَة.
مطلب: إن كانت الدراهم مضروبة والغشُّ فيها غالبًا.
مطلب: في دراهم زماننا لا تصحُّ الدعوى إلا بكذا.
مطلب: مائة عدالية غصبًا.
مطلب: دعوى الدَّيْن على الميت.
مطلب: وفي دعوى الدَّين على التَّرِكة لا بُدَّ من بيانها.
مطلب: دعوى المال بسبب الكفالة.
مطلب: دعوى لُزُوم المال بسبب البيع والإجارة.
مطلب: دعوى مال الإجارة المفسوخة.
مطلب: دعوى مال الإجارة لا يشترط التحديد.
منهج التحقيق:
اتَّخذت من النسخة الحجرية المكتوبة بخطِّ اليد والمطبوعة سنة 1291هـ في حياة مؤلِّفها أصلاً؛ حيث لم يُطبَع الكتاب غير هذه الطبعة وعلى ذمَّة مؤلفها - ما يعني: إشرافه وتحت مسؤوليته دون أدنى مسؤولية على الطابع - كما جاء في طُرَّة الغِلاف وخاتمة الطبع، وقد جاءَتْ هذه النسخة كاملة، ولا يُوجَد فيها ما يُخالِف ما عليه المذهب الحنفي، وقد قام المؤلف بعد ذلك بسَبْعَ عَشْرَة سنة في عام 1307هـ بترجمة كتابه بنفسه إلى اللغة التركية القديمة، التي كانت تُكتَب بالحروف العربية قبل سقوط الخلافة، ثم بُدِّلت بعد ذلك بالأحرف اللاتينية.
حافَظتُ على نصِّ الكتاب من التعديل والتغيير، إلا إذا ظهر لي وجود سقْط أو خطأ في العبارة لا يستقيم معها الكلام، فأُصَوِّب ذلك بين معقوفتين [] مع توجيه ذلك في الهامش، لا سيَّما أنَّ ناسخ الكتاب أعجمي غير مُجِيد للعربية.
قُمتُ برسم الكتاب بالرسم الإملائي الحديث.
أعجمت ما أهمَلَه الناسخ من كلمات مع عدم الإشارة لذلك إلا عند اختلاف المعنى.
ضبطت من الكلمات بالشكل ما أخشى معه من التِباسِه بغيره.
ربطت الكتاب بمصادره التي أفاد منها مُباشَرة، وفي حال تعذُّر ذلك فإني أربِط ذلك بأقرب المصادر له.
خرَّجت الأحاديث والآثار الموجودة في القسم المحقَّق، فأذكر مَن خرَّجه بذكر الكتاب والباب - إن وُجِد - والجزء والصفحة، ورَقْم الحديث - إن وُجِد - ودرجة الحديث من حيث الصحَّة والضعف.
وضعت عناوين جانبيَّة مُساعِدة كما في أصل الكتاب لتوضيح صورة المسائل.
عرَّفت بالكتب التي وردت في الكتاب.
ترجمت للأعلام غير المشهورين ترجمة مُوجَزة.
ثبت المصادر والمراجع:
وضعت فهارس فنيَّة للقسم المحقَّق من الكتاب، وهي:
فهرس الأحاديث والآثار.
فهرس الأعلام المُترجَم لهم.
فهرس الغريب.
فهرس الأعلام.
واللهَ أسألُ أن يُتمِّم هذا العمل بإخراجه كاملاً، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
القسم الأول: القسم الدراسي
المبحث الأول
حياة المؤلف
المطلب الأول: عصر المؤلف (الحكم العثماني لليمن)[1] الفترة الثانية
تشجَّع العثمانيون سنة 1265 هـ، فأنزلوا قُوَّة حربية في الحديدة[2] على ساحل البحر الأحمر؛ لاستِرجاع سيطرتهم الفعلية عليها، وهم وإنْ نجحوا في ذلك إلاَّ أنَّ النجاح لم يُحالِفْهم في السيطرة على صنعاء، على الرغم من الفَوْضَى السياسية في اليمن؛ نتيجة حال التَّخاذُل، والفشل، والتَّقاتُل، والتَّنافُس بين الأئمَّة الزيديِّين على الإمامة، ومع ذلك استَطاعَتْ بعض القبائل اليمنية التي حَرَّضها الإمام عليُّ بن المهديِّ أنْ تُلحِق الهزائم بالقوَّات العُثمانية في صنعاء وما جاوَرَها، فارتدَّتْ فُلُولُهم المُنهَزِمة التي أعياها الجهد والتعَب إلى مركزهم في لواء الحديدة؛ حيث قنعوا في البقاء في منطقة تِهامة، وتحديدًا في الحديدة، بعيدًا عن ثَورات القبائل اليمنيَّة، ولكَوْن مدينة الحديدة يقطنها أخلاطٌ من العرب والهنود والفرس والأتراك، وكي يبقوا قريبين من مراكز التموين والإمدادات في الحجاز ومصر، والتي كانت تصلهم عن طريق البحر الأحمر.
استمرَّ الحال على ما هو عليه، فما أن تتقدَّم القوَّات العثمانية إلى صنعاء وما جاوَرَها، وتُحَقِّق مَكاسِب ميدانيَّة، حتى تُباغِتهم الجموع القبَلِيَّة، فيَكسِروا شوكتهم، ويُلحِقوا بهم الخسائر، حينئذٍ صدرت الأوامر من الأستانة سنة 1289هـ إلى الوالي العثماني القوي أحمد مختار باشا بالتوجُّه إلى صنعاء بجموع كبيرة وعدَّة كثيرة؛ وذلك بُغيَة إخضاع صنعاء وما حولها للسلطة العثمانية، فتحقَّق له ما أراد، فرجفت القلوب هَيْبَةً للعساكر العثمانية، واستَطاع أحمد باشا إخضاع اليمن فعليًّا لسلطة الدولة العثمانية، سالكًا أسلوب العنف والشدَّة والقسوة في إخماد القبائل اليمنية وثوراتها، فصَدَرَ الأمر السلطاني بتعيين القائد أحمد مختار باشا واليًا على اليمن، من قِبَلِ الخليفة العثماني عبدالعزيز سنة 1289هـ، فعاد أحمد مختار باشا بعد ذلك إلى الحديدة، فاهتَمَّ بها الأتراك، وجعَلُوها قاعدةً مهمَّة، وصَيَّروا ميناءَها الأوَّل لليمن، فغدت الحديدة إحدى أهم المدن اليمنية، وقاعدة لواء الحديدة الذي يَضُمُّ مُدُنًا وقُرًى كثيرة.
لم يَدُمْ الأمر للأتراك طويلاً، فقد ضاقَ اليمنيُّون ذَرْعًا بالحكم العثماني، لقد كانت السياسة التي انتَهجَها الأتراك تجاه أهل اليمن مُوغِلَة في الإذلال والإهانة، والعنف والقسوة، إضافةً إلى ما كان عليه بعض الأتراك من الانحِلال الخلقي ومُمارَسة المحرَّمات وتَعاطِيها في العَلَنِ، وما يتحلَّون به من عادات غير مُلتَزِمة بالأخلاق الإسلامية المُحافِظة والقريبة الشبه من الأوربيين، ولإِنْ كان الإمام الشوكاني - رحمه الله - قد صوَّر لنا بعض تلك المشاهد ممَّا نقَلَه عمَّن عاصَر فترة الحكم العثماني الأولى من مُضايَقة الناس، وقتْل النفوس، وهتْك الحرام، ونهْب الأموال، والظلْم الذي ضرَب بأَطنابِه، والفساد الذي كان عليه بعض الجند ممَّا يُمكِن أن يُمَثِّل الجوْر في أعلى مَعانِيه، كلُّ ذلك حَادَ بأهل العلم والفَضْلِ إلى التفرُّق في البلدان، وحثَّ الناس على الجِهاد وحَرْبِ الأتراك، فإن فترة الحكم الثانية قد جاوزتها في شتَّى أنواع الظُّلْمِ والجَوْرِ، ولم يكن أهل العلم والفضل بمنأًى عن ذلك الجَوْرِ؛ لقد قام القائد التركي أحمد مختار باشا بسجن أكثرَ من أربعين عالِمًا من كِبار عُلَماء اليمن، وأُرسِلوا إلى الحديدة، وسُجِنوا مُدَدًا متفاوتة، منهم مَن قضى نحبه، ومنهم مَن لبث في السجن بضع سنين، حتى تولَّى على اليمن القائد العثماني إسماعيل حقي باشا سنة 1295هـ، فأمر بالإفراج عمَّن بقي في السُّجون من العُلَماء[3].
استمرَّ الحكم العثماني على اليمن حتى سنة 1336هـ، تخلَّل تلك الفترة عددٌ من الثورات والقَلاقِل حتى أخلى الأتراك اليمن، وانسحَبُوا منه بأمرٍ من السلطان محمد، إثْر هزيمة الدولة العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى.
المطلب الثاني: اسم المؤلف ونسبه ونشأته
هو السيِّد الحسن بن الحسن بن المثنى الحسيني الملقب بصدقي[4] الرُّومي[5].
وفي كتابنا هذا يقول المصنِّف في مقدِّمته: "فيقول العبد الفقير السيِّد حسن صدقي"[6]، فمؤلِّف الكتاب سيِّد شريف حسيني.
أمَّا مولده فلم تذكر مَراجِع ترجمته سنة مولده، ولا وفاته، ولا نشأته، غير أنَّه يُمكِننا القول بِناءً على ما ذكَرَه المؤلف: إنَّه فرغ من الكتاب سنة 1289هـ، وما جاء في آخر الكتاب من تَقارِيظ لمجموعةٍ من عُلَماء عصره، منهم: مفتي العساكر مولانا باش إذ يقول: "ولا غرو مع حَدَاثة السن بما ظهر منه"[7] ويُمكن أنْ نُقَدِّرَ الفترة التي وُلِد فيها المصنِّف في مقدمته: "من عنفوان شبابي قد ابتلاني بالإفتاء بمدينتنا دارندهْ"[8].
و(دارنده) مدينة تركية تقع في جنوب الأناضول.
وقد نشأ المؤلف نشأة علمية، وفي هذا يقول العلامة محمد أمين العباسي الحجازي مُقَرِّظًا المصنف: "فالمولى المُومأ إليه ممَّن في العلوم قد نشأ وترعرع، ورَوَى من مِياه مَعقُولها ومَنقُولها وتضلَّع، فاستَفاد وأفاد، ونشر فضله؛ حيث حلَّ من البلاد، وأُذِنَ له بالفتيا في وطنه مُدَّة وفيرة، وتقلَّد الحكم، وأحكم أمره في أمصار كثيرة"[9]، ويؤيِّد ذلك قول المصنِّف: "من عنفوان شبابي قد ابتلاني بالإفتاء بمدينتنا دارندهْ، ثم أتمَّ عليَّ من القضاء ما شاء الله عنده"[10].
المطلب الثالث: شيوخه وثناء العُلَماء عليه
تقدَّمت الإشارة إلى أن مصنِّف الكتاب نشأ وترعرع في طلب العلم، ولم تذكر مصادر ترجمته أحدًا من شيوخه الذين طلب العلم عليهم وأفاد منهم، غير أن المصنِّف ذكر في ديباجة الكتاب شيخًا له؛ حيث قال: "قد أُوصِيت من شيخنا العلامة كنز العلوم الفهَّامة محمد صالح القصري الشهير بطرون أفندي".
ثناء العلماء عليه:
يظهر جليًّا من خلال تقريظ العلماء الذين امتَدحوا هذا الكتاب وأثنوا عليه تبجيلهم وتقديرهم للمؤلف، وسأُورِد جملةً من عبارات الثناء والمدح لمؤلف الكتاب - مع ما حواه بعضها من ثناء مُبالَغ فيه - ومن أبرز الذين قرَّظوا لهذا الكتاب العلاَّمة محمد أمين العباسي الحجازي؛ إذ يقول مادِحًا صاحب الترجمة: "العالم الفاضل، النِّحرير الكامل، نائب لواء الحديدة مركز ولاية اليمن، السيد حسن أفندي الصدقي... فالمولى المُومَأ إليه مِمَّن في العلوم قد نشأ وترعرع، ورَوى من مِياه معقولها ومنقولها وتضلَّع، فاستَفاد وأفاد، ونشر فضله حيث حلَّ من البلاد، وأُذِن له بالفُتيا في وطنه مُدَّة وفيرة، وتقلَّد الحكم وأحكم أمره في أمصار كثيرة"[11].
ويقول مفتي الحديدة العلاَّمة محمد بن عمر السندي الحنفي: "ومحرِّرها - يعني: هذه الرسالة - وناظم عقدها سيِّدنا السيد العلاَّمة الحبر الذي لا يُمارَى في تحقيق العلوم، والبحر الذي لا يُجارَى في تدقيق الفهوم، الإمام النِّحرير، مالك أَزِمَّة التقرير والتَّحرِير، المُتَضلِّع من علوم الشريعة، وحامِل لوائها على الحقيقة، بهجة الزمن مولانا الحسن بن الحسن"[12].
وممَّن أثنى عليه كذلك القاضي محمد بن عمر الحكمي؛ إذ يقول: "مولانا قاضي القُضَاة بقطر اليمن الميمون، الإمام العلاَّمة، والجِهبِذ الفَهَّامة، الواقِف بمواقف المعقول والمنقول، العارف بمفارق الفروع والأصول، السيد الشريف الحسن بن الحسن الملقب (صدقي)"[13].
ويَقول العلاَّمة يحيى بن محمد مكرم: مولانا العلاَّمة فصل الأحكام، شرف الإسلام، نائب القُضَاة بقطر اليمن، السيد الشريف الحسن بن الحسن الملقب صدقي"[14].
ويقول الفقيه علي بن عبدالله الشاميك: "مولانا السيد الخطير، والإمام النِّحرِير، نائب الشرع الشريف - أعزَّه الله تعالى -: السيد الحسن بن الحسن صدقي"[15].
وفي صورة ما قرَّره الشيخ محمد بن أحمد في تقريظه: "السيد الجليل العلاَّمة، والشريف النبيل الفهَّامة، قاضي قُضَاة اليمن"[16].
وفيما قرَّره الشيخ سعيد الأنصاري: "مولانا وسيدنا القاضي العلاَّمة... تحفة الأُدَباء، وخِزانة ذخائر النُّجَباء، السيد الجليل، مُستَحِقُّ التبجيل، أقضى القُضَاة في اليمن، وعُمدَة الحُكَّام المُرتَضَى في هذا الزمن، السيِّد الحسن بن الحسن المثنى الحسيني الملقب الصدقي"[17].
وفيما قرَّره مفتي العساكر مولانا باش في تقريظه؛ حيث يقول: "لَوذَعِيُّ زمانِه، أَلْمَعِيُّ أوانِه، الفاضل اللَّبِيب، والكامل الأديب... ولا غرو مع حَداثَة السنِّ بما ظهر منه"[18].
المطلب الرابع: مناصبه[19]
اشتَغَل مؤلِّف الكتاب في عنفوان شبابه وطلبه العلم بالإفتاء في مدينته، وأُذِن له بالفُتيَا في وطنه مُدَّة وَفِيرة، ثم بعد ذلك تولَّى القضاء ورحل في البُلدان، فأفاد واستَفاد، ونشر فضله حيث حلَّ من البلاد، وتقلَّد الحكم وأحكم أمره في أمصار كثيرة، فجمَع الله له بين ولايتين: فتولى منصبَ نائب لواء الحديدة، وكبير قُضَاة اليمن.
ومنصب النيابة الذي تولاَّه المؤلِّف يقوم على مساعدة الوالي، وتقديم المشورة له في الأمور المتعلِّقة بالجانب الديني والشرعي، ويَتِمُّ تنصيب النائب من قِبَلِ مشيخة الإسلام في بادِئ الأمر ثم بإرادة سنيَّة، ويُراعَى فيه أن يتحلَّى بعددٍ من الصِّفات التي تُؤَهِّله لذلك؛ ولهذا كان يشتَرط فيه - وَفْقًا للتعليمات الصادرة بهذا الخصوص - أن يَكون من كِبار عُلَماء الولاية المشهورين، والمشهود لهم بالدِّراية، وحسن الرأي والمشورة، وأن يكون ثاقِبَ النظر، وعلى اطِّلاع واسع بعلوم الشريعة؛ حيث كان يشغل منصب رئيس محكمة الولاية، أو ما يُسمِّيه البعض - كما تقدَّم في التقريرات السابقة - أقضى قُضَاة البلد[20].
المطلب الخامس: مؤلفاته
كلُّ الذين ترجموا للمؤلِّف لم يذكروا غيرَ كتابه هذا محلَّ التحقيق، إلاَّ أن المؤلِّف أشار في آخِر الكتاب إلى رسالة فقهيَّة له بعنوان: "مأخذ القُضاة عند التعارُض ترجيح أحد البيِّنات"، ويظهر من توصِيفه للرسالة أنَّها مَبسُوطة مُطَوَّلة؛ حيث اهتمَّت ببيان أسباب الترجيح وأدلَّته، وفي ذلك يقول: "وأمَّا صُوَر المسائل مع بيان أسباب الترجيح وأدلَّته، فقد قضَت الوطر عنها رسالتُنا الفقهيَّة المسمَّاة: مَأخذ القُضَاة عند التعارُض ترجيح أحد البيِّنات، مَن أرادها فليراجعْها".
المطلب السادس: وفاته
لم تذكر المصادر التي ترجمت للمؤلف سنة وفاته، وقد جاء في آخِر الكتاب أن المؤلف فرَغ من كتابته في التاسع والعشرين من شهر جُمادَى الأولى سنة 1289 من الهجرة النبويَّة - على صاحبها أفضل الصلاة والسلام - وفي آخِر الكتاب المطبوع طباعةً حجريةً سنة 1291هـ: "طُبِع... على ذِمَّة مصنِّفه وهو مولانا وسيدنا الحسن بن الحسن صدقي متعه الله بطول حياته"، وقد عاش المؤلف بعد ذلك حتى سنة 1307هـ يقينًا؛ حيث ترجم بنفسه كتابه هذا باللغة التركية القديمة، وطبَعَه (بعد قرابة 19 عامًا من تأليفه كتابَه بالعربية)، هذا كلُّ ما أستطيع إثباته.
المبحث الثاني: التعريف بالكتاب
المطلب الأول: إثبات نِسبَة الكتاب إلى المؤلِّف
لا شكَّ في صحَّة نسبة الكتاب إلى مؤلِّفه، فالكتاب قد طُبِع في حياته وعلى ذِمَّته، كما جاء في خاتمة الطبع سنة 1291 هـ، كذلك أجمعت كلُّ المصادر التي ترجمت للمؤلف ترجمةً مُوجَزة على إثبات تلك النسبة، وإن اختلفت يسيرًا في اسم الكتاب، ومن هذه المصادر:
1 - "هدية العارفين"، وفيها سماه: "وظائف القُضَاة في أصول المرافعة وترجيح البينات"[21].
2 - "إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون"، وفيه سمَّاه: "وظائف القُضَاة في أصول المرافعة وترجيح البينات"[22].
3 - "الأعلام"، وفيه سمَّاه: "وظائف القُضَاة وترجيح البينات"[23].
4 - "معجم المؤلفين"، وفيه سمَّاه: "وظائف القُضَاة في أصول المرافعات وترجيح البينات"[24].
إضافةً إلى ذلك ما ذكَرَه المؤلِّف في مقدمة كتابه: "فيقول العبد الفقير... السيِّد حسن صدقي... وسمَّيتها: (وظائف القُضَاة في أصول المرافعة وترجيح أحد البينات)"[25].
المطلب الثاني: تعريف مُوجَز بالكتاب، وثناء العلماء عليه
كتاب "وظائف القُضَاة" كما يظهر من اسمه مُتَعلِّق بالقضاء ومَسائِله وتَوابِعه، صنَّفَه المؤلِّف ليكون دستورَ عمل، وأصبحت جميع المعاهد عولاً على ما أوضح[26]، وكشَف للمتوظِّف أسرار مُتَعلِّقات القضاء، فكان وافيًا في بابه، جمَع مسائل القضاء والدَّعاوَى والأَيْمان والشهادات فأوعى، فلا يستَغنِي عنه مَن ابتُلِي بالقضاء والفتوى، وقد أطنب المقرِّظون لهذا الكتاب، ولكنَّها لهجة من المَدِيح، فدبَّجوا من عِبارات الثناء والإطراء ما يُمكِن أن يخرج به إلى سبيل المبالغة الزائدة.
ثناء العلماء على الكتاب:
1 - جاء في صورة ما كتَبَه العلاَّمة محمد أمين العباسي الحجازي: "فقد أطلَعَنِي العالم الفاضل النِّحرِير الكامل، نائب لواء الحديدة مركز ولاية اليمن، السيِّد حسن أفندي صدقي... على هذه الرسالة النافعة، فوجدتُها جامعة مانعة، لا يَستَغنِي عنها مَن ابتُلِي بالقضاء والفتوى، ونتج بها ما كان أن يكون عقيمًا من الدعوى"[27].
2 - وفي تقرير السيِّد العلاَّمة محمد بن عبدالله الزواك الحسيني: "فقد وُفِّقتُ للوقوف على هذا المؤلَّف المُستَطاب، المُشتَمِل على وظائف القُضَاة، الكافِل لِمَن عمل بما فيه من ربِّه بعماد الرضا، فرأيته مؤلَّفًا في بابه قد جمَع فأوعَى، وأجاد مؤلِّفه في ترتيبه وضعًا، وأحسن صُنعًا، جمع بدائع الفوائد وفوائد البدائع، وكفل لِمَن قام بوظيفة الأحكام بالحلِّ لمشكلات الوقائع، يُستَغنَى به في هذا الشأن عن الكتب الحافلة، ويُكتَفَى بما فيه من النُّقول المعتمَدَة الفاضلة... وحين نزهت طرفي في حدائِقِه، وأجَلتُ فِكرِي في رِياض حقائقه ودقائقه، حمدت الله - تعالى - وشكرته ما منح وفتح وشرح الصدر بما أفاض فانشرح"[28].
3 - وجاء في تقرير العلاَّمة القاضي محمد بن عمر الحكمي: "أمَّا بعدُ، فإنِّي أمعنتُ في النظر القاصر، وذلك فيما تضمَّنه هذا الكتاب من النُّقولات من الأوائل والأواخر... رأيتُه قد كشف للمتوظِّف أسرارَ متعلِّقات القضاء من دائر قضاء الأحكام، وابتَكَر له بفكره الصائب ما هو أبهى وأغلى من الحُورِ الحسان، لم يطمثهنَّ إنسٌ قبلَه ولا جان، ولَعَمرِي إنَّ هذا المصنَّف جديرٌ بأنْ يُكتَب بماء العُيُون، وأن يُبذَل في تحصيله المال والأهل والبنون..."[29].
4 - وفي تقرير العلاَّمة الفقيه يحيى بن محمد مكرم: "وبعدُ، فإنِّي وقفت على ما حرَّره مولانا العلاَّمة... فرأيتُه من التحقيق بمكان التَّمام، وافيًا بمتعلقات القَضاء من دائر قضايا الأحكام، كهفًا حَصِينًا لِمَن لجأ إليه، عمدة في حلِّ المشكل لِمَن اعتَمَد عليه، حاوِيًا للُبَاب المنقول، مشتَمِلاً على صفوة النُّقول"[30].
5 - وفي تقرير العلاَّمة الفقيه علي بن عبدالله الشامي: "فإن ممَّا مَنَّ الله - تعالى - به - وله الحمد - على الحقير بمُطالَعة ما حرَّره مولانا... من الرسالة النافعة، الجامعة المانعة، فرأيتُها في غايَة التحقيق والتدقيق، قد حوَتْ من علوم الأحكام اللُّبَاب، وكشفَتْ عن مُخَدارت قضايا الأنام النِّقاب، مع حسن سباق، وإحكام سياق، يُبهِر عقول أولي الألباب... فقد أبانَتْ مَشارِف أنوارها عن فضل مؤلفها..."[31].
6 - وفي تَقرِيظ العلاَّمة محمد عابد عبدالقادر نائب جبل ريمه: "أمَّا بعدُ، فإنِّي تطفَّلت واطَّلعت على كتاب "وظائف القُضَاة" مؤلَّف سيدنا ومولانا... فللَّه قلمه وما فعل، لم يترك من المسائل الشرعية طريفة إلا حَوَاها، ومن الوقائع صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فوَقَفتُ على ما فيه من بدائع الفنون وقوفَ شحيحٍ ضاعَ في التُّرْبِ خاتمُه... وربَّما غلب اللاحق السابق..."[32].
7 - وفي صورة ما كتب مُفتِي العساكر مولانا باش: "فوجدت مُخَدراتها تجلُّ على أنْ يُدرِكها طرف يكلُّ، صحَّحت من جوامع كتب الفقه تصحيحًا، ورجَّحت بنصوص التأييد ترجيحًا، حاوِيَة لأصول الفقه أفنانًا، جامعة لمسالك المنطوق والمفهوم عنانًا..."[33].
8 - وفي تَقرِيظ السيد محمد بن أحمد الخطيب: "وبعد، فقد شرَّفنِي الله تعالى - وله الحمد على الإنعام - بالوُقُوف على وَظائِف القُضَاة القائِمين بتَنفِيذ الأحكام، وهو كتاب حسن، من سيِّد شريف حسن، حوى نقولاً مقبولة وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، طالعتُه فرأيته كتابًا ائتَلَف فرائد الفوائد، وأجلت طرف طرفي في ميادين سُطُوره المرصَّعة من جواهر النُّقول بسُمُوط الفرائد، أبدَى فيه مؤلِّفه من خَبايَا الزَّوايَا ما يَفُوق نفائس الدُّرَر، وأغنى به عن كلِّ بسيط ووسيط ومختصر، قد أصاب الصواب فيه... وقد أجاد المقال، كيف لا وقد سهَّل لِمَن وَلِي القضاء كلَّ مَعقُود، وجمعت مطالبُه من الذخائر ما هو أغلى من لآلئ العُقُود، وعبَّرَتْ عباراتُه عن إحاطة مُصَنِّفه وسَعَة اطِّلاعه..."[34].
المطلب الثالث: منهج المؤلف في الكتاب
أشار مُؤَلِّف الكتاب في مقدِّمته إلى أن الكتب المُصَنَّفة المُتداوَلة مسائلها دُرٌّ مَنثُور، فبعضُها طارح شطر المسائل، وأكثر الكتب انطَوَى على رِواياتٍ مُتعارِضة الدلائل منها مسائل الدعوى والشهادات، فلا يكاد يُمَيَّز الصحيح منها عن الفاسد، وإنَّ صاحب البيت أدرى بما فيه، ثم بيَّن منهجيَّته التي اتَّصفت بما يأتي:
1 - الشموليَّة في الموضوع، والترتيب بين المسائل.
2 - احتِواء الكتاب على مُعظَم الرِّوايات الصحيحة والفتاوى التي اتَّفَق عليها الفحول.
3 - تَضمِين الكتاب للنوادِر التي تلقَّاها العلماء بالقَبول.
4 - أَبَان عن طريقته في النقل والإحالة لرِوايات المذهب مع أصالة المصدر المنقول منه، وأمانته في النقل من غير تغيير العبارات المنقولة إلا لداعي الضرورة.
5 - صِياغة الكتاب بعبارة سهلة مُوجَزة.
6 - الإعراض عن الأدلَّة والشواهد ليسهل أخْذ المسائل.
وقد رتَّب المؤلِّف كتابه على مقدِّمة وثلاثة مطالب وخاتمة:
أمَّا المقدِّمة فتناوَل فيها سبب تأليف الكِتاب ومنهجيَّته، وتَوطِئة في تعريف القضاء وأهم أحكامه.
المطلب الأول: في الدعوى، وقد استَوعَب المصنِّف الكلام عن مسائل الدعوى.
المطلب الثاني: في اليَمِين وتَناوَل فيه المصنِّف مباحث اليَمِين والاستِحلاف والنُّكول.
المطلب الثالث: في الشهادات ومَباحِثها من تعريفات وأركان وشرائط وأحكام.
ثم ختَمَ المصنِّف كتابه بجملةٍ من المسائل المتعلِّقة بالإقرار.
المطلب الرابع: مَوارِد المؤلِّف في كتابه قسم التحقيق
1 - الأصل.
2 - "بدائع الصنائع".
3 - "البزازية".
4 - "التاتارخانية".
5 - "تبيين الحقائق".
6 - "تصحيح القدوري".
7 - "جامع الفصولين".
8 - "الحاوي".
9 - "خزانة المفتين".
10 - "الخلاصة".
11 - "الذخيرة".
12 - "السراجية".
13 - "شرح أدب القاضي".
14 - "شرح الطحاوي".
15 - "العتابية".
16 - "العيون".
17 - "الفتاوى الأنقروية".
18 - "الفتاوى الخيرية".
19 - "الفتاوى العالمكيرية (الهندية)".
20 - "الفتاوى الظهيرية".
21 - "الفصول العمادية".
22 - "الكافي"؛ للنسفي.
23 - "كتاب الأقضية".
24 - "لسان الحكام".
25 - "المحيط البرهاني".
26 - "محيط السرخسي".
27 - "الملتقى".
28 - "المنتقى".
29 - "النهاية".
30 - "الهداية".
31 - "الوجيز".
32 - "الولوجية".
المطلب الخامس: وصف نسخة الكتاب المطبوعة
طُبِع كتاب "وظائف القُضَاة" سنة 1291 هـ في الهند ببومباي طبعة حجرية بخط كاتبها أقاجان الكاتب الشيرازي جاء في آخره: "طُبِع بأمر المولى المنَّان، عظيم الشان القائم بأمر الشريعة في هذه الأوان بهندستان، نجم الزمان، وسمح البَنَان، مَن لا يختلف في فضله اثنان، أبي محمد والحكيم والحسنان، على يد الحقير الحسن نجل... العلاَّمة هبة الله ابن عبدالرحيم جعفر الهندي اليمني الأنصاري غفر الله له ولوالديه... على ذِمَّة مؤلِّفه".
وتولَّى تَصحِيح الكتاب نور محمد بن عبدالصمد، والطبعة مع قِدَمِها كثيرة الخطأ لعُجمة كاتِبِها، وقد اندرَسَتْ هذه الطبعة أو كادَتْ لولا وجود نُسَخٍ قليلة منها ومُصَوَّرات في خِزانة نَوادِر الكتب في بعض المكتبات، وقد وقفت على نُسَخٍ منها ما بين أصول ومُصَوَّرات عنها، وهذا بيانها:
الأولى: من المقتنيات النوادر لدى المكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت رقم (6، 216) ح ح و.
الثانية: من نوادر مكتبة الأمير سلمان المركزية بجامعة الملك سعود تحت رقم (6، 216) ص ح و.
الثالثة: النسخة الأزهرية من الطبعة الحجرية تحت رقم (573) (10013).
وللكتاب مُصَوَّرات عن المطبوع في عددٍ من المكتبات التركية على النحو الآتي:
- نسخة مُصَوَّرة في مكتبة حسيب أفندي رقم 154.
- نسخة مُصَوَّرة في مكتبة بغداد لي وهيب رقم 470 بالسليمانية.
- نسخة مُصَوَّرة في مكتبة علي أميري أفندي رقم 749 بمكتبة ملت الوطنية.
- أمَّا النسخة المُتَرجَمة من قِبَل مؤلِّفها للغة التركيَّة من نسخته العربية سنة 1307 هـ، فهي موجودة في:
- مكتبة أزمير مي حقي رقم 709 بالسليمانية.
- مكتبة حسيب أفندي رقم 155 بالسليمانية.
وقد أتى المصنِّف في كتابه على جُلِّ مسائل القضاء، كالدعوى واليمين والبيِّنات والشهادات.
المطلب السادس: مَحاسِن الكتاب، والملحوظات عليه
لا شَكَّ أنَّ مؤلِّف الكتاب بذَل جهدًا كبيرًا في تحرير وتجويد ما كتَبَه، فكتابه حسنة في حَدِّ ذاته بما حَوَاه من علومٍ ومسائل ونوادِر وتَصحِيح وتوثيق، ولعلَّ من أبرز مَحاسِن الكتاب:
1 - أنَّ المؤلِّف أبرَزَ في مُقَدِّمة كتابه منهجيَّته العلمية في البحث.
2 - شموليَّة الكتاب، واستِيعابه لموضوعه.
3 - وفْرة مصادر الكتاب وأصالتها.
4 - حُسْن الترتيب، وجودة السبك، والترابُط الموضوعي لمادَّة الكتاب.
5 - اعتِناء المؤلف بذكر الصحيح من الأقوال واختِيارات كبار عُلَماء المذهب وأهل الفُتيَا من مُتَقَدِّمي الحنفيَّة ومتأخِّريهم.
6 - الأمانة العلميَّة التي تحلَّى بها المؤلف في النقل من غير تغيير عبارة إلا لداعي الضرورة.
أبرز الملحوظات:
1 - أنَّ المؤلف - رحمه الله - أبهم جملةً من أسماء بعض العلماء والكتب، وهذا ممَّا يُوقِع في اللبس في تحديد المُراد، ويحتاج معه الباحث إلى جهدٍ لتَحرِير ذلك.
2 - أنَّ المؤلِّف ينقل في مَواضِع عن آخَرين بالنصِّ دون الإشارة لذلك.
3 - أنَّ المؤلِّف استَمَدَّ جزءًا كبيرًا من المادَّة العلميَّة من كتابَيْن كبيرَيْن مهمَّيْن في المذهب الحنفي هما: "المحيط البرهاني"؛ لابن مازه، و"الفتاوى العالمكيرية، الفتاوى الهندية"؛ لمجموعة من علماء الهند.
4 - عدم عنايته بالدليل، ولعلَّ عذره في ذلك أنَّه أراد من تصنيفه هذا أن يكون كالمُدَوَّنة أو المجلَّة القضائية.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
حمدًا لِمَن شرع الأحكام، وحلاَّها ببيان الحلال والحرام، وصلاةً وسلامًا على أفضل مخلوقاته من الأنام، وعلى آله وأصحابه من الخواصِّ والعوامِّ.
أمَّا بعدُ:
فيقول العبد الفقير كثير المآثِم والتقصير، غبار الأَجِلَّة والدَّنَى، السيد حسن صدقي نائب لواء حديدة - أسبَغَه الله - تعالى - من النِّعَم العديدة تحت جناح العدل للوزير الخطير، صاحب الرأي والتدبير، الذي اختارَه الله بأحمد الأوصاف، فاتح الصنعاء واليمن[35] يمنُّ الله إليه بأفضل المِنَن نظير ما أنعم الله إليَّ باشتِغال التعليم والتدريس، وتمهيد القواعد والتأسيس -: من عُنفوان شبابي قد ابتَلانِي بالإفتاء بمدينتنا دارنده، ثم أتم عليَّ من القضاء ما شاء له عنده، مع أنِّي إذ ذاك خالي الوِفاض، وبادِي العجز والأنقاض، مع أنهما أكبر المسالك، وأكثر المخاطر والمهالك، لا سيَّما بهذه الأَوَان والأحيان، التي تتغيَّر في كلِّ ساعة ألف دوران، وأنَّ الوقت قد تغيَّر، والمعروف منه تنكَّر، وما أحد يَرضَى بحقِّه، والأب يُخاصِم على ابنه.
قد راج الكذب والفُجُور، وصاحب الحق [مكمود][36]، والطبع السليم مقهور، إن قال لا يُسمَع، وإن فعل لا يُتبَع، ويجيء الماجن الخبيث يقف على الباب [بذلك][37] التلبيس، ويقول: حسن دعواك على ساق، ولا تخشَ من كثرة الصرف والإنفاق، وأنا أُدَبِّر لك ما تُرِيد، وما شئتَ لدَيْنا مَزِيد، وفتِّش على الشهود، وزِدْهم من المال يحضرون لك في الحال مهما شهدوا لك مقبول، وقبل التزكية عدول، مُستعدين للشهادة طبق المرام، ويحكم الأفندي[38]، وتأخذ الدار والسلام، ولا تخشَ من الناس، وليس عليك باس.
هذا حال المفتين والحُكَّام يُطَبِّقون الأحكام في الأعلام، فهذا كله معلومٌ لذوي البصائر والفُهُوم من كثرة السفلة والسفَهَة[39]؛ لأنَّ الإناء يترشَّح بما فيه هيهات[40] الفُضَلاء والفقهاء[41]، فمَنَّ الله - تعالى - بهذه[42] الأمَّة باستِدامَة الهداية، وقمْع الغُمَّة باستِنارة فخر أُفُقِ السلطنة وتاج الملوك العثمانية [العادل][43]، وانفِلاق صبح عدله من دون الأمائل[44]، وبه قد طلعَتْ شموس الأفاضل، وأضاءَتْ أنوار أُولِي الشمائل، فاستَدَّ سور العدل، وتقوَّى نور الفضل، فعاد الحق يُتبَع، والصدق يُسمَع، وذلك ببدو فاتح رِتاج[45] السُّبُل، ولاقِح نِتاج شرائع الرُّسُل[46] الذي هو خاتمة [العلماء][47] المتبحِّرِين، وتكملة الفُضَلاء المتقدِّمين والمتأخِّرين؛ أعني به: الفاضل الجلي، والبارع الألمعي، الموشح بالحسن الفهمي، الفهَّامة شيخ الإسلام، ومفتي الأنام، أنام الله - تعالى - في ظلِّ عدله الأنام إلى يوم القِيَام، فانشَرَح صدري لإجراء ما أُمِرتُ به من الأحكام؛ لأن زمان الكريم لا يُضام[48]، مع أنَّ الفقه حدٌّ حاجز بين الضلال، وقسطاس مستقيم لمعرفة مقادير الأعمال، وبحره الزاخر لا يُوجَد له مِقدَار، ولا يُدرَك قعرُه بالأبصار، وأن الكتب المصنَّفة المُتداوَلة مسائلها دُرَر منثورة، وغُرَر منشورة، ليس تحت القاعدة والحساب، ولا يكتنه الخطأ عن الصواب؛ إذ بعضها طارح شطر المسائل، وأكثرها طاوٍ على الروايات المتعارِضة الدلائل، لا سيَّما مسائل الدعوي والشهادات، وعند التعارُض ترجيح أحد البيِّنات، والحكم الصحيح منها من أقصى الغايات، فيشجر[49] المبتغِي بالأليَق[50] والأقوى، ويَضجَر المبتهِر بأخذ ما هو أقرب للتقوى، فلا يُمَيِّز الصحيح عن الفاسد، ولا يفصل المُحِقُّ عن الكاسد، فهذا كلُّه ليس كما ترى وصاحب البيت أدرى بما فيه.
وجَمَعَتْ سطورٌ شاملاً من التهذيب الأنيق صدرةَ الكمال، ولابِسًا من الترتيب حُلَّة الجمال، وحاوِيًا لِمُعظَم الرِّوايات الصحيحة، مُشتَمِلاً على العلامات النجيحة، من كتب الفتاوى التي بها اتَّفق الفحول، وكتبت من النوادر ما تلقَّتْه العُلَماء بالقبول، ونقلت كل رواية من المُعتَبَرات بعبارتها مع انتِماء الحوالة إليها من غير تغيير عبارة إلا لداعي الضرورة من التفصيل والتقصير، بعبارة مُوجَزة سهلة، مُعرِضًا عن الدلائل والشواهد؛ ليَسهُل أخذها لكلِّ قاصِد، وكتبت مُعظَم المقاصد من المسائل التي هي المقصد للقضاء من الوسائل.
وسمَّيتها "وظائف[51] القُضَاة في أصول المرافعة وترجيح أحد البيِّنات"، ورتَّبتها على مقدمة و[ثلاثة][52] مَطالِب وخاتمة.
يَمُنُّ الله - تعالى - علينا بحسن الخِتَام والخاتمة، بجاه سيد الرسل الكرام[53]، آمين يا ملك العلام[54].
أمَّا المقدِّمة فهي في بيان القضاء وأهله.
وهو في اللغة بمعنى: الإلزام والإخبار والفراغ والتقدير[55].
وفي الشرع: قول مُلزِم، يَصدُر عن ولاية عامَّة[56]، كذا في "الخزانة"[57]، وآدابه كثيرة.
[مطلب: كتاب عمر إلى موسى الأشعري]:
والأصل [فيه][58] كتاب عمر - رضي الله تعالى عنه - إلى أبي موسى الأشعري: بسم الله الرحمن الرحيم، أمَّا بعد، فإنَّ القضاء فريضة مُحكَمة، وسُنَّة مُتَّبَعة... إلخ[59]، قد باشَرَه كثيرٌ من الصحابة والتابعين، ومضى عليه الصالحون، وقد أمر به جميع الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - هذا فيمَن لا يصلح غيره.
[مطلب: بيان مَن حَرُم عليه ومَن فُرِض عليه]:
وحرام لِمَن يعرف من نفسه العجز عنه أو عدم الإنصاف فيه؛ لما يعلم من نفسه من اتِّباع الهوى.
ويجوز ما دون ذلك في أربعة أوجه بلا كراهة ومعها.
[مطلب: الأَوْلَى أن يكون القاضي مجتهدًا]:
ولا تصحُّ ولاية القضاء حتى يجمع شرائط الشهادة التي سنذكرها مفصَّلة، والأَوْلَى أنْ يكون من أهل الاجتِهاد، ولا ينبغي أن يكون جاهِلاً يقضي بفتوى غيره.
وينبَغِي للمَوْلَى أن يَتمَحَّض في ذلك ويُوَلِّي مَن هو أَوْلَى؛ لقوله - عليه السلام -: ((مَن قلَّد إنسانًا [عملاً][60] وفي رعيَّته مَن هو أَوْلَى منه، فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين))[61]، فكلُّ مَن [كان][62] أعرف وأقدر وأوجه وأهيب وأصبر على ما أصابه من الناس كان أَوْلَى، وأيضًا مَن له غُنيَة وثروة أَوْلَى؛ لأن المأمول فيه قلَّ ما يطمع في أموال الناس، كذا في "المحيط"[63].
ولو قلَّد القضاء مَن لا يَصلُح وفي تلك البلدة مَن يصلح لذلك، كان الإثم على المُوَلَّى.
[مطلب: بيان تقليد القضاء بالرشوة]:
ولو قُلِّد بالرِّشوة أو بالشُّفَعاء إذا قضى في مُختَلف فيه، ثم رفع إلى قاضٍ آخَر فإنْ رآه أمضاه، وإن خالَف رأيه أبطَلَه، بمنزلة حكم المحكم، كذا في "شرح أدب القاضي"[64]؛ للخصاف[65].
وفي اختيار السرخسي: أو أخذ القضاء بالرِّشوة الصحيح أنه لا يَصِير قاضيًا، ولو قضى لا ينفذ[66].
والذي يخطر ببالي أنَّ مَن وجَب عليه القضاء لعلمه وصلاحه ولا يعرفه السلطان، يطلب بنفسه ويُقلَّد بالشفعاء، فلا بأس به ولا مانع بجوازه، ومالَ إليه في "فتاوى عالمكيرية"[67].
وإذا ارتَشَى وحكَم، لا ينفذ قضاؤه فيما ارتَشَى ونفذ فيما لم يرتشِ، وهو اختِيار السرخسي والخصاف[68].
وإن ارتَشَى ولده أو كاتبه أو بعض أعوانه، فإن كان بغير علمه نفذ قضاؤه، كذا في "الخزانة"[69].
[مطلب: وينبغي لقاضي أن يقضي بالكتاب والسنة والاجتهاد]
وينبَغِي للقاضي أن يقضي بما في كتاب الله - تعالى - وينبَغِي أن يعرف ما في الكتاب من الناسخ والمنسوخ، ومن الناسخ[70] ما هو مُحكَم وما هو مُتشابِه في تأويله كالأقراء[71].
[مطلب: أن يعرف المتواتر والمشهور]:
وإن لم يجد في الكتاب يقضِي بما جاء عن رسول الله r وينبَغِي أنْ يعرف الناسخ والمنسوخ من الأخبار، فإن [اختلفت][72] يأخذ بما هو الأشبه ويَمِيل اجتهاده إليه، ويجب أن يعلم المتواتر والمشهور وما كان من الآحَاد، ويجب أن يعلم مَراتِب الرُّواة، مَن عرف الفقه أَوْلَى من الأخْذ برواية مَن لم يعرف الفقه، وكذلك الأخْذ برواية مَن عُرِف بطول الصحبة أَوْلَى من الأخْذ برواية مَن لم يُعرَف بطول الصحبة.
وإن كان لم يأتِ فيه من الصحابة قولٌ وكان فيه إجماع التابعين، قضى به، وإن كان فيه اختلافٌ، رجَّح قول بعضهم وقضى به، وإن لم يكن شيءٌ من ذلك، فإن كان من أهل الاجتِهاد، قاسَه على ما يُشبِهه من الأحكام، واجتَهَد فيه برأيه، وتحرَّى الصواب ثم يقضي فيه برأيه، وإن لم يكن من أهل الاجتِهاد كبعض قُضَاة زماننا يستفتي في ذلك فيأخذ الفتوى، ولا يقضي بغير علم ولا يستحيي من السؤال.
وإذا اتَّفق أصحابنا، كأبي حنيفة وصاحبَيْه، لا يسوغ أن يُخالِفهم، وإذا اختَلَفوا فيما بينهم يأخذ قول الإمام.
ولو لم توجد روايةٌ عنهم ووجدت عن المتأخِّرين يقضي به.
ولو اختَلَف المتأخِّرون فيه يختار قولَ واحدٍ من ذلك، ولو لم توجد يجتَهِد فيه برأيه إذا كان يعرِف وجوه الفقه، ويُشاوِر أهل الفقه فيه، ثم إذا قضى بالاجتِهاد: فإن خالَف النصَّ لا يجوز قضاؤه، وإن لم يخالف النصَّ لكنَّه رأى بعد ذلك رأيًا آخر يبطل ما مضى ويقضي في المستأنف بما يراه، كذا في "شرح الطحاوي"[73].
قاضٍ استُفتِي في حادثة وأفتَى، ورأيه خِلاف رأي المفتي، يعمل برأيه إن كان من أهل الرأي، فإن ترك رأيه وقضى برأي المفتي ينفذ؛ لمصادفته فصلاً مجتهدًا فيه عند الإمام، وعندهما لم يجز له ترك رأيه، كذا في "العتابية"[74].
والاجتِهاد: بذل المجهود لنيل المقصود.
وشرط صيرورة المرء مجتهدًا أن يعلم من الكتاب والسنَّة مقدار ما يتعلَّق به الأحكام دون المواعظ.
وقيل: إن كان صوابه أكثر من خطئه حَلَّ له الاجتِهاد، قيل: الأوَّل أصحُّ[75]، وأصحُّ ما قِيل في حَدِّ المجتهد: أن يكون قد حوى علمَ الكتاب ووجوه مَعانِيه، وعلم السنَّة وطرقها ومتونها ووجوه معانِيها، وأن يكون مُصِيبًا في القياس، عالِمًا بعرف الناس، كذا في "الكافي"[76].
وينبغي للقاضي أن يتَّقِي الله ويقضِي بالحق، ولا يقضي لهوى يُضِلُّه ولا [لرغبة][77] تُغَيِّره، ولا لرهبةٍ تَزجُره، بل يُؤثِر طاعة ربِّه ويعمل لمعاده؛ طمَعًا في جَزِيل ثوابه، وهرَبًا من أليم عذابه، فيتبع الحكمة وفصل الخطاب، كذا في "المحيط"[78].
ولا ينبَغِي أن يكون فظًّا غليظًا، جبَّارًا عنيدًا، وينبغي أن يكون مَوثُوقًا به في عَفافِه وعقله، وصلاحه وفهمه، وعلمه بالسنَّة والآثار ووجوه الفقه، ويكون شديدًا من غير عنف، ليِّنًا من غير ضعف، كذا في "التبيين"[79]، ويأمر أعوانه بالرِّفق.
ويُكرَه أن يَقضِي بين الناس وهو غضبان، وأيضًا يُكرَه أن يقضي إذا دخَلَه نُعاسٌ، أو وهو جائع أو عطشان.
ولا ينبغي له أن يَتطوَّع بالصوم في اليوم الذي يُرِيد الجلوس للقضاء فيه، كذا في "التاتارخانية"[80].
ولا يقضي حين اشتِغال قلبه بفرح أو حاجة[81]، أو برد، أو حر شديد، أو مُدافَعة الأخبثين أو ضجر، أو كَظِيظ[82] من الطعام، ويكون جلوسه عند اعتِدال أمره، ويجعل سمعه وبصره وفهمه وقلبه إلى الخصوم، غير معجل لهم ولا يُخَوِّفهم، كذا في "الحاوي"[83].
ويخرج [في][84] أحسن أثوابه، ويقضِي وهو جالسٌ مُتَّكِئًا أو متربِّعًا، كذا في "البزازية"[85]، ولكنَّ القضاء مستويًا أفضلُ تَعظِيمًا لأمر القضاء، كذا في "التبيين"[86].
[مطلب: أن لا يُتعِب نفسه بطول الجلوس]:
ولا ينبغي أن يُتعِب نفسه بطول الجلوس[87].
وإن كان القاضي شابًّا ينبغي أن يقضي شهوته من أهله قبل أن يجلس للقضاء، كذا في "السراجية"[88].
ولا يقضِي وهو يَمشي أو يسير على الدابَّة.
[مطلب: أن لا يعجل لأجل الصلح]:
وينبغي أن لا يعجل إذا اختَصَم إليه الإخوة أو بنو العمِّ بفصل القضاء بينهم، ويُدافِعهم قليلاً لعلهم [يصطلحون][89]، هذا في "العيون".
والأَوْلَى أن لا يختصَّ بالأقارب، بل أن يفعل ذلك بين الأجانب، كذا في "التاتارخانية"[90].
[مطلب: أن يكون المفتي مثل القاضي]:
وقال القاضي الإمام أبو جعفر[91] - وهو صاحب "كتاب الأقضية" بعد بيان أهل القضاء -: ولا ينبَغِي لأحدٍ أن يُفتِي إلا مَن كان هكذا، ويُرِيد أنَّ المفتي يكون عالِمًا بالكتاب وبالسنَّة واجتِهاد الرأي، إلا أن يُفتِي بشيءٍ قد سمعه فإنه يجوز، وإن لم يكن عالِمًا بما ذكرنا من الأدلَّة؛ لأنه حاكٍ بما سمع من غيره - فهو بمنزلة الراوي في باب الحديث، فيشتَرط فيه ما يشتَرط في الراوي، كذا في "المحيط"[92].
وقد استقرَّ رأي الأصوليين على أنَّ المفتي هو المجتهد، وأمَّا غير المجتهد ممَّن يَحفَظ أقوال المجتهدِين فليس بمفتٍ، والواجب عليه إذا سُئِل أن يذكر قول المجتَهِد على جِهَة الحكاية، يُعرَف أنَّ ما يكون في زماننا من فتوى الموجودين ليس بفتوى، بل هو نقل كلام المفتي ليأخذ المستفتي به[93].
[مطلب: هل يقضي القاضي بعلمه في الحادثة قبل قضائه أو بعده أو أوانَ قضائه؟]:
وإذا علِم القاضي بحادِثة في البلدة التي هو فيها قاضٍ في حال قضائه، ثم رُفِعت إليه وهو في قضائه بعدُ، يَقضِي بعلمه في حقوق العباد قياسًا واستِحسانًا في الأموال وغيرها؛ كالنكاح والطلاق وغير ذلك على السواء، كذا في "المحيط"[94].
أمَّا في الحدود الخالصة لله - تعالى - نحو حدِّ الشرب والسرقة وشرب الخمر، فيَقضِي بعلمه قياسًا ولا يقضي بعلمه استحسانًا، كذا في "الولوجية"[95]، وفي القِصاص وحدِّ القذف يَقضِي بعلمه، كذا في "الخلاصة"[96].
وأمَّا إذا علِم الحادِثَة قبل أن يَقضِي، ثم استُقضِي، ثم رُفِعت إليه الحادثة وهو قاضٍ، فعلى قول الإمام لا يقضي بذلك العلم، وعلى القول[97] الثاني يقضي بذلك العلم، ورجع محمد إلى قول الإمام.
ولو علم بحادثة وهو قاضٍ ولكن هو في مصر، وهو ليس قاضيًا فيه، ثم حضر مصره الذي هو قاضٍ فيه، ثم رُفِعت الحادثة، وأراد أن يقضي بذلك العلم، فهو على الخِلاف المذكور.
وكذا لو علم بحادثة وهو قاضٍ، ولكن ليس في رساتيق[98] المصر الذي هو فيه قاضٍ، ثم دخل المصر ورُفِعت إليه الحادثة، كذا في "الفتاوى العالمكيرية"[99].
وأمَّا إذا علم وهو قاضٍ في مصر، ثم عُزِل عن القضاء، ثم أُعِيد إليه بعد ذلك، هل يقضي بذلك العلم؟
لا شكَّ - على قولهما - يَقضِي بذلك العلم، وعلى قول الإمام لا يقضي، كذا في "المنتقى"[100].
وذكر ابن سماعة[101] عن محمد أنَّه قال: لا يجوز للقاضي أن يقول: أقرَّ فلانٌ عندي بكذا؛ ليقضي عليه به من قتل أو مال أو طلاق حتى يشهد معه على ذلك رجل عدل[102].
واعلم أنَّ إخبار القاضي عن إقرار رجلٍ بشيء لا يَخلو إمَّا أن يكون الإخبار عن إقراره بشيء يصحُّ رجوعه عنه، كالحدِّ في باب الزنا وشرب الخمر، وفي هذا الوجه لا يُقبَل قول القاضي بالإجماع[103]، وإمَّا أن يكون الإخبار عن إقراره بشيءٍ لا يصحُّ الرُّجوع عنه، كالقِصاص، وحدِّ القذف، وسائر الحقوق التي للعِباد، وفي هذا الوجه قُبِلَ قوله في الروايات الظاهرة عن أصحابنا[104].
وذكر بعض مشايخنا[105] رجوع محمد - رحمه الله تعالى - عن هذه الرواية.
ولا يأخذ[106] قوله حتى يُعايِن الحجَّة؛ لأن قوله يحتمل الغلط.
وعلى هذا لا يُقبَل كتابه.
وفي روايةٍ عن ابن سماعة أيضًا عن محمد: لا يُقبَل ما لم ينضمَّ إليه عدل، وهو الصحيح، وأكثر[107] مشايخنا أخَذُوا بهذه الرواية في زماننا، وعن محمد في آخِر عمره قال: القاضِي لا يَقضِي بعلمه وإن استَفاد العلم حالَ القضاء حتى يشهد معه آخَر، وقال: لعلَّ القاضي غلط، فيشترط مع علمه شهادة الآخر بمعنى الشاهدين[108].
وقال في "جامع الفصولين"[109]: "واستَحسَن المشايخ هذه الرِّواية؛ لفَساد حال القُضَاة في زماننا إلا في كتاب القاضي للحاجة إليه، كذا في "العالمكيرية"[110].
ولو قضَى لنفسه من كلِّ وجه أو من [وجه][111] لا ينفذ قضاؤه، غير أنَّه إذا قضى لنفسه من كلِّ وجهٍ لنفذ بإمضاء قاضٍ آخر، [و][112] إذا قضى لنفسه من وجهٍ ينفذ بإمضاء قاضٍ آخَر.
ولا يجوز للقاضي أن يَقضِي لوكيله ولا لوكيل وكيله، وكذا لا يقضي لوكيل ابنه وإن سفل، ولا لوكيل أبيه وإن علا.
ولا يجوز للقاضي أن يقضي لعبده ولا لِمُكاتِبه، ولا لعبدِ مَن لا تُقبَل شهادته لهم ولا لِمُكاتِبهم، وكذا لا يجوز له أن يقضي لشَرِيكه شركة مُفاوَضة أو عنان إن كانت الخصومة في مال المشترك[113]، كذا في "المحيط"[114].
وكلُّ مَن لا تجوز شهادة القاضي له لا يجوز القضاء له، كالوالدين والمولودين والزوجة، كذا في "شرح الطحاوي"[115].
ولو مات رجلٌ وأَوْصَى للقاضي بثلث ماله وأَوْصَى لرجلٍ آخر، لم يَجُزْ قضاؤه للميت بشيءٍ من الأشياء، وكذلك إذا كان المُوصَى له ابن القاضي أو امرأته أو غيرهما ممَّن لا تُقبَل شهادته لهم، أو كان عبد هؤلاء، وكذلك لو كان القاضي وكيل الوصيِّ في مِيراث الميت؛ لأنَّ القضاء يقع له من حيث الظاهر، وكذلك لو كان للقاضي على الميت دينٌ لا يجوز قضاؤه للميت بشيء.
وإذا وكَّل أحد الخصمين عبدَ القاضي أو كاتبه أو بعض مَن لا تُقبَل شهادته له، لا يجوز له أن يقضي للوكيل على خصمه؛ لأن القضاء يقع للوكيل من حيث الظاهر.
وإذا وكل رجلاً بالخصومة فاستقضى الوكيل، فليس له أن يقضي في ذلك[116]؛ لأنَّ القضاء يقع للوكيل من حيث الظاهر[117]، هكذا في "فتاوى العالمكيرية"[118].
تذييل: إذا استجمعت شرائط القضاء في شخص عالم عادل، هل يجوز له تقلُّد القضاء؟
اختَلَف فيه المشايخ قال بعضهم: يُكرَه له التقلُّد، وقال بعضهم: لا يُكرَه.
ووردت الأخبار الصحيحة في بيان كراهته والرخصة فيه، وقد دخل فيه قومٌ صالحون، وامتَنَع عنه قوم صالحون، وترك الدخول فيه أمثل وأسلم وأصلح في الدين.
وقال مشايخ الهند: لا بأس بقبوله لِمَن كان صالِحًا يأمن من نفسه الجورَ، والامتِناع لغيره أَوْلَى[119]، كذا في "الوجيز"[120].
وكُرِه التقلُّد لِمَن يخاف الحَيْف فيه، وإن أَمِن لا يُكرَه، كذا في "الكافي"[121] وغيره.
المطلب الأول: في الدعوى، و[فيه][122] أربعة مقاصد
[مطلب: تفسير الدعوى وبيان ركنها]:
الأول: في تفسير الدعوى شرعًا، وركنها، وشروط صحَّتها، وحكمها، وأنواعها، وتعريف المُدَّعِي والمُدَّعَى عليه والتفريق بينهما.
أمَّا تفسيرها وهو ركنها، فهي إضافة الشيء إلى نفسه حالةَ المُنازَعة بأن يقول: [هذه][123] العين لي، ويقول: لي عليك كذا وكذا، ذكره في "المحيط"[124].
وأمَّا شروط صحَّتها:
الأول: العقل؛ أي: عقل المُدَّعِي [والمُدَّعَى][125] عليه، فلا تصحُّ الدعوى من المجنون والصبي الذي لا يَعقِل، ولا عليهما شخصيًّا، ولا يلزم الجواب.
والثاني: الحضور؛ أي: حضور المُدَّعِي والمُدَّعَى عليه، فلا تُسمَع الدعوى ولا البيِّنة إلا على خصم حاضر، إلا في كتاب القاضي إلى القاضي إذا التَمَس بذلك كتابًا حكميًّا؛ ليَقضِي إليه، فيَكتُب إلى القاضِي الغائب الذي بطرفه الخصم بما سمعه من الدعوى والشهادة؛ ليقضي عليه، هكذا ذكَرَه في "البدائع"[126].
والثالث: كون المُدَّعى به شيئًا معلومًا.
والرابع: كونه تعلَّق به [حكم][127] على المطلوب، حتى لو كان المُدَّعَى به مجهولاً أو لا يلزم على المطلوب شيء، نحو أن يدَّعِي أنه وكيل هذا الخصم الحاضر في أمرٍ من أموره وأنكر الآخر، فإن القاضي لا يسمع دعواه[128]، كذا في "النهاية"[129].
والخامس: كون الدعوى في مجلس القضاء، فلا تصحُّ الدَّعوَى في غير مجلِس القضاء، ولا يستحقُّ المُدَّعَى عليه جوابه، كذا في "الكافي"[130].
والسادس: كون الدعوى من لسان المُدَّعِي عينًا إذا لم يكن به عذر، وهو كون المُدَّعِي مريضًا، أو غائبًا مُدَّة السفر، أو مُرِيدًا للسفر، أو مُخدَّرةً[131]، أو كون[132] الخصم غيرَ راضٍ بالتوكيل عند أبي حنيفة، وعندهما: رضا الخصم ليس بشرط، حتى لو وكل من غير رضا لا يلزم الجواب.
ولا تُسمَع البيِّنة عند الإمام، ويلزم وتسمع عندهما، كذا في "فتاوى العالمكيرية"[133].
وخلاصة الاختِلاف الواقع بينهم في هذه المسألة: إِنِ المُدَّعِي صحيحُ الجسم المُقِيم في مدينة الدعوى، وليس له شيءٌ من الأعذار المذكورة، أراد أنْ يوكِّل شخصًا عنه ليَدَّعِي بحق على الآخر، أو يَدَّعِي عليه للآخر، هل لهما أن يدَّعِيَا بنفسيهما أو لا؟
وقد سُئِل عن هذه مولانا الخير [الرملي][134] بما صورته: صرَّح علماؤنا قاطِبَةً متونًا وشروحًا بأنَّ الوكالة بالخصومة لا تكون إلا برضا الخصم، إلاَّ أن يكون الموكل مريضًا أو غائبًا أو مُرِيدًا للسفر أو مُخَدَّرةً[135]؛ ووجه ذلك: أنَّ الجواب مُستحَقٌّ على الخصم ولهذا يستحضره، والناس مُتفاوِتون في الخصومة، فلو قلنا بلزومه يتضرَّر به فيتوقَّف على رضاه، وهذا مذهب أبي حنيفة، واختارَه المحبوبي[136] والنسفي[137] وصدر الشريعة[138] وأبو الفضل الموصلي[139]، ورجَّح دليله في كلِّ مصنف[140] وغالب المتون عليه، فلزم العمل [به][141]؛ لدفْع الضرر عن الناس، لا سيَّما في هذا الزمان الفاسد - والله تعالى أعلم[142].
وقال في [الملتقى][143] وغيره: وصَحَّ - أي: التوكيل بالخصومة - في كلِّ حق [برضا][144] الخصم؛ للزومها، إلا أن يكون الموكل مريضًا لا يُمكِنه حضور مجلس الحكم، أو غائبًا مسافة السفر، أو مريدًا للسفر، أو مُخَدَّرة غير مُعتَادة للخروج إلى مجلس الحكم[145].
وأفتى مولانا علي أفندي[146] مُفتِي بلاد العثمانية في فتاواه بعدم صحَّة ذلك عند قصد الإضرار من التوكيل، وبصحَّته بعدم قصد الإضرار، وذلك مُخَوَّل إلى معرفة القاضي، فإذا علم من الخصم التعنُّت من إباء التوكيل يقبل القاضي قهرًا عنه، وإن علم من الموكل القصْد لإضرار صاحبه بالحِيَل، لا يقبل إلا برضا صاحبه.
وإليه مال الإمام السرخسي[147] والإمام الأوزجندي[148] - رحمهما الله.
هكذا في "الفتاوى الظهيرية"[149]، و"لسان الحاكم"[150]، و"تصحيح القدوري"[151] و"الخلاصة"[152].
[مطلب: التناقُض في الدعوى]:
والسابع: تناقُض المُدَّعِي في دعواه، وهو أن يُسبَق منه ما يُناقِض دعواه، وهو يَمنع صحَّة الدعوى لغيره كما يَمنعها لنفسه؛ يعني: متى ثبت عند الحاكم تعارُض القولَيْن المتضادَّيْن من المُدَّعِي يَمْنَع استِماع الدعوى، فمَن أقرَّ بعينٍ لغيره، فكما لا يملك أن يَدَّعيها لنفسه لا يملك أن يدَّعيها لغيره، وهذا إذا وُجِد منه ما يكون إقرارًا بالملك له، أمَّا إذا أبرأه عن جميع الدعاوى، ثم ادَّعى عليه مالاً بجهة الوكالة من رجل أو وصاية منه فتسمع، كذا في "الخزانة"[153].
والتناقُض المُتداوَل على ألسنة الفقهاء على نوعين: نوع يَمنع، وهو المذكور، ونوع لا يَمنع صحَّة الدعوى، وهو ما يكون مبنيًّا على الخفاء، كالحريَّة، والنسب، والطلاق، فإن مَبناها على الخفاء؛ لأن النَّسَب ينبني على العلوق، والطلاق والحريَّة ينفَرِد بهما الزوج والمولى، فالأمَة إذا أقرَّت بالرقِّ فباعَها المُقِرُّ له جاز، فإن ادَّعَتْ عتقًا بعد البيع، وأقامت البيِّنة على عتقٍ من البائع، وعلى أنها حرَّة الأصل، قُبِلت بيِّنتها.
ولو باع عبدًا وتَقابَضَا، وذهب إلى منزل المشتري وهو ساكت [وهو ممَّن][154] يُعبِّر عن نفسه، فهذا إقرارٌ منه بالرقِّ، فلا يصدق في دعوى الحرية، إلاَّ أن [تقوم][155] له بيِّنة على ذلك، [فحينئذ تُقبَل][156]، والتناقُض لا يَمنع ذلك.
وأيضًا في النسب كما إذا باع عبدًا وُلِد عندَه، وابتاعَه المُشتري من آخَر، ثم ادَّعى البائع الأوَّل أنه باعه، يسمع[157]، وأيضًا في الطلاق كما إذا اختَلعَتْ من زوجها، ثم أقامَت البينة أنَّه كان طلَّقها ثلاثًا قبل الخلع تُقبَل بيِّنتها، ولها أن تستردَّ بدل الخلع، وإن كانت مُتناقِضة ظاهرًا؛ لاستِقلال الزوج في إيقاع الطلاق.
فليس يُحصَر ما عُفِي فيه التناقُض في هؤلاء، بل المراد ما يكون مبنيًّا على الخفاء، فإنه يُعفَى فيه التناقُض في هؤلاء، بل المراد ما يكون مبنيًّا على الخفاء، فإنه يُعفَى فيه التناقُض، كما إذا استأجَر دارًا من رجل ثم [قال][158]: إنَّ هذه الدار ملكي، وإنَّ أبي اشتراها لأجلى في صغري، وهو ملكي من الشراء، وأقام البيِّنة على ذلك، تُسَمع، ولا يكون هذا مُناقِضًا مانعًا عن صحَّة الدعوى لما فيه من الخفاء؛ لأنَّ الأب يستقلُّ في الشراء للصغير، ومن الصغير لنفسه، والابن لا علم له، ولها نظائر ذُكِرت في "العمادية"[159].
والثامن: كون المُدَّعَى محتملَ الثبوت، حتى لو قال لِمَن لا يُولَد مثله لمثله: هذا بني، لا تسمع دعواه.
وأمَّا حكمها: بعد ما استَجمَعت الشرائط المذكورة، فاستِحقاق الجواب على الخصم: نعم أو لا، فإن أقرَّ ثبَت المُدَّعَى به، وإذا أنكر يقول القاضي للمُدَّعِي: أَلَكَ بيِّنة؟ فإن قال: لا، يقول: لك يَمينه.
ولو سكت المُدَّعَى عليه ولم يُجِبْه بعد إلحاحٍ بلا ولا نعم، فالقاضي يجعله مُنكِرًا، حتى لو أقام المُدَّعِي البيِّنة تُسمَع، كذا في "المحيط"[160]، للسرخسي.
[مطلب: أنواع الدعوى]:
وأمَّا أنواعها فثِنتان: دعوى صحيحة، وفاسدة.
فالصحيحة: ما يتعلَّق بها أحكامها، وهي: إحضار الخصم، والمُطالَبة بالجواب، ووُجوب الجواب، واليَمِين إذا أنكر، والإثبات بالبيِّنة.
والفاسدة: لا تتعلَّق بها الأحكام.
[مطلب: معرفة المُدَّعِي وعليه]:
وأمَّا معرفة المُدَّعِي وعليه[161]: أنَّ المُدَّعِي مَن لا يُجبَر على الدعوى إذا ترَكَها[162]، والمُدَّعَى عليه مَن يُجبَر عليها، وهذا حدٌّ عامٌّ صحيح.
وقال محمد في "الأصل"[163]: المُدَّعى عليه هو المُنكِر، سواء صدرت الدعوى عليه أو منه؛ لأن الاعتِبار للمعاني دون الصُّوَر، فإن المُودَع إذا قال: رددت الوديعة، فالقول له مع يمينه، وإن كان مدَّعيًا للردِّ صورةً، لكنَّه مُنكِر الضمان معنى، كذا في "الهداية"[164].
المقصد الثاني فيما يتعلَّق بالدين: إن كان المُدَّعَى به دَينًا لا تصحُّ الدعوى فيه إلا بعد بيان القدر والجنس والصِّفة، كذا ذكره قاضي خان[165]، وإنْ كان كيلاً فإنما تصحُّ الدعوى إذا ذكر الجنس أنَّه حنطة أو شعير، فإنْ ذكَر أنه حنطة أو شعير يذكر نوعها أنَّها سَقية أو برِّية أو خريفيَّة أو ربيعية، ويذكر صفتها أنَّها جيِّدة أو وسطيَّة أو رديَّة، ويذكر حمراء أو بيضاء في الحنطة، ويذكر قدرها بالكيل فيقول: قفيز[166] كذا، ويذكر بقفيز كذا؛ لأنَّ القفزان تتفاوَت في ذاتها.
ويذكر سبب الوجوب، فلو ادَّعى عشرة أقفزة حنطة دَينًا عليه، ولم يذكر بأيِّ سبب، لا تُسمَع الدعوى؛ لأنَّ أحكام الديون تختَلِف باختِلاف أسبابها، فإنَّه إذا كان بسبب السلم لا يجوز الاستِبدال به، ويحتاج إلى بيان مكان الإيفاء؛ ليقع التحرُّز عنه عن موضع الخلاف، وإن كان ثمن مَبِيع جازَ الاستِبدال به، وبيان مكان الإيفاء ليس بشرطٍ فيه، وإن كان من قرض لا يَجوز التأجيل فيه بمعنى ما يلزم التأجيل، هكذا ذكر في "خزانة المفتين"، و"الذخيرة".
وأيضًا يذكر في السلم شرائط صحَّته من إعلام جنس رأس المال وغيره، ويذكر نوعه وصفته وقدره بالوزن لو[167] وزنيًّا، وإحضاره[168] في المجلس؛ حتى يصحَّ عند أبي حنيفة، وتأجيل المسلم[169] فيه شهرًا أو أكثر؛ حتى يخرج عن حدِّ الاختِلاف، وكذا ما سوى ذلك من شرائط السلم.
ولو قال: بسبب السلم الصحيح، ولم يُبيِّن شرائط صحَّة السلم، كان القاضي الأوزجندي يُفتِي بصحَّتها، وغيره من المشايخ لم يفتوا بصحَّتها[170]؛ إذ للسلم شرائطُ كثيرة لا يقف عليها إلا الخواصُّ.
وفي دعوى البيع لو قال: بسبب بيع صحيح، [صحَّت][171] الدعوى وفاقًا[172]، وعلى هذه في كلِّ سببٍ له شرائط كثيرة [لا][173] يكتفي في قوله: بسبب كذا صحيح، بل لا بُدَّ من عَدِّها لصحَّة الدعوة عند عامَّة المشايخ، ولو لم يكن شرائط كثيرة يكتفي بقوله: بسبب كذا صحيح، كذا في "الظهيرية".
ويذكر في دعوى القرض القبض وصرف المُستَقرَض ذلك إلى حاجته؛ ليَصِير ذلك دَينًا عليه بالإجماع[174]، ويذكر أنه أقرَضَه من مال نفسه، كذا [لجواز][175] أن يكون وكيلاً في الإقراض، والوكيل في الإقراض سفير و[معبِّر][176]، ولا يكون له حقُّ القبض ولا المُطالَبة بالأداء، ولا يشتَرط بيان مكان الإيفاء، ويتعيَّن مكان العقد، كذا في "الكافي"[177]، ولا يكون الحساب بينهما سببًا للمال فيما ادَّعى على آخر كذا مالاً؛ بسبب حسابه أنَّ هذا السبب ليس بصحيح، كذا في "الخلاصة"[178].
ولو ادَّعى الحنطة أو الشعير بالأَمْنَاء[179]، فالمختار للفتوى أنه يَسأل المدَّعِي عن دعواه، فإن ادَّعى بسبب القرض [أو][180] الاستِهلاك لا يُفتِي بالصحَّة، وإن ادَّعى بسبب [بيع][181] عين من أعيان ماله بحنطة في الذمَّة، أو بسبب السلم يُفتِي بالصحة، كذا في "الوجيز"[182]، وإن ادَّعاها مكايلة حتى صحَّت الدعوى بلا خِلاف، وأقام البيِّنة على إقرار المُدَّعَى عليه بالحنطة أو الشعير ولم يذكر الصفة في إقراره، قُبِلت البيِّنة في حقِّ الجبر على البيان لا على الأداء، كذا في "المحيط"[183]، وفي الذرة والْمَجِّ[184] ومثلهما يُعتَبَر العرف، كذا في "الفصول العمادية"[185].
وأمَّا الأشياء الستَّة فالمقدر فيها الكيل في الأربعة منها: البُرُّ، والتمر، والشعير، والملح، وفي الذهب والفضة هو الوزن، فلو ادَّعَى الدقيق بالقفيز لا تصحُّ؛ لانكِباسه بكبس[186]، [و][187] متى ذكر الوزن صحَّت.
ولا بُدَّ من ذكر أنَّه دقيق مَنخُول أو غير مَنخُول، مَخبُوز أو غير مَخبُوز، ومن ذكر الجودة والوساطة والرداءة كما في "الظهيرية"[188].
ودعوى البُر بالوزن قيل: تَصِحُّ، وقيل: لا، ويُفتَى بأنَّه يَسأل القاضي المُدَّعِي عن دَعواه، فلو قرضًا أو إهلاكًا[189] لا يُفتِي بالصحَّة؛ لأنَّه مضمون [يمثله][190]، ولو سلمًا أو بيع عين [بدين][191] في ذمَّته يُفتِي بالصحة كذا في "الفصول العمادية"[192].
[مطلب: اعتبار العرف بالوزن والكيل]:
وقال في "الفصولين": دعوى الملح والتمر والحنطة والشعير بالوزن لا تصحُّ[193]؛ لأنه مَكِيل بالنص، إلا على روايةٍ جاءت[194] أنَّ الوزن في المكيل إذا تعارَفُوه يكون موزونًا؛ لأنَّ النصَّ كان باعتِبار العرف، كذا في "البزازية"[195].
[مطلب: كون الذهب مضروبًا، مطلب بذكر نوعه، مطلب بذكر صفته]:
وإن كان المُدَّعَى [وزنيًّا][196] فإنما تصحُّ الدعوى إذا بيَّن الجنس بأن قال: ذهب أو فضة، وبعد ذلك إن كان مضروبًا يقول: كذا وكذا دينارًا، ويذكر نوعه إنَّه قسطنية الضرب، أو مصرية، أو ما أشبَه ذلك، ويَذكُر صفته أنه جيِّد أو وسط أو رديء، كذا في "المحيط"[197]، وهذه الدعوى إن كانت بسبب البيع، فلا حاجةَ إلى ذكر الصفة إذا كان في البلد نقد واحد معروف، وأمَّا إذا مضى من وقت البيع إلى وقت الخصومة زمان طويل؛ بحيث لا يُعلَم نقد البلد في ذلك الوقت، فحينئذ لا بُدَّ من بيان أنَّ نقد البلد في ذلك الوقت كيف كان، وبيان صفته؛ بحيث[198] تقع المعرفة من كلِّ وجه، كذا في "الذخيرة"[199].
[مطلب: إن كان في البلد نقود مختلفة]:
وإن كان في نقود مختلفة، والكلُّ في الرَّواج على السواء، ولا صرف للبعض على البعض - يجوز البيعُ ويُعطِي المشتري من أيِّ نقدٍ كان، إلا أنَّ في الدعوى يُعيِّن أحدَهما، وإن كان الكلُّ في الرَّواج على السواء، وللبعض صرف على البعض لا يجوز البيع إلا بعد بيانه.
وكذا لا تَصِحُّ الدعوى من غير بيانه وإن كان أحد النقدين أروج وللآخر فضل، فالعقد جائز وينصَرِف إلى الأروج، ولا تصحُّ الدعوى فيه ما لم يبيَّن، كذا في "المحيط"[200].
[مطلب: دعوى سبب القرض والاستِهلاك في الذهب والفضة]:
وإن كانت الدعوى بسبب القرض أو الاستِهلاك، فلا بُدَّ من بيان الصفة على كلِّ حال، كذا في "النهاية"[201].
وإن ذكر كذا دينارًا عثمانيًّا منتقدًا ولم يذكر الجيِّد فقد اختَلَف المشايخ فيه: قال بعضهم: لا حاجة إلى ذكر الجيِّد مع ذلك وهو الصحيح، ولو ذكر الجيِّد ولم يذكر المنتقد، فالدعوى صحيحة، وعند ذكر القسطنية أو المصرية لا يحتاج إلى ذكر الاحمرار، ولا بُدَّ من ذكر الجيد، وعليه عامَّة المشايخ.
[مطلب: أن يبيِّن من ضرب أيِّ والٍ]:
وفي "النسفي"[202] إذا ذكر أنَّه أحمرُ خالصٌ، كفى ولا يَحتاج إلى ذكر الجيِّد، ولا بُدَّ أن يُبَيِّن أنَّه من ضرب أيِّ والٍ عند البعض، وبعضهم لا يَشتَرِط ذلك وأوسع[203]، والأول أحوط كذا في "الذخيرة"[204].
[مطلب: وإن لم يكن الذهب مضروبًا]:
وإن لم يكن الذهب مضروبًا، فلا يذكر في الدعوى كذا دينارًا، وإنَّما يذكر [كذا مثقالاً][205]، وإن كان خالصًا من الغشِّ يذكر ذلك، وإن كان فيه عضٌّ ذكَر كذلك نحو العشرة تسعة أو ثمانية أو ما أشبه ذلك.
[مطلب: إن كان المُدَّعَى به نُقْرَة]:
وإن كان المُدَّعَى به نُقْرَة؛ أي: قطعة مُذابَة من الفضة وكانت مضروبة، يذكر نوعها، وهو ما يُضاف إليها، وصفتها أنَّها جيدة أو رديئة، وكذا يذكر قدرها أنَّها دراهم كذا وزن سبعة، وهو الذي [كل][206] عشرة منها سبعة مثاقيل.
[مطلب: إن كان المُدَّعَى به دراهم به دراهم مضروبة والغش فيها غالب]:
وإن كان المُدَّعَى به دراهم مضروبة والغشُّ فيها غالب، إن كان يَتَعامَل بها وزنًا يذكر نوعها وصفتها ومقدارها وزنًا، وإن كان يَتَعامَل بها عددًا يذكر عددها، كذا في "الظهيرية"[207].
وإن كانت فضَّة غير مضروبة ذكر فضَّة خالصة من الغشِّ إن كانت خالية، ويذكر نوعها، كقولهم: نقرة أفرنج أو [الروس][208] أو [طمغي][209]، ويذكر صفتها أنها جيِّدة أو رديئة أو وسط، وقيل: إذا ذكر أنها طمغي مثلاً، فلا حاجةَ إلى ذكر الجودة والرداءة، ولا يكتفي [بمجرَّد][210] قوله: إنَّها لنُقرة بيضاء ما لم[211] يذكر أنها طمغي؛ لترتَفِع الجهالة، كذا في "الوجيز"، ويذكر قدرها، كذا في "المحيط"[212].
[مطلب: وفي دراهم زماننا لا تصحُّ الدعوى]:
وقال مولانا الأنقروي[213]: وفي دراهم زماننا لا تصحُّ الدعوى، ولا صكٌّ إلا بذكر عِياره ووزنه وضربه وعدده، فلا بُدَّ من ذكر أربعة أشياء؛ لتفاوتها رواجًا[214] بالضرب، وتفاوتها فضة، وهو المقصود الأعظم عِيارًا، ولتفاوت ما فيها عرضًا وعرفًا بالعدد، ولتفاوت الفضة والنُّحاس فيها بالوزن، ولكن أكثرهم لا يعلمون، كذا في "التاتارخانية"[215].
[مطلب: ادَّعى مائة عدالية غصبًا]:
وإذا ادَّعى على آخر مائة عدالية غصبًا، وهي منقطعة من أيدي الناس يوم الدعوى [ينبغي أن][216] يدعي [القيمة][217] [218] يوم الدعوى والخصومة عند أبي حنيفة، ويوم الغصب عند أبي يوسف، وعند الانقطاع عند محمد[219].
ولا بُدَّ من بيان سبب وجوب الدراهم في هذه الصورة، كذا في "الذخيرة"[220]؛ لأنَّها لو كانت ثمن مَبِيع يَبطُل البيع بالانقِطاع عن أيدي الناس عند الإمام، وإن [كان بـ][221] سبب القرض أو النكاح الغصب تَجب القيمة، فلا بُدَّ من بيان السبب؛ ليعلم أنه هل هو الدعوى أو لا.
إذا فسد البيع بالانقِطاع كما ذكرنا، فعلى المُشتَرِي ردُّ العين إن كان قائمًا، وردُّ القيمة أو المثل لو [كان][222] قيميًّا أو مثليًّا إن لم يكن قائمًا، كذا في "البزازية"[223].
[مطب: الدين على الميت/ مطلب في دعوى الدين على التركة لا بُدَّ من بيانها]:
وفي دعوى الدَّين على الميت إذا ذكر أنَّه مات قبل أداء شيءٍ من هذا الدين، وخلف من التركة في يد هؤلاء الورثة ما يَفِي بقضاء الدَّين وزيادة، ولم يذكر أعيان تركته تسمع فيما عليه الفتوى، لكن لا يُحكم بأداء الدَّيْن على الوارث ما لم [تصل][224] التركة إليه، فإن أنكر وصول التركة إليه، وأراد إثباته لا يتمكَّن من ذلك، إلا أنْ يذكر أعيان التركة على وجهٍ يحصل به الإعلام، كذا في "الوجيز"[225].
وفي الدَّيْن لو ادَّعى المَدِين أنَّه بعث كذا من الدراهم إليه، [أو][226] قضى دينَه فلانٌ بغير أمره صحَّت الدعوى، ولو ادَّعَى قرض ألف درهم، وقال: وصل إليك بيد فلان وهو مالي لا تسمع، كذا في "العالمكيرية"[227] عن "الخلاصة".
[مطلب: دعوى بسبب الكفالة لا بُدَّ من بيان السبب]:
وفي دعوى المال بسبب الكفالة لا بُدَّ من بيان السبب، وكذا يذكر قَبول المكفول له في مجلسها، أمَّا لو قال: قَبِلَها في مجلسه فلا تصح[228]، وكذا لو ادَّعت المرأة بعد وفاة زوجها على ورثته مالاً لا تصحُّ بلا بيان السبب.
[مطلب: دعوى لُزُوم المال بسبب البيع والإجارة ونحوهما كان ذلك بالطوع]:
وفي دعوى لزوم المال بسبب البيع والإجارة ونحوها من التصرُّفات قالوا: لا بُدَّ أن يقول: كان ذلك بالطوع وحال نفاذ تصرُّفاته، فإنه له عليه؛ لتَصِحَّ دعوى الوجوب.
[مطلب: في دعوى مال الإجارة المفسوخة]:
وفي دعوى مال الإجارة المفسوخة بموت [الآجِر][229] إذا كانتِ الأُجرةُ دراهمَ أو عدالية ينبغي أن يذكر كذا دراهم، كذا عدالية، رائجة من وقت العقد لوقت الفسخ، كذا في "الذخيرة"[230].
وأمَّا إذا ادَّعى عند القاضي على آخَر عشرة دراهم، وقال: لي عليه عشرة دراهم، ولم يَزِدْ على هذا، ففيه اختلاف؛ قال بعضهم: صحيحة، وقال بعضهم: لا تصحُّ ما لم يقل للقاضي: مُرْه حتى يُعطيني حقي، ونحو ذلك.
وقال أبو نصر[231] - رحمه الله -: الصحيح أنَّه لا تصحُّ الدعوى؛ لأنَّهما لم يقدما إلا للطلب، كذا في "الخلاصة"[232].
[مطلب: في دعوى مال الإجارة لا يشترط التحديد]:
وإن ادَّعَى على آخَر ثمن مَبِيع مقبوض ولم يبيِّن المَبِيع، أو محدودٍ ولم يحدِّده، يجوز في الأصحِّ، وكذا في دعوى مال الإجارة المفسوخة لا يشترط تحديد المستأجر.
وإذا ادَّعى ثمن مَبِيع غير مقبوض لا بُدَّ من إحضار المَبِيع في مجلس القضاء؛ حتى يثبت البيع عند القاضي، كذا في "الخزانة"[233].
ولو ادَّعى على رجل أنَّ وصيِّي باع من أقمشتي منك بكذا في حال صِغَري، وأنَّه قد مات قبل استِيفاء شيء من الثمن، فادفع لي ثمنه، فقد قيل: لا تصحُّ هذه الدعوى؛ لأن بعد الموت حقَّ القبض[234] لورثة الوصي أو وصيه، وهو يدعي عليهما، وأمَّا على ما [قال][235] المشايخ: إذا مات الوكيل بالبيع قبل قبض الثمن، فحقُّ القبض ينتَقِل إلى الموكل، وينبَغِي أن يُقال ها هنا: حقُّ القبض إلى الصبي بعد بلوغه وتصحُّ الدعوى، كذا في "المحيط".
أقول: ظاهر قول المشايخ بلفظ (ينبغي) يُفِيد أنَّه لا تصحُّ الدعوى في ذلك، وهو كذلك؛ لأن الوكالة غير الوصاية، فإذا عزَلَه الموكل بعد إجازة البيع قبل القبض أو مات قبله فله ذلك، وأمَّا الصبيُّ فليس له ذلك، فحكمه غير حكمه ولا يُقاس، كذا في "الفصولين".
ثبت المصادر والمراجع
1 - الاختيار لتعليل المختار، عبدالله بن محمود الموصلي، تحقيق: عبداللطيف عبدالرحمن، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة، 1426 هـ.
2 – الاستذكار، يوسف بن عبدالله بن عبدالبر، تحقيق: سالم عطا، ومحمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1421 هـ.
3 – الأعلام؛ خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر 2002م.
4 - أعلام الموقعين عن رب العالمين، محمد بن أبي بكر ابن قيِّم الجوزية، تحقيق: طه سعد، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة 1388 هـ.
5 - إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، إسماعيل باشا البغدادي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
6 - البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجم الحنفي، دار المعرفة، بيروت.
7 - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين الكاساني، دار الكتاب العربي، بيروت، 1982م.
8 - البداية والنهاية، إسماعيل بن كثير الدمشقي، مكتبة المعارف، بيروت.
9 - البدر الطالع، محمد بن علي الشوكاني، اعتني به: خليل المنصور، دار الكتب العلمية، بيروت، 1418 هـ.
10 - تاج العروس من جواهر القاموس، محمد الحسيني الزبيدي، جماعة من المحقِّقين، دار الهداية.
11 - تبيين الحقائق، عثمان بن علي الزيلعي، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، 1313هـ.
12 - تاج التراجم، قاسم بن قطلوبغا الحنفي، اعتنى به: إبراهيم صالح، دار المأمون للتراث، الطبعة الأولى 1412 هـ.
13 – التاتارخانية، عالم بن العلاء الأنصاري، تحقيق: سجاد حسين، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، الطبعة الأولى.
14 – التاتارخانية، مركز المخطوطات والتراث والوثائق الكويتي، رقم 44/ 285.
15 - تهذيب طبقات الفقهاء، محمد بن منظور، تحقيق: إحسان عباس، دار الرائد العربي بيروت، الطبعة الأولى 1970 م.
16 - التوقيف على مهمَّات التعاريف، محمد المناوي، تحقيق: د. محمد الداية، دار الفكر المعاصر، الطبعة الأولى 1410 هـ.
17 - التشكيلات المركزية العثمانية، عبدالكريم العزيز، صنعاء، 2003 م.
18 - تاريخ مؤسسة شيوخ الإسلام في العهد العثماني، أحمد صدقي شقيرات، إربد الأردن، الطبعة الأولى 1423 هـ.
19 - جامع الفصولين، محمود بن إسرائيل الشهير بابن قاضي سماونة، الطبعة الأولى 1300 هـ.
20 - الجواهر المضيَّة، عبدالقادر بن محمد القرشي، تحقيق: عبدالفتاح الحلو، دار هجر.
21 - الحكم العثماني في اليمن 1872 – 1918، فاروق أباظة، دار العودة، بيروت، الطبعة الثانية 1979 م.
22 - الدراية في تخريج أحاديث الهداية، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار المعرفة، بيروت.
23 - الدولة العثمانية في المجال العربي، د. فاضل بيات، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2117م.
24 - سنن الدار قطني، علي بن عمر الدارقطني، دار المعرفة، بيروت، 1386 هـ.
25 - السنن الكبرى، أحمد بن الحسين البيهقي، تحقق: محمد عطا، مكتبة دار الباز، مكة، 1414 هـ.
26 - سِيَر أعلام النبلاء، محمد بن أحمد الذهبي، جماعة من المحقِّقين، مؤسسة الرسالة بيروت.
27 - شرح أدب القاضي للخصاف، عمر بن مازه، تحقيق: محيي هلال، وزارة الأوقاف العراقية، بغداد الطبعة الأولى 1397 هـ.
28 - شرح عقود رسم المفتي، محمد بن عابدين، مركز توعية الفقه الإسلامي، حيدر آباد، الطبعة الثانية، 1422 هـ.
29 – الصحاح، إسماعيل بن حماد الجوهري، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الرابعة، 1990 م.
30 – الضعفاء، محمد بن عمر العقيلي، تحقيق: عبدالمعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1404 هـ.
31 - العناية شرح الهداية، محمد بن محمود البابرتي، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى.
32 - الفتاوى الأنقروية، محمد بن حسين الأنقروي، دار الطباعة المصرية، بولاق.
33 - الفتاوى البزازية، محمد بن محمد البزاز، مطبوعة بهامش الفتاوى الهندية.
34 - الفتاوى الخيرية، خير الدين الرملي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية 1974م.
35 - فتاوى قاضي خان وبهامشه الفتاوى السراجية، المكتبة الحقانية، بيشاور.
36 - الفتاوى الهندية المعروفة بالفتاوى العالمكيرية، الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، اعتنى بها: عبداللطيف حسن، دار الكتب العلمية، بيروت.
37 - فتح القدير، محمد بن عبدالواحد المعروف بابن الهمام، دار الفكر، بيروت.
38 - فرجة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن، عبدالواسع الواسعي، مكتبة اليمن الكبرى، صنعاء، الطبعة الثانية، 1990م.
39 - الفقيه والمتفقه، أحمد بن علي الشهير بالخطيب البغدادي، تحقيق: عادل العزازي، دار ابن الجوزي، 1417هـ.
40 - فهرس الفهارس، عبدالحي الكتاني، تحقيق: إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية 1982 م.
41 - الكافي شرح الوافي، عبدالله بن أحمد النسفي، رسالة دكتوراه، تحقيق: فيصل اليوسف، المعهد العالي للقضاء.
42 - الكامل، عبدالله بن عدي الجرجاني، تحقيق: يحيى غزاوي، دار الفكر، بيروت 1409 هـ.
43 - كشف الظنون، حاجي خليفة، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
44 - اللباب في شرح الكتاب، عبدالغني الغنيمي، دار الكتاب العربي، بيروت.
45 - لسان الحكام في معرفة الأحكام، إبراهيم بن أبي اليمن الحنفي، الناشر مصطفى الحلبي، القاهرة، 1393 هـ.
46 - لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور، دار صادر، بيروت.
47 - مجمع الأَنْهُر في شرح ملتقى الأَبْحُر؛ عبدالرحمن بن محمد المدعو شيخي زاده، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419 هـ.
48 - مجموع بلدان اليمن وقبائلها، محمد الحجري، تحقيق: إسماعيل الأكوع، مكتبة الإرشاد، صنعاء، الطبعة الثالثة 1425 هـ.
49 - المحيط البرهاني، محمود بن مازه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
50 - مختصر الطحاوي، أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق: أبو الوفاء الأفغاني، دار إحياء العلوم، بيروت، الطبعة الأولى 1406 هـ.
51 - المذهب الحنفي: مراحله، طبقاته... أحمد بن محمد النقيب، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى 1422 هـ.
52 - المستدرك على الصحيحين، محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1411 هـ.
53 - المصباح المنير وغريب الشرح الكبير، أحمد بن محمد الفيومي، دار الفكر، بيروت.
54 - معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، مؤسسه الرسالة، بيروت.
55 - المقادير الشرعية، محمد نجم الكردي، القاهرة، الطبعة الثانية 1426هـ.
56 - المكاييل والموازيين الشرعية، علي جمعة، القدس للإعلام والنشر، القاهرة، الطبعة الثانية 1421 هـ.
57 - ملتقى الأبحر، إبراهيم بن محمد الحلبي، تحقيق: وهبي الألباني، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1409 هـ.
58 - منهاج السنة النبوية، أحمد بن عبدالحليم بن تيميَّة، تحقيق: د. محمد رشاد سالم، مؤسسة قرطبة، الطبعة الأولى 1406 هـ.
59 - نيل الوطر من تراجم رجال اليمن في القرن الثالث عشر، محمد زبارة الحسني، المطبعة السلفية، القاهرة، 1348 هـ.
60 - الهداية شرح البداية، علي بن أبي بكر المرغيناني، المكتبة الإسلامية، بيروت.
61 - هدية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، إسماعيل البغدادي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
[1] انظر: تاريخ اليمن المسمى "فرجة الهموم والحزن"، للواسعي، ص 91، 274، "الحكم العثماني في اليمن"، ص 104، 105، 119، 120، 274، "ثورة اليمن ضد الحكم العثماني"، ص 127 - 142، وينظر للاستِزادة كتاب "الدولة العثمانية في المجال العربي"، وهذه الفترة هي التي عاش فيها مصنف الكتاب.
[2] الحديدة: مدينة يَمنية مشهورة على ساحل البحر الأحمر غربي صنعاء، وهي مركز لواء الحديدة الذي يشمَل جملة قضوات من تِهامَة، وأهلُ الحديدة خَلِيطٌ من عرب وهنود، وأتراك وفرس؛ "مجموع بلدان اليمن وقبائلها"، 1/ 250.
[3] لعلَّ المستقرئ لتاريخ العَلاقة بين الأتراك وأهل اليمن يُدرِك سرَّ القطيعة بين الطرفَيْن، والتي لم تكن نتائجها على المستوى السياسي فقط، بل تعدَّتْ ذلك إلى العُلَماء وطلَبَة العلم، وإنَّ المُطَّلِع على ما كتب الشوكاني في "البدر الطالع"، وكتاب الواسعي "فرجة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن"، وكتاب محمد زبارة الصنعاني "نيل الوطر من تراجم رجال اليمن في القرن الثالث عشر" - لَيَعجَبُ من قلَّة إيراد أيَّة ترجمة لعالم تركي مِمَّن نزل اليمن واستَوطَنَه، كمؤلِّف هذا الكتاب أو أيِّ عالِمٍ آخر، حتى لو كان يمنيًّا لكنَّه عمل تحت الإدارة التركية.
[4] انظر: "إيضاح المكنون" 4/ 712، "الأعلام" 2/ 187، "معجم المؤلفين" 3/ 315، وهذه المصادر المذكورة لم تَتناوَل من سيرة المؤلف إلا النَّزر اليسير لا يتجاوَز أسطرًا معدودة.
[5] انظر: "إيضاح المكنون" 4/ 712، وفي "الأعلام" 2/ 187، "متفقه رومي".
[11] ص 11، 12 من التقريرات.
[18] انظر: ص 5، وانظر مزيدًا من الثناء على المؤلف فيما قرَّره محمد عابد عبدالقادر نائب جبل ريمه، ص 2، ومُصَحِّح هذا الكتاب نور محمد عبدالصمد، ص 109، والعلاَّمة محمد بن عبدالله الزواك الحسيني ص 14.
[19] انظر: مقدمة المؤلف، وتقريظ العلامة محمد أمين العباسي ص 11.
[20] انظر: "التشكيلات المركزية العثمانية والإدارة المحلية في اليمن 1850 - 1918م" ص 210.
[35] يعني بالوزير: أحمد مختار باشا الغازي من كِبار القادَة العثمانيين تنقَّل في أعمال بالحجاز واليمن، وألبانيا ومصر (مندوبًا ساميًا)، وعاد إلى بلاده من أعضاء مجلس الأعيان (1908) وصدرًا أعظم (1913) وتُوُفِّي بالأستانة، لُقِّب بـ(الغازي) لحسن بلائه في الحرب التركية الروسية؛ انظر: "الأعلام" 1/ 255.
[36] في الأصل: "مكمور" وليس لها معنى يُناسِب السياق، ولعلَّ المُثبَت هو الصواب، والمكمود: مَن أصابَه الكمد، وهو الهمُّ والحزن المكتوم، والكمد أشد الحزن، "لسان العرب" 3/ 380، مادة "كمد".
[37] في الأصل: "ذلك"، ولعلَّ المثبت أوضح للمراد.
[38] الأفندي: السيد الكبير، "تاج العروس" 8/ 509، مادة "فند".
[39] في الأصل: "والسفيه" والمُثبَت أَوْلَى؛ ليناسب السياق في معرض صيغة الجمع.
[40] هيهات: كلمة معناها البُعْد، وقيل: (هيهات) كلمة تبعيد، "لسان العرب" 13/ 552، مادة "هـ ي هـ".
[41] في الأصل: "والفقيه" والمُثبَت أَوْلَى ليناسب السياق في معرض صيغة الجمع.
[42] كذا في الأصل فيكون المقصود الأزمنة، ويحتمل أن تكون "لهذه".
[43] في الأصل: "المعادل"، والمُثبَت هو الصحيح يُوَضِّحه ما بعده، ويعني به السلطان العثماني عبدالعزيز.
[44] الأمائل: الأكابر، ولابن المستوفي (ت 637 هـ) في تاريخ إربل "نباهة البلد الحافل بما وَرَده من الأمائل".
[45] الرِّتاج: الباب المغلق، "لسان العرب" 2/ 279، مادة "رتج".
[46] ما أورده المؤلف - عفا الله عنه - في هذا الموضع مما يؤخذ عليه أن يصف مَن عبَّر عنه بشيح الإسلام ومفتي الأنام، بأنه لاقح نتاج الرسل؛ إذ إنَّه تكلُّف في العبارة مذموم، وهذه العبارة بلفظها نقلها من مقدمة "الفتاوى الهندية" 1/ 3، إلاَّ أنها وردَتْ هناك في جناب المصطفى - صلوات الله وسلامه عليه - وفي كلٍّ تكلُّف في العبارة، والله المستعان.
[47] في الأصل: "علماء"، والمُثبَت أَوْلَى وهو ظاهر.
[48] أصل الضَّيْم في اللغة: الظُّلم، "لسان العرب" 12/ 359، مادة "ضيم".
[49] الشجر: الصرف، يقال: شجره عن الأمر يشجره شجرًا، صرَفَه، "لسان العرب" 4/ 394، مادة "شجر".
[50] يظهر هنا اقتِباس المؤلِّف من مقدِّمة "الفتاوى الهندية، العالمكيرية" وفيها 1/ 3: فيشجر المبتغِي للتمسُّك بالأليق والأقوى".
[53] مسائل التوسُّل من المسائل التعبُّدية، والشأن في هذه المسائل أنها تَوقيفيَّة، فلم يُشَرِّع الله ولا رسوله هذه العبارة وأمثالها، وإنما شرع الله لعباده التوسُّل إليه بأسمائه وصفاته، وبتوحيده، والإيمان به، وبالأعمال الصالحات وليس بجاه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا غيره، فإن التوسُّل بذلك بدعة.
[54] كذا في الأصل، ولعلها: آمين يا ملك يا علام.
[55] انظر: "لسان العرب" 15/ 186، مادة "قضى".
[56] انظر: "الاحتيار لتعليل المختار" 2/ 87، "الفتاوى الهندية، العالمكيرية" 3/ 306.
[57] "خِزانة المفتين في فروع الحنفية" كذا في "الفتاوى الهندية" 3/ 306، يقع في مجلَّدين، في المكتبة الأزهرية، لحسين بن محمد السمنقاني من عُلَماء القرن الثامن، "معجم المؤلفين" 1/ 354، "الأعلام" 2/ 256.
[58] في الأصل: "فيها"، والمُثبَت هو الصواب؛ لعوده على القضاء.
[59] أخرجه الدارقطني في "سننه"، كتاب في الأقضية والأحكام وغير ذلك، كتاب عمر - رضِي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضِي الله عنه - 4/ 206، والبيهقي في "السنن الكبرى"، كتاب آداب القاضي، باب إنصاف الخصمين في المدخل عليه والاستِماع منهما... 10/ 135، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" 1/ 284، وتُعرَف هذه الرسالة برسالة القضاء، وقد تلقَّاها العُلَماء بالقَبُول، ورَواها جماعات من أهل الحجاز والشام والعراق ومصر؛ قال الحافظ ابن عبدالبر في "الاستذكار" 7/ 104: "وهذا الخبر رُوِي عن عمر من وجوه كثيرة من رواية أهل الحجاز، وأهل العراق، وأهل الشام، ومصر"، وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "منهاج السنة" 6/ 71: "رسالة عمر المشهورة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري تَداوَلَها الفقهاء، وبنوا عليها، واعتَمَدوا على ما فيها من الفقه وأصول الفقه، ومن طرقها ما رواه أبو عبيد وابن بطَّة وغيرهما بالإسناد الثابت"، وقال ابن القيِّم في "إعلام الموقعين" 1/ 94: "وهذا كتاب جليل، تلقَّاه العُلَماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه وإلى تأمُّله والتفقُّه فيه"، وقال ابن فرحون في "التبصرة" ص 24: "قال ابن سهل: وهذه الرسالة أصلٌ فيما تضمَّنته من فصول القضاء، ومعاني الأحكام، وعليها احتَذَى قضاة الإسلام، وقد ذكَرَها كثيرٌ من العُلَماء، وصدَّروا بها كتبهم منهم عبدالملك بن حبيب".
[60] ما بين المعقوفتين ليست في الأصل، وهي مذكورة في جميع المصادر التي يعتَمِد عليها المصنف كـ"تبيين الحقائق" 4/ 176، "الفتاوى الهندية" 3/ 296، وسيأتي تخريج الحديث.
[61] لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن أخرج الحاكم في "المستدرك" في كتاب الأحكام 4/ 104 من حديث ابن عباس - رضِي الله عنهما - مرفوعًا: ((مَن استعمل رجلاً على عصابة وفي تلك العصابة مَن هو أرضى لله منه، فقد خان الله، ورسوله، وجماعة المسلمين))؛ قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
قلت: في إسناده حسين بن قيس الرحبي، قال عنه أحمد بن حنبل والنسائي: متروك.
ورواه ابن عدي في "الكامل" 2/ 352، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 247، وقال: "إنما يُعرَف من كلام عمر - رضي الله عنه - وقال الحافظ ابن حجر في "الدراية" 2/ 165: "وفي إسناده حسين بن قيس الرحبي، وهو واهٍ".
[62] ما بين المعقوفتين ليست في الأصل، وهي زيادة يقتَضِيها السياق كما في "الفتاوى الهندية" 3م 296.
[63] "المحيط": المراد به هنا "محيط السرخسي" كما في "الفتاوى الهندية" 3م 296، والسرخسي هو رضي الدين محمد بن محمد السرخسي المتوفَّى سنة 671 هـ، ويسمى "محيطه" "المحيط الرضوي"، ومحيطه ثلاث محيطات: الأوَّل عشر مجلدات، وهو المراد إذا أُطلِق غالبًا، والثاني: أربع مجلدات، والثالث: مجلدان؛ انظر: "كشف الظنون" 2/ 1620، وقال ابن عابدين في "شرح عقود رسم المفتي" واصِفًا طريقة مؤلفه في عرض المسألة ص 12: ""المحيط"؛ لرضي الدين السرخسي ذكر أولاً مسائل الأصول، ثم النوادر، ثم الفتاوى، ونعم ما فعل"، قال في "كشف الظنون" 2/ 1619 نقلاً عن ابن الحنائي: "وأصحابنا يُفَرِّقون بين المحيطين في التلقيب، فيقولون للكبير: "المحيط البرهاني"، وللصغير: "المحيط للسرخسي".
[64] انظر: "الفتاوى الهندية" 3/ 299.
[65] أحمد بن عمرو الخصاف الشيباني كان فاضلاً، عارفًا بالفقه، مقدَّمًا عند الخليفة المهتدي بالله، من مصنَّفاته كتاب "الحيل"، و"أدب القاضي"، و"أحكام الوقف"، تُوفِّي ببغداد سنة 261 هـ.
[66] ووافَقَه الخصاف، انظر: "جامع الفصولين" 1/ 14، "الفتاوى الهندية" 3/ 299.
[67] 3/ 299 و"الفتاوى العالمكيرية" هي "الفتاوى الهندية"، والتسمية بالهندية أشهر، جمَعَها الشيخ نظام الدين وجماعة من عُلَماء الهند بأمر أبي المظفر محيي الدين أورنك زيب بهادر عالم كير، سلطان الهند، وهذه الفتاوى من أهمِّ مراجع الفقه الحنفي، وإن جاءت متأخِّرة زمانًا، فقد حوَتْ ما استقرَّ عليه عُلَماء المذهب الحنفي من جهة التصحيح والترجيح.
[68] انظر: "المحيط البرهاني" 8/ 457، "أدب القاضي"؛ للخصاف مع "شرحه"؛ للصدر الشهيد 2/ 30.
[69] انظر: "أدب القاضي مع شرحه"، للصدر الشهيد، 2/30، 64.
[70] أي: وينبغي أن يعرف من الناسخ، كما في "الفتاوى الهندية" 3/ 229.
[71] فإنه يُطلَق على الطُّهر والحيض، فإن الله نصَّ على الأقراء، واختَلَف العلماء في تأويله.
[72] في الأصل: "اختلف"، والمُثبَت أَوْلَى؛ لعوده على الأخبار، انظر: "المحيط البرهاني" 8/ 406، "الفتاوى الهندية" 3/ 299.
[73] انظر: "مختصر الطحاوي" ص 327، وعبارته فيه: "وإن كان قضى بقضاءٍ، ثم تبيَّن له أنَّ غير ما قضى به أَوْلَى ممَّا قضى به؛ لأنَّ الذي قضى به خلاف الكتاب والسنَّة والإجماع، أبطَلَه، وإن كان غير ذلك، لم يبطله، وقضى في المستأنف بالذي يراه".
ومختصر الطحاوي أوَّل مختصر في الفقه الحنفي يَذكُر أمَّهات المسائل وعيون رواياتها المُعتَبَرة، ومختاراته الظاهرة المُعوَّل عليها عند الفقهاء، وقد رتَّب الطحاوي "مختصره" كترتيب "مختصر المزني"، ولهذا المختصر شروح عِدَّة، منه شرح أبي بكر الجصاص في أربعة مجلدات كبار، وشرح السرخسي صاحب "المبسوط" في خمسة أجزاء، وشرح الإسبيجابي وغيرهم؛ انظر: مقدمة "مختصر الطحاوي" 3 - 6.
[74] "الفتاوى العتابية" كما في "الفتاوى الهندية" 3/ 301، و"الفتاوى العتابية"، وتُسمَّى "جوامع الفقه"، لأبي نصر أحمد بن محمد العتابي، ت 586 هـ، والعتابي نسبةً لبلدةٍ ببُخارَى، "تاج التراجم" ص 25.
[75] كما في "الفصول العمادية"؛ انظر: "الفتاوى الهندية" 3/ 301.
[76] 1/ 56، و"الكافي شرح الوافي في الفروع"، لأبي البركات عبدالله بن أحمد حافظ الدين النسفي الحنفي المتوفى سنة 710 هـ، من الكتب المُعتَبَرة في المذهب، شرَح فيه كتابه "الوافي"، وذكر الأتقاني في "غاية البيان": أنه لَمَّا نوى أن يشرح "الهداية" سمع به تاج الشريعة، وهو من أكابر عصره، فقال: لا يَلِيق بشأنه فرجع عمَّا نواه، وشرع في أن يُصَنِّف كتابًا مثل "الهداية"، فألَّف: "الوافي" على أسلوب "الهداية"، ثم شرَحَه، وسماه: "بالكافي"؛ انظر: "كشف الظنون" 2/ 1997.
[77] في الأصل: "لرعنة"، وهو خطأ ظاهر، والصحيح هو المُثبَت كما في "الفتاوى الهندية" 3/ 313، نقلاً عن "محيط السرخسي".
[78] "محيط السرخسي"؛ انظر: "الفتاوى الهادية" 3/ 313.
[79] "تبيين الحقائق" 4/ 176، و"تبيين الحقائق"، للزيلعي شرحٌ لمختصر في الفقه الحنفي هو "كنز الدقائق"، لحافظ الدين النسفي، حَلَّ فيه الزيلعي ألفاظه، وعلَّل أحكامه، وزاد عليه شيئًا من الفروع، وما يُحتاج إليه من اللواحق؛ قال في "تاج التراجم" ص 144: "فأجاد وأفاد، وحرَّر وانتقد، وصحَّح ما اعتمد"؛ انظر: "الفقه الحنفي" 2/ 546.
[80] انظر: "الفتاوى التاتارخانية" جـ 3/ ل 12ب، و"الفتاوى التاتارخانية"، للفقيه عالم ابن العلاء الحنفي، صنَّفها سنة 777هـ للأمير تاتارخان وسمَّاها باسمه، جمع فيها مسائل "المحيط البرهاني"، لابن مازه، و"الذخيرة"، و"الخانية"، و"الظهيرية"، ورتَّبَها على أبواب الهداية؛ انظر: مقدمة المحقِّق القاضي سجاد حسين 1/ 28، والموضع المذكور ليس في المطبوع.
[81] في "الفتاوى الهندية" 3/ 314: أو حاجة إلى الجِماع.
[82] الكظيظ: الممتلئ، "لسان العرب" 7/ 457، مادة "كظظ"، قال في "المحيط البرهاني" 8/ 443: "لأنه إذا كان هكذا يملُّ القوم، ويحب النوم".
[83] لعله "الحاوي في الفقه"، لبكترش أبي الفضائل نجم الدين التركي الفقيه والأصولي، عرض عليه الخليفة المستنصر قضاء القُضَاة فامتنع، تُوُفِّي سنة 652 هـ؛ انظر: "تاج التراجم" 73.
[84] ما بين المعقوفتين ليست في الأصل، وهي زيادة يقتَضِيها السياق، وكذا في "الفتاوى الهندية" 3/ 314.
[85] "الفتاوى البزازية" 5/ 142 بهامش "الفتاوى الهندية"، و"الفتاوى البزازية"، لمحمد بن محمد الكردري الشهير بابن البزاز ت سنة 827 هـ، لَخَّص فيها ابن البزاز زبدة مسائل الفتاوى والواقعات من الكتب المختلفة، ورجَّح ما ساعَدَه الدليل، وذكر الأئمَّة أن عليه التعويل؛ "كشف الظنون" 1/ 242، "هدية العارفين" 3/ 209.
[86] "تبيين الحقائق" 4/ 178.
[87] في مجلس القضاء، ولكن يجلس في طرفي النهار أو ما أطاق، كذا في "المحيط البرهاني" 8/ 443، وانظر: "الفتاوى الهندية" 3/ 314.
[88] 2/ 258، ونقَلَه في "المحيط البرهاني" 8/ 443 من مَشايخ الحنفية، و"الفتاوى السراجية"؛ لسراج الدين علي بن عثمان الأوشي الفرغاني ت 575 هـ، فرغ من تأليفها سنة 569 هـ، وفيها نوادر ووقائع لا تُوجَد في أكثر الكتب.
[89] في الأصل: "يصالحون"، والتصحيح من "لسان الحكام" 219، "الفتاوى الهندية" 3/ 314.
[90] لأنَّ أَمرَ القضاء يُورِث الضغِينة، فيحتَرز عنه ما أمكن، ولم أقف عليه في "التاتارخانية"، وانظر: "لسان الحكام" 1/ 219، "الفتاوى الهندية" 3/ 329.
[91] محمد بن عبدالله بن محمد أبو جعفر البلخي الهندواني، عالم حنفي كبير، كان من براعته في الفقه يُقال له: أبو حنيفة الصغير، من مصنَّفاته "شرح أدب القاضي لأبي يوسف"، توفي ببُخارَى سنة 362 هـ.
[92] "المحيط البرهاني" 8/ 403.
[93] انظر: "فتح القدير" 7/ 256.
[94] "المحيط البرهاني" 8/ 474.
[95] انظر: "الفتاوى الولوجية" 4/ 9، و"الفتاوى الولوالجية"، لظهير الدين أبي الفتح عبدالرشيد الولوالجي، نسبة لولوالج محلة بها وُلِد وتُوُفِّي بعد سنة 540 هـ، "هدية العارفين" 1/ 300، "الأعلام" 3/ 353.
[96] "الخلاصة"، للبخاري، وانظر: "الفتاوى الهندية" 3/ 323، و"الخلاصة" كتاب مشهور مُعتَمَد في مجلد ذكر في أوَّله: أنَّه كُتِب في هذا الفن "خِزانة الواقعات" وكتاب "النصاب"، فسأل بعض إخوانه تلخيص نسخة قصيرة يُمكِن ضبطها، فكَتَب "الخلاصة" جامعةً للرواية، خاليةً عن الزوائد مع بيان مواضع المسائل، وكتب فهرست الفصول والأجناس على رأس كلِّ كتاب؛ ليكون عونًا لِمَن ابتُلِي بالفتوى.
[97] في الأصل: "قول"، ولعلَّ المُثبَت أَوْلَى، والمراد بالقول الثاني قول الصاحبَيْن: أبي يوسف، ومحمد: إنَّ القاضي يَقضِي بعلمه، ثم إن محمدًا رجع عن ذلك؛ انظر: "مجمع الأَنْهُر" 3/ 234، "الفتاوى الهندية" 3/ 323.
[98] الرساتيق: جمع رستاق، وهو معرَّب ويُستَعمَل في الناحية التي هي طرف الأقاليم، "المصباح المنير" 1/ 226.
[100] انظر: "المحيط البرهاني" 8/ 447، "الفتاوى الهندية" 3/ 323، و"المنتقى" كتاب في فروع الحنفية للحاكم الشهيد أبي الفضل محمد بن محمد المقتول سنة 334 هـ، قال في "كشف الظنون" 2/1851: "ولا يُوجَد "المنتقى" في هذه الأعصار، وفي كتابه نوادِر من المذهب استخلَصَها من 300 جزء مثل الأمالي والنوادر حتى انتقى كتابه هذا".
[101] محمد بن سماعة بن عبيدالله التميمي أخَذ العلم عن أبي يوسف ومحمد جميعًا وكتب النوادر عن محمد، ولي قضاء بغداد للمأمون، توفي سنة 233هـ؛ "طبقات الفقهاء" ص 138، و"سير أعلام النبلاء" 10/ 646.
[102] انظر كلام ابن سماعة في المسألة بأطول ممَّا ذكر في "المحيط البرهاني" 8/ 496، و"الفتاوى الهندية" 3/ 326.
[103] انظر: "المحيط البرهاني" 8/ 497، "الفتاوى الهندية" 3/ 326.
[104] قال في "المحيط البرهاني" 8/ 497: "قال شمس الأئمَّة الحلواني: ما ذكر في ظاهر الروايات قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد أولاً، وما روى ابن سماعة فهو قوله آخرًا".
[105] القائل هو شمس الأئمَّة الحلواني كما في "المحيط البرهاني" 8/ 497، و"الفتاوى الهندية" 3/ 326.
[106] حيث قال محمد: ولا تأخذ بقوله حتى تعاين الحجة؛ لأن قوله يحتمل الغلط أو الخطأ والتدارك غير ممكن، وعلى هذه الرواية لا يقبل الكتابة؛ انظر: "الهداية شرح البداية" 3/ 115، و"فتح القدير" 7/ 359، و"العناية شرح الهداية" 10/ 364.
[107] في "المحيط البرهاني" 8/ 497، و"الفتاوى الهندية" 3/ 326: "وكثير من".
[108] في "جامع الفصولين" 1/ 14 العبارة أكثر وضوحًا، وهذا نصُّها: "قال: لعلَّ القاضي غلط، فشرط مع علمه شهادة آخر؛ ليصير علمه مع شهادة الآخر بمعنى شاهدين".
[109] "جامع الفصولين"، لابن قاضي سماونة، جمَع فيه بين "فصول العمادي" و"فصول الأستروشني"، وهما من أجلِّ ما صُنِّف في الفتاوى، وأنفع ما أعدَّ لفصل الخصومات والدعاوى، وأضاف إليه إضافات قيِّمة جعَلَه في أربعين فصلاً فرغ من تأليفه سنة 814 هـ، مقدمة الكتاب 1/ 1.
[110] 3/ 343، 394، والعبارة التي نقَلَها عن "الجامع" 1/ 14 موجودةٌ في كلام مَن تقدَّمه كصاحب "الهداية شرح البداية" 3/ 115، و"فتح القدير" 7/ 359، وغيرهما.
[111] في الأصل: "أوجه"، والصواب المُثبَت يوضِّحه ما بعده، وانظر العبارة في "المحيط البرهاني" 8/ 545، و"الفتاوى الهندية" 3/ 346.
[112] ما بين المعقوفتين ليست في الأصل ويقتَضِيها السِّياق.
[113] في "المحيط" 8/ 545: الشركة.
[114] "المحيط البرهاني" 8/ 545.
[115] انظر: "مختصر الطحاوي" ص 332، و"الفتاوى الهندية" 3/ 347.
[116] في الفتاوى: "لهذا الوكيل".
[117] قوله: "لأنَّ القضاء يقع للوكيل من حيث الظاهر"، ليس في "الفتاوى".
[118] بتصرُّف، انظر: "الفتاوى" 3/ 347.
[119] انظر: "الفتاوى الهندية" 3/ 298.
[120] في "الفتاوى الهندية" 3/ 298، قال مشايخ ديارنا: لا بأس بقبوله لِمَن كان صالِحًا يَأمَن من نفسه الجَوْر، والامتِناع لغيره أَوْلَى، فإنَّ الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - ومَن تلاهم قَبِلُوه بلا كره، كذا في "الوجيز"، للكردري، فعبارة المصنِّف في المتن مُوهِمة؛ وذلك أن الكردري هو محمد بن محمد أصله من "كردر" بجهات خوارزم مُتَوفَّى سنة 827 هـ، وقيل: قبل ذلك، فليتنبَّه.
[122] في الأصل: "فيها"، والمُثبَت أَوْلَى؛ لعوده على المطلب.
[123] في الأصل: "هذا"، والمثبت هو الصواب، وهو ظاهر.
[124] يعني: "محيط السرخسي"، كما في "الفتاوى الهندية" 4/3.
[125] ما بين المعقوفتين ليسَ في الأصل، ويقتَضِيه السِّياق ويوضِّحه ما بعده: "ولا عليهما"، وكذا ما جاء في "بدائع الصنائع" 6/ 222، و"البحر الرائق"، 7/ 191، و"الفتاوى الهندية" 4/ 3.
[126] "بدائع الصنائع" 6/ 222، لمؤلِّفه أبي بكر علاء الدين بن مسعود الكاساني المتوفَّى سنة 587 هـ، يُلَقَّب بملك العلماء، تفقَّه على السمرقندي صاحب "التحفة"، وزوَّجه ابنته فاطمة الفقيهة، وجعل مهرها شرح كتاب التحفة، فشرحه وسماه "البدائع"، وقال الفقهاء: "شرح تحفته، وزوَّجه ابنته، ويُعَدُّ هذا الكتاب من الكتب المُعتَمَدَة في المذهب الحنفي"؛ "الجواهر المضية" 4/ 25.
[127] ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، والمُثبَت كما في "تحفة الفقهاء" 3/ 181، و"الفتاوى الهندية" 4/ 2، وبه تتَّضح العبارة، وأوضح من ذلك أن يُقال: أنْ يتعلَّق به حكم على المطلوب منه.
[128] في "الفتاوى الهندية" 4/ 3 دمَج بين الثالث والرابع، فاتَّضَحت العبارة؛ حيث جاء: "ومنها أن يكون المُدَّعَى به شيئًا معلومًا، وأن يتعلَّق به حكمٌ على المطلوب، حتى لو كان المُدَّعَى به مجهولاً، أو لا يلزم على المطلوب شيء...".
[129] انظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 2.
[130] 2/ 521 وفيه: "حتى لا يستحق على المدعَى عليه جوابه".
[131] المُخَدَّرة: المَصُونة عن الامتِهان والخروج لقضاء الحوائج؛ "المصباح المنير" 1/ 165، و"التوقيف على مهمَّات التعاريف" صـ 309.
[132] في الأصل: "كون أحد الخصم"، والمُثبَت أَوْلَى بحذف "أحد" لسلامة السِّياق.
[134] في الأصل: "الرملي الحيزي"، والمُثبَت هو الصواب، والرملي هو خير الدين ابن أحمد الفاروقي الرملي، شيخ الحنفية في عصره، وصاحب الفتاوى السائرة، المتوفى سنة 1081 هـ بالرملة؛ "الأعلام" 2/ 327، و"فهرس الفهارس" 1/ 386.
[135] انظر: "الهداية" 3/ 127، و"فتح القدير" 7/ 508، و"الاختيار لتعليل المختار" 2/ 168، و"العناية" 11/ 80، و"البحر الرائق" 7/ 142، و"اللباب" 1/ 2103.
[136] برهان الأئمَّة محمود بن صدر الشريعة الأوَّل عبيدالله بن إبراهيم المحبوبي الفقيه الحنفي ت 673 هـ، من مصنَّفاته: "الواقعات"، و"الوقاية" صنَّفه لابن ابنته صدر الشريعة الثاني، و"كشف الظنون" 2/ 2020، و"هدية العارفين" 3/ 448، و"تاج التراجم" 1/ 24.
[138] عبيدالله بن مسعود بن تاج الشريعة محمود بن صدر الشريعة أحمد بن جمال الدين البخاري، أخذ العلم عن جدِّه تاج الشريعة محمود، من مصنَّفاته: "شرح الوقاية"، ومن تصانيف جدِّه: تاج الشريعة، وهو أحسن شروحه، ثم اختَصَر "الوقاية"، وسماه "النقاية"، ت 747 هـ، ويُلقَّب بصدر الشريعة الأصغر؛ "كشف الظنون" 1/ 498، و"تاج التراجم" 1/ 13.
[139] عبدالله بن محمود بن مودود الموصلي، عالم حنفي كبيرٌ، عارف بالمذهب وُلِد بالموصل، ووَلِي قضاء الكوفة فترةً، ثم استقرَّ ببغداد مدرِّسًا، وبها توفي سنة 683 هـ، من مصنَّفاته "الاختيار لتعليل المختار"، "الجواهر المضية" 2/ 349، "الأعلام" 4/ 135.
[140] انظر: "اللباب" 1/ 203، فقد نقل ذلك عنهم في كتاب "التصحيح".
[141] ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، والمُثبَت كما في "الفتاوى الخيرية".
[142] انظر: "الفتاوى الخيرية" 2/ 46.
[143] في الأصل: "المتلقي"، وهو خطأ والصواب المُثبَت، والمراد به "ملتقى الأبحر"، للشيخ إبراهيم بن محمد الحلبي توفي سنة 956 هـ، جعَلَه مشتمِلاً على مسائل "القدوري"، و"المختار"، و"الكنز"، و"الوقاية"، بعبارة سهلة، وأضاف إليه بعض ما يحتاج إليه من مسائل "المجمع"، ونبذة من "الهداية"، وقدَّم من أقاويلهم ما هو الأرجح، واجتَهَد في تحريره ووَقَع له القبول بين الحنفية؛ "كشف الظنون" 2/ 1815.
[144] في الأصل: "يرضى" والمُثبَت كما في "الملتقى" وهو ظاهر.
[145] انظر: "مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر" 3/ 309.
[146] علي بن محمد العلائي الشهير بعلي أفندي من أفاضل علماء الرُّوم، تولَّى مشيخة الإسلام ومفتي الدولة العثمانية مرَّتين: الأولى في أواخر القرن الحادي عشر، والثانية في أوائل القرن الثاني عشر، وحُمِدت سيرته، له: "مجموعة الفتاوى" ت 1103 هـ، و"تاريخ مؤسسة شيوخ الإسلام في العهد العثماني" 1/ 559.
[147] فهو اختياره؛ حيث يقول في "المبسوط" 19/ 8: "والذي نختَارُه في هذه المسألة من الجواب أنَّ القاضي إذا عَلِم من المُدَّعي التعنُّت في إباء التوكيل لا يُمكِّنه من ذلك، ويَقبَل التوكيل من الخصم، وإذا عَلِم من الموكل القصد إلى الإضرار بالمدَّعِي في التوكيل لا يقبل ذلك منه، إلا برضا الخصم، فيصير إلى دفْع الضرر من الجانبين.
[148] الحسن بن منصور بن محمود الأوزجندي الشهير بقاضي خان العلاَّمة الكبير وشيخ الحنفية في زمانه، من مصنفاته: "شرح (أدب القاضي) للخصاف"، و"شرح الجامع الصغير".
[149] "الفتاوى الظهيرية"، لظهير الدين أبي بكر محمد بن أحمد البخاري ت 619 هـ، ذكر فيها أنَّه جمع كتابًا من الواقعات والنوازل ممَّا يشتدُّ الافتقار إليه وفوائد غير هذه؛ "كشف الظنون" 2/ 1225.
[150] ص 251، وكتاب "لسان الحكام في معرفة الأحكام"، لإبراهيم بن محمد المعروف بابن الشحنة (ت 882)، رتَّبَه مُصَنِّفه على ثلاثين فصلاً كلها في المعاملات والأقضية، ولم يتمَّه، بل وقف في الفصل الحادي والعشرين، وأتمَّه برهان الدين الخالعي؛ "كشف الظنون" 2/ 1549.
[151] "تصحيح القدوري" أو "التصحيح على القدوري"، "الترجيح والتصحيح على القدوري" يقع في مجلد للعلاَّمة قاسم بن قطلوبغا المصري (ت 879).
[152] انظر: "المحيط البرهاني" 3/ 615.
[153] "خزانة المفتين"، وانظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 69.
[154] ما بين المعقوفتين ليست في الأصل، وفيها زيادة إيضاح؛ ليُمايِزَ بينه وبين مَن لا يُعبِّر عن نفسه، كالصبي الصغير، كما في "مبسوط السرخسي" 18/ 160، و"البحر الرائق" 6/ 154.
[155] في الأصل: "يقوم"، والمُثبَت أَوْلَى، يوضِّحه ما بعده "بيِّنة"، وكما في المرجعين السابقين.
[156] في الأصل: "فح يقبل"، والمُثبَت هو الصحيح، وهو ظاهرٌ، كما في المرجعين السابقين.
[157] يسمع في دعواه ويبطل حينئذ الشراء الأوَّل والثاني؛ انظر: "البحر الرائق" 6/ 115.
[158] ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، ويقتَضِيه السياق؛ انظر: "البحر الرائق" 6/ 115.
[159] انظر: "جامع الفصولين" 1/ 77، و"الفصول العمادية"، لعماد الدين أبي الفتح بن أبي بكر المرغيناني من أَجَلِّ ما صُنِّف في الفتاوى والمعاملات، وأنفع ما أُعِدَّ لفصْل الخصومات والدعاوى، رتَّبَها على أربعين فصلاً، مقدمة "جامع الفصولين" 1/ 1ن؛ "كشف الظنون" 2/ 1270.
[160] انظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 3.
[162] كذا في الأصل بالتكرار، والأَوْلَى حذفها؛ لوضوح الحدِّ.
[163] الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني ت 189 هـ، وهو "المبسوط"، ثم صنَّف بعده "الجامع الصغير"، ثم "الكبير"، ثم "الزيادات"، ثم "السير الكبير"، و"الصغير".
وهذه هي الأصول، وتُسمَّى كتب ظاهر الرِّواية، وكلها لمحمد بن الحسن الشيباني؛ "كشف الظنون" 1/ 81، والمطبوع من الأصل خمسة أجزاء إلى نِهاية البيوع، والباقي منه لا يزال مخطوطًا.
[164] بتصرُّف في العبارة/ م 155، و"الهداية في شرح البداية"، للعلاَّمة الفقيه أبي الحسن علي ابن أبي بكر المرغيناني الحنفي ت 593 هـ، فمتن "البداية" من تصنيفه، وكذا الشرح "الهداية" له أيضًا، والكتابان مطبوعان اعتَنَي بهما الفقهاء قديمًا وحديثًا، وهما من أجلِّ كتب الحنفية، ويُعتَبَران من المتون المُعتَمدَة.
[165] انظر: "الفتاوى الخانية" 2/ 370، 374.
[166] القفيز: مكيال وهو ثمانية مكاكيك، "المصباح المنير" 2/ 511، وتقويم القفيز بالمتداول.
القفيز = 12 صاع = 24,432 كيلو جرام.
"المقادير الشرعية" ص 269، "المكاييل والموازين الشرعية" ص 33.
[167] في "المحيط البرهاني" 8/ 436، و"الفتاوى الهندية" 3/ 311: "إن كان وزنيًّا".
[168] في "المحيط البرهاني" 8/ 436: "وإيفائه"، وفي "البحر الرائق" 7/ 195، و"الفتاوى الهندية" 3/ 311: "وانتقاده"، وهي مُتقارِبة.
[169] في الأصل: "السلم"، والمُثبَت من المرجعين السابقين، وهو ظاهر.
[170] انظر: "المحيط البرهاني" 9/ 736، و"الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[171] في الأصل: "يقع"، والمُثبَت هو الصواب كما في "المحيط البرهاني" 9/ 736، و"البحر الرائق" 7/ 195، و"الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[172] في المراجع السابقة "صحَّت الدعوى بلا خلاف"؛ وذلك لأنَّه ليس للبيع شرائط كثيرة تَخفى على العامَّة.
[173] في الأصل: "أي"، والمُثبَت هو الصواب كما في "المحيط البرهاني" 9/ 736، و"البحر الرائق" 7/ 195، و"الفتاوى الهندية" 4/ 4 نقلاً عن "الفتاوى الظهيرية".
[174] انظر: "المحيط البرهاني" 8/ 837، 9/ 736، و"البحر الرائق" 7/ 201، و"الفتاوى الهندية" 3/ 311، 4/ 4؛ لأن المستقرَض لا يصير دَينًا في ذمَّة المستقرِض إلا بصرفه في حوائج نفسه عند أبي حنيفة وأبي يوسف.
[175] في الأصل: "الجواز"، والصحيح المُثبَت وهو ظاهر.
[176] في الأصل: "ومعير"، والصحيح المُثبَت؛ وذلك لأنَّ الوكيل سفير ومُعبِّر عن موكله، وانظر: "المحيط البرهاني" 8/ 437، و"الفتاوى الهندية" 3/ 312.
[178] انظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[179] الأَمْنَاءُ: جمع المَنَا، الذي يُكَال به السمن وغيره، وقيل: الذي يُوزَن به، ومقداره رطلان؛ "المصباح المنير" 2/ 582، والمَنَا (260) درهمًا، ويساوي 812,5 جرام عند الحنفية و773,5 جرام عند الجمهور.
"المكاييل والموازين الشرعية" 28.
[180] في الأصل: "و"، والمُثبَت من "المحيط البرهاني" 9/ 837.
[181] ما بين المعقوفتين ليست في الأصل ويقتَضِيها السياق، كما في "المحيط البرهاني" 9/ 738، "الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[182] انظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 4، ونسَبَه "للذَّخيرة".
[183] "المحيط البرهاني" 9/ 738.
[184] المَجُّ: مُعرَّب حب كالعدس إلا أنه أشدُّ استِدارةً منه، وهو بالفارسية "ماش"، "الصحاح" 2/ 363، "لسان العرب" 2/ 361 مادة "مجج".
[185] انظر: "جامع الفصولين" 1/ 42.
[186] مراده أنَّ المكيال لا بُدَّ أن يكون ممَّا لا ينقَبِض ولا ينبَسِط كالقصاع مَثلاً، فإن كان ممَّا ينكَبِس بالكبس كالزنبيل والجراب فلا يصحُّ؛ انظر: "الهداية في شرح البداية" 3/ 114.
[187] ما بين المعقوفتين ليست في الأصل ويقتَضِيها اللفظ؛ انظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[188] انظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[189] في الأصل: "هلاكًا"، والمُثبَت كما في "جامع الفصولين" 1/ 42.
[190] في الأصل: "بثمنه"، والمُثبَت كما في "جامع الفصولين" 1/ 42.
[191] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والمُثبَت كما في "جامع الفصولين".
[192] انظر: "جامع الفصولين" 1/ 42.
[193] انظر: "جامع الفصولين" 1/ 43، وفي الأصل: "يصحُّ".
[194] رواية عن أبي يوسف ليست هي المذهب، باعتِبار العرف على خلاف المنصوص عليه؛ لأن النصَّ على ذلك في الكيل في الشيء أو الوزن، فهي كانت في ذلك الوقت على عادتهم آنذاك وقد تبدَّلت، فتبدَّل الحكم، وقد أجاب الحنفيَّة على ذلك؛ انظر: "الهداية" 3/ 62، و"فتح القدير" 7/ 15، و"الاختيار لتعليل المختار" 2/ 32، و"البحر الرائق" 6/ 14.
[195] "الفتاوى البزازية" 5/ 342.
[196] في الأصل: "وزينًا"، والمُثبَت هو الصواب كما في "المحيط البرهاني" 9/ 736، و"الفتاوى الهندية" 4/ 3 وهو ظاهر.
[197] "المحيط البرهاني" 4/ 3، وقول المصنِّف في بيان النوع: إنَّه قسطنية أو مصرية، هذا باعتِبار الدنانير المضروبة في وقته، أمَّا ما في "المحيط" فقد ذكر نوعه في زمنه بُخاريَّ الضرب أو نيسابوري الضرب.
[198] في الأصل: "بحيث كان تقع"، والمُثبَت أَوْلَى كما في "المحيط البرهاني" 9/ 736.
[199] انظر: "المحيط البرهاني" 9/ 736.
[200] "المحيط البرهاني" 9/ 736.
[201] انظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[202] "فتاوى النسفي" كما في "المحيط البرهاني" 8/ 437، "الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[203] أي: من باب السَّعَة، وفي "المحيط البرهاني": "أنه أوسع".
[204] انظر: "المحيط البرهاني" 9/ 738.
[205] في الأصل: "مثقالاً كذا"، والمُثبَت أوضح في العبارة كما في "الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[206] ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، وفيه زيادة إيضاح كما في "الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[207] انظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[208] في الأصل: "الرأس"، والمُثبَت كما في "الفتاوى الهندية" 4/ 4.
[209] نسبة إلى (طمغاج) من أرض الصين، "البداية والنهاية" 13/ 82، وفي هامش الأصل ص 18: ولاية في تركستان.
[210] في الأصل: "لمجرد"، والمُثبَت من "الفتاوى الهندية" 4/ 5.
[211] ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، وإثباته هو الصواب كما في "الفتاوى الهندية" 4/ 5.
[212] "المحيط البرهاني" 9/ 738.
[213] محمد بن حسين الأنقروي - نسبةً إلى أنقرة - وربَّما قيل له: الأنكوري، الرُّومي الفقيه الحنفي، عُيِّن شيخًا للإسلام لفترة قصيرة، من مصنَّفاته "الفتاوى الأنقورية"؛ "الأعلام" 6/ 103.
[214] أي: أروج النقود في البلد.
[215] انظر: "الفتاوى الأنقروية" 2/ 65، و"الفتاوى التاتارخانية" المطبوعة ساقط منها كتاب القضاء والدعوى.
[216] ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، ويقتَضِيه السياق؛ لبيان المعنى؛ انظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 6.
[217] في الأصل: "قيمة" والمُثبَت أَوْلَى.
[218] في الأصل: "يدَّعِي قيمة التي"، والأَوْلَى حذف "التي".
[219] ذكر في "البحر الرائق" 6/ 219 عن "الذخيرة" أنَّ الفتوى على قول أبي يوسف، والخلافُ في المسألة في غصب المثلي الذي انقَطَع عن أيدي الناس بعد ذلك، فالمثل هو الواجب، والقيمة إنما يُصار إليها للعجز عنه، فتجب القيمة إجماعًا، لكن اختَلَف الثلاثة في وقت الوجوب هل هو يوم الخصومة أو الغصب أو الانقطاع؟ انظر: "الاختيار" 3/ 68، "العناية" 13/ 336، "البحر الرائق" 6/ 220، 8/ 125.
[220] "الذخيرة"، لبرهان الأئمَّة؛ انظر: "الجواهر المضيَّة" 2/ 248، 4/ 364.
[221] ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، ويقتَضِيه السياق؛ لبيان المعنى؛ انظر: "البحر الرائق" 6/ 220.
[222] ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، وفيه زيادة إيضاح؛ انظر: "البحر الرائق" 6/ 220.
[223] انظر: "الفتاوى البزازية" 5/ 344.
[224] في الأصل: "تتصل"، والمُثبَت كما في "البحر الرائق" 7/ 202، "الفتاوى الهندية" 4/ 6، وهو ظاهر.
[225] للكردري؛ انظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 6.
[226] في الأصل: "و"، والمُثبَت هو الصواب؛ للمغايرة بين الصورتين كما في "الفتاوى الهندية" 4/ 6.
[227] "الفتاوى الهندية" 4/ 6.
[228] يعني: يصرِّح بذكر مجلس الكفالة، فلا بُدَّ أن يقول: وأجاز المكفول له الكفالة في مجلس الكفالة، فلو قال: في مجلسه، لَمْ يَجُز؛ انظر: "البحر الرائق" 7/ 202.
[229] في الأصل: "الأجير"، والصواب المُثبَت، والآجِر: مالك العين المؤجَّرة، وكذا في "الفتاوى الهندية" 4/ 6.
[230] انظر: "المحيط البرهاني" 9/ 745، و"الفتاوى الهندية" 4/ 6.
[231] لم أهتدِ لمعرفته؛ لكثرة مَن يُكْنى بأبي نصر من علماء المذهب.
[232] انظر: "البحر الرائق" 7/ 201، و"الفتاوى الهندية" 4/ 6.
[233] "خزانة المفتين"؛ انظر: "الفتاوى الهندية" 4/ 6.
[234] أي: قبض ثمن ما باع الوصي.
[235] في الأصل: "مال".
آملين للجميع دوام التوفيق
اخيكم المحامي / فهد بن منصور بن راشد العرجاني
جوال 0531111745
ايميل :methag-alahd@hotmail.com